القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / طلوع الأقمار في تمسك الأئمة الأربعة بالكتاب والسنة والآثار

2023-11-29

صورة 1
طلوع الأقمار في تمسك الأئمة الأربعة بالكتاب والسنة والآثار

5

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

 

 

 

طلوع الأقمار

في

تمسك الأئمة الأربعة

بالكتاب والسنة والآثار

 

دراسة أثرية منهجية علمية في تمسك أئمة الإسلام؛ وهم: الإمام أبو حنيفة رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله، والإمام أحمد رحمه الله؛ الذين رفع الله تعالى من شأنهم، وأعز من قدرهم، فكانوا الأمناء الأوفياء، ورثوا نبيه r، وحملوا علمه، ودعوا إلى شريعته، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، يذودون عن حياضها كل شائبة ونابتة، يبلغون شرعه، ويستنبطون أحكامه من الكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح، وقد أصلوا منهجهم، وأمروا أتباعهم إلى الأخذ عنهم ما وافق للوحيين، دون تعصب، ولا هوى، غير معصومين من الخطأ، نقر ونعترف بإمامتهم، ولا نقول بعصمتهم، فهم بشر معرضون للخطأ، وصوابهم أكثر من خطئهم، اختصهم الله تعالى من خلقه بصفات جعلتهم أئمة يهتدى بهم في الدين.

 

تأليف

العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثواه

    

                                    فرقة المقلدة

من الفرق الضالة في الدين

وتتمثل في الخطباء والوعاظ والأئمة والمفتين

من المتعالمين في الدين في هذا الزمان

 

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([1])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص490): (من أعجب أمركم أيها المقلدون أنكم اعترفتم، وأقررتم على أنفسكم بالعجز عن معرفة الحق بدليله من كلام الله تعالى، وكلام رسوله ﷺ، مع سهولته وقرب مأخذه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص492): (طرف من تخبط المقلدين في الأخذ ببعض السنة وترك بعضها الآخر). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص533): (فأي مستراح في هذا لفرقة التقليد). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص539): (وهذا عكس طريقة فرقة أهل التقليد من كل وجه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص540)؛ بعدما ذكر طريقة أهل العلم في الاحتجاج بالدليل: (وهذا كله خلاف طريقة المقلدين). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص522): (أن فرقة التقليد قد ارتكبت مخالفة أمر الله تعالى، وأمر رسوله ﷺ، وهدي أصحابه ﭫ، وأحوال أئمتهم، وسلكوا ضد طريق أهل العلم، أما أمر الله فإنه أمر برد ما تنازع فيه المسلمون إليه، وإلى رسوله ﷺ).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص555): (وطريقة فرقة التقليد خلاف ذلك). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص556): (فأين هذا من قول فرقة التقليد). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص560): (ثم حدثت بعد هؤلاء فرقة([2]) هم: أعداء العلم وأهله). اهـ

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

                              درة نادرة      

تأمل.. تأمل

 

قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص542): «فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عظم مقدار هذا المصنف في نفسه، وجل تصنيفه في عينه، وعذر الأئمة من أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم، وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم، وليسا سواء من يدفع بالصدر؛ فلا يأمن دعوى العصبية([3])، ومن يدفع بيد الإنصاف على القواعد المرضية، والضوابط المرعية».اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

    

                                   الأئمة الأربعة

نهوا أتباعهم من تقليدهم

وأمروا باتباع الكتاب والسنة والآثار

 

قال العلامة الصنعاني / في «إرشاد النقاد» (ص141): (وأما الأئمة الأربعة؛ فإن كلا منهم مصرح بأنه لا يقدم قوله على قول رسول الله r).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسولهr  بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الحسن / في «فتح المجيد» (ص339): (وقد عمت البلوى بهذا المنكر يعني: التقليد - خصوصا ممن ينتسب إلى العلم، نصبوا الحبائل في الصد عن الأخذ بالكتاب والسنة، وصدوا الناس عن متابعة الرسول r، وتعظيم أمره ونهيه). اهـ

قلت: لقد عظمت جنايات المقلدين على أحاديث رسول الله r، وعلى أئمة مذاهبهم الذين تبرءوا عن إثبات مقال لهم يخالف نصا ثبوتيا.

فإنها إذا وردت بخلاف ما قرره من قلدوه، حرفوها عن مواضعها، وحملوها على غير ما أراده r.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص7): (المتعصب ليس في زمرة العلماء). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج4 ص509)؛ عن مثل المقلدة الذين في زماننا: (إلا هؤلاء المقدمون، نصرا لتقليدهم الفاسد، ونعوذ بالله من الخذلان). اهـ

قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([4])

قال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ

قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([5])

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل).اهـ

قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده).اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([6])

وقال الإمام ابن حزم / في «التلخيص» (ص53 الرد على من أخلد إلى الأرض): (هل أباح: مالك، وأبو حنيفة، والشافعي ﭫ؛ قط لأحد تقليدهم حاشا لله من هذا، بل والله قد نهوا عن ذلك، ومنعوا منه، ولم يفسحوا لأحد فيه).اهـ

وقال شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين / في «الخلاف بين العلماء» (ص28): (فالواجب على من علم بالدليل إن يتبع الدليل، ولو خالف من خالف من الأئمة). اهـ

وقال العلامة الفلاني / في «الإيقاظ» (ص169): (يحرم على المفتي أن يفتي بضد لفظ النص، وإن وافق مذهبه). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص46): (نأخذ من أقوال العلماء والفقهاء ما وافق الدليل من كتاب وسنة، ونترك ما خالف الدليل).اهـ

قلت: فوجب العمل بالدليل الراجح الصحيح، وهو ظاهر القول، ولا يجوز العدول عنه؛ إلا بدليل، وعلى ذلك السلف الصالح، والله المستعان.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد؛ فأغنى ذلك عن الإكثار). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص210): (واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد معصوما في كل ما يأمر به، وينهى عنه إلا رسول الله r، ولهذا قال غير واحد من الأئمة: كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسول الله r). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص191): (بل يضل عن الحق من قصد الحق، وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب وقد يفعل بعض ما أمر به فيكون له أجر على اجتهاده وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له.

وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم.

وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله: قال تعالى: ]ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا [ [البقرة: 286]، وفي الصحيح أن الله قال: قد فعلت([7])). اهـ

قلت: فالمقلدة من أصحاب المذاهب يتركون الحديث الذي صح بعد موت إمامهم ويأخذون بالحديث الضعيف؛ لأن يوافق أهواءهم في الحكم.

فالإمام معذور واتباعه غير معذورين، وقولهم: إن أمامهم لم يأخذ بهذا الحديث، لا ينتهض حجة لاحتمال أنه لم يظفر به، أو ظفر به لكنه لم يصح عنده.

وهذا الأمر الذي ذكرناه يقع فيه كثير من المقلدة، فإذا وجدوا عن أصحاب إمام مسألة جعلوها مذهبا لذلك الإمام، وهو تعصب، فإن مذهب الإمام حقيقة هو ما قاله، ولم يرجع عنه إلى أن مات، لا ما فهم أصحابه من كلامه، فقد لا يرى الإمام ذلك الأمر الذي فهمه من كلامه، ولا يقول به لو عرض عليه.([8])

قلت: فإن قلت: فما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامي، ولم يأخذ بها؟

فالجواب: ينبغي لك أن تعمل بها، فإن إمامك لو ظفر بها وصحت عنده، لربما كان أمرك بها، فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشريعة، ومن فعل ذلك فقد حاز الخير بكلتا يديه.

ومن قال: لا أعمل بحديث إلا أن أخذ به إمامي، فاته خير كثير، كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب.

وكان الأولى لهم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم، تنفيذا لوصية الأئمة، فإن اعتقدنا فيهم أنهم لو ظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم، لأخذوا بها، وعملوا بها. ([9])

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص228): (والشرع ميزان يوزن به الرجال، والأقوال، والأعمال والمعارف، والأحوال، فمن رجحه ميزان الشرع فهو أرجح، ولا إثم على أحد من المخطئين إذا قام بما أوجب الله تعالى عليه من المبالغة في الاجتهاد، وفي تعرف الأحكام؛ لأنه أدى ما عليه.

فمن أصاب الحق منهم أجر أجرين؛ أحدهما: على اجتهاده، والثاني: على صوابه، ومن أخطأ بعد بذل الجهد عفي عن خطئه، وأجر على قصده على الصواب في مقدمات اجتهاده). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469): (وقد نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم، وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة). اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص157): (فسبحان الله ما أكثر من أعمى التقليد بصره حتى حمله على مثل ما ذكر). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص132): (فكيف حال من يترك ذلك؛ لأنه لا يجده في كتب المتأخرين المقلدين، أو يجد فيها خلافه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص560): (فعدل هؤلاء المتأخرون المقلدون إلى التيمم([10])، والماء بين أظهرهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة، ومحقب دينه... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق... وكما سماه الشافعي: حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص522): (أن فرقة التقليد قد ارتكبت مخالفة أمر الله تعالى، وأمر رسوله ﷺ، وهدي أصحابه ﭫ، وأحوال أئمتهم رحمهم الله، وسلكوا ضد طريق أهل العلم). اهـ

قلت: والله تعالى أمر عند التنازع الرجوع إلى الكتاب والسنة.

وأما المقلدون إذا تنازع الناس رجعوا إلى من قلدوه، أو إلى مذهبهم حتى لو علموا بالخطأ، وهذا من أعظم البدع في الدين أن يترك أمر الله تعالى، وأمر رسوله ﷺ إلى العصبية المذهبية. ([11])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص484): (وأعجب من هذا أن أئمتهم نهوهم عن تقليدهم؛ فعصوهم وخالفوهم، وقالوا: نحن على مذاهبهم!). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص535): (والمقلد لا يعرف الحق من الباطل، ولا الحالي من العاطل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص488): (وإذا كان هذا هو الهدى فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تؤفكون). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص333): (فإن الله أوجب على كل مجتهد أن يقول بموجب ما عنده من العلم، والله يخص هذا من العلم والفهم ما لا يخص به هذا، وقد يكون هذا هو المخصوص بمزيد العلم والفهم في نوع من العلم، أو باب منه، أو مسألة وهذا هو مخصوص بذلك في نوع آخر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «مختارات من إعلام الموقعين» (ص9): (أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

                                   الأئمة الأربعة

كانوا على نمط من تقدمهم

من السلف الصالح في التمسك

بالكتاب، والسنة، والآثار

وتحريم التقليد المذموم

 

قال العلامة الشوكاني / في «القول المفيد» (ص108): (وإن التقليد لم يحدث إلا بعد انقراض خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإن حدوث التمذهب بمذاهب الأربعة، إنما كان بعد انقراض عصر الأئمة الأربعة، وإنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف في هجر التقليد، وعدم الاعتداد به، وإن هذه المذاهب إنما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين). اهـ

قلت: إذا فلا يجوز تنزيل أصحاب المذاهب منزلة الرسول r، وفي تنزيل أقوالهم منزلة النصوص الشرعية.

لذلك لم يكون عجبا أن تجد الأقوال الكثيرة من علماء المذاهب، والأئمة الأربعة، وغيرهم الناهية عن التقليد المذموم. ([12])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص1091): (وكلام الأئمة مثل هذا كثير، فخالف المقلدون ذلك، وجمدوا على ما وجدوه في الكتب المذهبية، سواء كان صوابا أم خطأ مع أن كثيرا من هذه الأقوال المنسوبة إلى الأئمة ليست أقوالا لهم منصوصا عليها، وإنما هي تفريعات ووجوه واحتمالات وقياس على أقوالهم، ولسنا نقول: إن الأئمة على خطأ، بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم، وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الإيمان بالرسول r ومتابعته، ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول r، فهو الذي ]وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [ [النجم: 3 -4]. فما العذر في اتباعهم وترك اتباع الذي لا ينطق عن الهوى؟!). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص1087): (وقد وقع في هذا التقليد المحرم خلق كثير ممن يدعي العلم، والمعرفة بالعلوم؛ ويصنف التصانيف في الحديث والسنن!، ثم بعد ذلك تجده جامدا على أحد هذه المذاهب، ويرى الخروج عنها من العظائم!). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص1087): (ومثل هؤلاء يعني: المقلدة - ليسوا من أهل العلم، كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا منهم: أبو عمر بن عبد البر وغيره). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «فتح المجيد» (ج2 ص642): (وقد تقدم حكاية الإجماع على ذلك، وبيان أن المقلد ليس من أهل العلم، وقد حكى أيضا أبو عمر بن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص211): (وهؤلاء الأئمة الأربعة y قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه، وذلك هو الواجب عليهم). اهـ

قلت: فهؤلاء الأئمة الأربعة، كلهم مجمعون على وجوب التمسك بالكتاب، والسنة، والرجوع إليهما، وترك كل قول يخالفهما.

وعليك أن تعلم أن هؤلاء العلماء الفضلاء الذين اجتهدوا في طلب الحق فأخطأوه، لم يتعمدوا قط مخالفة النصوص، أو معارضتها؛ بل هم: متفقون بلا خلاف على وجوب إتباع حديث المصطفى r إذا ثبتت صحته.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة).اهـ

قلت: والمقصود: هنا أنه يجب على المسلم أن يقدر كلام الله تعالى، وكلام رسوله r.

قال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 62].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص143): (فرضي الله عن أئمة الإسلام، وجزاهم عن نصيحتهم للأمة خيرا، ولقد امتثل وصيتهم وسلك سبيلهم أهل العلم والدين من أتباعهم.

وأما المتعصبون فإنهم عكسوا القضية، ونظروا في السنة، فما وافق أقوالهم منها قبلوه، وما خالفها تحيلوا في رده، أو رد دلالته!). اهـ

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص488): (فمن قلدتموه من الأئمة قد نهوكم عن تقليدهم؛ فأنتم أول مخالف لهم). اهـ

قلت: فقد وضح لك من أقوال الأئمة أنه متى جاء عن رسول الله ﷺ حديث ثابت فواجب المصير إلى ما دل عليه في الحكم. ([13])

قال تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ [الأحزاب: 21].

وقال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [ [النساء: 65].

وقال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

وقال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا [ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما [ [الأحزاب: 71].

وقال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 63].

ﭑ ﭑ ﭑ

    

                           فتنة التقليد في هذا الزمان

عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت

ربى عليها الصغير، وهرم فيها الكبير

واتخذ لأجلها القرآن مهجورا

 

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص7): (تالله إنها فتنة عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت، ربا عليها الصغير، وهرم فيها الكبير، واتخذ لأجلها القرآن مهجورا، وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطورا، ولما عمت بها البلية، وعظمت بسببها الرزية، بحيث لا يعرف أكثر الناس سواها، ولا يعدون العلم إلا إياها؛ فطالب الحق من مظانه لديهم مفتون، ومؤثره على ما سواه عندهم مغبون.

نصبوا لمن خالفهم في طريقهم الحبائل وبغوا له الغوائل، ورموه عن قوس الجهل والبغي والعناد، وقالوا لإخوانهم كما قال فرعون لملئه في موسى ]إنا نخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد [ [غافر: 26].

ورحم الله ابن القيم حيث قال بعد ذكر صفات المسترشد: (ثم خلف من بعدهم خلوف فرقوا دينهم، وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون، وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا، وكل إلى ربهم راجعون، جعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون، ورءوس أموالهم التي بها يتجرون، وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد وقالوا: ]إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون[ [الزخرف: 23]، والفريقان بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب، ولسان الحق يتلو عليهم: ]ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب[ [النساء: 123]. اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

                                                                                                                                                                                                                                                            

 

 

 

 

 

 

 

 

    

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144):

                         (ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ         

قمع

المقلدة في الأصول والفروع

 

قال ابن عبد البر:

لقد أسمعت لو ناديت حيا

 

 

ولكن لا حياة لمن تنادي

وقد علمت أنني لا أسلم

 

 

من جاهل معاند لا يعلم([14])

وقال صالح بن عبد القدوس الشاعر([15]):

يا أيها الدارس علما ألا

 

 

تلتمس العون على درسه

لن تبلغ الفرع الذي رمته

 

 

إلا ببحث منك عن أسه([16])

وقال منذر بن سعيد:

كبيرهم يصغر عند الحفل

 

 

لأنه قلد أهل الجهل([17])

 

وقال ابن معدان:

وكـــل ســـاع بغيــر علـــــــــم

 

 

فرشــــــــده غيــر مستبـــــــــان

والعلــــــــم حـــق لــه ضيــــاء

 

 

في القلب والعقل واللسـان([18])

                                                                                                                                               

وقال عمار الكلبي:

إن الرواة على جهل بما حملوا

 

 

مثل الجمال عليها يحمل الودع

لا الودع ينفعه حمل الجمال له

 

 

ولا الجمال بحمل الودع تنتفع([19])

 

 

وقال الخشني:

قطعت بلاد الله للعلم طالبا

 

 

فحملت أسفارا فصرت حمارها

إذا ما أراد الله حتفا بنملة

 

 

أتاح جناحين لها فأطارها([20])

 

وقال منذر بن سعيد:

انعق بما شئــت تجــد أنصـــارا

 

 

ورم أسفــــــارا تجـــــد حمـــارا

يحمل ما وضعت من أسفـــــار

 

 

مثلــــــــه كمثـــــــــل الحمــــــار

يحمــل أسفـــارا لــه ومــا درى

 

 

إن كان ما فيها صوابا أو خطا ([21])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

    

مدح

الله تعالى الذين يتبعون الكتاب والسنة

ولم يقلدوا العلماء في الدين

 

قال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص115): (قال تعالى؛ مادحا لقوم لم يقلدوا: ]فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب [ [الزمر: 17-18]). اهـ

قلت: والتقليد الحرام للعلماء هو: أخذ أقوالهم بغير دليل من الكتاب، أو السنة.([22])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص249): (وأما أن يقول قائل: إنه يجب على العامة تقليد فلان أو فلان فهذا لا يقوله مسلم). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

                       وملجأي إلى الله تعالى

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].

]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[  [النساء:1].

]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد،

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فهذا كتاب حافل في موضوعه، مفيد في بابه، جمعت فيه جملة من الآثار الصحيحة للأئمة الأربعة؛ وهم: الإمام أبو حنيفة /، والإمام مالك /، والإمام الشافعي /، والإمام أحمد / في تمسكهم بالكتاب والسنة والآثار، ونهيهم عن تقليدهم، وذمهم للتقليد في الأصول والفروع:

فهذا الإمام أبو حنيفة / ينبذ كل طريقة بعيدة عن الأصلين: الكتاب والسنة، وينهى عن تقليده!.

وهذا الإمام مالك / يحرص على العلم، والتمسك بالوحيين: الكتاب والسنة، وينهى عن تقليده!.

وهذا الإمام الشافعي / يأمر بوجوب الرجوع إلى الحكمين: الكتاب والسنة، وينهى عن تقليده!.

وهذا الإمام أحمد / يحث على الأخذ بالنورين: الكتاب والسنة، وينهى عن تقليده!. ([23])

قلت: وقد بينوا لتلاميذتهم في عدم تعصبهم لأقوالهم، وترك تقليدهم، ووجوب الأخذ بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وقد تبين إخلاصهم من حالهم وسيرتهم، وعبادتهم وزهدهم، وورعهم وخوفهم، وعدم تعصبهم لآرائهم، وشدة اتباعهم لله تعالى، ولرسوله r، وآثار الصحابة y، ومواقفهم من مخالفيهم، سواء كانت  المخالفة في الأصول، أم في الفروع في الدين.([24])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص211): (وهؤلاء الأئمة الأربعة y قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولونه، وذلك هو الواجب عليهم). اهـ

قلت: فهؤلاء الأئمة الأربعة، كلهم مجمعون على وجوب التمسك بالكتاب، والسنة، والرجوع إليهما، وترك كل قول يخالفهما.

وعليك أن تعلم أن هؤلاء العلماء الفضلاء الذين اجتهدوا في طلب الحق فأخطأوه، لم يتعمدوا قط مخالفة النصوص، أو معارضتها؛ بل هم: متفقون بلا خلاف على وجوب إتباع حديث المصطفى r إذا ثبتت صحته.

قال الإمام المزني / في «مختصره» (ص1): (اختصرت هذا الكتاب([25]) من علم محمد بن إدريس الشافعي /، ومن معنى قوله لأقربه على من أراده، مع إعلامه بنهيه عن تقليده، وتقليد غيره، لينظر فيه لدينه، ويحتاط فيه لنفسه). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص115): (قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59]؛ فلم يبح الله تعالى الرد الى أحد عند التنازع دون القرآن وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وقد صح إجماع جميع الصحابة y أولهم عن آخرهم، وإجماع جميع التابعين أولهم عن آخرهم على الامتناع والمنع من أن يقصد منهم أحد إلى قول إنسان منهم أو ممن قبلهم فيأخذه كله، فليعلم من أخذ بجميع قول أبي حنيفة، أو جميع قول مالك، أو جميع قول الشافعي، أو جميع قول أحمد بن حنبل y ممن يتمكن من النظر، ولم يترك من اتبعه منهم إلى غيره أنه قد خالف إجماع الأمة كلها عن آخرها؛ واتبع غير سبيل المؤمنين نعوذ بالله من هذه المنزلة.

وأيضا فإن هؤلاء الأفاضل قد نهوا عن تقليدهم، وتقليد غيرهم، فقد خالفهم من قلدهم، وأيضا فما الذي جعل رجلا من هؤلاء أو من غيرهم أولى بأن يقلد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أو على بن أبي طالب، أو ابن عباس، أو عائشة أم المؤمنين. فلو ساغ التقليد لكان هؤلاء أولى بأن يتبعوا من أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، ومن ادعى من المنتسبين إلى هؤلاء أنه ليس مقلدا فهو نفسه أول عالم بأنه كاذب ثم سائر من سمعه. لأنا نراه ينصر كل قولة بلغته لذلك الذي انتمى إليه وإن لم يعرفها قبل ذلك. وهذا هو التقليد بعينه). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص114): (والتقليد حرام، ولا يحل لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان، وبرهان ذلك قوله تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون [ [الأعراف: 3]. اهـ

وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل /؛ وقيل له: إن قوما يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان؟ فقال الإمام أحمد: (أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الإسناد وصحته يدعونه، ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال الله: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 62] وتدري ما الفتنة؟ الكفر، قال الله تعالى: ]والفتنة أكبر من القتل[ [البقرة: 217] فيدعون الحديث عن رسول الله r وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي).([26])

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص1091): (وكلام الأئمة مثل هذا كثير، فخالف المقلدون ذلك، وجمدوا على ما وجدوه في الكتب المذهبية، سواء كان صوابا أم خطأ مع أن كثيرا من هذه الأقوال المنسوبة إلى الأئمة ليست أقوالا لهم منصوصا عليها، وإنما هي تفريعات، ووجوه، واحتمالات، وقياس على أقوالهم، ولسنا نقول: إن الأئمة على خطأ، بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم، وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الإيمان بالرسول r ومتابعته، ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول r، فهو الذي لا ينطق عن الهوى ]إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم:4] فما العذر في اتباعهم، وترك اتباع الذي لا ينطق عن الهوى؟!). اهـ

وعن الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: نظرت في المصحف فوجدت فيه طاعة رسول الله r في ثلاثة وثلاثين موضعا، ثم جعل يتلو: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور:63]، وجعل يكررها ويقول: وما الفتنة الشرك لعله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ؛ فيزيغ قلبه فيهلكه([27])، وجعل يتلو هذه الآية: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ [النساء:65].

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الحسن / في «فتح المجيد» (ج2 ص650): (والأئمة رحمهم الله لم يقصروا في البيان، بل نهوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة، لعلمهم أن من العلم شيئا لم يعلموه، وقد يبلغ غيرهم وذلك كثير كما لا يخفى على من نظر في أقوال العلماء). اهـ

قلت: ومن رد قول الله تعالى، وقول الرسول r، فهذا سبب لزيغ قلبه، وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين[ [الصف:5].

وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص361): (فالله الله إخواني احذروا مجالسة من قد أصابته الفتنة فزاغ قلبه، وعشيت بصيرته، واستحكمت للباطل نصرته، فهو يخبط في عشواء، ويعشو في ظلمة أن يصيبكم ما أصابهم، فافزعوا إلى مولاكم الكريم فيما أمركم به من دعوته، وحضكم عليه من مسألته، فقولوا: ]ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب[ [آل عمران: 8]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن / في «إتمام المنة» (ص78): (وقد نهى الأئمة y عن تقليدهم، وأمروا بالنظر والاحتياط للدين). اهـ

قال الإمام المزني / في «مختصره» (ص1): (اختصرت هذا الكتاب([28]) من علم محمد بن إدريس الشافعي /، ومن معنى قوله لأقربه على من أراده، مع إعلامه بنهيه عن تقليده، وتقليد غيره، لينظر فيه لدينه، ويحتاط فيه لنفسه). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الحسن / في «فتح المجيد» (ج2 ص642): (ولا يخالف في ذلك إلا جهال المقلدة، لجهلهم بالكتاب والسنة، ورغبتهم عنهما، وهؤلاء وإن ظنوا أنهم اتبعوا الأئمة؛ فإنهم في الحقيقة قد خالفوهم، واتبعوا غير سبيلهم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1138): (وخوفا من أن يطلع الطالب على ما هم فيه يعني: المقلدة - من النقص، والقصر فيزهد فيهم، وهم مع ما وصفنا يعيبون من خالفهم، ويغتابونه، ويتجاوزون القصد في ذمه؛ ليوهموا السامع لهم أنهم على حق، وأنهم أولى باسم العلم وهم: ]كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا[ [النور:39]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج8 ص38): (وأنا والحمد لله لست بمتعصب([29])، ولكن أحكم الكتاب والسنة، وأبني فتاواي على ما قاله الله ورسوله، لا على تقليد([30]) الحنابلة ولا غيرهم، الفتاوى التي تصدر مني إنما أبنيها على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على حسب ما ظهر لي، وهذا هو الذي سرت عليه منذ عرفت العلم، منذ أن كنت في الرياض قبل القضاء، وبعد القضاء، وكذلك في المدينة ، وما بعد المدينة ، وإلى الآن والحمد لله). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح الفتن» (ص5): (الإسلام دين صحيح له أصول، له قواعد، لابد من تعلمها، وأن نعرفها، لا نأخذ الإسلام بالتقليد، أو قول فلان، أو قول فلان، بل نأخذه من الكتاب والسنة، وذلك بالتعلم، وليس بالقراءة أنك تقرأ على نفسك لا تعلم على العلماء). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص197): (وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، لا شيخ، ولا طريقة، ولا مذهب، ولا طائفة).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص343): (عليك أن تأخذ بالحق وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله، ولو خالف فلانا، وعليك أن لا تتعصب، وتقلد تقليدا أعمى). اهـ

وقال الإمام محمد بن أحمد المقري من شيوخ المالكية - في «قواعده» (ص177 إيقاظ الهمم): (حذر الناصحون من أحاديث الفقهاء([31])، وتحميلات الشيوخ، وتخريجات المتفقهين، وإجماعات المحدثين). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1138): (فعليك يا أخي بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عنى بحفظ السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء فجعله عونا له على اجتهاده، ومفتاحا لطرائق النظر، وتفسيرا لجمل السنن المحتملة للمعاني، ولم يقلد أحدا منهم تقليد السنن التي يجب الانقياد إليها على كل حال دون نظر، ولم يرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن وتدبرها، واقتدائهم في البحث، والتفهم والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه، ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الزلل كما لم يبرئوا أنفسهم منه، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه r، وهدي صحابته y، وعمن اتبع بإحسان آثارهم، ومن أعف نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضا وتقحم في الفتوى بلا علم فهم أشد عمى وأضل سبيلا:

لقـــد أسمعـــت لـــو ناديــت حـيـا

 

ولكـــن لا حيــــــــاة لمــــن تنــــــــادي

وقــــــد علمـــــــت أننـــــي لا أسلــــم

 

مـــــن جاهــــــل معانـــــــد لا يعلــــــم

ولســـت بنـــاج مـــن مقالــــة طاعـــن

 

ولو كنت في غــار على جبـــل وعــــر

ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما

 

ولو غــاب عنهـــم بين خافيتـــي نســر

واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص522): (وأما أن تترك السنن لقول أحد من الناس فلا، كائنا من كان). اهـ

وعن الإمام يحيى بن أكثم، يقول: (لا تقلدوا مالكا ولا الأوزاعي، ولا سفيان الثوري، ولا أبا حنيفة، ولكن اختاروا، ولكن ينبغي للذي يختار يبصر كيف يختار).

أثر صحيح

أخرجه أبو طاهر السلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص76) من طريق جعفر بن أحمد، نا أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت يحيى بن أكثم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص484): (وأعجب من هذا أنهم يعني: الأئمة - مصرحون في كتبهم ببطلان التقليد وتحريمه، وأنه لا يحل القول به في دين الله تعالى). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص488): (فمن قلدتموه من الأئمة قد نهوكم عن تقليدهم فأنتم أول مخالف لهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469): (وإذا كان المقلد ليس من العلماء باتفاق العلماء لم يدخل في شيء من هذه النصوص([32])).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص572): (ولا نترك الحديث تقليدا لأحد).اهـ

قلت: وقد ذم الله تعالى الذين فرقوا دينهم؛ منهم: فرقة المقلدة.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص524): (إن الله سبحانه ذم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا: ]كل حزب بما لديهم فرحون [ [المؤمنون: 53]؛ وهؤلاء هم أهل التقليد بأعيانهم، بخلاف أهل العلم؛ فإنهم وإن اختلفوا لم يفرقوا دينهم ولم يكونوا شيعا، بل شيعة واحدة متفقة على طلب الحق، وإيثاره عند ظهوره، وتقديمه على كل ما سواه، فهم طائفة واحدة قد اتفقت مقاصدهم وطريقهم؛ فالطريق واحد، والقصد واحد، والمقلدون بالعكس: مقاصدهم شتى، وطرقهم مختلفة، فليسوا مع الأئمة في القصد ولا في الطريق).اهـ

قلت: وقد ذم الله تعالى الذين تقطعوا أمرهم زبرا؛ منهم: فرقة المقلدة.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص524): (أن الله سبحانه ذم الذين تقطعوا أمرهم بينهم زبرا: ]كل حزب بما لديهم فرحون [ [المؤمنون: 53]؛ والزبر: الكتب المصنفة التي رغبوا بها عن كتاب الله، وما بعث الله تعالى به رسوله ﷺ، فقال تعالى: ]يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم (51) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون [ [المؤمنون: 51 -53] فأمر تعالى الرسل بما أمر به أممهم: أن يأكلوا من الطيبات، وأن يعملوا صالحا، وأن يعبدوه وحده، وأن يطيعوا أمره وحده، وأن لا يتفرقوا في الدين؛ فمضت الرسل وأتباعهم على ذلك، ممتثلين لأمر الله، قابلين لرحمته، حتى نشأت خلوف قطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب مما لديهم فرحون، فمن تدبر هذه الآيات ونزلها على الواقع تبين له حقيقة الحال، وعلم من أي الحزبين هو، والله المستعان). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص524): (قال تعالى: ]ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [ [آل عمران: 104] فخص هؤلاء بالفلاح دون من عداهم، والداعون إلى الخير هم الداعون إلى كتاب الله، وسنة رسوله، لا الداعون إلى رأي فلان وفلان). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص491): (أعجب من هذا كله من شأنكم معاشر المقلدين أنكم إذا وجدتم آية من كتاب الله توافق رأي صاحبكم أظهرتم أنكم تأخذون بها، والعمدة في نفس الأمر على ما قاله، لا على الآية، وإذا وجدتم آية نظيرها تخالف قوله لم تأخذوا بها، وتطلبتم لها وجوه التأويل، وإخراجها عن ظاهرها حيث لم توافق رأيه، وهكذا تفعلون في نصوص السنة سواء، وإذا وجدتم حديثا صحيحا يوافق قوله أخذتم به، وقلتم: «لنا قوله ﷺ كيت وكيت»، وإذا وجدتم مائة حديث صحيح بل وأكثر تخالف قوله لم تلتفتوا إلى حديث منها، ولم يكن لكم منها حديث واحد فتقولون: لنا قوله ﷺ كذا وكذا، وإذا وجدتم مرسلا قد وافق رأيه أخذتم به وجعلتموه حجة هناك، وإذا وجدتم مائة مرسل تخالف رأيه أطرحتموها كلها من أولها إلى آخرها، وقلتم: لا نأخذ بالمرسل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص491): (أعجب من هذا كله أنكم إذا أخذتم بالحديث مرسلا كان أو مسندا موافقته رأي صاحبكم ثم وجدتم فيه حكما يخالف رأيه لم تأخذوا به في ذلك الحكم، وهو حديث واحد، وكأن الحديث حجة فيما وافق رأي من قلدتموه، وليس بحجة فيما خالف رأيه).اهـ

وعن عبد الله بن المعتز $ قال: (لا فرق بين بهيمة تنقاد، وإنسان يقلد).([33])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989): (وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص484): (فإنهم بنوا يعني: الأئمة - على الحجة، ونهوا عن التقليد، وأوصوهم([34])! إذا ظهر الدليل أن يتركوا أقوالهم ويتبعوه، فخالفوهم([35]) في ذلك كله). اهـ

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة).اهـ

قلت: والمقصود: هنا أنه يجب على المسلم أن يقدر كلام الله تعالى، وكلام رسوله r.

قال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 62].

قلت: وما كان أحدهم إذا سمع نص الكتاب، أو نص السنة، وصح لديه أن يعمد إلى معارضته: بقول، أو قياس، أو ذوق، أو سياسة، أو واقع.([36])

فرحم الله تعالى علماء هذه الأمة الذين حفظوا لها دينها.

قال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص228): (معظم الناس خاسرون، وأقلهم رابحون، فمن أراد أن ينظر في خسره وربحه فليعرض نفسه على الكتاب والسنة فإن وافقهما فهو الرابح إن صدق ظنه في موافقتهما، وإن كذب ظنه فيا حسرة عليه، وقد أخبر الله تعالى بخسران الخاسرين وربح الرابحين، وأقسم بالعصر إن الإنسان لفي خسر إلا من اجتمع فيه أربعة أوصاف:

أحدها: الإيمان.

والثاني: العمل الصالح.

والثالث: التواصي بالحق.

والرابع: التواصي بالصبر). اهـ

هذا؛ وأسأل الله تعالى أن يجعلنا خير خلف لخير سلف.

                                                                                                           

                                                                                                               كتبـه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

    

قال تعالى:]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]

ذكر الدليل على تمسك الإمام أبي حنيفة /

بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،

ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين

وحاشاه أن يفعل ذلك

 

(1) عن عصام بن يوسف قال: شهدت مسجدا فيه من أصحاب أبي حنيفة: زفر([37])، ويعقوب([38])، وأسد([39])؛ سمعتهم يقولون: سمعنا أبا حنيفة يقول: (لا يحل لأحد أن يفتي بشيء من كلامنا حتى يعقله من حيث قلنا).

أثر صحيح

أخرجه أبو موسى المديني في «الأمالي» (ص49)، وابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص144) من طريق أحمد بن سهل، سمعت الفضل بن سالم، سمعت حمدان بن سهل، سمعت عصام بن يوسف به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا الإسناد توبع بالذي بعده أيضا.

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص209)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص24).

(2) وعن عصام بن يوسف([40]) قال: سمعت أربعة من أصحاب أبي حنيفة؛ منهم: محمد بن الحسن، وأسد بن عمرو، يقولون: سمعنا أبا حنيفة يقول: (حرام على الرجل أن يأخذ بقولنا حيث يتبين الذي قلنا من أين قلنا، فإنا إنما قلنا من كتاب، وسنة). وفي رواية: (لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه).

أثر صحيح

أخرجه أبو موسى المديني في «الأمالي» (ص49) من طريق الصلت بن عبدالقوي بن عبدالجبار بن حمزة الترمذي سمعت حمدان بن سهل سمعت عصام بن يوسف به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا الإسناد توبع بالذي قبله.

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص209)، والقرشي في «الجواهر المضية» (ج1 ص347)، وابن عابدين في «الحاشية» (ج6 ص293)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص309).

قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ الهمم» (ص210): (ومعنى: قوله؛ (من أين قلناه أي: ما لم يعلم دليل قولنا وحجته). اهـ

قلت: وفي كلام الأئمة إشارة إلى أنهم لا يبيحون لغيرهم أن يقلدوهم فيما يقولون بغير أن يعلموا دليل قولهم. ([41])

ويعني: قول الإمام أبي حنيفة / إذا قلت قولا من اجتهادي، وهو يخالف كتاب الله تعالى؛ فاتركوا قولي لكتاب الله تعالى.

إذا قلت قولا من اجتهادي، وهو يخالف خبر الرسول r، فاتركوا قولي لخبر رسول الله r.

قلت: إذا إذا صح الحديث([42]) فهو مذهب الإمام أبي حنيفة /.

(3) وعن زفر بن الهذيل قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص267) من طريق أبي نصر محمد بن حاتم المازني الحافظ قال: أخبرنا عبد الصمد بن الفضل البلخي قال: سمعت عصام بن يوسف قال: سمعت زفر بن الهذيل به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص24).

 (4) وعن عبد الله ابن المبارك قال: سمعت أبا حنيفة، يقول: (إذا جاء عن النبي فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن أصحاب النبي r نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1146)، وابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص162) من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: سمعت أبا بكر الطبري يقول: سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت ابن المبارك به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وتابعه إبراهيم بن هانئ النيسابوري عن نعيم بن حماد به.

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء» (ص144) وإسناده حسن.

وقال السمعاني في «قواطع الأدلة» (ج1 ص371): وهذا قول ثابت عن أبي حنيفة.

وذكره ابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص71)؛ من رواية: أبي حمزة عن أبي حنيفة / به.

وبرواية: أبي يوسف القاضي قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاء الحديث عن النبي r من الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمناهم).

أخرجها أبو زكريا السلماسي في «منازل الأئمة الأربعة» (ص170).

وأورده الذهبي في «السير» (ج6 ص401)؛ من رواية: نوح الجامع عن أبي حنيفة به.

وذكر ابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص71)؛ برواية الحسن بن عبد الكريم بن هلال عن أبيه عن أبي حنيفة / به.

وذكره الفلاني في «إيقاظ الهمم» (ص258)، والسيوطي في «تبييض الصحيفة في مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص29)، وفي «مفتاح الجنة» له (ص31)، والزبيدي في «عقود الجواهر» (ص157)، والشيخ عبد الرحمن بن الحسن في «فتح المجيد» (ج2 ص651).

(5) وعن أبي حمزة السكري قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاء الحديث الصحيح الإسناد عن النبي r أخذنا به ولم نعده، وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا، وإن جاء عن التابعين زاحمناهم، ولم نخرج عن أقوالهم).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266 و267)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص171)، وابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص158) من طريق عبد الله بن  علي  الكرماني ، والفضل  بن  عبد  الجبار ، ومحمود بن خداش؛ كلهم قالوا: أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبا حمزة السكري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

ورواه الفضل بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال: أخبرنا أبو حمزة السكري قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاءنا الحديث عن رسول الله r أخذنا به، وإذا جاءنا عن الصحابة تخيرنا، وإذا جاءنا عن التابعين زاحمناهم).

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266) من طريق عمرو بن علي الجوهري، وأبي عبد الله محمد بن حزام الفقيه قالا: أخبرنا الفضل بن عبد الجبار به.

وإسناده صحيح.

(6) وعن أبي عصمة نوح الجامع قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (وما جاءنا عن رسول الله r قبلناه على الرأس والعينين، وما جاءنا عن أصحابه رحمهم الله اخترنا منه، ولم نخرج عن قولهم، وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال).

أثر لا باس به

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266 و267)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص68)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص133)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص33) من طريق إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال: قيل لنعيم بن حماد عن أبي عصمة به.

قلت: وهذا سنده لا باس به في المتابعات.

وذكره الذهبي في «السير» (ج6 ص401)، والزبيدي في «عقود الجواهر» (ص157)، والشيخ سليمان بن عبد الله في «تيسير العزيز الحميد» (ج2 ص1089).

(7) وعن يحيى بن ضريس قال: (شهدت سفيان الثوري، وأتاه رجل له مقدار في العلم والعبادة، فقال له: يا أبا عبد الله، ما تنقم على أبي حنيفة؟، قال: وما له؛ سمعته يقول قولا فيه إنصاف وحجة: (إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله r، والآثار الصحاح عنه r التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله، ولا سنة رسول الله r، أخذت بقول أصحابه y من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم). وفي رواية: (إذا لم يكن في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله r، نظرت في أقاويل أصحابه، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم النخعي والشعبي، وابن سيرين، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وعدد رجالا فقوم اجتهدوا، وأجتهد كما اجتهدوا).

أثر حسن

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص261 و264 و265)، والصيمري في «أخبار الإمام أبي حنيفة وأصحابه» (ص10)، وابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1378)، والدوري في «التاريخ» (ج4 ص63)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص368)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص34)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج29 ص443)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص134)،  من طرق عن يحيى بن معين قال: أخبرنا عبيد  بن أبي قرة عن يحيى بن ضريس قال فذكره.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره الصالحي في «عقود الجمان في مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص172)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص122).

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص134): (وليس يعني / اختيار شهوة، بل اختيار نظر، واستدلال، وقياس، واعتبار على ما دل عليه الكتاب والسنة). اهـ

 (8) وعن زفر بن الهذيل قال: كنا نختلف إلى أبي حنيفة، ومعنا أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يوما أبو حنيفة؛ لأبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمعه مني، فإني قد أرى الرأي اليوم، فأتركه غدا، وأرى الرأي غدا، وأتركه بعد غد([43])).

أثر حسن

أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص424) من طريق علي بن إسحاق المادراني قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت زفر بن الهذيل به.

قلت: وهذا سنده حسن.

(9) وعن أبي نعيم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لأبي يوسف: (لا تروي عني شيئا، فإني والله ما أدري أمخطئ أنا، أم مصيب([44])). وفي رواية: (يقول لأبي يوسف: يا يعقوب لا ترو عني شيئا، فوالله ما أدري أمخطئ أم مصيب).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص424)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (426) من طريق محمد بن أبي عمر الدوري المقرئ([45]) حدثنا أبو  نعيم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.                   

(10) وعن الإمام أبي حنيفة / قال: (عجبا للناس يقولون: إني أفتي بالرأي([46])، ما أفتي إلا بالأثر).

أثر حسن

أخرجه ابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص165) من طريق عبدالعزيز بن أبي زرمه يقول: سمعت نعيم بن عمرو يقول: سمعت أبا حنيفة / به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فيتعين عليك أن لا تفهم من أقوال العلماء عن الإمام أبي حنيفة / أنه صاحب رأي محض، بل مرادهم أنه صاحب اجتهاد في الدين؛ أي ما نسب إليه من الرأي فهو من قسم المحمود الذي يراد به الاجتهاد.

قال الزبيدي الفقيه / في «عقود الجواهر» (ص161): (وقد برأ الله تعالى الأئمة المجتهدين من ارتكاب ذلك يعني: الرأي المذموم وما نسب إليهم من الرأي فهو من قسم المحمود). اهـ

وقال الزبيدي الفقيه / في «عقود الجواهر» (ص160): (وأما الرأي: فهو على قسمين؛ محمود ومذموم). اهـ

قلت: فلا ينسب إليه أنه يقدم رأيه على سنة رسول الله r ([47])، ولا على قول الصحابة y، لأنه بريء من ذلك، فقد جاء عن الإمام أبي حنيفة / من طرق كثيرة؛ لأنه؛ أولا: يأخذ بما جاء في القرآن، فإن لم يجد فبالسنة، فإن لم يجد فبقول الصحابة، فإن اختلفوا أخذ بما كان أقرب إلى القرآن، أو السنة من أقوالهم، ولم يخرج عنهم، فإن لم يجد لأحد منهم قولا لم يأخذ بقول أحد من التابعين، بل يجتهد كما اجتهدوا. ([48])

(11) وعن الإمام أبي حنيفة / قال: (لا يحل للرجل أن يروي الحديث ([49])؛ إلا إذا سمعه من فم المحدث فيحفظه ثم يحدث به).

أثر حسن

أخرجه الحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» (ص118)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص282) من طريق محمد بن سلمة، عن بشر بن الوليد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

 (12) وعن الحسن بن زياد عن أبي يوسف القاضي، ثم اتفق أبو يوسف، والحسن بن زياد قالا جميعا قال أبو حنيفة: (علمنا هذا رأي([50]) وهو أحسن ما قدرنا عليه، ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه).

أثر لا بأس به.

أخرجه ابن حزم في «الإيصال» (ج1 ص494)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص34) من طريق ابن أبي عمران ثنا محمد بن شجاع البلخي ثنا الحسن بن زياد به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به في المتابعات.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص143).

وتابعه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان قال: قال أبو حنيفة: (هذا الذي نحن فيه رأي، لا نجبر أحدا عليه، ولا نقول: يجب على أحد قبوله بكراهة، فمن كان عنده شيء أحسن منه، فليأت به).

أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص301) من طريق محمد بن شجاع قال: سمعت إسماعيل بن حماد به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به.

قلت: ومراده / من ذكره لهذه الآثار أنه إذا قال: قولا وكتاب الله تعالى يخالفه، قال: اتركوا قولي لكتاب الله تعالى، وإذا كان قول الرسول r يخالفه، قال: اتركوا قولي لخبر الرسول r، وإذا كان قول الصحابة y يخالفه، قال: اتركوا قولي لقول الصحابة y.([51])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ج2 ص1090): (فلم يقل هذا الإمام يعني: أبا حنيفة- ما يدعيه جفاة المقلدين له: أنه لا يقول قولا يخالف كتاب الله، حتى أنزلوه بمنزلة المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإيصال» (ص494): (فواجب على أصحابه يعني: الحنفية أن يقبلوه كما أخبر بعلمه عن نفسه). اهـ

وعن عبد الله بن المعتز / قال: (لا فرق بين بهيمة تنقاد، وإنسان يقلد).([52])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989): (وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص332):«أبو يوسف»، و«محمد»، هما صاحبا أبي حنيفة، وهما مختصان به؛ كاختصاص: «الشافعي» بــ«مالك»، ولعل خلافهما له يقارب: خلاف «الشافعي» «لمالك»، وكل ذلك اتباعا للدليل وقياما بالواجب). اهـ

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

قال تعالى:]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]

ذكر الدليل على تمسك الإمام مالك بن أنس /

بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،

ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين

وحاشاه أن يفعل ذلك

 

(1) عن عثمان بن عمر قال: (جاء رجل إلى مالك؛ فسأله عن مسألة فقال له: قال رسول الله r كذا، وكذا، فقال الرجل: أرأيت؟، فقال مالك: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].

أثر صحيح

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص326)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص628) من طريق عثمان بن صالح، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأبي قلابة عن عثمان بن عمر به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وتابعه إسحاق بن الطباع قال: (جاء رجل إلى مالك؛ فسأله عن مسألة، فقال: قال رسول الله r كذا، قال: أرأيت إن كان كذا؟ قال مالك: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص146)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص144) من طريق أحمد بن سعيد الجمال قال: سمعت محمد بن حاتم بن بزيع يقول: سمعت إسحاق بن الطباع به.

وإسناده صحيح.

(2) وعن عبد الله بن وهب قال: قال مالك: (لم يكن من فتيا الناس أن يقال: لم قلت هذا؟ كانوا يكتفون بالرواية، ويرضون بها).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص628) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن أبي زيد في «الجامع» (ص148).

 (3) وقال أشهب، سمعت مالكا / يقول: (ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.

قال أشهب: وبه يقول الليث بن سعد).([53])

(4) وقال أشهب /: سئل مالك بن أنس / عن اختلاف أصحاب رسول الله r فقال: (خطأ وصواب فانظر في ذلك).([54]) يعني: في الدليل.

(5) وقال ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين حدث بهما ثقة عن أصحاب رسول الله r أتراه من ذلك في سعة؟ فقال: (لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا، وما الحق والصواب إلا في واحد).([55])

(6) وقال ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: في اختلاف أصحاب رسول الله r: (مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد).([56]) يعني: في تتبع الدليل، ومعرفته والأخذ به.

(7) وقال ابن القاسم، سمعت مالكا، والليث، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله r ليس كما قال ناس: (فيه توسعة ليس كذلك، إنما هو خطأ وصواب).([57])

قلت: هذه عبارة علمية صدرت من إمام أهل السنة في زمانه ممن تلقى العلم من التابعين الذين أخذوه عن الصحابة الكرام عن الرسول r، وهو إمام عالم بالأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ

قلت: فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.([58])

والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة وذلك لا يعدم.

قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

 (8) وعن إسحاق بن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس: يعيب الجدال([59]) في الدين، ويقول: (كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أردنا أن نرد ما جاء به جبريل عليه السلام إلى النبي r). وفي رواية: (كلما جاءنا رجل أجدل من رجل، تركنا ما نزل به جبريل ڠ على محمد r لجدله).([60])

أثر صحيح

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص324)، وأحمد في «العلل» (1585)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص33)، وفي «الفقيه والمتفقه» (602)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص236)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص454)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 670)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص144)، والذهبي في «السير» (ج8 ص88)، وفي «العلو» (ص103)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (582)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص68)، والسجزي في «الرسالة» (ص236)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص128)، وفي «شعب الإيمان» (8131) من طريق الحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد  بن حاتم بن بزيع، وأبي بكر الأعين، وأحمد بن حنبل كلهم عن إسحاق بن عيسى به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص95)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى» (ص81)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص208).

(9) وعن معن بن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة، فاتركوه).

أثر حسن

أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص775)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص149)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص264)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص133) من طريق موسى بن إسحاق نا إبراهيم بن المنذر نا معن بن عيسى به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص26)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص146)، والشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص331).

قال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص133): (فهذا الإمام مالك بن أنس / قد سبق إمامنا الشافعي؛ بهذا الكلام وهو الحق، وذلك الظن بجميع الأئمة، وإن لم ينقل عنهم). اهـ

 (10) وعن عبد الله بن وهب قال: سمعت مالكا يقول: (حق على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة، ويكون متبعا لآثار من مضى).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص324)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص324)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص320)، والدوري في «ما رواه الأكابر عن مالك بن أنس» (ص63)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص90) من طرق عن ابن وهب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

(11) وعن أبي مصعب فقيه أهل المدينة قال: (رأيت مالك بن أنس يرفع يديه في الصلاة عند الركوع وبعد الركوع).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج9 ص223)، وابن نصر في «جذوة المقتبس» (ص278) من طرق عن يحيى بن عمر به.

وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج2 ص124).

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج9 ص222) من طريق عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أبو عبيدة بن أحمد حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز قال: (صحبت مالك بن أنس قبل موته بسنة فما مات إلا وهو يرفع يديه)، فقيل ليونس: وصف أشهب رفع اليدين عن مالك قال: (سئل أشهب عنه غير مرة، فكان يقول: يرفع يديه إذا أحرم، وإذا أراد أن يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده).

قال يونس: وحدثني ابن وهب قال: (صحبت مالكا في طريق الحج، فلما كان بموضع ذكره يونس دنت ناقتي من ناقته، فقلت: يا أبا عبد الله! كيف يرفع المصلي يديه في الصلاة؟ فقال: وعن هذا تسألني، ما أحب أن أسمعه منك، ثم قال: (إذا أحرم، وإذا أراد أن يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده).

قال أبو عبيدة: سمعت هذا من يونس غير مرة.

وذكره وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج2 ص124).

وفي هذه الآثار عن الإمام مالك بن أنس / أن رفع اليدين في الصلاة عند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول من السنة، وهذا بخلاف ما عليه المتعصبة من عدم القول بهذه السنة، ومخالفتهم لها تعصبا لمذهبهم، ومخالفة لسنة النبي r، وقد ثبت؛ الرفع عن النبي r في أحاديث كثيرة، والله المستعان.

12) وعن ابن أبي أويس قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (ما قلت الآثار في قوم إلا كثرت فيهم الأهواء، وإذا قلت العلماء ظهر في الناس الجفاء).([61])

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج ص383) من طريق علي بن يعقوب أبي القاسم نا أبو زرعة الدمشقي نا ابن أبي أويس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

13) وعن أبي سلمة الخزاعي قال: (كان مالك بن أنس إذا أراد أن يخرج ليحدث، توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ولبس قلنسوة، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك؟، فقال: أوقر به حديث رسول الله ﷺ). وفي رواية: (كان مالك بن أنس لا يحدث بحديث رسول الله ﷺ إلا وهو على وضوء، إجلالا لحديث رسول الله ﷺ). وفي رواية: (أحب أن أعظم حديث رسول الله ﷺ ولا أحدث إلا على طهارة).

أثر صحيح

أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (731)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (585)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص318)، والخطيب في «الجامع» (ج1 ص410)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص242)، والذهبي في «السير» (ج8 ص85 و86) من طريق أبي سلمة الخزاعي، وابن أبي أويس، وأبي مصعب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

14) وعن ابن وهب قال: (سمعت مالكا يسئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: يا أبا عبد الله، سمعتك تفتي في مسألة تخليل أصابع الرجلين زعمت أن ليس ذلك على الناس، وعندنا في ذلك سنة؛ فقال: وما هي، فقلت: ثنا الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي ﭬ قال: (رأيت رسول الله ﷺ يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه)، فقال: إن هذا حديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة، ثم سمعته يسئل بعد ذلك فأمر بتخليل الأصابع)([62]). وفي رواية: (وقال لي: ما سمعت بهذا الحديث قط إلا الآن).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص31 و32)، البيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص124)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج1 ص613)، والخليلي([63]) في «الإرشاد» (ج1 ص399 و400) من طريق أحمد بن عبدالرحمن  بن  وهب قال: سمعت عمي ابن وهب يقول فذكره.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص27 و28).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج20 ص328): (ثم من تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة وجد أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول والقواعد، وقد ذكر ذلك الشافعي وأحمد وغيرهما). اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

    

قال تعالى: ]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]

ذكر الدليل على تمسك الإمام الشافعي /

بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،

ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين

وحاشاه أن يفعل ذلك

 

 

1) قال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ﷺ فقولوا بسنة رسول الله ﷺ ودعوا ما قلت).

وفي رواية: (فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص389)، وفي «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص41)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص332)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (249)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص217)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص472)، وفي «الاعتقاد» (ص30)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص109)، والهروي في «ذم الكلام» (ج3 ص47)، وابن الصلاح في «أدب المفتي» (ص117)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص497)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص82)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج1 ص103)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص63)، والنووي في «المجموع» (ج1 ص63)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45)، والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (ج2 ص161).

يعني: أنه إذا قال الإمام الشافعي / قولا وأثبته، ونقله أصحابه عنه، ثم صح الحديث بخلافه، فإنا نقول: مذهب الإمام الشافعي / هو ما دل عليه هذا الحديث، دون ما نقل عنه.([64])

وهذا ظاهر كلامه /.

وقال شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على مقدمة المجموع» (ص370): (قول الشافعي /: هو كقول غيره من الأئمة، وإنه إذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب أن يطرح قول من خالفه، ويؤخذ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا متفق عليه بين المسلمين). اهـ

قلت: فهذا مذهب الإمام الشافعي في اتباع سنة النبي ﷺ: ]فهل من مدكر [ [القمر: 15].

قلت: وهذا لسان حال كل إمام من أئمة المسلمين، من سابق، ولأحق.

قال الحافظ الخطيب / في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص41): (وإنما قال هذا تعظيما للأثر، وحثا على التمسك بالسنن). اهـ

2) وعن الحميدي قال: ذكر الشافعي يوما حديثا؛ فقال له رجل: أتقول به يا أبا عبدالله؟، فاضطرب، وقال: (يا هذا أرأيتني نصرانيا، أرأيتني خارجا من الكنيسة، أرأيت في وسطي زنارا([65])؛ أروي حديثا عن رسول الله ﷺ ولا أقول به!).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص174)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص173)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص885)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص114)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص341) من طرق عن الحميدي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «مفتاح الجنة» (ص16)، والذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص46).

في هذا الأثر الجميل رد واضح على المقلدة الذين يقلدون إماما معينا، أو مذهبا معينا، وإذا أتاهم الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أعرضوا عنه، وقالوا: نحن على مذهب الشافعي!، أو على مذهب أبي حنيفة!، وهكذا.

فها هو الإمام الشافعي يضطرب ويستغرب ويستنكر من الرجل الذي سأله: هل تأخذ بالحديث الذي ترويه؟.

وأنظر يا أخا الإسلام كيف كان رد الإمام الشافعي؛ فقد شبه الذي يدع حديث النبي ﷺ ولا يأخذ به بالنصراني، والذمي الكافر، والعياذ بالله تعالى.

وهذا مصداق؛ قوله تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 62]. ([66])

قال أبو القاسم البغدادي /: (وأصل الشافعي / أن الخبر إذا صح عن رسول الله ﷺ، فهو قوله ومذهبه، ولا أعلم أحدا من أصحاب الشافعي يختلف في ذلك). ([67])

3) وقال الإمام الشافعي /: (إذا صح خبر يخالف مذهبي، فاتبعوه، واعلموا أنه مذهبي).([68])

قلت: مذهب الإمام الشافعي ما وافق الحديث الصحيح.([69])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص330): (ومناقب الشافعي، واجتهاده في اتباع الكتاب والسنة؛ واجتهاده في الرد على من يخالف ذلك كثير جدا، وهو كان على مذهب أهل الحجاز). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص118): (أن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد، وأنهم قد نهوا أصحابهم عن تقليدهم، وكان أشدهم في ذلك الشافعي؛ فإنه $ بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار، والأخذ بما أوجبته الحجة، حيث لم يبلغ غيره، وتبرأ من أن يقلد جملة وأعلن بذلك، نفع الله به وأعظم أجره، فلقد كان سببا إلى خير كثير). اهـ

قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة [[آل عمران: 164].

4) وعن الإمام الشافعي / قال: (فذكر الله الكتاب، وهو: «القرآن» وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن؛ يقول: الحكمة: «سنة» رسول الله ﷺ).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص63) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وكلام الإمام الشافعي هذا في كتابه: «الرسالة» (ص252).

5) وقال الإمام الشافعي /: (إذا وجدتم سنة من رسول الله ﷺ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي فإني أقول بها).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (321)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والذهبي في «السير» (ج10 ص77) من طريقين عن الربيع بن سليمان عن الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (ص218)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45).

6) وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص39): (ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حلال، ولا حرام إلا من جهة العلم، وجهة العلم الخبر في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس).

7) وقال الإمام الشافعي /: (إذا جاء عن أصحاب النبي ﷺ أقاويل مختلفة، ينظر إلى ما هو أشبه بالكتاب والسنة فيؤخذ به).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440) من طريق يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وإنما كان الأمر كذلك؛ لأن أقاويلهم المختلفة بمثابة الأدلة المتعارضة فيرجح أحدهما بمرجح.

8) وقال الإمام الشافعي /: (ومن عرف الحديث قويت حجته). وفي رواية: (ومن كتب الحديث قويت حجته).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص511)، وفي «التمهيد» تعليقا (ج23 ص151)، ودانيال في «مشيخته» (ق/89/ط)، وابن حمكان في «الفوائد» (ص141)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص409)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص282)، و«المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص73)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص532)، والخلعي في «الخلعيات» (ص142)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص151)، وفي «تاريخ بغداد» (ج7 ص276)، و(ج11 ص9)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص111)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والقاضي عياض في «الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع» (ص221)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص123) من طرق عن المزني قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص24)، وأبو زكريا السلماسي في «منازل الأئمة الأربعة» (ص215)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (ص229).

9) وقال الإمام الشافعي /: (إذا صح لكم الحديث عن رسول الله ﷺ فخذوا به ودعوا قولي).

أثر صحيح

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص497) من طريق ابن خزيمة قال: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي به.  

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (ص78).

قال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج5 ص498): (وللشافعي $ عليه في كثرة عنايته بالسنن، وجمعه لها، وتفقهه فيها، وذبه عن حريمها، وقمعه من خالفها).اهـ

قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم يعني: الصحابة - لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ

10) وقال الإمام الشافعي /: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله ﷺ لقول من بعده).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف بن القاسم الميانجي حدثني الحسين بن الفتح قال: حدثني أبو محمد بن صاعد، نا بحر، نا الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

11) وقال الإمام الشافعي /: (إذا جاء عن أصحاب النبي ﷺ أقاويل مختلفة ينظر إلى ما هو أشبه بالكتاب والسنة فيؤخذ به).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص280) من طريق يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص530)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص333) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع بن سلمان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام الخطيب البغدادي / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440): (فأما إذا اختلفت الصحابة على قولين لم يكن قول بعضهم حجة على بعض، ولم يجز تقليد واحد من الفريقين؛ بل يجب الرجوع إلى الدليل). اهـ

وبوب الإمام الخطيب البغدادي / في «الكفاية» (ج2 ص560)؛ باب: القول في ترجيح الأخبار.

12) وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج5 ص113 و114): (وليس تعدوا السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت باختلاف من حكيت عنه من أهل العلم، وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود([70]) عن اتباعه معصيته التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن نبيه مخرجا).

قال تعالى: ]إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما[[الفتح: 10].

وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله[ [النساء: 80].

13) وقال الإمام الشافعي /: (فأعلمهم أن بيعتهم رسوله ﷺ بيعته، وكذلك أعلمهم أن طاعتهم طاعته، فقال: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص90) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

والأثر في «الرسالة» للشافعي (ص271 و274).

قلت: وفي الأثر: أن الأصل في مسائل الشرع أخذها من الكتاب والسنة، لا من آراء الرجال مهما كانت منزلتهم.

قلت: فكيف الحال اليوم بمن يقدمون آراء الرجال - عالمهم وجاهلهم - على هدي نبيهم ﷺ. اللهم غفرا.([71])

فإذا ظهر هذا وتقرر تبين أن التعصب لمذهب الإمام المقلد ليس هو باتباع أقواله كلها كيفما كانت، بل بالجمع بينها وبين ما ثبت من الأخبار والآثار، ويكون الخبر هو المتبع، ويؤول كلام ذلك الإمام تنزيلا له الخبر، والأمر عند المقلدين، أو أكثرهم بخلاف هذا إنما هم يؤولونه تنزيلا له على نص إمامهم.([72])

وقد نص الإمام الشافعي / على ترك قوله إذا ظفر بحديث ثابت عن رسول الله ﷺ على خلافه، فالتعصب له على الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك، وسلوك طريقته في قبول الأخبار، والبحث عنها والتفقه فيها. ([73])

14) وقال الإمام الشافعي /: (إذا وجدتم عن رسول الله ﷺ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي فإني أقول بها). ([74])

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (321)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والذهبي في «السير» (ج10 ص77) من طريقين عن الربيع بن سليمان عن الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

15) وقال الإمام الشافعي /: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ﷺ فقولوا بسنة رسول الله ﷺ ودعوا ما قلت).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص389)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (249)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص217)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص109)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

16) وقال الإمام الشافعي /: (كل ما قلت: وكان عن النبي ﷺ خلاف قولي مما يصح فحديث النبي ﷺ أولى ولا تقلدوني).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (67)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص473)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص454)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق حرملة بن يحيى عن الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص31).

وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص218)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص205 و340).

قلت: فقد وضح لك مما سبق ذكره أنه متى جاء عن رسول الله ﷺ حديث ثابت فواجب المصير إلى ما دل عليه من حكم.

قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [ [النساء: 65].

قال الإمام أبو شامة المقدسي / في «المؤمل» (ص135) في هذه الآية: (فنفى تعالى الإيمان عمن لم يحكم رسوله ﷺ فيما وقع التنازع فيه، ولم يسلم لقضائه).اهـ

وقال الإمام مجاهد؛ في قوله تعالي: ]هذا صراط علي مستقيم [[الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله تعالى، وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم ابن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وإسناده صحيح.

17) وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص276): (وقال الله عز وجل: ]لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].

18) وقال الإمام الشافعي / في «اختلاف الحديث» (ص35): (وأمرهم بأخذ ما آتاهم، والانتهاء عما نهاهم عنه، فقال: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7].

19) وقال الإمام الشافعي / في «اختلاف الحديث» (ص35): (وأبان أنه تعالى يهدي إلى صراط مستقيم فقال تعالى: ]ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (52) صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض[ [الشورى: 52 -53].

قال الله عز وجل فيما أمر به رسوله ﷺ؛ أن يقوله: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19].

20) وقال الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي قال: (وكان فرضه جل جلاله على من عاين رسول الله ﷺ، ومن بعده إلى يوم القيامة، واحدا في أن على كل طاعته، ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله ﷺ، يعلم أمر رسول الله ﷺ، إلا بالخبر عنه).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص98) من طريق أبي العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأثر الإمام الشافعي هذا في «اختلاف الحديث» (ص35).

21) وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج7 ص303): (وأما قوله: «فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله، ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله»، قال الشافعي: كذلك صنع رسول الله ﷺ، وبذلك أمره وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه، ونشهد أن قد اتبعه، فما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله عز وجل  في الوحي اتباع سنته فيه، فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله عز وجل، قال الله تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7]. اهـ

وعن عامر بن مصعب: أن طاوسا أخبره: أنه سأل ابن عباس ﭭ عن الركعتين بعد العصر، فنهاه عنهما. قال طاوس: فقلت له: ما أدعهما، فقال ابن عباس ﭭ: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم[ [الأحزاب: 36].

أثر صحيح

أخرجه الشافعي في «المسند» (166)، وفي «الرسالة» (1220)، و(1221)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص305).

وإسناده صحيح.

قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص1220): (فرأى ابن عباس الحجة قائمة على طاوس بخبره عن النبي ﷺ، ودله بتلاوة كتاب الله على أن فرضا عليه أن لا تكون له الخيرة إذا قضى الله تعالى، ورسوله ﷺ أمرا). اهـ

عن سالم بن عبد الله: (أن عمر بن الخطاب ﭬ نهى عن الطيب قبل زيارة البيت، وبعد الجمرة.

قال سالم: فقالت عائشة ڤ: طيبت رسول الله ﷺ بيدي لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، وسنة رسول الله ﷺ أحق).

أثر صحيح

أخرجه الشافعي في «المسند» (780)، وفي «اختلاف الحديث» (ص47).

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (1539)، ومسلم في «صحيحه» (ج6 ص846).

قال الإمام الشافعي / في «اختلاف الحديث» (ص47): (فترك سالم قول جده عمر ﭬ في إمامته، وقبل خبر عائشة ڤ وحدها، وأعلم من حدثه أن خبرها وحدها سنة، وأن سنة رسول الله ﷺ أحق، وذلك الذي يجب عليه).

وقال الإمام الشافعي /: (وصنع ذلك الذين بعد التابعين المتقدمين، مثل ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وغيرهم، والذين لقيناهم كلهم يثبت خبر واحد، عن واحد، عن النبي ﷺ، ويجعله سنة، حمد من تبعها، وعاب من خالفها).

وقال الإمام الشافعي /: (فمن فارق هذا المذهب، كان عندنا مفارقا سبيل أصحاب رسول الله ﷺ، وأهل العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة).

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45): (قال الشافعي: فترك سالم $ قول جده لروايتها، قلت([75]): لا كما تصنع فرقة التقليد). اهـ

22) وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة فقال: يروى عن النبي ﷺ أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد الله، أتقول بهذا؟! فارتعد الشافعي /، واصفر وحال لونه وقال: ويحك! أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله ﷺ شيئا فلم أقل به، نعم على الرأس والعينين، على الرأس والعينين).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص474 و475)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص6)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص113 و114)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص331)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (404) من طريق أبي عمرو ابن السماك: أن أبا سعيد الجصاص حدثهم، قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص35).

23) وقال الربيع بن سليمان سمعت الشافعي يقول: (ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله ﷺ، وتعزب عنه، فمهما قلت من قول، أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله ﷺ بخلاف ما قلت، فالقول: ما قال رسول الله ﷺ، وهو قولي، قال: وجعل يردد هذا الكلام).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص6)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص232)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص129) من طريق أبي عمرو ابن السماك: أن أبا سعيد الجصاص حدثهم، قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص363)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص28).

24) وعن الربيع بن سليمان قال: وقد قال للشافعي رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله، فقال: (متى رويت عن رسول الله حديثا صحيحا، ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وفي رواية: (إذا صح عندي الحديث عن رسول الله ﷺ فلم آخذ به). وفي رواية: (متى سمعتني حدثت بحديث عن رسول الله ﷺ صحيح).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص474)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (250)، وفي «معرفة السنن» (237)، والهروي في «ذم الكلام» (398)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص126 و127)، والذهبي في «العلو» (406)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص113)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج2 ص256)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص339)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص387)، والهكاري في «اعتقاد الإمام الشافعي» (33)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص150)، وأبو القاسم السمرقندي في «الأمالي» (ق/234/ط) من طرق عن الربيع بن سليمان به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص31).

وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص40)، والسيوطي في «مفتاح الجنة» (ص83).

25) وعن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: (كل حديث عن النبي ﷺ فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص94)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص114)، والذهبي في «السير» (ج10 ص35)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص398) من طريق أبي محمد البستي السجستاني فيما كتب إلي، عن أبي ثور به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج10 ص253 و254)، والشيخ الألباني في«صفة الصلاة» (ج1 ص31).

26) وقال محمد بن إدريس الشافعي /: (الأصل كتاب الله، أو سنة نبيه، أو قول بعض أصحاب رسول الله ﷺ، أو إجماع الناس).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «الاعتقاد» (ص125) من طريق أبي عبد الله الحافظ حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه القفال ثنا عمر بن محمد بن بجير ثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي محمد بن إدريس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

27) وقال الإمام الشافعي /: (كل مسألة تكلمت فيها، صح الخبر فيها عن النبي ﷺ عند أهل النقل بخلاف ما قلت، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص473)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص108)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص128) من طريق أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

والأثر في كتاب «الأم» للشافعي (ج7 ص183).

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص340)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص363).

28) وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص88): (وكل ما سن ﷺ فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود([76]) عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله ﷺ مخرجا، لما وصفت، وما قال رسول الله). اهـ

29) وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص109): (فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله ﷺ دليل على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله، فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها... فالخلق كلهم له تبع، ولا يكون للتابع أن يخالف ما فرض عليه اتباعه، ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها).اهـ

قلت: ومن خالف ما قلت فقد جمع الجهل بالسنة، والخطأ في الكلام فيما يجهل.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص71): (وإنما يكون اجتهاد الرأي فيما لم تمض به سنة عن رسول الله ﷺ، لا يجوز أن يعمد إلى شيء مضت به سنة فيرده بالرأي والقياس). اهـ

30) وقال الإمام الشافعي / في «إبطال الاستحسان» (ص43): (فمن خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل، أوسنة قائمة، فلا يحل له الخلاف، ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس). اهـ

31) وقال الإمام الشافعي /: (الأصل قرآن أو سنة، فإن لم يكن، فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه؛ فهو سنة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص231)، وفي «المراسيل» (13)، والخطيب في «الكفاية» (ص437)، وفي «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص533)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص105)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ج1 ص532)، والهروي في «ذم الكلام» (1110)، و(1111) من طرق عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج6 ص181).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص37): (إذ المقصود أنهم كانوا - يعني السلف - متفقين على أن القرآن لا يعارضه إلا قرآن لا رأي، ولا معقول، وقياس، ولا ذوق ووجد، وإلهام، ومكاشفة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الباهر» (ص37): (فإذا بينت له السنة لم يجز له مخالفة النبي ﷺ، ولا التعبد بما نهى عنه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص123): (الأنبياء عليهم السلام معصومون عن الإقرار على الخطأ، بخلاف الواحد من العلماء والأمراء؛ فإنه ليس معصوما من ذلك، ولهذا يسوغ بل يجب أن نبين الحق الذي يجب اتباعه، وإن كان فيه بيان خطأ من أخطأ من العلماء والأمراء). اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص85): (ومن أنواع النصح لله تعالى، وكتابه، ورسوله - وهو مما يختص به العلماء - رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها).اهـ

32) وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج7 ص317): (الحق عند الله تعالى واحد؛ يقال فيه: نعم الحق واحد لا يتعدد).

قلت: فالحق واحد عند الله تعالى، ولا يجوز إلا ذلك، لأن علم الله تعالى في أحكامه واحد في الأصول والفروع.([77])

33) وقال الإمام الشافعي /: (ما كان الكتاب، أو السنة موجودين؛ فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا باتباعهما).([78])

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص530)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص333) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وكلام الإمام الشافعي هذا في كتابه: «الأم» (ج7 ص280).

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص42).

34) وقال الإمام الشافعي $ قال: (أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة رسول الله ﷺ لم يحل له أن يدعها لقول أحد من الناس).([79])

35) وعن أحمد بن حنبل: أن الشافعي قال له: (أنتم أعلم بالحديث، والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحا؛ فأعلموني به؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص94 و95)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص499)، والخطيب في «الاحتجاج بالإمام الشافعي» (ص40)، وابن عبد البر في «الانتقاء» (ص75)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص597)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص476)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص125)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص385)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص308) من طرق عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه به، وهو في «العلل» (1055).

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32).

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص325)، والذهبي في «السير» (ج10 ص33)، وفي «تاريخ الإسلام» له (ج14 ص32)، وابن تيمية في رسالة: «صحة أصول مذهب أهل المدينة»، ضمن: «مجموع الفتاوى» (ج20 ص317).

وقال الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص597): (ولهذا كثر أخذه([80])  بالحديث). اهـ

وقال الحافظ الخطيب / في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص40): (وإنما أراد الشافعي إعلام أحمد بن حنبل: أن أصله الذي بنى عليه مذهبة الأثر دون غيره فيما ثبت النص بخلافه.

وأشار إلى أن أصحاب الحديث أشد عناية من غيرهم بتصحيح الأحاديث وتعليلها). اهـ

36) وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: (لا تدع لرسول الله حديثا أبدا).

                                                                                                     أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص63) من طريق الأصم قال: أخبرنا الربيع بن سليمان به.

وهذا الأثر في «الأم» (ج7 ص198) للشافعي.

وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (57)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45).

37) وقال الإمام الشافعي / في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص191): (إذا حدث الثقة عن الثقة؛ حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ؛ فهو ثابت عن رسول الله ﷺ، ولا يترك لرسول الله ﷺ حديثا أبدا).

38) وقال الإمام الشافعي / في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص191): (حديث النبي ﷺ مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله ﷺ حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه، وحديث رسول الله ﷺ أولى أن يؤخذ به).

39) وقال الإمام الشافعي / في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص192): (إذا ثبت الحديث عن رسول الله ﷺ استغنى به عمن سواه).

40) وقال الإمام الشافعي / في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص193): (فما ثبت عن النبي ﷺ أولى عندنا أن يؤخذ به).

41) وقال الإمام الشافعي / في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص193): (إذا علمنا أن النبي ﷺ قال شيئا، وغيره قال غيره؛ فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي ﷺ كان أولى أن يؤخذ به).

42) وقال الزعفراني: قال الشافعي: (إذا صح الحديث عن رسول الله ﷺ، فهو مأخوذ به لا يترك لقول غيره).([81])

43) وقال الزعفراني: قال الشافعي: (من تبع سنة رسول الله ﷺ وافقته، ومن غلط فتركها خالفته).([82])

44) وعن الإمام الشافعي/ قال: (ليس في سنة رسول الله r إلا اتباعها ولا نعترض عليه بكيف ولا يسع عالما فيما ثبت من السنة إلا التسليم لأن الله قد فرض اتباعها).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج8 ص152) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

45) وعن الربيع بن سليمان المرادي قال: سمعت الشافعي وذكر حديثا عن النبي ﷺ فقال؛ له رجل: تأخذ به يا أبا عبد الله؟ فقال: سبحان الله، أروي عن رسول الله ﷺ شيئا لا آخذ به! متى عرفت لرسول الله ﷺ حديثا ولم آخذ به، فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب). وفي رواية: (متى سمعتني حدثت بحديث عن رسول الله ﷺ صحيح فلم آخذ به، فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص126 و127 و146)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص473 و474)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص225)، وفي «معرفة السنن» (237)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص387)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113) من طريق الربيع بن سليمان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

46) وعن ابن أبي الجارود قال: قال الشافعي: (إذا صح عن رسول الله ﷺ حديث، وقلت: قولا، فأنا راجع عن قولي، قائل بذلك يعني: بالسنة).

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113) من طريق أحمد بن محمد المكي، ومحمد بن الحسين الآبري عن ابن أبي الجارود به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

47) وقال الإمام الشافعي / في «جماع العلم» (ص83): (وقد أمرنا باتباع ما أمرنا به، واجتناب ما نهى عنه، وفرض الله تعالى في كتابه على خليقته.

وما في أيدي الناس من هذا إلا ما تمسكوا به عن الله تبارك وتعالي، ثم عن رسوله ﷺ، ثم عن دلالته).

48) وقال الإمام الشافعي / في «جماع العلم» (ص17): (لقد فرض الله عز وجل علينا اتباع أمره، فقال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7]، إنه لبين في التنزيل أن علينا فرضا أن نأخذ الذي أمرنا به، وننتهي عما نهانا رسول الله ﷺ، والفرض علينا وعلى من هو من قبلنا، ومن بعدنا واحد).

49) وعن الربيع بن سليمان قال: قال لي الشافعي: (اسقني قائما ([83])، فإن النبي ﷺ شرب قائما).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (62) من طريق الربيع بن سليمان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

50) وقال أحمد بن سنان الواسطي / - ثقة حافظ - قال: (رأيت الشافعي أحمر الرأس واللحية، يعني أنه استعمل الخضاب اتباعا للسنة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص276)، ومن طريقه: أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص77) من طريق أحمد بن سنان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

51) وقال الإمام الشافعي /: (إذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه، فهو سنة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (59)، وفي «المراسيل» (ص14)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج2 ص30)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص564 و565)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص112)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص125) من طريق أبي حاتم قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى قال: قال محمد بن إدريس الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

52) وقال الإمام الشافعي([84]) / في «جماع العلم» (ص807): (لم أسمع أحدا نسبه الناس، أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله ﷺ، والتسليم لحكمه؛ بأن الله عز وجل لم يجعل لأحذ بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله ﷺ، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله ﷺ: واحد لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله ﷺ). اهـ

قلت: فهذه آثار الإمام الشافعي / في وجوب التمسك بالكتاب والسنة والآثار.

وكل خير في اتبـاع من سلف

                               

 

وكل شر في ابتداع من خلف

قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ

قلت: وقد ذم الإمام الشافعي / المقلدة، والمتعالمة في الفقه، وأنهم آثروا التقليد والغفلة، والاستعجال بالرياسة.

فعن الإمام الشافعي / قال: (ثم تفرق أهل الكلام في تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ﷺ تفرقا متباينا، وتفرق عنهم ممن نسبه العامة إلى الفقه، فامتنع بعضهم عن التحقيق من النظر، وآثروا التقليد والغفلة، والاستعجال بالرياسة). ([85])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج6 ص160): (قول الشافعي: «إذا صح الحديث فهو مذهبي»([86]) هذا المعنى صريح في مدلوله، وأن مذهبه ما دل عليه الحديث، لا قول له غيره، ولا يجوز أن ينسب إليه ما خالف الحديث ويقال: هذا مذهب الشافعي. ولا يحل الإفتاء بما خالف الحديث على أنه مذهب الشافعي، ولا الحكم به، صرح بذلك جماعة من أئمة أتباعه، حتى كان منهم من يقول للقارئ إذا قرأ عليه مسألة من كلامه: قد صح الحديث بخلافها، اضرب على هذه المسألة فليست مذهبه، وهذا هو الصواب قطعا، ولو لم ينص عليه، فكيف إذا نص عليه وأبدى فيه وأعاد، وصرح فيه بألفاظ كلها صريحة في مدلولها؟ فنحن نشهد بالله أن مذهبه وقوله الذي لا قول له سواء ما وافق الحديث، دون ما خالفه، وأن من نسب إليه خلافه فقد نسب إليه خلاف مذهبه).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (ونهى عن تقليده يعني: الإمام الشافعي - وتقليد غيره؛ فجزاه الله عن الإسلام خيرا، لقد نصح لله تعالى، ورسوله ﷺ، والمسلمين، ودعا إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ﷺ، وأمر باتباعهما دون قوله، وأمرنا بأن نعرض أقواله عليهما؛ فنقبل منها ما وافقهما، ونرد ما خالفهما؛ فنحن نناشد المقلدين؛ هل حفظوا في ذلك وصيته وأطاعوه، أم عصوه وخالفوه). اهـ

قال أبو عبد الرحمن الأثري: بل المقلدة عصوه، وخالفوه!.

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج6 ص161): (وهذا المعنى صريح في مدلوله، وأن مذهبه ما دل عليه الحديث، لا قول له غيره، ولا يجوز أن ينسب إليه ما خالف الحديث، ويقال: «هذا مذهب الشافعي» ولا يحل الإفتاء بما خالف الحديث على أنه مذهب الشافعي، ولا الحكم به، صرح بذلك جماعة من أئمة أتباعه... وهذا هو الصواب قطعا). اهـ

وقال الإمام ابن القاص / في «التلخيص» (ص111 - المؤمل): (ذكر المزني في كتابه المترجم بـ «الجامع الكبير» في المتيمم إذا دخل في الصلاة، ثم رأى الماء أن الشافعي: نهى عن التقليد نصحا منه لكم، فله أجر صوابكم، وهو برئ من خطئكم ﭬ، وقبل منه نصحكم). اهـ

وقال الإمام أبو علي السنجي / في «شرح التلخيص» (ص111 - المؤمل): (وإنما ذكر المزني هذا في هذه المسألة؛ لأنها أول مسألة خالف الشافعي فيها في «جامعه الصغير والكبير» حيث ذهب فيها إلى مذهب أهل الكوفة أنه يخرج من صلاته، ويتوضأ ويستأنف، فبسط العذر لنفسه في مخالفة الشافعي؛ لأنه منعه من تقليده، وتقليد غيره). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص112): (فالمزني / امتثل أمر إمامه في النهي عن تقليده، فخالفه في هذه المسألة لما ظهر له من جهة النظر والرأي، فما الظن به لو وجد حديثا مصرحا بخلاف نصه، فهو إن شاء الله حينئذ كان أشد مبادرة إلى مخالفة نص إمامه، وإن كان في الحقيقة موافقا لا مخالفا؛ لأنه قد أمر إذا وجد الحديث على خلاف قوله أن يترك قوله، فهو إنما ترك قوله بقوله، فهو موافق ممتثل للأمر). اهـ

وقال الإمام المزني / في «مختصره» (ص93): (اختصرت هذا الكتاب من علم الشافعي، ومن معنى قوله، لأقربه على من أراده، مع إعلامه نهيه عن تقليده، وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص110): (أي: مع إعلامي من أراد علم الشافعي نهى الشافعي عن تقليده، وتقليد غيره). اهـ

وقال الإمام الماوردي / في «الحاوي» (ج1 ص33): (وقوله: (ويحتاط لنفسه): أي ليتطلب الاحتياط لنفسه؛ بالاجتهاد في المذاهب، فترك التقليد بطلب الدلالة). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص111): (فعلى هذا كان السلف الصالح يتبعون الصواب حيث كان، ويجتهدون في طلبه، وينهون عن التقليد). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص116): (ثم إن المصنفين من أصحابنا يعني: من المقلدة الشافعية - قد وقع في مصنفاتهم خلل كثير من وجهين عظيمين:

الأول: أنهم يختلفون كثيرا فيما ينقلون من نصوص الشافعي /، وفيما يصححونه منها ويختارونه، وما ينسبونه إلى القديم والجديد، ولا سيما المتأخرين منهم، وصارت لهم طرق مختلفة خراسانية وعراقية، فترى هؤلاء ينقلون عن إمامهم خلاف ما ينقله هؤلاء، والمرجع في هذا كله إلى إمام واحد، وكتبه مدونة مروية موجودة، أفلا كانوا يرجعون إليها، وينقون تصانيفهم من كثرة اختلافهم عليها.

الوجه الثاني: ما يفعلونه في الأحاديث النبوية والآثار المروية من كثرة استدلالهم بالأحاديث الضعيفة على ما يذهبون إليه نصرة لقولهم، ومن تغيير لفظ ما صح منها، والزيادة فيه، والنقص منه لقلة خبرتهم بذلك). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص116)؛ عن فقهاء الشافعية: (قد وقع في مصنفاتهم خلل كثير). اهـ

وقال الحافظ البيهقي / في «بيان الخطأ» (ص95 و96): (وجدت في بعض ما نقل من كتب الشافعي وحول منها إلى غيره خللا في النقل، وعدولا عن الصحة بالتحويل، فرددت مبسوط كتبه القديمة والجديدة إلى ترتيب «المختصر»؛ ليتبين لمن تفكر في مسائله من أهل الفقه ما وقع فيه من التحريف والتبديل، ويظهر لمن نظر في أخباره من أهل العلم بالحديث ما وقع فيه الخلل بالتقصير في النقل). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص125): (وأئمة الحديث المعتبرون هم القدوة في فنهم فوجب الرجوع إليهم في ذلك، وعرض آراء الفقهاء على السنن والآثار الصحيحة، فما ساعده الأثر فهو المعتبر وإلا فلا نبطل الخبر بالرأي). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص127): (فإذا ظهر هذا وتقرر تبين أن التعصب لمذهب الإمام المقلد ليس هو باتباع أقواله كلها كيفما كانت، بل بالجمع بينها وبين ما ثبت من الأخبار والآثار، ويكون الخبر هو المتبع، ويؤول كلام ذلك الإمام تنزيلا له الخبر.

والأمر عند المقلدين أو أكثرهم بخلاف هذا إنما هم يؤولون الخبر تنزيلا له على نص إمامهم. ثم الشافعيون كانوا أولى بما ذكرناه لنص إمامهم ﭬ على ترك قوله إذا ظفر بحديث ثابت عن رسول الله ﷺ على خلافه، فالتعصب له على الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك، وسلوك طريقته في قبول الأخبار، والبحث عنها والتفقه فيها). اهـ

وقال الربيع بن سليمان قال الشافعي: (قد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله: لا تدع لرسول الله ﷺ حديثا أبدا إلا أن يأتي عن رسول الله ﷺ خلافه، فتعمل بما قلت لك في الأحاديث إذا اختلفت).([87])

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص110): (هذا وهم مقلدون لإمامهم الشافعي /، فهلا اتبعوا طريقته في ترك الاحتجاج بالضعيف، وتعقبه على من احتج بذلك، وتبيين ضعفه). اهـ

وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص119): (وإذا كان هذا الخلل قد وقع منهم في نقل نصوص إمامهم فما الظن بما ينقلونه من نصوص باقي المذاهب؟، فترى في كتبهم من ذلك أشياء ينكرها أصحاب تلك المذاهب، وكان الخلل إنما جاءهم من تقليد بعضهم بعضا فيما ينقله من مذهب غيره أو من نص إمامه، ويكون الأول قد غلظ فيتبعه من بعده، والغلط جائز على كل أحد إلا من عصمه الله تعالى، ولكن لو أن كل من ينقل عن أحد مذهبا أو قولا راجع في ذلك كتابه إن كان له مصنف أو كتب أهل مذهبه لقل ذلك الخلل، وزال أكثر الوهم وبطل، والله الموفق). اهـ

قلت: وكان كثير من علماء المذهب الشافعي لا يفتون في مسألة من المسائل في الدين حتى يلحظون الدليل من الكتاب، أو السنة.

وقال الإمام ابن الصلاح الشافعي / في «أدب المفتي والمستفتي» (ص118)؛ عن وصية الإمام الشافعي، وهي: الأخذ بالحديث: (فعمل بذلك كثير من أئمة أصحابنا، وكان من ظفر منهم بمسألة فيها حديث، ومذهب الشافعي خلافه عمل بالحديث وأفتى به قائلا: مذهب الشافعي ما وافق الحديث). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص285): (وكذلك الكلام في عامة مسائل النزاع بين المسلمين إذا طلب ما يفصل النزاع من نصوص الكتاب والسنة وجد ذلك). اهـ

وعن الإمام أبي يوسف / قال: (لا يحل لأحد أن يقول: مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393) من طريق محمد بن عمر بن العلاء يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: قال أبو يوسف به.

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص258).

وعن الإمام الشافعي / قال: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة، كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري). وفي رواية: وذكر من يحمل العلم جزافا: (هذا مثل حاطب ليل، يقطع حزمة حطب فيحملها ولعل فيها أفعى فتلدغه وهو لا يدري).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج2 ص142)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص151)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص125)، والخطيب في «نصيحة أهل الحديث» (ص32)، والحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» (4)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص206) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الربيع بن سليمان: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم، وهو لا يدري على غير فهم، فيكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل([88])، فيصير ذلك نقصا لإيمانه، وهو لا يدري!.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

قال تعالى: ]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]

ذكر الدليل على تمسك الإمام أحمد بن حنبل /

بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،

ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين

وحاشاه أن يفعل ذلك

 

(1) عن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله؛ فهو على شفا هلكة).

أثر صحيح.

أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن مفلح في «المقصد الأرشد» (136)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص15) والذهبي في «السير» (ج11 ص297) وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد»، (733)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص425)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (97) من طرق عن الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32).

قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.

قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله ﷺ السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله ﷺ، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله ﷺ بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين بعدهم).اهـ

وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ

(2) وقال أبو داود في «المسائل» (ص 277): قلت لأحمد، الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: (لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي ﷺ، وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير).([89])

(3) وقد فرق الإمام أحمد بين التقليد والاتباع، فقال أبو داود في «المسائل» (ص476): سمعت أحمد، يقول: (الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير). ([90])

قلت: يعني يتخير الدليل في أقوالهم إذا اختلفوا في الأحكام.

(4) وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي سفيان، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار).

أثر صحيح.

أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1082) من طريق العباس بن الفضل، قال: سمعت سلمة بن شبيب يقول: سمعت أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص330): (وأحمد كان معتدلا عالما بالأمور يعطي كل ذي حق حقه). اهـ

وقال الإمام ابن الجوزي / في «آفة أصحاب الحديث» (ص178): (وممن نال مرتبة الكمال: الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل؛ فإنه قرأ القرآن بالقراءة المشهورة، ولم يتشاغل بالشواذ، وسمع الحديث الكثير، وأوغل في معرفة أصوله، حتى ميز صحيحه من سقيمه، ثم أقبل على الفقه حتى صار مجتهدا ذا مذهب). اهـ

(5) وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (لا تقلدني، ولا تقلد مالكا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا).([91])

قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص118): (إن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد، وأنهم نهوا أصحابهم عن تقليدهم، وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه / بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار والأخذ بما أوجبته الحجة، حيث لم يبلغ غيره، وتبرأ من أن يقلد جملة، وأعلن بذلك، نفع الله به وأعظم أجره فقد كان سببا إلى خير كثير). اهـ

(6) وقال الإمام أحمد بن حنبل / في رواية ابنه صالح عنه: (ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن، عالما بوجوه القرآن، عالما بالأسانيد الصحيحة، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفته بما جاء عن النبي ﷺ في السنن، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها).([92])

(7) وقال الإمام أحمد بن حنبل / في رواية أبي الحارث: (لا يجوز الافتاء إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة).([93])

(8) وقال الإمام أحمد بن حنبل / في رواية حنبل: (ينبغي لمن أفتى أن يكون عالما بقول من تقدم، وإلا فلا يفتي).([94])

(9) وقد بين الإمام أحمد بن حنبل /: (إذا اختلف أصحاب رسول الله ﷺ أن يختار من أقاويلهم ما يرجحه الدليل، ولا يخرج عن قولهم إلى من بعدهم).([95])

(10) وعن أبي بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، أحمد بن حنبل يقول: (إنما هو السنة والاتباع، وإنما القياس أن نقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس، قيل لأبي عبد الله، فلا ينبغي أن يقيس إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء، فقال: أجل، لا ينبغي).

أثر صحيح.

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص500) من طريق محمد بن عبد الله بن خلف نا عمر بن محمد الجوهري نا أبو بكر الأثرم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: ومراد الإمام أحمد / أن يقيس المفتي، ويجتهد على الأصول المقررة في الشريعة المطهرة، ولا يعمل بالقياس والاجتهاد بدون الأصول، فإن عمل بدون الأصول والقواعد، فقد عمل بالقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد المخالف للكتاب والسنة.

قلت: وهذا هو العمل في الدين بالرأي، ومن عمل بالرأي؛ فقد ضل ضلالا بعيدا.([96])

قلت: وقد وقع في الرأي الفاسد، والقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد المقلدة للمذاهب، والجماعات، والأحزاب، والطوائف، والعياذ بالله.

قال الإمام ابن حزم / في «الأخلاق والسير» (ص91): (لا آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون، ويقدرون أنهم يصلحون). اهـ

قلت: فأشار ابن حزم / إلى عظيم ضرر كلام المقلدين المتعالمين، ومن نسميهم اليوم بالمثقفين من غير أهل الاختصاص، والله المستعان.

قال الإمام ابن حزم /: (وإن قوما قوي جهلهم، وضعفت عقولهم، وفسدت طبائعهم، يظنون أنهم من أهل العلم، وليسوا من أهله، ولا شيء أعظم آفة على العلوم وأهلها الذين هم أهلها بالحقيقة من هذه الطبقة؛ لأنهم تناولوا طرفا من بعض العلوم يسيرا، وكان الذي فاتهم من ذلك أكثر مما أدركوا).([97]) اهـ

(11) وعن الإمام أحمد / قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).

(12) وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

(13) وعن عثمان بن سعيد قال: قال لي أحمد بن حنبل: (لا تنظر في رأي أحد).

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (512) من طريقين عن عثمان بن سعيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص868): (التقليد إنما هو العمل بالرأي، لا بالرواية). اهـ

 (14) وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

فرقة المقلدة من الفرق الضالة في الدين وتتمثل في الخطباء والوعاظ والأئمة والمفتين من المتعالمين في الدين في هذا الزمان......................................................................................................

05

2)

درة نادرة...................................................................................................

8

3)

الأئمة الأربعة نهوا أتباعهم من تقليدهم وأمروا باتباع الكتاب والسنة والآثار.........................................................................................

9

4)

الأئمة الأربعة كانوا على نمط من تقدمهم من السلف الصالح في التمسك بالكتاب، والسنة، والآثار وتحريم التقليد المذموم......................................................................................................

18

5)

فتنة التقليد في هذا الزمان عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت ربى عليها الصغير، وهرم فيها الكبير واتخذ لأجلها القرآن مهجورا........................................................................................

22

6)

قمع المقلدة في الأصول والفروع.........................................................

24

7)

مدح الله تعالى الذين يتبعون الكتاب والسنة ولم يقلدوا العلماء في الدين..................................................................................................

27

8)

المقدمة......................................................................................................

29

9)

ذكر الدليل على تمسك الإمام أبي حنيفة رحمه الله بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا، ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين وحاشاه أن يفعل ذلك...........................

45

10)

ذكر الدليل على تمسك الإمام مالك بن أنس رحمه الله بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا، ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين وحاشاه أن يفعل ذلك.........................................................................................................

     58

11)

ذكر الدليل على تمسك الإمام الشافعي رحمه الله بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا، ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين وحاشاه أن يفعل ذلك.........................................................................................................

68

12)

ذكر الدليل على تمسك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا، ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين وحاشاه أن يفعل ذلك.........

107

 

 



([1]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.

([2]) وهي: «فرقة التقليد».

([3]) قلت: فعليكم بالعلم، ونبذ التعصب، وترك التقليد، وتمسكوا بالإنصاف في الدين.

([4]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص143).

([5]) انظر: «التقليد والتبعية» للعقل (ص47).

([6]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([7]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص146) من حديث ابن عباس .

([8]) وانظر: «إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص358 و359).

([9]) وانظر: «إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص357 و358).

     قلت: فعلم أن من قلد كل إمام على ما فهم من كلامه، فهو جاهل بحقيقة المذاهب.

([10]) يقصد الإمام ابن القيم $ أن المقلدين تركوا الدليل، وأخذوا بالتقليد، والدليل بين أظهرهم!: ]إن هذا لشيء يراد [ [ص: 6].

([11]) وانظر: «إيقاظ همم أولي الأبصار للإقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار» للفلاني (ص420).

([12]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص291)، «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» لابن عبد البر (ص145).

([13]) وانظر: «خطبة الكتاب المؤمل» لأبي شامة المقدسي (ص135).

([14]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1139).

([15]) انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (ج4 ص411).

([16]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140).

([17]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1032).

([18]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1139).

([19]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1132).

([20]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1032).

([21]) «جامع بيان العلم» (ج2 ص1032).

([22]) أما إذا أخذت بأقوالهم فيما أصابوا فيه الدليل من الكتاب أو السنة، فهذا لا يسمى تقليدا، بل يسمى اتباعا للدليل.

     وانظر: «نزهة الخاطر» لابن بدران (ج2 ص449 و450)، و«القول المفيد» للشوكاني (ص59).

([23]) وانظر: «الحاشية» لابن عابدين (ج1 ص63)، و«رسم المفتي» له (ج1 ص4)، و«الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» لابن عبد البر (ص36 و120 و144)، و«الجواهر المضية» للقرشي (ج1 ص347)، و«منازل الأئمة الأربعة» للسلماسي (ص170)، و«مناقب الأئمة الأربعة» للمقدسي (ص71)، و«صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ص25 و26 و28 و31)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص309)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص145)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص63)، و«آداب الشافعي» لابن أبي حاتم (ص93)، و«عقود الجواهر المنيفة» للزبيدي (ص149 و158 و162)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج13 ص255 و278)، و«الخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة» للهيتمي (ص70 و74 و78)، و«تبييض الصحيفة في مناقب الإمام أبي حنيفة» للسيوطي (ص29)، و«مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي (ص182 و192)، و«إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص609)، و«مناقب الإمام مالك» للزواوي (ص106)، و«مناقب الإمام أبي حنيفة» للمكي (ص67).

([24]) وانظر: «صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ص24 و26 و28 و31)، و«آداب الشافعي» لابن أبي حاتم (ص278 و279)، و«الجرح والتعديل» له (ج1 ص13)، و«مناقب الإمام أبي حنيفة» للكردري (ص57 و162)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص302 و363)، و«إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص609)، و«مناقب الإمام أبي حنيفة» للذهبي (ص20)، و«تذكرة الحفاظ» له (ج1 ص168)، و«أخبار أبي حنيفة» للصيمري (ص10)، و«مناقب الإمام أبي حنيفة» للمكي (ج1 ص79)، و« المدخل إلى علم السنن» للبيهقي (ج1 ص630)، و«مناقب الإمام الشافعي» له (ج1 ص276 و277)، و«عقود الجواهر المنيفة» للزبيدي (ص170)، و«مناقب الأئمة الأربعة» للمقدسي (ص64 و66 و68 و75 و79 و84 و101 و105 و127 و131)، و«منازل الأئمة الأربعة» للسلماسي (ص168 و170 و171 و183 و201 و237)، و«مناقب الإمام مالك» للزواوي (ص103 و106)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص149)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص32)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص63)، و«الاحتجاج بالشافعي» للخطيب (ص8)، و«مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي (ص192).

([25]) ومراده / أن هذا الكتاب وهو كتاب «الأم» للشافعي لابد أن يوجد فيه من الخطأ، فلا تأخذ كل ما فيه بالتقليد، فلابد عليك من النظر فيما وافق الكتاب والسنة والآثار فخذ به فإنه الصواب في الدين.

([26]) أثر صحيح.

     نقله عنه ابن تيمية في «الصارم المسلول» (ج2 ص116 -117)، برواية: أبي طالب.

     وذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في «التوحيد» (ص229).

([27]) أثر صحيح.                                                                         

     أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص260).

     وإسناده صحيح.

     وانظر: «المسائل» لعبد الله بن أحمد (ج3 ص1355)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج19 ص83)، و«الصارم المسلول» له (ج2 ص116 و117).

([28]) ومراده / أن هذا الكتاب وهو كتاب «الأم» للشافعي لابد أن يوجد فيه من الخطأ، فلا تأخذ كل ما فيه بالتقليد، فلابد عليك من النظر فيما وافق الكتاب والسنة والآثار فخذ به فإنه الصواب في الدين.

([29]) قلت: هذا الكلام قاصم لظهر المتعصبين المتعالمة.

([30]) وهذا فيه قمع للمقلدة الذين يدعون أنهم يتبعون منهج الشيخ ابن باز / في الأصول والفروع.

([31]) يعني: لما يذكرون من الأحاديث الضعيفة في كتبهم الفقهية.

([32]) قوله تعالى: ]نرفع درجات من نشاء[ [الأنعام: 83]، ]يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات[ [المجادلة: 11].

([33]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989).

     وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص462)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص170).

([34]) أوصوا اتباعهم.

([35]) يعني: المقلدة المتعصبة.

([36]) وانظر: «إرشاد الفحول» للشوكاني (ص265)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج1 ص7) و(ج3 ص469)، و«التعريفات» للجرجاني (ص64)، و«الرد على من أخلد إلى الأرض» للسيوطي (ص138)، و«الإحكام» للآمدي (ج4 ص221)، و«مذكرة أصول الفقة» للشنقيطي (ص490)، و«روضة الناظرين» لابن قدامة (ص205)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ص408)، و«الانتقاء» لابن عبد البر (ص145)، و«المسائل» لأبي داود (ص113)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص63)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص149).

([37]) زفر بن الهذيل العنبري الفقيه.

([38]) يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي.

([39]) أسد بن عمرو بن عامر أبو المنذر البجلي قاضي واسط.

     انظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج2 ص90)، و«السير» للذهبي (ج8 ص35)، و«تاريخ الإسلام» له (ج4 ص8)، و«الثقات» لابن حبان (ج6 ص339)، و«الجواهر المضية» للقرشي (ج1 ص140).

([40]) انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (ج5 ص396).

([41]) وانظر: «إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص210)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص309)، و«صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ج1 ص24).

([42]) قلت: ولم يصح عن الإمام أبي حنيفة / لفظ: (إذا صح الحديث فهو مذهبي)؛ فقد ذكر في كتب الفقهاء الحنفية بدون إسناد، فهو أثر ضعيف، لعلهم ذكروه بمعنى الآثار التي ذكرناها عن الإمام أبي حنيفة /، أما بهذا اللفظ فلا يوجد.

     وانظر: «إيقاظ الهمم» للفلاني (ص240).

([43]) قلت: ولا يعاب العالم في اجتهاداته العلمية، لأن غاية العالم المجتهد أن يكون الدليل قدوته في الأحكام، فمتى ما ظهر له الدليل وتبين أنه أخطأ في اجتهاده رجع إلى الدليل، وأخذ به، وهذا هو الانصاف.

([44]) قلت: ومراده أن يتثبت في قوله بالدليل قبل أن يأخذ به، هل أصاب الدليل، أم لا، فهو يجتهد في الإفتاء في الأحكام، فممكن يصيب، أو يخطئ على حسب الاجتهاد، فافهم لهذا.

([45]) وقد تحرف عند الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص4403): (محمد بن أبي عمر)؛ إلى: (حماد بن أبي عمر).

([46]) قلت: كان / يفتي بالاجتهادات، فمرة يصيب، ومرة يخطئ.

     وانظر: «مناقب الإمام أبي حنيفة» للذهبي (ص29)؛ باب ذكر من وصفه بالفقه.

     وانظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص148)، و«عقود الجواهر المنيفة» للزبيدي (ص161).

([47]) قلت: فلا يفتي المرء برأيه إلا أن تكون سنة عن رسول الله r.

([48]) وانظر: «تاريخ بغداد» للخطيب (ج13 ص368)، و«الإيصال» لابن حزم (ص490 و491 و494)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج1 ص777)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص62)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص41)، و«عقود الجواهر» للزبيدي (ص156 و157).

([49]) إلا إذا ثبتت صحة الحديث، فيجوز نشره بين الناس.

([50]) يعني: يجتهد في الدين، فمن أتى له بدليل أحسن منه قبل قوله وأخذ به، وترك رأيه من أجل الأخذ بالدليل من الكتاب، أو السنة، لأن هذا الواجب عليه.

([51]) وانظر: «إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» للصنعاني (ص142)، و«القول المفيد» للشوكاني (ص54)، و«إيقاظ الهمم» للفلاني (ص50)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ج2 ص1089)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص24).

([52]) أثر حسن.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989).

     وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص462)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص170).

([53]) أثر صحيح.

       أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

     وإسناده صحيح.

      وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75).

([54]) أثر صحيح.

       أخرجه ابن أبي نصر في «جذوة المقتبس في ذكر تاريخ علماء الأندلس» (ج1 ص140)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

      وإسناده صحيح.

([55]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص408).

       وإسناده صحيح، وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص192).

([56]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

       وإسناده صحيح.

      وذكره ابن الصلاح في «آداب المفتي» (ص125).

([57]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

       وإسناده صحيح.

([58]) انظر: «زجز السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء» للدوسري (ص36)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص188)، و«بيان الدليل» لابن تيمية (ص305)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90)، و(ج5 ص134)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص236 و237)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص883).

([59]) المذهبيون يجادلون في الأصول والفروع، والإمام مالك ينهى عن الجدال في الدين؛ فأين اتباع الأئمة، فسبحان الله العظيم.

([60]) قلت: فنترك حديث النبي ﷺ؛ لهذا المتعصب لمذهبه: ]إن هذا لشيء عجاب [ [ص: 5].

([61]) والجفاء يأتي بمعنى: «الغلظة»، و«الغلو»، و«سوء الخلق»، و«البعد»، و«الإعراض عن الشيء».

       وانظر: «رائد الطلاب» لجبران (ص295).

([62]) حديث صحيح.

        أخرجه أبو داود في «سننه» (148)، والترمذي في «سننه» (140)، وابن ماجه في «سننه» (446)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص124).

       وإسناده صحيح.

([63]) لكن وقع عنده وهم في إسناده؛ حيث ذكره من طريق الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وابن لهيعة، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر ﭬ أن النبي ﷺ قال: (إذا توضأت خلل أصابع رجليك) من قول النبي ﷺ في مسند عقبة بن عامر، والصحيح من مسند المستورد بن شداد ﭬ من فعله ﷺ لا من قوله ﷺ.

([64]) وانظر: «التعليق على مقدمة المجموع» لشيخنا ابن عثيمين (ص370 و371).

([65]) الزنار: ما على وسط المجوسي، والنصراني، وكذلك ما يلبسه الذمي بشده على وسطه.

     انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص330).

([66]) انظر: «الآثار الصحيحة» للداني (ج1 ص25).

([67]) أثر صحيح.

     نقله عنه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص136).

([68]) أثر صحيح.

     نقله عنه الجويني في «نهاية المطلب» (ج4 ص260).

([69]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج1 ص63).

([70]) أي: في الميل.

([71]) انظر: «سلسلة الآثار الصحيحة» للداني (ص127).

([72]) انظر: «المؤمل» لأبي شامة (ص127).

([73]) انظر: «المصدر السابق».

([74]) قال الإمام الخطيب / في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص73): (وإنما قال -يعني: الشافعي- هذا تعظيما للأثر، وحثا على التمسك بالسنة). اهـ

([75]) يعني: ابن القيم.

([76]) العنود: العتو والطغيان، أو الميل والانحراف.

     عاند فلان معاندة، وعنادا: خالف ورد الحق وهو يعرفه.

     انظر: «المعجم الوسيط» (ج2 ص630).

([77]) وانظر: «المدخل إلى علم السنن» للبيهقي (ج2 ص438).

([78]) قلت: ولا يترك لرسول الله ﷺ أي حديث أبدا.

     وانظر: «المدخل إلى علم السنن» للبيهقي (ج1 ص35)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص42).

([79]) أثر صحيح.

     نقله عنه ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص11)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص229)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص28).

([80]) يعني: الإمام الشافعي /.

([81]) أثر صحيح.

     هو في كتاب: «القديم»؛ من رواية: الزعفراني عن الشافعي، كذلك قرأه البيهقي؛ كما في «مناقب الإمام الشافعي» له (ج1 ص485).

     وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص130).

([82]) أثر صحيح.

     هو في كتاب: «القديم»؛ من رواية: الزعفراني عن الشافعي، كذلك قرأه البيهقي؛ كما في «مناقب الإمام الشافعي» له (ج1 ص485).

     وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص130).

([83]) قلت: يقتدي بالنبي ﷺ.

([84]) وأخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475 و476) من طريق أبي عبد الله الحاكم، وأبي سعيد محمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي به.

([85]) أثر صحيح.

     أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475 و476) من طريق أبي عبد الله الحاكم، وأبي سعيد محمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي به.

     وإسناده صحيح.

     وأثر الإمام الشافعي في كتابه: «جماع العلم» (ص9).

     وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص341).

([86]) هذا النص يؤخذ من الإمام الشافعي / من عموم معنى الآثار التي ذكرها في الأخذ بالحديث الصحيح، أما منصوص عنه بهذا اللفظ، فلا يصح عنه بهذا اللفظ، فانتبه.

([87]) «الأم» (ج7 ص198) للشافعي، وأخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472) من طريق الربيع بن سليمان، عن الشافعي به.

     وإسناده صحيح.

([88]) وهذا الذي وقع فيه المقلدون، حيث حملوا بسبب التقليد الأعمى للعلماء الزلات الكثيرة، اللهم سلم سلم.

([89]) وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص360).

([90]) وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469).

([91]) أثر صحيح.

     نقله عنه ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص360)، والدهلوي في «الانصاف» (ص305).

([92]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) بسنده إلى صالح به.

     وإسناده صحيح.

     ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص83).

([93]) أثر صحيح.

     ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص84).

([94]) أثر صحيح.

     ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص84).

([95]) انظر: «مسائل صالح بن أحمد» (ج2 ص165).

([96]) وانظر: «الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص502).

([97]) «رسالة مراتب العلوم» لابن حزم «ضمن رسائل ابن حزم» (ج4 ص86).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan