القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / تحفة الساجد في وجوب الوقاية من الوباء المعدي إذا وقع في البلد الماجد

2023-11-29

صورة 1
تحفة الساجد في وجوب الوقاية من الوباء المعدي إذا وقع في البلد الماجد

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

62

 

 

 

 

 

 

 

تحفة الساجد

في

وجوب الوقاية من الوباء المعدي

إذا وقع في البلد الماجد

وفرض تأدية الصلاة في بيوت العابد

للمحافظة على أنفس الناس من الهلاك الفاقد

وذلك بتركهم الصلاة في المساجد

 

 

تأليف:

العلامة المحدث الفقيه

فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه

 

 

 

 

الفتاوى الشرعية

في

جواز إغلاق المساجد بعذر المرض، أو غيره

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / 

في جواز إغلاق المساجد عند انتشار المرض المعدي، أو الخوف من انتشاره بين الناس

 

 

 

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج3 ص420): (أراد المؤلف([1]) / أن يبين أن إغلاق المساجد والكعبة وما أشبه ذلك للحاجة لا بأس به، ولا يقال: إن هذا من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه؛ لأن هذا لمصلحة، أو لضرورة أحيانا). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

نعم: أغلقت في القديم المساجد لانتشار الطاعون

 

 

قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج18 ص311): (وكان القحط عظيما: «بمصر»، و«بالأندلس»، وما عهد قحط، ولا وباء مثله: «بقرطبة»، حتى: «بقيت المساجد مغلقة بلا مصل»، وسمي عام الجوع الكبير). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

الفقيه المرداوي /

في جواز ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من مرض الوباء المعدي

 

 

قال الإمام المرداوي الحنبلي / في «الإنصاف» (ج2 ص300): (ويعذر في ترك الجمعة، والجماعة المريض؛ بلا نزاع، ويعذر أيضا: في تركهما لخوف حدوث المرض). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

التأصيل

 

 

 

قال تعالى: ]أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا[ [النساء: 63].

 

 

 

 

 

 

    

رب يسر

               ذكر الدليل على تأصيل قاعدة: «العبرة

بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»

 

اعلم رحمك الله أنه إذا صح للآية سبب نزول، وجاءت ألفاظها أعم من سبب نزولها، فيصح الابتداء به، ويكون تاما مفيدا للعموم. ([2])

فتحمل الآية على عموم ألفاظها، شاملة لأفراد السبب، ولأفراد غيره مما شابهه.([3])

فالقول الحق هو قول من حملها على عموم ألفاظها، ولم يقصرها على سبب نزولها، بل تتعداه إلى غيره مما ينطبق عليه لفظ الآية.

وإليك الدليل:

(1) فعن ابن مسعود t: (أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي r يسأله عن كفارتها، فأنزل الله تعالى: ]وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات[ [هود: 114]، فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال r: لجميع أمتي كلهم).([4])

قلت: فبين النبي r للأمة أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

فهذا الرجل الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ، فقال للنبي r ألي هذه؟، فبين له النبي r: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب».

قال العلامة الشيخ محمد الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج3 ص250): (فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ، فقال للنبي r: ألي هذه؟، ومعنى ذلك: هل النص خاص بي لأني سبب وروده، أو هو على عموم لفظه، وقول النبي r: «لجميع أمتي» معناه: أن العبرة بعموم لفظ: «إن الحسنات يذهبن السيئات» ، لا بخصوص السبب). اهـ

(2) وقال تعالى: ]يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل[ [البقرة: 215].

قلت: فجاء الجواب على خلاف السؤال الذي كان سببا في النزول لبيان المهم؛ لأن الاعتبار للفظ في كلام الشارع، واللفظ يقتضي العموم بإطلاقه فيجب إجراؤه على عمومه إذا لم يمنع عنه مانع، والسبب لا يصلح مانعا، لأنه لا ينافي عمومه. ([5])

قلت: وأجمع الصحابة y على: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». ([6])

(3) وقال تعالى: ]ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه[ [البقرة:114].

قلت: وظاهر الآية العموم في كل مانع، وفي كل مسجد، وفي كل زمان.

قال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج1 ص571): (قوله تعالى: ]ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه[ [البقرة:114]، وظاهر الآية العموم في كل مانع وفي كل مسجد، والعموم وإن كان سبب نزوله خاصا، فالعبرة به لا بخصوص السبب). اهـ

قلت: فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عليه إجماع السلف، وجماهير العلماء. ([7])

(4) وعن سلمة بن صخر الأنصاري t؛ أنه وقع على امرأته بعد أن ظاهر منها، فأتى النبي r فأخبره الخبر، فقال له النبي r: (حرر رقبة... فصم شهرين متتابعين... فأطعم وسقا من تمر ستين مسكينا) ([8]) الحديث.

قلت: أفتى النبي r بمضمون هذه القاعدة في قصة سلمة بن صخر الأنصاري t حين ظاهر من امرأته، حيث أجرى عليه عموم لفظ آيات الظهار دون أن يذكر قياسا، أو دليلا آخر من العتق، أو الصيام، أو الإطعام.

ولذلك لم يجعل الله تعالى الأحكام معلقة بالأسباب، بل يذكرها تعالى للعموم، ولا يقصرها على الأسباب ؛ لبيان المهم في ذلك. ([9])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على القواعد الحسان» (ص18)؛  عن آية الظهار (لكن الحكم يشملها، إما بالعموم اللفظي، وهو الصحيح، وإما بالعموم المعنوي، وهو القياس لعدم الفارق). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «أصول في التفسير» (ص84): (إذا نزلت الآية لسبب خاص، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها، ولكل ما يتناوله لفظها ؛ لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة، فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه). اهـ

قلت: واحتج السلف في جميع الأعصار، والأمصار في وقائع مختلفة بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة.

وهذا أمر شائع ذائع بينهم، ولم يعرف عنهم مخالف من السلف، ولم يعرف عنهم أنهم لجأوا إلى قياس، أو استدلال بغير ألفاظ الآيات، فدل ذلك على: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». ([10])

(5) فعن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: (جلست إلى كعب بن عجرة t، فسألته عن: «الفدية»، فقال t:  نزلت في خاصة، وهي لكم عامة).([11])

(6) وعن ابن عباس t قال: في قوله تعالى: ]ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين[ [البقرة: 8]. يعني: المنافقين من الأوس والخزرج، ومن كان على أمرهم). ([12])يعني: من كان على أشكالهم في الانحراف.

(7) وعن  قتادة / قال: في قوله تعالى: ]ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين[ [البقرة: 8]. قال: هؤلاء المنافقون). ([13])

قلت: يدخل في هذه الآية كل منافق في كل زمان، ومن كان على شاكلتهم من المبتدعة.

(8) وعن محمد بن كعب القرظي / قال: (إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون بعده عامة). ([14])

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج14 ص165)؛ وهو يقرر هذه القاعدة: (وأن الآية كانت قد تنزل لسبب من الأسباب، ويكون الحكم بها عاما في كل ما كان بمعنى السبب الذي نزلت فيه). اهـ

قلت: فالآية وإن كانت تنزل لشخص، فمعناها يتناول كل من فعل فعله من خير أو شر، أو من أمر أو نهي. ([15])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص339)؛ في معرض تقريره لهذه القاعدة: (فالآية التي لها سبب معين إن كانت أمرا ونهيا؛ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبرا بمدح، أو ذم، فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص346): (وقصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل، فإن عامة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك، وقد علم أن شيئا منها لم يقصر على سببه). اهـ

قلت: فتبين من هذه القاعدة أن أحكام القرآن أغلبها كلية، بمعنى: أنها لا تختص بشخص دون آخر، ولا بحال دون حال، ولا زمان دون آخر.

وقد نص العلماء على هذه القاعدة بعد استقرائهم للقرآن الكريم.

قلت: فالقرآن أثره كلي على عموم الناس، أي: أن كل عام في القرآن ورد لسبب خاص من معالجة لحادثة ما، أو إجابة على سؤال خاص، يتنزل على عموم الأمة ؛ إذ القرآن الكريم نزل لكل البشر، لا لأناس دون آخرين.

فالعبرة في استنباط الأحكام من النصوص الشرعية بما دل عليه اللفظ من العموم، وعدم اختصاص الحكم بسببه.

قلت: فالأصل في نصوص الشرع أنها لكل المكلفين؛ وذلك إذا ورد لفظ العموم على سبب، فإنه يعم سائر البشر إن لم يدل الدليل على خصوصه. ([16])

والراغب الأصفهاني يطبق في «تفسيره» قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ([17])

قال المفسر الراغب الأصفهاني / في «تفسير القرآن» (ج1 ص481)؛ في قوله تعالى: ]ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب[ [آل عمران: 23]؛ والآية تتناول اليهود والنصارى، وإن كانت واردة في اليهود). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المدخل

 

 

قال تعالى: ]ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا[ [النساء: 123].

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت لأهالها، ليصلوا فيها الفرائض عند الأعذار، ويصلوا فيها النوافل لما شرعت صلاتها في البيوت، وصلاة النساء للفريضة والنافلة في مساجد البيوت وأن يذكر فيها اسم الله تعالى، ويقرأ فيها القرآن، وغير ذلك من العبادات، وهذا يدل على أن اتخاذ المساجد في البيوت له أصل في الشريعة المطهرة

 

 

اعلم رحمك الله أن مما يدخل في مسمى المسجد، مسجد البيت للصلاة، وقد اتخذ السلف مساجد في البيوت([18]).

وقد عرف الفقهاء مساجد البيوت بأنها: المكان المخصص في البيت للصلاة فيه([19]).

وإليك الدليل:

1) عن عتبان بن مالك t قال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي بقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي المسجد فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله r: سأفعل إن شاء الله... فاستأذن رسول الله r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فصلى رسول الله r في بيته).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (415)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص455)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص244)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص322 و323)، وفي «السنن المأثورة» (155)، و(156)، وفي «المسند» (53)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص449) من طريق الزهري قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك t به.

ووجه الدلالة: أن النبي r أقر لهذا المعذور اتخاذ مصلى في بيته؛ يعني: مسجدا، وذلك يدل على أنه يجوز للرجل([20]) المعذور شرعا، والمتخلف عن الجماعة، أن يتخذ مسجدا  في بيته يصلي فيه الفريضة والنافلة.

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص164)؛ باب: المساجد في البيوت.

وبوب عليه الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج2 ص395)؛ باب: المساجد في البيوت وتنظيفها.

وقال العلامة السندي / في «حاشيته على مسند الإمام أحمد» (ج4 ص65): (ولذلك جاء صلى في بيته يتخذ ذلك المحل مسجدا أيام السيول).اهـ

قلت: والمقصود به مكان يخصصه صاحب البيت للصلاة فيه الصلوات التي يعذر فيها عدم الذهاب إلى الجماعة في المسجد، أو التي لا يؤديها في المسجد، كصلاة النافلة ونحوها.

ويؤكد ذلك الأدلة الشرعية الدالة على أن صلاة النافلة في البيت أفضل.

وعليه فإنه يجوز للرجال اتخاذ المصلى في البيوت.

وقد قال أهل العلم بأن الصلاة بالبيوت إحياء لها بذكر الله تعالى، وحصن لها من الشياطين.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص377): (مساجد البيوت هي: أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها).اهـ

2) وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث ڤ قالت: (كان فراشي حيال مصلى النبي r، فربما وقع ثوبه علي وأنا على فراشي). وفي رواية: (وأنا حائض).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (517)، و(518) من طريق هشيم، وعبدالواحد بن زياد قالا: حدثنا الشيباني، حدثنا عبد الله بن شداد به.

قلت: وهذا يدل على أن النبي r كان يصلي في مسجد بيته في بيت ميمونة ڤ ، وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض من قولها: «حيال مصلى النبي r».

3) وعن بلال t قال:  (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة، وهو يريد الصيام، فشرب، ثم ناولني وخرج إلى الصلاة).

حديث صحيح

أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13)، والشاشي في «المسند» (479)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1082) من طريق يحيى بن آدم، وأبي أحمد الزبيري، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل المزني، عن بلال t قال: (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة وهو يريد الصيام، فدعا بقدح فشرب وسقاني، ثم خرج إلى المسجد للصلاة، فقام يصلي بغير وضوء، يريد الصوم).

وإسناده صحيح.

وأخرجه الشاشي في «المسند» (972)، و(973)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1083) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.

وإسناده صحيح.

قوله: (أوذنه)؛ من الإيذان، يعني: الإخبار.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق وكيع، حدثنا جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال t: (أنه جاء إلى النبي r يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته).

وإسناده حسن في المتابعات.

وهذا يدل على أن النبي r قد اتخذ مسجدا  في بيته، من قوله: «يتسحر في مسجد بيته».

ومعناه: جاء يخبر النبي r أن يأتي إلى المسجد، ويصلي بالناس، وكان ذلك بعد أذان الفجر الصحيح، وهو طلوع النور.

فكان النبي r يتسحر بعد أذان الفجر إلى الإقامة، فشرب r اللبن، وشرب معه بلال أيضا بعد طلوع الفجر الصادق، وكان ذلك قبيل إقامة صلاة الفجر.

وظاهر الحديث أن النبي r شرب اللبن بعد طلوع الفجر بكثير إلى الإقامة([21]).

وليس في الحديث أي إشكال في الأكل والشرب بعد طلوع الفجر.

قال العلامة السندي / في «حاشيته على المسند» (ج5 ص434): (قوله : «بغير وضوء»؛ أي: من غير أن يتخلل بين الشرب، والصلاة وضوء، بل كان متوضئا قبل.

وظاهر الحديث أنه شرب بعد طلوع الفجر). اهـ

وهذا فيه رد على المقلدة الذين يفتون الناس بالإمساك عن الطعام والشراب على الأذان الحالي، وهو متقدم على طلوع الفجر بخمسين دقيقة([22]).

4) وعن عائشة ڤ قالت: (أمرنا رسول الله r ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب).

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (455)، وأحمد في «المسند» (ج6 279)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص152)، وابن حبان في «صحيحه» (1634)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص172)، و(ج4 ص44 و240)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج14 ص160) من طريق محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج6 ص497)، وحسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص287).

وقال الشيخ الألباني في «صحيح أبي داود» (ج2 ص354): (وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين).اهـ

وتابع حسين بن علي الجعفي: يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال: حدثنا زائدة بن قدامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ قالت: (أمر رسول الله r أن تتخذ المساجد في الدور، وأن تطهر، وتطيب).

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (759)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج6 ص152).

وإسناده حسن من أجل يعقوب بن إسحاق الحضرمي، فإنه صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص1087).

وتابع زائدة بن قدامة: عليه؛ سفيان الثوري.

أخرجه ابن عدي في «الكامل» (ج4 ص248) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، حدثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة ڤ: (أن النبي r أمر بتنظيف المساجد التي في البيوت).

وإسناده حسن.

وتابعه عبد الله بن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r يأمرنا ببناء المساجد في الدور، ويأمر بتنظيفها).

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص393) من طريق خالد بن أبي يزيد القطربلي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك به.

وإسناده حسن من أجل خالد بن أبي يزيد القطربلي وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص294).

قلت: وهذا مثل اتخاذ المساجد في البيوت، أو الدوائر الحكومية، أو الجامعات، أو المدارس، أو غير ذلك من أماكن يصلى فيها.

قلت: والمراد بالدور هنا البيوت، وهو الراجح من أقوال العلماء.

وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج1 ص314)؛ باب: اتخاذ المساجد في الدور.

وذكر الإمام الخطابي / عن: «الدور» أنها البيوت([23]).

قال الحافظ العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص359): (الظاهر: أن المراد بها ما قاله الخطابي، لورود النهي عن اتخاذ البيوت مثل المقابر).اهـ

وقال العلامة محمود السبكي / في «المنهل العذب» (ج4 ص56): (والحديث يدل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت للصلاة والعبادة وقد ثبت أنه r اتخذ لبعض أصحابه مسجدا  في بيته).اهـ

5) وعن عبدالله بن عمر ، عن النبي r قال: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (342)، ومسلم في «صحيحه» (777) من طريق أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر به.

6) وعن سمرة بن جندب t قال: (كان رسول الله r يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا، ونصلح صنعتها ونطهرها).

حديث حسن لغيره

أخرجه أبو داود في «سننه» (456)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص440)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج2 ص1014)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص252) من طريق يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن موسى، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن أبيه سمرة بن جندب t به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به.

وقال الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص356): حديث صحيح.

وتابع؛ سليمان بن موسى: محمد بن إبراهيم حدثنا جعفر بن سعد، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه عن سمرة بن جندب t قال: (إن رسول الله r كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونحسن صنعتها ونطهرها).

وإسناده لا بأس به.

والحديث حسنه النووي في «المجموع» (ج6 ص4)، وابن الملقن في «البدر المنير» (ج5 ص294)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص123)، و(ج4 ص28).

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص379): (وبكل حال؛ فينبغي أن تحترم هذه البقاع المعدة للصلاة في البيوت، وتنظف وتطهر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص117): (وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب، فقد أمر النبي r أن تتخذ المساجد في البيوت، وتنظف وتطيب). اهـ

7) وعن ابن عباس، عن جويرية ڤ: (أن النبي r خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال r: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي r: لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2726)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (6033)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص233)، والبخاري في «الأدب المفرد» (647)، وأبو داود في «سننه» (1503)، والترمذي في «سننه» (3555)، والنسائي في «المجتبى» (1351)، وفي «عمل اليوم والليلة» (161)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص167)، وابن ماجه في «السنن» (3808)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص110)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص258) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي رشدين عن ابن عباس عن جويرية ڤ به.

قلت: وهذا الحديث يدل على أن الصحابيات يتخذن في بيوتهن مساجد خاصة يتعبدن فيها من قوله: «وهي في مسجدها»؛ يعني: مكان صلاتها في البيت.

8) وعن القاسم بن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود -وهو ثقة([24])- قال: (أول من بنى مسجدا  يصلي فيه عمار بن ياسر t).

أثر حسن

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص250) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، والفضل بن دكين قالا: أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وتابعهما: قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق الثوري  -وهو ثقة([25])- قال: (أول من اتخذ في بيته مسجدا  يصلي فيه عمار بن ياسر t).

وإسناده لا بأس به.

9) (وصلى البراء بن عازب t في مسجده في داره جماعة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا بصيغة الجزم (ص74).

وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص228)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص519).

10) (وصلى ابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم الباب).

أخرجه البخاري في «صحيحه» معلقا بصيغة الجزم (ص82).

وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص244)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص564).

11) وقال حرب الكرماني؛ قلت لأحمد بن حنبل /: (فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار، فيجمعون، وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد، ولا يصلون في الدار. وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجد يؤذن فيه ويقام) ([26]).

والشاهد: (في الدار مسجد)؛ حيث أقر الإمام أحمد /، فلا بأس باتخاذ مسجدا  في البيت يصلى فيه.

قلت: وإقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت من عذر، أو بانفراد من عذر، يحصل بها فضيلة الصلاة جماعة في المساجد المعروفة.

12) وعن مهيب بن سليم البخاري قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: (اعتللت بنيسابور علة خفيفة، وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهويه في نفر من أصحابه.

فقال لي: أفطرت يا أبا عبد الله؟ فقلت: نعم، فقال: خشيت أنتضعف عن قبول الرخصة، فقلت: أخبرنا عبدان، عن ابن المبارك، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: من أي المرض أفطر؟ قال: من أي مرض كان؛ كما قال الله عز وجل ]فمن كان منكم مريضا[؛ [البقرة: 184]. قال البخاري: ولم يكن عند إسحاق هذا الحديث) ([27]).

13) وقال صالح بن أحمد بن حنبل / في «سيرة الإمام أحمد» (ص48): (وحضرت مع أبي يعني: الإمام أحمد- عند إبراهيم بن الليث صاحب الأشجعي، وحضر علي بن المديني، وعباس العنبري، وجماعة، وكثير من أهل الحديث.

فنودي بصلاة الظهر، فسمعوا النداء، فقال له: يا أبا عبد الله تخرج إلى المسجد، أو نصلي ها هنا، فقال: نحن جماعة؛ نصلي ها هنا، فصلوا).اهـ

14) وعن جابر بن عبد الله قال: أن النبي r قال: (جعلت لي الأرض مسجدا  وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (335)، ومسلم في «صحيحه» (521)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص403)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص209)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص212)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص472 و473)، وفي «شعب الإيمان» (1479)، و(1480)، والدارمي في «المسند» (1429)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص304)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص316)، وابن حبان في «صحيحه» (6398)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص1432)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1439)، والبغوي في «شرح السنة» (3616) من طريق هشيم: أخبرنا سيار العنزي، قال: سمعت يزيد الفقير، يقول: سمعت جابر بن عبد الله به.

قلت: وهذا يدل على أن الأرض في جميعها يعتبر مسجدا  يصلي فيها المسلم لرفع الحرج عنه، والمشقة عليه في تأدية الصلاة، سواء كان في البيوت، أو العمل، أو السفر، أو غير ذلك.

قلت: ولا اختصاص للصلاة في المساجد المعدة لها فقط؛ لكون الأرض مسجدا  كلها، خاصة إذا كانت المساجد ليست في أيدي أمينة من أئمة المساجد من أهل التحزب؛ كما هو في هذا الزمان.

فإذا كانت والحالة هذه فتتعين الصلاة في البيوت، أو غيرها للضرورة، وقد جعلت الأرض مسجدا  لرفع الحرج عن المسلمين في الصلاة خلف المتحزبة([28]).

قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6].

وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].

وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا) ([29]).

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)([30]).

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الضبط، والتقعيد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية؛ من خوف مرض، أو غيره في الدين

 

اعلم رحمك الله أنه لما كانت الرخصة من الأحكام الشرعية؛ كان من المناسب أن نتعرض بإيجاز لبيان الحكم الشرعي في جواز صلاة الفريضة على الراحلة في الحضر والسفر، إذ ما من حكم من الأحكام الشرعية إلا وروح التيسير، ورفع الحرج، وجانب الرخصة الشرعية، واضح فيها لما ثبت أمر: «الرخصة»، و«رفع الحرج»، و«التيسير» في الكتاب والسنة والآثار.([31])

قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .

وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .

وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]

وقال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 157] .

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([32])

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته). وفي رواية: (كما يحب أن تؤتى عزائمه، أو كما يكره أن تؤتى معصيته).([33])

وعن عبد الله بن مسعود  t قال: (إن الله يحب أن تقبل رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)، وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه).([34])

وعن ابن عباس قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه). وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره).([35])

وذكر الحافظ البوصيري / هذه الآثار في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص508)؛ تحت: باب في المسح على الخفين.

ولا يخفى أن المسح على الخفين رخصة من الله تعالى للأمة.

وعن مسروق / قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([36])

وبوب الإمام ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.

وعن إبراهيم التيمي /، قال: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره، كما يحب أن تطاع عزائمه).([37])

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (إذا تنازعك أمران، فاحمل المسلمين على أيسرهما).([38])

قلت: فهذه الأدلة تدل على رفع الحرج والإثم عن مخالفة التكاليف، وذلك بالعمل بالرخصة، وترك العزيمة، أو تقرر مغفرة ما يترتب على المخالفة من إثم وذنب؛ لأن الرخصة أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه، حتى يكون من ثقل التكاليف في سعة، واختيار الأولى للمكلف.([39])

والشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص210)؛ يقتصر على إباحة مخالفة الحكم الكلي العام، وهو العزيمة، ويرفع الحرج والإثم عن هذه المخالفة، أو يقرر العفو، والمغفرة عن المخالف.

فالرخص سببها الضرورة؛ لأن قد يطرأ على المكلف في حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة تجعله يخاف من حدوث أذى بالنفس، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، أو بتوابعها.([40])

فيتعين عليه عندئذ، أو يباح له ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب أو تأخيره، أو فعل مصلحة، أو غير ذلك دفعا للضرر عنه في غالب الظن ضمن قيود الشرع. ([41])

قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (الرخصة: أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه؛ حتى يكون من ثقل التكليف في سعة واختيار، بين الأخذ بالعزيمة، والأخذ بالرخصة). اهـ

وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (إن مقصود الشارع من مشروعية الرخصة الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق؛ فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده). اهـ؛ أي: لقصد الشارع.

قلت: لذلك فترك الرخصة مع ظن سببها قد تؤدي إلى الانقطاع عن الاستباق إلى الخير، وإلى السآمة والملل، وترك الدوام، وكراهية العمل. ([42])([43])

فالرخصة منحة من الله تعالى، شرعت لدفع المشقة عن العباد.

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص200)؛ عن المفهوم من قصر الصلاة: (وهذا كله يدل على التخفيف، والرخصة، ورفع الحرج). اهـ

والرخصة: الإذن في الأمر بعد النهي عنه؛ يقال: رخص له في الأمر، وأرخص له فيه: إذا أذن له فيه بعد النهي عنه.

قال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص118): (والرخصة التسهيل في الأمر والتيسير، يقال: رخص الشرع لنا في كذا ترخيصا، وأرخص إرخاصا إذا يسره وسهله وفلان يترخص في الأمر أي لم يستقص،  ورخص له في الأمر إذا أذن له فيه، قال النبي r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته». اهـ

وقال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «ميزان الأصول» (ص55): (الرخصة فهي اسم لما تغير عن الأمر الأصلي؛ لعارض إلى تخفيف وتيسير([44])، ترفيها وتوسعة على أصحاب الأعذار، سواء كان التغيير في وصفه، أو في حكمه). اهـ

وقال الفقيه الأزهري / في «معجم تهذيب اللغة» (ج2 ص1385): (والرخصة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه). اهـ

قلت: فمفهوم الرخصة؛ ما ثبت على خلاف دليل شرعي؛ لمعارض راجح، فليزم الوقف على حصول الراجح تيسيرا للمكلف في دينه.

قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص204): (الرخصة؛ فما شرع لعذر شاق، استثناء من أصل كلي يقتضي المنع، مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه). اهـ

وهذا من خصائص الرخص: أنها أحكام جزئية خاصة، شرعت على أحكام، فجواز الفطر للمريض، والمسافر، وإباحة الميتة للمضطر، والنطق بكلمة الكفر للمكره وغير ذلك؛ كلها أحكام جزئية خاصة؛ لأنها تطبق في شأن بعض المكلفين في بعض الحالات، وهي حالات السفر، والمرض، والإكراه، والضرورة، وهذه الأحكام الجزئية الخاصة تعد استثناء من أحكام كلية عامة تمنع الفطر في رمضان، وأكل الميتة، والنطق بكلمة الكفر، وتطبق على وجه العموم والإطلاق.([45])

قلت: وهذه الأحكام وغيرها يقتصر فيها على موضع الحاجة والضرورة؛ ذلك أنها أحكام جزئية خاصة، فهي أحكام تخص بعض المكلفين دون بعض، وتطبق في حالات خاصة.([46])

وبذلك كانت دائرة مع أسبابها وجودا وعدما، فإذا وجدت أسباب الترخيص جازت مخالفة التكليف الكلي العام.

وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة.([47])

والرخصة: باعتبار متعلقها الذي هو فعل المكلف، تكون واجبة، ومندوبة، ومباحة، وخلاف الأولى، وهو رأي جمهور الأصوليين الذين يقولون: إن الرخصة قد تكون مطلوبة الفعل على وجه اللزوم، أو على وجه الندب والاستحباب.([48])

1) فتكون واجبة كأكل المضطر مما حرم الله من المأكولات، وشربه مما حرم من المشروبات، فإن هذا الحكم ثبت بدليل، وهو قوله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195] مع قوله تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] وأصل حكمها الحرمة؛ لقوله تعالى: ]حرمت عليكم الميتة[ [المائدة: 3].

قلت: فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة؛ لأنه ثبت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر، وهو الاضطرار إلى الأكل لحفظ الحياة، والحكم هنا وإن تغير من صعوبة، وهي الحرمة، إلى صعوبة وهي الوجوب، إلا أن وجوب الأكل موافق لغرض النفس في بقائها، ففيه سهولة من هذه الناحية، وسبب الحكم الأصلي: الخبث، ولذلك كان حراما.

2) وتكون الرخصة مندوبة؛ كالقصر في الصلاة الرباعية في السفر.

3) وتكون الرخصة مباحة؛ مثل: إباحة العرايا، والعرايا: بيع الرطب على رؤوس الأشجار خرصا بالتمر القديم، والخرص: التقدير.

قلت: فيشتري رطبها منه بتمر يابس، فإباحة العرايا حكم ثبت بقوله r: (رخص في العرايا بخرصها) ([49])، وهذا الدليل مخالف للدليل على حرمة الربا، وهذه المخالفة جوزت للحاجة إليها، استثناء من شرط التماثل، أو المساواة في البيوع الربوية، والتمر مال ربوي، والرطب ينتقص إذا جف فلم تتحقق المماثلة المطلوبة شرعا.

4) وتكون الرخصة خلاف الأولى وتركها أفضل؛ كفطر المسافر في نهار رمضان الذي لا يشق عليه الصوم مشقة قوية.([50])

قلت: فإذا عرض للمكلف ما يجعل العمل بالحكم الكلي ضررا شاقا، أو متعذرا؛ فإن الشارع يعتبرها ضرورة تبيح مخالفة الأحكام الكلية، ويستبدل بها أحكاما استثنائية، بها يتمكن المكلف من تأدية ما وجب عليه ولو في الجملة، وتزول هذه الأحكام الاستثنائية بزوال أسبابها، فيرخص الله تعالى للمكلف أن يترك الحكم المطالب به، إلى حكم طارئ تيسيرا، ورفعا للحرج، والمشقة بالرخصة دفعا للضرر.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].

قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء([51]) قاعدة هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وهي تعد من فروع القاعدتين الكليتين: «إذا ضاق الأمر اتسع»، و«الضرر يزال»([52])، وقد فرعوا على هذه القاعدة، وما يتصل بها فروعا كثيرة.([53])

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .

وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .

وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .

قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([54])

قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ

وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([55])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ

وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.

وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ

قلت: فالدين أسس على اليسر([56]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([57])

قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .

وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.

قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الإنسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([58])

 قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([59]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ

قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».

وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([60])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

قال الفقيه ابن نجيم / في «الأشباه والنظائر» (ص75): (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته). اهـ

قلت: فكل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليه اجتنابه سقط النهي عنه.([61])([62])

فهذا الأمر يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة المطهرة، لأن رفع الحرج من مقاصد الشريعة، وإن الشرع لم يأت بما يشق أو يعنت، بل شرع من الأحكام الأصلية، والرخص ما يتناسب مع أحوال المكلفين.

قلت: وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة، لأن ذلك ضرورة.([63])

قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 17]؛ أي: سهلناه للناس في أحكامه.

وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).([64])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ

وعن ابن عباس عن النبي r قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([65])

وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.

وعن عائشة ڤ قالت: (ما خير رسول الله r بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([66])

قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83): (وما خير رسول الله r بين أمرين، إلا اختار أيسرهما)؛ فيه استحباب الأخذ بالأيسر، والأرفق). اهـ

وبوب عليه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83)؛ باب: مباعدته r للآثام واختياره من المباح أسهله.

وقال الفقيه القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص118): (قولها: «وما خير رسول الله r بين أمرين، إلا اختار أيسرهما»؛ تعني: أنه كان إذا خيره أحد في شيئين يجوز له فعل كل واحد منهما، أو عرضت عليه مصلحتان؛ مال للأيسر منهما، وترك الأثقل أخذا بالسهولة لنفسه، وتعليما لأمته). اهـ

وعن ابن عباس ط قال: (خذ بأيسرهما عليك)، قال الله تبارك وتعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .([67])

وعن مجاهد / قال: (خذ بأيسرهما عليك فإن الله لم يرد إلا اليسر).([68])

وعن النبي r قال: لمعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا).([69])

قلت: فمن كان يفتي الناس؛ فينبغي أن يكون شعاره التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، اتباعا لوصية النبي r لمعاذ، وأبي موسى .

وهذا يجعل العالم يستحضر الرخص، فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، ويقدر الأعذار والضرورات، ويبحث عن التيسير، ورفع الحرج، والتخفيف علضى العامة([70]): ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].

قلت: وقد رخص الشارع في النطق بالقول الكذب عند الضرورة والحاجة.

فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن النبي r، أخبرته، أنها سمعت رسول الله r ، وهو يقول: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا وينمي خيرا). قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.([71])

قلت: رغم أن الكذب من قبائح الذنوب، وفواحش القلوب، وآفات اللسان، ومن علامات عدم الإيمان، بشهادة القرآن نفسه: ]إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله[ [النحل: 105]، وبتأكيد من النبي r نفسه، فقد رخص الشارع الحكيم في الحالات الثلاث التي نص عليها الحديث، لما فيها من جلب مصلحة، أو درء مفسدة.([72])

قلت: ووجدنا هذا التيسير في التطبيق العملي لدى النبي r، وصحابته y في منهج التيسير على أنفسهم وعلى غيرهم، ومن ذلك في جواز صلاة الفريضة على الراحلة في السفر والحضر([73])؛ كما سوف يأتي ذكر الأدلة في هذا الحكم.

فعن جابر بن عبد الله t عن النبي r قال: (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم).([74])

قال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ج2 ص225): (وقوله r: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم»؛ دليل على أنه يستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها. ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق).اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

    

ذكر الدليل على سنية التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من المرض المعدي المؤذي للناس، والذي متوقع انتشاره في البلد، وثبوت الرخصة في الشريعة المطهرة، لأن الشريعة وضعت للتيسير، والرفق بالمؤمنين

 

 

الدين حنيفية سمحة، وشريعة محكمة، وازنت في الأحكام بين سلامة البدن، والمحافظة عليه، وسلامة النفس، والسمو بهما إلى عالم التيسير، وعدم المشقة عليهما، فأباح الدين للمصلي في الخوف من الأمراض المخيفة أن يتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المسجد([75])، وله أن يجمع بين الصلاتين،  فيجمع مثلا: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، للمشقة التي تلحق به، ودفع الضرر الذي يلحقه في نفسه، وفي الدين، فدعت الحاجة إليه، وهو عذر أيضا في الشريعة المطهرة.([76])

* تعريف الرخصة:

في اللغة: هي عبارة عن التيسير والتسهيل.([77])

قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (الرخصة: أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه؛ حتى يكون من ثقل التكليف في سعة واختيار، بين الأخذ بالعزيمة، والأخذ بالرخصة،). اهـ

وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (إن مقصود الشارع من مشروعية الرخصة الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق؛ فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده). اهـ؛ أي: لقصد الشارع.

قلت: لذلك فترك الرخصة مع ظن سببها قد تؤدي إلى الانقطاع عن الاستباق إلى الخير، وإلى السآمة والملل، وترك الدوام، وكراهية العمل. ([78])([79])

فالرخصة منحة من الله تعالى، شرعت لدفع المشقة عن العباد.

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص200)؛ عن المفهوم من قصر الصلاة: (وهذا كله يدل على التخفيف، والرخصة، ورفع الحرج). اهـ

قلت: فغلبة العدوى في المرض على المرء هو عذر يبيح له ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ وأباح الشارع أيضا له الجمع، لأنه بحاجة إلى ذلك، لرفع الحرج عنه في الدين.([80])

قلت: فإتيان المرء الجماعة في المسجد يشق عليه، ويحال بينه، وبينها، لهذا السبب، وهو خارج عن مقدوره واستطاعته، فرخص له في التخلف عنها، والجمع بين الصلاتين، حتى يزول عذره، تخفيفا وتيسيرا من الله تعالى.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .

وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .

وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .

قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([81])

قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ

وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ

وقال العلامة الشوكاني/ في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ

وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.

وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ

قلت: فالدين أسس على اليسر([82]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([83])

فالعذر: هو سبب يبيح الانتقال إلى حكم أخف في الشريعة؛ مثل: الجمع بين الصلاتين، والتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.([84])

قال الفقيه ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج16 ص243): (العذر يتسع القول فيه؛ وجملته: كل مانع، حائل بينه، وبين الجمعة مما يتأذى به). اهـ

قال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج16 ص243): (وفي معنى ذلك: كل عذر مانع، وأمر مؤذ). اهـ

قلت: فيعذر المرء بترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المسجد بسبب ما يحصل له من المشقة في إتيان المسجد.([85])

وقال الفقيه البغوي / في «شرح السنة» (ج2 ص373): (وكل عذر جاز به ترك الجماعة، جاز به ترك الجمعة). اهـ

وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص259): (والعذر في التخلف عنها يعني: الجمعة - كالعذر في التخلف عن سائر صلوات الفرض). اهـ

وقال الفقيه ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص195): (وتسقط الجمعة بكل عذر يسقط الجماعة). اهـ

وقال الفقيه ابن مفلح / في «الفروع» (ج2 ص41)؛ (باب: العذر في ترك الجمعة والجماعة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص244): (فأما صلاة الجماعة: فاتبع ما دل عليه الكتاب والسنة وأقوال الصحابة من وجوبها مع عدم العذر وسقوطها بالعذر). اهـ

وقال الفقيه البغوي / في «شرح السنة» (ج2 ص370): (اتفق أهل العلم على أنه لا رخصة في ترك الجماعة لأحد، إلا من عذر). اهـ

وقال الفقيه ابن المنذر / في «الإجماع» (ص18): (وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم). اهـ

قلت: فأهل الأعذار تسقط عنهم: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ سواء تسقط لجميع الناس في البلد، أو عن جزء منهم على حسب العذر العام، أو الخاص.

وقال الفقيه ابن المنذر / في «الأوسط» (ج4 ص17): (أجمع أهل العلم على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم). اهـ

وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج4 ص71): (وتسقط الجماعة بالعذر). اهـ

قلت: فالمرض المؤذي يجوز فيه التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.

قال الفقيه النووي / في «المجموع» (ج4 ص71): (البرد الشديد عذر في الليل والنهار، وشدة الحر عذر في الظهر). اهـ

قلت: فأهل العلم جعلوا الخوف من المرض المؤذي، كالبرد المؤذي، والحر المؤذي؛ في عدم حضور الجماعات في المساجد.

قلت: فالعذر كلمة واسعة، فهو يشمل كل ما يحول بين المرء، وبين إتيانه للمسجد.

قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص317): (قوله: (أو أذى بمطر أو وحل)؛ هذا نوع عاشر من أعذار ترك الجمعة والجماعة؛ فإذا خاف الأذى بمطر أو وحل، أي: إذا كانت السماء تمطر، وإذا خرج للجمعة، أو الجماعة تأذى بالمطر فهو معذور.

والأذية بالمطر أن يتأذى في بل ثيابه، أو ببرودة الجو، أو ما أشبه ذلك([86])، وكذلك لو خاف التأذي بوحل). اهـ

وعن ابن عباس عن النبي ه قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([87])

وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.

وعن عائشة ڤ قالت: (ما خير رسول الله ه بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([88])

قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83): (وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما)؛ فيه استحباب الأخذ بالأيسر، والأرفق). اهـ

وبوب عليه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83)؛ باب: مباعدته ه للآثام واختياره من المباح أسهله.

وقال الفقيه القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص118): (قولها: «وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما»؛ تعني: أنه كان إذا خيره أحد في شيئين يجوز له فعل كل واحد منهما، أو عرضت عليه مصلحتان؛ مال للأيسر منهما، وترك الأثقل أخذا بالسهولة لنفسه، وتعليما لأمته). اهـ

وعن ابن عباس ط قال: (خذ بأيسرهما عليك)، قال الله تبارك وتعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .([89])

وعن مجاهد / قال: (خذ بأيسرهما عليك فإن، الله لم يرد إلا اليسر).([90])

وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه). وفي رواية: (وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم).([91])

وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: (إن الدين يسر).([92])

وعن أنس بن مالك ط قال: قال رسول الله ه: (يسروا ولا تعسروا).([93])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ

قلت: فإذا تضرر المصلي من تعب الجسم من مرض، أو خوف وقوع مرض معد على نفسه رخص له في التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»، وصلى في بيته؛ لقوله تعالى: ]فاتقوا الله ما استطعتم[ [التغابن: 16]، ولقوله ه: (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم).

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([94])

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته). وفي رواية: (كما يحب أن تؤتى عزائمه، أو كما يكره أن تؤتى معصيته).([95])

وعن عبد الله بن مسعود  ط قال: (إن الله يحب أن تقبل رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)، وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه).([96])

وعن مسروق / قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([97])

وعن إبراهيم التيمي / قال: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره؛ كما يحب أن يطاع في عزائمه).([98])

قلت: فالمبادئ العامة المقطوع بها في الإسلام، مبدأ اليسر والتسهيل، والتسامح والاعتدال، ورفع الحرج والمشقة في الأحكام الشرعية؛ سواء أكان الحكم منصوصا عليه صراحة في الشريعة، أم مستنبطا بواسطة الفقهاء.([99])

إذا فمن الأعذار ما كان دليله النص، ومنها: ما يكون دليله القياس، أو الاستنباط، فافطن لهذا.

قلت: فالعذر كلمة واسعة، فهو يشمل كل ما يحول بين المرء، وبين إتيانه المسجد، ولا يشترط في المانع أن يكون منصوصا عليه في الدين، فافهم لهذا ترشد.([100])

قال الفقيه ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص136): (العذر يتسع القول فيه وجملته كل مانع حائل بينه وبين الجمعة مما يتأذى به). اهـ

وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص82): (وفي معنى ذلك: كل عذر مانع وأمر مؤذ). اهـ

قلت: ومشروعية الرخص؛ هو أمر مقطوع به أيضا في الشريعة، ومما علم من دين الأمة بالضرورة، كرخص: الجمع بين الصلاتين، والتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ لعذر، وغير ذلك، وهذا يدل على مطلق رفع الحرج والمشقة عن المسلمين.([101])

قال ابن العربي / في «القبس» (ج1 ص327): (ولا يطمئن إلى الجمع، ولا يفعله إلا جماعة مطمئنة النفوس بالسنة، كما أنه لا يكع([102]) عنه إلا أهل الجفاء، والبداوة).اهـ

وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج2 ص136): (اعلم أن الحرج مرفوع عن المكلف لوجهين:

أحدهما: الخوف من الانقطاع من الطريق، وبغض العبادة، وكراهة التكليف.([103])

 وينتظم تحت هذا المعنى: الخوف من إدخال الفساد عليه في جسمه، أو عقله، أو ماله، أو حاله.

وذلك أن الله تعالى وضع هذه الشريعة خفيفة سمحة سهلة، حفظ فيها على الخلق قلوبهم، وحببها لهم بذلك.

والثاني: خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالعبد المختلفة الأنواع، مثل: قيامه على أهله وولده، إلى تكاليف أخر ... فإذا أوغل في عمل شاق، فربما قطعه عن غيره!). اهـ

قلت: فالمشقة الخارجة عن المعتاد، هي موجبة للتخفيف والترخيص، لأن حفظ الإنسان هنا أولى من تعريضه للضرر، والهكلة.([104])

* وتأتي القاعدة المعروفة: (المشقة تجلب التيسير).

قلت: تفيد القاعدة أن الصعوبة تصير سببا للتسهيل، ويلزم التوسيع في وقت الضيق، ويتقي العبد الضرر في دينه، ودنياه.

قلت: واتقى؛ مصدر: الاتقاء، وكلاهما: مأخوذ من مادة: «و، ق، ى»؛ التي تدل على دفع شيء بغيره.

والاتقاء: اتخاذ الوقاية، وهو بمعنى: التوقي.

ويراد به: أن يجعل المرء بينه، وبين الشيء وقاية تحفظه مما يؤذيه، ويضره.([105])

قلت: فلا بأس أن يتخذ العبد وقاية من خوف مرض، وغيره في الحياة، فيجعل بينه، وبين هذا المرض وقاية تحفظه عن ضرر هذا المرض.

* والمقصود بالمشقة هنا؛ المشقة التي تتجاوز الحدود العادية، والتي لا يستطيع المكلف بسببها الدوام على العمل، أو القائم به، فيضطر إلى تركه، أو التخفيف فيه عن نفسه؛ لكي لا يلحقه الضرر في حياته.

قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] .

وقال تعالى: ]فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم[ [المائدة:3] .

وقال تعالى: ]ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر[ [البقرة: 185] .

وقال تعالى: ]وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة[ [النساء: 101] .

وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286].

وقال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 158].

قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص78): (شبه نسخ التكاليف الشاقة عن هذه الأمة بوضع الأحمال الثقيلة عن حاملها، والإصر: هو العهد الثقيل). اهـ

وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج2 ص368): (كانت شرعة من قبلنا بالرهبانية، وشريعتنا بالحنيفية السمحة). اهـ

قلت: وهذا هو عين اليسر، والتخفيف، وإسقاط الحرج.

فوضع الله تعالى عن هذه الأمة من التكاليف الغليظة، والأعمال الشاقة؛ التي دل عليها؛ قوله تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286].

قلت: فالشريعة مبنية على المقاصد، وأن المقصد الأعظم هو: جلب المصالح، ودرء المفاسد، وأن بقية المقاصد؛ كمراعاة التخفيف، ورفع الحرج عن الناس، وإقامة العدل بينهم ما هي إلا مصالح تجلب للخلق.([106])

قال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص219): (وقد كانت الصحابة y أفهم الأمة لمراد نبيها وأتبع له، وإنما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصوده). اهـ

وقال الفقيه الآمدي / في «الإحكام» (ج3 ص389): (المقصود من شرع الحكم: إما جلب مصلحة، أو دفع مضرة، أو مجموع الأمرين). اهـ

قلت: فالأحكام شرعت لمصلحة العباد، وأن الشارع لا يثبت حكما إلا لمصلحة للمسلمين في بلدنهم.

فالتيسير، ورفع الحرج هذا أصل عظيم في الدين، وركن من أركان شريعة المسلمين شرفنا الله تعالى بهذا الأصل؛ فلم يحملنا إصرا، ولا كلفنا في مشقة أمرا، كما قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286]، وأنه تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج إلا ونفاه عنها([107])، ولله الحمد والمنة.

قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص312): (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص282): (أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا؛ ولهذا يثني الله على العمل الصالح ويأمر بالصلاح والإصلاح وينهى عن الفساد. فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا). اهـ

  وقال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص3): (الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها). اهـ

  وقال الفقيه ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص316): (فإياك أن تظن بظنك الفاسد أن شيئا من اقضيته واقداره عار عن الحكمة البالغة، بل جميع اقضيته تعالى، وأقداره واقعة على أتم وجوه الحكمة والصواب). اهـ

وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج1 ص11): (والشريعة كلها مصالح: إما تدرأ مفاسد، أو تجلب مصالح). اهـ

قلت: فلو حصل التعب، والمشقة لأمر عارض؛ فإنه يرخص في تلك الحال في التخلف عن صلاة الجماعة.

قال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص683): (الرخصة في ترك صلاة الجماعة للعذر، والأعذار ربما تضبط بضابط: وهو كل ما يخل بالخشوع، وحضور القلب([108])، فإنه عذر في ترك الجماعة؛ كانحباس البول، والغائط، والريح، والبرد الشديد، والأمطار، وما أشبه ذلك، فهذه أعذار يجمعها أنها تفوت الخشوع، أو توجب المشقة في الحضور). اهـ

قلت: فلا بأس بالأخذ بالرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر.

قال الفقيه الدهلوي / في «حجة الله البالغة» (ج2 ص26): (ثم لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف، والسقيم، وذي الحاجة، اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك؛ ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط). اهـ

قلت: فحث الإسلام على التخفيف في: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»؛ من أجل دفع المشقة عن المسلمين، ومراعاة للفروق الفردية بينهم.

ومن أجل ذلك رخص الإسلام في التخلف الاضطراري عن: «صلاة الجماعة»؛ بسبب: «عذر الخوف من المرض يصيب الجسم»، الذي يشق على النفس، فأباح له ترك الواجب إذا شق عليه فعله.

قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] .

وقال تعالى: ]فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم[ [المائدة:3] .

قلت: لذلك وضع الله تعالى عن هذه الأمة من التكاليف الغليظة، والأعمال الشاقة.([109])

قال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 157] .

وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]

ومنه: من الأعذار فيما يبيح ترك: «الجمعة والجماعة» إذا حصلت المشقة، أو الحاجة، أو الضرر.

فعن كثير مولى ابن سمرة، قال: (مررت على عبد الرحمن بن سمرة ط، وهو

قاعد على بابه يوم الجمعة، فقال: ما خطب أميركم؟، فقلنا: أو ما جمعت([110])؟، قال: لا حبسنا هذا الردغ).([111]) وفي رواية؛ الحسن البصري عن عبد الرحمن بن سمرة ط قال: (منعني هذا الردغ من الجمعة).([112])

وعن نافع عن ابن عمر : (أنه استصرخ([113])على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع الضحى، فأتاه ابن عمر بالعقيق، وترك الجمعة حينئذ).

وفي رواية: (أن ابن عمر ذكر له: أن سعيد بن زيد بن عمرو t مرض في يوم الجمعة، فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة، وترك الجمعة)، وفي رواية: (ولم يشهد الجمعة).([114])

قلت: فهذا ابن عمر ڤ يترك: «صلاة الجمعة» لهذه الحاجة، والضرورة، فهل أنتم أحرص على: «صلاة الجمعة» في المسجد من ابن عمر ؟!.([115])

قلت: فالعبادة تقوم على اليسر والسعة، لا على العسر والحرج، بل هي في حدود استطاعة الإنسان العادي، حيث يستطيع القيام بها من غير عنت، وصدق الله العظيم؛ حيث يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286] .

وقال تعالى: ]وما أنا من المتكلفين [ [ص: 86] .

قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ

قال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص121): (إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد... وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله ه أتم دلالة وأصدقها). اهـ

قلت: فإذا ظهرت مشقة في عبادة، فيرخص فيها، وتوسع من الضيق([116]) إلى السعة للضرورة.

والضرورة: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة؛ بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال.

فيتعين عندئذ ارتكاب الحرام([117])، أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته؛ دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن حدود الشريعة المطهرة. ([118])

وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص5): (فالضرورات مناسبة لإباحة المحظورات جلبا لمصالحها، والجنايات مناسبة لإيجاب العقوبات درءا لمفاسدها). اهـ

قلت: فمقصود الشرع من الخلق خمسة:

(1)                   أن يحفظ عليهم دينهم.

(2)                   وأنفسهم.

(3)                   وعقلهم.

(4)                   ونسلهم.

(5)                   ومالهم.

فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة: فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة.([119])

قلت: فهذه الضرورات الخمس في الإسلام هي:

(1)                   حفظ الدين: والدين؛ هو أعلى المراتب، وأشرفها، وأفضلها، ذلك بأن الإيمان أفضل الأعمال لجلبه لأحسن المصالح، ودرئه لأقبح المفاسد، مع شرفه في نفسه، وشرف متعلقه؛ ولأن الدين أصل ما دعا إليه القرآن والسنة، ونشأ عنهما.

(2)                   حفظ النفس: والنفس؛ هي: ما تقوم بها حياة المرء.

(3)                   حفظ العقل: والعقل؛ هو مناط التكليف، و بدونه لا يمكن للمرء أن يقوم بالتكاليف.

(4)                   حفظ النسل: والنسل؛ المقصود به الذرية، وحفظ الفرج، وغير ذلك.

 (5) حفظ المال: والمال؛ هو كل ما يملك المرء؛ سواء كان نقدا أو عينا.

قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286]، وأنه تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج إلا ونفاه عنها([120])، ولله الحمد والمنة.

قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص312): (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص282): (أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا؛ ولهذا يثني الله على العمل الصالح ويأمر بالصلاح والإصلاح وينهى عن الفساد. فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا). اهـ

  وقال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص3): (الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها). اهـ

قلت: فإذا بلغ ذلك الأمر؛ فإن لم يكن مأذونا له في الشرع، فقد كلف عسرا، ومنع يسرا، وذلك غير الذي أخبر الله تعالى أنه أراده بخلقه؛ لقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .

قال تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى[ [النحل: 90] ، هذا أمر بالمصالح وأسبابها.

وقال تعالى: ]وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي[ [النحل: 90] ؛ وهذا نهيعن المفاسد وأسبابها.

وتعد هذه الآية أجمع آية في القرآن للحث على المصالح كلها، والزجر عن المفاسد بأسرها.

فإن «الألف» و«اللام» في العدل، والإحسان للعموم، والاستغراق.

فلا يبقى من دق العدل، وجله شيء إلا اندرج في: قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل[ [النحل: 90]، ولا يبقى من دق الإحسان، وجله شيء إلا اندرج في أمره بالإحسان، والإحسان: إما جلب مصلحة، أو دفع مفسدة.

وكذلك: «الألف»، و«اللام» في الفحشاء، والمنكر، والبغي؛ عامة مستغرقة لأنواع الفواحش، ولما ينكر من الأقوال والأعمال.([121])

قلت: وعلى هذا تكون المصلحة التي قصدت الشريعة جلبها، والمحافظة عليها، وهي مصلحة شاملة، تشمل مصالح الدنيا، ومصالح الآخرة، ومصالح الفرد، ومصالح الجماعة، ومصالح الجسد، ومصالح الروح، كما تشمل المصالح العاجلة، والمصالح الآجلة.

 قلت: فرخص الإسلام للمصلي أن يتخلف عن: «صلاة الجمعة»، أو «صلاة الجماعة» في المساجد، وأن يصلي في بيته من خوف مرض يصيبه، أو مرض وقع به لما يلحقه من الضرر في النفس.

مع تأكيد الإسلام على: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ إلا أنه رخص في تركها بسبب الأعذار، وخصها بعدة رخص أثناء قيامها، حتى يتمكن المصلي من المحافظة عليها، والقيام بها دون عنت أو مشقة، أو خوف من مرض أو غيره.([122])

قلت: فالخوف على النفس من الضرر يباح ترك الجماعة في المسجد، لأنه من الأعذار المبيحة للتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة».([123])

قال الفقيه الدهلوي / في «حجة الله البالغة» (ج2 ص26): (ثم لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف، والسقيم، وذي الحاجة، اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك؛ ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط). اهـ

قلت: فحث الإسلام على التخفيف في: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»؛ من أجل دفع المشقة عن المسلمين، ومراعاة للفروق الفردية بينهم.

ومن أجل ذلك رخص الإسلام في التخلف عن: «صلاة الجماعة» بسبب عذر الخوف الشديد في البلد من مرض، وغيره، الذي يشق على النفس.

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إلماعة

 

قال تعالى: ]أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا[ [النساء: 63].

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن: «المقلد المعاند»

في عدم ترخصه في ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ بعذر الخوف من الأمراض الفتاكة، عنادا، ومكابرة، وإصرارا، أنه جعل نفسه أتقى، وأخشى من النبي r في أخذه بالرخص في الخوف، وغيره في الشريعة المطهرة؛ ولكن: ]وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون[ [آل عمران: 24].

 

1) عن عائشة ڤ قالت: كان رسول الله r يأمرهم بما يطيقون، فيقولون: إنا لسنا كهيئتك([124])، قد غفر([125]) الله عز وجل لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يرى ذلك في وجهه، قال: ثم يقول r : (والله إني لأعلمكم بالله عز وجل، وأتقاكم له قلبا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (20)، وأحمد في «المسند» (24289) و(24319) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ به.

2) وعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (20)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص175) من طريق عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ به.

والمعنى: كان r إذا أمرهم بما يسهل عليهم دون ما يشق خشية أن يعجزوا عن الدوام عليه([126])، وعمل هو بنظير ما يأمرهم به من التخفيف، طلبوا منه التكليف بما يشق عليهم، لاعتقادهم احتياجهم إلى المبالغة في العمل لرفع الدرجات دونه. ([127])

وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج9 ص286): (وكان عليه السلام رفيقا بأمته حريصا على التخفيف عنهم). اهـ

وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج1 ص190): (فيه دليل على رفق النبي r بأمته، وأن الدين يسر، وأن الشريعة حنيفية سمحة). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها، استيفاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (الوقوف عند ما حد الشارع من عزيمة، ورخصة، واعتقاد: أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (الأولى في العبادة القصد والملازمة، لا المبالغة المفضية إلى الترك). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (بيان أن لرسول الله r رتبة الكمال الإنساني، لأنه منحصر في الحكمتين العلمية، والعملية، وقد أشار إلى الأولى؛ بقوله: «أعلمكم»، وإلى الثانية؛ بقوله: «أتقاكم») ([128]). اهـ

3) وعن عائشة ڤ قالت: (صنع النبي r شيئا ترخص فيه، وتنزه عنه قوم،([129]) فبلغ ذلك النبي r، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (6101)، و(7301)، ومسلم في «صحيحه» (2356) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.

وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ص958)؛ باب: علمه r بالله تعالى وشدة خشيته.

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج15 ص297): (ما بال أقوام يتنزهون؛ أي: يتباعدون، ويحترزون عن الشيء أصنعه). اهـ

قلت: وهؤلاء الذين يتباعدون، ويحترزون عن اتخاذ الرخص في الدين، يرون أنفسهم أتقى من النبي r، لأنهم تنزهوا عما رخص فيه النبي r، والواجب عليهم الاقتداء به عليه الصلاة والسلام. ([130])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص279): (والمراد منه هنا: أن الخير في الاتباع؛ سواء كان ذلك في العزيمة، أو الرخصة، وأن استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت أولى من استعمال العزيمة؛ بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحا؛ كما في إتمام الصلاة في السفر، وربما كان مذموما إذا كان رغبة عن السنة، كترك المسح على الخفين، والفطر في السفر.

ونقل ابن التين: عن الداودي أن التنزه عما ترخص فيه النبي r من أعظم الذنوب؛ لأنه يرى نفسه أتقى لله تعالى من رسوله r، وهذا إلحاد، قلت؛ يعني: ابن حجر؛ لا شك في إلحاد من اعتقد ذلك).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص513): (قوله r: «فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية»؛ جمع بين القوة العلمية، والقوة العملية؛ أي: أنهم توهموا أن رغبتهم عما أفعل أقرب لهم عند الله تعالى، وليس كذلك إذ هو أعلمهم بالقربة، وأولاهم بالعمل بها).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص514): (وفي الحديث: الحث على الاقتداء بالنبي r، وذم التعمق، والتنزه عن المباح).اهـ

وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج18 ص201): (وفيه الحث على الاقتداء به، والنهي عن التعمق، وذم التنزه عن المباح).اهـ

وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج18 ص201): (فرخص فيه: من الترخيص، وهو خلاف التشديد؛ يعني: سهل فيه من غير منع).اهـ

والتعمق: هو التشديد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه.

والغلو: هو المبالغة في الشيء، والتشديد فيه بتجاوز الحد. ([131])

قال تعالى: ]ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق[ [النساء: 171].       

قال تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق[ [المائدة: 77].

قلت: والغلو فوق التعمق؛ فإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.

قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج20 ص219): (فرخص فيه: وتنزه عنه قوم: لأن تنزيههم عما رخص فيه النبي r تعمق).اهـ

وقال العلامة أبو يحيى الأنصاري / في «تحفة الباري» (ج6 ص505): (وفيه بيان خلقه r، والحث على الاقتداء به، والنهي عن التعمق، وذم التنزه عن المباح شكا في إباحته). اهـ

4) وعن عائشة ڤ قالت: رخص رسول الله r في أمر، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي r، فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال: (ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه، فوالله لأنا أعلمهم بالله عز وجل، وأشدهم له خشية).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2356)، وابن راهويه في «المسند» (1460)، وأحمد في «المسند» (24180) من طريق أبي معاوية حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.

5) وعن عائشة ڤ قالت: رخص رسول الله r في بعض الأمر، فرغب عنه رجال، فقال r: (ما بال رجال آمرهم بالأمر يرغبون عنه، والله إني لأعلمهم بالله عز وجل، وأشدهم له خشية).

حديث صحيح

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (10063)، وفي «عمل اليوم والليلة» (234)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2015)، و(2021)، وأحمد في «المسند» (25482) من طريق عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

6) وعن عائشة ڤ: أن رجلا سأل رسول الله r، فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة، وأنا جنب أريد الصيام؟ فقال رسول الله r: (وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب، وأنا أريد الصيام، فأغتسل، ثم أصوم، فقال الرجل: إنا لسنا مثلك، فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله r وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله عز وجل، وأعلمكم بما أتقي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1110)، وأبو داود في «سننه» (2389)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3025)، و(11500)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص289)، وابن حبان في «صحيحه» (3492)، و(3495)، و(3501)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص285)، وفي «السنن المأثورة» (301)، وفي «اختلاف الحديث» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص213)، وفي «معرفة السنن» (8629)، وأحمد في «المسند» (24385)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2014)، والحازمي في «الاعتبار» (ص135)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (540)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج2 ص106)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج17 ص419) من طرق عن عبدالله بن عبدالرحمن بن معمر عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة ڤ به.

قلت: وهذه الأحاديث تدل على وجوب الأخذ بالرخص في العبادات، وأن ذلك منهج الرسول r، فيجب الاقتداء به r في الأخذ بالرخص الشرعية بقصد الاتباع، وهذا أولى في محله من الأخذ بالعزيمة ([132])، والله المستعان.

والذي لا يترخص فيما ترخص فيه النبي r، فقد وقع في الذنوب المهلكة له، لأنه يرى نفسه أتقى لله تعالى من الرسول r بمجرد الأخذ بالعزيمة، وترك الرخصة، اللهم غفرا.

قلت: فالخير كل الخير في اتباع الرسول r في جميع العبادات، لأنه r أعطي القوة العلمية، والقوة العملية.

قلت: وبناء على ذلك فإن الصحابة y لم يتنازعوا في الأخذ بالرخص، بل اتفقت كلمتهم، وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها، مع فهم لمعاني هذه الرخص، والحاجة إليها في هذه الحياة، وهذا يدل على أنها من أعظم النعم من الله تعالى، وأن العناية بتبيينها، وتطبيقها من الأحكام المهمة في الدين، لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، والتعبد بأسمائه وصفاته، وإثباتها من لوازم التوحيد، فبين الله تعالى، ورسوله r هذه الرخص الشرعية بيانا شافيا، لا يقع فيه لبس، ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعته والاشتباه، ومن شرح الله تعالى لها صدره، ونور لها قلبه.

* ولا خلاف بين الأمة أن الراسخين في العلم يعلمون هذه الرخص الشرعية، وأرسخهم في العلم أعلمهم بها.

* ولا عذر عند الله تعالى بترك هذه الرخص الشرعية؛ لقول أحد كائنا من كان.

قال تعالى: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ [سبأ: 6].   

قال تعالى: ]أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى[ [الرعد: 19].

قال تعالى: ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني[ [يوسف: 108].

وقال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم[ [آل عمران: 18].

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

أصل الكتاب

 

قال تعالى: ]بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون[ [الأنبياء: 24].

 

 

    

ذكر الدليل من القرآن الكريم على وجوب الصلاة

في البيوت بعذر الخوف الذي يأتي بسببه الضرر على النفس، ومن أي: نوع من الخوف، من مرض يعدي، أو سبع، أو مفسدة مهلكة، أو حرب، وبنحو ذلك، وترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وتقرير تفسيرات الصحابة، والتابعين في الأحكام، ونقض الاجتهاد الفاسد في الدين

 

اعلم رحمك الله أن الخوف إذا وقع بين المسلمين في بلدانهم، بأي: نوع من الخوف، وغلب على ظنهم وقوع الشر عليهم في المساجد وغيرها، فتقتضي الحكمة، والمصلحة أداء الصلاة في البيوت، لما في ذلك من الحفاظ على الأنفس، والأموال.([133])

وإليك الدليل:

1) قال تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين[ [يونس: 87].

قلت: كانت بنو إسرائيل لا يصلون؛ إلا في «بيعهم»، وكانت ظاهرة: فلما أرسل موسى عليه السلام، أمر فرعون بقتلهم، وإلحاق الضرر بهم؛ فأمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم([134])، وأن يصلوا فيها: خوفا من فرعون، وأتباعه.([135])

قلت: فصلى موسى، وهارون في البيت بسبب الخوف، وهما من الرسل، فهل عبد الرحمن بن عبد الخالق اتقى، وأخشى من الرسل؟!.

قال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص595): (قوله تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه...[، حجة في تخلف الخائف عن الجمعة... فأمرهم الله تعالى أن يصليا وقومهما في بيوتهم حين خافوا فرعون، وملأه أن يفتنوهم). اهـ

وقال الإمام الزجاج / في «معاني القرآن» (ج3 ص30): (صلوا في بيوتكم؛ لتأمنوا من الخوف). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج2 ص333): (المراد: أنهم يجعلون بيوتهم مستقبلة للقبلة، ليصلوا فيها سرا؛ لئلا يصيبهم من الكفار معرة بسبب الصلاة!). اهـ

وقال العلامة الآلوسي / في «روح المعاني» (ج11 ص228): (أمروا بذلك في أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة؛ فيؤذونهم ويفتنونهم في دينهم، وهو مبني على أن المراد بالبيوت المساكن). اهـ

وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج9 ص72): (وفي ذلك دلالة على جواز كتم الصلاة عند الخوف). اهـ

2) وعن ابن عباس ، في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس: 87]، قال: (أمروا أن يتخذوا في بيوتهم مساجد)، وفي رواية: (اجعلوها مسجدا حتى تصلوا فيها)، وفي رواية: (كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).

                                                                   أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، والواحدي في «الوسيط» تعليقا (ج2 ص556)، والطبري في «جامع البيان» (ج7 ص153)، وأبو الشيخ في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور) من طرق عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والسيوطي في «الدر المنثور) (ج4 ص383)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج8 ص237)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص334).

قلت: وهذا الدليل يدل على جواز الصلاة في البيوت بسبب الخوف من ضرر القتل، أو ضرر مرض مهلك، أو أي: خوف كان بسببه يقع الضرر على النفس.

فإذا صحت الصلاة في البيوت من أجل ضرر الناس بالقتل، فيجوز الصلاة في البيوت من أجل خوف ضرر الناس من المرض المعدي ([136])، فافهم لهذا ترشد.

قال العلامة الآلوسي / في «روح المعاني» (ج11 ص227): (فإذا اضطروا جازت لهم الصلاة في بيوتهم؛ كما رخص لنا صلاة الخوف). اهـ

قلت: فإصرار: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الشيطان على باطله([137])، مع رؤيته للأدلة، ثم نشره لباطله، فهذا يعتبر فتنة له، ولغيره من ضعاف النفوس المريضة.

قال تعالى: ]وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون[ [الفرقان: 20].

وقال تعالى: ]بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون[ [الزمر: 49].

وقال تعالى: ]واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك[ [المائدة: 49].

وقال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان[ [الأعراف: 27].

وقال تعالى: ]واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة[ [الأنفال: 25].

وقال تعالى: ]ألا في الفتنة سقطوا[ [التوبة: 49].

وقال تعالى: ]ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض[ [الحج:53].

وقال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة[ [النور: 63].

قلت: لذلك عليك بأخذ العلم النافع من أهل الحديث في هذا الزمان، ولا تعرض عن العلم في حياتك، فيسلط الله تعالى عليك بمثل هذا الرجل المفتون، فيفتنك في دينك وأنت لا تشعر، والعياذ بالله.

قال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان[ [الأعراف: 27].

وقال تعالى: ]وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون[ [يونس: 92].

وقال تعالى: ]ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين[ [يونس: 85].

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين[ [يونس: 85]، قال: (لا تسلطهم علينا، فيفتنونا).

أثر صحيح

أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص328)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص297)، ونعيم بن حماد في «الفتن» (ج1 ص144 و360)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طرق عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص417)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص693).

3) وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس:87]، قال: (كانوا لا يصلون إلا في البيع، فقيل لهم: صلوا في بيوتكم من مخافة فرعون). وفي رواية: (كانوا لا يصلون إلا في البيع، حتى خافوا من آل فرعون، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).

أثر صحيح

أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص329)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977)، وأبو الشيخ في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه آدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص296) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه سفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص128) من طريق منصور بن المعتمر عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص334)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص144).

4) وعن إبراهيم النخعي / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس: 87]، قال: (خافوا، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم). وفي رواية: (كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).

أثر صحيح

أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص330)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص231)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977) من طرق عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج4 ص146)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص144).

قلت: وعلى المؤمنين أن يصبروا على البلاء، وبترك الصلاة في المساجد، فإن مع العسر يسرا، فإذا اشتد الكرب، وضاق الأمر فرجه الله تعالى ووسعه([138])؛ أي: برفع البلاء وبالنصرة في الدنيا، والجنة في الآخرة.([139])

قال تعالى: ]وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الروم:6].

وقال تعالى: ]فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون[ [الروم:60].

وقال تعالى: ]وعد الله لا يخلف الله الميعاد[ [الزمر: 20].

وقال تعالى: ]فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك[ [غافر: 55].

وقال تعالى: ]إن الله لا يخلف الميعاد[ [آل عمران: 9].

وقال تعالى: ]وكان وعد ربي حقا[ [الكهف: 98].

وقال تعالى: ]ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون[ [يونس: 55].

قال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص382): (قوله تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه[ [يونس: 87]؛ حين اشتد الأمر على قومهما من فرعون وقومه، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم: ]أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا[؛ أي: حين اشتد الأمر على قومهما من فرعون وقومه، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم، ]واجعلوا بيوتكم قبلة[؛ أي: اجعلوها محلا، تصلون فيها حيث عجزتم عن إقامة الصلاة في الكنائس، والبيع العامة، ]وأقيموا الصلاة[؛ فإنها معونة على جميع الأمور، ]وبشر المؤمنين[ [يونس: 78]؛ بالنصر والتأييد، وإظهار دينهم، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، وإذا اشتد الكرب، وضاق الأمر، فرجه الله تعالى ووسعه).اهـ

وقال المفسر الرازي / في «التفسير الكبير» (ج17 ص119): (أنه تعالى لما أرسل موسى عليه السلام إليهم، وأظهر فرعون تلك العداوة الشديدة أمر الله تعالى موسى، وهارون عليهما السلام؛ باتخاذ المساجد على رغم الأعداء، وتكفل تعالى أنه يصونهم عن شر الأعداء). اهـ

5) وعن أبي مالك / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس:87]؛ قال: (كانت بنو إسرائيل تخاف فرعون، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلون فيها).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج12 ص253) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فهذه تفسيرات السلف في الصلاة في البيوت، وترك الصلاة في المساجد بعذر الخوف من مرض، أو غيره، ومن خالف تفسيرات السلف، فهو ضال في الدين.([140])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص361): (من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة y أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([141]) اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف؛ فهو إجماع، وحجة على من بعدهم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل وبالله التوفيق). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ

وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص24)؛ عن تفضيل السلف على الخلف: (ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا، وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله؛ كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة؛ فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير، وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص361): (فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول؛ وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر؛ لأجل مذهب اعتقدوه... وفي الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص675): (الصحابة هم أفقه الأمة، وأعلمهم بالمعاني المؤثرة في الأحكام). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السنة، وأحوال الرسول r، لا يعرفها أكثر المتأخرين، فإنهم شهدوا الرسول r، والتنزيل، وعاينوا الرسول r، وعرفوا من أقواله، وأفعاله، وأحواله مما يستدلون به على مرادهم، ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب.

ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله r، فمن خالف قولهم، وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم، فقد أخطأ في الدليل([142])، والمدلول([143]) جميعا).اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص6): (والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده، فمن السنة... وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود، y... وإذا لم تجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة y، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (ولسان العرب: أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي... فالحجة فيه كتاب الله، قـــال تعالـــى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه[ [إبراهيم: 4]. اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص249): (كل ما في القرآن والسنة يرجع إلى اللغة العربية، لأن القرآن نزل باللغة العربية، إلا ما نقله الشرع عن معناه، فيرجع إلى الحقيقة الشرعية.

وهذا سواء كان في العقيدة، أو كان في الأحكام العملية، لأن هذا الشرع كله باللغة العربية، فكله يحمل على اللغة العربية، مالم يكن له تسمية شرعية، فيرجع إلى الشرع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص257): (أتدري من السلف؟، السلف: هم الرسول r، والخلفاء الراشدون، والصحابة y، والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى والحق، فكيف تكون طريقة الخلف أهدى منهم!). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص285): (فوجب حمل كلام الله تعالى، ورسوله r على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي). اهـ

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص153): (لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم). اهـ

وبالجملة: فتقديم تفسير الصحابة على تفسير غيرهم مسألة معلومة مشتهرة قد سطرها أهل العلم في كتبهم، حيث جعلوا تفسير الصحابي بعد التفسير النبوي في الرتبة في أحسن طرق التفسير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص138): (ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح مقدمة التفسير» (ص140): (فصارت الآن الطرق لتفسير القرآن أربعة: القرآن، والسنة، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين). اهـ

وقد جعل الإمام الطبري مخالفة أقوال الصحابة، والتابعين شذوذا، فقال في «جامع البيان» (ج2 ص590): (ولا يعارض بالقول الشاذ؛ ما استفاض به القول من الصحابة، والتابعين). اهـ

وفي الجملة: من عدل عن منهج الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في الحكم ولا بد!.([144])

قلت: لذلك يجب نقض حكم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، وأمثاله؛ بمثل: هذه الأحكام المخالفة للكتاب، والسنة، والآثار.

قال الأصولي الآمدي / في «الإحكام» (ج4 ص203): (وإنما يمكن نقضه بأن يكون حكمه مخالفا لدليل قاطع من نص، أو إجماع، أو قياس جلي). اهـ

قلت: فاشتملت عبارته على التصريح بأن الاجتهاد ينقض عند مخالفته للدليل من النص، أو الإجماع، أو القياس الجلي.

وقال الأصولي الأصفهاني / في «بيان المختصر» (ج3 ص327): (وينقض بالاتفاق حكم الحاكم إذا خالف دليلا قاطعا: نصا، أو إجماعا، أو قياسا جليا). اهـ

6) ومنه: قوله تعالى: ]فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 182].

قلت: فالخوف هاهنا؛ بمعنى: العلم، وهو؛ مثل: قوله تعالى: ]فإن خفتم ألا يقيما حدود الله[ [البقرة: 229]، وقوله تعالى: ]وإن خفتم شقاق بينهما[ [النساء: 35]؛ أي: علمتم.

قلت: وإنما عبر تعالى بالخوف عن العلم، لأن الخوف طرف إلى العلم؛ فإنه إنما يخاف الوقوع في الشيء، أو يخشى وجوده: للعلم به، والخوف منه.([145])

وخاف: بمعنى: خشي، وعلم.([146])

والجنف: الميل.

والإثم: قصد الإثم.

قلت: فهذا المصلح لا إثم عليه في ذلك، كذلك من ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد من مرض يعدي بسبب اجتماع الناس للصلاة فيها، فلا إثم عليه أيضا، لأن الله تعالى أمر بالاحتراز منه على قدر المستطاع، وترك الأماكن التي يخشى انتشار المرض فيها، ويمكن وقوعه في الناس، منها: «المساجد».

ومعناه: أن الرجل إذا حضر وصية الموصي فرآه يميل، إما بتقصير عن حق، أو بإسراف في الوصية، أو وضع الوصية في غير موضعها؛ فأرشده، ورده إلى الحق: فهو مباح له، فيأمره بالعدل، ومنعه عن الظلم؛ وهذا معنى: قوله تعالى: ]فأصلح بينهم فلا إثم عليه[ [البقرة: 182].

قلت: فالمراد بالخوف هنا: إنه العلم به، ونفس الخوف، ويخشى وجوده، ووقوعه في المستقبل، ومن ذلك: «الخوف من الأمراض المعدية».([147])

قلت: وهذا الحكم عام في كل خوف من مرض وغيره.

قال الإمام البيضاوي / في «أنوار التنزيل» (ج1 ص104): (قوله تعالى: ]فمن خاف من موص[ [البقرة: 182]؛ أي: توقع وعلم، من قولهم: أخاف أن ترسل السماء). اهـ

قلت: وهذا بنفس الخوف من ضرر المرض المهلك، والعلم به في البلد، ويخشى من وجوده، ووقوعه في المستقبل، وهلاك الناس بسببه، وهذا ظاهر في مرض الطاعون لما يخاف منه.

قلت: فمن خاف، أو خشي من مرض يعدي، ويخاف وقوعه خاصة في أماكن ازدحام الناس، مثل: المساجد، فيجوز تركها([148]) للتحرز من وقوع المرض في الناس.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» ج2 ص312): (قوله تعالى: ]فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[([149]) [البقرة: 182]؛ قوله تعالى: ]فمن خاف[: ]من[ شرطية؛ و]خاف[ فعل الشرط؛ وقوله تعالى: ]فلا إثم عليه[ جواب الشرط.

وقوله تعالى: ]فمن خاف من موص[؛ أي: من توقع، أو اطلع.

قوله تعالى: ]جنفا أو إثما[: «الجنف»: الميل عن غير قصد؛ و«الأثم»: الميل عن قصد.

وقوله تعالى: ]فأصلح بينهم[؛ أي: فعل صالحا؛ أي: حول الأمر إلى شيء صالح؛ وليس المعنى: أصلح الشقاق؛ لأنه قد لا يكون هناك شقاق؛ هذا القول وإن كان له وجهة نظر؛ لكن كلمة: ]بينهم[ تدل على أن المراد: إصلاح الشقاق؛ إذ أن البينية لا تكن إلا بين شيئين؛ فعلى: الوجه الأول: يكون المراد بالإصلاح إزالة الفساد؛ وعلى الوجه الثاني: يكون الإصلاح فيها إزالة الشقاق؛ لأن الغالب إذا أراد الوصي أن يغير الوصية بعد موت الموصي أن يحصل شقاق بينه، وبين الورثة؛ أو بينة، وبين الموصى له.

وقوله تعالى: ]فلا إثم عليه[؛ أي: فلا عقوبة؛ وهذا كالمستثنى: من قوله تعالى: ]فمن بدله بعد ما سمعه[؛ و]لا[ نافية للجنس تعم القليل، والكثير.

وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[؛ جملة تعليلية للحكم). اهـ

قلت: وهذا من تيسير الدين، لأن الدين أسس على اليسر، والرفق، والتخفيف على المسلمين.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].

قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ

وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([150])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ

وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.

وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ

قلت: فالدين أسس على اليسر([151]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([152])

قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .

وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .

وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.

قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الإنسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([153])

 قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([154]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ

قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».

وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([155])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

قال الفقيه ابن نجيم / في «الأشباه والنظائر» (ص75): (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته). اهـ

قلت: فكل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليه اجتنابه سقط النهي عنه.([156])([157])

7) ومنه: قوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239].

قلت: فيجوز للمسلم في الحضر والسفر أن يصلي على راحلته صلاة الفريضة إذا احتاج إلى ذلك؛ مثل: في المطر، والوحل، والطين، والمرض أو الخوف من وقوع مرض في البلد، وغير ذلك. ([158])

قال الإمام أبو داود / في «المسائل» (ص76): (قلت: لأحمد؛ القوم في الغزو يصلون؛ فتشغب الدواب، فيثب بعضها على بعض، فيقوم الرجل بينه، وبين صاحبه ذراعان، أو ثلاثا، فلم ير به بأسا، قال: قلت؛ هكذا أحب إليك يصلون، أو فرادى؟،قال: هكذا، أليس صلاة الخوف يذهبون ويجيئون). اهـ

قلت: فيصح تأدية صلاة الفرض على الراحلة من أي عذر تيسيرا على المسلم.

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج1 ص466): (وكذلك روي عن أنس بن مالك t أنه صلى في ماء وطين على دابته). اهـ

وبوب الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص465)؛ باب: ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر.

قلت: وهذا الحكم يدخل في قوله تعالى: ]ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى[ [النساء: 102]؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وقال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص39): (وتجوز صلاة الفرض على الراحلة خشية التأذي([159]) بالوحل). اهـ

وقال الإمام ابن تميم / في «المختصر» (ج2 ص342): (يجوز فعل الفرض على الراحلة خوف التأذي([160])  بالمطر، أو الوحل). اهـ

وقال شيخنا الفقيه محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص46)؛ معلقا على حديث تنفل النبي r على راحلته: (فيه دليل على أنه لا يجب على المتنفل أن يصرف الناقة حين تكبيرة الإحرام إلى القبلة، وأنه لا حرج عليه أن يبدأ الصلاة من أولها إلى آخرها وهو متجه حيث كان وجهه، وهذا هو القول الراجح؛ أنه لا يشترط استقبال القبلة عند ابتداء الصلاة؛ لعموم الأدلة، ... فاستقبال القبلة يسقط عند الضرورة في جميع الرواتب؛ بل يسقط عند الضرورة حتى في الفرائض؛ كما لو لحقه عدو؛ لقوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239] يعني: إلى القبلة وإلى غيرها). اهـ

وقال أبو داود في «المسائل» (ص76): (قلت: لأحمد؛ يكون مطر، فيخاف أن تبتل ثيابه؟؛ قال: يصلي على دابته).

وقال الفقيه الكلوذاني / في «الهداية» (ص53): (وتجوز صلاة الفرض على الراحلة؛ لأجل التأذي بالمطر، والوحل). اهـ

وقال الفقيه الجراعي / في «غاية المطلب» (ص115): (ويصلي راكبا فريضة؛ لأذى مطر، أو وحل). اهـ

وقال الفقيه ابن قائد / في «هداية الراغب» (ص53): (وتصح مكتوبة على راحلة واقفة، أو سائرة خشية تأذ؛ أي: الخوف التضرر بوحل، ونحوه؛ كمطر، وثلج، وبرد). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (لا يصلي الرجل المكتوبة على الدابة، مقبلا إلى البيت، ولا مدبرا عنه، إلا أن يكون مريضا، أو خائفا، فليصل على دابته مقبلا إلى البيت غير مدبر عنه). ([161])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص346): (إذا خاف انقطاعا عن رفقته يصلي على الراحلة ولو مع الأمن، لأن الإنسان إذا انقطع عن رفقته فلربما يضيع، وربما يحصل له مرض، أو نوم، أو ما أشبه ذلك فيتضرر، فإذا قال: إن نزلت على الأرض وبركت البعير، وصليت فاتت الرفقة، وعجزت عن اللحاق بهم، وإن صليت على بعيري؛ فإني أدركهم. نقول له: صل على البعير ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286] ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]). اهـ 

وعن ابن عباس قال: في جمع النبي r: (أراد أن لا يحرج أمته).([162])

قلت: فالنبي r رفع الحرج عن هذه الأمة في العبادات مطلقا. ([163])

قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج5 ص359): (قوله: «كذلك الأمر»؛ أي: أداء الصلاة - يعني: الفريضة- على ظهر الدابة بالإيماء، وهو الشأن والحكم عند خوف فوات الوقت، أو فوات العدو، أو فوات النفس). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص714): (فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع: فصلوا ركبانا؛ لأنهم لو نزلوا للصلاة لكان فيه مضادة للأمر بالإسراع، وصلاة الراكب مقتضية للإيماء، فطابق الحديث الترجمة). اهـ

وقال الإمام العيني / في «عمدة القاري» (ج17 ص396): (قوله: «عليه»؛ أي: على الظهر، وهو الإبل الذي يحمل عليه ويركب، يقال: عند فلان ظهر؛ أي: إبل). اهـ

وقال الإمام الكرماني / في «الكواكب الدراري» (ج6 ص54): (قوله: «كذلك الأمر»؛ أي: أداء الصلاة - يعني: الفريضة- على ظهر الدابة بالإيماء هو: الشأن، والحكم عند خوف فوات الوقت، أو فوات العدو، أو فوات النفس). اهـ

قلت: والمقصود إذا احتاج المصلي أن يصلي صلاة الفريضة في بيته: من خوف مرض؛ فيجوز له ذلك، فيتخلف عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة»، لأن ذلك من باب الرخصة الشرعية.

قلت: فإن اشتد الأمر، صلوا ركبانا إيماء حيث كانت وجوههم؛ فإن لم يقدروا، تركوا الصلاة حتى يأمنوا في الخوف. ([164])

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج5 ص244): (والخوف الذي للمصلي أن يصلي من أجله المكتوبة ماشيا راجلا، وراكبا جائلا: الخوف على المهمة عند السلة، والمسايفة في قتال من أمر بقتاله من عدو للمسلمين، أو محارب، أو طلب سبع، أو جمل صائل، أو سيل سائل، فخاف الغرق فيه، وكل ما الأغلب من شأنه هلاك المرء منه إن صلى صلاة الأمن، فإنه إذا كان ذلك كذلك، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف حيث كان وجهه يومئ إيماء لعموم كتاب الله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239]، ولم يخص الخوف على ذلك على نوع من الأنواع، بعد أن يكون الخوف صفته ما ذكرت). اهـ

قلت: وهذا على العموم في الخوف الذي يجوز للمصلي أن يصلي في بيته على أي نوع من أنواع الخوف في الحرب، أو في السفر، أو في الحضر، أو يخاف من مرض يعدي، أو غير ذلك.

فعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239] ، قال: (إذا كان خائفا صلى على أي حال كان). ([165])

وعن رجاء بن حيوة عن ثابت بن السمط قال: (كان في سفر في خوف، فصلوا ركبانا، فالتفت فرأى الأشتر([166]) قد نزل، قال: ماله، قالوا: نزل يصلي، فقال: خالف، خولف به، فخرج الأشتر في الفتنة).

أثر صحيح

أخرجه أبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج2 ص502) من طريق ابن عون عن رجاء بن حيوة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره العيني في «عمدة القاري» (ج5 ص259).

8) ومنه؛ قوله تعالى: ]ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما[ [الشعراء: 21].

قلت: وفي هذا العذر من فرار موسى عليه السلام من مكان خوفه، ومقصده عليه السلام بهذا طلب دفع بلوى قتله، خوف فوت أداء الرسالة، ونشرها بين الملأ.

فموسى عليه السلام توقع القتل([167])، فخاف من فرعون وقومه من ذلك، لدفع الشر عن نفسه.

وفي هذا إيماء إلى أي: خوف قد يحصل للعبد في بلده، أن يفر منه، سواء كان الفرار من مرض، أو أي شيء خشية الهلاك.([168])

قلت: ومن ذلك الفرار من المساجد، وترك الصلاة فيها؛ إلى الفرار إلى البيوت من خوف ضرر النفس من مرض مهلك للنفس.([169])

قال الإمام السدي /: في قوله تعالى: ]ففررت منكم[. [الشعراء: 21]؛ (يعني: فهربت منكم).([170])

وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص260): (قوله تعالى: ]ففررت منكم[. [الشعراء: 21]؛ إلى مدين؛ (لما خفتكم)؛ أن تقتلون).

قلت: لذلك يجب نقض الأحكام المخالفة للشريعة المطهرة.

قال الفقيه القرافي / في «شرح تنقيح الفصول» (ص441): (والحكم الذي ينقض في نفسه، ولا يمنع النقض، هو ما خالف أحد أمور أربعة: الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي). اهـ

قلت: فصرح بأن الاجتهاد ينقض بالنص.

وقال الفقيه القرافي / في «الفروق» (ج2 ص109): (كل شيء أفتى فيه المجتهد فخرجت فتياه فيه على خلاف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالمعن المعارض الراجح، لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس، ولا يفتي به في دين الله تعالى، فإن هذا الحكم لو حكم به حاكم لنقضناه). اهـ

قلت: وإنما ينقضه بالدليل من نص، أو اجماع.

وقال الفقيه الزركشي / في «البحر المحيط» (ج6 ص268): (أما لو ظهر نص، أو إجماع، أو قياس جلي بخلافه؛ نقض هو وغيره). اهـ

قلت: والنص يشمل القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآثار.

وقال الفقيه ابن النجار / في «شرح الكوكب المنير» (ج4 ص505): (وينقض الحكم وجوبا بمخالفة نص الكتاب، أو السنة، ولو آحادا، أو إجماع قطعي). اهـ

قلت: فأطلق القول بأن الاجتهاد ينقض بمخالفة نص القرآن الكريم.

وقال الأصولي الأنصاري / في «فواتح الرحموت» (ج2 ص395) فيما خالف المجتهد: (الكتاب والسنة المتواترة والمشهورة، والإجماع). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص263): (فإن كان مخالفا للدليل القاطع نقضه اتفاقا). اهـ

قلت: فإن كان حكم المجتهد مخالفا للدليل من نص، أو إجماع، فينقض بالاتفاق بين العلماء، سواء من قبل القاضي، أو من مفتي، أو أي مجتهد آخر لمخالفته الدليل. ([171])

وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج3 ص107): (إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه؛ إلا أن يخالف الكتاب، أو السنة، أو الإجماع؛ بأن يكون قولا لا دليل عليه). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

ذكر الدليل على جواز الفرار من الوباء المعدي في البلد، باتخاذ جميع الوسائل الطبية للفرار منه، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد للتحرز من إصابة المرض؛ بأنواع الاحترازات الشرعية والاجتماعية، والطبية، واستفراغ الوسع في التوقي من الوباء المعدي، والوقاية منه بالطرق السليمة؛ لما يخشى على أنفسهم من الهلاك، لذلك يجوز أن يتركوا الصلاة في المساجد، وإن يصلوا في بيوتهم، من أجل رخصة الله تعالى الشرعية للناس، وقد أجمع على هذا الحكم الصحابة، والسلف، والعلماء قديما وحديثا

 

(1) قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].

(2) قال تعالى: ]ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما[ [النساء: 29].

(3) وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة: أن عمر بن الخطاب t؛ خرج إلى الشأم، فلما جاء بسرغ، بلغه أن الوباء وقع بالشأم، فأخبره عبد الرحمن بن عوف t: أن رسول الله r قال: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه، فرجع عمر t من سرغ).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5730)، و(6973)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص30)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7479)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص194)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1869)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (276)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص71)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص396)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص304)، ومصعب الزبيري في «حديثه» (96)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2613)، والشاشي في «المسند» (236)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (9789)، والحدثاني في «الموطأ» (639)، وابن القاسم في «الموطأ» (9)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (356)، والجوهري في «مسند الموطأ» (127)، وابن وهب في «الموطأ» (ق/106/ط) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة به.

وأخرجه أبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1870)، والشافعي في «المسند» (ص241)، وفي «الموطأ» (ص876)، وفي «الرسالة» (ص429)، والحدثاني في «الموطأ» (639)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص122) من طريق مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله: (أن عمر t إنما رجع بالناس من حديث عبد الرحمن بن عوف t).

والحديث مرسل:

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص186): (ورواية سالم: هذه منقطعة، لأنه لم يدرك القصة، ولا جده عمر، ولا عبد الرحمن بن عوف). اهـ

قلت: والحديث ثابت متصل صحيح من وجوه، كما سبق.([172])

والطاعون: هو مرض، وأصله: القروح الخارجة من الجسد.

والوباء: عموم الأمراض.

وحاصله: أن الطاعون مرض عام؛ يكون عنه موت عام، وقد يسمى: بالوباء.([173])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص211): (الوباء: الطاعون، وهو موت نازل شامل، لا يحل لأحد أن يفر من أرض نزل فيها إذا كان من ساكنيها، ولا أن يقدم عليه إذا كان خارجا عن الأرض التي نزل بها، إيمانا بالقدر، ودفعا لملامة النفس). اهـ

وقال الإمام الباجي / في «المنتقى» (ج7 ص198): (الطاعون: مرض يصيب الكثير من الناس في جهة من الجهات، دون غيرها). اهـ

وقال اليفرني اللغوي / في «الاقتضاب» (ج2 ص425): (الوباء: هو الطاعون؛ وهو مرض يعم الكثير من الناس في جهة، دون غيرها يخالف المعتاد من أحوال الناس وأمراضهم، ويكون مرضهم غالبا مرضا واحدا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراض الناس مختلفة). اهـ

وفي هذا الحديث: وجوب الفرار من الوباء المعدي في البلد عموما، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد، للتحرز من إصابة المرض.([174])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص620): (من فوائد الحديث: أنه لا يجوز القدوم على أرض الطاعون، لأن ذلك من قتل النفس، والإلقاء بالتهلكة، والله تعالى يقول: ]ولا تقتلوا أنفسكم[ [النساء: 29]، ويقول الله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195]، فكما إنك يجب عليك مراعاة طفلك وحمايته عما يضره، يجب عليك وجوبا أوكد مراعاة نفسك، وأن تحميها مما يضرها؛ لأنها أمانة عندك.

ويقاس على ذلك: الإقدام على كل ما فيه مضرة، فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم عليه، كالمفازة([175])؛ لأنه يعرض نفسه للخطر.

أنه لا يجوز خروج الإنسان من أرض وقع فيها الطاعون). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص300): (فيحترز بما هو: جائز في الشرع من أنواع الاحترازات). اهـ

قلت: فالفرار من المهالك مأمور به في الشرع.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج6 ص572): (الإنسان إذا نزل به وباء، وعالجه، فلا حرج عليه.

فكذلك إذا أخذ وقاية منه فلا حرج عليه، ولا يعد ذلك من نقص التوكل، بل هذا من التوكل؛ لأن فعل الأسباب الواقية من الهلاك، والعذاب: أمر مطلوب). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج5 ص278): (ولا يحل أن يهرب أحد عن الطاعون: إذا وقع في بلد هو فيه، ومباح له الخروج لسفره الذي كان يخرج فيه لو لم يكن الطاعون، ولا يحل الدخول إلى بلاد فيه الطاعون لمن كان خارجا عنه حتى يزول، والطاعون: هو الموت الذي كثر في بعض الأوقات كثرة خارجة عن المعهود). اهـ

(4) وعن عبد الله بن عباس t: أن عمر بن الخطاب t، خرج إلى الشأم، حتى إذا كان بسرغ([176]) لقيه أمراء الأجناد([177])، أبوعبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء([178]) قد وقع بأرض الشأم.

قال ابن عباس t: فقال عمر t: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأم، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس([179]) وأصحاب رسول الله r، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني([180])، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين([181])، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش([182]) من مهاجرة الفتح([183])، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر t في الناس: إني مصبح([184]) على ظهر، فأصبحوا عليه. قال أبوعبيدة بن الجراح t: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر t: لو غيرك([185]) قالها([186]) يا أبا عبيدة؟! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت([187]) واديا له عدوتان([188])، إحداهما خصبة([189])، والأخرى جدبة([190])، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف t - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله r يقول: «إذا سمعتم به([191]) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه». قال: فحمد الله([192]) عمر ثم انصرف).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5729)، وفي «التاريخ الأوسط» (163)، وابن خزيمة في «صحيحه» (155)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1867)، وابن حبان في «صحيحه» (2953)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج34 ص68)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج5 ص278)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص393)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص194)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (223)، والشاشي في «المسند» (235)، و(237)، والحدثاني في «الموطأ» (637)، و(638)، و(820)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج5 ص202)، وفي «مناقب عمر بن الخطاب» (ص315 و316)، والبزار في «المسند» (9089)، وأبو داود في «سننه» (3103)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1191)، و(1192)، ومحمد بن سليمان في «مما رواه الأكابر عن الأصاغر» (1)، والطبراني في «المعجم الكبير» (269)، وابن القاسم في «الموطأ» (63)، والبرتي في «مسند عبد الرحمن بن عوف» (1)، والجوهري في «مسند الموطأ» (222)، والحداد في «جامع الصحيحين» (2560)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص303)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج15 ص175)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2611)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (267)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7480)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج1 ص124)، ومصعب الزبيري في «حديثه» (95)، وأبو يعلى في «المسند» (837) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس t به.

قوله r: «إذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه»، هذا فيه النهي عن دخول أرض انتشر بها، وباء معد.([193])

* ويدخل فيه النهي عن دخول المساجد، وغيرها في البلد الواحد، قد انتشر فيه وباء معدي، وخيف إصابة الناس عند حضورهم بسبب ازدحامهم، واقترابهم من بعضهم في المساجد، فرخص لهم الشارع في التخلف عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة».

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص612): (على ظاهر هذا الحديث عمل: عمر بن الخطاب t، والصحابة ﭫ لما رجعوا من سرغ([194]) حين أخبرهم بهذا الحديث عبد الرحمن بن عوف t، وإليه صاروا). اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص612): (وإنما نهي عن القدوم عليه أخذا بالحزم، والحذر، والتحرز من مواضع الضرر، ودفعا للأوهام المشوشة لنفس الإنسان.

* وإما نهي عن الفرار منه؛ لأن الكائن في الموضع الذي الوباء فيه؛ لعله قد أخذ بحظ منه، لاشتراك أهل ذلك الموضع في سبب ذلك المرض العام، فلا فائدة لفراره.

* بل يضيف إلى ما أصابه من مبادئ الوباء مشقات السفر؛ فيتضاعف الألم، ويكثر الضرر؛ فيهلكون بكل طريق، ويطرحون في كل فجوة، ومضيق.

ولذلك يقال: قلما فر أحد من الوباء فسلم، ويكفي من ذلك موعظة؛ قوله تعالى: ]ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا[ [البقرة: 243]. قال الحسن البصري /: خرجوا حذرا من الطاعون فأماتهم الله تعالى في ساعة واحدة). اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص618): (أمرنا الله تعالى بالتحرز من المخاوف، والهلكات، وباستفراغ الوسع في التوقي من المكروهات، والحذر وجلب المنافع، ودفع الضرر.

* ثم المقصر في ذلك ملوم عادة، وشرعا، ومنسوب إلى التفريط عقلا وسمعا؛ وإن زعم أنه المتوكل على الله تعالى، والمسلم لأمر الله تعالى.

* ولما بين عمر بن الخطاب t ذلك المعنى بالمثال، لاح الحق، وارتفع الجدال، ثم لم يبرح عمر بن الخطاب t من مكانه حتى جاءه الحق ببرهانه، فحدثهم عبد الرحمن بن عوف t بما قاله في ذلك النبي r فسر بذلك عمر بن الخطاب t سرورا ظهر لديه، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، حيث توافق الرأي والسمع، وارتفع الخلاف، وحصل الجمع، فرجع من موضعه ذلك إلى المدينة سالما موفورا، وكان في سعيه ذلك مصيبا مشكورا). اهـ

قلت: والناس في هذا الزمان، قد ابتلوا بمرض معد، وأنهم لم يمتنعوا عن الخروج إلى المساجد، والصلاة فيها، إلا بسبب العذر من هذا المرض.

قلت: وعلى هذا جرى عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله([195]) r؛ بقوله وفعله، إلى يومنا هذا.

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص618): (ومن أعظم فوائد هذا الحديث: إجماع الصحابة ﭫ: على العمل بالرأي، والاجتهاد، وقبول أخبار الآحاد، كما بينا ذلك في الأصول). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص217)؛ معلقا على حديث عمر بن الخطاب t: (وأن المرء يجب عليه الانقياد للسنة: إذا ثبتت عنده من نقل الكافة كانت، أو من نقل الآحاد العدول، وفيه سرعة ما كانوا يعني: الصحابة - عليه من الانقياد للعلم، والاستعمال له). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص370): (وفيه: دليل على عظيم ما كان عليه القوم يعني: الصحابة - من الإنصاف للعلم، والانقياد إليه، وكيف لا يكون كذلك، وهم خير الأمم y). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص386): (وفيه: دليل على أن الأعمال: لا تزكو عند الله تعالى؛ إلا بالنيات).([196]) اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وفيه: دليل على أن الاختلاف لا يوجب حكما، وإنما يوجبه النظر، وأن الإجماع يوجب الحكم، والعمل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وفيه: دليل على أن الاختلاف إذا نزل، وقام الحجاج، فالحجة، والفلج بيد من أدلى بالسنة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وبهذا أمر الله عباده عند التنازع، أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى كتاب الله، وسنة نبيه r، فمن كان عنده من ذلك: علم، وجب الانقياد إليه). اهـ

(4) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا عدوى([197]) ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم([198])، كما تفر من الأسد).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5707)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص131) من طريق سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة t به.

قلت: والفرار من المجذوم، إنما هو خوف من العدوى، وهذا يجوز للعبد أن يفعله.([199])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص583): (وهكذا المجذوم أيضا: ابتعد عنه، ولكن إن أصبت بعدوى من الجذام، أو غيره؛ فإنما ذلك بإذن الله تعالى، وليس بالعدوى نفسها). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ /في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص864): (وأما أمره r بالفرار من المجذوم، ونهيه r عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء، أو في النار، أو تحت الهدم، أو نحو ذلك: مما جرت العادة؛ بأنه يهلك ويؤذى، فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، والقدوم على بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، لا خالق غيره ولا مقدر غيره). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص621): (الحجر الصحي: إنما يكون على المصاب بالمرض.

أما السليم من المرض، فلا وجه للحجر عليه، فإذا قدر أن شخصا جاء من أرض وبيئة، وحلل وإذا هو سالم، فلا وجه للحجر عليه). اهـ

(5) وعن الشريد بن سويد t قال: (كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي r إنا قد بايعناك فارجع).([200]) وفي رواية: (قدم على النبي r رجل من ثقيف مجذوم ليبايعه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2231)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص389)، وابن الجعد في «حديثه» (ج1 ص311)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص317)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص131)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص193 و194) من طريق شريك بن عبد الله، وهشيم بن بشير عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: فذكره.

وبوب الإمام النووي / في «المنهاج» (ص917)؛ باب: اجتناب المجذوم ونحوه.

(6) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا يوردن ممرض على مصح). وفي رواية: (لا توردوا الممرض على المصح).وفي رواية: (لا يورد ممرض على مصح).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5771)، و(5774)، ومسلم في «صحيحه» (2221)، وأبو داود في «سننه» (3911)، وابن ماجه في «سننه» (3541)، وعبدالرزاق في «المصنف» (9507)، والبغوي في «شرح السنة» (3248)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص434)، وابن حبان في «صحيحه» (6115)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (1660)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج4 ص303)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص216 و217)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ص6 مسند علي بن أبي طالب) من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: سمعت أبا هريرة t.([201])

وقد تابعه: محمد بن عمرو حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة t.

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (3542)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص434).

قلت: وهذا يدل على ثبوت العدوى، وهي ثابتة بالتجربة، والمشاهدة في هذه الحياة.([202])

وأخرجه مالك في «الموطأ» (1894)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص628)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص124)، والحدثاني في «الموطأ» (ص542)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج24 ص189 و190)، وفي «الاستذكار» (ج27 ص53)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص217) من طرق عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبدالله بن الأشج عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (لا عدوى، ولا هام، ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح). وفي رواية: (إنه أذى).

وإسناده ضعيف فيه أبو عطية عبد الله بن عطية الأشجعي، وهو مجهول.([203])

وفيه انقطاع بين مالك، وبكير بن عبد الله، فإن مالكا لم يدركه.

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص624): (قوله r: (لا يورد ممرض على مصح)؛ أي: لا يفعل ذلك). اهـ

قلت: وإنما نهى r عن إيراد الممرض على المصح مخافة وقوع المصح فيما وقع فيه المريض، ومخافة تشويش النفوس، وتأثير الأوهام بسبب انتشار الوباء المعدي، لأن يجد العبد من نفسه نفرة من ذلك، وكراهية هذا الوباء على أن يقع فيه، فيتأذى منه، ويتضرر.([204])

قال الحافظ البيهقي / في «الخلافيات» (ج6 ص131): (فأمر r في هذين الحديثين بالتباعد من المجذوم). اهـ

وقال العلامة الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (ج2 ص660): (واعلم أنه لا تعارض بين هذين الحديثين، وبين أحاديث: (لا عدوى)؛ لأن المقصود بهما إثبات العدوى، وأنها تنتقل بإذن الله تعالى من المريض إلى السليم). اهـ

(7) وعن إبراهيم بن سعد قال: سمعت أسامة بن زيد t يحدث سعد بن أبي وقاص t عن النبي r أنه قال: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض، فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها). وفي رواية: (إن هذا الوجع رجس وعذاب). وفي رواية: (إن هذا الطاعون رجز).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5728)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص288)، ومسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21798)، والطيالسي في «المسند» (630)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (559)، والبزار في «المسند» (2605)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص285- إتحاف المهرة)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص256)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص469)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص73) من طريق شعبة قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت إبراهيم بن سعد به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، والباغندي في «مسند عمر بن عبدالعزيز» (73)، والطبراني في «المعجم الكبير» (403)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص257)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص470) من طريق الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وأجلح الكندي؛ كلهم: عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد به.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (3473)، ومسلم في «صحيحه» (2218)، والترمذي في «سننه» (1065)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص206)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1868)، وابن حبان في «صحيحه» (2952)، والبغوي في «شرح السنة» (1443)، والحدثاني في «الموطأ» (640)، وأبو أحمد الحاكم في «العوالي عن مالك» (32)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص397 و398 و400)، والجوهري في «مسند الموطأ» (236)، و(393)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (9747 و9748)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، وابن القاسم في «الموطأ» (87)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7483)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (352)، والجرجاني في «مجالس من أماليه» (456)، ومحمد بن الحسن الشيباني في «الموطأ» (954)، و(955)، وابن وهب في «الموطأ» (ق/107/ط)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2612)، والزيات في «حديثه» (48) من طريق سفيان، ومالك عن محمد بن المنكدر، وعن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه: أنه سمعه يسأل: أسامة بن زيد t: ماذا سمعت من رسول الله r في الطاعون؟، فقال: أسامة t: قال رسول الله r: (الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل - أو على من كان قبلكم - فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه). وفي رواية: (فإذا سمعتم به، فلا تدخلوا عليه). وفي رواية: (وإذا كان بأرض، فلا تدخلوها).

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (6974)، وأحمد في «المسند» (21807) من طريق شعيب عن الزهري حدثنا عامر بن سعد بن أبي وقاص: أنه سمع أسامة بن زيد يحدث سعدا، أن رسول الله r ذكر الوجع، فقال r: (رجز، أو عذاب عذب به بعض الأمم ثم بقي منه بقية، فيذهب المرة، ويأتي الأخرى، فمن سمع به بأرض، فلا يقدمن عليه، ومن كان بأرض وقع بها، فلا يخرج فرارا منه).

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21751)، والحميدي في «المسند» (544)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص253)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص274- إتحاف المهرة)، وأبو عوانة في «المسند» الصحيح» (ج17 ص461)، والترمذي في «سننه» (1088)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7524)، وابن حبان في «صحيحه» (2954) من طريق سفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، ومحمد بن ثابت العبدي، وابن جريج؛ كلهم: عن عمرو بن دينار؛ أن عامر بن سعد فذكره، وفيه: (فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه، وإذا دخلها عليكم فلا تخرجوا منها فرارا).

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، والطبراني في «المعجم الكبير» (274)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص267)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص76)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، والبزار في «المسند» (2587) من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أسامة بن زيد t به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21818)، والباغندي في «مسند عمر بن عبد العزيز» (72)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص284- إتحاف المهرة)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص288)، والدورقي في «مسند سعد بن أبي وقاص» (79)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص473) من طريق عطاء بن يسار، ورياح بن عبيدة، وعمر بن عبد العزيز، ثلاثتهم: عن عامر بن سعد به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص284- إتحاف المهرة)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص75 و76)، وعبدالرزاق في «المصنف» (20158)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص477)، والطبراني في «المعجم الكبير» (273)، و(275)، وأحمد في «المسند» (21806)، من طريق معمر، وعبدالرحمن بن إسحاق، وعقيل بن خالد؛ كلهم عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد به، وفيه: (وإذا سمعتم به في أرض فلا تأتوها). وفي رواية: (إن هذا الوباء رجز أهلك الله به بعض الأمم قبلكم).

وأخرجه أحمد في «المسند» (21811)، والطبراني في «المعجم الكبير» (384)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص217)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص285- إتحاف المهرة)، وابن منده في «الأمالي» (ص104) من طريق محمد بن عمرو عن محمد بن المنكدر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد t به.

وإسناده حسن.

تنبيه:

قلت: والوباء إنما كان عذابا على الكفرة: فيمن مضى، والذين من بعدهم.

وكذلك على المبتدعة قديما وحديثا، لا على المؤمنين منهم، وأنه لمؤمني هذه الأمة رحمة، وشهادة.([205])

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([206])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([207])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون

اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([208])

والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([209])

قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([210]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([211])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.

قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([212])

قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ

قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[

[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([213])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r،  واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr  قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([214])

فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ

قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([215])؛ إذ لا يضم المباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([216])

قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.

وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.

 قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المقلد أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من حكم في الأصول، أو الفروع، والله المستعان.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].

وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.

فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([217])، والعياذ باللـه.

قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في أحكام الدين، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في الأحكام وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل من السنة النبوية على أن المسلمين قد حبسوا عن الصلاة في المساجد في هذه الأيام؛ لعام: «1441هـ»، وصلوها في بيوتهم؛ فحبسهم العذر الشرعي، وهو انتشار الوباء في بلدانهم، فتخلفوا عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وهم: معذورون بذلك، وقد حصلوا على أجرهم بالكامل عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وإن لم يصلوا في المساجد

 

1) عن أنس بن مالك t، أن رسول الله r: لما رجع من غزوة تبوك([218]) قال r: (إن بالمدينة لأقواما، ما سرتم من مسير، ولا قطعتم من واد، إلا كانوا معكم فيه، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال r: نعم، وهم بالمدينة؛ حبسهم العذر). وفي رواية: (خلفهم العذر).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (2839)، و(4423)، وإسماعيل بن عبدالله النيسابوري في «الأربعين العوالي» (36)، وابن قدامة في «فضائل التروية» (31)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص160 و214)، وابن ماجه في «سننه» (2764)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج5 ص261)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص24)، وفي «السنن الصغرى» (3527)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص266 و267 و272)، وأبو جعفر الحنيني في «مسند أنس بن مالك» (ص146)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص376)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص467 و468)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص167)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (264)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص342)، وفي «حلية الأولياء» (ج8 ص264)، وفي «تثبيت الإمامة» (101)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص425)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص450 و451)، و(ج7 ص213)، وأبو زرعة المقدسي في «صفوة التصوف» (833)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1402)، وأبو موسى المديني في «مجلس من أماليه» (5)، وابن المفضل المقدسي في «الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين» (ص250 و251 و252)، ومحي الدين اليونيني في «مشيخته» (ص100 و101)، وابن حبان في «صحيحه» (ج11 ص33)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (242)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص289)، وابن الجوزي في «المنتظم من تاريخ الملوك والأمم» (ج3 ص365)، وابن أبي أسامة في «المسند» (663- بغية الباحث)، وفي «العوالي» (ص23)، والذهبي في «السير» (ج21 ص158)، وفي «تاريخ الإسلام» (ص627- المغازي)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص323)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج12 ص267)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج1 ص386)، وابن علوان في «نظم اللآلي بالمائة العوالي» (ص85)، والقاسم بن الفضل الثقفي في «الثقفيات» (103)، وابن دقيق العيد في «الأربعين التساعية الإسناد» (ص139) من طرق عن حميد بن أبي حميد الطويل، عن أنس بن مالك t به.

وقد صرح حميد بن أبي حميد الطويل بالسماع: من طريق زهير؛ عند: البخاري في «صحيحه» (2838).

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (2839)، وأبو داود في «سننه» (2508)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص160 و214)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج4 ص492)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج12 ص268)، و(ج19 ص204 و205)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص24)، وفي «السنن الصغرى» (3527)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص267)، والبزار في «المسند» (ج13 ص489)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص434)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ج3 ص210 و211) من طرق عن حميد بن أبي حميد الطويل، عن موسى بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه به.

وقال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47): «الأول أصح».

يعني: حذف موسى بن أنس من الإسناد. ([219])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص47): (ولا مانع من أن يكونا محفوظين؛ فلعل حميدا: سمعه من موسى عن أبيه، ثم لقي أنسا فحدثه به، أو سمعه من أنس، فثبته فيه ابنه موسى). اهـ

قلت: وهو الصواب، لأن الراوي عن حميد: هو حماد بن سلمة عن حميد عن موسى بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك.

وحماد بن سلمة أعلم الناس بحديث: حميد الطويل. ([220])

قلت: وهذا يكون من المزيد في متصل الأسانيد.

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47)؛ باب من حبسه العذر عن الغزو.

قلت: وهذا مثل: من حبسه عذر المرض عن حضور المسجد!.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس، فإنه يكتب له أجر ما نوى).اهـ

قلت: قد بين r أن من منعه مانع من أداء فرض، أو من مسارعة إلى عبادة، ومن فعل سنة، أن يكون على نيته في فعل ذلك، أجر على ما نواه من فعل الطاعة، وإن لم يفعلها؛ لنيته الخالصة.

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص332): (وأن أصول الدين، وعمدة من عمل الطاعات، ومفسر: لقوله تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين[ [البينة:5]).اهـ

2) وعن جابر بن عبدالله قال: (كنا مع النبي r في غزاة، فقال r: إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض). وفي رواية: (إلا شركوكم في الأجر). وفي رواية: (حبسهم عنكم المرض).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1911)، وابن ماجه في «سننه» (2765)، وأحمد في «المسند» (14208)، و(14675)، وابن حبان في «صحيحه» (4714)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (7453)، و(7454)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1028)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص168)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص24)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2310)، وأبو يعلى في «المسند» (2291)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص28) من طرق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبدالله t به.

وأخرجه أحمد في «المسند» (14675)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1057) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله t قال: (بعدما رجعنا من غزوة تبوك، قال r: إن بالمدينة لأقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض).

وابن لهيعة توبع.

فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس، لعذر؛ كمرض فيه، أو لخوف مرض يصيبه في جسمه، أو ما أشبهه، فإنه يكتب له أجر ما نوى([221])، والله الموفق.

قلت: وهذا يدل على أن الإنسان إذا هم بفعل العمل الصالح، وأراده، وقصده، لكنه عجز عنه، أو حال دون ذلك حائل أنه يكتب له هذا العمل، كما لو أنه عمله.

وقوله r: (إلا شركوكم في الأجر)؛ هذا يعني: أنهم يستوون معهم في الأجر، والثواب عند الله تعالى، ما دام حبسهم العذر. ([222])

وبوب الإمام النووي في «المنهاج» (ص501)؛ باب: ثواب من حبسه عن الغزو مرض، أو عذر آخر.

قلت: وهذا الحديث يدلك على أن الإنسان يبلغ بنيته ما لا يبلغه بعمله: إن كانت نيته صادقة. ([223])

فقوله r: (وهم معكم حبسهم العذر)؛ يعني: المرض، : (إلا شركوكم في الأجر)؛ يعني: أنهم يودون أن يشاركوكم، وأنهم نيتهم معكم، لكن حبسهم المرض عن فعل العبادة.

قلت: فالإنسان الذي يحبسه المرض عن الصلاة في المسجد، أو الجهاد، أو غير ذلك، فيكون له أجره كاملا، كأنه صلى مع الناس في المسجد، وكأنه جاهد مع الناس بسبب النية الحسنة، والعذر الشرعي. ([224])

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص47): (المراد: بالعذر ما هو أعم من المرض، وعدم القدرة على السفر). اهـ

وبوب الإمام ابن ماجه في «السنن» (ج4 ص58)؛ باب: من حبسه العذر عن الجهاد.

قلت: وهذا بمثله من حبسه العذر عن الصلاة في المسجد.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له أجر ما نوى.

* أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر؛ أي: لما كان قادرا كان يعمله، ثم عجز عنه فيما بعد؛ فإنه يكتب له أجر العمل كاملا، لأن النبي r قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا». ([225])

* فالمتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملا.

فمثلا: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس؛ كنوم أو مرض، أو ما أشبهه؛ فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص.

وكذلك، إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملا، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يكتب له الأجر كاملا.

وغيره من الأمثلة كثيرة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص398): (هذا مما يدل على أن الإنسان يبلغ بنيته مبلغ العمل، فإذا تخلف عن الجهاد لعذر مرض، أو غيره؛ فإنه يكتب له أجر الغازي في سبيل الله.

ولكن: إذا كان له عذر يمنعه من الغزو ببدنه؛ فهناك غزو آخر بالمال، والمعاونة داخل البلد -مثلا-، فإذا ما يقدر عليه، فإنه يكتب له أجر العامل كاملا، ولهذا قال النبي r: (إلا كانوا معكم)؛ والمعية تقتضي المصاحبة، والمقارنة). اهـ

قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص61): (وفي هذا الحديث: فضيلة النية في الخير، وأن من نوى الغزو، وغيره من الطاعات؛ فعرض له عذر منعه، حصل له ثواب نيته). اهـ

3) وعن أبي يزيد معن بن يزيد الأخنس t قال: (كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت: فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمه إلى رسول الله r، فقال r: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1422)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص470)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص34) من طريق إسرائيل، حدثنا أبو الجويرية، أن معن بن يزيد t به.

وبوب عليه الإمام البخاري في «صحيحه» (ص230)؛ باب: إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر.

* وحديث معن بن يزيد بن الأخنس t قال: تصدق أبي، وهو: يزيد بن الأخنس t، بدراهم جعلها عند إنسان في المسجد للفقراء.

فجاء معن t، وهو محتاج، فأخذها، فقال له أبوه: ما أردتك، أردت فقراء آخرين، فخاصمه إلى النبي r.

فقال له النبي r: (لك ما أخذت يا معن، ولك ما نويت يا يزيد).

وهذا من فضل النية الصادقة في الأعمال، وأن الأعمال تؤجر عليها بحسب النية، إذا عجزت، أو منعت، إن كانت نيتك صالحة بلغت بك مبلغ العاملين المأجورين. ([226])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص39): (هذا الحديث: في قصة معن بن يزيد، وأبيه ، أن أباه يزيد أخرج دراهم عند رجل في المسجد ليتصدق بها على الفقراء، فجاء ابنه معن فأخذها، وربما يكون ذلك الرجل الذي وكل فيها لم يعلم أنه ابن يزيد، ويحتمل أنه أعطاه لأنه من المستحقين.

* فبلغ ذلك أباه يزيد، فقال له: «ما إياك أردت»؛ أي ما أردت أن أتصدق بهذه الدراهم عليك، فذهب إلى رسول الله r، فقال النبي r: «لك يا يزيد ما نويت، ولك يا معن ما أخذت».

فقوله عليه الصلاة والسلام: «لك يا يزيد ما نويت»؛ يدل على أن الأعمال بالنيات، وأن الإنسان إذا نوى الخير حصل له، وإن كان يزيد لم ينو أن يأخذ هذه الدراهم ابنه، لكنه أخذها؛ وابنه من المستحقين؛ فصارت له، ولهذا قال النبي r: «لك يا معن ما أخذت».

* ففي هذا الحديث: دليل لما ساقه المؤلف من أجله أن الأعمال بالنيات، وأن الإنسان يكتب له أجر ما نوى؛ وإن وقع الأمر على خلاف ما نوى، وهذه قاعدة).اهـ

قلت: فهذه الأحاديث كلها تبين عظم شأن النية، وأنها تبلغ صاحبها مبلغ العاملين إذا عجز عن العمل، أو منع من العمل في مكان خاص؛ بمثل: «الصلاة» في المساجد ([227])، ولم يستطع القيام بالعمل.

* فالنية تقوم مقام هذا العمل في حصول الأجر بما عجز عنه، أو منع منه، فيؤجر على نيته إن كانت لله تعالى.

فالعاجز عن العمل: نيته تجعله مع العاملين بنيته الطيبة.

* والممنوع من العمل: نيته تجعله مع العاملين في أي: مكان منع منه لضرر متحقق في ذلك المكان؛ بمثل: «المسجد»، منع من مرض حبسه عن الإتيان إليه لتأدية الصلاة في المسجد.

4) وعن عمر بن الخطاب t، قال: قال رسول الله r: (إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى) وفي رواية: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص9 و135)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1515)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص651)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص179)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص81 و82)، وفي «المجتبى» (ج1 ص58)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص25 و43) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب t به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص391): (وهذا الحديث الذي هو: حديث عمر بن الخطاب t، يكون في جميع الأعمال، وجميع الأخلاق؛ فإن الإنسان قد يصل بنيته الصالحة إلى ما لم يصل إليه كثير من الناس). اهـ

قلت: هذا الحديث فيه ثمرة النية، فإن نوى خيرا كتب له، وإن لم يفعله.

5) وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (من طلب الشهادة صادقا أعطيها، ولو لم تصبه). وفي رواية: (من سأل الله صادقا من قلبه أعطيها، ولو لم تصبه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1908)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص83)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص368)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (183)، والمخلص في «المخلصيات» (3/ ق146 /ط)، و(ج1 ص300 و301)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (1080)، وفي «تاريخ دمشق» (ج53 ص332)، وابن المطرز في «فوائده» (121)، والخشاب في «حديثه» (28)، والدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج1 ص163-الأطراف)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص106)، والآجري في «الثمانين» (32)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من مسموعاته بمرو» (ق/39/ط)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (713)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (6) من طريق حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك t به.

وقال البغوي: هذا حديث صحيح.

وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج1 ص274)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص477).

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص334): (قوله r: «من طلب الشهادة صادقا أعطيها، ولو لم تصبه»؛ وفي رواية: «بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه»؛ مما تقدم، معناه: من تبليغ من نوى خيرا، واعتقد فعله أجر ما نواه، وإن عاقه عندنا عنه عائق، تفضلا من الله تعالى، وأجرا على نيته).اهـ

6) وعن سهل بن حنيف t أن النبي r قال: (من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه). وفي رواية: (صادقا من قلبه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1909)، والترمذي في «سننه» (1653)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4355)، وفي «المجتبى» (ج6 ص36)، وابن ماجه في «سننه» (2797)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص82 و83)، والطبراني في «المعجم الكبير» (5550)، وفي «المعجم الأوسط» (ج3 ص258)، وفي «الدعاء» (2015)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص125)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص103)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص77)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (184)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص169 و170)، وابن حبان في «صحيحه» (3192)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ج2 ص805)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج6 ص264)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص338)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من مسموعاته بمرو» (ق/152/ط) من طرق عن عبد الرحمن بن شريح أبي شريح، أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدثه عن أبيه، عن جده به.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ([228])

وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن سهل بن حنيف؛ إلا بهذا الإسناد.

وقال الترمذي: حديث سهل بن حنيف حديث حسن غريب.

وقال الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج10 ص369): «وصح عن سهل بن حنيف t».

وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج3 ص622)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص91).

قلت: وهذا الحديث يدل على عظم شأن النية في الدين.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص396): (فإذا سأل الله عز وجل: أن يمن عليه بالشهادة، لكن بصدق، فإن الله تعالى يبلغه منازل الشهداء). اهـ

وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص60): (ومعناهما جميعا: أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه، وفيه استحباب سؤال: الشهادة، واستحباب نية الخير). اهـ

* ومنه:

قال تعالى: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر[ [النساء: 95].

7) وعن أبي إسحاق؛ أنه سمع البراء t يقول: في هذه الآية: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين[ ]والمجاهدون في سبيل الله[ [النساء: 95] فأمر رسول الله r زيدا، فجاء بكتف فكتبها، فشكا إليه ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر[ [النساء: 95]).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (2831)، و(4593)، و(4990)، ومسلم في «صحيحه» (1898)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1043)، والطبري في «جامع البيان» (ج7 ص366 و368)، ويحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج1 ص398 و399) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسعر؛ كلاهما: عن أبي إسحاق به.

8) وعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]غير أولي الضرر[ [النساء: 95]؛ قال: (أهل العذر).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (3952)، والطبري في «جامع البيان» (10251) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص204).

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص321): (وفي الآية، والحديث: دليل أن من حبسه عن طاعة: عذر، أو غلبه نوم، أو مرض، فله أجر). اهـ

وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص320): (في الآية: دليل على أن الأجور على قدر الأعمال، وأن الذي لا يجاهد ليس له ثواب المجاهد، إلا من منعه: عذر، فله بقدر نيته: كما قال تعالى: ]غير أولي الضرر[ [النساء: 95]).اهـ

قلت: فإذا حبس المرء عن: «صلاة الجماعة» في المسجد لعذر شرعي([229])، فإن الله تعالى يكتب له ثوابها كاملا من غير نقصان، فضلا منه وإحسانا، وإنعاما منه وإكراما.([230])

قال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (المتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملا.

فمثلا: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص). اهـ

وقال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «الشـرح الممتع» (ج4 ص322): (المعذور يكتب له أجر الجماعة كاملا إذا كان من عادته أن يصلي مع الجماعة). اهـ

قلت: فمن كانت عادته أن يصلي جماعة فتعذر، فانفرد بالصلاة في بيته كتب له ثواب الجماعة كاملا، ولله الحمد.([231])

وإليك الدليل:

فعن أنس بن مالك t: أن النبي ه كان في غزاة، فقال: (إن أقواما بالمدينة خلفنا، ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر).([232])

وعن جابر بن عبد الله t، قال: كنا مع النبي ه في غزاة، فقال: (إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض). وفي رواية: (إلا شركوكم في الأجر).([233])

وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله ه: (إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا). ([234])

قال الفقيه ابن العربي / في «القبس» (ج1 ص292)؛ عن حديث غلبة النوم: «كتب الله له أجر صلاته» ([235]): (وهذا أصل في الشريعة من فضل الله تعالى على الأمة إذا قطع بهم عن العمل قاطع، وقد انعقدت نيتهم عليه؛ فإن الله يكتب لهم ثوابه؛ وفي البخاري عن النبي ه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يفعله صحيحا مقيما) ... قلنا لهم: لقد تحجرتم واسعا، بل يعطيه الله تعالى الأجر كاملا ... والباري سبحانه وتعالى إنما يثيب العباد على قدر نياتهم لا بمقدار أعمالهم.

فإن العبد يطيع خمسين عاما مثلا: فيعطيه الله تعالى جزاء نعيم الأبد، وذلك على قدر النية، لأن نيته قد استمرت على أنه لو عمر إلى غير غاية لكانت هذه حاله في الطاعة فيقع ثوابه بإزاء نيته). اهـ

قلت: وهؤلاء المتشددة في الدين لم يرحموا المسلمين، ولم يرحموا أنفسهم في هذه الحياة الدنيا، والله المستعان.

فعن جرير بن عبد الله t عن النبي r قال: (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

 عز وجل)، وفي رواية: (لا يرحم الله من لا يرحم الناس).([236])

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله r: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).([237])

وعن أبي هريرة t قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق r يقول: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي).([238])

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من لا يرحم لا يرحم).([239])

قال ابن حجر / في «الإمتاع» (ص67):

إن من يرحم من في الأرض قد

آن أن يرحمه من في السما

فارحم الخلق جميعا إنما

يرحم الرحمن فينا الرحما

قال تعالى: ]إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي[ [يوسف:53].

قلت: فإذا أراد العبد أن يتخلق بخلق الرحمة على الناس، احتاج إلى أن يمكن

 له في الصدر الذي هو ساحة القلب، فمن كان أوسع صدرا، كان أوسع رحمة للناس ... فإذا اتسع صدره([240])، وجد كل خلق من الأخلاق الحميدة ناحية في صدره، وتمكنت منه، وسهل على القلب إنفاذ أوامر الله تعالى، ورسوله r... فينشرح الصدر على قدر توسع الرحمة فيه، فمبتدأ الرحمة أن يعمل العبد في توسيع الصدر حتى تصير له الأخلاق الحميدة، فتشرق منه أنوار الكتاب والسنة، فيعيش غنيا بالله تعالى ما عاش، وبالله التوفيق.

 

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

قال تعالى: ]يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا[ [النساء: 120].

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن إذا رخص الله تعالى للمسلمين رخصة من وباء مهلك وقع في بلدانهم، وخيف من انتشار العدوى بسببه، ومن الخوف من هلاكهم في انتشاره في المساجد، وغيرها، فتكون العبادات بجميع أنواعها؛ عند الله تعالى لرخصة منه سبحانه: من صلاة جماعة، ونفل، وذكر، ودعاء، وقراءة قرآن وغير ذلك، فتأديتها في مساجد البيوت، أعظم للأجر، وأفضل من تأديتها في المساجد في الخارج؛ لأنها بأمره سبحانه رخصة لعباده، والله تعالى يحب للعباد أن تؤتى رخصه من قبل عباده؛ بشرط أن يحتسبوا الأجر، ويصبروا على البلاء، فتنقلب أفضلية العبادة من المساجد إلى أفضليتها في البيوت([241])، فافهم لهذا ترشد

 

1) عن عائشة ڤ، زوج النبي r، قالت: سألت رسول الله r عن الطاعون، فأخبرني (أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة([242]) للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرا محتسبا([243])، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد). وفي رواية: (ويمكث فيه لا يخرج من البلد). وفي رواية: (فيقيم ببلده إيمانا واحتسابا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (3474)، و(5734)، و(6619)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص68)، وأحمد في «المسند» (ج40 ص417)، و(ج42 ص118)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص253)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص521)، وقوام السنة الأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (ج2 ص29)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص356)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (1358)، و(1768)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص251)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح»([244]) (ج3 ص296)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص487)، وشيبان بن فروخ في «المجلس السادس من حديثه» (ق/14/ط)، ومحمد بن الفضل الفراوي في «الأربعين المخرجة» (ق/31/ط) من طريق موسى بن إسماعيل، وحبان بن هلال الباهلي، والنضر بن شميل، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن يزيد المقرئ، ويونس بن محمد، وشيبان بن فروخ، وعارم؛ كلهم: عن داود بن أبي الفرات، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة ڤ به.

2) وعن يحيى بن يعمر، عن عائشة ڤ، أنها قالت: سألت رسول الله r عن الطاعون؟ فأخبرني رسول الله r: (أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله رحمة للمؤمنين، فليس من رجل يقع الطاعون، فيمكث في بيته صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد). هكذا قال: (في بيته)، ولم يقل: (في بلده).

أخرجه أحمد في «المسند» (ج43 ص235)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (317) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي([245]) قال: حدثنا داود بن أبي الفرات قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن معمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح؛ تفرد به: عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي([246])، وهو: «ثقة عدل»، ثبت في شعبة بن الحجاج، ويحتمل التفرد بمثل هذه الزيادة، لوجود أصلها في معنى الحديث، وأن المراد بالمكث في البلد، هو المكث في البيوت، وهذا المعنى يقتضي الجلوس في البيوت في البلد، فلا تعارض بين: المكث في البلد، والمكث في البيت، فالمتن: صحيح، لا مطعن فيه.

وذكر هذه الرواية: الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص193)، وسكت عنها؛ فهي على شرطه أنه لا يسكت إلا عن زيادة صحيحة، أو حسنة.

بدليل: أنه ذكر الحديث: بهذا اللفظ في «بذل الماعون في فضل الطاعون» (ص199)، وبوب عليه: ذكر ما يشترط لتحصيل الشهادة بالطاعون.

إذا فالمرض المعدي إذا وقع في البلد، فمكث العبد في بيته؛ صابرا، محتسبا؛ كان له مثل أجر شهيد، ولو لم يمت في هذا المرض المعدي.

والمراد بالطاعون: أنه كل وباء عام مهلك يسمى في القديم، ولا بأس في الجملة يسمى في الجديد.([247])

قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص200): (فمقتضى هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه: أن أجر الشهيد؛ إنما يكتب لمن لم يخرج من البلد الذي يقع به الطاعون.

وأن يكون في حال إقامته قاصدا بذلك ثواب الله تعالى، راجيا صدق موعوده.

وأن يكون عارفا؛ أنه إن وقع له؛ فهو بتقدير الله تعالى، وإن صرف عنه فهو بتقدير الله تعالى.

وأن يكون غير متضجر به أن لو وقع به، فإذا وقع به؛ فأولى أن لا يتضجر، وأن يعتمد على ربه في حالتي صحته وعافيته.([248])

فمن اتصف بهذه الصفات: مثلا فمات بغير الطاعون، فإن ظاهر الحديث أنه يحصل له أجر الشهيد .

وقد قلنا: إن درجات الشهداء متفاوتة). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص200): (ويتفرع من هذا: أن من اتصف بالصفات المذكورة، وذهب الطاعون، ولم يمت به، ولا في زمنه، هل يكون شهيدا أو لا؟؛ ظاهر الحديث يعم، وفضل الله واسع، ونية المؤمن أبلغ من عمله).([249]) اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص202): (ومما يستفاد من مفهوم حديث عائشة ڤ: أن من لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدا، ولو مات بالطاعون، فضلا عن أن يموت بغيره). اهـ

قلت: فمن اتصف بالصفات المذكورة مات أو لم يمت، فيكون له أجر شهيد إذا صبر، واحتسب.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص194): (مفهوم هذا الحديث كما اقتضى منطوقه أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد، وإن لم يمت بالطاعون). اهـ

قلت: ومن مات بالوباء المهلك لا يعتبر شهيدا في أحكام الدنيا. ([250])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج7 ص245): (لكنه لا يعتبر شهيدا في أحكام الدنيا؛ لأن الشهيد في أحكام الدنيا هو المقتول في سبيل الله فقط، وغيره يكون شهيدا في الآخرة). اهـ

قلت: وإذا فر المسلم من الوباء لأمر الله تعالى، وأمر رسوله r، واتخذ الوسائل السليمة للتحرز من إصابة هذا الوباء على قدر استطاعته، ثم أصابه هذا الوباء ومات، فيعتبر شهيدا في الإسلام إذا احتسب الأجر عند الله تعالى، وصبر على هذا الوباء.([251])

قال الفقيه الكلاباذي / في «معاني الأخبار» (ج2 ص797): (إن الله تعالى اختص المؤمن لنفسه، وصرفه في محابه، وجعل كل أحواله خيرا له، وأراد به الخير في كل ما أصابه من ضراء، أو سراء، وألم ولذة، وقيض له من يواليه إرادة الخير به). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص145): (فإن درجات الشهداء متفاوتة). اهـ

3) وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله r قال: (الشهداء خمسة: المطعون([252])، والمبطون([253])، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله). وفي رواية: (المبطون شهيد، والمطعون شهيد). وفي رواية: (والغريق شهيد).

أخرجه البخاري في «صحيحه» و(720)، و(2829)، و(5733)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص190 و191)، ومسلم في «صحيحه» (1914)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (328)، والترمذي في «سننه» (1063)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص324)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (243)، وابن حجر في «بذل الماعون في فضل الطاعون» تعليقا (ص180)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص412)، و(ج6 ص360)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص293)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص13)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7528)، والحدثاني في «الموطأ» (105)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج3 ص297)، وابن حبان في «صحيحه» (3188)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (9878)، والقعنبي في «الموطأ» (178)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (ج2 ص858) من طريق سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

وبوب الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص42)؛ باب: الشهادة سبع سوى القتل.

وبوب الحافظ ابن حجر في «بذل الماعون» (ص180)؛ ذكر الأخبار الواردة في أن الشهادة لا تختص بالقتل في المعركة.

4) وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله r: (من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن([254]) فهو شهيد).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1915)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص109)، وابن ماجه في «سننه» (2804)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9574)، وابن حبان في «صحيحه» (3186)، و(3187) من طريق معمر، وجرير، ووهيب؛ كلهم: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

5) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي r قال: (الطاعون شهادة لكل مسلم).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (2830)، و(5732)، ومسلم في «صحيحه» (1916)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص150 و220)، والطيالسي في «المسند» (2227)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص97)، والبغوي في «شرح السنة» (1441)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج2 ص412-الإتحاف)،  وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج3 ص296)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج6 ص361)، وأبو القاسم البغوي في «نسخة عبد الله بن عون الخراز» (ص44) من طرق عن عاصم، حدثتني حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أنس بن مالك رضي الله عنه به.

قلت: فالوباء شهادة لكل مسلم.([255])

قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص146): (الشارع قد رتب الثواب على صفة معينة، فإذا حصلت للمؤمن عند موته حصل له ذلك الثواب، فضلا من الله وإحسانا ووفاء بوعد الله، والله لا يخلف الميعاد. وليس للشهادة معنى إلا أن الله تعالى يثيب من حصلت له ثوابا مخصوصا، ويكرمه كرامة زائدة). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

الفتاوى الشرعية في جواز إغلاق المساجد بعذر المرض، أو غيره..........................................................................................................

5

2)

فتوى شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في جواز إغلاق المساجد عند انتشار المرض المعدي، أو الخوف من انتشاره بين الناس........................................................................................................

6

3)

نعم: أغلقت في القديم المساجد لانتشار الطاعون....................................................................................................

7

4)

فتوى الفقيه المرداوي في جواز ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من مرض الوباء المعدي.....................................................................................................

8

5)

ذكر الدليل على تأصيل قاعدة: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب».....................................................................................................

9

6)

ذكر الدليل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت لأهالها، ليصلوا فيها الفرائض عند الأعذار، ويصلوا فيها النوافل لما شرعت صلاتها في البيوت، وصلاة النساء للفريضة والنافلة في مساجد البيوت وأن يذكر فيها اسم الله تعالى، ويقرأ فيها القرآن، وغير ذلك من العبادات، وهذا يدل على أن اتخاذ المساجد في البيوت له أصل في الشريعة المطهرة..................................................................................

20

7)

ذكر الدليل على مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية؛ من خوف مرض، أو غيره في الدين...........................................................................

36

8)

ذكر الدليل على سنية التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من المرض المعدي المؤذي للناس، والذي متوقع انتشاره في البلد، وثبوت الرخصة في الشريعة المطهرة، لأن الشريعة وضعت للتيسير، والرفق بالمؤمنين.................

55

9)

ذكر الدليل على أن: «المقلد المعاند» في عدم ترخصه في ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ بعذر الخوف من الأمراض الفتاكة، عنادا، ومكابرة، وإصرارا، أنه جعل نفسه أتقى، وأخشى من النبي في أخذه بالرخص في الخوف، وغيره في الشريعة المطهرة....................................................................................................

83

10)

ذكر الدليل من القرآن الكريم على وجوب الصلاة في البيوت بعذر الخوف الذي يأتي بسببه الضرر على النفس، ومن أي: نوع من الخوف، من مرض يعدي، أو سبع، أو مفسدة مهلكة، أو حرب، وبنحو ذلك، وترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وتقرير تفسيرات الصحابة، والتابعين في الأحكام، ونقض الاجتهاد الفاسد في الدين..........................................................

93

11)

ذكر الدليل على جواز الفرار من الوباء المعدي في البلد، باتخاذ جميع الوسائل الطبية للفرار منه، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد للتحرز من إصابة المرض؛ بأنواع الاحترازات الشرعية والاجتماعية، والطبية، واستفراغ الوسع في التوقي من الوباء المعدي، والوقاية منه بالطرق السليمة؛ لما يخشى على أنفسهم من الهلاك، لذلك يجوز أن يتركوا الصلاة في المساجد، وإن يصلوا في بيوتهم، من أجل رخصة الله تعالى الشرعية للناس، وقد أجمع على هذا الحكم الصحابة، والسلف، والعلماء قديما وحديثا............................................................................

124

12)

ذكر الدليل من السنة النبوية على أن المسلمين قد حبسوا عن الصلاة في المساجد في هذه الأيام؛ لعام: «1441هـ»، وصلوها في بيوتهم؛ فحبسهم العذر الشرعي، وهو انتشار الوباء في بلدانهم، فتخلفوا عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وهم: معذورون بذلك، وقد حصلوا على أجرهم بالكامل عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وإن لم يصلوا في المساجد..............................

150

13)

ذكر الدليل على أن إذا رخص الله تعالى للمسلمين رخصة من وباء مهلك وقع في بلدانهم، وخيف من انتشار العدوى بسببه، ومن الخوف من هلاكهم في انتشاره في المساجد، وغيرها، فتكون العبادات بجميع أنواعها؛ عند الله تعالى لرخصة منه سبحانه: من صلاة جماعة، ونفل، وذكر، ودعاء، وقراءة قرآن وغير ذلك، فتأديتها في مساجد البيوت، أعظم للأجر، وأفضل من تأديتها في المساجد في الخارج؛ لأنها بأمره سبحانه رخصة لعباده، والله تعالى يحب للعباد أن تؤتى رخصه من قبل عباده؛ بشرط أن يحتسبوا الأجر، ويصبروا على البلاء، فتنقلب أفضلية العبادة من المساجد إلى أفضليتها في البيوت، فافهم لهذا ترشد.............................................

170

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) يعني: الإمام: البخاري /.

([2]) قلت: فالقول بالتعميم ظاهر كل الظهور.            

([3]) وانظر: «الاشباه والنظائر» لابن السبكي (ج2 ص136)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص782)، و«تفسير القرآن» للآلوسي (ج17 ص133)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج6 ص157)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص198 و212)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص12)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج3 ص250)، و«القواعد الحسان» للشيخ السعدي (ص18)، و«التعليق على القواعد الحسان» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص339)، و«جامع البيان» للطبري (ج2 ص313).

([4]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص12)، ومسلم في «صحيحه» (39).

([5]) وانظر: «إرشاد الفحول» للشوكاني (ص232)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص380)، و«المحصول» للرازي (ج1 ص189)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص163)، و«الإتقان» للسيوطي (ج1 ص85)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج8 ص62)، و«العدة» لأبي يعلى (ج2 ص608).

([6]) وانظر: «البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص198)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص230).

([7]) وانظر: «قواعد الحسان» للشيخ السعدي (ص18)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص582).

([8]) حديث صحيح.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص137)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص265)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص378)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص665).

     وإسناده صحيح.

([9]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج1 ص125 و183)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص50)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص582)، (ج8 ص62)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج15 ص364)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص301)، و«إرشاد الفحول» له (ص232)، و«فتح البيان» لصديق خان (ج9 ص191)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج23 ص194)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج3 ص179)، و«مناسبات تراجم البخاري» لابن جماعة (ص127).

([10]) وانظر: «الإتقان» للسيوطي (ج1 ص85)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص36)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص50)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص77)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص230)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص198)، و«مناهل العرفان» للزرقاني (ج1 ص129)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص21).

([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص21)، ومسلم في «صحيحه» (86).

([12]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص116)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (104)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج2 ص172) من طريق  محمد  بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس t به.

     قلت: وهذا سنده حسن.

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص73)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج1 ص41).

([13]) أثر صحيح.

     أخرجه عبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص29- الدر المنثور)، والطبري في  «جامع البيان» (ج1 ص116) من طريق معمر عن قتادة به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.    

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص73)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص29).

([14]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص116) من طريق محمد بن أبي معشر قال: أخبرني أبي أبو معشر نجيح قال: سمعت سعيدا المقبري يذاكر محمد بن كعب به.

          قلت: وهذا سنده صحيح.

([15]) وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص301)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص582)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج17 ص133)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج1 ص571)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج17 ص133)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص164)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج2 ص134)، «العدة» لأبي يعلى (ج2 ص611)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج12 ص25).

([16]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج1 ص190)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص35)، و«المحصول» للرازي (ج3 ص125)، و«الفروق» للقرافي (ج1 ص614)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص161)، و«فتح الرباني» للساعاتي (ج17 ص133)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص164)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج16 ص110)، «الكواكب الدراري» للكرماني (ج23 ص144).

([17]) وانظر: «تفسير القرآن» للراغب (ج2 ص492 و990 و1283).

([18]) قلت: ومع استخدام السلف للمساجد في البيوت؛ إلا أن غالب الناس في هذا الزمان لا يعرفون شيئا عن المساجد في البيوت.

       لذلك لابد أن نتخذ المساجد في بيوتنا لكي نعبد الله تعالى فيها بمثل ما نعبده في المساجد، لكي تكون حياتنا عامرة بذكر الله تعالى في المساجد، وفي البيوت، وبالله التوفيق.

       قال تعالى: ]في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال[ [النور: 36].

       وقال تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين[ [يونس: 87].

       وقال تعالى: ]واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا[ [الأحزاب: 34].

([19]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج2 ص377).

([20]) وإذا جاز ذلك للرجل، فهذا جائز للمرأة من باب أولى.

([21]) وانظر: «حاشية مسند الإمام أحمد» للسندي (ج5 ص434).

([22]) قلت: فإذا النبي r أكل بعد طلوع الفجر الصحيح، فما بالك بعد الوقت الفلكي للفجر في هذا الزمان؟!.

([23]) وانظر: «شرح سنن أبي داود» للعيني (ج2 ص359)، و«المنهل العذب» للسبكي (ج4 ص55).

([24]) انظر: «التقريب» لابن حجر (ص792).

([25])انظر: «التقريب» لابن حجر (ص388).

([26]) نقله عنه ابن رجب في «فتح الباري» (ج2 ص378)؛ رواية: حرب الكرماني في «مسائله».

([27]) أثر صحيح

     أخرجه ابن بشكوال في «الفوائد المنتخبة» (ج1 ص401)، والحاكم في «معرفة الحديث» (ص267)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص86)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص417)، وفي «هدي الساري» (ص487).

     وإسناده صحيح.

     قلت: وهذا يدل على فقه الإمام البخاري /.

([28]) وقد عذر كعب بن مالك وهو صحابي في ترك الجماعة خلف الرسول r بسبب أنه يتأذى ويتحرج من هجرانه، فكيف بعذر من يتأذى ويتحرج بالصلاة خلف المبتدعة في المساجد في هذا الزمان.

     قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص152): (إن الإنسان إذا حصل له مثل هذه الحال كما أصاب كعب بن مالك t وصاحبيه- وهجره الناس، وصار يتأذى من مشاهدتهم ولا يتحمل، فإنه له أن يتخلف عن صلاة الجماعة، وأن هذا عذر؛ لأنه إذا جاء إلى المسجد في هذه الحال سوف يكون متشوشا غير مطمئن في صلاته؛ ولهذا صلى كعب بن مالك t صلاة الفجر على ظهر بيت من بيوته، وسبق لنا ذكر هذه الفائدة في قصة هلال بن أمية ومرارة بن الربيع).اهـ

     وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في « شرح رياض الصالحين » (ج1 ص147): (وفي هذه القطعة من الحديث: دليل على جواز التخلف عن الجماعة إذا كان الإنسان مهجورا منبوذا، وعجزت نفسه أن تتحمل هذا، كما فعل صاحبا كعب بن مالكt . لأنه لا شك أنه من الضيق والحرج أن يأتي الإنسان إلى المسجد مع الجماعة لا يسلم عليه، ولا يرد سلامه، ومهجور منبوذ، هذا تضيق به نفسه ذرعا، ولا يستطيع، وهذا عذر كما قاله العلماء).اهـ

([29]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص16).

([30]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص251)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1831).

([31]) ولو ذهبت أستعرض كل أبواب الأحكام الشرعية لرأينا ذلك بارزا جليا، وهذا من تيسير الدين على المسلمين في الدنيا والدين.

       وانظر: «الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5 و7)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقاء (ص159).

([32]) حديث حسن.

      أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص276)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص55)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج12 ص278)، والواحدي في «التفسير الوسيط» (ج1 ص274)، والبزار في «المسند» (990-كشف الأستار).

      وإسناده حسن.

([33]) حديث حسن.

      أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345)، وابن المديني في «حديثه» (ص177)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص543).

      وإسناده حسن.

      وأورده البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص462)؛ ثم قال:  رواه أبو يعلى الموصلي، ورجاله ثقات.

([34]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6522)، و(6523)، وفي «الآداب» (190)، و(191)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص207)، وابن المديني في «حديثه» (ص179)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص510- إتحاف الخيرة).

      وإسناده صحيح، وقد صححه ابن طاهر في كلامه على: «أحاديث الشهاب» كما في «تخريج أحاديث الكشاف» لابن حجر (ج3 ص72 و73).

       وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص510): هذا إسناد رجاله ثقات.

([35]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «الآداب» (ص227)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص509-إتحاف الخيرة).

      وإسناده صحيح.

       وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص509): هذا إسناد رجاله ثقات.

([36]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (2006)، وفي «الآداب» (ص227)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (4093).

      وإسناده صحيح.

([37]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص60)، وفي «الآداب» (ص228).

      وإسناده صحيح.

([38]) أثر حسن.

      أخرجه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص228).

      وإسناده حسن.

([39]) وبين الآمدي / في «الإحكام» (ج1 ص69)؛ أنه يجب تناول المحرمات في حالة الضرورة.

([40]) قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء قاعدة فقهية هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وقاعدة: «إذا ضاق الأمر اتسع»، وقاعدة: «الضرر يزال».

([41]) وانظر: «الرخص الشرعية» للدكتور عمر عبد الله (ص89)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص10 و11)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص225)،  و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص55)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص414)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني  (ص216).

([42]) وانظر: «الموافقات» للشاطبي (ج1 ص324)، و«مقاصد الشريعة» لابن عاشور (ص79).

([43]) قلت: فإذا جهل المرء فقه الرخصة، فبسبب الجهل بذلك يقع غلط عظيم على الشريعة يوجب من الحرج، والمشقة، والتكليف مالا سبيل إليه.

      وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص10)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص5).

([44]) وهذه الرخص تقع في مقابلة العزائم، وما يزال العمل بها جاريا عند الفقهاء؛ ليقام دليلها تخفيفا عن المكلف.

([45]) وانظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص126)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص75)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص234)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص215)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص156)، و«شجرة المعارف» للعز بن عبد السلام (ص401)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص159).

([46]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج2 ص142)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص79)، و«الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206).

([47]) انظر: «الأخذ بالرخصة» للتارزي (ص423).

([48]) وانظر: «شرح جمع الجوامع» للمحلي (ج1 ص122).

([49]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2173) من حديث زيد بن ثابت t.

([50]) انظر: «الرخصة الشرعية» للدكتور عمر بن عبد الله (ص77).

([51]) وقد اتفق الفقهاء على أن ما يباح دفعا للضرر.

([52]) وهي الرخص العارضة للأفراد في حالة الضرورة أو عند المشقة، أو عند الحاجة، وهي الرخص التي اعتنى بها الفقهاء، بل اقتصروا عليها في تمثيل الرخصة اعتمادا على الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173]، في إباحة أكل الميتة للمضطر.

([53]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45).

([54]) قلت: وهذا يدل أيضا على عدم قصد الشارع إعنات المكلفين، أو تكليفهم ما لا تطيقه نفوسهم.

([55]) أي: من ضيق.

       قال القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق في الدين). اهـ

([56]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.

        انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).

([57]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)،  و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).

([58]) انظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص14 و15)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).

([59]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي r ، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.

([60]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.

     قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].

      ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).

([61]) انظر: «الرخص الشرعية» للدكتور عمر بن عبد الله (ص145).

([62]) كذلك عموم البلوى، والمراد بها: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه، أو يبتعد عنه، فعفى الشرع عن ذلك في غالبها لما في اجتنابه من المشقة.

       وعموم البلوى يكون في أمور العبادة، كما يكون في قضايا التعامل مع الناس، بحيث لو أخذ بأصل الحكم فيها، لأدى إلى المشقة والعسر، أو تعطيل المصالح، وهو نوع من المشقة، وعموم البلوى عذرا للناس في الدين.

      وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص92).

([63]) انظر: «الأخذ بالرخصة» للتارزي (ص423 و424)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص204)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ص68)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج1 ص477)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ج1 ص309)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470 و471).

([64]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص16).

([65]) حديث حسن.

      أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

     قلت: وهذا سنده حسن.    

    وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).

      وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.

      وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).

([66]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).

     قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.

     وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.

([67]) أثر صحيح.

       أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص571).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص254).

([68]) أثر صحيح.

      أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص569).

     وإسناده صحيح.

([69]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص60)، ومسلم في «صحيحه» (ج13 ص171).

([70]) فإفتاء المقلدة على التقاليد والعادات في بلدانهم؛ فيما ظهر لهم عن طريقها بأن ليس هنا تيسير ولا تعسير، وإنما هو اتباع للدلالة بزعمهم.

      فهذا قول مخالف لوصايا الرسول r في يسر الدين، وهو مخالف أيضا لطبائع الناس، ووقائع الحياة.

([71]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج16 ص157)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص403 و404).

([72]) فتناول الدين غالب أحكام التشريع بالتيسير بمختلف تصرفات الإنسان تحت حدود الشرع على حسب الحاجيات والضرورات في الحياة الدنيا.

([73]) وهذا التفويت للحكم في بعض الوقت لما يجر من منفعة أكبر للمكلف ... فهو من باب الإقدام على الفعل الممنوع ضرورة؛ لتخفيف، مقصد شرعي فيه نفع أكبر للمكلف، ويعتبر توسعة للناس، ورحمة لهم.

      قال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].

([74]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص687)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص786).

([75]) قلت: وهذه الرخصة التي من الله تعالى بها على أمة محمد r: هي رحمة لها، وعليها في هذه الأيام؛ وذلك بترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد، والصلاة في البيوت، بسبب الخوف الشديد من وقوع الوباء المهلك على المسلمين في إجتماعهم للصلاة في المساجد، وفي غيرها من الاجتماعات العامة.

       قلت: والله تعالى يحب أن يتخذ الناس هذه الرخصة، وأن يصلوا في بيوتهم رحمة بهم، وبين النبي r عن هذه الرخص في التخلف عن: «صلاة الجماعة» رحمة بأمته؛ لأنـه r أرسل للخلق رحمة بهم، وهذا معنى النبي r للناس.

      قال تعالى: ]وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين[ [الأنبياء: 107].

       * فكيف يدعي: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الهالك أنه بفتوته هذه يريد أن يرحم الناس بأمرهم بالصلاة في المساجد، والله تعالى رحمهم بهذه الرخص الشرعية؛ فـ: أي الرحمتين أحق بالأمن؟!.

([76]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص186)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج4 ص100)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص355)، و«الصحيح» لابن حبان (ج5 ص426)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج5 ص56)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص292).

([77]) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص40)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج2 ص304)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص223).

([78]) وانظر: «الموافقات» للشاطبي (ج1 ص324).

([79]) قلت: فإذا جهل المرء فقه الرخصة، فبسبب الجهل بذلك يقع غلط عظيم على الشريعة يوجب من الحرج، والمشقة، والتكليف مالا سبيل إليه.

      وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص10)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص5).

([80]) قلت: فإذا دعت الحاجة إليه، فجاز له الجمع، والتخلف عن الجماعة حتى لو كان في كل يوم: ]وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28]، فافهم لهذا ترشد.

     قال تعالى: ]إلا ما اضطررتم إليه[ [الأنعام: 119].

    وقال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].

    وقال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].

([81]) قلت: وهذا يدل أيضا على عدم قصد الشارع إعنات المكلفين، أو تكليفهم ما لا تطيقه نفوسهم.

([82]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة.

        انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261).

([83]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص190)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)،  و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305).

([84]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«روضة الطالبين» للنووي (ج1 ص395)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص509)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص240)، و«المغني» لابن قدامة (ج1 ص457)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج3 ص287)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الفروع» لابن مفلح (ج3 ص104)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص816 و817)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص682 و683).

([85]) وانظر: «معرفة السنن والآثار» للبيهقي (ج4 ص119 و123 و125).

([86]) وكذلك لو خاف التأذي من مرض معد؛ فهو معذور في ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.

     وانظر: «حاشية الروض المربع» لابن قاسم (ج2 ص362 و363).

([87]) حديث حسن.

      أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

       قلت: وهذا سنده حسن.

      وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).

      وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.

      وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).

([88]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).

     قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.

     وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.

([89]) أثر صحيح.

      أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص571).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص254).

([90]) أثر صحيح.

      أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص569).

     وإسناده صحيح.

([91]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7688)، ومسلم في «صحيحه» (1337)، و(2357).

([92]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (39).

([93]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (69)، ومسلم في «صحيحه» (1734).

([94]) حديث حسن.

      أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص276)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص55)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج12 ص278)، والواحدي في «التفسير الوسيط» (ج1 ص274).

      وإسناده حسن.

([95]) حديث حسن.

      أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345).

      وإسناده حسن.

([96]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6522)، و(6523)، وفي «الآداب» (190)، و(191)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص207).

      وإسناده صحيح.

([97]) أثر صحيح.

      أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص291)، وابن أبي شيبة في «الآداب» (195)، وفي «المصنف» (ج9 ص60)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103).

      وإسناده صحيح.

([98]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6528)، وفي «الآداب» (196).

      وإسناده صحيح.

      قلت: فالله يحب أن تؤتى رخصته؛ كما يحب أن تؤتى فريضته.

([99]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص377)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الخلافيات» للبيهقي (ج3 ص450)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج5 ص86)، و«نظرية الضرورة الشرعية » للزحيلي (ص38)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص7).

([100]) فمن الأعذار ما كان دليله النص، ومنها ما يكون دليله القياس، أو الاستنباط، ويجب الرجوع إلى أهل العلم في ذلك!.

      قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43].

     وقال تعالى: ]ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم[ [النساء: 83].

([101]) وانظر: «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص10)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص132)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص82)، و«الفروع» لابن مفلح (ج3 ص104)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص377)، و«معرفة السنن والآثار» للبيهقي (ج4 ص119). و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص699)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص682 و683)، و«المبدع» لأبي إسحاق (ج2 ص117).

([102]) يعني: يجبن ويضعف.

     انظر: «معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3151).

([103]) والأدلة الشرعية أثبتت أن الشريعة المطهرة موضوعة على قصد الرفق والتيسير.

        وانظر: «الموافقات» للشاطبي (ج2 ص123).

([104]) وانظر: «المقدمات» لابن رشد (ص20)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص42)، و«مغني المحتاج» للشربيـني (ج1 ص193)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص80 و81)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص82).

([105]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص379)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص131)، و«مفردات غريب ألفاظ القرآن» للراغب (ص881)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص650).

([106]) وانظر: «المستصفى» للغزالي (ج1 ص286)، و«المحصول» للرازي (ج2 ص187)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص344)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305).

([107]) قلت: فالشرائع هي مصالح للأمة تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، وأنها لا تتحقق إلا بالعلماء الربانيين، وطلبة العلم المتمكنين، والرباني: نسبة إلى الربان الذي يربي الناس، وهو الذي يصلح أمورهم ويربيها، ويقوم بها.

     وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234).

([108]) أو توجب المشقة، أو الضرر في الحضور إلى: «الجماعة» في المسجد.

([109]) وانظر: «الموافقات» للشاطبي (ج1 ص303 و304).

([110]) يعني: ما حضرت: «صلاة الجمعة».

([111]) الردغ: الوحل، والطين.

        انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص98)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج5 ص199).

([112]) أثر صحيح.

        أخرجه مسدد في  «المسند» (ج1 ص282- المطالب العالية)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص200)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص310)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص206)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج5 ص199)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص479).

      وإسناده صحيح.                                    

([113]) أي: وهو يحتضر في مرضه.

([114]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3990)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص240)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص105)، وابن المنذر في  «الأوسط» (ج4 ص23 و24)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص356)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص438)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص185).

([115]) وانظر: «الشرح الكبير» لشمس الدين المقدسي (ج2 ص84)، و«التمهيد» لابن عبد البر(ج16 ص244)، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص314)، و«حاشية الروض المربع» لابن قاسم (ج2 ص360)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص118).

([116]) وانظر:  «الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص84)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي(ص83).

      قلت: إذا فمقصود الشارع من مشروعية الرخصة، الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق.

([117]) قلت: فيرفع عنه الإثم هنا، والمؤاخذة الآخروية عند الله تعالى.

     قال تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [ [البقرة: 173].

     وقال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [ [البقرة: 173].

     وقال تعالى: ]وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه[ [الأنعام: 119].

([118]) وانظر: «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5 و7 و8)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص161)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص10 و11)، و«المغني» لابن قدامة (ج8 ص605)، و«شفاء الغليل» للغزالي (ص655)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقاء (ص159)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص225)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص55).

([119]) وانظر:  «المستصفى» للغزالي (ج1 ص286 و287)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص414)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص8 و10 و11)،  و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5)، و«شجرة المعارف» له (ص401)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج15 ص312)، و(ج25 ص282)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص3)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص216)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص163)،  و«الفروق» للقرافي (ج4 ص33).

([120]) قلت: فالشرائع هي مصالح للأمة تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، وأنها لا تتحقق إلا بالعلماء الربانيين، وطلبة العلم المتمكنين، والرباني: نسبة إلى الربان الذي يربي الناس، وهو الذي يصلح أمورهم ويربيها، ويقوم بها.

     وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234).

([121]) انظر: «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ص624).

([122]) وانظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص155)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص133)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص495)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص101)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي (ص48).

([123]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج1 ص631)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج4 ص202)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج2 ص153)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج2 ص301)، و«البحر الرائق» لابن نجيم (ج1 ص367)، و«الحاشية» لابن عابدين (ج1 ص556)، و«منتهي الإرادات» لابن النجار (ج1 ص119)، و«روضة الطالبين» للنووي (ج1 ص344).

([124]) مرادهم أن يزيدوا على الرسول r في الأعمال.

([125]) قوله: (قد غفر الله لك)؛ أي: فيمكن منك المسامحة في أمر اعتمادا على المغفرة، ولا يمكن لنا مثل ذلك، فبين r أنه مع ذلك يعمل بدقائق التقوى والورع، ولا يأخذ بالمسامحة في الأمور، فلا ينبغي الاحتراز عن فعله بتوهم المسامحة فيه.

     وفي هذا الحديث يتبين أن الله تعالى يغضب على الذين لا يترخصون برخصه الشرعية، لأنها من أوامره تعالى، ولا يجوز ترك أوامره سبحانه: (والله يحب أن تؤتى رخصه).

     قال تعالى: ]قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض[ [الحجرات: 16].

     قال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].

([126]) قلت: فأمرهم r بما يسهل عليهم ليداوموا عليه.

([127]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص71).

([128]) فأشار بقوله r: (أعلمكم)؛ إلى القوة العلمية، وبقوله r: (أشدهم له خشية)؛ إلى القوة العملية، أي: أنا أعلمهم بالفضل، وأولاهم بالعمل به.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص279).

([129]) كما تنزه: «المقلد» الجاهل عن الرخصة الشرعية في هذه الأيام، وهذا يدل على أنه مبتعد عن السنة، ومعرض عنها، ومن تطبيقها بسبب جهله بمعرفة السنة جملة وتفصيلا.

([130]) وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج15 ص297).

([131]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص278)، و«عمدة القاري» للعيني (ج20 ص217)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص181)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج10 ص348)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج4 ص2339)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج15 ص297).

([132]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص279)، و«عمدة القاري» للعيني (ج1 ص190)، و(ج20 ص219)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص184)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص286 و287)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص505)، و«التلخيص» للنووي (ج2 ص543 و544).

([133]) قلت: وهذه المصلحة العظمى؛ لابد من تحصيلها، لدفع المفسدة الكبرى عن المسلمين في البلد من المرض المعدي.

([134]) قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيجوز في أي: زمان؛ من أي: خوف أن يصلي الناس في بيوتهم، للاحتراز من هذا الخطر المحيط بهم في بلدهم.

     وانظر: «القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن» للشيخ السعدي (ص18)، القاعدة الثانية: «العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب».

    قلت: فهذه القاعدة، بمعرفتها يحصل للعبد العلم النافع، وبإهمالها يحصل للعبد العلم المضر ولابد، ويقع في الباطل عند استدلاله بالقرآن.

([135]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص146)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج2 ص556)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص237)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص186)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص418)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج2 ص334)، و«بدائع الفوائد» لابن القيم (ج4 ص1315)، و«معاني القرآن» للفراء (ج1 ص477)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج11 ص228)، و«لباب التأويل» للخازن (ج3 ص264).

([136]) قلت: ونستعين بالله تعالى بالصبر، والصلاة، والتضرع في البيوت في البلد.

     قال تعالى: ]واستعينوا بالصبر والصلاة[ [البقرة: 45].

([137]) قلت: لذلك لا يجوز إحسان الظن بهذا الرجل الأحمق المفتون، لأنه لا يفقه الأدلة في الدين.

     فإحسان الظن؛ بمثل: هذا المفتون فليس بحسن!، فافطن لهذا.

([138]) برفع البلاء عن الناس.

([139]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج3 ص382)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج17 ص119)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص444)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج9 ص72).

([140]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص361)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج7 ص672)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص6)، و «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص257).

([141]) وانظر: «مختصر الصواعق المرسلة» (ج2 ص339).

([142]) أخطأ في الدليل؛ لأنه فسره بغير المراد به.

([143]) وأخطأ في المدلول؛ حيث أتى بمعنى مخالف لما كان عليه السلف.

     وانظر: «شرح مقدمة التفسير» لشيخنا ابن عثيمين (ص125).

([144]) وانظر: «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص122 و138)، و«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (265).

([145]) وانظر: « تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج1 ص176)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص148) ، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج1 ص433)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص269 و270)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص183)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص104) . .

([146]) ومن ذلك: «الخوف من وقوع المرض المعدي، ويخشى من وجوده الهلاك».

([147]) وانظر: «تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج1 ص177)، و« زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص183)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص219)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص269)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص143)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج1 ص433)، و« تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص313)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص52).

([148]) من باب الرخصة الشرعية.

([149]) قلت: وهذه الآية: تشمل كل خوف من مرض، وغيره.

([150]) أي: من ضيق.

       قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق في الدين). اهـ

([151]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.

        انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).

([152]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)،  و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).

([153]) انظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص14 و15)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).

([154]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي r ، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.

([155]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.

     قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].

      ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).

([156]) انظر: «الرخص الشرعية» للدكتور عمر بن عبد الله (ص145).

([157]) كذلك عموم البلوى، والمراد بها: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه، أو يبتعد عنه، فعفى الشرع عن ذلك في غالبها لما في اجتنابه من المشقة.

       وعموم البلوى يكون في أمور العبادة، كما يكون في قضايا التعامل مع الناس، بحيث لو أخذ بأصل الحكم فيها، لأدى إلى المشقة والعسر، أو تعطيل المصالح، وهو نوع من المشقة، وعموم البلوى عذرا للناس في الدين.

      وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص92).

([158]) وانظر: «الإرشاد» لابن أبي موسى (ج1 ص206)، و«المختصر» لابن تميم (ج2 ص343 و344)، و«زاد المستقنع في اختصار المقنع» للحجاوي (ص58)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص528)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص48)، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص346)، و«المسائل» لأبي داود (ص76)، و«الروض المربع» للبهوتي (ج1 ص268)، و«الإحكام في شرح أصول الأحكام» لابن قاسم (ج1ص403).

([159]) قلت: ويجوز ترك أيضا: «الصلاة» في المسجد، خشية التأذي من مرض، أو الخوف من أي: شيء، لأن هذا من باب الرخصة الشرعية.

([160]) قلت: فإذا جازت الصلاة من خوف التأذي من مطر، أو وحل، أو غيرهما، فمن باب أولى الترخص بالصلاة في البيوت بسبب الخوف من المرض المعدي، وسواء وقع بكثرة، أو بقلة، للوقاية منه في البلد، فافهم لهذا ترشد.

([161]) أثر صحيح.

     أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (4508).

     وإسناده صحيح.

([162]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1107)، ومسلم في «صحيحه» (705).

([163]) فلا يشق المقلدة على أمة النبي r في الدين، لا في المشقة الكبيرة، ولا المشقة الصغيرة.

([164]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج15 ص282)، و«تفسير القرآن» لسعيد بن منصور (ج3 ص931).

([165]) أثر حسن.

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص244).

     وإسناده حسن.

([166]) هذا لقب: لمالك بن الحارث النخعي.

     انظر: «السير» للذهبي (ج4 ص134)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص126)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص11).

([167]) وممكن أن لا يقتل، ومع هذا فر منهم، واحترز لدفع الشر عن نفسه.

([168]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج19 ص50 و51) ، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص259)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج7 ص15)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج24 ص109)، و«جامع البيان» للطبري (ج17 ص559)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج11 ص241) . .

([169]) ولا فرق بين الفرار من خوف القتل، والفرار من خوف المرض، فافهم لهذا ترشد.

([170]) علقه يحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج2 ص499).

([171]) وانظر: «أصول الفقه الإسلامي» للزحيلي (ج2 ص115)، و«أصول التشريع الإسلامي» لعلي حسب الله (ص99)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص505)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج6 ص268)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص263)، و«فواتح الرحموت» للأنصاري (ج2 ص395)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ص441)، و«الهداية» للمرغيناني (ج3 ص107).

([172]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص65).

([173]) وانظر: «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج5 ص611)، و«الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج2 ص425).

     والطاعون: يوزن فاعول، من الطعن، عدلوا به عن أصله، ووضعوه دالا على الموت العام؛ كالوباء.

     وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص95).

([174]) فإن امرؤ خشي على نفسه الهلاك من وباء انتشر في بلده، فيجوز له أن لا يصلي في المسجد؛ ليسلم على نفسه من المرض، فيرجح جانب العافية على صلاة الجماعة في المسجد، فيصلي في بيته للرخصة الشرعية، وهو يثاب على أخذه بالرخصة، لأن الله تعالى يحب أن توتى رخصه في الدين.

([175]) وهي أرض المهلكة.

     انظر: «الرائد» للجبران (ص755).

([176]) بسرغ: قرية في طريق الشام مما يلي الحجاز في وادي تبوك، يجوز فيها الصرف، وعدمه.

([177]) الأجناد؛ أي: الجند.

([178]) الوباء؛ المرض العام: وهو الطاعون.

([179]) بقية الناس؛ أي: بقية الصحابة، وسماهم الناس تعظيما لهم.

([180]) ارتفعوا عني؛ قوموا، واذهبوا عني.

([181]) فسلكوا سبيل المهاجرين؛ مشوا على طريقتهم فيما قالوه.

([182]) مشيخة قريش؛ شيوخهم ؛ أي : كبارهم في السن.

([183]) مهاجرة الفتح؛ الذين هاجروا إلى المدينة عام الفتح.

([184]) مصبح على ظهر؛ مسافر في الصباح راكبا الظهر، وهو دواب السفر، على ظهر الراحلة راجعا إلى المدينة.

([185]) لو غيرك؛ ممن ليس في منزلتك.

([186]) قالها؛ قال هذه المقالة أي لأدبته، أو: لم أتعجب منه، والمراد: لأدبته لاعتراضه علي في مسألة اجتهادية وافقني عليها أكثر الناس من أهل الحل والعقد، ولكني أتعجب منك على علمك وفضلك كيف تقول هذا؟ أي: فأما أنت فغير معذور في أن تجهل أن الصواب الرجوع.

([187]) هبطت؛ نزلت.

([188]) عدوتان؛ طرفان وحافتان، والعدوة طرف الوادي المرتفع منه.

([189]) خصبة؛ ذات عشب كثير.

([190]) جدبة؛ قليلة العشب، والمرعى.

([191]) به؛ بوجود الطاعون.

([192]) فحمد الله؛ على موافقة اجتهاده، واجتهاد كثير من الصحابة لحديث رسول الله r.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص184)، و«مشارق الأنوار» للقاضي عياض (ج1 ص260)، و«الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج2 ص425 و426).

([193]) وانظر: «الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج2 ص427 و428).

([194]) سرغ: يجوز فيها الصرف، وعدمه؛ يعني: «بسرغ»، و«بسرغ»، وهي قرية بوادي تبوك في طريق الشام.

     انظر: «الاقتضاب» لمحمد بن عبد الحق اليفرني (ج2 ص425)، و«المفهم» للقرطبي (ج5 ص616).

([195]) ولا حجة في أحد مع رسول الله r.

([196]) يعني: الخالصة لله تعالى.

([197]) لا عدوى: مؤثرة بذاتها، وبطبعها، وإنما التأثير بتقدير الله تعالى.

     والعدوى: سراية المرض من المصاب إلى غيره.

     وهو: خبر بمعنى النهي؛ أي: لا يتسبب أحد بعدوى غيره؛ إلا بإذن الله تعالى.

     وفعل الأسباب لا ينافي القدر، بل هو من القدر؛ لأن الله تعالى يحميك من الضرر بما فعلت من السبب الذي يمنع الضرر.

     وانظر: «التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عيثمين (ج12 ص618).

([198]) المجذوم: هو المصاب بالجذام، وهو مرض تتناثر في الأعضاء.

([199]) وانظر: «التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عيثمين (ج11 ص582).

([200]) وهذا فيه نوع من الحجر الصحي، لأن ذلك يكون للمصاب بالمرض المعدي.

     والنبي r أمره أن يبقى في بيته، ومكانه، وهذا نوع من الحجر الصحي.

([201]) الممرض: هو الذي له إبل مرض.

     والمصح : من له إبل صحاح.

     وفي معناه: قوله r، للمجذوم.

     وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص312).

([202]) وانظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج2 ص660).

([203]) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج24 ص189)، و«تعجيل المنفعة» لابن حجر (1345).

([204]) قلت: فلا يتعرض العبد إلى هذا الخطر في بلده.

     وهو نهي للممرض أن يتعرض للمصح، لأن ذلك من الأسباب المعدية للمرض، وانتشاره في البلد، فلابد من النهي عنه.

     وانظر: «حاشية السندي على مسند الإمام أحمد» (ج2 ص717).

([205]) وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص78).    

      والغالب أن فناء المبتدعة، والكفرة بالفتن، والوباء.

([206]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([207]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([208]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([209]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.

([210]) والمشاقة: المعاداة.

([211]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.

        قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.

      وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([212]) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([213]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([214]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([215]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.

     وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).

([216]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).

([217]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).

([218]) كانت: «غزوة تبوك» في السنة التاسعة من الهجرة.

     انظر: «الدرر في المغازي والسير» لابن عبدالبر (ص253)، و«عيون الأثر» لابن سيد الناس (ج2 ص215)، و«تاريخ الملوك والأمم» للطبري (ج3 ص100).

([219]) علق البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47)؛ هذه الرواية، ثم قال في إثرها: «الأول أصح».

     يعني: رواية الجماعة: عن حميد عن أنس بن مالك، دون ذكر: «موسى بن أنس» في إسناده.

([220]) وانظر: «المسند» للبزار (ج13 ص489)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص47).

([221]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص36).

     قلت: وهذا يدل على أن المصلي إذا منع من الجماعة في المسجد بعذر شرعي، أنه يكتب له أجر عمله في جماعة.

     بل يكتب له لمشيه إلى المسجد، وقعوده فيه، ودعاء دخول المسجد، وخروجه منه، وغير ذلك من الأجور التي يحصلها العبد بسبب عذره.

([222]) انظر: «المنهاج» للنووي (ج13 ص61).

([223]) وهذا يدل دلالة واضحة على أهمية النية، وأثرها في الأعمال.

([224]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج9 ص391 و396 و398)، و«شرح رياض الصالحين» له (ج1 ص36).

([225]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2996)، في كتاب: «الجهاد والسير»؛ باب: «يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة». عن أبي هريرة رضي الله عنه.

([226]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص36 و39).

([227]) فإذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس من مرض، أو غيره، فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص.

     وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص36 و39).

([228]) وهذا وهم من الحاكم: فإن مسلما قد أخرج الحديث.

     ثم إن: «سهل بن أبي أمامة»، لم يخرج له البخاري شيئا، فهو إذا من شرط مسلم وحده.

([229]) فالعبد إذا كان يعمل الخير، ثم منع منه لعذر كتب الله تعالى له أجر ما كان يعمل قبل أن يمنعه العذر.

([230]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص159).

([231]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص159).

([232]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2839).

      قلت: وهذه الغزوة، هي: غزوة تبوك.

([233]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1966).

([234]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2996).

([235]) حديث ضعيف، ومعناه صحيح.

     أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص117)، والنسائي في «سننه» (ج3 ص257).

     وإسناده منقطع.

([236]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص348)، ومسلم في «صحيحه» (2319)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص358 و361 و365).

([237]) حديث حسن لغيره.

      أخرجه أبو داود في «سننه» (4941)، والترمذي في «سننه» (1924)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص160)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص175).

([238]) حديث حسن.

      أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (376)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص232)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص323) بإسناد حسن.

([239]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5997)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص77).

([240]) وإذا ضاق صدره لم تستقر الرحمة فيه، وملك نفسه بقوة الهوى، وسلطان الشيطان، فعامل الخلق بالغضب، لأن الشيطان يريه ذلك، حتى يأخذ من الشبهات بتضييع الأمانات، وتعطيل الفرائض، ومنع الحقوق، والتعصب للآراء، ويعرض عن المواعظ والنصائح، ونسيان الموت والمعاد، والحساب بين يدي الله تعالى، اللهم سلم سلم.

([241]) قلت: فلزوم العبد المسلم البيت في أيام الوباء المهلك عبادة أجرها عظيم.

([242]) وهو كونه شهادة ورحمة: ليس المراد بوصفه بذلك لذاته، وإنما المراد: أن ذلك يترتب عليه، وينشأ عنه، وأنه سببه؛ يعني: الله تعالى يرحم عباده بسبب مرض الطاعون.

      وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص205).

     قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص626): (وقوله r: (فجعله الله رحمة للمؤمنين)؛ هو رحمة باعتبار أجره إذا صبر). اهـ

([243]) فيمكث في بلده صابرا محتسبا؛ يبقى في بلده الذي وقع فيه الوباء، غير قلق، ولا منزعج، بل مسلما؛ لأمر الله تعالى، راضيا بقضائه، وإن مات بغير هذا الوباء، ولو في غير زمن الوباء، وقد علم أن درجات الشهداء متفاوتة، وفضل الله تعالى واسع، ونية المرء أبلغ من عمله.

        وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص194)، و«بذل الماعون في فضل الطاعون» له (ص200)، و«المقلق» لابن الجوزي (ص28)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488).

([244]) وقع عنده من طريق موسى بن إسماعيل بلفظ: «فيمكث في بيته صابرا»، وقد تفرد به عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي، ولا يضر تفرده؛ لأنه: «ثقة عدل»، وقد وافق الأصول؛ فهي زيادة محفوظة في هذا الوجه؛ لأنها زيادة من: «ثقة»؛ فيجب قبول روايته، لأن فيها زيادة علم على الجماعة.

([245]) روى عنه الجماعة، وهم: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

([246]) وهذا التفرد ليس بقادح في صحة الحديث، وزيادة: «فيمكث في بيته» مقبولة؛ لأنها زيادة من ثقة، وهي زيادة علم على الجماعة؛ لأنه حفظ هذه الزيادة.

      وانظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج3 ص17)، و«الإحكام» لابن حزم (ج2 ص90)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج7 ص267)، و«المنهل الروي» لابن جماعة (ص225)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج3 ص108).

      قلت: والمكث في البلد يستلزم المكث بالبيت، فتتوافق الروايتان.

([247]) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص189)، و(ج13 ص267)، و«الصحاح» للجوهري (ج6 ص2158)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص757).

([248]) فمن يشتد قلقه، ويكثر تضجره، ويفعل البدع، والمعاصي في دفع الطاعون، فهذا لا يحصل له أجر شهيد.

      وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص215).

([249]) لأن النية تمتد إلى ما لا نهاية له، والعمل محصور، وقدر النية بحسب ما تتعلق به، طال، أو قصر.

       وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488)، و«بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص200).

        قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص215): (فهذا جاء فيمن يكون له الطاعون شهادة ورحمة). اهـ

([250]) يعني: لا تجري عليه أحكام شهيد المعركة: في عدم تغسيله، والصلاة عليه، وغير ذلك.

       لكنه: يسمى شهيدا في الدنيا والآخرة.

       وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص361).

      قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص196): (ذكر الدليل على أن شهيد الطاعون ملتحق بشهيد المعركة؛ بخلاف من ذكر من الشهداء، فإنهم وإن شاركوا من مات بالطاعون، في عدم مشاركة شهيد المعركة في كثير من المزايا كأحكام الدنيا؛ من تكفينهم بدمائهم، وترك غسلهم، والصلاة عليهم ... لكنهم يشاركون شهيد المعركة في ثواب الشهادة، وفي بعض الصفات الأخروية). اهـ

([251]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص194)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص626).

([252]) المطعون: هو الذي مات بالطاعون.

([253]) المبطون: هو الذي مات بسبب علة في بطنه.

       وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص43)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج6 ص360)، و«معاني الأخبار» للكلاباذي (ج2 ص800 و802 و803 و804).

([254]) البطن: شهادة؛ بفتحتين، وهو موت البطن؛ أي: الموت بمرضه؛ كالإسهال، وغيره.

      وانظر: «الحاشية على مسند الإمام أحمد» للسندي (ج2 ص565).

([255]) وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص143 و145)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج6 ص361).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan