الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / جزء فيه: المعنى الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام
جزء فيه: المعنى الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام
|
جزء فيه:
المعنى الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام
تأليف
العلامة أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فهذا جزء لطيف في المعنى: الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام.
وأسأل الله تعالى أن يرزقني الإخلاص، والصواب، وأن ينفع بهذا الجزء الأمة.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على المعنى الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام
قال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الروم: 30].
* تعريف الفطرة لغة:
* فطر الله تعالى الخلق؛ أي: خلقهم، وابتدأ صنعة الأشياء.
* وهو فاطر السماوات، والأرض.
* والفطرة: التي طبعت عليها الخليقة من الدين، فطرهم الله تعالى على معرفته: بربوبيته.
* وانفطر الثوب، وتفطر؛ أي: انشق، وتفطرت الجبال، والأرض: انصدعت.([1])
* وعلى هذا، فلفظ: «فطر»، يدور معناه: على الشق، والابتداء، والخلق.
قال الجوهري اللغوي / في «الصحاح» (ج2 ص781): (والفطرة بالكسر: الخلقة. وقد فطره يفطره بالضم فطرا، أي: خلقه. والفطر أيضا: الشق. يقال: فطرته فانفطر، وتفطر الشئ: تشقق، والفطر: الابتداء والاختراع). اهـ
* تعريف الفطرة شرعا:
الفطرة: هي الإسلام.
* وليس معنى هذا أن العبد لما يولد يعرف الإسلام بتفاصيله؛ بل الفطرة: هي القوة العلمية، التي تقتضي بذاتها الإسلام، مالم يمنعها مانع.
* وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة.
والقول: بأن الفطرة؛ هي الإسلام، هو قول عامة السلف الصالح.([2])
* والعلاقة: بين المعنى؛ اللغوي، وبين المعنى الشرعي:
- معنى الفطرة في اللغة: يدل على الخلق، وابتداء الشيء.
- والمعنى الشرعي: يدل على خلق الناس على وضع، معين: وهو الإسلام، والقبول للعقائد الصحيحة.
* فالفطرة، هي حجة من حجج الله تعالى على عباده، حيث ما من مولود؛ إلا وهو يولد على فطرة: الإسلام، والإيمان بالله تعالى.([3])
قال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية في غريب الحديث» (ج4 ص386): (فطر: فيه «كل مولود يولد على الفطرة»؛ الفطر: الابتداء والاختراع، والفطرة: الحالة منه، كالجلسة والركبة، والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة، والطبع المتهيئ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد، ثم تمثل بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم، والميل إلى أديانهم عن مقتضى الفطرة السليمة). اهـ
وقال الحافظ ابن حزم في «الإحكام» (ج5 ص105): (فصح بهذا كله ضرورة أن الناس كلهم مولودون على الإسلام). اهـ
قلت: والفطرة دليل من أدلة: «التوحيد»، التي غرسها الله تعالى، في بني آدم، وخلقهم عليها، فهي توجه العبد، إلى إفراد الرب عز وجل: بالربوبية، والألوهية، إلا أن هذه الفطرة، قد تتغير بما يؤثر عليها من التنشئة على الشرك، والضلال، وما يحيط بها من: «الشهبات»، و«الشهوات».
وقال تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون[ [الأعراف: 172 و173 و174].
* والمعنى: اذكر لهم: «الميثاق» المأخوذ منهم: فيما مضى لئلا: يعتذروا يوم القيامة بالغفلة عنه، أو بتقليد الآباء، أو ما شابه ذلك من الأعذار. ([4])
قلت: والمفعول المحذوف، هو: «الميثاق». ([5])
قال تعالى: ]وأخذنا منهم ميثاقا غليظا[ [النساء: 154].
وقال تعالى: ]وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله[ [البقرة: 83].
قلت: فأخذ الله تعالى: «الميثاق» بالتوحيد له، وإفراده بالعبادة.
والذي عليه أهل العلم قاطبة، أن الله تعالى أخذ من العباد، بأسرهم: «ميثاقا قاليا»، قبل أن يظهروا بهذا البنية المخصوصة. ([6])
قلت: فكل آدمي قد أقر على نفسه؛ بأن الله تعالى، هو: ربه، وأن هذا الآدمي، هو عبد لله تعالى. ([7])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص90): (وقال آخرون: معنى الفطرة المذكورة في المولودين، ما أخذ الله تعالى من ذرية آدم من: «الميثاق»، قبل أن يخرجوا إلى الدنيا يوم استخرج ذرية آدم من ظهره، فخاطبهم: ]ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف:172]؛ فأقروا جميعا له بالربوبية عن معرفة منهم به، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مخلوقين، مطبوعين على تلك المعرفة، وذلك الإقرار.
* قالوا: وليست تلك المعرفة، ولا ذلك الإقرار بإيمان؛ ولكنه إقرار من الطبيعة للرب، فطرة ألزمها قلوبهم، ثم أرسل إليهم الرسل عليهم السلام، فدعوهم إلى الاعتراف له بالربوبية، والخضوع؛ تصديقا بما جاءت به الرسل عليهم السلام، فمنهم من أنكر، وجحد بعد المعرفة، وهو به عارف، لأنه لم يكن الله تعالى ليدعو خلقه إلى الإيمان به، وهو لم يعرفهم نفسه، إذ كان يكون حينئذ قد كلفهم الإيمان بما لا يعرفون.
* قالوا: وتصديق ذلك؛ قوله تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله[ [الزخرف:87]). اهـ
وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج7 ص293): (مثل تعالى: خلقهم على فطرة التوحيد، وإخراجهم من ظهور آبائهم، شاهدين: بربوبيته تعالى، شهادة لا يخالجها ريب.
* بحمله إياهم على الاعتراف بها بطريق الأمر، ومسارعتهم إلى ذلك من غير تلعثم أصلا.
* والقصد من الآية: الاحتجاج على المشركين بمعرفتهم ربوبيته تعالى، معرفة فطرية، لازمة لهم لزوم الإقرار منهم، والشهادة.
قال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله[ [الروم: 30] ، والفطرة: هي معرفة ربوبيته تعالى). اهـ
* فإنهم ولدوا على الفطرة، وأخرجوا إلى الدنيا، حتى قالوا بلى: طائعين.
فهذا الآية: تدل على فساد التقليد في الدين، وتدل على أن الله تعالى أزال العذر، وأزاح العلة، وبعدها لا يعذر أحد إذا وقع في الشرك، والضلال. ([8])
قال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج7 ص297): (استدل: بهذه الآية، والأحاديث المتقدمة في معناه، أن معرفته تعالى: فطرية، ضرورية.
قال تعالى: ]قالت رسلهم أفي الله شك[ [إبراهيم: 10]، وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان: 25]، وقال تعالى: ]قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون[ [المؤمنون: 86 و87]). اهـ
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص311): (كون الناس: تكلموا حينئذ، وأقروا بالإيمان، وأنه بهذا تقوم الحجة عليهم يوم القيامة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ج2 ص490): (أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا الإشهاد: إقامة الحجة عليهم، لئلا يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، والحجة إنما قامت عليهم بالرسل، والفطرة التي فطروا عليها، كما قال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165].
تذكيرهم بذلك، لئلا يقولوا يوم القيامة: ]إنا كنا عن هذا غافلين[ [الأعراف: 172]، ومعلوم أنهم غافلون عن الإخراج لهم من صلب آدم كلهم، وإشهادهم جميعا ذلك الوقت، فهذا لا يذكره أحد منهم). اهـ
قلت: وهذا الشرك الذي يؤاخذون به يكون من آبائهم، ومن ذريتهم، لثبوت الحجة عليهم «بالميثاق»، و«العهد». ([9])
قلت: فالله تعالى قد أوضح الدلائل على وحدانيته، وصدق رسله عليهم السلام فيما أخبروا به، فمن أنكره كان معاندا، ناقضا للعهد، ولزمته الحجة، ونسيانه، وعدم حفظه، لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق.
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص111): (يخبر تعالى: أنه استخرج ذرية: بني آدم من أصلابهم، شاهدين على أنفسهم، أن الله ربهم، ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو.
* كما أنه تعالى: فطرهم على ذلك، وجبلهم عليه، قال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله[ [الروم:30]؛ وفي الصحيحين، عن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: «كل مولود يولد على الفطرة، وفي رواية: الملة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه»). اهـ
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص312): (قال تعالى: ]وأشهدهم على أنفسهم[ [الأعراف: 172]؛ أي: جعلهم شاهدين على أنفسهم، ولا بد أن يكون الشاهد ذاكرا لما شهد به، وهو إنما يذكر شهادته بعد خروجه إلى هذه الدار، كما تأتي الإشارة إلى ذلك، لا يذكر شهادة قبله.
* أنه سبحانه أخبر أن حكمة هذا الإشهاد: إقامة الحجة عليهم، لئلا يقولوا يوم القيامة: ]إنا كنا عن هذا غافلين[، والحجة إنما قامت عليهم بالرسل، والفطرة التي فطروا عليها، كما قال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165].
* تذكيرهم بذلك، لئلا يقولوا يوم القيامة: ]إنا كنا عن هذا غافلين[ [الأعراف:172]، ومعلوم أنهم غافلون عن الإخراج لهم من صلب آدم كلهم وإشهادهم جميعا ذلك الوقت، فهذا لا يذكره أحد منهم.
* قوله تعالى: ]أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم[ [الأعراف: 173]؛ فذكر حكمتين في هذا الأخذ والإشهاد: أن لا يدعوا الغفلة، أو يدعوا التقليد، فالغافل لا شعور له، والمقلد متبع في تقليده لغيره، ولا تترتب هاتان الحكمتان؛ إلا على ما قامت به الحجة من الرسل والفطرة.
قوله تعالى: ]أفتهلكنا بما فعل المبطلون[ [الأعراف: 173]؛ أي: لو عذبهم بجحودهم وشركهم، لقالوا ذلك، وهو سبحانه إنما يهلكهم لمخالفة رسله وتكذيبهم، فلو أهلكهم بتقليد آبائهم في شركهم من غير إقامة الحجة عليهم بالرسل، لأهلكهم بما فعل المبطلون، أو أهلكهم مع غفلتهم عن معرفة بطلان ما كانوا عليه، وقد أخبر سبحانه أنه لم يكن ليهلك القرى بظلم وأهلها غافلون، وإنما يهلكهم بعد الإعذار والإنذار بإرسال الرسل.
* أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليهم بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان: 25].
* فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: ]أفي الله شك فاطر السماوات والأرض[ [إبراهيم:10].
* أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها بحيث لا يتخلف عنها المدلول، وهذا شأن آيات الرب تعالى، فإنها أدلة معينة على مطلوب معين مستلزمة للعلم به؛ فقال تعالى: ]وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون[ [الأعراف: 174]، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يولد على الفطرة، لا يولد مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا يتبدل ولا يتغير.
* ولا شك أن الإقرار بالربوبية أمر فطري، والشرك حادث طارئ، والأبناء تقلدوه عن الآباء، فإذا احتجوا يوم القيامة بأن الآباء أشركوا، ونحن جرينا على عادتهم). اهـ
وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج7 ص295): (قوله تعالى: ]أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا[ [الأعراف:172]؛ أي: سنوا الإشراك، واخترعوه: ]من قبل[؛ أي: من قبل زماننا، ]وكنا ذرية من بعدهم[؛ أي: فنشأنا على طريقتهم، احتجاجا بالتقليد، وتعويلا عليه.
* فقد قطعنا العذر بما بينا من الآيات: ]أفتهلكنا بما فعل المبطلون[؛ أي: أتؤاخذنا بما فعل آباؤنا من الشرك، وأسسوا من الباطل، أو بفعل آبائنا الذين أبطلوا تأثير العقول، وأقوال الرسل عليهم السلام؟؛ والاستفهام للإنكار؛ أي: أنت حكيم لا تأخذ الأبناء، بفعل الآباء، وقد سلكنا طريقهم، والحجة عليهم بما شرعوا لنا من الباطل.
والمعنى: أزلنا الشبهتين بأن الإقرار بالربوبية، والتوحيد، هو في أصل فطرتكم، فلم لم ترجعوا إليه، عند دعوة العقول، والرسل عليهم السلام؟، والفطرة: أكبر دليل، فهي تسد باب الاعتذار بوجه ما، لا سيما والتقليد، عند قيام الدلائل، والقدرة على الاستدلال بها، مما لا مساغ له أصلا). اهـ
وعن عمران بن حصين t، قال: قال النبي r؛ لأبي: حصين: (كم تعبد اليوم إلها؟، قال أبي: سبعة، ستة في الأرض، وواحدا في السماء!، قال: فأيهم تعد لرغبتك، ورهبتك؟ قال: الذي في السماء!). ([10])
قلت: وهذا فيه تصريح بأن الله تعالى، فطرهم على الإسلام، وأن الله تعالى هو: ربهم.
قال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج7 ص298): (فالله تعالى: فطر الخلق كلهم على معرفته فطرة توحيد، حتى من خلق مجنونا، مطبقا، مصطلما، لا يفهم شيئا، ما يحلف إلا به، ولا يهلج لسانه بأكثر من اسمه المقدس، فطرة بالغة). اهـ
قلت: إن الإقرار، والاعتراف بالخالق سبحانه: فطري، ضروري في قلوب الخلق، ومعرفة الربوبية تحصل بالفطرة، الضرورية، التي خلقها الله تعالى في نفوس الخلق من صغرهم، فهم: يولدون على فطرة الإسلام. ([11])
وعن سمرة بن جندب t، في حديث: «الرؤيا»، وهو حديث: طويل، عن النبي r قال: (وأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإنه إبراهيم عليه السلام، وأما الولدان الذين حوله: فكل مولود مات على الفطرة، قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟، فقال رسول الله r: وأولاد المشركين). وفي رواية: (والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله فأولاد الناس). ([12])
وأورده الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص118)؛ ثم قال: (والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله، أولاد الناس؛ وهذا يقتضي ظاهره، وعمومه جميع الناس) ([13]). اهـ
وقال الإمام القرطبي / في «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ج3 ص1044): (ومن كان من أولاد المشركين: فمات قبل أن يجري عليه القلم، فليس يكونون مع آبائهم في النار؛ لأنهم: ماتوا على: «الميثاق الأول»، الذي أخذ عليهم في صلب آدم عليه السلام، ولم ينقضوا الميثاق). اهـ
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (كل مولود يولد على الفطرة). ([14])
* فأخذ الميثاق من الناس في الغيب، وإقرارهم جميعا، بالربوبية لله تعالى، مع فطرة التوحيد والإسلام، التي فطر الله تعالى الناس عليها في ولادتهم.
* كفى بذلك لإقامة الحجة عليهم في الإجمال، وأنه يجوز الاحتجاج بها عليهم، لأن قد أقروا جميعا بهذا: «الميثاق» لله تعالى، وكان ذلك عن معرفة منهم به سبحانه، وبتوحيده، وأضف أن الله تعالى ألزمهم الفطرة، فطرة الإسلام من صغرهم، قبل أن يرسل إليهم الرسل عليهم السلام، وينزل عليهم الكتب، ليقوم عليهم بالحجة البالغة، في الإجمال والتفصيل. ([15])
* فلا يولد؛ لأي: مولد، إلا على فطرة الإسلام حقيقة عند ولادته، لأنه لم يكن الله تعالى ليدعو خلقه إلى الإيمان به، وهو لم يعرفهم نفسه العظيمة ابتداء في الغيب، وفي صغرهم، إذ كان يكون حينئذ قد كلفهم الإيمان بما لا يعرفون، وكلفهم بشيء لا يدركونه في الحياة، وهذا لم يكن من الله تعالى، لأنه عليم، وحكيم في كل شيء، وقدير على كل شيء.
* والله تعالى لم يذكر؛ لأي: آية في القرآن الكريم، إلا فيها من الحجة البالغة، والحكمة العالية، والعلمية النافعة للخلق، فلا يذكرها سبحانه بعبث في القرآن الكريم([16])، بل لا بد من حكمة، عرفها من عرف، وجهلها من جهل، والله ولي التوفيق.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص88): (وأخرجهم من بطون أمهاتهم، ليعرف منهم: العارف، ويعترف: فيؤمن، ولينكر منهم: المنكر ما يعرف، فيكفر، وذلك كله قد سبق به لهم: قضاء الله تعالى، وتقدم فيه علمه؛ ثم يصيرون إليه في حين تصح منهم: المعرفة، والإيمان، والكفر، والجحود، وذلك عند التمييز، والإدراك). اهـ
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص89): (ومعنى الآية والحديث: أنه أخرج ذرية آدم من ظهره، كيف شاء، وألهمهم أنه ربهم، فقالوا: ]بلى[، لئلا يقولوا يوم القيامة: ]إنا كنا عن هذا غافلين[، ثم تابعهم بحجة العقل، عند التمييز، وبالرسل عليهم السلام: بعد ذلك؛ استظهارا: بما في عقولهم، من المنازعة إلى خالق، مدبر، حكيم، يدبرهم بما لا يتهيأ لهم، ولا يمكنهم: جحده، وهذا إجماع أهل السنة؛ والحمد لله). اهـ
* وهذا الإقرار حجة الله عليهم يوم القيامة، فهو سبحانه يذكر أخذه لهم، وإشهاده إياهم على أنفسهم، فإنه سبحانه خلق فسوى، وقدر فهدى. ([17])
وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه). ([18])
وعن أبي الهيثم /؛ أنه قال: (الفطرة: الخلقة التي يخلق عليها المولود في بطن أمه).([19])
وقال الإمام الأزهري / في «تهذيب اللغة» (ج3 ص2805): (وقول النبي r: (كل مولود يولد على الفطرة)؛ معناه: أن الله فطر الخلق على الإيمان به). اهـ
وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج5 ص88): (معناه: أن كل مولود من البشر إنما يولد في مبدأ الخلقة، وأصل الجبلة على الفطرة السليمة، والطبع المتهيء؛ لقبول الدين: فلو ترك عليها وخلي وسومها؛ لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها.
* لأن هذا الدين موجود حسنه في العقل يسره في النفوس، وإنما يعدل عنه من يعدل إلى غيره، ويؤثر عليه، لآفة من آفات النشوء والتقليد، فلو سلم المولود من تلك الآفات لم يعتقد غيره، ولم يختر عليه ما سواه). اهـ
* وقول النبي r: (خمس من الفطرة) ([20])؛ يعني: فطرة الإسلام.
قلت: فالفطرة، هي: الإسلام.
وعن الإمام حماد بن سلمة /؛ أنه كان يفسر؛ حديث: «كل مولود يولد على الفطرة»، قال: (هذا عندنا حيث أخذ الله تعالى عليهم: العهد في أصلاب آبائهم، حيث قال تعالى: ]ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف: 172]). ([21])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج8 ص113): (حديث أخذ: «العهد»، و«الميثاق» في صلب آدم؛ تكلم فيه الناس كثيرا، وقالوا: إن قوله تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم[ [الأعراف: 172]؛ إن هذا ما ركز الله تعالى في الفطر والعقول من الوحدانية، والإيمان بالله عز وجل، ولهذا قال: ]من بني آدم من ظهورهم[ [الأعراف: 172]؛ ولم يقل: من ظهرهم، فالجمع يدل على أن المراد: بنو آدم أنفسهم، أن الله تعالى أخذ عليهم وهم في بطون أمهاتهم، وذلك بما ركز الله تعالى في قلوبهم من الفطرة، والمسألة مبسوطة في شرح الطحاوية). اهـ
وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان:25].
وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله[ [الزخرف:87].
قال الإمام ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص313): (سبحانه: أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه، وخالقه، واحتج عليه، بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان:25]؛ فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم؛ بمضمونها، وذكرتهم بها: رسله عليهم السلام، بقولهم: ]أفي الله شك فاطر السماوات والأرض[ [إبراهيم: 10]) .اهـ
وعن الإمام الزهري / قال: (يصلى على كل مولود متوفى، وإن كان لغية، من أجل أنه: ولد على فطرة الإسلام، إذا استهل صارخا صلي عليه، ولا يصلى على من لا يستهل من أجل أنه سقط). ([22])
وعن عياض بن حمار المجاشعي t؛ أن رسول الله r قال: ذات يوم في خطبته: (ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم، مما علمني، يومي هذا، كل مال نحلته عبدا، حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا). ([23])
قلت: وهذا الحديث يدل على صحة ما فسر به الأئمة: «الفطرة»، أنها دين الإسلام، هو صريح بأن الله تعالى فطر الخلق على الحنيفية، وهي: الإسلام. ([24])
* والحنفية: هي الإسلام.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص75): (وهذا كله يدل على أن الحنفية: الإسلام.
* ويشهد لذلك، قول الله تعالى ]ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما[ [الأعراف: 67].
وقال تعالى: ]هو سماكم المسلمين[ [الحج: 78]). اهـ
وقال تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم[ [الروم:30].
* فهذه الأحاديث تدل على أن الله تعالى: خلق عباده حنفاء، وأن كل مولود يولد على الفطرة السليمة، المستقيمة، طاهرين من المعاصي، منيبين: لقبول الهداية.
* ولكن الشياطين أتتهم، وحرفتهم، وأزالتهم عن هذه الهداية، وإن الله تعالى مقتهم بسبب ذلك.
* وصح أن جميع المواليد، يولدون على الفطرة، وهو: «الميثاق الأول»، وهو قول الله تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف:172]، فهم: يولدون على الفطرة، وعلى: «الميثاق الأول»، ثم بعد ذلك: آباؤهم، يحرفوهم عن هذا: «الميثاق» إلى الضلالة.
وعن الإمام إسحاق بن إبراهيم الحنظلي / قال: في قوله: «خلقت عبادي حنفاء»؛ أراد به على الميثاق الأول: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف:172]. ([25])
قلت: فذهب الإمام إسحاق بن راهويه /، إلى أن قوله: «خلقت عبادي حنفاء»، أراد به على: «الميثاق الأول».
وقال تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف:172].
قال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج2 ص531): (فصل: ويدل على صحة ما فسر به الأئمة «الفطرة» أنها: «الدين»؛ ما رواه: مسلم في «صحيحه» من حديث عياض بن حمار المجاشعي، عن النبي r فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى ([26]): «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا»؛ وهذا صريح في أنهم خلقوا على الحنيفية، وأن الشياطين اقتطعتهم بعد ذلك عنها، وأخرجوهم منها.
وقال تعالى: ]والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات[ [البقرة: 257].
* وهذا يتناول إخراج الشياطين لهم من نور الفطرة إلى ظلمة الكفر والشرك، ومن النور الذي جاءت به الرسل من الهدى والعلم إلى ظلمات الجهل والضلال).اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج2 ص527)؛ عن تفسير الميثاق: بالفطرة، مستندا: إلى السنة، ودلالة العقل، وظاهر اللفظ، والنظائر: (وأحسن ما فسرت به الآية: قوله r: «كل مولود يولد على الفطرة: فأبواه يهودانه وينصرانه»، فالميثاق الذي أخذه سبحانه عليهم، والإشهاد الذي أشهدهم على أنفسهم، والإقرار الذي أقروا به هو الفطرة التي فطروا عليها؛ لأنه سبحانه احتج عليهم بذلك، وهو لا يحتج عليهم بما لا يعرفه أحد منهم، ولا يذكره، بل بما يشركون في معرفته، والإقرار به، وأيضا، فإنه قال تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم[ [الأعراف: 172]؛ ولم يقل: «من آدم»؛ ثم قال تعالى: ]من ظهورهم[؛ ولم يقل: «من ظهرهم»؛ ثم قال تعالى: ]ذريتهم[؛ ولم يقل: «ذريته»؛ ثم قال تعالى: ]وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم[، وهذا يقتضي إقرارهم بربوبيته إقرارا تقوم عليهم به الحجة، وهذا إنما هو الإقرار الذي احتج به عليهم على ألسنة رسله؛ كقوله تعالى: ]قالت رسلهم أفي الله شك[ [إبراهيم: 10]، وقوله تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله[ [الزخرف: 87]، وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان: 25]، وقال تعالى: ]قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله[ [المؤمنون: 84 - 85]، ونظائر ذلك كثيرة: يحتج عليهم بما فطروا عليه من الإقرار بربهم، وفاطرهم، ويدعوهم: بهذا الإقرار إلى عبادته وحده، وألا يشركوا به شيئا، هذه طريقة القرآن، ومن ذلك هذه الآية التي في «الأعراف» وهي قوله تعالى: ]وإذ أخذ ربك من بني آدم[ [الأعراف: 172] الآية، ولهذا قال في آخرها: ]أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون[ [الأعراف: 172 و173]، فاحتج عليهم بما أقروا به من ربوبيته على بطلان شركهم، وعبادة غيره، وألا يعتذروا، إما بالغفلة عن الحق، وإما بالتقليد في الباطل، فإن الضلال له سببان: إما غفلة عن الحق، وإما تقليد أهل الضلال، فيطابق الحديث مع الآية، ويبين معنى كل منهما بالآخر). اهـ
وقال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الروم: 30].
قال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج4 ص18): (قال تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30]؛ أي: ملة الله تعالى التي خلق الناس عليها). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص442): (يقول تعالى: فسدد وجهك، واستمر على الدين، الذي شرعه الله تعالى لك، من الحنيفية: ملة إبراهيم عليه السلام، التي هداك الله تعالى لها، وكملها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة، التي فطر الله تعالى الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته، وتوحيده، وأنه لا إله غيره). اهـ
وقال الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص839): (باب: ]لا تبديل لخلق الله[ [الروم: 30]؛ لدين الله: ]خلق الأولين[ [الشعراء:137]؛ دين الأولين، والفطرة: الإسلام).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج ([27]) البهيمة، بهيمة جمعاء ([28])، هل تحسون فيها من جدعاء ([29]))، ثم يقول أبو هريرة t: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم[ [الروم: 30]. وفي رواية: (كل بني آدم يولد على الفطرة). وفي رواية: (ليس من مولود، يولد؛ إلا على هذه الفطرة، حتى يعبر عنه لسانه). وفي رواية: (ليس من مولود، يولد؛ إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه). وفي رواية: (كل بني آدم يولد على الفطرة). وفي رواية: (قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت، وهو صغير؟، قال r: الله أعلم بما كانوا عاملين). وفي رواية: (فقالوا: يا رسول الله، فكيف بمن كان قبل ذلك؛ يعني: مات؟، قال r: الله أعلم بما كانوا عاملين).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1358)، و(1359)، و(1385)، و(4775)، و(6599)، ومسلم في «صحيحه» (2658)، وأبو داود في «سننه» (4714)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص241)، وهمام بن منبه في «صحيفته» (ص259)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص202)، وفي «الاعتقاد» (164)، وفي «القضاء والقدر» (ج3 ص857 و858 و860 و861)، وفي «معرفة السنن والآثار» (3830)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (995)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص233 و275 و393 و410 و481)، وابن حبان في «صحيحه» (128)، و(133)، والترمذي في «سننه» (2274)، و(2275)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص83 و86)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص11 و12 و13)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص672)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1478)، واللالكائي في «الاعتقاد» (995)، و(998)، والجوهري في «مسند الموطأ» (538)، والفريابي في «القدر» (161)، والآجري في «الشريعة» (396)، وابن القاسم في «الموطأ» (338)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص64 و65)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص375)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص571)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج3 ص494)، والمحاملي في «الأمالي» (225)، وابن وهب في «الموطأ» (ص462)، والبزار في «المسند» (ج14 ص181 و371)، و(ج16 ص208 و267)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص119)، والدارقطني في «العلل» (ج8 ص288)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج2 ص38)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص283)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج59 ص389)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص282)، والطيالسي في «المسند» (2823)، والبغوي في «شرح السنة» (84)، و(85)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج3 ص9)، وفي «أخبار أصبهان» (ج2 ص226)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1559)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج20 ص261 و268 و269 و273 و274 و275)، والمطرز في «الفوائد» (186)، و(187)، و(188)، و(189)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج18 ص131)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج2 ص208)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص473)، والديلمي في «الفردوس بمأثور الخطاب» (4730)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج3 ص470)، وأبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج2 ص598)، والشافعي في «الموطأ» (ص462)، والذهلي في «الزهريات» (ج2 ص776)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص321)، و(ج5 ص28)، وأبو بكر الأنصاري في «المشيخة الكبرى» (ج2 ص797) من طريق سعيد بن المسيب، وأبي صالح، وهمام بن منبه، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وطاووس، وعطاء بن يزيد، وأبي جامع، وبشير بن نهيك، وعمار مولى بني هاشم، والحسن البصري، والأعرج، وحميد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، جميعهم: عن أبي هريرة t به.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج8 ص371): (وروي هذا الحديث، عن النبي r: من وجوه، صحاح، ثابتة، من حديث أبي هريرة t).
* فقوله r: (كل مولود، يولد على الفطرة)؛ إنما أراد r به: الإخبار بالحقيقة التي خلقوا عليها، وهي: فطرة الإسلام، و«الميثاق الأول». ([30])
قال تعالى: ]ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى[ [طه:50].
وقال تعالى: ]الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى [ [الأعلى:2 و3].
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج18 ص64): (والدليل: على أن المعنى، كما وصفنا، رواية من روى: «كل بني آدم، يولد على الفطرة»، و«ما من مولود؛ إلا وهو يولد على الفطرة»؛ وحق الكلام، أن يحمل على عمومه). اهـ
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «شرح صحيح البخاري» (ج3 ص264): (قوله r: «بهيمة جمعاء»؛ أي: تامة الأعضاء، غير ناقصة الأطراف، و«بهيمة»؛ نصب مفعول: «تنتج»، و«جمعاء»: نعت لها). اهـ
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «التحرير في شرح مسلم» (ص604): (وذهب بعض أهل العلم: أن الفطرة هاهنا؛ هي الفطرة الغريزية التي هي موجودة في كل إنسان، فإن كل أحد رجع إلى الفطرة الغريزية عرف خالقه، وذلك معنى: قوله تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30]؛ وهذه المعرفة: هي المعرفة التي أخبر الله تعالى، بوجودها من الكفار، وذلك: في قوله تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [الزمر:38]؛ وقال تعالى: ]فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين[ [العنكبوت:65]؛ فحين ظهرت لهم حال الضرورة، وانقطعوا عن أسباب الخلق، ولم يبق لهم تعلق بأحد، ظهرت فيهم: المعرفة الغريزية). اهـ
قلت: وهذا المعتقد الصحيح، في الفطرة، قد دلت عليه الأدلة من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وما كان عليه سلف هذه الأمة، من الصحابة، فمن بعدهم: من الأئمة المرضيين.
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص41): (وقد ذكر بعض أهل العلم أن الفطرة ها هنا: هي الفطرة الغريزية التي هي موجودة في كل إنسان، فإن كل أحد يرجع إلى غريزته عرف خالقه، وذلك معنى: قوله تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30]؛ وهذه المعرفة: هي المعرفة التي أخبر الله تعالى، بوجودها من الكفار، وذلك في قوله تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [الزمر:38]؛ وقال تعالى: ]فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين[ [العنكبوت:65]؛ فحين ظهرت لهم حال الضرورة، وانقطعوا عن أسباب الخلق، ولم يبق لهم تعلق بأحد، ظهرت فيهم: المعرفة الغريزية، إلا أنها: غير نافعة، إنما النافعة هي المعرفة الكسبية، إلا أن الله تعالى فطر الناس على المعرفة الغريزية، وطلب منهم: المعرفة الكسبية، وعلق الثواب بها، والعقاب على تركها). اهـ
* والقول بأن المراد بالفطرة: المعرفة الغريزية، لا يخالف ما دلت عليه الأحاديث، من أن المولود يولد على الملة، وأن المولود من بني آدم خلق حنيفا، مسلما، بل هو مؤيد لذلك.ث
* لأن هذه المعرفة من مقتضيات دين الله، هو الإسلام، الذي هو معنى: الفطرة الواردة في الآية الكريمة: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30].
والقول بأن المراد بالفطرة: الإسلام، مذهب كثير من علماء السلف، منهم: عكرمة، والحسن، وإبراهيم، وأحمد، وغيرهم.
* ومما ينبغي أن يعلم، أنه إذا قيل: إنه ولد على الفطرة، أو على الإسلام، أو على هذه الملة، أو خلق حنيفا: فليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه أنه يعلم هذا الدين ويريده على التفصيل.
فإن؛ الله تعالى يقول: ]والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا[ [النحل:78].
قلت: ولكن فطرته تستلزم الإقرار بخالقه، ومحبته، وإخلاص الدين له، ورسوخها في النفس، واكتمالها؛ بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المعارض، ونظرت إلى الأدلة الدالة على أن الإسلام حق.
* فحصول هذا التهويد، والتنصير، والتمجيس: موقوف على أسباب خارجة عن الفطرة، وحصول الحنيفية، والإخلاص، ومعرفة الرب، والخضوع له، لا يتوقف أصله على غير الفطرة، وإن توقف كماله وتفصيله على غيرها.
فالمراد بالحديث: أن كل مولود يولد على محبته لفاطره، وإقراره بربوبيته، واستحقاقه له بالعبادة وحده، فلو خلي، وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره.([31])
وقال المفسر ابن الحيري / في «الكفاية في التفسير» (ج6 ص72): (قوله عز وجل: ]فأقم وجهك للدين حنيفا[ [الروم:30]؛ والحنيف: المائل عن الأديان كلها إلى الإسلام، وقيل: ]حنيفا[؛ مسلما: ]فطرت الله[؛ أي: دين الله: ]التي فطر الناس عليها[؛ خلق الناس عليها، وأراد به: آدم وذريته في صلبه، قال أبو العالية ومقاتل: أراد به أخذ الميثاق عليهم حين أخرجهم من صلب أبيهم آدم، وقال لهم: ]ألست بربكم قالوا بلى[ [الأعراف:172] ([32])؛ فهذا معنى: ]التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30]؛ أي: خلقكم، ويؤيد ما قالوا؛ قول النبي r: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه»([33]).
وقوله r: «يقول الله تبارك وتعالى: إني خلقت عبادي حنفاء؛ فاجتالتهم: الشياطين عن دينهم، فأضلهم الشيطان، فحلل لهم حرامي، وحرم لهم حلالي»([34])؛ قال مجاهد: يعني: دين الإسلام، وقال بعضهم: أراد بقوله: ]فطرت الله[ [الروم: 30]؛ خلقة الله التي خلق الناس عليها، فدل على أن الله واحد لا شريك له) ([35]). اهـ
* فالمراد بالفطرة أيضا؛ في هذا الحديث: بالميثاق الأول، الذي أخذه الله تعالى، من ذرية آدم عليه السلام، قبل أن يخرجوا إلى الدنيا، يوم استخرجهم من ظهره، فخاطبهم: ألست بربكم، قالوا: بلى، فأقروا جميعا له بالربوبية، عن معرفة منهم به، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم: مخلوقين، مطبوعين على تلك المعرفة، وذلك الإقرار، وأرسل إليهم الرسل عليهم السلام، فمنهم: من آمن بهم، ومنهم: من كفر بهم!. ([36])
* فالفطرة: هي «الميثاق» أيضا، وهذا قريب من أن «الميثاق»: كان على الإسلام، لأن الفطرة، هي الإسلام. ([37])
قلت: فالإقرار بمعرفة الله تعالى، وهو العهد الذي أخذه الله تعالى عليهم في أصلاب آبائهم، وصلب آدم عليه السلام: ]وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا[ [الأعراف:172]؛ فليس أحد؛ إلا وهو مقر بأن له خالقا، ومدبرا، قال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله[ [الزخرف:87]؛ فكل مولود، يولد على ذلك الإقرار الأول. ([38])
قلت: فمن يولد، يولد على هذه الفطرة، ظاهر هذا اللفظ: تعميم الوصف المذكور، في جميع المولودين، وأصرح منه، رواية: (ما من مولود؛ إلا يولد على الفطرة). ورواية: (ما من مولود؛ إلا وهو على الملة). ورواية: (ليس من مولود؛ إلا على هذه الفطرة، حتى يعبر عنه لسانه).
* والفطرة ها هنا: الإسلام، وهو المعروف عند عامة السلف، وأهل التأويل، قد أجمعوا في تأويل: قول الله تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30]؛ قالوا: «فطرت الله»، دين الإسلام.
* والمراد: أن كل مولود، يولد على محبته لفاطره، وإقراره له بربوبيته، وادعائه له بالعبودية. ([39])
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «التحرير في شرح مسلم» (ص604): (وكذلك قوله: «خلقت عبادي حنفاء»([40])؛ فهو إشارة إلى المعرفة الغريزية، التي هي مركبة فيهم). اهـ
وقال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص227): (والفطرة: هي الإسلام، بدليل؛ قوله تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم[ [الروم: 30]؛ وقيل: الفطرة: العهد، والميثاق الذي أخذ عليهم حين: فطروا). اهـ
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «التحرير في شرح مسلم» (ص605): (قوله r: «من جدعاء»؛ أي: مقطوعة الأنف، يقول: إن البهيمة أول ما تولد تكون سليمة من الجدع، والخرم، ونحو ذلك من العيوب.
* حتى يحدث فيها أربابها هذه النقائص، كذلك: الطفل يولد مجبولا على خلقة لو ترك عليها لسلم من الآفات، إلا أن والديه يزينان له الكفر، ويحملانه عليه، وليس في هذا ما يوجب حكم الإيمان له([41])، إنما هو ثناء على هذا الدين، وإخبار عن حسن موقعه من النفوس). اهـ
* وإنما يولد المولود على السلامة في خلقه، ليس معه إيمان؛ إلا في الجملة، ولا كفر، ولا إنكار، ولا معرفة، ثم يعتقد: الإيمان، أو الكفر، بعد البلوغ، إذا ميز.
* وقوله r: كما تنتج([42]) البهيمة، بهيمة: جمعاء([43])؛ يعني: سالمة، هل تحسون فيها من جدعاء؛ يعني: مقطوعة الأذن.
* فمثل r: قلوب بني آدم بالبهائم، لأنها تولد كاملة الخلق، ليس فيها نقصان، ولا آفة، ثم تقطع آذانها: بعد، وأنوفها، فيقال: هذه بحائر، وهذه سوائب.
* فكذلك قلوب الأطفال في حين: ولادتهم: سالمة ليس لهم: كفر حينئذ، ولا إيمان، ولا معرفة، ولا إنكار، كالبهائم السالمة.
* فلما بلغوا استهوتهم الشياطين، فكفر أكثرهم، وعصم الله تعالى أقلهم.
* ويستحيل في المعقول، أن يكون الطفل في حين ولادته، يعقل: كفرا، أو إيمانا، لأن الله تعالى: أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئا. ([44])
قال تعالى: ]والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا[ [الأنبياء: 78]، فمن لا يعلم شيئا، استحال منه: كفر، أو إيمان، أو معرفة، أو إنكار؛ على التفصيل. ([45])
* فالنبي r قد ذكر من أحوال: تبديل الفطرة، من ملل الكفر، من اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، وغيرهم.
* ولم يذكر r ملة الإسلام، لأن المولود، قد فطر عليها، وهم: يحولونه عنها، بما شاء الله تعالى، وسبق ذلك في علمه.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على المعنى الصحيح لمفهوم الفطرة في الإسلام..................................................................................................... |
3 |
|
|
([1]) وانظر: «العين» للخليل (ج7 ص418)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص55 و58)، و«المصباح المنير» للفيومي (ج2 ص476 و477)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص283)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2802)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص481).
([2]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص245 و247)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج8 ص367 و371 و373)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص72)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص248)، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص535)، و«شفاء العليل» له (ص285)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج14 ص26)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص193)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2805)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص386).
([3]) قلت: رغم أن الحجة تقوم على العباد، بحجة: «الميثاق»، و«الفطرة» التي فطروا عليها، والآيات العظام، التي أودعها الله في هذا الكون والآفاق، من آيات بينات باهرات، الدالة على وحدانيته سبحانه وتعالى، إلا أن رحمة الله تعالى على العباد أن أرسل إليهم: الرسل عليهم السلام، لتذكيرهم، ونذارتهم، وتعليمهم، وذلك لتأكيد قيام الحجة عليهم في الجملة، وفي التفصيل.
([4]) وانظر: «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» للآلوسي (ج9 ص140)، و«فتح القدير الجامع بين، فني الرواية والدراية، من علم التفسير» للشوكاني (ج2 ص152 و153)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج4 ص533)، و«إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم» لأبي السعود (ج3 ص289 و290)، و«تفسير القرآن» لابن جزي (ص230 و231)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص557 و558)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص231)، و«الروح» لابن القيم (ج2 ص465)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص90)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص117)، و«حجة القراءات» لابن زنجلة (ص302).
([6]) وانظر: «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» للآلوسي (ج9 ص137)، و«حجة القراءات» لابن زنجلة (ص302).
([7]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج6 ص565)، و«حجة القراءات» لابن زنجلة (ص302)، و«المغيث من مختلف الحديث» للسنجاري (ص314)، و«تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص261)، و«مشكل الآثار» للطحاوي (ج4 ص11)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج2 ص34 و42)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج14 ص24 و30)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص56 و58)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص224).
([8]) وانظر: «الروح» لابن القيم (ج2 ص311)، و«البرهان في علوم القرآن» للزركشي (ج2 ص76)، و«لباب التأويل» للخازن البغدادي (ج2 ص612)، و«تفسير القرآن» للمراغي (ج9 ص105)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج15 ص44).
([9]) وانظر: «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص562)، و«شفاء العليل» له (ص195)، و«الروح» له أيضا (ج2 ص488)، و«روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» للآلوسي (ج9 ص133)، و«تفسير القرآن» للمراغي (ج9 ص105)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص117)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص231)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص312)، و«لباب التأويل» للخازن البغدادي (ج2 ص610 و612)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج4 ص532)، و«التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1044)، و«نوادر الأصول» للحكيم الترمذي (ج1 ص310)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص89)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج15 ص44).
([10]) حديث حسن، وهو موافق للأصول في الفطرة على الربوبية.
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج6 ص94)، وفي «العلل الكبير» (ج2 ص917)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص1)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص423 و424)، وابن أبي عاصم في «السنة» (2355)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3551)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص367 و368)، والبزار في «المسند» (3579).
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث عن عمران بن حصين من غير هذا الوجه».
وانظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج8 ص175)، و«تهذيب الكمال» له (ج12 ص367).
([11]) والفطرة: هي ضرورة من ناحية العقل، واستدلال من ناحية الحس.
* فإن العقل السليم من الآفة، البريء من العاهة، يحث على الاعتراف بالله تعالى وحده لا شريك له.
* فالله تعالى: معروف عند العقل بالاضطرار، لا ريب عنده في وجوده، ومستدل عليه عند الحس.
وانظر: «محاسن التأويل» للقاسمي (ج7 ص299).
([15]) وانظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج2 ص152 و153)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج9 ص140)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص231)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص90)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص117).
([16]) لذلك؛ يكفي لإقامة الحجة على الناس، بالميثاق، والفطرة، على الإجمال، فلا يأتي أي جاهل في الدنيا والآخرة، ثم يقول: أنا لا أدري، أنا كنت من أهل الغفلة عن ذلك.
([17]) فأما نطقهم: فليس في شيء من الأحاديث، التي فيها أنهم أخرجوا من صلب آدم عليه السلام، أو مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذريته، واستنطقهم، وأنهم كهيئة الذر، ثم ردوا في صلبه، وغير ذلك من الألفاظ، فلا تقوم بها الحجة، ولا تصح أسانيدها كلها.
وانظر: «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص559).
* قال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ج2 ص473): (وهذا الإسناد، يروى به أشياء منكرة جدا، مرفوعة، وموقوفة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج8 ص482): (من الناس من يقول: هذا الإشهاد كان لما استخرجوا من صلب آدم، كما نقل ذلك عن طائفة من السلف، ورواه بعضهم: مرفوعا إلى النبي r، وقد ذكره الحاكم، لكن رفعه: ضعيف). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص264)؛ في حديث: ابن عباس، وحديث ابن عمر: (وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج2 ص559): (وأما الآثار التي فيها أنه استنطقهم، وأشهدهم، وخاطبهم فهي بين موقوفة، ومرفوعة لا يصح إسنادها). اهـ
([18]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1359)، و(1385)، و(4775)، و(6599)، و(6600)، ومسلم في «صحيحه» (2658)، والترمذي في «سننه» (2274)، و(2275)، وأحمد في «المسند» (7181)، و(7445)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص241)، وأبو داود في «سننه» (4714)، وابن حبان في «صحيحه» (128)، و(133).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص559)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج18 ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص720).
وإسناده صحيح.
وذكره أبو القاسم الأصبهاني في «شرح صحيح البخاري» (ج3 ص283).
([23]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2865)، والنسائي في «فضائل القرآن» (ص104)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص162 و266)، والطيالسي في «المسند» (1079).
([24]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص73)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج3 ص71)، و(ج7 ص400)، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص531).
([26]) أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص162 و266)، ومسلم في «صحيحه» (ج5 ص716)، وأبو داود الطيالسي في «المسند» (1079)، والنسائي في «فضائل القرآن» (ص104).
([30]) وانظر: «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص261)، و«المغيث من مختلف الحديث» للسنجاري (ص313)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص373)، و«غريب الحديث» للحربي (ج1 ص11)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص73)، و«الاستذكار» له (ج3 ص101)، و«مشكل الآثار» للطحاوي (ج4 ص11)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج14 ص319)، و«الحجة» للأصبهاني (ج2 ص41)، و«التحرير في شرح مسلم» له (ص604)، و«شرح صحيح البخاري» له أيضا (ج3 ص283)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص716)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج8 ص359)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص250).
([31]) انظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج8 ص422)، و«شرح السنة» للبغوي (ج1 ص157)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج16 ص208)، و«شفاء العليل» لابن القيم (ص597 و603 و632)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص249)، و«الرسالة الوافية» للداني (ص227)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص59)، و«الاستذكار» له (ج8 ص378).
([35]) وكل هذه الأقوال بمعنى واحد، وتفسير الفطرة بالإسلام: أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج21 ص40 و41)؛ عن جماعة من السلف، وجزم به البخاري في «صحيحه» (ج8 ص512)، وعليه جمع العلماء، كما ذكر ذلك ابن حجر في «فتح الباري» (ج3 ص248).
([36]) وانظر: «شفاء العليل» لابن القيم (ج2 ص777 و786 و780 و811)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص716 و717 و718)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج18 ص68)، و«الاستذكار» له (ج3 ص101)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج8 ص361)، و«السنة» للخلال (ج1 ص448 و449)، و«التحرير في شرح مسلم» للأصبهاني (ص604)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص716)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص350).
([37]) وانظر: «توفيق رب البرية في حل المسائل القدرية» للغامدي (ص277)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص245 و248)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج8 ص371 و377)، و«رسالته: في الكلام على الفطرة» (ج1 ص317)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج12 ص316 و319)، و«شفاء العليل» له (ص283 و302)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص292 و293)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص224)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج2 ص34 و42)، و«شرح صحيح البخاري» له (ج3 ص283)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص370)، و«المنهاج» للنووي (ج16 ص208)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص716).
([38]) وانظر: «شفاء العليل في مسائل: القضاء والقدر، والحكمة والتعليل» لابن القيم (ج2 ص775 و776)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص56)، و«المنهاج» للنووي (ج16 ص208)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج14 ص24 و30)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج2 ص21 و22)، و«معالم السنن» للخطابي (ج7 ص83 و88)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج2 ص34 و42)، و«التحرير في شرح مسلم» له (ص604)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص33 و35).
([39]) وانظر: «شفاء العليل» لابن القيم (ص597 و598 و603 و604)، و«المغيث من مختلف الحديث» للسنجاري (ص314)، و«تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص261)، و«غريب الحديث» له (ج1 ص350 و351)، و«غريب الحديث» للحربي (ج1 ص111)، و«التحرير في شرح مسلم» للأصبهاني (ص604)، و«الحجة» له (ج2 ص41)، و«شرح صحيح البخاري» له أيضا (ج3 ص283)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص716)، و«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج8 ص359)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص250)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج3 ص101).