الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / سراج المتقين في صفة صلاة خاتم المرسلين
سراج المتقين في صفة صلاة خاتم المرسلين
|
||||
سراج المتقين
في
صفة صلاة خاتم المرسلين
تأليف
العلامة المحدث أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
إهداء
إلى أم عبد الرحمن الأثرية، حفظها الله، ورعاها، ونفع بها، وجمعنا بها مع من أنعم الله عليهم في جنات النعيم.
إلى الأثرية شرفها الله: التي بذلت قصارى جهدها لإيجاد جيل مسلم يضع نصب عينيه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r.
إلى الأثرية سلمها الله: التي ما زالت بحمد الله، وفضله قائمة بأمره تعالى تدعو إلى الحق، وتنشر علوم النبوة: علوم الطائفة الناجية المنصورة، وتحافظ عليها، وتدافع عنها، وترد كيد الكائدين، وانتحال المبطلين، وتحريف الجاهلين من علمانيين، وحزبيين، ومن أهل البدع الضالين، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، ولتكون كلمة الذين ابتدعوا السفلى، وكلمة الله هي العليا.
إلى الأثرية رعاها الله: التي حملت راية، ورسالة أهل الأثر بقوة، واعتزاز تدعو إليها، وتضحي من أجلها بكل غال، ورخيص؛ فانتفع بها خلق كثير، ولله الحمد والمنة.
إلى الأثرية: التي جاهدت أهل البدع، وأهل الأهواء بالقرآن والسنة، والأثر.
إلى التي لا تزيدها الشداد، والمحن؛ إلا ثباتا على الحق، وصمودا في وجه الباطل.
إلى أم عبد الرحمن الأثرية: أهدي هذا الكتاب.
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
]حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين[ [البقرة: 238].
وعن مالك بن الحويرث t عن النبي r قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص155)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص461)، والترمذي في «سننه» (ج1 ص399).
المدخل
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
وبه استعين
ذكر الدليل على أن الإسلام سوف يعود في آخر الزمان غريبا بين الناس في البلدان الإسلامية في أحكام أصوله وفروعه، فإذا كان كذلك فلابد أن يعم الجهل في الناس([1])؛ لغربة أحكام الدين عندهم من جميع الوجوه خاصة في المساجد، فيتعبدون الله تعالى بالمخالفات الشرعية، وينكرون الأحكام الشرعية الصحيحة، ولا يعملون بها لغربتها عندهم في بلدانهم إلا القليل منها ولا يكفي ذلك في الإسلام
عن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ غريبا، فطوبى للغرباء). وفي رواية: (إن الدين بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (145)، وابن ماجه في «سننه» (3986)، وابن منده في «الإيمان» (423)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص160 و165)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج11 ص307)، وفي «شرف أصحاب الحديث» (ص23)، وفي «موضح الأوهام» (ج1 ص141 و142)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص156)، وتمام الرازي في «الفوائد» (ج5 ص113)، والدينوري في «المجالسة» (ج3 ص225)، وبحشل في «تاريخ واسط» (ص132)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج5 ص226)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص101)، والآجري في «صفة الغرباء» (4)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص389)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1051)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص212)، وابن راهويه في «المسند» (ج1 ص382)، والخليلي في «الإرشاد» (ج2 ص658)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص469)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص37)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص157)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص52)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص462)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (204)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص237)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص298) من طرق عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا الحديث يبين رجوع الجهل بأحكام الإسلام مرة ثانية، وإن كانوا ينتسبون إليه، فطريقتهم في العبادة غريبة عن الإسلام؛ لفساد طرقهم في العبادات، والدعوات، والمعاملات، والعقائديات، فهم يتعبدون في الإسلام على ما تهوى أنفسهم في المساجد وغيرها.([2])
وبوب الحافظ أبو نعيم / في «المسند المستخرج» (ج1 ص212)؛ باب: الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا.
قال الإمام ابن رجب / في «كشف الكربة» (ص6): (أعمل الشيطان مكائده على المسلمين وألقى بأسهم بينهم، وأفشى بينهم فتنة الشبهات والشهوات، ولم تزل هاتان الفتنتان تتزايدان شيئا فشيئا حتى استحكمت مكيدة الشيطان وأطاعه أكثر الخلق، فمنهم من دخل في طاعته في فتنة الشبهات، ومنهم من دخل في فتنة الشهوات، ومنهم من جمع بينهما). اهـ
قلت: وهذا الحديث يفيد أن قلة من الناس يعرفون أحكام الإسلام، وأكثرهم لا يعرفون أحكامه لجهلهم به، فهم ينتسبونإلى الإسلام لكن لا يعرفون الإسلام الصحيح لإعراضهم عن تعلم العلم الشرعي.
قال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج1 ص299): (فتأملنا هذه الآثار، فوجدنا الإسلام دخل على أشياء ليست من أشكاله، فكان بذلك معها غريبا لا يعرف، كما يقال لمن نزل على قوم لا يعرفونه: إنه غريب بينهم، ثم أخبر رسول الله r أنه يعود كذلك). اهـ
وعن أحمد بن عاصم الأنطاكي / قال: (أضر المعاصي عملك الطاعات بالجهل هو أضر عليك من المعاصي بالجهل).([3])
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص219): (وإنما غربتهم –يعني: أهل السنة- بين الأكثرين، الذين قال الله عز وجل فيهم: ]وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله[ [الأنعام: 116]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص222): (وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة، ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات، ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول r فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم، وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم، والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص223): (فإذا أراد المؤمن ... وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات، وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله r وأصحابه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص224)؛ عن صاحب السنة: (فهو غريب في أمور دنياه وآخرته، لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال). اهـ
قلت: لذلك أكثر هؤلاء يعملون أعمالا يحسبون أنها من الإسلام، وليست هي من الإسلام في شيء([4])، فابتغوا دينا غير الإسلام، فلا تقبل هذه الأعمال([5]) وإن كثرت فيهم لمخالفتها للشريعة المطهرة.
قال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
وقال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19].
وقال تعالى: ]ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه[ [البقرة: 130].
وقال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان: 23].
وعن أحمد بن عاصم الأنطاكي / قال: (أنفع الأعمال ما سلمت من آفاتها وكانت مقبولة منك).([6])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص292): (ولهذا لما بدأ الإسلام غريبا لم يكن غيره من الدين مقبولا). اهـ
قلت: فيقل من يعرف أحكام الإسلام على التفصيل في الأصول والفروع([7])، وهذا هو الإسلام الغريب بين الناس في البلدان الإسلامية([8])، ولهذا قال r: (وسيعود كما بدأ غريبا).
فعن أحمد بن عاصم الأنطاكي /، قال: (إني أدركت من الأزمنة زمانا عاد فيه الإسلام غريبا كما بدأ، وعاد وصف الحق فيه غريبا كما بدأ).([9])
قلت: فهذا وصف أهل زمانه؛ فكيف بما حدث بعده من الضلالات، والمنكرات التي لم تخطر بباله، ولم تدر في خياله!.
قال الإمام ابن رجب / في «كشف الكربة» (ص7): (فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين أو إحداهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كانوا إخوانا متحابين متواصلين، فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق ففتنوا بالدنيا وزهرتها وصارت غاية قصدهم، لها يطلبون، وبها يرضون، ولها يغضبون، ولها يوالون، وعليها يعادون.
وأما فتنة الشبهات، والأهواء المضلة؛ فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعا وكفر بعضهم بعضا، وأصبحوا أعداء وفرقا وأحزابا بعد أن كانوا إخوانا؛ قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «كشف الكربة» (ص14)؛ عن صاحب السنة: (لغربته بين أهل الفساد من أهل الشبهات([10]) والشهوات)([11]). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (واعرف ما قص العلماء عن أصحابه –يعني: أصحاب النبي- وأحوالهم وأعمالهم. لعلك أن تعرف الإسلام والكفر؛ فإن الإسلام اليوم غريب، وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر، وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح).([12]) اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «مصباح الظلام» (ج2 ص355): (وقد عفت آثار العلم، واشتدت غربة الإسلام حتى خاض في هذه المباحث، وتصدى للرد على علماء الأمة من لا يعرف حقيقة الإسلام، ولم يميز بين حق الله، وحق عباده، وأوليائه من الأنام). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ /: (فاجتهد في طلب العلم وتعليمه، والدعوة إلى دين الله وسبيله، فإنك في زمان قبض فيه العلم وفشا الجهل، وبدل الدين، وغيرت السنن، لا سيما أصول الدين، وعمدة أهل الإسلام واليقين).([13]) اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح الكافية الشافية» (ج4 ص238): (الغربة ليست غربة الوطن، ولكنها غربة الدين، وهذه أشد من غربة الوطن، إذ إن غريب الوطن ربما تزول غربته بما يحصل له من الفرح والسرور وتجدد الإخوان والأصحاب، لكن غربة الدين هي البلاء، وهي التي تحتاج إلى صبر). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص306): (من تأمل ما عليه الناس اليوم في كثير من البلدان الإسلامية تبين له ترك التوحيد، وغربة الدين). اهـ
قلت: وغلب الإثم على أكثر النفوس؛ لظهور الجهل، وخفاء العلم، فصار: المعروف منكرا، والمنكر معروفا، وتصير السنة بدعة، والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، اللهم سلم.([14])
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص222)؛ عن ظهور الإسلام أولا: (ثم أخذ –يعني: الإسلام- في الاغتراب والترحل، حتى عاد غريبا كما بدأ، بل الإسلام الحق الذي -كان عليه رسول الله r وأصحابه- هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره، وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة، فالإسلام الحقيقي غريب جدا، وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس). اهـ
قلت: رحم الله الإمام ابن القيم، كيف لو عاش في عصرنا هذا؟!.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج3 ص80): (فكل من أعرض عن الطريقة السلفية الشرعية الإلهية، فإنه لابد أن يضل ويتناقض، ويبقى في الجهل المركب أو البسيط). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (لا ريب أن إظهار الحق ونشره في هذا العصر، ودعوة الناس إليه يعتبر من الأمور الغريبة، وذلك لاستحكام غربة الإسلام، وقلة دعاة الحق، وكثرة دعاة الباطل، وهذا مصداق ما أخبر به نبينا ورسولنا محمد r حيث قال في الحديث الصحيح: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء) ([15])). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج23 ص192): (ولا سيما في هذا العصر، الذي اشتدت فيه غربة الإسلام، وكثر فيه دعاة الباطل، وانتشرت فيه أنواع الإفساد في غالب المعمورة، واختلط الحابل بالنابل، والظالم بالمظلوم، والمفسد بالمصلح، والجاهل بالعالم، فإن هذا العصر شديد الغربة، شديد الاختلاط، شديد البلاء إلا من عصم الله ووفقه). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (فإذا كان الإسلام يعود كما بدأ، فما أجهل من استدل بكثرة الناس([16])).([17]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب). أخرجه البخاري في «صحيحه» (6137)
ذكر الدليل
على وجوب التقيد بما عليه الصحابة السابقون من أحكام الإسلام
في الأصول والفروع؛ لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد،
ولم يبلغ درجة التمكن في العلم الشرعي، فيلزم عليه أن يأخذ بفقه الصحابة y، وإجماعهم، إذا أراد النجاة لنفسه في الدنيا والآخرة
فهذا الضابط([18]) من الأسس الأصولية في قضية الاجتهاد في أحكام الدين في الأصول والفروع، لأنه يلزم المبتدئ، والمقصر في العلم الذي لم يبلغ مرتبة الاجتهاد، ولم يبلغ درجة التمكن في العلم؛ أن يتبع آثار الصحابة الكرام، وينضبط بحكمهم، ومنهجهم، ودعوتهم، وذلك حتى لا ينفرد عنهم بفهم ليس له فيه سلف من الصحابة y في مسألة من المسائل، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المؤمنين!.
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([19])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ باللـه.
قلت: ووجه الاستدلال بها([20])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون
اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([21])
والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([22])
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([23]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([24])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([25])
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[
[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([26])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([27])
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([28])؛ إذ لا يضم المباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([29])
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي: في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المقلد أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من حكم في الأصول، أو الفروع، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([30])، والعياذ باللـه.
قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في أحكام الدين، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في الأحكام وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ
قلت: وتقرير هذا، أن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتباع سبيل المؤمنين واجبا.([31])
فاتباع غير سبيل المؤمنين، وحده حرام، وأنه متوعد عليه؛ بل يعتبر من المشاقة؛ لأن المشاقة معناها: ترك العمل بما جاء به الرسول r، وصحابته الكرام.([32])
فعن المزني، والربيع قالا: (كنا يوما عند الشافعي، إذ جاء شيخ، فقال له: أسأل؟ قال الشافعي: سل. قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله r. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة).([33])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (وإذا ذكروا نزاع المتأخرين لم يكن بمجرد ذلك أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول من تلك الأقوال سائغا لم يخالف إجماعا؛ لأن كثيرا من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام مسبوق بإجماع السلف على خلافه والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص24)؛ عن تفضيل السلف على الخلف: (ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا، وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله؛ كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة؛ فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير، وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (فتارة يحكون الإجماع ولا يعلمون إلا قولهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (يحكون إجماعا ونزاعا ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك ألبتة؛ بل قد يكون قول السلف خارجا عن أقوالهم). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح السنة» (ص351): (فموقف المسلم من صحابة رسول الله r احترامهم، والترضي عنهم، والاقتداء بهم، واتباعهم، والدفاع عن أعراضهم، هذا هو موقف المسلم من صحابة رسول الله r). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص421): (فالله الله في نفسك، وعليك بالأثر، وأصحاب الأثر، والتقليد([34])؛ فإن الدين إنما هو بالتقليد؛ يعني: للنبي r، وأصحابه رضوان الله عليهم، ومن قبلنا لم يدعونا في لبس، فقلدهم واسترح، ولا تجاوز الأثر، وأهل الأثر!). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص57)؛ عن إجماع الصحابة الكرام: (فهو إنما يدل على أن إجماعهم حجة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص560): (وأما تخصيص اتباعهم –يعني: الصحابة- بأصول الدين دون فروعه فلا يصح؛ لأن الاتباع عام). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص474): (وتقليدهم –يعني: الصحابة - اتباع لهم، ففاعله ممن y). اهـ
وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف؛ فهو إجماع، وحجة على من بعدهم). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل وبالله التوفيق). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص273): (من ثبت على قول رسول الله r وأمره، وأمر أصحابه، ولم يتخط أحدا منهم، ولم يجاوز أمرهم، ووسعه ما وسعهم، ولم يرغب عن طريقتهم ومذهبهم، وعلم أنهم كانوا على الإسلام الصحيح، والإيمان الصحيح، فقلدهم دينه واستراح، وعلم أن الدين إنما هو بالتقليد([35])، والتقليد لأصحاب محمد r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص26): (والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص227): (ومعلوم أن السابقين الأولين أعظم اهتداء واتباعا للآثار النبوية فهم أعظم إيمانا وتقوى وأما آخر الأولياء: فلا يحصل له مثل ما حصل لهم). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص83): (الأساس الذي تبنى عليه الجماعة، هم: أصحاب محمد r، وهم أهل السنة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ
|
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص301): (والجماعة: ما اجتمع عليه أصحاب رسول الله r). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح السنة» (ص301): (وأول الجماعة، ومقدم الجماعة: صحابة رسول الله r، الذين هم أفضل القرون، ما اجتمع عليه صحابة رسول الله r فهو الجماعة، ومن بعدهم من كان على الحق فهو الجماعة، فالذي على الحق يسمى جماعة، ولو كان واحدا، ولو كان الناس كلهم على خلافه، إذا ليس المراد بالجماعة الكثرة، بل المراد بالجماعة من كانوا على الحق، ولو كانوا طائفة يسيرة). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص435): (واعلم أن الدين إنما هو التقليد([36])، والتقليد لأصحاب محمد r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص66): (والمقصود: أن كثيرا من المتأخرين لم يصيروا يعتمدون في دينهم لا على القرآن ولا على الإيمان الذي جاء به الرسول r بخلاف السلف؛ فلهذا كان السلف أكمل علما وإيمانا، وخطؤهم أخف، وصوابهم أكثر). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص67): (فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعا لما جاء به الرسول r، ولا يتقدم بين يديه؛ بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله، وعمله تبعا لأمره فهكذا كان الصحابة y ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول r وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستدل فهذا أصل أهل السنة، وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول r؛ بل على ما رأوه أو ذاقوه ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرفوها تأويلا؛ فهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص156): (قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وما جاء عن الصحابة y والتابعين، وأئمة المسلمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مختصر الفتاوى المصرية» (ص556): (فمن ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة، ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (وأما المتأخرون الذين لم يتحروا متابعتهم، وسلوك سبيلهم، ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم، بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم، ويعملون به لا يعرفون طريق الصحابة والتابعين في ذلك من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف.
فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عما يظنونه من الإجماع، وهم لا يعرفون في ذلك أقوال السلف ألبتة، أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص25): (وهم –يعني: المتأخرين- إذا ذكروا إجماع المسلمين لم يكن لهم علم بهذا الإجماع؛ فإنه لو أمكن العلم بإجماع المسلمين لم يكن هؤلاء من أهل العلم به؛ لعدم علمهم بأقوال السلف؛ فكيف إذا كان المسلمون يتعذر القطع بإجماعهم في مسائل النزاع بخلاف السلف فإنه يمكن العلم بإجماعهم كثيرا). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص257): (أتدري -أيها المتعالم- من السلف؟!؛ السلف هم الرسول r، والخلفاء الراشدون، والصحابة y، والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى والحق، فكيف تكون طريقة الخلف أهدى منهم!). اهـ ]إن هذا لشيء يراد[ [ص: 6].
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص288): (الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي r وأصحابه y وسلف الأمة
وأئمتها). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص288): (مخالفة النبي r، وأصحابه y، وسلف الأمة؛ لا شك أنه هو الباطل والضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
قلت: فمصادر المعرفة في أحكام الدين في الأصول والفروع موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول؛ فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص134): (والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادا لا اعتمادا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص130): (جماع الفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، وطريق السعادة والنجاة، وطريق الشقاوة والهلاك: أن يجعل ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه وبه يحصل الفرقان والهدى والعلم والإيمان، فيصدق بأنه حق وصدق وما سواه من كلام سائر الناس يعرض عليه، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل وإن لم يعلم هل وافقه أو خالفه لكون ذلك الكلام مجملا لا يعرف مراد صاحبه أو قد عرف مراده ولكن لم يعرف هل جاء الرسول r بتصديقه أو تكذيبه، فإنه يمسك فلا يتكلم إلا بعلم، والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234): (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي r لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186): (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236): (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([37]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل؛ بمعنى: صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r؛ التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص113): (وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله تعالى بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم، والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع، الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك). اهـ
قال الإمام ابن القيم /: (انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول.
فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول، والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين مع التابعين؛ هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث؛ كما يعلمون عدالة الصحابة y، وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم r ... فإن الذين نقلوا هذا هم: الذين نقلوا أحاديث الصفات).([38]) اهـ
قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في الأصول والفروع بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.
قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الأصول والفروع بالقبول؛ مع الإيمان بمعانيها، وعدم تكلف السؤال عن تأويلها، وهذا هو الواجب في هذا الباب؛ أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([39])
قلت: وعليه يكون العلماء الراسخون في العلم يعلمون التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس وهذا لا ريب فيه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (فإذا تنازع المسلمون في مسألة؛ وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص204): (معارضة أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها، هو من فعل المكذبين للرسل، بل هو جماع كل كفر). اهـ
قلت: ومن الخطأ أن يلجأ إلى العقل والرأي مع وجود النقل، إلا إذا كان الخصم كافرا لا يؤمن بالنقل، وإذا كان العقل هو مناط التكليف والفهم والاستنباط فذلك لا يعني تقديمه على النقل.([40])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص170): (إن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته، وأن خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلا صحيحا، وإذا لم يكن دليلا صحيحا لم يجز أن يتبع بحال، فضلا عن أن يقدم، فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه، والقدح فيه يمنع دلالته، والقدح في دلالته يقدح في معارضته، كان تقديمه عند المعارضة مبطلا للمعارضة، فامتنع تقديمه على النقل، وهو المطلوب). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص82): (وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه؛ لسان النبي r). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص87): (فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها([41])، على ما تعرف من معانيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ
قلت: وبيان السنة والأثر للقرآن حجة على أقوال العلماء، والمذاهب، والآراء، فلا يحل تقديم تفسير عالم، أو إمام، أو مذهب، أو تقرير عقل على تفسير السنة والأثر وعلى بيانهما، ولا يحل نصب الخلاف بين السنة والأثر، وبين قول مذهب، أو محاولة توفيق في شيء من ذلك، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن القيم /: (وهكذا تجد كل مجادل في نصوص الوحي بالباطل، إنما يحمله على ذلك؛ كبر في صدره ماهو ببالغه).([42]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص281): (ليس لأحد أن يدفع المعلوم من سنة رسول الله r بقول أحد من الخلق). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج1 ص290): (العلماء ورثة الأنبياء» والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا r سنته، فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
قلت: وقد توعد رب العزة الذين يتبعون غير سبيلهم بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]؛ ولا ريب أن سبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.
فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان؛ وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح.
فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين هم: ورثة الأنبياء والمرسلين؛ فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية؛ فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان y ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ
قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في أحكام الدين بدون دليل.
قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ
وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ
قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج6 ص21): (المدارك التي شاركناهم -يعني: الصحابة- فيها من دلالات الألفاظ، والأقيسة؛ فلا ريب أنهم كانوا أبر قلوبا، وأعمق علما، وأقل تكلفا، وأقرب إلى أن يوفقوا فيها لما لم نوفق له نحن؛ لما خصهم الله تعالى به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك وسرعته، وقلة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الرب تعالى؛ فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم ... فليس في حقهم؛ إلا أمران:
أحدهما: قال الله تعالى كذا، وقال رسوله كذا.
والثاني: معناه كذا وكذا، وهم أسعد الناس بهاتين المقدمتين، وأحظى الأمة بهما، فقواهم متوفرة مجتمعة عليهما). اهـ
وقال الإمام الخطابي / في «غريب الحديث» (ج2 ص304): (ولا أعلم خلافا في أن الوتر ليس بفرض؛ إلا أن بعض الفقهاء([43]) قد علق فيه القول، وقد سبقه الإجماع بخلافه!). اهـ
قلت: لم ير الإمام الخطابي / خلاف الحنفية في وجوبهم صلاة الوتر، ولم يلتفت إلى خلافهم، وأثبت أن إجماع السلف خلاف ذلك؛ فأثبت إجماع الذين من قبلهم، وترك خلافهم.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى:]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]
ذكر الدليل على تمسك الإمام أبي حنيفة /
بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،
ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين
وحاشاه أن يفعل ذلك
(1) عن عصام بن يوسف قال: شهدت مسجدا فيه من أصحاب أبي حنيفة: زفر([44])، ويعقوب([45])، وأسد([46])؛ سمعتهم يقولون: سمعنا أبا حنيفة يقول: (لا يحل لأحد أن يفتي بشيء من كلامنا حتى يعقله من حيث قلنا).
أثر صحيح
أخرجه أبو موسى المديني في «الأمالي» (ص49)، وابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص144) من طريق أحمد بن سهل، سمعت الفضل بن سالم، سمعت حمدان بن سهل، سمعت عصام بن يوسف به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا الإسناد توبع بالذي بعده أيضا.
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص209)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص24).
(2) وعن عصام بن يوسف([47]) قال: سمعت أربعة من أصحاب أبي حنيفة؛ منهم: محمد بن الحسن، وأسد بن عمرو، يقولون: سمعنا أبا حنيفة يقول: (حرام على الرجل أن يأخذ بقولنا حيث يتبين الذي قلنا من أين قلنا، فإنا إنما قلنا من كتاب، وسنة). وفي رواية: (لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه).
أثر صحيح
أخرجه أبو موسى المديني في «الأمالي» (ص49) من طريق الصلت بن عبدالقوي بن عبدالجبار بن حمزة الترمذي سمعت حمدان بن سهل سمعت عصام بن يوسف به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا الإسناد توبع بالذي قبله.
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص209)، والقرشي في «الجواهر المضية» (ج1 ص347)، وابن عابدين في «الحاشية» (ج6 ص293)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص309).
قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ الهمم» (ص210): (ومعنى: قوله؛ (من أين قلناه)؛ أي: ما لم يعلم دليل قولنا وحجته). اهـ
قلت: وفي كلام الأئمة إشارة إلى أنهم لا يبيحون لغيرهم أن يقلدوهم فيما يقولون بغير أن يعلموا دليل قولهم. ([48])
ويعني: قول الإمام أبي حنيفة / إذا قلت قولا من اجتهادي، وهو يخالف كتاب الله تعالى؛ فاتركوا قولي لكتاب الله تعالى.
إذا قلت قولا من اجتهادي، وهو يخالف خبر الرسول r، فاتركوا قولي لخبر رسول الله r.
قلت: إذا إذا صح الحديث([49]) فهو مذهب الإمام أبي حنيفة /.
(3) وعن زفر بن الهذيل قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص267) من طريق أبي نصر محمد بن حاتم المازني الحافظ قال: أخبرنا عبد الصمد بن الفضل البلخي قال: سمعت عصام بن يوسف قال: سمعت زفر بن الهذيل به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص24).
(4) وعن عبد الله ابن المبارك قال: سمعت أبا حنيفة، يقول: (إذا جاء عن النبي فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن أصحاب النبي r نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1146)، وابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص162) من طريق محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: سمعت أبا بكر الطبري يقول: سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت ابن المبارك به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه إبراهيم بن هانئ النيسابوري عن نعيم بن حماد به.
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء» (ص144) وإسناده حسن.
وقال السمعاني في «قواطع الأدلة» (ج1 ص371): وهذا قول ثابت عن أبي حنيفة.
وذكره ابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص71)؛ من رواية: أبي حمزة عن أبي حنيفة / به.
وبرواية: أبي يوسف القاضي قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاء الحديث عن النبي r من الثقات أخذنا به، فإذا جاء عن أصحابه لم نخرج عن أقاويلهم، فإذا جاء عن التابعين زاحمناهم).
أخرجها أبو زكريا السلماسي في «منازل الأئمة الأربعة» (ص170).
وأورده الذهبي في «السير» (ج6 ص401)؛ من رواية: نوح الجامع عن أبي حنيفة به.
وذكر ابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص71)؛ برواية الحسن بن عبد الكريم بن هلال عن أبيه عن أبي حنيفة / به.
وذكره الفلاني في «إيقاظ الهمم» (ص258)، والسيوطي في«تبييض الصحيفة في مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص29)، وفي «مفتاح الجنة» له (ص31)، والزبيدي في «عقود الجواهر» (ص157)، والشيخ عبد الرحمن بن الحسن في «فتح المجيد» (ج2 ص651).
(5) وعن أبي حمزة السكري قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاء الحديث الصحيح الإسناد عن النبي r أخذنا به ولم نعده، وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا، وإن جاء عن التابعين زاحمناهم، ولم نخرج عن أقوالهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266 و267)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص171)، وابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص158) من طريق عبد الله بن علي الكرماني ، والفضل بن عبد الجبار ، ومحمود بن خداش؛ كلهم قالوا: أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبا حمزة السكري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ورواه الفضل بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال: أخبرنا أبو حمزة السكري قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (إذا جاءنا الحديث عن رسول الله r أخذنا به، وإذا جاءنا عن الصحابة تخيرنا، وإذا جاءنا عن التابعين زاحمناهم).
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266) من طريق عمرو بن علي الجوهري، وأبي عبد الله محمد بن حزام الفقيه قالا: أخبرنا الفضل بن عبد الجبار به.
وإسناده صحيح.
(6) وعن أبي عصمة نوح الجامع قال: سمعت أبا حنيفة يقول: (وما جاءنا عن رسول الله r قبلناه على الرأس والعينين، وما جاءنا عن أصحابه رحمهم الله اخترنا منه، ولم نخرج عن قولهم، وما جاءنا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال).
أثر لا باس به
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص266 و267)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص68)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص133)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص33) من طريق إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال: قيل لنعيم بن حماد عن أبي عصمة به.
قلت: وهذا سنده لا باس به في المتابعات.
وذكره الذهبي في «السير» (ج6 ص401)، والزبيدي في «عقود الجواهر» (ص157)، والشيخ سليمان بن عبد الله في «تيسير العزيز الحميد» (ج2 ص1089).
(7) وعن يحيى بن ضريس قال: (شهدت سفيان الثوري، وأتاه رجل له مقدار في العلم والعبادة، فقال له: يا أبا عبد الله، ما تنقم على أبي حنيفة؟، قال: وما له؛ سمعته يقول قولا فيه إنصاف وحجة: (إني آخذ بكتاب الله إذا وجدته، فما لم أجده فيه أخذت بسنة رسول الله r، والآثار الصحاح عنه r التي فشت في أيدي الثقات عن الثقات، فإذا لم أجد في كتاب الله، ولا سنة رسول الله r، أخذت بقول أصحابه y من شئت، وأدع قول من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم). وفي رواية: (إذا لم يكن في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله r، نظرت في أقاويل أصحابه، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم النخعي والشعبي، وابن سيرين، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وعدد رجالا فقوم اجتهدوا، وأجتهد كما اجتهدوا).
أثر حسن
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص261 و264 و265)، والصيمري في «أخبار الإمام أبي حنيفة وأصحابه» (ص10)، وابن أحمد المكي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1378)، والدوري في «التاريخ» (ج4 ص63)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص368)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص34)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج29 ص443)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص134)، من طرق عن يحيى بن معين قال: أخبرنا عبيد بن أبي قرة عن يحيى بن ضريس قال فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره الصالحي في «عقود الجمان في مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص172)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص122).
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص134): (وليس يعني $ اختيار شهوة، بل اختيار نظر، واستدلال، وقياس، واعتبار على ما دل عليه الكتاب والسنة). اهـ
(8) وعن زفر بن الهذيل قال: كنا نختلف إلى أبي حنيفة، ومعنا أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، فكنا نكتب عنه، قال زفر: فقال يوما أبو حنيفة؛ لأبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمعه مني، فإني قد أرى الرأي اليوم، فأتركه غدا، وأرى الرأي غدا، وأتركه بعد غد([50])).
أثر حسن
أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص424) من طريق علي بن إسحاق المادراني قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت زفر بن الهذيل به.
قلت: وهذا سنده حسن.
(9) وعن أبي نعيم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لأبي يوسف: (لا تروي عني شيئا، فإني والله ما أدري أمخطئ أنا، أم مصيب([51])). وفي رواية: (يقول لأبي يوسف: يا يعقوب لا ترو عني شيئا، فوالله ما أدري أمخطئ أم مصيب).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص424)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (426) من طريق محمد بن أبي عمر الدوري المقرئ([52]) حدثنا أبو نعيم به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(10) وعن الإمام أبي حنيفة / قال: (عجبا للناس يقولون: إني أفتي بالرأي([53])، ما أفتي إلا بالأثر).
أثر حسن
أخرجه ابن خسرو في «مسند الإمام أبي حنيفة» (ج1 ص165) من طريق عبدالعزيز بن أبي زرمه يقول: سمعت نعيم بن عمرو يقول: سمعت أبا حنيفة / به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فيتعين عليك أن لا تفهم من أقوال العلماء عن الإمام أبي حنيفة / أنه صاحب رأي محض، بل مرادهم أنه صاحب اجتهاد في الدين؛ أي ما نسب إليه من الرأي فهو من قسم المحمود الذي يراد به الاجتهاد.
قال الزبيدي الفقيه / في «عقود الجواهر» (ص161): (وقد برأ الله تعالى الأئمة المجتهدين من ارتكاب ذلك – يعني: الرأي المذموم – وما نسب إليهم من الرأي فهو من قسم المحمود). اهـ
وقال الزبيدي الفقيه / في «عقود الجواهر» (ص160): (وأما الرأي: فهو على قسمين؛ محمود ومذموم). اهـ
قلت: فلا ينسب إليه أنه يقدم رأيه على سنة رسول الله r ([54])، ولا على قول الصحابة y، لأنه بريء من ذلك، فقد جاء عن الإمام أبي حنيفة / من طرق كثيرة ؛ لأنه؛ أولا: يأخذ بما جاء في القرآن، فإن لم يجد فبالسنة، فإن لم يجد فبقول الصحابة، فإن اختلفوا أخذ بما كان أقرب إلى القرآن، أو السنة من أقوالهم، ولم يخرج عنهم، فإن لم يجد لأحد منهم قولا لم يأخذ بقول أحد من التابعين، بل يجتهد كما اجتهدوا. ([55])
(11) وعن الإمام أبي حنيفة / قال: (لا يحل للرجل أن يروي الحديث ([56])؛ إلا إذا سمعه من فم المحدث فيحفظه ثم يحدث به).
أثر حسن
أخرجه الحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» (ص118)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص282) من طريق محمد بن سلمة، عن بشر بن الوليد، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة به.
قلت: وهذا سنده حسن.
(12) وعن الحسن بن زياد عن أبي يوسف القاضي، ثم اتفق أبو يوسف، والحسن بن زياد قالا جميعا قال أبو حنيفة: (علمنا هذا رأي([57]) وهو أحسن ما قدرنا عليه، ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه).
أثر لا بأس به.
أخرجه ابن حزم في «الإيصال» (ج1 ص494)، والذهبي في «مناقب الإمام أبي حنيفة» (ص34) من طريق ابن أبي عمران ثنا محمد بن شجاع البلخي ثنا الحسن بن زياد به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في المتابعات.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص143).
وتابعه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان قال: قال أبو حنيفة: (هذا الذي نحن فيه رأي، لا نجبر أحدا عليه، ولا نقول: يجب على أحد قبوله بكراهة، فمن كان عنده شيء أحسن منه، فليأت به).
أخرجه ابن عبد البر في «الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء» (ص301) من طريق محمد بن شجاع قال: سمعت إسماعيل بن حماد به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
قلت: ومراده / من ذكره لهذه الآثار أنه إذا قال: قولا وكتاب الله تعالى يخالفه، قال: اتركوا قولي لكتاب الله تعالى، وإذا كان قول الرسول r يخالفه، قال: اتركوا قولي لخبر الرسول r، وإذا كان قول الصحابة y يخالفه، قال: اتركوا قولي لقول الصحابة y.([58])
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ج2 ص1090): (فلم يقل هذا الإمام – يعني: أبا حنيفة- ما يدعيه جفاة المقلدين له: أنه لا يقول قولا يخالف كتاب الله، حتى أنزلوه بمنزلة المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإيصال» (ص494): (فواجب على أصحابه – يعني: الحنفية – أن يقبلوه كما أخبر بعلمه عن نفسه). اهـ
وعن عبد الله بن المعتز $ قال: (لا فرق بين بهيمة تنقاد، وإنسان يقلد).([59])
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989): (وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج20 ص332): (و«أبو يوسف»، و«محمد»، هما صاحبا أبي حنيفة، وهما مختصان به؛ كاختصاص: «الشافعي» بــ«مالك»، ولعل خلافهما له يقارب: خلاف «الشافعي» «لمالك»، وكل ذلك اتباعا للدليل وقياما بالواجب). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى:]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]
ذكر الدليل على تمسك الإمام مالك بن أنس /
بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،
ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين
وحاشاه أن يفعل ذلك
(1) عن عثمان بن عمر قال: (جاء رجل إلى مالك؛ فسأله عن مسألة فقال له: قال رسول الله r كذا، وكذا، فقال الرجل: أرأيت؟، فقال مالك: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص326)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص628) من طريق عثمان بن صالح، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأبي قلابة عن عثمان بن عمر به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه إسحاق بن الطباع قال: (جاء رجل إلى مالك؛ فسأله عن مسألة، فقال: قال رسول الله r كذا، قال: أرأيت إن كان كذا؟ قال مالك: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص146)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص144) من طريق أحمد بن سعيد الجمال قال: سمعت محمد بن حاتم بن بزيع يقول: سمعت إسحاق بن الطباع به.
وإسناده صحيح.
(2) وعن عبد الله بن وهب قال: قال مالك: (لم يكن من فتيا الناس أن يقال: لم قلت هذا؟ كانوا يكتفون بالرواية، ويرضون بها).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص628) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن أبي زيد في «الجامع» (ص148).
(3) وقال أشهب، سمعت مالكا / يقول: (ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.
قال أشهب: وبه يقول الليث بن سعد).([60])
(4) وقال أشهب /: سئل مالك بن أنس / عن اختلاف أصحاب رسول الله r فقال: (خطأ وصواب فانظر في ذلك).([61]) يعني: في الدليل.
(5) وقال ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين حدث بهما ثقة عن أصحاب رسول الله r أتراه من ذلك في سعة؟ فقال: (لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا، وما الحق والصواب إلا في واحد).([62])
(6) وقال ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: في اختلاف أصحاب رسول الله r: (مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد).([63]) يعني: في تتبع الدليل، ومعرفته والأخذ به.
(7) وقال ابن القاسم، سمعت مالكا، والليث، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله r ليس كما قال ناس: (فيه توسعة ليس كذلك، إنما هو خطأ وصواب).([64])
قلت: هذه عبارة علمية صدرت من إمام أهل السنة في زمانه ممن تلقى العلم من التابعين الذين أخذوه عن الصحابة الكرام عن الرسول r، وهو إمام عالم بالأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ
قلت: فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.([65])
والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة وذلك لا يعدم.
قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
(8) وعن إسحاق بن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس: يعيب الجدال([66]) في الدين، ويقول: (كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أردنا أن نرد ما جاء به جبريل عليه السلام إلى النبي r). وفي رواية: (كلما جاءنا رجل أجدل من رجل، تركنا ما نزل به جبريل ڠ على محمد r لجدله).([67])
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص324)، وأحمد في «العلل» (1585)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص33)، وفي «الفقيه والمتفقه» (602)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص236)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج2 ص454)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 670)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص144)، والذهبي في «السير» (ج8 ص88)، وفي «العلو» (ص103)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (582)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص68)، والسجزي في «الرسالة» (ص236)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص128)، وفي «شعب الإيمان» (8131) من طريق الحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن حاتم بن بزيع، وأبي بكر الأعين، وأحمد بن حنبل كلهم عن إسحاق بن عيسى به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص95)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى» (ص81)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص208).
(9) وعن معن بن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة، فاتركوه).
أثر حسن
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص775)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص149)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص264)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص133) من طريق موسى بن إسحاق نا إبراهيم بن المنذر نا معن بن عيسى به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره الشيخ الألباني في«صفة الصلاة» (ج1 ص26)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص146)، والشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص331).
قال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي / في «المؤمل» (ص133): (فهذا الإمام مالك بن أنس / قد سبق إمامنا الشافعي؛ بهذا الكلام وهو الحق، وذلك الظن بجميع الأئمة، وإن لم ينقل عنهم). اهـ
(10) وعن عبد الله بن وهب قال: سمعت مالكا يقول: (حق على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة، ويكون متبعا لآثار من مضى).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص324)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص324)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص320)، والدوري في «ما رواه الأكابر عن مالك بن أنس» (ص63)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص90) من طرق عن ابن وهب به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(11) وعن أبي مصعب فقيه أهل المدينة قال: (رأيت مالك بن أنس يرفع يديه في الصلاة عند الركوع وبعد الركوع).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج9 ص223)، وابن نصر في «جذوة المقتبس» (ص278) من طرق عن يحيى بن عمر به.
وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج2 ص124).
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج9 ص222) من طريق عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أبو عبيدة بن أحمد حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز قال: (صحبت مالك بن أنس قبل موته بسنة فما مات إلا وهو يرفع يديه)، فقيل ليونس: وصف أشهب رفع اليدين عن مالك قال: (سئل أشهب عنه غير مرة، فكان يقول: يرفع يديه إذا أحرم، وإذا أراد أن يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده).
قال يونس: وحدثني ابن وهب قال: (صحبت مالكا في طريق الحج، فلما كان بموضع ذكره يونس دنت ناقتي من ناقته، فقلت: يا أبا عبد الله! كيف يرفع المصلي يديه في الصلاة؟ فقال: وعن هذا تسألني، ما أحب أن أسمعه منك، ثم قال: (إذا أحرم، وإذا أراد أن يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده).
قال أبو عبيدة: سمعت هذا من يونس غير مرة.
وذكره وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج2 ص124).
وفي هذه الآثار عن الإمام مالك بن أنس / أن رفع اليدين في الصلاة عند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول من السنة، وهذا بخلاف ما عليه المتعصبة من عدم القول بهذه السنة، ومخالفتهم لها تعصبا لمذهبهم، ومخالفة لسنة النبي r، وقد ثبت؛ الرفع عن النبي r في أحاديث كثيرة، والله المستعان.
12) وعن ابن أبي أويس قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (ما قلت الآثار في قوم إلا كثرت فيهم الأهواء، وإذا قلت العلماء ظهر في الناس الجفاء).([68])
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج ص383) من طريق علي بن يعقوب أبي القاسم نا أبو زرعة الدمشقي نا ابن أبي أويس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
13) وعن أبي سلمة الخزاعي قال: (كان مالك بن أنس إذا أراد أن يخرج ليحدث، توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ولبس قلنسوة، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك؟، فقال: أوقر به حديث رسول الله ﷺ). وفي رواية: (كان مالك بن أنس لا يحدث بحديث رسول الله ﷺ إلا وهو على وضوء، إجلالا لحديث رسول الله ﷺ). وفي رواية: (أحب أن أعظم حديث رسول الله ﷺ ولا أحدث إلا على طهارة).
أثر صحيح
أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (731)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (585)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص318)، والخطيب في «الجامع» (ج1 ص410)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص242)، والذهبي في «السير» (ج8 ص85 و86) من طريق أبي سلمة الخزاعي، وابن أبي أويس، وأبي مصعب به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
14) وعن ابن وهب قال: (سمعت مالكا يسئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: يا أبا عبد الله، سمعتك تفتي في مسألة تخليل أصابع الرجلين زعمت أن ليس ذلك على الناس، وعندنا في ذلك سنة؛ فقال: وما هي، فقلت: ثنا الليث بن سعد، وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي ﭬ قال: (رأيت رسول الله ﷺ يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه)، فقال: إن هذا حديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة، ثم سمعته يسئل بعد ذلك فأمر بتخليل الأصابع)([69]). وفي رواية: (وقال لي: ما سمعت بهذا الحديث قط إلا الآن).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص31 و32)، البيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص124)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج1 ص613)، والخليلي([70]) في «الإرشاد» (ج1 ص399 و400) من طريق أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال: سمعت عمي – ابن وهب – يقول فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص27 و28).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج20 ص328): (ثم من تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة وجد أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول والقواعد، وقد ذكر ذلك الشافعي وأحمد وغيرهما). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]
ذكر الدليل على تمسك الإمام الشافعي /
بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،
ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين
وحاشاه أن يفعل ذلك
1) قال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ﷺ فقولوا بسنة رسول الله ﷺ ودعوا ما قلت).
وفي رواية: (فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص389)، وفي «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص41)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص332)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (249)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص217)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص472)، وفي «الاعتقاد» (ص30)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص109)، والهروي في «ذم الكلام» (ج3 ص47)، وابن الصلاح في «أدب المفتي» (ص117)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص497)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص82)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج1 ص103)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص63)، والنووي في «المجموع» (ج1 ص63)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45)، والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (ج2 ص161).
يعني: أنه إذا قال الإمام الشافعي / قولا وأثبته، ونقله أصحابه عنه، ثم صح الحديث بخلافه، فإنا نقول: مذهب الإمام الشافعي / هو ما دل عليه هذا الحديث، دون ما نقل عنه.([71])
وهذا ظاهر كلامه /.
وقال شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على مقدمة المجموع» (ص370): (قول الشافعي /: هو كقول غيره من الأئمة، وإنه إذا صح الحديث عن النبي r وجب أن يطرح قول من خالفه، ويؤخذ بقول الرسول r، وهذا متفق عليه بين المسلمين). اهـ
قلت: فهذا مذهب الإمام الشافعي في اتباع سنة النبي ﷺ: ]فهل من مدكر [ [القمر: 15].
قلت: وهذا لسان حال كل إمام من أئمة المسلمين، من سابق، ولأحق.
قال الحافظ الخطيب $ في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص41): (وإنما قال هذا تعظيما للأثر، وحثا على التمسك بالسنن). اهـ
2) وعن الحميدي قال: ذكر الشافعي يوما حديثا؛ فقال له رجل: أتقول به يا أبا عبدالله؟، فاضطرب، وقال: (يا هذا أرأيتني نصرانيا، أرأيتني خارجا من الكنيسة، أرأيت في وسطي زنارا([72])؛ أروي حديثا عن رسول الله ﷺ ولا أقول به!).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص174)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص173)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص885)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص114)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص341) من طرق عن الحميدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في «مفتاح الجنة» (ص16)، والذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص46).
في هذا الأثر الجميل رد واضح على المقلدة الذين يقلدون إماما معينا، أو مذهبا معينا، وإذا أتاهم الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أعرضوا عنه، وقالوا: نحن على مذهب الشافعي!، أو على مذهب أبي حنيفة!، وهكذا.
فها هو الإمام الشافعي يضطرب ويستغرب ويستنكر من الرجل الذي سأله: هل تأخذ بالحديث الذي ترويه؟.
وأنظر يا أخا الإسلام كيف كان رد الإمام الشافعي؛ فقد شبه الذي يدع حديث النبي ﷺ ولا يأخذ به بالنصراني، والذمي الكافر، والعياذ بالله تعالى.
وهذا مصداق؛ قوله تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ [النور: 62]. ([73])
قال أبو القاسم البغدادي $: (وأصل الشافعي $ أن الخبر إذا صح عن رسول الله ﷺ، فهو قوله ومذهبه، ولا أعلم أحدا من أصحاب الشافعي يختلف في ذلك). ([74])
3) وقال الإمام الشافعي $: (إذا صح خبر يخالف مذهبي، فاتبعوه، واعلموا أنه مذهبي).([75])
قلت: مذهب الإمام الشافعي ما وافق الحديث الصحيح.([76])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج20 ص330): (ومناقب الشافعي، واجتهاده في اتباع الكتاب والسنة؛ واجتهاده في الرد على من يخالف ذلك كثير جدا، وهو كان على مذهب أهل الحجاز). اهـ
وقال الإمام ابن حزم $ في «الإحكام» (ج6 ص118): (أن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد، وأنهم قد نهوا أصحابهم عن تقليدهم، وكان أشدهم في ذلك الشافعي؛ فإنه $ بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار، والأخذ بما أوجبته الحجة، حيث لم يبلغ غيره، وتبرأ من أن يقلد جملة وأعلن بذلك، نفع الله به وأعظم أجره، فلقد كان سببا إلى خير كثير). اهـ
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة [[آل عمران: 164].
4) وعن الإمام الشافعي $ قال: (فذكر الله الكتاب، وهو: «القرآن» وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن؛ يقول: الحكمة: «سنة» رسول الله ﷺ).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص63) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وكلام الإمام الشافعي هذا في كتابه: «الرسالة» (ص252).
5) وقال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم سنة من رسول الله ﷺ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي فإني أقول بها).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (321)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والذهبي في «السير» (ج10 ص77) من طريقين عن الربيع بن سليمان عن الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (ص218)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45).
6) وقال الإمام الشافعي $ في «الرسالة» (ص39): (ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حلال، ولا حرام إلا من جهة العلم، وجهة العلم الخبر في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس).
7) وقال الإمام الشافعي $: (إذا جاء عن أصحاب النبي ﷺ أقاويل مختلفة، ينظر إلى ما هو أشبه بالكتاب والسنة فيؤخذ به).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440) من طريق يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وإنما كان الأمر كذلك؛ لأن أقاويلهم المختلفة بمثابة الأدلة المتعارضة فيرجح أحدهما بمرجح.
8) وقال الإمام الشافعي $: (ومن عرف الحديث قويت حجته). وفي رواية: (ومن كتب الحديث قويت حجته).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص511)، وفي «التمهيد» تعليقا (ج23 ص151)، ودانيال في «مشيخته» (ق/89/ط)، وابن حمكان في «الفوائد» (ص141)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص409)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص282)، و«المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص73)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص532)، والخلعي في «الخلعيات» (ص142)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص151)، وفي «تاريخ بغداد» (ج7 ص276)، و(ج11 ص9)، وأبو عبدالله ابن عبدالهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص111)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والقاضي عياض في «الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع» (ص221)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص123) من طرق عن المزني قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص24)، وأبو زكريا السلماسي في «منازل الأئمة الأربعة» (ص215)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (ص229).
9) وقال الإمام الشافعي $: (إذا صح لكم الحديث عن رسول الله ﷺ فخذوا به ودعوا قولي).
أثر صحيح
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص497) من طريق ابن خزيمة قال: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (ص78).
قال الحافظ ابن حبان $ في «صحيحه» (ج5 ص498): (وللشافعي $ عليه في كثرة عنايته بالسنن، وجمعه لها، وتفقهه فيها، وذبه عن حريمها، وقمعه من خالفها).اهـ
قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم – يعني: الصحابة - لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ
10) وقال الإمام الشافعي $: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله ﷺ لقول من بعده).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف بن القاسم الميانجي حدثني الحسين بن الفتح قال: حدثني أبو محمد بن صاعد، نا بحر، نا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
11) وقال الإمام الشافعي $: (إذا جاء عن أصحاب النبي ﷺ أقاويل مختلفة ينظر إلى ما هو أشبه بالكتاب والسنة فيؤخذ به).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص280) من طريق يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص530)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص333) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع بن سلمان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام الخطيب البغدادي $ في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص440): (فأما إذا اختلفت الصحابة على قولين لم يكن قول بعضهم حجة على بعض، ولم يجز تقليد واحد من الفريقين، بل يجب الرجوع إلى الدليل). اهـ
وبوب الإمام الخطيب البغدادي $ في «الكفاية» (ج2 ص560)؛ باب: القول في ترجيح الأخبار.
12) وقال الإمام الشافعي $ في «الأم» (ج5 ص113 و114): (وليس تعدوا السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت باختلاف من حكيت عنه من أهل العلم، وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود([77]) عن اتباعه معصيته التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن نبيه مخرجا).
قال تعالى: ]إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما[ [الفتح: 10].
وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله[ [النساء: 80].
13) وقال الإمام الشافعي $: (فأعلمهم أن بيعتهم رسوله ﷺ بيعته، وكذلك أعلمهم أن طاعتهم طاعته، فقال: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص90) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والأثر في «الرسالة» للشافعي (ص271 و274).
قلت: وفي الأثر: أن الأصل في مسائل الشرع أخذها من الكتاب والسنة، لا من آراء الرجال مهما كانت منزلتهم.
قلت: فكيف الحال اليوم بمن يقدمون آراء الرجال - عالمهم وجاهلهم - على هدي نبيهم ﷺ. اللهم غفرا.([78])
فإذا ظهر هذا وتقرر تبين أن التعصب لمذهب الإمام المقلد ليس هو باتباع أقواله كلها كيفما كانت، بل بالجمع بينها وبين ما ثبت من الأخبار والآثار، ويكون الخبر هو المتبع، ويؤول كلام ذلك الإمام تنزيلا له الخبر، والأمر عند المقلدين، أو أكثرهم بخلاف هذا إنما هم يؤولونه تنزيلا له على نص إمامهم.([79])
وقد نص الإمام الشافعي $ على ترك قوله إذا ظفر بحديث ثابت عن رسول الله ﷺ على خلافه، فالتعصب له على الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك، وسلوك طريقته في قبول الأخبار، والبحث عنها والتفقه فيها. ([80])
14) وقال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم عن رسول الله ﷺ خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي فإني أقول بها). ([81])
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (321)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والذهبي في «السير» (ج10 ص77) من طريقين عن الربيع بن سليمان عن الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
15) وقال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ﷺ فقولوا بسنة رسول الله ﷺ ودعوا ما قلت).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص389)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (249)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص217)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص109)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
16) وقال الإمام الشافعي $: (كل ما قلت: وكان عن النبي ﷺ خلاف قولي مما يصح فحديث النبي ﷺ أولى ولا تقلدوني).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (67)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص473)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص454)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق حرملة بن يحيى عن الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص31).
وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص218)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص205 و340).
قلت: فقد وضح لك مما سبق ذكره أنه متى جاء عن رسول الله ﷺ حديث ثابت فواجب المصير إلى ما دل عليه من حكم.
قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [ [النساء: 65].
قال الإمام أبو شامة المقدسي $ في «المؤمل» (ص135) في هذه الآية: (فنفى تعالى الإيمان عمن لم يحكم رسوله ﷺ فيما وقع التنازع فيه، ولم يسلم لقضائه).اهـ
وقال الإمام مجاهد؛ في قوله تعالي: ]هذا صراط علي مستقيم [[الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله تعالى، وعليه طريقه).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم ابن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).
وإسناده صحيح.
17) وقال الإمام الشافعي $ في «الرسالة» (ص276): (وقال الله عز وجل: ]لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].
18) وقال الإمام الشافعي $ في «اختلاف الحديث» (ص35): (وأمرهم بأخذ ما آتاهم، والانتهاء عما نهاهم عنه، فقال: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7].
19) وقال الإمام الشافعي $ في «اختلاف الحديث» (ص35): (وأبان أنه تعالى يهدي إلى صراط مستقيم فقال تعالى: ]ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (52) صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض[ [الشورى: 52 -53].
قال الله عز وجل فيما أمر به رسوله ﷺ؛ أن يقوله: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19].
20) وقال الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي قال: (وكان فرضه جل جلاله على من عاين رسول الله ﷺ، ومن بعده إلى يوم القيامة، واحدا في أن على كل طاعته، ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله ﷺ، يعلم أمر رسول الله ﷺ، إلا بالخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص98) من طريق أبي العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأثر الإمام الشافعي هذا في «اختلاف الحديث» (ص35).
21) وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج7 ص303):(وأما قوله: «فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله، ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله»، قال الشافعي: كذلك صنع رسول الله ﷺ، وبذلك أمره وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه، ونشهد أن قد اتبعه، فما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله عز وجل في الوحي اتباع سنته فيه، فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله عز وجل، قال الله تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7]. اهـ
وعن عامر بن مصعب: أن طاوسا أخبره: أنه سأل ابن عباس ﭭ عن الركعتين بعد العصر، فنهاه عنهما. قال طاوس: فقلت له: ما أدعهما، فقال ابن عباس ﭭ: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم[ [الأحزاب: 36].
أثر صحيح
أخرجه الشافعي في «المسند» (166)، وفي «الرسالة» (1220)، و(1221)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص305).
وإسناده صحيح.
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص1220): (فرأى ابن عباس الحجة قائمة على طاوس بخبره عن النبي ﷺ، ودله بتلاوة كتاب الله على أن فرضا عليه أن لا تكون له الخيرة إذا قضى الله تعالى، ورسوله ﷺ أمرا). اهـ
عن سالم بن عبد الله: (أن عمر بن الخطاب ﭬ نهى عن الطيب قبل زيارة البيت، وبعد الجمرة.
قال سالم: فقالت عائشة ڤ: طيبت رسول الله ﷺ بيدي لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، وسنة رسول الله ﷺ أحق).
أثر صحيح
أخرجه الشافعي في «المسند» (780)، وفي «اختلاف الحديث» (ص47).
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (1539)، ومسلم في «صحيحه» (ج6 ص846).
قال الإمام الشافعي $ في «اختلاف الحديث» (ص47): (فترك سالم قول جده عمر ﭬ في إمامته، وقبل خبر عائشة ڤ وحدها، وأعلم من حدثه أن خبرها وحدها سنة، وأن سنة رسول الله ﷺ أحق، وذلك الذي يجب عليه).
وقال الإمام الشافعي $: (وصنع ذلك الذين بعد التابعين المتقدمين، مثل ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وغيرهم، والذين لقيناهم كلهم يثبت خبر واحد، عن واحد، عن النبي ﷺ، ويجعله سنة، حمد من تبعها، وعاب من خالفها).
وقال الإمام الشافعي $: (فمن فارق هذا المذهب، كان عندنا مفارقا سبيل أصحاب رسول الله ﷺ، وأهل العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة).
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45): (قال الشافعي: فترك سالم $ قول جده لروايتها، قلت([82]): لا كما تصنع فرقة التقليد). اهـ
22) وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة فقال: يروى عن النبي ﷺ أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد الله، أتقول بهذا؟! فارتعد الشافعي $، واصفر وحال لونه وقال: ويحك! أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله ﷺ شيئا فلم أقل به، نعم على الرأس والعينين، على الرأس والعينين).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص474 و475)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص6)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص113 و114)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص331)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (404) من طريق أبي عمرو ابن السماك: أن أبا سعيد الجصاص حدثهم، قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص35).
23) وقال الربيع بن سليمان سمعت الشافعي يقول: (ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله ﷺ، وتعزب عنه، فمهما قلت من قول، أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله ﷺ بخلاف ما قلت، فالقول: ما قال رسول الله ﷺ، وهو قولي، قال: وجعل يردد هذا الكلام).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص6)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص389)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص232)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص129) من طريق أبي عمرو ابن السماك: أن أبا سعيد الجصاص حدثهم، قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص363)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص28).
24) وعن الربيع بن سليمان قال: وقد قال للشافعي رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله، فقال: (متى رويت عن رسول الله ﷺ حديثا صحيحا، ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وفي رواية: (إذا صح عندي الحديث عن رسول الله ﷺ فلم آخذ به). وفي رواية: (متى سمعتني حدثت بحديث عن رسول الله ﷺ صحيح).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص474)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (250)، وفي «معرفة السنن» (237)، والهروي في «ذم الكلام» (398)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص126 و127)، والذهبي في «العلو» (406)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص113)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج2 ص256)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص339)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص387)، والهكاري في «اعتقاد الإمام الشافعي» (33)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص150)، وأبو القاسم السمرقندي في «الأمالي» (ق/234/ط) من طرق عن الربيع بن سليمان به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص31).
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص40)، والسيوطي في «مفتاح الجنة» (ص83).
25) وعن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: (كل حديث عن النبي ﷺ فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص94)، وابن عبد الهادي المقدسي في «مناقب الأئمة الأربعة» (ص114)، والذهبي في «السير» (ج10 ص35)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص398) من طريق أبي محمد البستي السجستاني فيما كتب إلي، عن أبي ثور به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج10 ص253 و254)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص31).
26) وقال محمد بن إدريس الشافعي $: (الأصل كتاب الله، أو سنة نبيه، أو قول بعض أصحاب رسول الله ﷺ، أو إجماع الناس).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «الاعتقاد» (ص125) من طريق أبي عبد الله الحافظ حدثني أبو بكر محمد بن علي الفقيه القفال ثنا عمر بن محمد بن بجير ثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي محمد بن إدريس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
27) وقال الإمام الشافعي $: (كل مسألة تكلمت فيها، صح الخبر فيها عن النبي ﷺ عند أهل النقل بخلاف ما قلت، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص473)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص108)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص128) من طريق أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والأثر في كتاب «الأم» للشافعي (ج7 ص183).
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص340)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص363).
28) وقال الإمام الشافعي $ في «الرسالة» (ص88): (وكل ما سن ﷺ فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود([83]) عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله ﷺ مخرجا، لما وصفت، وما قال رسول الله). اهـ
29) وقال الإمام الشافعي $ في «الرسالة» (ص109): (فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله ﷺ دليل على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله، فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها... فالخلق كلهم له تبع، ولا يكون للتابع أن يخالف ما فرض عليه اتباعه، ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها).اهـ
قلت: ومن خالف ما قلت فقد جمع الجهل بالسنة، والخطأ في الكلام فيما يجهل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «القواعد النورانية» (ص71): (وإنما يكون اجتهاد الرأي فيما لم تمض به سنة عن رسول الله ﷺ، لا يجوز أن يعمد إلى شيء مضت به سنة فيرده بالرأي والقياس). اهـ
30) وقال الإمام الشافعي $ في «إبطال الاستحسان» (ص43): (فمن خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل، أوسنة قائمة، فلا يحل له الخلاف، ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس). اهـ
31) وقال الإمام الشافعي $: (الأصل قرآن أو سنة، فإن لم يكن، فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه؛ فهو سنة).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص231)، وفي «المراسيل» (13)، والخطيب في «الكفاية» (ص437)، وفي «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص533)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص105)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ج1 ص532)، والهروي في «ذم الكلام» (1110)، و(1111) من طرق عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج6 ص181).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفرقان» (ص37): (إذ المقصود أنهم كانوا - يعني السلف - متفقين على أن القرآن لا يعارضه إلا قرآن لا رأي، ولا معقول، وقياس، ولا ذوق ووجد، وإلهام، ومكاشفة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الجواب الباهر» (ص37): (فإذا بينت له السنة لم يجز له مخالفة النبي ﷺ، ولا التعبد بما نهى عنه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج19 ص123): (الأنبياء عليهم السلام معصومون عن الإقرار على الخطأ، بخلاف الواحد من العلماء والأمراء؛ فإنه ليس معصوما من ذلك، ولهذا يسوغ بل يجب أن نبين الحق الذي يجب اتباعه، وإن كان فيه بيان خطأ من أخطأ من العلماء والأمراء). اهـ
وقال الإمام ابن رجب $ في «جامع العلوم والحكم» (ص85): (ومن أنواع النصح لله تعالى، وكتابه، ورسوله - وهو مما يختص به العلماء - رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها).اهـ
32) وقال الإمام الشافعي $ في «الأم» (ج7 ص317): (الحق عند الله تعالى واحد؛ يقال فيه: نعم الحق واحد لا يتعدد).
قلت: فالحق واحد عند الله تعالى، ولا يجوز إلا ذلك، لأن علم الله تعالى في أحكامه واحد في الأصول والفروع.([84])
33) وقال الإمام الشافعي $: (ما كان الكتاب، أو السنة موجودين؛ فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا باتباعهما).([85])
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص530)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص333) من طريق أبي العباس أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وكلام الإمام الشافعي هذا في كتابه: «الأم» (ج7 ص280).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص42).
34) وقال الإمام الشافعي $ قال: (أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة رسول الله ﷺ لم يحل له أن يدعها لقول أحد من الناس).([86])
35) وعن أحمد بن حنبل: أن الشافعي قال له: (أنتم أعلم بالحديث، والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحا؛ فأعلموني به؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص94 و95)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص499)، والخطيب في «الاحتجاج بالإمام الشافعي» (ص40)، وابن عبد البر في «الانتقاء» (ص75)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص597)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص476)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص125)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص106)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص385)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص308) من طرق عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه به، وهو في «العلل» (1055).
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص325)، والذهبي في «السير» (ج10 ص33)، وفي «تاريخ الإسلام» له (ج14 ص32)، وابن تيمية في رسالة: «صحة أصول مذهب أهل المدينة»، ضمن: «مجموع الفتاوى» (ج20 ص317).
وقال الحافظ البيهقي $ في «المدخل» (ج2 ص597): (ولهذا كثر أخذه([87]) بالحديث). اهـ
وقال الحافظ الخطيب $ في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص40): (وإنما أراد الشافعي إعلام أحمد بن حنبل: أن أصله الذي بنى عليه مذهبة الأثر دون غيره فيما ثبت النص بخلافه.
وأشار إلى أن أصحاب الحديث أشد عناية من غيرهم بتصحيح الأحاديث وتعليلها). اهـ
36) وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: (لا تدع لرسول الله ﷺ حديثا أبدا).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص63) من طريق الأصم قال: أخبرنا الربيع بن سليمان به.
وهذا الأثر في «الأم» (ج7 ص198) للشافعي.
وذكره أبو شامة المقدسي في «خطبة الكتاب المؤمل» (57)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45).
37) وقال الإمام الشافعي $ في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص191): (إذا حدث الثقة عن الثقة؛ حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ؛ فهو ثابت عن رسول الله ﷺ، ولا يترك لرسول الله ﷺ حديثا أبدا).
38) وقال الإمام الشافعي $ في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص191): (حديث النبي ﷺ مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله ﷺ حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه، وحديث رسول الله ﷺ أولى أن يؤخذ به).
39) وقال الإمام الشافعي $ في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص192): (إذا ثبت الحديث عن رسول الله ﷺ استغنى به عمن سواه).
40) وقال الإمام الشافعي $ في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص193): (فما ثبت عن النبي ﷺ أولى عندنا أن يؤخذ به).
41) وقال الإمام الشافعي $ في كتابه «اختلاف مالك والشافعي» (ص193): (إذا علمنا أن النبي ﷺ قال شيئا، وغيره قال غيره؛ فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي ﷺ كان أولى أن يؤخذ به).
42) وقال الزعفراني: قال الشافعي: (إذا صح الحديث عن رسول الله ﷺ، فهو مأخوذ به لا يترك لقول غيره).([88])
43) وقال الزعفراني: قال الشافعي: (من تبع سنة رسول الله ﷺ وافقته، ومن غلط فتركها خالفته).([89])
44) وعن الإمام الشافعي / قال: (ليس في سنة رسول الله r إلا اتباعها ولا نعترض عليه بكيف ولا يسع عالما فيما ثبت من السنة إلا التسليم لأن الله قد فرض اتباعها).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج8 ص152) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
45) وعن الربيع بن سليمان المرادي قال: سمعت الشافعي وذكر حديثا عن النبي ﷺ فقال؛ له رجل: تأخذ به يا أبا عبد الله؟ فقال: سبحان الله، أروي عن رسول الله ﷺ شيئا لا آخذ به! متى عرفت لرسول الله ﷺ حديثا ولم آخذ به، فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب). وفي رواية: (متى سمعتني حدثت بحديث عن رسول الله ﷺ صحيح فلم آخذ به، فأنا أشهدكم أن عقلي قد ذهب).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص126 و127 و146)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص473 و474)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص225)، وفي «معرفة السنن» (237)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص387)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113) من طريق الربيع بن سليمان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
46) وعن ابن أبي الجارود قال: قال الشافعي: (إذا صح عن رسول الله ﷺ حديث، وقلت: قولا، فأنا راجع عن قولي، قائل بذلك – يعني: بالسنة).
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص302)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113) من طريق أحمد بن محمد المكي، ومحمد بن الحسين الآبري عن ابن أبي الجارود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
47) وقال الإمام الشافعي $ في «جماع العلم» (ص83): (وقد أمرنا باتباع ما أمرنا به، واجتناب ما نهى عنه، وفرض الله تعالى في كتابه على خليقته.
وما في أيدي الناس من هذا إلا ما تمسكوا به عن الله تبارك وتعالي، ثم عن رسوله ﷺ، ثم عن دلالته).
48) وقال الإمام الشافعي $ في «جماع العلم» (ص17): (لقد فرض الله عز وجل علينا اتباع أمره، فقال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7]، إنه لبين في التنزيل أن علينا فرضا أن نأخذ الذي أمرنا به، وننتهي عما نهانا رسول الله ﷺ، والفرض علينا وعلى من هو من قبلنا، ومن بعدنا واحد).
49) وعن الربيع بن سليمان قال: قال لي الشافعي: (اسقني قائما ([90])، فإن النبي ﷺ شرب قائما).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (62) من طريق الربيع بن سليمان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
50) وقال أحمد بن سنان الواسطي $ - ثقة حافظ - قال: (رأيت الشافعي أحمر الرأس واللحية، يعني أنه استعمل الخضاب اتباعا للسنة).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص276)، ومن طريقه: أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص77) من طريق أحمد بن سنان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
51) وقال الإمام الشافعي $: (إذا اتصل الحديث عن رسول الله ﷺ، وصح الإسناد منه، فهو سنة).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (59)، وفي «المراسيل» (ص14)، والبيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج2 ص30)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص564 و565)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص112)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص125) من طريق أبي حاتم قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى قال: قال محمد بن إدريس الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
52) وقال الإمام الشافعي([91]) $ في «جماع العلم» (ص807): (لم أسمع أحدا نسبه الناس، أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله ﷺ، والتسليم لحكمه؛ بأن الله عز وجل لم يجعل لأحذ بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله ﷺ، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا، في قبول الخبر عن رسول الله ﷺ: واحد لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله ﷺ). اهـ
قلت: فهذه آثار الإمام الشافعي $ في وجوب التمسك بالكتاب والسنة والآثار.
وكل خير في اتبـاع من سلف |
|
|
وكل شر في ابتداع من خلف |
قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
قلت: وقد ذم الإمام الشافعي $ المقلدة، والمتعالمة في الفقه، وأنهم آثروا التقليد والغفلة، والاستعجال بالرياسة.
فعن الإمام الشافعي / قال: (ثم تفرق أهل الكلام في تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ﷺ تفرقا متباينا، وتفرق عنهم ممن نسبه العامة إلى الفقه، فامتنع بعضهم عن التحقيق من النظر، وآثروا التقليد والغفلة، والاستعجال بالرياسة). ([92])
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج6 ص160): (قول الشافعي: «إذا صح الحديث فهو مذهبي»([93]) هذا المعنى صريح في مدلوله، وأن مذهبه ما دل عليه الحديث، لا قول له غيره، ولا يجوز أن ينسب إليه ما خالف الحديث ويقال: هذا مذهب الشافعي. ولا يحل الإفتاء بما خالف الحديث على أنه مذهب الشافعي، ولا الحكم به، صرح بذلك جماعة من أئمة أتباعه، حتى كان منهم من يقول للقارئ إذا قرأ عليه مسألة من كلامه: قد صح الحديث بخلافها، اضرب على هذه المسألة فليست مذهبه، وهذا هو الصواب قطعا، ولو لم ينص عليه، فكيف إذا نص عليه وأبدى فيه وأعاد، وصرح فيه بألفاظ كلها صريحة في مدلولها؟ فنحن نشهد بالله أن مذهبه وقوله الذي لا قول له سواء ما وافق الحديث، دون ما خالفه، وأن من نسب إليه خلافه فقد نسب إليه خلاف مذهبه).اهـ
وقال الإمام ابن القيم $ في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (ونهى عن تقليده – يعني: الإمام الشافعي - وتقليد غيره؛ فجزاه الله عن الإسلام خيرا، لقد نصح لله تعالى، ورسوله ﷺ، والمسلمين، ودعا إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ﷺ، وأمر باتباعهما دون قوله، وأمرنا بأن نعرض أقواله عليهما؛ فنقبل منها ما وافقهما، ونرد ما خالفهما؛ فنحن نناشد المقلدين؛ هل حفظوا في ذلك وصيته وأطاعوه، أم عصوه وخالفوه). اهـ
قال أبو عبد الرحمن الأثري: بل المقلدة عصوه، وخالفوه!.
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج6 ص161): (وهذا المعنى صريح في مدلوله، وأن مذهبه ما دل عليه الحديث، لا قول له غيره، ولا يجوز أن ينسب إليه ما خالف الحديث، ويقال: «هذا مذهب الشافعي» ولا يحل الإفتاء بما خالف الحديث على أنه مذهب الشافعي، ولا الحكم به، صرح بذلك جماعة من أئمة أتباعه... وهذا هو الصواب قطعا). اهـ
وقال الإمام ابن القاص $ في «التلخيص» (ص111 - المؤمل): (ذكر المزني في كتابه المترجم بـ «الجامع الكبير» في المتيمم إذا دخل في الصلاة، ثم رأى الماء أن الشافعي: نهى عن التقليد نصحا منه لكم، فله أجر صوابكم، وهو برئ من خطئكم ﭬ، وقبل منه نصحكم). اهـ
وقال الإمام أبو علي السنجي $ في «شرح التلخيص» (ص111 - المؤمل): (وإنما ذكر المزني هذا في هذه المسألة؛ لأنها أول مسألة خالف الشافعي فيها في «جامعه الصغير والكبير» حيث ذهب فيها إلى مذهب أهل الكوفة أنه يخرج من صلاته، ويتوضأ ويستأنف، فبسط العذر لنفسه في مخالفة الشافعي؛ لأنه منعه من تقليده، وتقليد غيره). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص112): (فالمزني $ امتثل أمر إمامه في النهي عن تقليده، فخالفه في هذه المسألة لما ظهر له من جهة النظر والرأي، فما الظن به لو وجد حديثا مصرحا بخلاف نصه، فهو إن شاء الله حينئذ كان أشد مبادرة إلى مخالفة نص إمامه، وإن كان في الحقيقة موافقا لا مخالفا؛ لأنه قد أمر إذا وجد الحديث على خلاف قوله أن يترك قوله، فهو إنما ترك قوله بقوله، فهو موافق ممتثل للأمر). اهـ
وقال الإمام المزني $ في «مختصره» (ص93): (اختصرت هذا الكتاب من علم الشافعي، ومن معنى قوله، لأقربه على من أراده، مع إعلامه نهيه عن تقليده، وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص110): (أي: مع إعلامي من أراد علم الشافعي نهى الشافعي عن تقليده، وتقليد غيره). اهـ
وقال الإمام الماوردي $ في «الحاوي» (ج1 ص33): (وقوله: (ويحتاط لنفسه): أي ليتطلب الاحتياط لنفسه؛ بالاجتهاد في المذاهب، فترك التقليد بطلب الدلالة). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص111): (فعلى هذا كان السلف الصالح يتبعون الصواب حيث كان، ويجتهدون في طلبه، وينهون عن التقليد). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص116): (ثم إن المصنفين من أصحابنا – يعني: من المقلدة الشافعية - قد وقع في مصنفاتهم خلل كثير من وجهين عظيمين:
الأول: أنهم يختلفون كثيرا فيما ينقلون من نصوص الشافعي $، وفيما يصححونه منها ويختارونه، وما ينسبونه إلى القديم والجديد، ولا سيما المتأخرين منهم، وصارت لهم طرق مختلفة خراسانية وعراقية، فترى هؤلاء ينقلون عن إمامهم خلاف ما ينقله هؤلاء، والمرجع في هذا كله إلى إمام واحد، وكتبه مدونة مروية موجودة، أفلا كانوا يرجعون إليها، وينقون تصانيفهم من كثرة اختلافهم عليها.
الوجه الثاني: ما يفعلونه في الأحاديث النبوية والآثار المروية من كثرة استدلالهم بالأحاديث الضعيفة على ما يذهبون إليه نصرة لقولهم، ومن تغيير لفظ ما صح منها، والزيادة فيه، والنقص منه لقلة خبرتهم بذلك). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص116)؛ عن فقهاء الشافعية: (قد وقع في مصنفاتهم خلل كثير). اهـ
وقال الحافظ البيهقي $ في «بيان الخطأ» (ص95 و96): (وجدت في بعض ما نقل من كتب الشافعي وحول منها إلى غيره خللا في النقل، وعدولا عن الصحة بالتحويل، فرددت مبسوط كتبه القديمة والجديدة إلى ترتيب «المختصر»؛ ليتبين لمن تفكر في مسائله من أهل الفقه ما وقع فيه من التحريف والتبديل، ويظهر لمن نظر في أخباره من أهل العلم بالحديث ما وقع فيه الخلل بالتقصير في النقل). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص125): (وأئمة الحديث المعتبرون هم القدوة في فنهم فوجب الرجوع إليهم في ذلك، وعرض آراء الفقهاء على السنن والآثار الصحيحة، فما ساعده الأثر فهو المعتبر وإلا فلا نبطل الخبر بالرأي). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص127): (فإذا ظهر هذا وتقرر تبين أن التعصب لمذهب الإمام المقلد ليس هو باتباع أقواله كلها كيفما كانت، بل بالجمع بينها وبين ما ثبت من الأخبار والآثار، ويكون الخبر هو المتبع، ويؤول كلام ذلك الإمام تنزيلا له الخبر.
والأمر عند المقلدين أو أكثرهم بخلاف هذا إنما هم يؤولون الخبر تنزيلا له على نص إمامهم. ثم الشافعيون كانوا أولى بما ذكرناه لنص إمامهم ﭬ على ترك قوله إذا ظفر بحديث ثابت عن رسول الله ﷺ على خلافه، فالتعصب له على الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك، وسلوك طريقته في قبول الأخبار، والبحث عنها والتفقه فيها). اهـ
وقال الربيع بن سليمان قال الشافعي: (قد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله: لا تدع لرسول الله ﷺ حديثا أبدا إلا أن يأتي عن رسول الله ﷺ خلافه، فتعمل بما قلت لك في الأحاديث إذا اختلفت).([94])
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص110): (هذا وهم مقلدون لإمامهم الشافعي $، فهلا اتبعوا طريقته في ترك الاحتجاج بالضعيف، وتعقبه على من احتج بذلك، وتبيين ضعفه). اهـ
وقال الإمام أبو شامة المقدسي الشافعي $ في «المؤمل» (ص119): (وإذا كان هذا الخلل قد وقع منهم في نقل نصوص إمامهم فما الظن بما ينقلونه من نصوص باقي المذاهب؟، فترى في كتبهم من ذلك أشياء ينكرها أصحاب تلك المذاهب، وكان الخلل إنما جاءهم من تقليد بعضهم بعضا فيما ينقله من مذهب غيره أو من نص إمامه، ويكون الأول قد غلظ فيتبعه من بعده، والغلط جائز على كل أحد إلا من عصمه الله تعالى، ولكن لو أن كل من ينقل عن أحد مذهبا أو قولا راجع في ذلك كتابه إن كان له مصنف أو كتب أهل مذهبه لقل ذلك الخلل، وزال أكثر الوهم وبطل، والله الموفق). اهـ
قلت: وكان كثير من علماء المذهب الشافعي لا يفتون في مسألة من المسائل في الدين حتى يلحظون الدليل من الكتاب، أو السنة.
وقال الإمام ابن الصلاح الشافعي / في «أدب المفتي والمستفتي» (ص118)؛ عن وصية الإمام الشافعي، وهي: الأخذ بالحديث: (فعمل بذلك كثير من أئمة أصحابنا، وكان من ظفر منهم بمسألة فيها حديث، ومذهب الشافعي خلافه عمل بالحديث وأفتى به قائلا: مذهب الشافعي ما وافق الحديث). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص285): (وكذلك الكلام في عامة مسائل النزاع بين المسلمين إذا طلب ما يفصل النزاع من نصوص الكتاب والسنة وجد ذلك). اهـ
وعن الإمام أبي يوسف / قال: (لا يحل لأحد أن يقول: مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393) من طريق محمد بن عمر بن العلاء يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: قال أبو يوسف به.
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص258).
وعن الإمام الشافعي / قال: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة، كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري). وفي رواية: وذكر من يحمل العلم جزافا: (هذا مثل حاطب ليل، يقطع حزمة حطب فيحملها ولعل فيها أفعى فتلدغه وهو لا يدري).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393)، وفي «مناقب الإمام الشافعي» (ج2 ص142)، وابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص151)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص125)، والخطيب في «نصيحة أهل الحديث» (ص32)، والحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» (4)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص206) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الربيع بن سليمان: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم، وهو لا يدري على غير فهم، فيكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل([95])، فيصير ذلك نقصا لإيمانه، وهو لا يدري!.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31]
ذكر الدليل على تمسك الإمام أحمد بن حنبل /
بالكتاب والسنة والآثار، ونهى عن تقليده جملة وتفصيلا،
ولم يجعل له مذهبا خاصا به في الدين
وحاشاه أن يفعل ذلك
(1) عن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله؛ فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح.
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن مفلح في «المقصد الأرشد» (136)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص15) والذهبي في «السير» (ج11 ص297) وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد»، (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد»، (733)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص425)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (97) من طرق عن الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد بن حنبل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشيخ الألباني في«صفة الصلاة» (ج1 ص32).
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.
قال قوام السنة الأصبهاني $ في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله ﷺ السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله ﷺ، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله ﷺ بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين بعدهم).اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني $ في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
(2) وقال أبو داود في «المسائل» (ص 277): قلت لأحمد، الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: (لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي ﷺ، وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير).([96])
(3) وقد فرق الإمام أحمد بين التقليد والاتباع، فقال أبو داود في «المسائل» (ص476): سمعت أحمد، يقول: (الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي ﷺ وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير). ([97])
قلت: يعني يتخير الدليل في أقوالهم إذا اختلفوا في الأحكام.
(4) وقال الإمام أحمد بن حنبل $: (رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي سفيان، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار).
أثر صحيح.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1082) من طريق العباس بن الفضل، قال: سمعت سلمة بن شبيب يقول: سمعت أحمد بن حنبل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص32).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص330): (وأحمد كان معتدلا عالما بالأمور يعطي كل ذي حق حقه). اهـ
وقال الإمام ابن الجوزي / في «آفة أصحاب الحديث» (ص178): (وممن نال مرتبة الكمال: الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل؛ فإنه قرأ القرآن بالقراءة المشهورة، ولم يتشاغل بالشواذ، وسمع الحديث الكثير، وأوغل في معرفة أصوله، حتى ميز صحيحه من سقيمه، ثم أقبل على الفقه حتى صار مجتهدا ذا مذهب). اهـ
(5) وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (لا تقلدني، ولا تقلد مالكا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا).([98])
قال الإمام ابن حزم $ في «الإحكام» (ج6 ص118): (إن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد، وأنهم نهوا أصحابهم عن تقليدهم، وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه $ بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار والأخذ بما أوجبته الحجة، حيث لم يبلغ غيره، وتبرأ من أن يقلد جملة، وأعلن بذلك، نفع الله به وأعظم أجره فقد كان سببا إلى خير كثير). اهـ
(6) وقال الإمام أحمد بن حنبل $ في رواية ابنه صالح عنه: (ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن، عالما بوجوه القرآن، عالما بالأسانيد الصحيحة، وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفته بما جاء عن النبي ﷺ في السنن، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها).([99])
(7) وقال الإمام أحمد بن حنبل $ في رواية أبي الحارث: (لا يجوز الافتاء إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة).([100])
(8) وقال الإمام أحمد بن حنبل $ في رواية حنبل: (ينبغي لمن أفتى أن يكون عالما بقول من تقدم، وإلا فلا يفتي).([101])
(9) وقد بين الإمام أحمد بن حنبل $: (إذا اختلف أصحاب رسول الله ﷺ أن يختار من أقاويلهم ما يرجحه الدليل، ولا يخرج عن قولهم إلى من بعدهم).([102])
(10) وعن أبي بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، أحمد بن حنبل يقول: (إنما هو السنة والاتباع، وإنما القياس أن نقيس على أصل، فأما أن تجيء إلى الأصل فتهدمه، ثم تقول هذا قياس، فعلى أي شيء كان هذا القياس، قيل لأبي عبد الله، فلا ينبغي أن يقيس إلا رجل عالم كبير، يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء، فقال: أجل، لا ينبغي).
أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص500) من طريق محمد بن عبد الله بن خلف نا عمر بن محمد الجوهري نا أبو بكر الأثرم به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: ومراد الإمام أحمد $ أن يقيس المفتي، ويجتهد على الأصول المقررة في الشريعة المطهرة، ولا يعمل بالقياس والاجتهاد بدون الأصول، فإن عمل بدون الأصول والقواعد، فقد عمل بالقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد المخالف للكتاب والسنة.
قلت: وهذا هو العمل في الدين بالرأي، ومن عمل بالرأي؛ فقد ضل ضلالا بعيدا.([103])
قلت: وقد وقع في الرأي الفاسد، والقياس الفاسد، والاجتهاد الفاسد المقلدة للمذاهب، والجماعات، والأحزاب، والطوائف، والعياذ بالله.
قال الإمام ابن حزم $ في «الأخلاق والسير» (ص91): (لا آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون، ويقدرون أنهم يصلحون). اهـ
قلت: فأشار ابن حزم $ إلى عظيم ضرر كلام المقلدين المتعالمين، ومن نسميهم اليوم بالمثقفين من غير أهل الاختصاص، والله المستعان.
قال الإمام ابن حزم $: (وإن قوما قوي جهلهم، وضعفت عقولهم، وفسدت طبائعهم، يظنون أنهم من أهل العلم، وليسوا من أهله، ولا شيء أعظم آفة على العلوم وأهلها الذين هم أهلها بالحقيقة من هذه الطبقة؛ لأنهم تناولوا طرفا من بعض العلوم يسيرا، وكان الذي فاتهم من ذلك أكثر مما أدركوا).([104]) اهـ
(11) وعن الإمام أحمد $ قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).
(12) وقال الإمام أحمد $ في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ
(13) وعن عثمان بن سعيد قال: قال لي أحمد بن حنبل: (لا تنظر في رأي أحد).
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (512) من طريقين عن عثمان بن سعيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال العلامة الشوكاني/ في «إرشاد الفحول» (ص868): (التقليد إنما هو العمل بالرأي، لا بالرواية). اهـ
(14) وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
مقدمة الكتاب
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فإني أحمد الله سبحانه وتعالى الذي أنزل كتابه الكريم، وجعله منهاجا للبشرية إلى قيام الساعة، والذي أحكم نظامه، وأتم بيانه لرسوله الأمين r، وأمره ببيانه.
فقال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل: 44].
وقال تعالى: ]وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[ [النحل: 64].
وأمرنا سبحانه وتعالى باتباع أمر الرسول ونهيه؛ فقال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7].
وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا[ [النساء: 80].
وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم[ [الأنفال: 24].
وقال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132].
وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].
وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].
وقال محمد بن سيرين: سألت عبيدة السلماني؛ عن تفسير آية مرة؟ فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن).([105])
قلت: هكذا يعظم القرآن الكريم.
وثبت في الحديث الصحيح؛ عن العرباض بن سارية t وفيه: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين: تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).([106])
قال الحافظ المنذري / في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص79): (قوله: (عضوا عليها بالنواجذ)؛ أي: اجتهدوا على السنة والزموها، واحرصوا عليها كما يلزم العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته، والنواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس). اهـ
وثبت أيضا عن جابر t قال: (كان رسول الله r يقول في خطبته أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة).([107])
قلت: وقد حث السلف الصالح على التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى، وبسنة نبيه r، والأخذ بالحديث الصحيح السليم الثابت عنه r.
فعن أبي سعيد الخدري، قال: سلم عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، على عمر بن الخطاب ثلاث مرات، فلم يؤذن له، فرجع، فأقبل عمر في أثره، فقال: لم رجعت؟ فقال: إني سمعت رسول الله r يقول: (إذا سلم أحدكم ثلاثا فلم يجب فليرجع)، فقال عمر t: لتأتيني على ما تقول ببينة، أو لأفعلن بك كذا، غير أنه قد أوعده، فجاءنا أبو موسى منتقعا لونه، وأنا في حلقة جالس، فقلنا: ما شأنك؟ فقال: سلمت على عمر t، فأخبرنا خبره، فهل سمع أحد منكم من رسول الله r قالوا: كلنا قد سمعه، فأرسلوا معه رجلا منهم، حتى أتى عمر t فأخبره).([108])
قلت: وهذا يدلك على أن مراد عمر بن الخطاب t التثبت في الأخبار، والأحاديث الصحيحة، والتحري فيها، والتمسك بكتاب الله تعالى، وبسنة رسوله r.
وعن علي بن أبي طالب t قال: (كنت إذا سمعت من رسول الله r حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني به، وكان إذا حدثني عنه غيره استحلفته؛ فإذا حلف صدقته). وفي رواية: (وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته؛ فإذا حلف لي صدقته).
أثر حسن
أخرجه أبو داود في «سننه» (1521)، والترمذي في «سننه» (406)، و(3006)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص110)، وفي «عمل اليوم والليلة» (414)، و(415)، و(417)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص446)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص2 و8 و9 و10)، وفي «فضائل الصحابة» (ج1 ص159)، والطيالسي في «المسند» (1)، و(2)، وأبو بكر المروزي في «مسند أبي بكر الصديق» (9)، و(10)، و(11)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (1455)، والبزار في «المسند» (ج1 ص61 و62)، وأبو يعلى في «المسند» (ج1 ص12 و15 و24 و25)، والطبراني في «الدعاء» (ج3 ص1623 و1624 و1625)، والطبري في «جامع البيان» (ج4 ص62 و63)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص495)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد فضائل الصحابة» (ج1 ص413)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج5 ص401)، وفي «الدعوات الكبير» (ج1 ص110 و111)، وابن حبان في «صحيحه» (623)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (360)، وابن بشران في «الأمالي» (678)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص387)، وفي «المسند» (ق/10/ط)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج1 ص83 و84 و86)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص420 و421)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص151)، وفي «معالم التنزيل» (ج2 ص108)، والسلفي في «الطيوريات» (ق/129/ط)، وابن عساكر في «الأربعين البلدانية» (ص51 و52)، والماليني في «الأربعين في شيوخ الصوفية» (ص204 و205)، والحميدي في «المسند» (4)، وتمام الرازي في «الفوائد» (ج2 ص29 و30)، وابن المقرئ في «المعجم» (580)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص106)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص302 و303 و304 و305)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج1 ص141 و142)، والحسين المروزي في «زيادات الزهد» (1088) من طريق أبي عوانة، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وقيس بن الربيع، وشريك القاضي؛ كلهم: عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الأسدي، عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت علي بن أبي طالب t به موقوفا.([109])
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج5 ص22)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج8 ص234).
قال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص10)؛ في وصف علي بن أبي طالب t: (وكان إماما عالما متحريا في الأخذ بحيث أنه يستحلف من يحدثه بالحديث، فعن أسماء بن الحكم الفزاري؛ أنه سمع عليا t يقول: (كنت إذا سمعت من رسول الله r حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني به، وكان إذا حدثني عنه غيره استحلفته فإذا حلف صدقته). اهـ
وعن سهل بن حنيف t قال: (أيها الناس، اتهموا رأيكم، والله، لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أني أستطيع أن أرد أمر رسول الله r لرددته، والله، ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر قط، إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه إلا أمركم هذا).([110])
وعن ابن عمر ﭭ؛ أن أبا هريرة t يقول: (من تبع جنازة فله قيراط فقال: أكثر أبو هريرة علينا).
وفي رواية: (فبعث إلى عائشة ڤ، فسألها، فصدقت أبا هريرة t، فقال ابن عمر ﭭ: لقد فرطنا في قراريط كثيرة).([111])
وعن ابن عباس: ﭭ قال: (هذا الذي أهلككم، والله ما أرى إلا سيعذبكم، إني أحدثكم عن النبي r، وتجيئوني بأبي بكر، وعمر).([112])
وعن عبد الله بن مسعود t، قال: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم r سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم).([113])
وعن عابس بن ربيعة، قال: (رأيت عمر t يقبل الحجر -يعني: الأسود-، ويقول: إني لأقبلك وأعلم أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك لم أقبلك).([114])
قلت: فمصادر المعرفة في الدين موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة، والذكرى لمن طلب الحق، وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول r؛ فالرسول r أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ
قلت: وهذا المنهج المتين الذي قام عليه مذهب السلف في الاستدلال قد دلت عليه أدلة كثيرة من النقل والعقل السليم([115])، فمنها:
قوله تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].
وقوله تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا [ [النساء: 80].
وقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].
قلت: والرد إلى النبي r يكون إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته.([116])
وإن تمسك السلف بالكتاب، والسنة في أبواب الدين؛ لهو أعظم معالم منهجهم الذي خالفوا به عامة الطوائف المنحرفة، كما أنه من أعظم نعم الله عليهم، وذلك أن من فتح الباب لعقله في هذه المطالب الدين ضل، وانحرف عن السبيل، وتاه في ظلمات الغي والضلال.([117])
قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص241): (والعقل الصحيح يتفق مع النقل الصريح). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص94): (فهو جل شأنه المعبود المألوه: المستحق أن يفرد بجميع أنواع العبادة: لما اتصف به من صفات الكمال، ونعوت الجلال). اهـ
قلت: وبهذا يتبين أن العلامة بين العقل، والنقل علاقة تكامل وتوافق، لا علاقة تنازع، وتعارض؛ بل يقال: إن العلاقة بين صحيح النقل، وصحيح العقل علاقة تضمن.
وقال الإمام الطحاوي / في «عقيدته» (ص149): (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام). اهـ
قلت: فقدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.([118])
قال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7].
قلت: فيجب التسليم بجميع ما ورد عن الرسول r، وقبوله، واتباع سنته([119])؛ كما قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
فيجب التسليم، والقبول لأحكام الآيات، وأحكام السنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (وهذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا غيره). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): (يجب الاستسلام، والتسليم لنصوص الكتاب والسنة). اهـ
قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم –يعني: الصحابة- لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة؛ كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ
وعن الإمام الشافعي /: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله r لقول من بعده).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف ابن القاسم الميانجي، حدثني الحسين بن الفتح، قال: حدثني أبو محمد بن صاعد ، نا بحر ، نا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن مالك بن أنس، قال: سمعت ابن شهاب، يقول: (سلموا للسنة ولا تعارضوها).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص385)، والدارقطني في «الصفات» (ص44)، وأبو الفتح نصر المقدسي في «الحجة» (ج1 ص12) من طريق يحيى بن أيوب الزاهد، نا عبد الله بن وهب، عن مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص55) من طريق أبان بن عيسى بن دينار عن أبيه عن ابن القاسم عن مالك عن الزهري قال: (دعوا السنة تمضي، لا تعرضوا لها بالرأي).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).
وعن الإمام نعيم بن حماد / قال: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به ، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق صالح بن أحمد التميمي، نا محمد بن عبد الله بلبل، نا أبو حاتم، قال: سمعت نعيم بن حماد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام الزهري / قال: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص257): (وحنيئذ فيكون حفظ الولي بمتابعة الكتاب والسنة، ولا ريب أن السنة؛ كما كان الزهري / يذكر عمن مضى من سلف المؤمنين، قال: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة). اهـ
وقال مخلد بن الحسين، (قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد، إذا بلغك عن رسول الله r حديث فلا تظنن غيره، ولا تقولن غيره، فإن محمدا إنما كان مبلغا عن ربه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص353) من طريقين عن عبد الكريم بن الهيثم، نا أبو عثمان الصياد سعيد بن المغيرة، نا مخلد بن الحسين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام الشافعي / قال: (ليس في سنة رسول الله r إلا اتباعها ولا نعترض عليه بكيف ولا يسع عالما فيما ثبت من السنة إلا التسليم لأن الله قد فرض اتباعها).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج8 ص152) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهذه آثار السلف في التمسك بالسنة ذكرتها لأهل السنة والجماعة؛ ليحفظوها، ويعرضوها، ويتواصوا بها جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن ... كتبها أئمة أعلام، وجهابذة كرام، نصحا للأنام، وذبا عن الإسلام، وتتابع عليها أئمة الدين الأعلام([120]) ... فقرروها عقيدة نقية، واضحة جلية، ناصعة أبية، راسخة سنية، أثرية سلفية ... واعلم أن كل عقيدة تخالف ما أصلوه، وتناقض ما قرروه، فهي عقيدة بدعية، زائغة ردية.
وكــــــل خــــــيــــــر في اتبــــــــاع من سلف |
|
|
وكـــــــل شـــــــــر في ابـــتــــــداع من خلف |
قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
وقال الإمام الشافعي $: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ﷺ فقولوا بسنة رسول الله ﷺ ودعوا ما قلت).
وفي رواية: (فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص389)، وفي «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص41)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص332)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (249)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص217)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص472)، وفي «الاعتقاد» (ص30)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص107)، وأبو شامة في «المؤمل» (ص109)، والهروي في «ذم الكلام» (ج3 ص47)، وابن الصلاح في «أدب المفتي» (ص117)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص497)، وأبو الفضل المقرئ في «ذم الكلام» (ص82)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج1 ص103)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص386) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص34)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص63)، والنووي في «المجموع» (ج1 ص63)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج4 ص45)، والسبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» (ج2 ص161).
وعن الإمام ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص84)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وذكره الفلاني في «إيقاظ أولي الأبصار» (ص74).
وعن الإمام مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص107)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص179)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).
وإسناده صحيح.
وذكره الفلاني في «إيقاظ أولي الأبصار» (ص74).
وعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله؛ فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح.
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن مفلح في «المقصدالأرشد» (136)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص15) والذهبي في «السير» (ج11 ص297) وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد»، (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد»، (733)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص425)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (97) من طرق عن الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد بن حنبل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشيخ الألباني في«صفة الصلاة» (ج1 ص32).
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.
والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
فعن الإمام ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).
أثر صحيح
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).
أثر حسن لغيره
أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.
وفي لفظ اللالكائي: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.
وعن الإمام عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).
أثر حسن
أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن الإمام السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب، والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([121])
قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ
وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ
وعن الإمام عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول: اتباع الكتاب والسنة).
أثر حسن
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.
والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير
وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([122])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r؛ فأي: القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59]؛ نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان: بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)، وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[، وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: (فردوه إلى ما تستحسنون).
ومن المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان؛ لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا ما لا نطيق، ولبطلت الحقائق ولتضادت الدلائل، وتعارضت البراهين ولكان تعالى يأمرنا بالاختلاف الذي قد نهانا عنه، وهذا محال لأنه لا يجوز أصلا أن يتفق استحسان العلماء كلهم على قول واحد على اختلاف هممهم وطبائعهم وأغراضهم فطائفة طبعها الشدة، وطائفة طبعها اللين، وطائفة طبعها التصميم، وطائفة طبعها الاحتياط، ولا سبيل إلى الاتفاق على استحسان شيء واحد مع هذه الدواعي والخواطر المهيجة واختلافها واختلاف نتائجها وموجباتها ونحن نجد الحنفيين قد استحسنوا ما استقبحه المالكيون ونجد المالكيين قد استحسنوا قولا قد استقبحه الحنفيون فبطل أن يكون الحق في دين الله عز وجل مردودا إلى استحسان بعض الناس، وإنما كان يكون هذا، وأعوذ بالله لو كان الدين ناقصا؛ فأما وهو تام لا مزيد فيه مبين كله منصوص عليه، أو مجمع عليه فلا معنى لمن استحسن شيئا منه، أو من غيره، ولا لمن استقبح أيضا شيئا منه أو من غيره، والحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال وبالله تعالى نعوذ من الخذلان). اهـ
وعن الإمام مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ
وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت([123])). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620) من طرق عن الزهري به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).
وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).
وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.
وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.
وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).
وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (حق على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص324)، وعياض في «الإلماع» (ص52)، أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص320)، والدوري في «ما رواه الأكابر» (ص63) من طريق ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص135).
وعن الإمام ابن سيرين / قال: (كانوا يقولون ما دام على الأثر فهو على الطريق).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص53 و54)، والالكائي في «أصول الاعتقاد» (ج1 ص55)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1049)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص199) من طرق عن ابن عون عن ابن سيرين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام عبد الله بن المبارك لرجل: (إن ابتليت بالقضاء فعليك بالأثر).
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص166)، والترمذي في «الشمائل المحمدية» (414)، والجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص210)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1049) من طريق علي بن الحسن بن شقيق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام سفيان الثوري / قال: (إنما الدين بالآثار).
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص57)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ص200)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1049)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص264) من طريق عبد العزيز، أنا عبد الله بن المبارك عن سفيان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام عمر بن عبد العزيز /: (أنه كتب إلى الناس أنه لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله r).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص781)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص423)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ص99)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (4697)، وابن نصر في «السنة» (94)، والهروي في «ذم الكلام» (383)، و(806)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (556) من طرق عن عمر بن عبد العزيز به.
وإسناده صحيح.
وعن الإمام يحيى بن آدم / قال: (لا يحتاج مع قول النبي r إلى قول أحد، وإنما كان يقال: سنة النبي r، وأبي بكر، وعمر ﭭ، ليعلم: أن النبي r مات وهو عليها).
أثر لا بأس به
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص84)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (29)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص536) من طريق أبي هشام الرفاعي قال: سمعت يحيى بن آدم به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الانتصار لأهل الأثر» (ص147): (المخالف لعلماء الحديث علما وعملا: إما جاهل، وإما منافق). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العبودية» (ص50): (وأصل ضلال من ضل: هو بتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله، واختياره الهوى على اتباع أمر الله). اهـ
وقال الإمام ابن الجوزي / في «صيد الخاطر» (ص470): (المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه، واقتناعه بعلمه، وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص527): (مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة، والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل، والدين، والخلق). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
قلت: فهذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وأئمة هذه الأمة التي تبين اتباع كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف.
قال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص209): (]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم[؛ أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه، ]ولا تتبعوا من دونه أولياء[؛ أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول r إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره). اهـ
وقال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50].
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص18): (قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50]؛ فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما، إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى، فكل ما لم يأت به الرسول r فهو من الهوى.
وقال تعالى: ]يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب[ [ص: 26]؛ فقسم سبحانه طريق الحكم بين الناس إلى الحق، وهو الوحي الذي أنزله الله تعالى على رسوله r، وإلى الهوى وهو ما خالفه.
وقال تعالى لنبيه r: ]ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون[ [الجاثية: 18] ]إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين[ [الجاثية: 19]؛ فقسم الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه عليها، وأوحى إليه العمل بها، وأمر الأمة بها وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون؛ فأمر بالأول، ونهى عن الثاني.
وقال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3]؛ فأمر باتباع المنزل منه خاصة: واعلم أن من اتبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء).([124])اهـ
قلت: واتباع الهوى يصد عن الحق، والله المستعان.
لذلك يجب على كل مسلم ترك الزلة، والتقليد في الدين.
فعن خالد بن الحارث قال: قال سليمان التيمي: (لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص927) من طريق قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن زهير، ثنا الغلابي، ثنا خالد بن الحارث به.
قلت: وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص543) من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو معاوية الغلابي، قال: حدثني خالد بن الحارث، قال: قال سليمان التيمي: (لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله).
وإسناده صحيح.
وذكره الطبري؛ كما في «جامع بيان العلم» (ج2 ص927)؛ عن أحمد بن إبراهيم، عن غسان بن المفضل قال: أخبرني خالد بن الحارث به.
قال الحافظ ابن عبد البر /؛ معلقا على الأثر: (هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا والحمد لله). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (وأنت تعلم بما تقدم ما في هذا الكلام؛ لأن الحنيفية السمحة إنما أتى فيها السماح مقيدا بما هو جار على أصولها، وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت). اهـ
قلت: فمن أراد أن يتعطل، ويتبطل فليزم زلات العلماء، والله المستعان.
وعن معتمر، عن أبيه([125])، قال: (إذا أخذت برخصة العلماء كان فيك شر الخصال).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص143) من طريق أبي بكر المروذي، قال: حدثنا أبو غسان، حدثنا معتمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص350): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد). اهـ
وعن الإمام إبراهيم بن أدهم، قال: (من حمل شاذ([126]) العلماء حمل شرا كبيرا).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص143) من طريق حرب بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن عثمان، حدثنا ابن حمير([127])، حدثنا إبراهيم بن أدهم به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قال الحافظ ابن عبد البر: (لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعا).([128]) اهـ
وعن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).([129])
وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.
وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».
وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).
وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.
وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.
وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.
وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.
وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([130])
وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس ﭭ قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).
وإسناده حسن في المتابعات.
قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([131]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ
قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([132])، اللهم سلم سلم.
وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.
وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.
قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([133])، والعياذ بالله.
فعن الإمام الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([134]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([135])
وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([136])
قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.
فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.
قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ
وعن الإمام وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر!).
أثر حسن
أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.
قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([137])
قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ
وعن ابن عباس ﭭ قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص90)، و(ج5 ص134).
وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم –يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال يزيد بن عميرة –الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص981) من طريق ابن عجلان عن ابن شهاب أن معاذا t به.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص232) من طريق ابن عجلان عن الزهري أن أبا إدريس أن معاذا t به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص466)، وابن وضاح في «البدع» (63) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة به.
وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (117)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (27) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال معاذ بن جبل t به.
وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص185)، و(ج3 ص59)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8581)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455).
قلت: فليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي r.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([138]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص541)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص109)، ووكيع في «الزهد» (ج3 ص829)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص140) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله t به.
قلت: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود([139])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وعبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود([140])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص99)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص137) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة عن سهل القراري عنه.
قلت: وسهل القراري هذا مجهول([141])، وهو لم يدرك ابن مسعود أيضا.
وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص97)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص144) من طريق الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب به.
قلت: وهارون بن رئاب لم يسمع من ابن مسعود([142])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص126) من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود t قال: (اغد عالما، أو متعلما ولا تغد بين ذلك).
قلت: وهذا سنده حسن.
فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([143])
وأخرجه وكيع في «الزهد» (513)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1493) من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود t به.
قلت: والحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود([144])، فالإسناد منقطع، وقد أعله بالانقطاع البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص692).
وأخرجه الدارمي في «المسند» (349)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص463) من طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود t به.
قلت: والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن مسعود([145])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص367)، وأبو داود في «الزهد» (141) من طريق سالم بن أبي الجعد عن طرفة المسلي قال: قال عبد الله بن مسعود t.
قلت: وطرفة المسلي هذا مجهول([146])، ولم أجد من وثقه غير ابن حبان حيث ذكره في «ثقاته» (ج4 ص398).
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166 و167)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص136 و137)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج1 ص124) من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود t به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص181)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وهذه الطرق تؤكد أن له أصلا عن عبد الله بن مسعود t.
فالحديث بمجموع طرقه صحيح.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص58): (وإنما هذه الجملة ينبغي أن ينتبه لها الذين يأبون إلا التقليد؛ ليعلموا أن من آثر التقليد فالأحرى به تقليد الصحابة لأنهم الأعلم). اهـ
قلت: فلا يدرى ما عذر المقلد في ترجيح أقوال غير الصحابة y على أقوالهم؛ فكيف إذا منع الأخذ بقول الصحابة y فكيف إذا صار يرمى بالابتداع من عمل بها؟!، لا جرم أنه أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت.
قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([147])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل)([148]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم –يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([149]) عقله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ
قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([150])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([151])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([152])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([153])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ
قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.
ويقول الحافظ ابن عبد البر /: بعد أن ساق بعض هذه الآيات في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134): (قد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج2 ص836): (التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r بغير برهان فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليدا، وقام البرهان؛ على بطلانه). اهـ
قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([154])
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ
قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([155])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ
قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975)؛ وهو يعقد في كتابه بابا بعنوان: (باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع) ثم يقول: (قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه ... وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين؛ لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ
قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([156]) الفاضلة).اهـ
قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.
ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ
قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ
وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ
قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([157])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ
قلت: فالحجة في الأدلة الشرعية التفصيلية فليس أن يقبل قولا ممن قاله إلا بقيام الأدلة الشرعية التفصيلية على صواب ذلك القول؛ فإن قبله بغير ذلك كان مقلدا التقليد المذموم المنهي عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص260): (قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه، وهذا هو التقليد الذي حرمه الله تعالى ورسوله r وهو: أن يتبع غير الرسول r فيما خالف فيه الرسول r، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان؛ في سره وعلانيته وفي جميع أحواله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
قلت: إذا فإن إقرار التقليد واتخاذه دينا ومذهبا أمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الواجب حكم من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص من القرآن، أو حديث صحيح أو حسن من السنة، ولا نعلم في ذلك نقلا اعتمد عليه.
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص64): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن خالفت الدليل، وهذا مذموم، وقد يؤول للكفر). اهـ
قلت: فالتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن التقليد كما بينا هو الأخذ بقول الغير بلا حجة.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص787): (والتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه.
والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه وتعالى).اهـ
وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: (التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة.
والاتباع ما ثبت عليه حجة).([158])
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
قلت: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع.([159])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975): (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد، والاتباع قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31]). اهـ
قلت: ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.
قال الحافظ السيوطي /: (إن المقلد لا يسمى عالما).([160]) اهـ
قلت: فيجب القبول باتباع الحجة والانقياد للدليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع دون تقليد شخص بعينه؛ لأن التقليد ممنوع في الشريعة.([161])
قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فحينئذ ليس من شأن المسلم التجمد على التقليد فإن تجمد مع ذلك فما أشبهه بمن قال الله تعالى فيهم: ]ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك[ [البقرة: 145]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([162])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص205): (وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال سبحانه: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:
منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.
ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([163]) في المسائل الشرعية). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص165): (وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة([164])، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص248): (ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد([165])؛ لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج11 ص111): (وليس للمفتي والعامل على مذهب الإمام الشافعي في المسألة ذات الوجهين أو القولين أن يفتي أو يعمل بما شاء منهما من غير نظر، وهذا لا خلاف فيه). اهـ
وقال أشهب، سمعت مالكا / يقول: (ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.
قال أشهب: وبه يقول الليث بن سعد).([166])
وقال أشهب /: سئل مالك بن أنس / عن اختلاف أصحاب رسول الله r فقال: (خطأ وصواب فانظر في ذلك).([167])
وقال ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين حدث بهما ثقة عن أصحاب رسول الله r أتراه من ذلك في سعة؟ فقال: (لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا، وما الحق والصواب إلا في واحد).([168])
وقال ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: في اختلاف أصحاب رسول الله r: (مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد).([169])
وقال ابن القاسم، سمعت مالكا، والليث، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله r ليس كما قال ناس: (فيه توسعة ليس كذلك، إنما هو خطأ وصواب).([170])
قلت: هذه عبارة علمية صدرت من إمام أهل السنة في زمانه ممن تلقى العلم من التابعين الذين أخذوه عن الصحابة الكرام عن الرسول r، وهو إمام عالم بالأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ
قلت: فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.([171])
والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة وذلك لا يعدم.
قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص198): (فيا لله العجب، أيروج هذا الخداع والمكر والتلبيس على أحكم الحاكمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ثم إن هذه الحيلة كما هي مخادعة لله، ومكر بدين الإسلام، فهي باطلة في نفسها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234): (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي r لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186): (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236): (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص231): (النزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا، كخلاف الخوارج، والرافضة، والقدرية، والمرجئة).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج3 ص196): (والله لو نتأمل هذه الكلمة ]اليوم أكملت لكم دينكم[ فلا يوجد شيء ناقص في الدين أبدا، فهو كامل من كل وجه، لكن النقص فينا، إما قصور في عقولنا، أو في أفهامنا أو في علومنا، أو في إرادات تكون غير منضبطة، فمن الناس من يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التحفة العراقية» (ص343): (ومن لم يقف عند أمر الله ونهيه فليس من المتقين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التحفة العراقية» (ص299): (من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح). اهـ
قلت: فما أبعد المقلدة عن فقه السلف المجمع عليه في الشريعة المطهرة؛ فإنهم يتركون فقههم ويذهبون إلى فقه المذاهب المختلف فيه!.
وهذا ينبؤ بخطر عظيم على المقلدة؛ لأن أكثرهم يحتج باختلاف الفقهاء من بعد إجماع الصحابة الكرام من أجل تروج باطلهم في الدين.
قلت: ومن فعل ذلك ونصح ولم يتب وأصر على باطله؛ فهو مبتدع ضال كائنا من كان، لا لأنه خالف في مسألة فقهية، لكن لأنه أراد أن يروج بدعته عن طريق اختلاف العلماء([172])، وهذا أصل الفرقة التي نهى عنها الله تعالى، ورسوله r. ([173])
وبوب الحافظ البيهقي / في «شعب الإيمان» (ج16 ص463): فصل: من هذا الباب مجانبة الفسقة، والمبتدعة ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.
وعن الإمام مسلم بن يسار / قال: (إياكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته). يعني: الجدل.
أثر صحيح.
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص109)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص187)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص273)، وعبدالله بن أحمد في «زوائده على الزهد» (ص251)، والآجري في «الشريعة» (ص56)، وفي «أخلاق العلماء» تعليقا (ص77)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص33 )، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص294)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (547)، وفي «الإبانة الصغرى» تعليقا (124)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص308)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص61)، والفريابي في «القدر» (383)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج58 ص145) من طريق حماد بن زيد حدثنا محمد بن واسع عن مسلم بن يسار به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فما ثار قوم بفتنة إلا أوتوا الجدل، والمراء في الدين، اللهم غفرا.
قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص434): (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة y، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى). اهـ
قلت: فلابد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.
قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].
وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.
إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك الى تأويل بلا نص، ولا اجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ
قلت: فيرى ابن حزم / أنه يتعرض بالتأويل، والعدول عن ظواهر النصوص؛ إلا إذا دل على ذلك دليل، وشاهد من نص قرآن، أو سنة صحيحة، أو إجماع.
قال الإمام الملطي / في «التنبيه» (ص82): (وأهل البدع وافقوا إبليس في مجال القياس، وتركوا النص من التنزيل وتأولوا تأويلا فاسدا فعدلوا عن نص الخبر إلى القياس الفاسد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص227): (الرافضة والجهمية، لا تحفظ أئمتهم القرآن، وسواء حفظوه أم لم يحفظوه لا يطلبون الهدى منه، بل إما أن يعرضوا عن فهمه وتدبره، كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وإما أن يحرفوه بالتأويلات الفاسدة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص344): (فإنما وقع الخروج عن السنة في أولئك لمكان إعمالهم الرأي واطراحهم السنن، لا من جهة أخرى). اهـ
وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص68): (أي ظلم أعظم، من ظلم، من علم الحق والباطل، فآثر الباطل على الحق). اهـ
وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص65): (لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح الكافية» (ج2 ص257): (الذي لا يقبل الحق إلا إذا وافق هواه، ويرده إذا خالف هواه، هذا مطفف، وهو أعظم من تطفيف الكيل، والوزن). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج3 ص 245): (فإذا رأيتم أحدا شأنه أبدا الجدال في المسائل مع كل أحد من أهل العلم، ثم لا يرجع ولا يرعوي، فاعلموا أنه زائغ القلب متبع للمتشابه فاحذروه). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الضياء اللامع» (ص15): (العالم حي بعد مماته، والجاهل ميت في حياته). اهـ
قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
وعن عروة، عن عبد الله بن الزبير ﭭ، أنه حدثه: (أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي r في شراج([174]) الحرة ([175])، التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه؟ فاختصما عند النبي r، فقال رسول الله r للزبير: أسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله r، ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ [النساء: 65]).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص34)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1829)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص51)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص599)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص475)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص245)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص7)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص75)، وفي «أسباب النزول» (ص163)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص203)، والطائي في «الأربعين» (ص64)، وابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (ج2 ص579)، والفاسي في «الأربعين» (ق/10/ط)، والأبرهوقي في «معجم شيوخه» (ق/103/ط)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص775)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج4 ص57)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج5 ص389)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص38)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج13 ص108)، والبيهقي في «المعرفة» (ج1 ص106)، وفي «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص203)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص158 و159)، وفي «تهذيب الآثار» (ص423)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص189)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص364)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص255)، والنحاس في «القطع والائتناف» (ص254)، وابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص395)، و(ج2 ص93)، وفي «التفسير» (ج3 ص993)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص261)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» (ص43)، والبغوي في «شرح السنة» (ج8 ص283)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص185)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص407)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص654)، والبزار في «المسند» (ج3 ص183) من طرق عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عبد الله به.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص38)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص159)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وفي «المعرفة» (ج1 ص11)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص466)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ص104)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص106)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، والبغوي في «التفسير» (ج1 ص448)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص653)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص308)، والشاشي في «المسند» (ج1 ص107) من طريق ابن شهاب عن عروة عن الزبير به.
قال الحافظ الطائي / في «الأربعين» (ص67): (والآية التي نزلت في تلك الحادثة تدل على أن الاستسلام والانقياد لحكم رسول الله r سرا وعلنا من شرط الإيمان). اهـ
وقال الإمام محمد بن طاهر / في «الحجة» (ج2 ص393): (فجعل تعالى في هذه الآية أن من شرط الإيمان، وصحته الانقياد لحكم رسوله r، ودل على أن من خالفه غير منقاد للحق، وغير ثابت الإسلام). اهـ
قلت: فيجب على الناس أن يسلموا، وينقادوا، ويذعنوا لما يأتي به النبي r من القضاء، ولا يعارضونه بشيء في ظاهرهم وباطنهم.([176])
قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الإبصار» (ص248): (وليس الاستدلال بالحديث في المتنازع فيه إلا كتحكيمه r في ذلك، فقد وجب فيه الأخذ بقوله r؛ فقد قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65] فمن تجمد على التقليد وأعرض عن اتباع قوله r بعد ظهوره من غير مانع له عن العمل إلا التقليد فليحذر كل الحذر بهذه الآية). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «التبيان» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
أقسم سبحانه، بنفسه المقدسة، قسما مؤكدا بالنفي قبله؛ على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول، والفروع، وأحكام الشرع، وأحكام المعاد، ومسائل الصفات وغيرها.
ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتنفسح له كل الانفساح، وتقبله كل القبول.
ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم، وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.
فههنا ثلاثة أمور: التحكيم، وانتفاء الحرج، والتسليم.
فلا يلزم من التحكيم انتفاء الحرج؛ إذ قد يحكم الرجل غيره وعنده حرج من حكمه.
ولا يلزم من انتفاء الحرج الرضا والتسليم والانقياد؛ إذ قد يحكمه وينتفي الحرج عنه في تحكيمه، ولكن لا ينقاد قلبه، ولا يرضى كل الرضى بحكمه.
فالتسليم أخص من انتفاء الحرج. فالحرج مانع، والتسليم أمر وجودي.
ولا يلزم من انتفاء الحرج حصوله بمجرد انتفائه، إذ قد ينتفي الحرج ويبقى القلب فارغا منه، ومن الرضى والتسليم، فتأمله.
وعند هذا تعلم أن الرب تبارك وتعالى أقسم على انتفاء إيمان أكثر الخلق.
وعند الامتحان تعلم مثل هذه الأمور الثلاثة؛ هل هي موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا؟.
والله سبحانه المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). اهـ
قلت: وهذا عين الفقه، والعلم، والله المستعان.
قال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج2 ص233): (الاتباع عند العلماء، هو الأخذ بسنن رسول الله r التي صحت عنه عند أهلها، ونقلتها، وحفاظها، والخضوع لها، والتسليم لأمر النبي r فيها). اهـ
وعن عمر بن الخطاب t أنه كتب إلى شريح القاضي: (إذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله r).
وفي لفظ: (إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض به، ولا تلتفت إلى غيره).
أثر صحيح
أخرجه النسائي في «المجتبى» (ج8 ص231)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص241)، والدارمي في «المصنف» (ج1 ص60)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص110)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (133 و134)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص99)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص19)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص136)، ووكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص846)، وابن حزم في «الإحكام» من طرق عن الشعبي عن شريح أنه كتب إلى عمر t يسأله؛ فكتب إليه ... وذكروه بألفاظ عندهم.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج1 ص120).
وتابعه أبو إسحاق الشيباني عن شريح به.
أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص146) من طريق علي بن مسهر عن أبي إسحاق به.
وأخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399).
وقال الإمام الشافعي /: (الأصل قرآن أو سنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله r وصح الإسناد منه فهو المنتهى). وفي رواية: (وصح الإسناد به، فهو سنة).([177])
وعن ابن وهب قال: قال لي مالك /، (الحكم الذي يحكم به بين الناس حكمان ما في كتاب الله، أو ما أحكمته السنة، فذلك الحكم الواجب، وذلك الصواب).([178])
وعن الإمام ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج14 ص373).
وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([179])
قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ
قلت: وما كثرت البدع والأهواء في هذه الأمة، وفشت إلا بتقديم العقول على ما جاء به الرسول r ... فتشعبت بهم الطرق، وصاروا مختلفين في الكتاب مخالفين للكتاب، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص83): (فالبدع تكون في أولها شبرا ثم تكثر في الاتباع حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص83): (فإذا كان كلامه r في الشريعة حقا كله وواجبا؛ فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان من الله تعالى فلا اختلاف فيه؛ لقوله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82]، وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: ]ولا تنازعوا[؛ فمن المحال أن يأمر رسول الله r باتباع كل قائل من الصحابة y، وفيهم من يحلل الشيء وغيره منهم يحرمه، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال واجبا اقتداء بعلي، وعثمان، وطلحة، وأبي أيوب، وأبي بن كعب، وحراما اقتداء بعائشة، وابن عمر، ولكان بيع الثمر قبل ظهور الطيب فيها حلالا اقتداء بعمر؛ حراما اقتداء بغيره منهم، وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص285): (وكذلك الكلام في عامة مسائل النزاع بين المسلمين إذا طلب ما يفصل النزاع من نصوص الكتاب والسنة وجد ذلك). اهـ
وعن الإمام أبي يوسف / قال: (لا يحل لأحد أن يقول: مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393) من طريق محمد بن عمر بن العلاء يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: قال أبو يوسف به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص258).
وعن الإمام الشافعي / قال: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة، كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393)، وفي «مناقب الشافعي» (ج2 ص142)، وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص100)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص125) من طريق الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الربيع بن سليمان: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم، وهو لا يدري على غير فهم، فيكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصا لإيمانه، وهو لا يدري!.
قلت: على هذا فإن الإسلام جاءنا بالهداية، والتوفيق، والفلاح لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتحقيق السعادة الحقيقية لهم في الدنيا والآخرة، وتحذيرهم من الشرك والبدع، والجهل والتعصب، وإيجاد المجتمع الصالح الملتزم بالدين في فروعه وأصوله، فكان أن أرسل الله رسوله الكريم r؛ ليقوم بالدعوة إلى الدين المتين، بدعوة الناس إلى التمسك بالكتاب والسنة، ويوضح لهم الحق بالبراهين، فأوضح لهم سبل الهداية، ونجاهم بتوفيق من الله تعالى من طريق الضلالة.
* ثم خلف من بعده r الخلاف، والنزاع في بعض مسائل الدين منذ عهد الصحابة، والتابعين، وأتباعهم من الأئمة المجتهدين إلى يومنا هذا.
* ثم من بين هؤلاء خرج أناس جهال فقووا الخلاف، وتعصبوا، وثبتوا على ما اختاره أئمتهم، وأخذوا في حصر الصحة على مذهب إمامهم، وإن خالف القرآن والأحاديث الصحيحة الصريحة، وحكموا بخطأ مذهب من خالفهم وإن وافق الدلائل والحجج من الكتاب والسنة.
قلت: ولو ترك هؤلاء التعصب المذهبي، واعتمدوا دائما على الدليل الأقوى من الكتاب والسنة؛ لتقلص الخلاف بين الأمة، والله المستعان.
فنصيحتي إلى هؤلاء المتعصبين لمذاهبهم أن يقرؤوا ليعرفوا أن أئمة المذاهب نهوا عن تقليدهم، فخالفهم هؤلاء المتعصبون المذهبيون، واتبعهم كل من سار على نهج الكتاب والسنة، ولله الحمد.
* وهذا الكتاب المسمى «سراج المتقين في صفة صلاة خاتم المرسلين» يتعلق بمسائل هامة في الصلاة، إذ إن للصلاة منزلة عظيمة، وكبرى: عند الله سبحانه وتعالى، فهي بأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي: أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة؛ لحديث أبي هريرة t، عن النبي r: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله، يحاسب بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر).([180])
قال الحافظ البيهقي / في «شعب الإيمان» (ج3 ص134)؛ تحسين الصلاة، والإكثار منها: ليلا ونهارا، وما حضرنا عن السلف الصالحين في ذلك.
وعن عمرو بن سعيد قال: كنت عند عثمان t فدعا بطهور، فقال: سمعت رسول الله r يقول: (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله([181]».
أخرجه مسلم في «صحيحه» (328)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (57)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص290)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص105)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص135)، وابن حبان في «صحيحه» (1041)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (1312)، والبزار في «المسند» (411)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (545) من طريق إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص حدثنا أبي عن أبيه به.
وعن أبي هريرة t قال: (صلى بنا رسول الله r يوما، ثم انصرف فقال r: يا فلان: ألا تحسن صلاتك، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (423)، والنسائي في «السنن الكبرى» (947)، وفي «المجتبى» (ج2 ص119)، وابن خزيمة في «صحيحه» (373)، و(664)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص290)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص135) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة t به.
وبوب عليه الحافظ النووي / في «المنهاج» (ص109)؛ باب الأمر بتحسين الصلاة، وإتمامها، والخشوع فيها.
وقال الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص712): (وكانت العلماء: إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن: أن يشد بصره إلى شيء، أو يلتفت، أو يقلب الحصى، أو يعبث بشيء، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا، إلا ناسيا: ما دام في صلاته). اهـ
وعن عبد الله بن مسعود t قال: «قاروا الصلاة».
أثر صحيح
أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص715 و716)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص125)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص269)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص265)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص191) من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبدالله بن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن مجاهد / قال: في قول الله عز وجل: ]الذين هم في صلاتهم خاشعون[ [المؤمنون: 2]، قال: «السكون».
أثر صحيح
أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص71 و715)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص254)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص280)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص2) من طريق سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والمقصود: أنهم خائفون، ساكتة جوارحهم، خاشعون في صلاتهم لله تعالى رهبة منه.
وعن عبد الله بن مسلم بن يسار: (أن أباه([182]) كان إذا صلى، كأنه وتد: لا يقول هكذا، ولا هكذا).
أثر حسن
أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص85)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2888)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص291) من طريق ابن عون عن عبد الله بن مسلم بن يسار به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال مسروق /: (ما أتينا على شيء من الدنيا إلا السجود، يعني: الصلاة).([183])
* وقد تولى الله سبحانه وتعالى فرضها على رسوله r مباشرة بمخاطبته له ليلة الإسراء والمعراج، فقام r يبين ما فرضه الله عليه في هذه الصلاة من قول وفعل، وأوجب على أمته الاقتداء به فيها، فقال r: «صلوا كما رأيتموني أصلي».([184])
قلت: وقد كان السلف يثنون على من يحسن الصلاة.([185])
فأخرج ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص248 – في ترجمة ابن جريج) من طريق أحمد بن حنبل قال: قال عبدالرزاق: (وأهل مكة يقولون: أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء بن أبي رباح، وأخذ عطاء من ابن الزبير، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر، وأخذ أبو بكر من النبي r).
قال عبدالرزاق: وما رأيت أحدا أحسن صلاة من ابن جريج، كان يصلي: ونحن خارجون، فيرى كأنه اسطوانة: وما يلتفت يمينا، ولا شمالا).
وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص404)، والذهبي في «السير» (ج6 ص330)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2884)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص12)، وفي «الزهد» (ص187)، وأبو بكر المروزي في «مسند أبي بكر الصديق» (137).
وإسناده صحيح.
وفي رواية للخطيب في «تاريخ بغداد» أيضا (ج10 ص403 و404)، وعنه المزي في «تهذيب الكمال» (ج18 ص352)، قال أحمد بن حنبل؛ قال عبدالرزاق: وكان ابن جريج حسن الصلاة).
قلت: بل السلف يفرحون بصلاتهم لمشابهتها بصلاة النبي r، وهذا بخلاف الناس في هذا العصر، والله المستعان.
وإليك الدليل:
فعن أبي هريرة t قال: - بعدما بين صفة صلاة النبي r - (والذي نفسي بيده، إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله r، إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا).([186])
وعن أبي حميد الساعدي t قال: (أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله r... الحديث).([187])
وعن مالك بن الحويرث t قال لأصحابه: (ألا أنبئكم صلاة رسول الله r... الحديث).([188])
وعن مالك بن الحويرث t قال: (إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي r يصلي... الحديث).([189])
قلت: فالسلف يحبون أن يصلوا صلاة النبي r، ويعلمون الناس ذلك، والله ولي التوفيق.
قال الفقيه القرافي / في «الذخيرة» (ج1 ص386): (والصلاة مشتملة على:
(1) حق الله تعالى: كالنية، والتكبير، والتسبيح، والتشهد، والقيام، والقعود، والركوع، والسجود، وتوابعها...
(2) وعلى حقه عليه السلام: كالصلاة عليه والتسليم، والشهادة له بالرسالة.
(3) وعلى حق المكلف: وهو دعاؤه لنفسه بالهداية، والاستعانة على العبادة وغيرها، والقنوت، ودعاؤه في السجود.
(4) وعلى حق العباد: كالدعاء لهم بالهداية والقنوت، وطلب الإعانة، والسلام على عباد الله الصالحين... فلذلك كانت الصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان). اهـ
قلت: إذا فالصلاة أعظم قواعد الإسلام، وأرفع أعمال الإيمان، وأقرب وسيلة إلى الرحمن، وهي مفزع التائبين، وملجأ الخائفين، وبضاعة العاملين، وقرة أعين العابدين.
تجلو صدأ قلوبهم بأنوارها، وتهتك حجب نفوسهم بأسرارها، وترشدهم بمنارها إلى فخار مقاصدهم وأعزازها، فهم في رياض أنسها يترددون، وفي ظلال أشجارها يتقلبون، ومن طيب نسيمها يتنسمون، وإلى مراقيها يتسنمون، وفي جميع ملاذها يتفكهون، ويأكلون ويشربون. ([190])
* وقد مدح الله تعالى عباده المؤمنين؛ فبدأ بذكر الصلاة قبل كل عمل؛ فقال تعالى: ]قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خاشعون[ [المؤمنون: 1-2]؛ فمدحهم في أول نعتهم بالخشوع فيها، مم أعاد ذكرها في آخر القصة إعظاما لقدرها في القربة إليه، ولما أعد للقائمين بها، المحافظين عليها من جزيل الثواب، ونعيم المآب؛ فقال تعالى: ]والذين هم على صلواتهم يحافظون (9) أولئك هم الوارثون (10) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون[ [المؤمنون: 9-11].
قلت: ولم نجد الله عز وجل مدح أحدا من المؤمنين بمواظبته على شيء من الأعمال مدح من واظب على الصلوات في أوقاتها.([191])
ولا يكون العبد مقيما للصلاة على ما يريده الله جل وعلا منه إلا إذا أقامها على وجهها الحق؛ خشوعا والتزاما، وأداء ووصفا.
* أما الخشوع: فهو سر بين العبد وربه؛ لأنه: لين القلب، ورقته، وسكونه، وخضوعه، وانكساره، وحرقته، ولا يعلم حقيقة، ذلك إلا رب العالمين سبحانه وتعالى.([192])
* وأما الأداء: فإنه: لا يمكننا أداؤها حق الأداء - أو قريبا منه - إلا إذا علمنا صفة صلاة النبي r مفصلة، وما فيها من واجبات، وآداب، وهيئات، وأذكار، ثم حرصنا على تطبيق ذلك عمليا، فحينئذ نرجو أن تكون صلاتنا تنهانا عن الفحشاء والمنكر، وأن يكتب لنا ما ورد فيها من الثواب، والأجر.([193])
قلت: وفي سبيل إيضاح ذلك كله، وبيانه ألفت في أحكام الصلاة وآدابها، وفضائلها مصنفات كثيرة([194])، وتواليف نثرة، طبع قليل منها، وما يزال مخطوطا أكثرها، وذلك لاهتمام أهل العلم في تبيين أحكام هذه الصلاة العظيمة.
فعن مطر قال: (كان علم إبراهيم النخعي في الصلاة).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص122) من طريق هارون بن معروف قال: نا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال مسروق /: (ما أتينا على شيء من الدنيا إلا السجود، يعني: الصلاة).
أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ص553) من طريق شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن جبير قال: قال: مسروق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (أحق ما سعينا إليه الصلاة).
أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص358) من طريق وكيع نا سفيان عن عمرو بن قيس الملائي عن سلمة بن كهيل عن عمارة بن عمير عن عبد الله بن مسعود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج5 ص52): (فإن الصلاة هي قوت قلوب المؤمنين وغذاؤها، بما اشتملت عليه من ذكر الله تعالى، ومناجاته وقربه، فمن أتم صلاته فقد استوفى غذاء قلبه وروحه، فما دام على ذلك كملت قوته، ودامت صحته وعافيته، ومن لم يتم صلاته فلم يستوف قلبه وروحه قوتها وغذاءها، فجاع قلبه وضعف، وربما مرض، أو مات؛ لفقد غذائه، كما يمرض الجسد، ويسقم إذا لم يكمل تناول غذائه، وقوته الملائم له).اهـ
قلت: وصفة الصلاة؛ كيفيتها التي تكون عليها، كما وردت عن رسول الله r من أقواله وأفعاله، هذه هي صفة الصلاة؛ أي: أنها تؤدى على الهيئة الثابتة عن رسول الله r.
* وصفة الصلاة تنقسم إلى قسمين:
(1) صفة كاملة: وهي المشتملة على الأركان، والواجبات، والسنن.
(2) وصفة مجزئة: وهي المشتملة على الأركان والواجبات فقط.
* ولا شك أنه يجب على المسلم أن يصلي على الصفة الثابتة عن رسول r؛ فلا يحدث فيها شيء لم يرد عن النبي r؛ فإن ذلك يكون بدعة وكل بدعة ضلالة.([195])
قلت: وإن من نافلة القول الإشارة إلى أن ثمت مسائل خلافية بين أهل العلم، وطلابه قديما وحديثا؛ فمن اختار من هذه المسائل قولا يعتقد أنه الحق، ويؤيده بالحجة، وينصره بالدليل: فلا غضاضة عليه، ولا لوم موجه إليه؛ فما يزال الخلاف المنضبط في دائرة المنهج العلمي الصحيح جادة مطروقة منذ غابر الزمان وحاضره.
* هذا ومنهجي في هذا الكتاب ألا استدل إلا بما صح عندي من حديث رسول الله r.
* وحرصت على أن أكشف عن مرتبة الحديث من صحة، أو حسن إتماما للفائدة، وأكثر ما أذكره بحمد الله، وفضله بالأسانيد المشهورة المعروفة من الكتب الظاهرة المتداولة من كتب السنة وغيرها، وتركت ألفاظ الحديث إن كان فيه ألفاظ، واكتفيت بلفظ واحد من الحديث للإختصار، وعدم الإطالة، تيسيرا على القارئ، وتسهيلا له في المطالعة، ولكن نبهت على ذلك بقولي: (فذكره بألفاظ عندهم)، وإذا كان للحديث شواهد ذكرتها، وخرجتها وأحلت في تخريجها إلى بعض الكتب المشهورة، وحكمت عليها بالصحة، أو الحسن للفائدة، وبعض الأحاديث لها شواهد تركتها اختصارا، وقمت ببيان ما يخفى، ويشكل في الأحاديث من معان، وإذا كان في الحديث معان تحتاج إلى شرح شرحتها وأحيل بسط شرحه إلى كتب بعض العلماء.
* وجمعت فيه أيضا طرق وروايات الأحاديث الضعيفة الواردة في هذا الباب، مع الكلام على أسانيدها جرحا، وبيان عللها، والحكم عليها، وذلك لأن كثيرا من الناس اليوم لا يعرفون صحيح الحديث من ضعيفه.
قلت: ومرادي في هذا الكتاب أن نتعبد الله سبحانه وتعالى بما شرعه في كتابه، وفيما ثبت وصح عن النبي r، فلا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله تعالى إلا بما شرع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست بصحيحة، ولا بحسنة). اهـ
قلت: وهذا باتفاق أهل العلم.
* وقبل أن أختم هذه المقدمة أود أن أحذر، وأنبه إخواني المسلمين من مخالفة النبي r، وأن في مخالفته: فتنة كبيرة، وعذابا، وضلالا، قال الله تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63]، وقال الله تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
لذلك عليك بمنهج الرسول r، وبمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا.([196])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ باللـه.
قلت: ووجه الاستدلال بها([197])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون
اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([198])
والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([199])
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([200]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([201])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([202])
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[
[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([203])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([204])
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([205])؛ إذ لا يضم المباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([206])
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المقلد أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من حكم في الأصول، أو الفروع، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([207])، والعياذ باللـه.
قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في أحكام الدين، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في الأحكام وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
وعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد».([208]) وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».([209])
قال الحافظ ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ص52): (وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث: «الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله تعالى ورسوله r، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله تعالى ورسوله r، فليس من الدين في شيء.
* فهذا الحديث: بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع، فهو مردود، ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره، فهو غير مردود، والمراد بأمره هاهنا: دينه وشرعه، كالمراد بقوله r في الرواية الأخرى: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد». فالمعنى إذا: أن من كان عمله خارجا عن الشرع ليس متقيدا بالشرع، فهو مردود، وقوله r: «ليس عليه أمرنا» إشارة إلى أن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة، وتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها، فمن كان عمله جاريا تحت أحكام الشرع موافقا لها، فهو مقبول، ومن كان خارجا عن ذلك، فهو مردود). اهـ
وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).([210])
وعن أبي هريرة t؛ أن رسول الله r قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟، قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).([211])
وعن سلمة بن الأكوع t: (أن رجلا أكل عند رسول الله r بشماله، فقال r: كل بيمينك، قال: لا أستطيع؛ قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه).([212])
قال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي / في «السماع» (ق/3/ط): (وإنما نلتزم قول من أيد بالوحي والتنزيل، وعصم من التغيير والتبديل؛ قال الله عز وجل: ]وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3-4]. فعلمنا أنه r لم يأمر بأمر، ولم ينه عن أمر، إلا بوحي من الله عز وجل، ولذلك كان r إذا سئل عن أمر توقف حتى يأتيه الوحي، وليست هذه المنزلة لغيره، فيلزم قبول قوله). اهـ
قلت: على هذا يطيب لي ويسعدني أن أقدم لإخواننا المسلمين هذا الكتاب ليستفيدوا منه، ويراجعوا الصواب من قريب.
هذا وأبتهل إلى الله العلي القدير، أن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع في خدمة سنة رسوله r، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، ويوفقني لما يحبه ويرضاه، ولمزيد من خدمة كتابه، وسنة رسوله، أنه نعم المولى، ونعم النصير.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه:
أبو عبدالرحمن فوزي بن عبدالله الأثري
الباب الأول:
بين يدي الصلاة
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على شرطية الطهارة في الصلاة ([213])
(1) قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه[ [المائدة: 6].
قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج1 ص221): (وظاهر قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم[ [المائدة: 6]، يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة.
فدل قيام رسول الله r إلى الصلاة، وصلوات: بوضوء واحد على أن فرض الطهارة على من قام إلى الصلاة محدثا، دون من قام إليها طاهرا). اهـ
(2) وعن عبد الله بن عمر ﭭ قال: إني سمعت رسول الله r يقول: (لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص204)، والترمذي في «سننه» (ج1 ص5)، وابن ماجه في «سننه» (ج 1 ص100)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص19 و20 و39 و51 و57 و73)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص234)، وأبو عبيد في «الطهور» (ص145)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص63)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص42)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص23)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص110)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص3)، والسمان في «معجم شيوخه»، كما في «التدوين» للرافعي (ج1 ص434)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص8)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص331 و332) ، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص286 و287)، وفي «أحكام القرآن» (ج2 ص406)، والطيالسي في «المسند» (ص255 و256)، وأبو أحمد الحاكم في «شعار أصحاب الحديث» (ص48)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص38)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص176)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص290)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص4 و5)، وابن الأبار في «المعجم» (ص15)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص184)، وأبو يعلى في «المسند» (ج9 ص466 و467 و468)، وفي «المعجم» (ص322)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص151)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص108)، والعجلوني في «عقد الجوهر الثمين» (ص29)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص296)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص362)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص424)، وابن الجوزي في «البر والصلة» (ص221)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص371)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص279)، وفي «الاستذكار» (ج1 ص21)، ونصر المقدسي في «الأربعين» (ص78) ، والسيوطي في «الأحاديث المنتقاة من الطبقات الكبرى» (ص398)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص314)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج1 ص434)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص129)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص419) من طريق زائدة بن قدامة، وشعبة بن الحجاج، وإسرائيل بن يونس، وأبي عوانة ، جميعهم: عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن عبد الله بن عمر ﭭ... فذكره بألفاظ عندهم.
قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج1 ص5): (هذا الحديث: أصح شيء في هذا الباب، وأحسن).
* فائدة:
قوله r: (غلول)؛ هو بضم الغين، والغلول: الخيانة، وأصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة.([214])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج2 ص14): (والشاهد من الحديث، قوله r: (لا تقبل صلاة بغير طهور)، والطهور يكون من الحدث الأصغر، ومن الحدث الأكبر، ونفي القبول هنا: نفي للإجراء، والصحة، فلا تصح، ولا تجزئ صلاة بغير طهور). اهـ
(3) وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (135)، و(6954)، ومسلم في «صحيحه» (225)، وأبو داود في «سننه» (60)، والترمذي في «سننه» (76)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص308 و318)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص199)، وابن خزيمة في «صحيحه» (11)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص402)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص29)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص18 و137)، و(ج3 ص27)، وابن الجارود في «المنتقى» (66)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص328)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص433)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص180)، و(ج19 ص279)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص117 و160 و229)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص139)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص155)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص419 و412)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج18 ص62)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص233) من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد عن همام بن منبه، وهو في «صحيفته» (108)، عن أبي هريرة t به .
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص469)؛ باب: لا تقبل صلاة بغير طهور.
وبوب عليه الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص418)؛ باب: الوضوء للصلاة؛ وما جاء أنه لا تقبل صلاة بغير طهور.
وقال الإمام البيضاوي / في «تحفة الأبرار» (ج1 ص214): (فجعل الطهارة؛ كأنها الشرط كله، والشرط: شطر ما لا بد منه، حتى ينعقد صحيحا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج1 ص470): (في هذا الحديث نفي للصحة؛ لأنه نفي ثبت لفوات شرط، وهو الطهارة). اهـ
* والطهارة: شرط من شروط الصلاة.([215])
وقد تكلمت مفصلا في مباحث الوضوء في كتابي: (الكواكب الزاهرة في تبيين صفة وضوء سيد أهل الآخرة). والحمد لله على التوفيق.
قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «تسهيل الإلمام» (ج2 ص199): (اشتراط الطهارة للصلاة، بالوضوء من الحدث الأصغر، والاغتسال من الحدث الأكبر).([216]) اهـ
قلت: والأصل في الطهارة هو الماء، فإذا لم يجد الماء، أو وجده ولم يستطع استعماله؛ فإنه يتيمم.([217])
قال العلامة الشوكاني / في «الدرر البهية» (ج1 ص91): (ويجب على المصلي تطهير ثوبه، وبدنه، ومكانه من النجاسة). اهـ
وقال الفقيه المحلي / في «كنز الراغبين» (ج1 ص263): (من الشروط: طهارة الحدث، فلو لم يكن متطهرا عند إحرامه لم تعقد صلاته). اهـ
وقال الفقيه أبو بكر الحسيني / في «كفاية الأخيار» (ج1 ص173): (يشترط لصحة الصلاة الطهارة عن الحدث، سواء في ذلك الأصغر، والأكبر عند القدرة). اهـ
قلت: ولم يفرض الله سبحانه فرضا يستمر في حال الصحة والمرض، والغنى والفقر، والسفر والحضر، غير الصلاة، وألزم عباده بخمس صلوات في كل يوم وليلة، يسعى إليها العبد لمناجاة ربه، فيتهيأ لهذا اللقاء بالتطهر، ومن حكمة الله سبحانه أن جعل الصلاة لا تقبل بغير طهور، فيغتسل العبد، أو يتوضأ، أو يتيمم.
وتتحقق الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الأكبر بالغسل، وينوب التيمم عنهما بشروط خاصة.([218])
قلت: ويجب على المسلم قبل الصلاة إن يتحرى طهارة بدنه، وثوبه، ومكان صلاته، فإذا علق بأحدهما نجاسة مما خرج من السبيلين، أو النجاسات الأخرى، فإنه يجب إزالته وتطهيره بالماء.([219])
قال تعالى: ]وثيابك فطهر[ [المدثر: 4]؛ أي: اغسل ثيابك بالماء، وطهرها من النجاسات.([220])
قال الحافظ النووي / في «المجموع» (ج3 ص140): (والأظهر أن المراد: ثيابك الملبوسة، وأن معناه: طهرها من النجاسة). اهـ
* ففيها الأمر بطهارة الثياب.
قلت: فيتطهر المصلي من النجاسة: يطهر بدنه، وثوبه، ومكان صلاته.
* فمن علم ببدنه، أو ثوبه، أو مصلاه نجاسة... فلم يزلها لم تصح صلاته، وعليه إثم.
وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق ڤ، أنها قالت: سألت امرأة رسول الله r، فقالت: يا رسول الله، أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال رسول الله r: «إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه، ثم لتنضحه بماء، ثم لتصلي فيه».([221])
وعن عائشة ڤ قالت: «كانت إحدانا تحيض، ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها فتغسله وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه».([222])
قلت: فالنبي r أمر بغسل دم الحيض النجس الذي يصيب الثوب قبل الصلاة فيه.
وهذا مما يدل على أن الصلاة في الثوب النجس قبل غسله غير صحيحة، وأن تطهير الثوب شرط لصحة الصلاة.
قال الإمام ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج1 ص435): (وحديث عائشة ڤ: يفسر، حديث أسماء ڤ؛ وأن ما روته من نضح الدم، فمعناه: الغسل، كما قالت عائشة ڤ). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص489): (وفي قولها: «ثم تصلي فيه»، إشارة إلى امتناع الصلاة في الثوب النجس). اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: «إذا طهرت المرأة من الحيض، فلتتبع ثوبها الذي يلي جلدها، فلتغسل ما أصابه من الأذى، ثم تصلي فيه».
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (1008)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص272) من طريق الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن معاذة العدوية عن عائشة ڤ قالت لها امرأة: «الدم يكون في الثوب، فأغسله، فلا يذهب، فأقطعه؟، قالت: الماء طهور».
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (1012) من طريق سعيد بن الربيع حدثنا شعبة عن يزيد الرشك قال: سمعت معاذة العدوية به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن محمد بن سيرين قال: في قوله تعالى: ]وثيابك فطهر[ [المدثر: 4]؛ قال: «اغسلها بالماء».
أثر حسن
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج23 ص409)، وابن الحيري في «الكفاية في التفسير» (ج9 ص195)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج15 ص67 - الدر المنثور) من طريق أحمد بن موسى قال: أخبرنا ابن عون عن محمد بن سيرين به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج15 ص67).
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: في قوله تعالى: ]وثيابك فطهر[ [المدثر:4]؛ قال: «كان المشركون لا يتطهرون، فأمر الله نبيه أن يتطهر، ويطهر ثيابه».
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج23 ص409) من طريق يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال ابن الحيري المفسر / في «الكفاية في التفسير» (ج9 ص195): «وثيابك فطهر: من النجاسة للصلاة عليها، وهذا دليل في الفقه). اهـ
وهذا الحكم ذهب إليه: الحنفية، والمالكية في قول مشهور من مذهبهم، والشافعية، والحنابلة في الصحيح من المذهب، والظاهرية([223])، وغيرهم، وهم: الجمهور.
* وهذا قول الصحابة، والتابعين.
قلت: فطهارة اللباس في الصلاة شرط لصحتها، فمن صلى متعمدا مختارا، وعلى لباسه نجاسة، فصلاته غير صحيحة، وعليه الإعادة.
* وإذا صلى ثم رأى عليه نجاسة في بدنه، أو ثيابه: فإذا لم يعلم: هل كانت عليه في الصلاة، أو لا، فصلاته صحيحة، لأن الأصل عدمها([224])، عند الشك، فإنه لا يلتفت إلى الشك.
وقال الإمام ابن رجب / في «القواعد» (ص340): (لو صلى ثم رأى عليه نجاسة، وشك هل لحقته قبل الصلاة، أو بعدها، وأمكن الأمران: فالصلاة صحيحة).اهـ
قلت: وما عمل بالأصل، فلا يلتفت إلى الظنون، فإذا تيقن الطهارة في ثوبه، أو بدنه، ثم رأى عليه نجاسة بعد الصلاة، فإنه يبني على الأصل إلى أن يتيقن أن النجاسة كانت في الصلاة، وإلا كانت في الأصل عدم النجاسة في أثناء الصلاة، فيبني على الأصل في عدم وجودها في الصلاة.
* وإذا علم أنها كانت في الصلاة، لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة، فلا تبطل صلاته، لأن النبي r: أكمل صلاته، بعد أن خلع نعليه، وكان لا يعلم بالنجاسة في الصلاة، فلم تبطل، مع أنه r صلى بالنجاسة ابتداء، فهذا الحديث([225]): يؤيد القول بصحة الصلاة.(
قال الحافظ العيني / في «البناية» (ج1 ص421): (فإنه لا يلزم إعادة شيء من الصلاة بالاتفاق - على الأصح -). اهـ
* وإن علم في أثناء الصلاة، واستطاع أن يتخلص مما فيه من نجاسة فعل من غير زمن طويل، ولا عمل كثير، وأكمل صلاته، وأنه لا يعيد الصلاة([227])؛ كما خلع النبي r: (نعليه في الصلاة حين علم بنجاستهما)؛ فقال رسول الله r: (إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه»([228]) (650)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص20)، والدارمي في «المسند» (1378)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص480)، وأبو يعلى في «المسند» (ج2 ص381)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (880)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص511)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص402 و403)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص225)، و«في تخريج أحاديث كتاب الأم» (ق/217/ط)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص242)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص384)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص560)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص391)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص612)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص164)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص409)، والحربي في «غريب الحديث» (ج3 ص1052)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص389)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص303)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص92)، وفي «الإحكام» (ج1 ص466)، والخطيب في «لفقيه والمتفقه» (ج2 ص313)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص110)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص149) من طرق عن حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري به موصولا؛ بألفاظ متقاربة.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه النووي في «المجموع» (ج2 ص179)، و(ج3 ص132 و156).
وقال الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص221): (إسناده صحيح على شرط مسلم).
* وقوى إسناده ابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج2 ص402)، وحسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص303).
* ورجح أبو حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص227)، الحديث الموصول.
وقال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج8 ص112): (ورواه حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وهو: الصواب).
وقال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج11 ص328) بعد أن ذكر الاختلاف في وصله، وإرساله: (والقول من قال: عن أبي سعيد الخدري). يعني: الموصول في الإسناد.
* وهو الصواب، لأن الرواية الموصولة، قد اتفق عليها ثقتان: حماد بن سلمة، وحجاج بن حجاج الباهلي.
قال الحافظ أبو حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص227): (والمتصل أشبه؛ لأنه اتفق اثنان عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي r).
وقال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (ج2 ص277): (وأجودها حديث: أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري).
وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج3 ص139): (رواه أبو داود، بإسناد صحيح).
وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج3 ص158): (حديث أبي سعيد: صحيح). وكذا في (ج4 ص104).
وقال الإمام ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (ج3 ص389): (إسناد جيد).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج3 ص466)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج2 ص278)، وابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج1 ص502)، وفي «إتحاف المهرة» (ج5 ص413).
* ورواه حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن النبي r به، مرسلا، وهو غير محفوظ.
ذكره ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص226).
قال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص242): (رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي نضرة، مرسلا).
* فالنبي r صلى بوجود النجاسة في نعله، لأنه r لم يعلم بوجودها، فدل ذلك أن من صلى بالنجاسة بدون علم بوجودها، فصلاته صحيحة، والنجاسة معفو بوجودها.
وعن سالم بن عبد الله، أن ابن عمر ﭭ: «كان إذا رأى في ثوبه دما، وهو في الصلاة انصرف له، حتى يغسله ثم يصلي ما بقي من صلاته».
أثر صحيح
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (1453)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص287)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص403) من طريق الزهري أخبرني سالم بن عبدالله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج2 ص289): (وإذا صلى الرجل ثم رأى في ثوبه نجاسة لم يكن علم بها، ألقى الثوب عن نفسه، وبنى على صلاته، فإن لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته، فلا إعادة عليه، يدل على ذلك أن النبي r لم يعد مما مضى من الصلاة). اهـ
قلت: وإن لم يستطع التخلص من النجاسة، وهو في الصلاة إلا بعد زمن طويل، وعمل كثير في إزالة النجاسة بطلت صلاته، ويستأنف الصلاة.
* وإذا أصاب ثوبه، أو بدنه نجاسة يابسة فنفضها، فلم يبق منها شيء وصلى، صحت صلاته.([229])
فعن يحيى بن وثاب قال: سئل ابن عباس ﭭ: عن رجل خرج إلى الصلاة، فوطئ على عذرة؟ قال: «إن كانت رطبة، غسل ما أصابه، وإن كانت يابسة؛ لم تضره».
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص110) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش عن يحيى بن وثاب به.
* وإذا عجز المسلم عن تطهير النجاسة، وتعذر تطهيرها من البدن من أمر([230])، فإن الصلاة تلزم في وقتها بالنجاسة، ولا تلزم إعادتها للضرورة.
* وإليه ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعي في القديم، والحنابلة، والظاهرية([231])، وغيرهم.
واستدلوا: بحديث أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: «إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص251)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1831)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص258)، ومالك في «الموطأ» (ق/224/ط – رواية: محمد بن الحسن)، والشافعي في «الأم» (ج5 ص143)، والمقرئ في «جزء فيه أحاديث نافع بن أبي نعيم» (ص21)، وتمام في «الفوائد» (ج1 ص176)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص112)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص199)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ق/19/ط)، وابن حجر في «نتائج الأفكار» (ص14 و15)، من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة t به .
* فالرسول r: أمر بفعل المأمور به على قدر الاستطاعة دون إعادة له مرة أخرى.
والصلاة مأمور بها؛ فإن لم يستطع المصلي اجتناب النجاسة فيها، أدى الصلاة بها؛ لأن هذا الذي يستطيعه.
*
فإن الصلاة تلزم بهذا الثوب، ولا إعادة عليه، للضرورة.
* وإليه ذهب الحنفية، والمالكية، والإمام مالك، والإمام المزني، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة الشوكاني، وغيرهم.([232])
* وإذا حمل المصلي قارورة فيها نجاسة في جيبه، كبول لتحليل طبي، فصلاته صحيحة، لأن النجاسة بكونها في معدنها، ومقرها، فهي لم تلامس ثوب المصلي.
* ولو صلى العبد على أرض، أو سجادة في غرفة، وفي أمامه نجاسة بعيدة بيسير([233])، أو عن يمينه، أو عن يساره، أو من خلفه صحت صلاته، وليس عليه الإعادة، بشرط ألا تكون النجاسة في الموضع الذي يصلي فيه.([234])
* ومن صلى على بساط طاهر، وفي ناحية منه نجاسة، صحت صلاته؛ لأنه لم يصل عليها.
قال الإمام ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص335): (ولا أعلمهم يختلفون في البساط الذي في طرف منه نجاسة، أن الصلاة تجزي على الظاهر منه).اهـ
* ولا بأس أن يصلي العبد في الثوب الذي يأتي أهله فيه.
وإليك الدليل:
فعن معاوية بن أبي سفيان ﭭ، أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي r: (هل كان رسول الله r يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه؟ فقالت: (نعم؛ إذا لم ير فيه أذى) أي نجاسة.
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج1 ص257)، والنسائي في «السنن الكبرى» (287)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص56)، وابن ماجه في «سننه» (540)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص325 و326)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص319)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص410)، وفي «السنن الصغرى» (187)، وفي «معرفة السنن» (ج3 ص364)، وابن خزيمة في «صحيحه» (776) وابن حبان في «صحيحه» (2325)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص30)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج4 ص240)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص282)، و(ج5 ص61)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص463)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص431)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج23 ص220 و221)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص228)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص47)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1555)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج5 ص419)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص69)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج59 ص17)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص407)، وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص176)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج6 ص3218)، وابن الجارود في «المنتقى» (132) من طريق الليث بن سعد، وعبدالله بن لهيعة، ومحمد بن إسحاق، وجعفر بن ربيعة، وعمرو بن الحارث؛ كلهم: عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وفيه: ثلاثة من الصحابة: أم حبيبة، ومعاوية بن أبي سفيان، ومعاوية بن حديج.
وقال الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص206): (وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات).
وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص949).
وبوب عليه الحافظ أبو داود في «السنن» (ج1 ص257)؛ باب: الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه.
وبوب الحافظ ابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص14): باب: الرخصة في الصلاة في الثوب الذي يجامع الرجل فيه أهله.
قلت: ومن تطهر للصلاة، فعليه أن يصلي ما شاء بطهارته من الصلوات؛ إلا أن يحدث حدثا ينقض طهارته.([235])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج2 ص18): (ويستفاد منه: أن الإنسان لو بقي بوضوء من الفجر إلى العشاء، فصلاته صحيحة، لأن الرسول r، قال: (إذا أحدث: حتى يتوضأ)، فعلم من ذلك أنه إذا لم يحدث، ولو بقي النهار كله، فإنه لا يجب عليه أن يتوضأ). اهـ
قلت: وقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تجزئ إلا بالطهارة التي هي صفة وضوء النبي r، فلا تقبل الصلاة إلا إذا وافق العبد في تطهيره للصلاة؛ لصفة وضوء النبي r.([236])
قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج1 ص219): (واتفقوا: أن الصلاة لا تجزي إلا بها إذا وجد السبيل إليها). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة). اهـ
وقال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج1 ص219): (أوجب الله تعالى الطهارة للصلاة... ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله r على وجوب فرض الطهارة للصلاة). اهـ
وقال الإمام البيضاوي / في «تحفة الأبرار» (ج1 ص214): (فجعل الطهارة؛ كأنها الشرط كله، والشرط: شطر ما لا بد منه، حتى ينعقد صحيحا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج2 ص13): (الطهارة شرط لصحة الصلاة، وأنها لا تقبل بغير طهور). اهـ
قلت: فالذي فعل المحظور، فعل وانتهى، ولم يبق إلا الإثم، والإثم مرفوع بالخطأ، والنسيان.
قال تعالى: ]ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[ [البقرة:286].
* والوضوء من باب فعل المأمور، والمأمور لابد أن يفعل، ويوجد، فيجب الإتيان بالمأمور إذا ترك أن استطاع عليه.
والدليل: قصة الذي: (كان لا يطمئن في صلاته، فأمره النبي r أن يعيد الصلاة).([237])
قلت: فمن فعل المحظور ناسيا، أو جاهلا، أو مكرها، فلا شيء عليه.
وأما من ترك المأمور، فلابد من فعله، حتى ولو كان ناسيا، أو جاهلا.([238])
* وهنا قاعدة: وهي أن اجتناب النجاسة من باب: ترك المحظور، والوضوء من باب: فعل المأمور.
والمحظور إذا فعله الإنسان لعذر نسيان، أو جهل في مثل هذه الأحكام أحيانا، فإنه يسقط عنه الإثم، وإذا سقط الإثم سقط الحكم المترتب على ذلك.
وإليك الدليل:
فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه).([239])
* وكذلك: معاوية بن الحكم t: (تكلم في الصلاة جاهلا، يظن أن الكلام جائز، فلم يأمره النبي r بالإعادة).([240])
قلت: ولو كانت الصلاة تبطل، لاستأنف r الصلاة.
* وكذلك يقال: فيمن نسى وصلى في ثوب نجس ولم يعلم إلا بعد فترة طويلة([241]) في عرف الناس، أنه لا يعيد الصلاة، لأنه يشق عليه ذلك بتراكم الصلوات عليه.([242])
مثال: رجل علم بأن ثوبه أصيب بنجاسة، ولكنه نسي أن يغسله، فصلى؛ فإن صلاته صحيحة.
قال الإمام ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص334): (وإذا صلى الرجل، ثم رأى في ثوبه نجاسة، لم يكن علم بها، ألقى الثوب عن نفسه، وبنى على صلاته، فإن لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته، فلا إعادة عليه، يدل على ذلك أن النبي r: لم يعد مما مضى من الصلاة، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري t). اهـ
* وإذا ذكر بعد الصلاة بفترة قصيرة([243]) في عرف الناس، إنه يعيد الصلاة استحبابا إذا أراد، لأن فعل صلاة واحدة لا يشق عليه فعلها.([244])
* وإذا علم في أثناء الصلاة، فإنه يزيل النجاسة إذا كان يمكن ذلك، فإن كان لا يمكن، فوجب عليه أن يخرج من الصلاة، وإن يستأنفها.([245])
قلت: إن من صلى في ثياب نجسة: ناسيا، أو جاهلا، بوجود النجاسة فيها؛ فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه، ووجود النجاسة معفو عنه؛ للجهل، والنسيان.
* وهذا قول السلف: من الصحابة، وهو قول أكثر التابعين، فمن بعدهم.
* وإليه ذهب المالكية، والشافعية في القول القديم في حق الجاهل، وأحد الطريقين في حق الناسي.
* والحنابلة في رواية اختارها جمع من محققيهم؛ كالإمام ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه الإمام ابن القيم، وغيرهم. ([246])
قلت: فهذا القول يتفق مع مقاصد الإسلام العظيمة في رفع الحرج، والمشقة عن العباد، لكون الجهل، والنسيان: مما يشق التحرز عنهما.
قال تعالى: ]وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب: 5].
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[ [البقرة: 286].
قلت: وهذه الدلالة واضحة على أن المؤاخذة إنما تكون على ما تعمده المصلي وقصده.
* فهذا الأمر يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة المطهرة، لأن رفع الحرج من مقاصد الشريعة، وإن الشرع لم يأت بما يشق أو يعنت، بل شرع من الأحكام الأصلية، والرخص ما يتناسب مع أحوال المكلفين.
قلت: وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة، لأن ذلك ضرورة.([247])
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 17]؛ أي: سهلناه للناس في أحكامه.
وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).([248])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ
وعن ابن عباس ﭭ عن النبي r قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([249])
وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.
وعن عائشة ڤ قالت: (ما خير رسول الله r بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([250])
وعن النبي r قال: لمعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا).([251])
قلت: فمن كان يفتي الناس؛ فينبغي أن يكون شعاره التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، اتباعا لوصية النبي r لمعاذ، وأبي موسى ﭭ. ([252])
وهذا يجعل العالم يستحضر الرخص، فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، ويقدر الأعذار والضرورات، ويبحث عن التيسير، ورفع الحرج، والتخفيف على العامة: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
قلت: ووجدنا هذا التيسير في التطبيق العملي لدى النبي r، وصحابته y في منهج التيسير على أنفسهم وعلى غيرهم([253])، ومن ذلك في جواز صلاة الفريضة على الراحلة في السفر والحضر([254]).
فعن جابر بن عبد الله t عن النبي r قال: (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم).([255])
قال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ج2 ص225): (وقوله r: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم»؛ دليل على أنه يستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها. ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق).اهـ
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء([256]) قاعدة هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وهي تعد من فروع القاعدتين الكليتين: «إذا ضاق الأمر اتسع»، و«الضرر يزال»([257])، وقد فرعوا على هذه القاعدة، وما يتصل بها فروعا كثيرة.([258])
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([259])
* وأما ما وقع على سبيل الخطأ، والنسيان، والجهل؛ فإنه معفو عنه عند الله تعالى.
وعن ابن عباس ﭭ قال: لما نزلت هذه الآية ]وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله[ [البقرة: 284]، قال: دخل قلوبهم منها شيء، لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي r: قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[ [البقرة: 286]، قال: قد فعلت؛ ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]، قال: قد فعلت؛ ]واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا[ [البقرة: 286]، قال: قد فعلت).([260])
وعن ابن عباس ﭭ أن النبي r قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
حديث صحيح
أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج4 ص170 و171)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص356)، وفي «السنن الصغرى» تعليقا (ج3 ص123)، والطبراني في «المعجم الصغير» (ج2 ص52)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص198)، والصيداوي في «معجم الشيوخ» (ص361 و362)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص95)، وابن حزم في «الإحكام» (ج5 ص138)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص95)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج2 ص584)، وفي «تفسير القرآن» (185) من طريق الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص123).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص90): (فيه من الفقه: أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها؛ فإن صلاته مجزئة، ولا إعادة عليه). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص446): (وما عذر فيه بالجهل، عذر فيه بالنسيان، بل النسيان أولى). اهـ
قلت: لو أن إنسانا تطهر، ولبس لباسا طاهرا نظيفا، ثم قام يصلي، وفي أثناء الصلاة وقعت على ثوبه نجاسة، أو رأى على ثيابه نجاسة كان قد جهلها، أو نسيها، فعلم بها في أثناء الصلاة.
* فالحكم هنا لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون بإمكانه طرح النجاسة التي على ثيابه، وإزالتها في الحال، من غير أن يطول الزمن عليه، أو يكثر منه العمل الذي يؤثر في الصلاة.
* فهنا يجب عليه طرحها: وإزالتها في الحال باتفاق الفقهاء القائلين؛ باشتراط طهارة اللباس لصحة الصلاة؛ وذلك بتنحيتها إن كانت يابسة، أو خلع ما وقعت عليه من اللباس([261]) إن كانت رطبة، ويبني على ما مضى من صلاته.
الحال الثانية: أن يحتاج في طرح النجاسة، وإزالتها إلى زمن طويل، أو عمل كثير يؤثر في الصلاة؛ فهنا يجب عليه أن يقطع صلاته، ويزيل النجاسة من لباسه، ثم يستأنف صلاته من جديد؛ لأن حالة لا يخلو من أمرين:
* فهو إما أن يصلي مستصحبا للنجاسة زمنا، طويلا، وهو عالم بها.
* وإما أن يقوم بعمل كثير في صلاته يؤثر فيها من أجل إزالتها، وقد لا يتمكن من إزالتها.
وكل واحد من الأمرين يبطل الصلاة([262])؛ عند جمهور أهل العلم القائلين باشتراط طهارة اللباس لصحة الصلاة.([263])
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على شرطية الطهارة في الصلاة ([264])
في
الثوب، والبدن، والمكان
(1) قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه[ [المائدة: 6].
قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج1 ص221): (وظاهر: قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم[ [المائدة: 6]، يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة.
فدل قيام رسول الله r إلى الصلاة، وصلوات: بوضوء واحد على أن فرض الطهارة على من قام إلى الصلاة محدثا؛ دون من قام إليها طاهرا). اهـ
(2) وعن عبد الله بن عمر ﭭ قال: إني سمعت رسول الله r يقول: (لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص204)، والترمذي في «سننه» (ج1 ص5)، وابن ماجه في «سننه» (ج 1 ص100)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص19 و20 و39 و51 و57 و73)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص234)، وأبو عبيد في «الطهور» (ص145)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص63)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص42)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص23)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص110)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص3)، والسمان في «معجم شيوخه»، كما في «التدوين» للرافعي (ج1 ص434)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص8)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص331 و332) ، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص286 و287)، وفي «أحكام القرآن» (ج2 ص406)، والطيالسي في «المسند» (ص255 و256)، وأبو أحمد الحاكم في «شعار أصحاب الحديث» (ص48)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص38)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص176)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص290)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص4 و5)، وابن الأبار في «المعجم» (ص15)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص184)، وأبو يعلى في «المسند» (ج9 ص466 و467 و468)، وفي «المعجم» (ص322)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص151)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص108)، والعجلوني في «عقد الجوهر الثمين» (ص29)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص296)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص362)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص424)، وابن الجوزي في «البر والصلة» (ص221)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص371)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج19 ص279)، وفي «الاستذكار» (ج1 ص21)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص314)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج1 ص434)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص129)، وابن العطار في «نزهة الناظر» (ص121)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص419) من طريق سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن عبد الله بن عمر ﭭ... فذكره بألفاظ عندهم.
قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج1 ص5): (هذا الحديث: أصح شيء في هذا الباب، وأحسن).
* فائدة:
قوله r: (غلول)؛ هو بضم الغين، والغلول: الخيانة، وأصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة.([265])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج2 ص14): (والشاهد من الحديث، قوله r: (لا تقبل صلاة بغير طهور)، والطهور يكون من الحدث الأصغر، ومن الحدث الأكبر، ونفي القبول هنا: نفي للإجزاء، والصحة، فلا تصح، ولا تجزئ صلاة بغير طهور). اهـ
(3) وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (135)، و(6954)، ومسلم في «صحيحه» (225)، وأبو داود في «سننه» (60)، والترمذي في «سننه» (76)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص308 و318)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص199)، وابن خزيمة في «صحيحه» (11)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص402)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص29)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص18 و137)، و(ج3 ص27)، وابن الجارود في «المنتقى» (66)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص328)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص433)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص180)، و(ج19 ص279)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص117 و160 و229)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص139)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص155)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص419 و412)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج18 ص62)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص233) من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر بن راشد عن همام بن منبه، وهو في «صحيفته» (108)، عن أبي هريرة t به .
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص469)؛ باب: لا تقبل صلاة بغير طهور.
وبوب عليه الحافظ عبدالحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص418)؛ باب: الوضوء للصلاة؛ وما جاء أنه لا تقبل صلاة بغير طهور.
وقال الإمام البيضاوي / في «تحفة الأبرار» (ج1 ص214): (فجعل الطهارة؛ كأنها الشرط كله، والشرط: شطر ما لا بد منه، حتى ينعقد صحيحا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج1 ص470): (في هذا الحديث نفي للصحة؛ لأنه نفي ثبت لفوات شرط، وهو الطهارة). اهـ
* والطهارة: شرط من شروط الصلاة.([266])
وقد تكلمت مفصلا في مباحث الوضوء في كتابي: (الكواكب الزاهرة في تبيين صفة وضوء سيد أهل الآخرة). والحمد لله على التوفيق.
* وذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول عند المالكية: إلى شرطية طهارة البدن، والثوب، والمكان من النجاسة لمريد الصلاة، وأنه لا صحة لصلاة من تعمد أداءها في ثوب نجس، أو مباشر لمكان النجس.([267])
قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «تسهيل الإلمام» (ج2 ص199): (اشتراط الطهارة للصلاة، بالوضوء من الحدث الأصغر، والاغتسال من الحدث الأكبر).([268]) اهـ
قلت: والأصل في الطهارة هو الماء، فإذا لم يجد الماء، أو وجده ولم يستطع استعماله؛ فإنه يتيمم.([269])
قال العلامة الشوكاني / في «الدرر البهية» (ج1 ص91): (ويجب على المصلي تطهير ثوبه، وبدنه، ومكانه من النجاسة). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) حيث تتجارى بهم الأهواء، وتتجارى بالناس الفتن: من فتن الشبهات، وفتن الشهوات، وفتن الضلالات، اللهم سلم سلم.
وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج18 ص291)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص224)، و«كشف الكربة في وصف أهل الغربة» لابن رجب (ص6 و7).
([2]) وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص224)، و«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج2 ص467)، و«مشكل الآثار» للطحاوي (ج1 ص229).
أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص138)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص283).
وإسناده حسن.
([4]) وذلك لأن هذه العبادات التي يتعبدونها قد دخلها الشيء الكثير من الشركيات، والبدع، والضلالات، والمخالفات، اللهم غفرا.
أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص138)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص283).
وإسناده حسن.
([7]) لذلك ترى كثيرا من الناس لا يعرفون كيف يصلون، ولا كيف يصومون، ولا كيف يحجون، ولا كيف يعتمرون، ولا غير ذلك من أحكام الدين!، إلا القليل منها مع جهل فيها، والله المستعان.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص224): (غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم، غريب في صلاته لسوء صلاتهم). اهـ
([18]) وكذلك هذا هو الضابط الذي يلزم العامي في هذا العصر، أن يتبع عالما يتبع آثار الصحابة الكرام في الأصول والفروع، وينضبط بحكمه، ومنهجه، ودعوته؛ حتى لا ينفرد بفهم ليس له فيه سلف في حكم من أحكام الدين، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المسلمين.
([19]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([20]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([21]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([22]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
([24]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([27]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([28]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([29]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([30]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).
([31]) قلت: والإجماع سبيلهمء، أو من سبيلهم، فيجب اتباعه، ويكون حجة على المخالفين.
وانظر: «التفسير الكبير» للرازي (ج3 ص462)، و«إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص57)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج3 ص135)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص78).
([32]) قلت: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف الصحابة الكرام، ويتبع غيرهم من العلماء في اختلافهم؛ فإنه متوعد له، وهذا يقتضي لحوق الإثم عليه: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
أخرجه البيهقي في «أحكام القرآن» (ج1 ص52)، والسبكي في «الطبقات الشافعية الكبرى» (ج2 ص19).
وإسناده صحيح.
([34]) قلت: والمراد بالتقليد هنا: هو الاتباع، وهو التقليد المحمود، وليس هو من التقليد المذموم الذي عند المتأخرين والمعاصرين من المذهبيين، والحزبيين الذين هلكوا بسبب التقليد الأعمى لأفكارهم، والتعصب لها.
قلت: فالتقليد من غير دليل، ومن غير معرفة ما عليه المقلد من حق، أو باطل، فهذا هو التقليد المذموم، وهو المردود في الدين.
إذا فالتقليد بمعنى الاتباع ما عليه المقلد من الحق، فهذا محمود في الدين، لأنه تقليد للنبي r، وأصحابه y.
وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص421).
([36]) قلت: والمراد من التقليد الاتباع للنبي r، وأصحابه الكرام في الدين.
فقلدهم واسترح، فلا تكلف نفسك فقد كفيت، فإنك على حق إذا قلدتهم.
وانظر: «شرح السنة» للشيخ الفوزان (ص422).
([39]) وانظر: «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» لابن القيم (ج2 ص208 و210)، و(ج4 ص1453)، و«التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).
([43]) من فقهاء الحنفية!، وقد سبقهم إجماع السلف من الصحابة وغيرهم على استحباب صلاة الوتر، وليس بفرض.
لذلك لا يجوز القول بأن الفقهاء اختلفوا، بل نقول: إن إجماع العلماء بأن صلاة الوتر مستحبة.
وانظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص205).
([46]) أسد بن عمرو بن عامر أبو المنذر البجلي قاضي واسط.
انظر: «لسان الميزان» لابن حجر (ج2 ص90)، و«السير» للذهبي (ج8 ص35)، و«تاريخ الإسلام» له (ج4 ص8)، و«الثقات» لابن حبان (ج6 ص339)، و«الجواهر المضية» للقرشي (ج1 ص140).
([48]) وانظر: «إيقاظ همم أولي الأبصار» للفلاني (ص210)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص309)، و«صفة الصلاة» للشيخ الألباني (ج1 ص24).
([49]) قلت: ولم يصح عن الإمام أبي حنيفة / لفظ: (إذا صح الحديث فهو مذهبي)؛ فقد ذكر في كتب الفقهاء الحنفية بدون إسناد، فهو أثر ضعيف، لعلهم ذكروه بمعنى الآثار التي ذكرناها عن الإمام أبي حنيفة /، أما بهذا اللفظ فلا يوجد.
وانظر: «إيقاظ الهمم» للفلاني (ص240).
([50]) قلت: ولا يعاب العالم في اجتهاداته العلمية، لأن غاية العالم المجتهد أن يكون الدليل قدوته في الأحكام، فمتى ما ظهر له الدليل وتبين أنه أخطأ في اجتهاده رجع إلى الدليل، وأخذ به، وهذا هو الانصاف.
([51]) قلت: ومراده أن يتثبت في قوله بالدليل قبل أن يأخذ به، هل أصاب الدليل، أم لا، فهو يجتهد في الإفتاء في الأحكام، فممكن يصيب، أو يخطئ على حسب الاجتهاد، فافهم لهذا.
([53]) قلت: كان / يفتي بالاجتهادات، فمرة يصيب، ومرة يخطئ.
وانظر: «مناقب الإمام أبي حنيفة» للذهبي (ص29)؛ باب ذكر من وصفه بالفقه.
وانظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص148)، و«عقود الجواهر المنيفة» للزبيدي (ص161).
([55]) وانظر: «تاريخ بغداد» للخطيب (ج13 ص368)، و«الإيصال» لابن حزم (ص490 و491 و494)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج1 ص777)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص62)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص41)، و«عقود الجواهر» للزبيدي (ص156 و157).
([57]) يعني: يجتهد في الدين، فمن أتى له بدليل أحسن منه قبل قوله وأخذ به، وترك رأيه من أجل الأخذ بالدليل من الكتاب، أو السنة، لأن هذا الواجب عليه.
([58]) وانظر: «إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» للصنعاني (ص142)، و«القول المفيد» للشوكاني (ص54)، و«إيقاظ الهمم» للفلاني (ص50)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ج2 ص1089)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص24).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص462)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص170).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75).
أخرجه ابن أبي نصر في «جذوة المقتبس في ذكر تاريخ علماء الأندلس» (ج1 ص140)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص408).
وإسناده صحيح، وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص192).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن الصلاح في «آداب المفتي» (ص125).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
([65]) انظر: «زجز السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء» للدوسري (ص36)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص188)، و«بيان الدليل» لابن تيمية (ص305)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90)، و(ج5 ص134)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص236 و237)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص883).
([66]) المذهبيون يجادلون في الأصول والفروع، والإمام مالك ينهى عن الجدال في الدين؛ فأين اتباع الأئمة، فسبحان الله العظيم.
([68]) والجفاء يأتي بمعنى: «الغلظة»، و«الغلو»، و«سوء الخلق»، و«البعد»، و«الإعراض عن الشيء».
وانظر: «رائد الطلاب» لجبران (ص295).
أخرجه أبو داود في «سننه» (148)، والترمذي في «سننه» (140)، وابن ماجه في «سننه» (446)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص124).
وإسناده صحيح.
([70]) لكن وقع عنده وهم في إسناده؛ حيث ذكره من طريق الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وابن لهيعة، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر ﭬ أن النبي ﷺ قال: (إذا توضأت خلل أصابع رجليك) من قول النبي ﷺ في مسند عقبة بن عامر، والصحيح من مسند المستورد بن شداد ﭬ من فعله ﷺ لا من قوله ﷺ.
([72]) الزنار: ما على وسط المجوسي ، والنصراني، وكذلك ما يلبسه الذمي بشده على وسطه.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص330).
([81]) قال الإمام الخطيب $ في «مسألة الاحتجاج بالشافعي» (ص73): (وإنما قال - يعني: الشافعي - هذا تعظيما للأثر، وحثا على التمسك بالسنة). اهـ
([83]) العنود: العتو والطغيان، أو الميل والانحراف.
عاند فلان معاندة، وعنادا: خالف ورد الحق وهو يعرفه.
انظر: «المعجم الوسيط» (ج2 ص630).
([85]) قلت: ولا يترك لرسول الله ﷺ أي حديث أبدا.
وانظر: «المدخل إلى علم السنن» للبيهقي (ج1 ص35)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص42).
نقله عنه ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص11)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص229)، والشيخ الألباني في «صفة الصلاة» (ج1 ص28).
هو في كتاب: «القديم»؛ من رواية: الزعفراني عن الشافعي، كذلك قرأه البيهقي؛ كما في «مناقب الإمام الشافعي» له (ج1 ص485).
وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص130).
هو في كتاب: «القديم»؛ من رواية: الزعفراني عن الشافعي، كذلك قرأه البيهقي؛ كما في «مناقب الإمام الشافعي» له (ج1 ص485).
وذكره أبو شامة المقدسي في «المؤمل» (ص130).
([91]) وأخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475 و476) من طريق أبي عبد الله الحاكم، وأبي سعيد محمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي به.
أخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص475 و476) من طريق أبي عبد الله الحاكم، وأبي سعيد محمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي به.
وإسناده صحيح.
وأثر الإمام الشافعي في كتابه: «جماع العلم» (ص9).
وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص341).
([93]) هذا النص يؤخذ من الإمام الشافعي $ من عموم معنى الآثار التي ذكرها في الأخذ بالحديث الصحيح، أما منصوص عنه بهذا اللفظ، فلا يصح عنه بهذا اللفظ، فانتبه.
([94]) «الأم» (ج7 ص198) للشافعي، وأخرجه البيهقي في «مناقب الإمام الشافعي» (ج1 ص472) من طريق الربيع بن سليمان، عن الشافعي به.
وإسناده صحيح.
([95]) وهذا الذي وقع فيه المقلدون، حيث حملوا بسبب التقليد الأعمى للعلماء الزلات الكثيرة، اللهم سلم سلم.
نقله عنه ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص469)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص360)، والدهلوي في «الانصاف» (ص305).
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) بسنده إلى صالح به.
وإسناده صحيح.
ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص83).
ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص84).
ونقله عنه القاضي أبو يعلى في «العدة في أصول الفقه» (ج5 ص1595)، وابن تيمية في «المسودة» (ص515)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص84).
أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ص556) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه ابن عون، عن محمد بن سيرين به:
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص95)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج2 ص424) من طريقين عن ابن عون به.
وإسناده صحيح.
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص200)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص126)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص104)، وفي «المجروحين» (ج1 ص9)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص19)، والآجري في «الأربعين» (ص33)، وفي «الشريعة» (ص46)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص45)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص17)، والمروزي في «السنة» (ص26)؛ بإسناد صحيح.
([107]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص592)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص310 و311)، والنسائي في «سننه» (ج3 ص188)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص17)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص143)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص213)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص85)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص106).
([108]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص230)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1694)، وابن حبان في «صحيحه» (ج7 ص524)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص963)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص245)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص53)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1221)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص274).
([109]) قلت: ولم يثبت المرفوع فيه؛ من حديث أبي بكر الصديق t، ولفظه: (ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له)، وذلك للاختلاف الذي وقع فيه، وأسماء بن الحكم لا يحتمل الأحاديث المرفوعة، وهو غير محفوظ، والكلام عليه في موضع آخر، فافهم لهذا ترشد.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص337)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص377)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1210).
وإسناده صحيح.
([113]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص453)، وأبو داود في «سننه» (550)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص297)، وفي «المجتبى» (ج2 ص108)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص414 و415 و419 و355)، والطيالسي في «المسند» (311)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص118 و119)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص58)، وفي «شعب الإيمان» (2865)، و(2866)، وابن ماجه في «سننه» (777)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (60)، وابن حبان في «صحيحه» (2100)، والدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص146 و147-الأطراف)، وأبو عوانة في «المسند المستخرج» (ج1 ص353)، وابن أبي شيبة في «المسند» (353)، و(429)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص421 و437)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص155 و156)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص336)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1483)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص273)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص249)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص516)، والحسن بن سفيان في «الأربعين» (26)، وابن أبي عمر في «الإيمان» (25)؛ كلهم: عن ابن مسعود t ... وذكره بألفاظ عندهم.
([118]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص171)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص32 و33)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص284)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص149)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج2 ص168)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص92 و93)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص57)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص250).
([119]) كما يجب الانكار الشديد على من يعترض على أخباره الصحيحة، أو بعضها على سبيل الانكار، أو الاستبعاد لها، لأن التساهل في ذلك، وعدم الحزم فيه يساعد على فشو البدع، وانتشارها بين الأمة.
وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص321).
([120]) قلت: فمن كادهم قصمه الله تعالى ... ومن عاندهم خذله الله تعالى ... لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم ... وإن الله على نصرهم لقدير.
([122]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ
([123]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).
انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).
([124]) ولا ريب أن هذا داخل أيضا في قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [فصلت: 31].
([127]) الصحيح: «ابن حمير» تصحف إلى «ابن خمير»؛ لأن: «ابن حمير» اسمه: «محمد بن حمير بن أنس الحمصي» يروي عن إبراهيم بن أدهم، ويروي عنه يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج2 ص27)، و(ج31 ص459).
([129]) والمقلدون: يفتون الناس بزلات العلماء في الأصول، والفروع، وهذا الإفتاء هو الباطل في الدين.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص250): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم: تزندق أو كاد). اهـ
([130]) وانظر: «مرعاة المفاتيح» للرحماني (ج1 ص356)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90 و91)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص238)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).
([131]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8)، ومسلم في «صحيحه» (16) من حديث ابن عمر ﭭ.
قلت: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء، والله المستعان.
([133]) وانظر: «الرقائق» لابن المبارك (ج2 ص681)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (ج2 ص26)، و«ذم الكلام» للهروي (ج4 ص281)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج47 ص460)، و«جمع الجيوش والدساكر» لابن عبد الهادي (ص21).
([134]) غبرات: بالضم ثم التشديد، بقية الشيء.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3205)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص447).
أخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص163)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص161).
وإسناده حسن.
([136]) قلت: وإن مما يوصى به طالب العلم أن يأخذ العلم عن أهله، وذلك بأن يبحث عن العالم العامل بعلمه ... فينظر إلى عبادته لله تعالى، وإلى سيرته وأخلاقه وشمائله؛ هل هي متفقة مع ذلك العلم أو تخالفه؟!، فإن العلم إنما يؤخذ عن العلماء الربانيين، ويحرص على صحبتهم ليتعلم منهم العلم والعمل والأخلاق.
([138]) الإمع: الذي يقول لكل أحد: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، والمقلد في الدين، والمتردد الذي لا يثبت على صنعة، والطفيلي، ويجعل دينه تبعا لدين غيره بلا حجة، ولا برهان.
انظر: «المعجم الوسيط» (ص26)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص49)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص170).
قال الإمام عبد الله بن مسعود t: (لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما إمعة؟ قال: يجري مع كل ريح).
أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص141)، وفي «اعتلال القلوب» (ج1 ص148)؛ بإسناد صحيح.
قال أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج4 ص49): (أصل الإمعة هو الرجل الذي لا رأي له ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء). اهـ
([139]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (256)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص70)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص79)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص165).
([145]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (94)، و«السير» للذهبي (ج4 ص598)، و«جامع التحصيل» للعلائي (199)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص155).
([147]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.
انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).
([149]) المغبون: المنقوص، فالمقلد ينقص عقله، وذكاءه، وتقل فطنته.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص229).
([150]) انظر: «رسالة التقليد» لابن القيم (ص22)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج4 ص395)، و«المدخل» لابن بدران (ص388).
([152]) آية المائدة المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون[ [المائدة: 104].
([153]) آية لقمان المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].
([161]) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج3 ص450)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص234)، و«أصول الفقه» للزحيلي (ج2 ص1120)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).
([162]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.
([163]) قلت: وهذا الخلاف محرم، وهو كل ما أقام الله تعالى به الحجة في كتابه، أو على لسان نبييه r منصوصا بينا، فلم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وانظر: «الرسالة» للشافعي (ص560).
([164]) فالطالحيون يفتون الناس باختلاف المتأخرين في صفة: «الظل»، و«صوم يوم عرفة»، وغير ذلك، وهذه الفتاوى ليست بحجة في الشريعة المطهرة.
([165]) قلت: والذي وقع فيه: «فالح الحربي» من الضلالات بسبب تقليده لزلات العلماء بدون رواية ولا دراية ... وهذا واقع فيه كل المقلدين ... وهذا ما قد أصابنا في هذا العصر الحاضر فيما يتعلق بموضوع الفتاوى من قبل المقلدين؛ فإنهم قد قلدوا المتأخرين من أصحاب المذاهب بحجة أنهم علموا أحكام الدين، فقلدوهم بحجج واهية بالتقليد الأعمى، والتعصب المذهبي المقيت الذي انتشر في العصور المتأخرة انتشارا واسعا، بحيث وقع بسببه الحقد للمخالف وإن كان على الحق!، برغم أن المقلدين يعلمون أن العلماء في الأحكام أنهم يصيبون ويخطؤون في الدين، وقد حذر جميع العلماء من زلات العلماء، نصحا للأمة.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75).
أخرجه ابن أبي نصر في «جذوة المقتبس في ذكر تاريخ علماء الأندلس» (ج1 ص140)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص408).
وإسناده صحيح، وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص192).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن الصلاح في «آداب المفتي» (ص125).
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).
وإسناده صحيح.
([171]) انظر: «زجز السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء» للدوسري (ص36)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص188)، و«بيان الدليل» لابن تيمية (ص305)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90)، و(ج5 ص134)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص236 و237)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص883).
([172]) كما هو شأن جميع المبتدعة، فإنهم إذا أرادوا أن يروجوا بدعهم لجؤوا إلى اختلاف العلماء، والله المستعان.
([174]) الشراج: جمع شرج، مثل بحر وبحار، ويجمع على شروج أيضا، وهو مسيل الماء وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها.
انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج5 ص36).
([175]) الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة، كأنها أحرقت بالنار بالمدينة النبوية.
انظر: «معجم البلدان» للحموي (ج2 ص245).
([176]) وانظر: «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج5 ص391)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج6 ص502).
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص231)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص533)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص15)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص167).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص267)، وفي «جامع بيان العلم» (ج1 ص757).
وإسناده صحيح.
نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).
([180]) حديث حسن؛ بهذا القدر من اللفظ فقط.
أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص33) ، والبزار في «المسند» (ج16 ص182) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج3 ص182)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (181) ، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص478) ، ومسلمة بن قاسم في «زياداته على كتاب الأوائل» لابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص276) ، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج24 ص82) ، وفي «الاستذكار» (ج2 ص365) من طريق أبان بن يزيد العطار قال: أخبرنا قتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة t به.
قلت: وهذا سنده حسن، للاختلاف الذي فيه.
وقال البزار / في «المسند» (ج16 ص270): (وهذا الحديث لا نعلم له طريقا عن أبي هريرة: أحسن من هذا الطريق).
وتابع أبان بن يزيد العطار على هذا الوجه: سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وهو من أثبت الناس في قتادة.
ذكره الدارقطني في «العلل» (ج8 ص245).
([181]) قوله r: (وذلكالدهر كله)؛ أي: ذلك مستمر في جميع الأزمان في تكفير الذنوب.
انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج3 ص114).
أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ص553) من طريق شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن جبير قال: قال: مسروق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «التهجد وقيام الليل» (ص174)، وأحمد في «الزهد» (2039)، وابن المبارك في «الزهد» (974)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص148)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج3 ص153) من طرق عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد: قال سمعت سعيد بن جبير يقول: قال مسروق: (ما آسى على شيء من الدنيا؛ إلا السجود في الصلاة). وفي رواية: (إلا السجود لله تعالى).
قلت: وهذا سنده صحيح.
([184]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص110)، وفي «الأدب المفرد» (ص86)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص461)، والترمذي في «سننه» (ج1 ص399).
([185]) قلت: وهذا الأمر بخلاف الناس في هذا العصر، فهم لا يعطون الذي يحسن الصلاة بالا، بل لعلهم يسخرون منه؛ لأنه يؤدي صفة صلاة النبي r، والله المستعان.
([196]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([197]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([198]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([199]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
([201]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([204]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([205]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([206]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([207]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).
([208]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص959)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص200)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص7)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص240 و270)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص115 و116)، والدارقطني في «السنن» (ج4 ص224)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج1 ص231) ، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص70) ، وابن المقري في «الأربعين» (ج5 ص31).
([209]) أخرجه البخاري في «صحيحه» معلقا بصيغة الجزم (ج4 ص355)، و(ج13 ص317)، وفي «خلق أفعال العباد» موصولا (ص69 و70)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص146)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص200)، وأبو الفضل المكي في «لحظ الألحاظ» (ص180).
([210]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص251)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1831)، والمقري في «جزء فيه أحاديث نافع بن أبي نعيم» (ص21)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص358)، والشافعي في «الأم» (ج5 ص143)، وفي «المسند» (ج1 ص91)، والبيهقي في «المعرفة» (ج1 ص299)، وتمام في «الفوائد» (ج1 ص176)، ومالك في «الموطأ» (رقم: 995 - رواية محمد).
([213]) انظر: «المقنع» لابن قدامة (ج1 ص335)، و«الهداية في شرح بداية المبتدي» للمرغيناني (ج1 ص108)، و«منتهى الإرادات» لابن النجار الحنبلي (ج1 ص140)، و«النهر الفائق في شرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص181)، و«حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح بشرح نور الإيضاح في مذهب الإمام أبي حنيفة» (ص207)، و«الدراري المضية بشرح الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص91)، و«الروضة الندية بشرح الدرر البهية» للقنوجي (ج1 ص224)، و«الوجيز في فقه مذهب الشافعي» للغزالي (ص60)، و«الثمر المستطاب» للشيخ الألباني (ج1 ص10).
([216]) وانظر: «الذخيرة في فروع المالكية» للقرافي (ج1 ص454)، و«زاد المستقنع في اختصار المقنع» للحجاوي (ص40)، و«الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل» لابن قدامة (ج1 ص107)، و«مراقي الفلاح بشرح نور الإيضاح في مذهب الإمام أبي حنيفة» للشرنبلالي(ص207)، و«الوسيط في فقه مذهب الإمام الشافعي» للغزالي (ج1 ص242)، و«عمدة السالك وعدة الناسك» لابن النقيب (ص55)، و«جواهر الإكليل بشرح مختصر خليل» للآبي (ج1 ص53)، و«كنز الدقائق» لأبي البركات النسفي (ج1 ص181).
([218]) انظر: كتابي: «أخصر المختصرات في الأماكن التي يجوز للمسلم فيها أن يتيمم في الحضر والسفر» (ص10- 16).
([219]) انظر: «الصلاة» للطيار(ص60)، و«النهر الفائق بشرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص181)، و«الكفاية في التفسير» لابن الحيري (ج9 ص195)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص413)، و«الهداية بشرح بداية المبتدي» للمرغيناني (ج1 ص108)، و«البناية في شرح الهداية» للعيني (ج1 ص132)، و«جامع البيان» للطبري (ج14 ص164)، و«المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج1 ص132 و131)، و«المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار» لابن حزم (ج3 ص203)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص63)، و«رد المحتار على الدر المختار بشرح تنوير الأبصار» لابن عابدين (ج1 ص402)، و«بداية المجتهد، ونهاية المقتصد» لابن رشد (ج1 ص190 و191 و192)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص465 و466)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج4 ص340 و341)، و«المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (ج1 ص41).
([220]) انظر: «جامع البيان» للطبري (ج14 ص164)، و«مغني المحتاج»للشربيني (ج1 ص289)، و«الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع» له (ج6 ص206)، )، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص63)، و«المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج1 ص131 و132)، و«المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار» لابن حزم (ج3 ص203)، و«فتح القدير بشرح الهداية» لابن الهمام (ج1 ص191 و192).
([221]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص488)، ومسلم في «صحيحه» (110)، والبيهقي في «تخريج أحاديث كتاب الأم» (ق/8 و218/ط).
([223]) وانظر: «فتح القدير بشرح الهداية» لابن الهمام (ج1 ص191 و192)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص465 و466)، و«رد المحتار على الدر المختار بشرح تنوير الأبصار» لابن عابدين (ج1 ص402 و403)، و«المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج1 ص131 و132)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص63)، و«المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار» لابن حزم (ج3 ص203)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج2 ص39)، و«التمهيد» له (ج22 ص243)، و«البحر الرائق بشرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص282)، و«الحاشية على الروض المربع» لابن القاسم (ج1 ص529)، و«الإشراف على مسائل الخلاف» لابن المنذر (ج1 ص18)، و«نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» للرملي (ج2 ص16)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج1 ص483)، و«مواهب الجليل لشرح مختصر خليل» للحطاب (ج1 ص131)، و«الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي (ج1 ص99 و100)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص536)، و«بداية المجتهد، ونهاية المقتصد» لابن رشد (ج1 ص190).
([224]) وانظر: «المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج3 ص155 و156)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص64)، و«بدائع الصنائع بترتيب الشرائع» للكاساني (ج1 ص536)، و«البناية على الهداية» للعيني (ج1 ص421)، و«القواعد» لابن رجب (ص340 و341).
([226]) وانظر: «المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص66)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص15).
([227]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص15)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص65 و66).
([228]) وقع في بعض النسخ من «سنن أبي داود» (650) «حماد بن زيد»، من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن أبي نعامة السعدي به.
* ووقع في بعض النسخ من «سنن أبي داود» (ق/91/ط): «حماد»، غير منسوب.
والصواب: أنه «حماد بن سلمة»، كما في المصادر الأخرى.
وقد تبين هذا بالتتبع، وأن: «موسى بن إسماعيل التبوذكي»، غير مشهور بالرواية، عن «حماد بن زيد».
* حتى إن الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج10 ص333)، لم يذكره في شيوخه، وإنما ذكر فيهم «حماد بن سلمة»، وكذا قال الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (ج29 ص22).
وأنهم: لم يذكروه: في شيوخ «حماد بن زيد»، أبا نعامة، وإنما ذكروه من شيوخ: «حماد بن سلمة»، فتعين أنه: «حماد بن سلمة»، وهو الراوي عن أبي نعامة.
وانظر: «صحيح سنن أبي داود» للشيخ الألباني (ج3 ص221 و222).
([231]) وانظر: «المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج3 ص136 و137)، و«الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي (ج1 ص101)، و«المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار» لابن حزم (ج3 ص204)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج22 ص34 و35).
([232]) وانظر: «المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج3 ص143)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج22 ص34)، و«السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني (ج1 ص164)، و«الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي (ج1 ص127)، و«الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج1 ص334)، و«الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف» له (ج2 ص287)، و«المدونة الكبرى» للإمام مالك (ج1 ص138) رواية: سحنون بن سعيد التنوخي عن عبدالرحمن بن القاسم.
([234]) انظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج2 ص229 و230)، و«المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج3 ص154)، و«مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» للشربيني (ج1 ص189)، و«مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى» للسيوطي (ج1 ص363)، و«فتح القدير بشرح الهداية» لابن الهمام (ج1 ص191 و192).
([235]) وانظر: «الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف» لابن المنذر (ج1 ص223)، و«مراتب الإجماع» لابن حزم (ص43)، و«المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج» للنووي (ج3 ص177)، و«فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (ج1 ص280)، و«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (ص338).
([236]) وانظر: «الإجماع» لابن المنذر (ص10)، و«الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف» له (ج1 ص219)، و«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (ص338)، و«تحفة الأبرار بشرح مصابيح السنة» للبيضاوي (ج1 ص214) ، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص470).
([242]) وانظر: «الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي (ج1 ص105 و106)، و«لإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج1 ص333)، و«الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف» له (ج2 ص287).
([243]) مثل: نصف ساعة، أو ساعة، أو قبل أن يخرج الوقت، وليس عليه إذا خرج الوقت إن يعيد الصلاة وبنحو ذلك.
وانظر: «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج1 ص333)، و«الأوسط» له (ج2 ص288)، و«المدونة الكبرى» للإمام مالك (ج1 ص138) برواية: سحنون بن سعيد التنوخي عن عبدالرحمن بن القاسم.
([244]) وانظر: «الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي (ج1 ص105 و106)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص65)، و«الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج1 ص333).
([245]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص15)، و«المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج3 ص157 و166).
([246]) وانظر: «الإشراف على مسائل الخلاف» لابن نصر البغدادي (ج1 ص18)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص466)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج1 ص486)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج22 ص184)، و«الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية» له (ص66)، و«الحاشية على الشرح الكبير» للدسوقي (ج1 ص69 و70)، و«بدائع الفوائد» لابن القيم (ج3 ص258 و259)، و«نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» للرملي (ج2 ص34)، و«المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج3 ص162 و163)، و«الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج1 ص333)، و«الشرح الصغير على أقرب المسالك» للدردير (ج1 ص64 و65)،.
([247]) انظر: «الأخذ بالرخصة» للتارزي (ص423 و424)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص204)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ص68)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج1 ص477)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ج1 ص309)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470 و471).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).
وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.
وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).
([250]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).
قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.
وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
([252]) فإفتاء المقلدة على التقاليد والعادات في بلدانهم؛ فيما ظهر لهم؛ فهذا مخالف لوصايا الرسول r في يسر الدين، وهو مخالف أيضا لطبائع الناس، ووقائع الحياة.
([253]) فتناول الدين غالب أحكام التشريع بالتيسير بمختلف تصرفات الإنسان تحت حدود الشرع على حسب الحاجيات والضرورات في الحياة الدنيا.
([254]) وهذا التفويت للحكم في بعض الوقت لما يجر من منفعة أكبر للمكلف ... فهو من باب الإقدام على الفعل الممنوع ضرورة؛ لتخفيف، مقصد شرعي فيه نفع أكبر للمكلف، ويعتبر توسعة للناس، ورحمة لهم.
قال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
([257]) وهي الرخص العارضة للأفراد في حالة الضرورة أو عند المشقة، أو عند الحاجة، وهي الرخص التي اعتنى بها الفقهاء، بل اقتصروا عليها في تمثيل الرخصة اعتمادا على الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173]، في إباحة أكل الميتة للمضطر.
([258]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45).
([262]) فصار كالعريان يجد السترة لعورته في أثناء الصلاة، ولكنها بعيدة عنه، لا يمكنه أخذها؛ إلا بعمل كثير يؤثر في صلاته.
([263]) وانظر: «المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج3 ص162 و163)، و«المنتقى شرح الموطأ» للباجي (ج1 ص41 و42)، و«بدائع الصنائع بترتيب الشرائع» للكاساني (ج2 ص93)، و«المغني في شرح مختصر الخرقي» لابن قدامة (ج2 ص446 و467).
([264]) انظر: «المقنع» لابن قدامة (ج1 ص335)، و«الهداية في شرح بداية المبتدي» للمرغيناني (ج1 ص108)، و«منتهى الإرادات» لابن النجار الحنبلي (ج1 ص140)، و«النهر الفائق في شرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص181)، و«حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح بشرح نور الإيضاح في مذهب الإمام أبي حنيفة» (ص207)، و«الدراري المضية بشرح الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص91)، و«الروضة الندية بشرح الدرر البهية» للقنوجي (ج1 ص224)، و«الوجيز في فقه مذهب الشافعي» للغزالي (ص60)، و«الثمر المستطاب» للشيخ الألباني (ج ص10).
([267]) وانظر: «تبيين الحقائق بشرح كنز الدقائق» للزيلعي (ج1 ص95)، و«التاج والإكليل» لابن المواق (ج1 ص131)، و«المجموع في شرح المهذب» للنووي (ج3 ص151)، و«روضة الطالبين» له (ج1 ص274)، و«بدائع الصنائع بترتيب الشرائع» للكاساني (ج1 ص83)، و«كشاف القناع عن متن الإقناع» للبهوتي (ج1 ص335)، و«شرح منتهى الإرادات» له (ج1 ص162)، و«مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» للشربيني (ج1 ص188)، و«بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك» للصاوي المالكي (ج1 ص26)، و«مواهب الجليل بشرح مختصر خليل» للحطاب (ج1 ص131).
([268]) وانظر: «الذخيرة في فروع المالكية» للقرافي (ج1 ص454)، و«زاد المستقنع في اختصار المقنع» للحجاوي (ص40)، و«الكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل» لابن قدامة (ج1 ص107)، و«مراقي الفلاح بشرح نور الإيضاح في مذهب الإمام أبي حنيفة» للشرنبلالي(ص207)، و«الوسيط في فقه مذهب الإمام الشافعي» للغزالي (ج1 ص242)، و«عمدة السالك وعدة الناسك» لابن النقيب (ص55)، و«جواهر الإكليل بشرح مختصر خليل» للآبي (ج1 ص53)، و«كنز الدقائق» لأبي البركات النسفي (ج1 ص181).