القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / تحرير: وقت صلاة المغرب في الشريعة المطهرة

2023-11-29

صورة 1
تحرير: وقت صلاة المغرب في الشريعة المطهرة

سلسلة

من شعار أهل الحديث

                                                                                              

63

 

 

 

 

تحرير:

وقت صلاة المغرب في الشريعة المطهرة

 

* دراسة أثرية منهجية علمية في أن وقت صلاة المغرب له ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: يدخل وقت صلاة المغرب، قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، وهذا الحكم، عند العرب الخلص يعتبر غروبا. الدرجة الثانية: إذا كانت الشمس، نصفها فوق الأرض، والنصف الثاني تحت الأرض، ومن الذي يقول أن هذا ليس بغروب!، إلا متعالم جاهل في الدين. الدرجة الثالثة: إذا كانت الشمس قد غابت بالكلية تحت الأرض.

وهذا هو تعيين غروب الشمس الصحيح، بدرجاته المذكورة، وهو الذي يعجل إباحة الإفطار على الصائمين، ويحل صلاة المغرب على المصلين، وأما آخر وقت صلاة المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر من جهة المغرب، فيدخل وقت العشاء، وقد ثبت ذلك في القرآن، والسنة، والآثار، والإجماع؛ يعني: إجماع السلف

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

    

نعوذ بالله من البدع

درة نادرة

نكارة بدع هذا الزمان في تأخير الفطور

 

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص199): (في حديث؛ أبي هريرة: «لا يزال الدين ظاهرا» وظهور الدين مستلزم لدوام الخير؛ قوله: «ما عجلوا الفطر»، وما ظرفية أي مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها.

«تنبيه»: من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة!، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة؛ لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور، وخالفوا السنة؛ فلذلك قل عنهم، الخير وكثر فيهم الشر، والله المستعان). اهـ

قلت: وهو حال جميع المسلمين اليوم إلا من رحم ربك، وقليل ما هم؛ فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام في واقع كثير من أتباعه وأدعيائه!!؛ اللهم غفرا.

 

    

رب زدني علما، وحفظا، وفهما

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن الله تعالى حد لنا حدودا، وأمرنا ألا نعتديها، وقدر أشياء بعلمه وحكمته؛ فليس لنا الزيادة عليها، ولا النقصان عنها.

ومما قدره الله تعالى وقت صلاة المغرب، وقد علق الشارع الحكيم عليه أحكاما، فكان لزاما علينا أن نعرف وقت صلاة المغرب؛ لتأدية حقوق الله تعالى في هذا الحكم على سبيل الكمال والعلم في الدين.

قلت: وإن من قواعد الشريعة في أحكام الصلوات اليومية؛ أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام، ترتبط أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها، بل هي سنن كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء وطلبة وعامة، ولم تقيد بعلم دقيق، بل تناط معرفتها بأمور محسوسة مشاهدة، وكواكب سيارة يعرفها المتعلم، وغير المتعلم، ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون جميعا.([1])

ويظهر ذلك جليا في علامات مواقيت الصلوات الخمس المفروضة، وعدم دخول الخطأ فيها بالرؤية، والمشاهدة يستوي في معرفتها جميع الناس في الأرض.

قلت: إن ذلك من نعم الله تعالى على هذه الأمة ما اختصها به في الأيام والشهور والسنوات من عبادات عظيمة مفروضة، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله تعالى في القرآن، والنبي r في السنة أتم البيان وأوضحه.

قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مؤقتا بوقت محدد مبين، وهو مفروض على العباد.([2])

قلت: فالموقوت: المفروض، ويطلق على الوقت المحدد.

فعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (يعني: مفروضا).([3])

وعن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103] قال: (كلما مضى وقت جاء وقت آخر).([4])

وعن معمر بن يحيى / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (وجوبها).([5])

وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا، الموقوت: المفروض).([6])

وعن عطية العوفي / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا).([7])

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا)؛ أي: فرضا موقتا وقته الله تعالى عليهم.([8])

وقال الثعلبي المفسر / في «تفسير القرآن» (ج5 ص379)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]: (أي: واجبا مفروضا في الحضر والسفر، فركعتان في السفر وأربع في الحضر، وكتب الله عليهم ووقته؛ أي: جعل للأوقات). اهـ

وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص3)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ موقتا وقته عليهم.

وقال الجصاص المفسر / في «أحكام القرآن» (ج2 ص333): (قد انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته؛ لأن قوله تعالى: ]كتابا[؛ معناه: فرضا، وقوله: ]موقوتا[؛ معناه: أنه مفروض في أوقات معلومة معينة، فأجمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع أخر من الكتاب من غير ذكر تحديد أوائلها وأواخرها، وبين على لسان رسول الله r تحديدها ومقاديرها). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص459): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: محدودا معينا، يقال: وقته فهو موقوت ووقته فهو مؤقت.

والمعنى: إن الله افترض على عباده الصلوات، وكتبها عليهم في أوقاتها المحدودة، لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذر شرعي، من نوم أو سهو أو نحوهما). اهـ

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج2 ص110): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ فرضا مؤقتا). اهـ

وقال العلامة الشيخ السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص339): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به.

وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «تفسير القرآن» (ج9 ص167): (لأن ما كان مفروضا فواجب، وما كان واجبا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجم([9])). اهـ

وعن أبي موسى الأشعري t عن رسول الله r، أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: «فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر، حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول قد طلعت الشمس، أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص10)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

قلت: ونص أهل العلم على أن من شروط الصلاة: دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها([10])؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهمالتي يصيبونها.([11])

قال الترمذي / في «العلل الكبير» (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن، وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: والصلاة على وقتها من أفضل الأعمال في الشريعة المطهرة.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: سألت النبي r؛ أي: العمل أحب إلى الله؟ قال r: (الصلاة على وقتها). وفي رواية: (الصلاة لوقتها). وفي رواية: (الصلاة على ميقاتها)([12]). وفي رواية: (أي: العمل أفضل). وفي رواية: (أي: الأعمال أقرب إلى الجنة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (504)، و(5625)، وفي «الأدب المفرد» (1)، وفي «بر الوالدين» (ص104 و105)، ومسلم في «صحيحه» (85)، والترمذي في «سننه» (173)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص493)، وفي «المجتبى» (ج1 ص293)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص215)، وفي «الآداب» (1)، وفي «الاعتقاد» (ص249)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص197)، وفي «شعب الإيمان» (2544)، و(7439)، والطائي في «الأربعين» (12)، وابن المبارك في «البر والصلة» (1)، و(2)، و(35)، وابن الأعرابي في «المعجم» (611)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص418 و442 و451)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص278)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (ج1 ص171)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص266)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص115)، و(ج2 ص301)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص163)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص279)، و(ج4 ص207)، و(ج5 ص219)، وفي «المسند» (202)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص214)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص338 و340 و342)، وفي «الثقات» تعليقا (ج8 ص314)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص23 و24 و25 و26)، وفي «المعجم الأوسط» (3583)، و(5394)، و(7233)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص163)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص64)، والطيالسي في «المسند» (372)، وهناد في «الزهد» (983)، والبزار في «المسند» (1791)، و(1792)، و(1793)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (484)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1546)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص27)، و(ج5 ص366)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص541 و460)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص176)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص251)، والهيثم بن كليب في «المسند» (759)، و(761)، وأبو الفرج المقرئ في «الأربعين في الجهاد» (ص52)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص270)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص249)، وفي «المؤتلف والمختلف» (ج3 ص6696)، وعبد الخالق بن أسد في «المعجم» (ص399)، وأبو يعلى في «المسند» (5086)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18 ص276)، و(ج54 ص396)، وفي «الأربعين في الحث على الجهاد» (3)، وفي «معجم الشيوخ» (482)، و(1551)، وابن المقرئ في «المعجم» (565)، والحميدي في «المسند» (103)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص136)، وفي «البر والصلة» (ص48)، وفي «التحقيق» (ج2 ص33)، وفي «الحدائق» (ج2 ص90)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص88)، والنسوي في «الأربعين» (ص75)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (ص29)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص346)، والفاكهي في «حديثه» (126)، وابن بشران في «الأمالي» (ص227)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2302)، والإسماعيلي في «المعجم» (48)، والخلعي في «الخلعيات» (ص59 و60)، وأبو علي الرفاء في «الفوائد» (61)، والخلدي في «الفوائد» (470)، ومكرم البزاز في «الفوائد» (615)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص204 و205)، وابن المقرب في «الأربعين» (ص86)، وابن أسلم في «الأربعين» (ص72)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج1 ص436)، والحاكم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج4 ص65-الإمام)، وابن مسلمة في «المشيخة البغدادية» (ص141)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ص426)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص554)، و(ج5 ص61 و157)، وابن المنذر في «الأوسط» (1111)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (162)، والحسين المروزي في «البر والصلة» (3)، والسلفي فيما «انتخبه من الطيوريات» (386)، ومعمر الأزدي في «جامعه» (ج11 ص190)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص126)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص65)، و(ج3 ص139)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج2 ص634)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص203 و204)، وابن دقيق العيد في «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام» (ج4 ص64) من طرق عن عبد الله بن مسعود t به.

وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص203)؛ باب: فضل الصلاة لوقتها.([13])

قلت: فهذه المسألة مما اتفق عليها السلف، والخلف؛ استنادا إلى أدلة التي سبقت في تحديد مواقيت الصلاة، وغيرها من الأدلة المعروفة في هذا الخصوص.

ولكن الشيطان حريص كل الحرص على إبعاد العباد عن دينهم الحق، بشتى الوسائل؛ فيزين لهم عبادات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، فهو عالم بما يزين للناس، ويحسن لهم من أعمال هي في الحقيقة بدع ومحدثات، ويوهم الكثيرين منهم أنهم على الجادة، وأنهم على أهدى سبيل.

قلت: ومن جملة ما يزين الشيطان للناس فعله في هذا الزمان تقديم وقت صلاة الفجر([14])، فؤذن لصلاة الفجر على غير وقته، وصلى جمهور الناس صلاة الفجر في مساجدهم، وبيوتهم قبل دخول وقت صلاة الفجر مما يؤكد فساد صلاتهم؛ لأنها لم تؤد على وقتها الذي شرعه الله تعالى لها.([15])

والسبب في ذلك يعود لجهل الناس بمعرفة الفجر الصادق من الفجر الكاذب، واعتمادهم على تقاويم فلكية لم يراع في وضعها الدقة المطلوبة في الشرع، ولم يشرف على وضعها علماء مختصون، أو طلبة علم متمكنون في الشريعة المطهرة، بل أشرف على وضعها الدكاترة، والفلكيون في البلدان الإسلامية، والله المستعان.

قلت: ولما كان هذا الأمر بالغ الأهمية والخطورة؛ لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام، الذي عليه مدار قبول هذه العبادة وهي الصلاة التي تؤدى في غير وقتها([16])، وغيرة مني على هذه العبادة أن تؤدى على وقتها، كتبت هذا الكتاب راجيا المولى أن يجعل فيه عبرة لاؤلي الألباب، ودفعا للمسؤولين في بلدانهم أن يعطوا هذا الأمر جل اهتمامهم، وأن تعدل هذه «التقاويم الفلكية»([17])، وبذلك نصون عبادة الناس من الفساد، ونبرئ ذمتنا أمام الله تعالى يوم الميعاد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله تعالى بقلب سليم.

قال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132].

وقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم[ [آل عمران: 31].

وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].

قلت: ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة، والحاجة الماسة لهذا الموضوع، وهو تحديد: «وقت صلاة المغرب»، فهو موضوع يهم كل مسلم لارتباطه بأحكام شرعية كثيرة؛ لاسيما «صلاة المغرب» المفروضة على كل مسلم بالغ.

ولأهمية هذا الموضوع، وارتباطه بعموم المسلمين، فلا شك أنه قد طرق وبحث كثيرا، ولكن الكثير ممن بحثوه واعتنوا بتحقيق وقته وتحديده كان عن طريق «العلم الفلكي»([18]) في البلدان الإسلامية، وغفلوا عن جانب مهم في الدين، وهو تحقيقه بأدلة الكتاب والسنة، والآثار والأقوال.

ولهذا فإنني استعنت بالله تعالى في اختيار هذا الموضوع، وقد بذلت جهدي وحرصت على الوصول إلى الصواب؛ لإيضاح جوانبه العلمية، وجمع أدلته وما تفرق فيه من أحكام شرعية المتعلقة بصلاة الفجر.

هذا وأسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى العمل بكتابه، وسنة نبيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه: ]إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب[ [هود: 88].

                                                              وكتبه

                                                أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

من تمسك بالسنة نجا

ذكر الدليل

على تعيين غروب الشمس لدخول وقت صلاة المغرب والذي يسن للصائم تعجيل فطره عنده، وتعجيل فطره بمغيب قرص الشمس كله، وله تعجيل فطره أحيانا قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، لأن الأمر فيه سعة؛ بل هذا يسمى غروبا في الدين فلا نحجر واسعا([19])

 

 

1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([20])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل، معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإلمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص384): (وأما المغرب: فوقته كله وقت اختيار أيضا، من حين تغرب الشمس إلى أن يغيب الشفق ،كله وقت اختيار، لكن تقديمها في أول الوقت أفضل؛ لأن النبي كان يصليها في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، إذا غربت الشمس وأذن المؤذن أخر قليلا، ثم أقام عليه الصلاة والسلام، وصلاها في أول الوقت، ولو أخرها بعض الشيء؛ فلا بأس، ما دام أداها في وقتها، ووقتها ينتهي بغياب الشفق، فإذا غاب الشفق - وهو: الحمرة في جهة المغرب - انتهى وقت المغرب، ودخل وقت العشاء إلى نصف الليل). اهـ

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([21])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([22])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبدالحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([23])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي موسى، وأبي برزة، وأبي هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والاتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

4) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

5) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم]([24])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمد البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

6) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

 أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

7) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي r كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي r يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: ووقت صلاة العصر يمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا دخول وقت صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

8) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

9) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق).

وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في « صحيحه » (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى إصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بعشر دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([25])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([26]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r:
 

(ويسقط قرنها الأول)؛ ([27]) فيه إشكال([28]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، وفهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبدالله بن عمرو (مالم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبدالله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت).

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الإصفرار قال الجمهور). ([29]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالإصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الإصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الإصفرار([30]) والغروب([31]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([32])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

10) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا. 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

11) وعن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله صلى عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.        

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض؛ بيسير؛ بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

12) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([33])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص7)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطأ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطأ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطأ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص6 و7)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطأ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطأ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

13) وعن رافع بن خديج t، يقول: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (559)، ومسلم في «صحيحه» (637)، وابن ماجه في «سننه» (687)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص142)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص302)، وابن أبي شيبة في «المسند» (78)، وفي «المصنف» (ج1 ص289)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص259)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص234)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370 و447)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص461)، والسراج في «المسند» (565)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (427)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص237)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص583)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج4 ص280)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص352)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص381) من طريق الأوزاعي قال: حدثنا أبو النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج t به.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص41): (أي: المواضع التي تصل إليها سهامه إذا رمى بها وروى أحمد في مسنده من طريق علي بن بلال عن ناس من الأنصار، قالوا: (كنا نصلي مع رسول الله r المغرب ثم نرجع فنترامى حتى نأتي ديارنا فما يخفى علينا مواقع سهامنا)؛ إسناده حسن، والنبل هي السهام العربية، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، قاله بن سيده؛ وقيل واحدها نبلة مثل تمر، وتمرة ومقتضاه المبادرة بالمغرب في أول وقتها؛ بحيث إن الفراغ منها: يقع والضوء باق). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص238): (قوله: (كنا نصلي المغرب مع النبي r أي: في أول وقتها، وقوله: (فينصرف أحدنا)؛ من المسجد، وقوله: (وأنه ليبصر)، بضم المثناة التحتية، واللام للتأكيد، وقوله: (مواقع نبله): حين يقع لبقاء الضوء، والنبل: بفتح النون، وسكون الموحدة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص630): (حديث رافع بن خديج t: فإنه يدل على مبادرة النبي r بالمغرب؛ لأنه ينصرف والواحد يبصر مواقع نبله، وهذا دليل على أنه r يبكر بها). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص609): (قوله: (مواقع نبله)؛ أي: مواقع سهامه التي ينبلها، وهذا يدل على أن النبي r، كان يبكر بالمغرب، وهو كذلك). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص629): (النبي r: كان يبادر، بصلاة المغرب دائما). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص54): (قوله: (ليبصر مواقع نبله)، أي: المكان الذي يقع فيه النبل، يعني: نبل السهم؛ بمعنى: أنه يرى مكان السهم إذا أطلقه من القوس، ومعلوم أنه بعيد.

* وإذا كان الإنسان يبصر مواقع نبله بعد الصلاة، مع عدم المصابيح الكهربائية في ذلك الوقت، فهذا دليل على أنه r كان يبادر بصلاة المغرب). اهـ

14) وعن سلمة بن الأكوع t قال: (كنا نصلي مع النبي r المغرب إذا توارت بالحجاب). وفي رواية: (أن رسول الله r كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس، وتوارت بالحجاب).([34]) وفي رواية: (كان رسول الله r يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (561)، ومسلم في «صحيحه» (636)، وأبو داود في «سننه» (417)، والترمذي في «سننه» (164)، وابن ماجه في «سننه» (688)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص51 و54)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص301)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (386)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص233)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص489)، والروياني في «المسند» (1133)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369 و446)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (148)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص297)، والسراج في «المسند» (564)، و(1111)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص31)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص369)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج22 ص83)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1ص154)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص90)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص31)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص339)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص583)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص215)، وأبو البقاء الحسيني في «المشيخة» (ص256)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص82)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص115)، وابن أبي ظهيرة في «معجم الشيوخ» (ج3 ص1441) من طريق مكي بن إبراهيم، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزمي، وصفوان بن عيسى، وحاتم بن إسماعيل؛ جميعهم: عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع t به.

قلت: وهذا الحديث يبين أن أول وقت صلاة المغرب، إذا غربت الشمس، وهذا بالإجماع.([35])

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج1 ص434): (أما دخول وقت المغرب؛ بغروب الشمس، فإجماع أهل العلم. لا نعلم بينهم خلافا فيه، والأحاديث دالة عليه. وآخره: مغيب الشفق). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص136): (وفي هذين الحديثين: أن المغرب تعجل عقب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص110): (يسن تعجيل صلاة المغرب؛ لأن النبي r كان يصليها إذا وجبت، أي: إذا وجبت الشمس وغربت؛ فيبادر بها). اهـ

قلت: وآخر وقت صلاة المغرب إذا غاب الشفق الأحمر في جهة المغرب، فقد دخل وقت صلاة العشاء، وهو قول الجمهور([36])، وهذا القول: هو الصحيح، وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك.

15) وعن أنس بن مالك t قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله).

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (416)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (3350)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص62)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2ص369)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص212)، والسراج في «المسند» (569)، و(1115)،  وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص434)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج5 ص33 و34)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص89) من طريق علي بن الجعد، وحجاج بن المنهال الأنماطي، وموسى بن إسماعيل، وداود بن شبيب الباهلي، وهدبة بن خالد، ويحيى بن إسحاق، وعبيد الله بن محمد العائشي، وإبراهيم بن الحجاج السامي؛ جميعهم: عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص512).

* وتابعه حميد الطويل، عن أنس بن مالك t قال: (كنا نصلي مع رسول الله rالمغرب، ثم يجيء أحدنا إلى بني سلمة، وهو يرى مواقع نبله).

حديث صحيح

أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص114 و189 و199 و205)، والنميري في «جزئه» (6)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص289)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص150)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج6 ص40 و42)، والسراج في «المسند» (573)، و(1119) من طريق مروان بن معاوية، وعبد ربه بن نافع، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن بكر السهمي، وابن أبي عدي، وعبد الواحد بن واصل؛ جميعهم: عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص54): (النبي r كان يبادر بصلاة المغرب؛ لأنهم إذا كانوا ينصرفون منها، والضياء باق إلى هذا الحد؛ دل ذلك على أنه r كان يبادر بصلاة المغرب). اهـ

16) وعن زيد بن خالد الجهني t قال: (كنا نصلي مع النبي r المغرب، ثم ننصرف إلى السوق، ولو رمي بنبل لأبصرت). وفي رواية: (فلو رمينا بالنبل رأينا مواقعها).

حديث حسن

أخرجه الشافعي في «الأم» (ج2 ص163)، وفي «المسند» (28)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص114 و117)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (281)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص290)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج5 ص253)، والطيالسي في «المسند» (ج2 ص295)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص31)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402) من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن زيد بن خالد الجهني t به.

قلت: وهذا سنده حسن، وابن أبي ذئب سمع من صالح بن نبهان مولى التوأمة، قبل الاختلاط.([37])

والحديث حسنه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص278).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج5 ص26).

* وتابع: ابن أبي ذئب؛ سفيان الثوري، عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت زيد بن خالد الجهني t به.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص115)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (39)، والطبراني في «المعجم الكبير» (5260).

وإسناده حسن.

17) وعن جابر بن عبد الله t، قال: (كنا نصلي مع رسول الله r المغرب، ثم نأتي بني سلمة، فلو رمينا رأينا مواقع نبلنا). وفي رواية: (ونحن نبصر مواقع النبل). وفي رواية: (كنا نصلي مع النبي r المغرب ثم نرجع فنتناضل حتى نبلغ منازلنا في بني سلمة فننظر إلى مواقع نبلنا من الأسفار).

حديث صحيح

أخرجه الشافعي في «الأم» (ج2 ص163)، وفي «المسند» (28)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص303 و369 و382)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص173)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص212 و213)، والطيالسي في «المسند» (ج3 ص324)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص552)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص360)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص166)، والسري بن يحيى في «حديث الثوري» (21)، وأبو يعلى في «المسند» (ج4 ص79 و114)، والسراج في «المسند» (570)، و(571)، و(572)، و(1116)، و(1117)، و(1118)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (3317)، والبغوي في «شرح السنة» (374)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1035)، وابن حبان في «صحيحه» (ج10 ص549)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص83) من طريق القعقاع بن حكيم، وعبد الله بن محمد بن عقيل، ووهب بن كيسان، وعقبة بن عبد الرحمن، وأبي الزبير؛ كلهم: عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص277).

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج3 ص311 و591).

وقال تعالى: ]أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].

والشاهد:

قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قلت: ويتعين دخول الليل من غروب الشمس، ويتحقق للصائم الإفطار([38])، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص98): (والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص42): (أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]).اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص348): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام[ أي: أكملوا الصيام على وجه التمام؛ ]إلى الليل[؛ أي: إلى دخول الليل؛ وذلك بغروب الشمس؛ لقول النبي ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ وبمجرد غروب الشمس أي: غروب قرصها - يكون الإفطار؛ وليس بشرط أن تزول الحمرة، كما يظن بعض العوام؛ إذا الصوم محدود: من، وإلى؛ فلا يزاد فيه، ولا ينقص).اهـ

وعن عبد الكريم بن أبي المخارق / قال: «من عمل النبوة: تعجيل الفطر، والاستيناء([39]) بالسحور».

أثر صحيح

أخرجه أبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص299)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج6 ص254)، والقعنبي في «الموطأ» (ص321)، والحدثاني في «الموطأ» (ص412) من طريق مالك وهو في «الموطأ» (ج1 ص158) رواية يحيى- قال: سمعت عبد الكريم بن أبي المخارق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص290).

قال الفقيه البهوتي / في «كشاف القناع» (ج1 ص235): (وقت المغرب: وهو في الأصل: مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء وضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة: على وقت الغروب ومكانه). اهـ

قلت: فالمغرب سمي بذلك لفعلها وقت الغروب؛ إذ الغروب في اللغة البعد، أو وقته، أو مكانه فإذا كانت الشمس بعيدة في مستوى الغروب، فهي قد غربت، وإن كان قرصها لم يغب([40])، لأن هذا يسمى غروبا.([41])

قال الفقيه ابن أبي الفتح / في «المطلع» (ص57): (المغرب في الأصل: مصدر غربت الشمس غروبا، ومغربا، ثم سميت الصلاة مغربا). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص343): (المغرب: وهو في الأصل مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء»، و«ضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة على وقت الغروب، ومكانه، فسميت هذه بذلك لفعلها في هذا الوقت). اهـ

وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج1 ص308): (ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187] إلى أن قال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]، والخيطان: بياض النهار، وسواد الليل). اهـ

وقال الفقيه ابن مودود / في «الاختيار» (ج1 ص137): (ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص331): (الصيام هو: الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي المفطرات من الأكل والشرب والجماع، وتوابعها، في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس). اهـ

ومنه؛ قول الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([42])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([43])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([44])، فافهم لهذا.

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص337): (وأما التي تتعلق بزمان الإمساك؛ فإنهم اتفقوا على أن آخره غيبوبة الشمس، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـشيخ عـبد الرحمـن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص87): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ أي: الإمساك عن المفطرات إلى الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

قلت: ومنه؛ فيما اعتبروا في حصول الليل زوال آثار الشمس، وسموا ذلك ليلا، كذلك اعتبروا زوال الليل عند ظهور آثار الشمس عند المشرق، وسموا ذلك صباحا مع وجود شيء من الليل، وهو آخر الليل ومنتهاه، بل اعتبر بعض الصحابة، والتابعين أن الليل لا ينتهي إلا بطلوع الشمس مع وجود النهار قبل طلوع الشمس من المشرق، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وحكى الشافعية: عن الأعمش، وابن راهويه أنهما جوزا الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الشمس.([45])

وحكى أبو حامد: عن حذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأبي مجلز، والأعمش؛ أنهم قالوا آخر الليل طلوع الشمس، وهو أول النهار، قالوا: وصلاة الصبح من صلوات الليل؛ قالوا وللصائم أن يأكل حتى تطلع الشمس.([46])

وحكي عن الأعمش؛ أنه قال: عن صلاة الفجر؛ هي من صلوات الليل، وإنما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الأكل للصائم.([47])

وقال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج2 ص85): (وروي عن علي ط؛ «أنه صلى الصبح بالناس؛ ثم قال: الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»؛ ومما قادهم إلى هذا القول أنهم يرون أن الصوم إنما هو في النهار، والنهار عندهم من طلوع الشمس إلى غروبها). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453)؛ بعدما ذكر حديث حذيفة: (فدل حديث حذيفة على أن أول وقت الصيام من طلوع الشمس، وأن ما قبل طلوع الشمس، ففي حكم الليل). اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319): (وقالت طائفة: ذلك بعد طلوع الفجر، وتبينه في الطرق والبيوت، روي ذلك عن عمر، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش سليمان، وغيرهم أن الإمساك يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رءوس الجبال). اهـ

18) وعن عمر بن الخطاب ط قال: قال رسول الله ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1954)، ومسلم في «صحيحه» (1100)، وأبو داود في «سننه» (7351)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص38)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص252)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص35)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج4 ص227)، وابن الجارود في «المنتقى» (393)، والفريابي في «الصيام» (ص52)، وابن حبان في «صحيحه» (3504)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص284)، والحميدي في «المسند» (20)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2058)، والبغوي في «شرح السنة» (1735)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص215)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص590)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص98)، وفي «الاستذكار» (ج10 ص42) من طريق هشام بن عروه عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه عمر ط به.

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص160): (قوله ه: «فقد أفطر الصائم»؛ معناه: أنه قد صار في حكم المفطر، وإن لم يأكل، وقيل: معناه؛ أنه قد دخل في وقت الفطر، وحان له أن يفطر، كما قيل: أصبح الرجل إذا دخل في وقت الصبح، وأمسى، وأظهر كذلك). اهـ

وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص103): (قوله ه: «إذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ أي: حل وقت فطره). اهـ

قلت: وأجمع العلماء على أنه إذا غربت الشمس فقد حل فطر الصائم، ولا ينتظر الأذان([48]) اللهم غفرا.

قال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص310): (في الحديث دلالة واضحة على استحباب تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب، وقد اتفق العلماء عليه). اهـ

وقال الفقيه ابن القطان / في «مسائل الإجماع» (ج1 ص294): (وأجمعوا أنه إذا حلت صلاة المغرب([49]) حل الفطر). اهـ

وقال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص12): (الإشارة في الأول إلى جهة المشرق، وفي الآخر إلى جهة المغرب، وهما متلازمان في الوجود: إذ لا يقبل الليل إلا إذا أدبر النهار). اهـ

قلت: فإذا أقبل الليل؛ أي: ظلامه من جهة المشرق، وأدبر النهار؛ أي: ضياؤه من جانب المغرب، فقد أفطر الصائم.

فهذا إقبال الظلام، وإدبار النهار، وهو حل وقت فطر الصائم.([50])

قال الـعلامـة أبـو عبد الرحـمـن الـعـظـيم آبـادي / في «عون المعبود» (ج6 ص478): (قوله ه «إذا جاء الليل من هاهنا»: أي: من جهة المشرق، وقوله ه: «وذهب النهار من هاهنا»؛ أي: من جهة المغرب). اهـ

قلت: والعبرة بغروب الشمس، أو قرب الغروب، ولا حاجة إلى أن يزول النور القوي، أو الحمرة، بل بمجرد ما يغيب قرص الشمس، أو قارب يفطر الصائم، كما فعل الصحابة الكرام.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان ه يفطر قبل أن يصلي).اهـ

وقال الإمام أحمد /: (تعجيل الفطر يستحب).([51])

وقال ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج21 ص67): (من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس).اهـ

وقال الفقيه ابن بلبان / في «أخصر المختصرات» (ص147): (وسن تعجيل فطر، وتأخير سحور). اهـ

وقال الفقيه الحجاوي / في «زاد المستقنع» (ص83): (وسن تأخير سحور، وتعجيل فطر على رطب؛ فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء). اهـ

قلت: فيسن تعجيل فطره إذا تحقق غروب الشمس على رطب، أو تمر، أو ماء، أو غير ذلك، لما ثبت في السنة النبوية، والآثار السلفية.([52])

قال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص65): (ويستحب تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، وأن يفطر على التمر، إن لم يجد فعلى الماء). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج3 ص150): (ويسن تعجيل الفطر على تمر، وإلا فماء). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر بعد تيقن غروب الشمس بتمر، أو ماء، أو غير ذلك مستحب في الشريعة المطهرة.([53])

قلت: ويجوز الفطر بناء على غلبة الظن بغروب الشمس؛ ودليل ذلك: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (1823) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ، قالت: «أفطرنا على عهد النبي ه يوم غيم، ثم طلعت الشمس»، فأنهم لم يفطروا على علم؛ لكن أفطروا على غلبة الظن، وأنهم لو أفطروا على علم ما طلعت الشمس.

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (قال تعالى: «ثم أتموا الصيام إلى الليل» [البقرة: 187]، فهذا يقتضي أن الإفطار عند غروب الشمس، فقد أجمعوا على أن الصوم ينقضي، ويتم بتمام الغروب، وأن السنة أن يفطر إذا تحقق الغروب، وأن له الفطر بغلبة الظن اتفاقا، إقامة له مقام اليقين). اهـ

قلت: وهذه قاعدة شرعية عظيمة في تعيين الغروب الذي يفطر عليه الصائم حتى بغلبة الظن، لأن الأصل هنا دخول الليل بغروب الشمس، ولو بالظن وذهاب النهار، ولا عبرة بالنور الباقي، والصفرة في السماء، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص322): (هذا الحديث فيه تعجيل الإفطار، لكن قال العلماء رحمهم الله: بشرط أن يتيقن، أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛ فـــ«يتيقن» إذا أمكنه المشاهدة؛ أو يغلب على ظنه إذا لم يمكنه المشاهدة؛ كما لو كان هناك غيم، أو حال بينه وبينها جبل، أو ما أشبه ذلك). اهـ

قلت: فإذا تيقن أن الشمس غربت، فيفطر، وإذا غلب على ظنه أنها غربت، فيفطر.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله ه، فهو الأصوب لا شك). اهـ

قال الفقيه ابن النقيب / في «عمدة السالك» (ص109): (والأفضل تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، ويفطر على تمرات وترا؛ فإن لم يجد فالماء أفضل). اهـ

وقال الفقيه المعبري / في «فتح المعين» (ص273): (وسن تعجيل فطر، إذا تيقن الغروب). اهـ

19) وعن سهل بن سعد الساعدي ط أن رسول الله ه قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». وفي رواية: «ما عجلوا الإفطار». وفي رواية: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الإفطار».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص241)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص711)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص82)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3298)، وفي «الإغراب» (ص300 و301)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص422)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص336 و337 و339)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص72)، والحدثاني في «الموطأ» (ص413)، والفريابي في «الصيام» (ص50 و51)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207 و208)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص288)، والشافعي في «السنن المأثور» (ص323)، وفي «المسند» (614)، وفي «الأم» (ج1 ص97)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص237)، وفي «السنن الصغرى» (649)، وفي «معرفة السنن» (2182)، وفي «فضائل الأوقات» (138)، وفي «شعب الإيمان» (ج7 ص489)، والقعنبي في «الموطأ» (ص321)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص368)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج6 ص170 و230)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص274)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ج1 ص415)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص300)، وأبو يعلى في «المسند» (7511)، وعبد الغني المقدسي في «فضائل رمضان» (ص80)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص461)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والسلفي في «المشـيخـة الـبغدادية» (2439)، وضـيـاء الـدين المقـدسي في «فـضـائـل الأعـمـال» (ص254)، والدارمي في «المسند» (1699)، وابن الأبار في «المعجم» (ص391)، وأبو نعيم في «المستخرج» (2239)، وفي «حلية الأولياء» (ج7 ص136)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص24)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9037)، وفي «المسند» (91)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص155)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329)، والروياني في «مسند الصحابة» (ج2 ص124)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص371)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص304)، وفي «الحدائق» (ج2 ص247)، والطائي في «الأربعين الطائية» (ص145)، وأبو الحسن الإسكندراني في «الأربعين» (ص153)، وأبو سعد النيسابوري في «الأربعين» (ق/23/ط)، وابن أبي مريم في «جزء مما أسند سفيان الثوري من حديثه» (ص155)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص269)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص299)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ج2 ص472)، والخطيب في «الفصل للوصل» (ج2 ص693 و694 و695)، وفي «تاريخ بغداد» (ج4 ص422)، وفخر الدين ابن البخاري في «مشيخته» (ق/512/ط)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص158 و351)، وأبو عبد الله الرازي في «مشيخته» (ص160)، وابن جماعة في «رباعيات مسلم بن الحجاج» (ص158)، وابن عبد الهادي الحنبلي في «النهاية في اتصال الرواية» (ص210)، والحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص557)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص593)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص119)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (590)، و(591)، والمحاملي في «الأمالي» (ص41)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (ص128) من طريق أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي ط به.

قال أبو الفتوح الطائي / في «الأربعين» (ص146): (وفي الحديث: دلالة على استحباب تعجيل الفطر، والإشارة فيه إلى إزالة ما لحق الصائم من كلفة العبادة، ليكون وقوفه على بساط النجوى في صلاة المغرب التي تؤدى في وقت الإفطار على فراغ من مطالبات النفس، فيجد القلب في المناجاة كمال الروح والأنس، وعلى هذا يحمل قوله ه: «إذا حضر العشاء، فابدءوا بالعشاء»([54]». اهـ

وقال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ص566): (تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب: مستحب باتفاق، ودليله: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وفيه دليل على المتشيعة، الذين يؤخرون إلى ظهور النجم. ولعل هذا هو السبب في كون الناس لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر؛ لأنهم إذا أخروه كانوا داخلين في فعل خلاف السنة. ولا يزالون بخير ما فعلوا السنة). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج4 ص592): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» أي: إذا تحققوا الغروب بالرؤية، أو بإخبار عدلين، أو عدل على الأرجح، وما ظرفية؛ أي: مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدودها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها). اهـ

وقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج2 ص237): (وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي ه وغيرهم: استحبوا تعجيل الفطر، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «التنوير» (ج11 ص184): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ في دينهم: «ما عجلوا الفطر»؛ لأنه تقدم أنه من سنن المرسلين وطرائقهم). اهـ

قلت: فالأفضل هو تقديم الفطر على الصلاة؛ لأنه موافق لرسول الله ه، وصحابته الكرام.

قال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص1428): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ أي: ما داوموا على هذه السنة؛ لأن تعجيله بعد تيقن الغروب من سنن المرسلين فمن حافظ عليه تخلق بأخلاقهم؛ ولأن فيه مخالفة أهل الكتاب في تأخيرهم إلى اشتباك النجوم وفي ملتنا شعار أهل البدع؛ فمن خالفهم واتبع السنة لم يزل بخير). اهـ

قلت: فمتابعة رسول الله ه هي الطريق المستقيم.

وقال أبو الوليد الباجي / في «المنتقى» (ج1 ص42): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ يريد ه لا يزالون بخير في أمر دينهم ما فعلوا ذلك على سنة، وسبيل، وتعجيل الفطر: أن لا يؤخر بعد غروب الشمس على وجه التشدد، والمبالغة، واعتقاد أنه لا يجزئ الفطر عند غروب الشمس على حسب ما تفعله اليهود). اهـ

قلت: فيستمر الناس في الخير، ويقترن بهم الخير الديني، والخير الدنيوي؛ بتعجيلهم الفطر؛ أي: مدة تعجيلهم الفطر.([55])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج7 ص109): (يؤخذ من هذا أن ما يفعله بعض المتعمقين من تأخير الأذان بعد غروب الشمس بدقائق احتياطا أنه لا يصح، بل هذا مما ينهى عنه، ويقال: أنه فوت الخير على نفسه، وعلى غيره، لقول النبي ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، وقوله ه: «ما عجلوا الفطر»؛ مشروط بالعلم بغروب الشمس، أو الظن بغروبها، بمعنى: أنه لابد أن يعلم أنها غابت، أو يغلب على ظنك أنها غابت). اهـ

قلت: وتأخير الفطر من الصائم في شهر رمضان سبب لحصول الشر، يؤخذ هذا من المفهوم، فالمنطوق هو: أن المعجل بخير، فالمفهوم أن غير المعجل بشر.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج7 ص114): (أن تأخير الفطر سبب لحصول الشر، يؤخذ هذا من المفهوم، فالمنطوق هو: أن المعجل بخير، فالمفهوم أن غير المعجل بشر، ومنه نأخذ أن من يؤخر الفطور من أهل البدع، فهم في شر، لأن الرسول ه يقول: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، والمراد بالخير هنا الخير الديني الذي يعود على القلب بالانشراح والنور، وليس المراد بالخير الدنيوي). اهـ

قلت: ويؤخذ من هذا كراهة التنطع في الدين؛ لأن تعجيل الفطر ينافي التنطع، والمتنطع هو الذي يقول: لا أفطر إلا أن يؤذن مؤذن الحي الذي أنا فيه، وبعض الجهلة يرى الشمس غابت بعينيه، ولكن ما سمع المؤذن، فيقول لا أفطر حتى يؤذن المؤذن، والله المستعان.([56])

قال القاضي حسين المغربي / في «البدر التمام» (ج2 ص403): (الحديث فيه دلالة على أن الأفضل الموافق للسنة التي بسببها ينال الخير، ويندفع الشر؛ هو تعجيل الإفطار، إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية، أوبإخبار من يجوز العمل بقوله). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص337): (فأفضل الصيام تأخير السحور، وتعجيل الفطر). اهـ

وقال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص180): (إذا أقبل الليل فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار([57])، والله المستعان.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].

قلت: فكل ما فيه خير للعباد، ورحمة، وتيسير لهم فهو في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه، وآثار الصحابة الكرام.

قال القـاضـي عـيـاض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص33): (وقوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ ظاهره أنه عليه السلام أشار أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره، ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور). اهـ

وقال الإمام المازري / في «المعلم» (ج2 ص32): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ ظاهره أنه ه أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور). اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج3 ص198): (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر: لما فيه من المحافظة على السنة، فإذا خالفوها إلى البدعة كان ذلك علامة على إفساد يقعون فيه). اهـ

قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروه تأخير أهل الكفر في الخارج، وأهل البدع في الداخل، اللهم غفرا.

20) وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر([58])، إن اليهود والنصارى يؤخرون». وفي رواية: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا الناس الإفطار، فإن اليهود والنصارى يؤخرون».

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج2 ص763)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2313)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص450)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص431)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص76)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص23)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص257)، البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص237)، وفي «شعب الإيمان» (ج7 ص492)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص285)، والفريابي في «الصيام» (ص48 و49)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص12)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (1089)، والخلال في «المجالس العشرة من أماليه» (53)، والسمسار في «مسند أبي هريرة» (ص48) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ط به.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج5 ص231).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

وأورده البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج2 ص20)، ثم قال: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

قلت: بل إسناده حسن، قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص673): محمد بن عمرو؛ شيخ مشهور، «حسن الحديث» أخرج له الشيخان متابعة.

وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج5 ص101)، وفي «إتحاف المهرة» (ج16 ص121).

والحـديـث حـسـنـه الشـيخ الألـبـاني في «صـحـيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص622).

وأخرجه ابن أبي صقر في «مشيخته» (ص92) من طريق خالد بن يزيد حدثنا حريث بن أبي مطر عن عامر عن مسروق، وأبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول اللهه: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا بالإفطار إن اليهود والنصارى يؤخرون».

وإسناده ضعيف.

قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروا تأخير أهل الكتاب من اليهود والنصارى.([59])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج2 ص381): («وتعجيل فطر»؛ أي: يستحب للصائم تعجيل الفطر، إذا غربت الشمس فإنه يبادر بالفطر؛ لقوله ه: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»([60])، ولأن الله سبحانه تعالى حدد الإفطار ببداية الليل، قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].

والليل يبدأ بغروب الشمس، فيستحب له المبادرة بالإفطار امتثالا لأمر الله سبحانه تعالى؛ ولئلا يزيد في العبادة شيئا ليس منها، وفي هذا رد على الذين يؤخرون الافطار، ويزعمون أن هذا من محبة الخير ومن الورع، فهذا من فعل المبتدعة الذين لا يفطرون إلا حين تشتبك النجوم، وهذا من علامات الضلال، ومخالفة السنة، أحب العباد إلى الله سبحانه و تعالى أعجلهم فطرا). اهـ

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (ما يؤخذ من الحديثين:

1) استحباب تعجيل الفطر، وقد اتفق العلماء على استحباب تعجيل الفطر، إذا تحقق غروب الشمس برؤية، أو بخبر ثقة، أو غلب على ظنه الغروب.

2) أن تعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، وزوال الخير عمن أخره.

3) الخير المشار إليه هو اتباع السنة، ولا شك أنه سبب خيري الدنيا والآخرة ... فالشارع الحكيم يطلب من المسلمين ألا يشابهوا أهل الكتاب في عباداتهم، فتعجيل الفطر شعار يفرق بين صيام أهل الإسلام، وأهل الكتاب، وبين سوء المخالفة، وحسن الاتباع، والاقتداء.

4) هذا الحديث من المعجزات النبوية؛ فإن تأخير الإفطار هو طريقة بعض الفرق الضالة). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «سبل السلام» (ج2 ص304): (والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى). اهـ

قلت: وتأخير الفطر عن غروب الشمس صار شعارا لأهل البدع المخالفين، وسمة لهم([61])، والعياذ بالله.

قـال الـفـقيـه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص179): (ويدخل في معناه: حديث سهل بن سعد ط الذي يتلوه «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ لأن فيه مخالفة أهل الكتاب، وكانوا يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم، ثم صار في ملتنا شعارا لأهل البدع، وهذه هي الخصلة التي لم يرضها رسول الله ه). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـلـكـنوي / في «التعليق الممجد» (ج2 ص204): (قوله: «والعامة»؛ أي: جمهور علماء أهل السنة خلافا؛ للشيعة المبتدعة حيث لم يفطروا حتى تشتبك النجوم). اهـ

وقال العلامة الـسنـدي / في «كـفـاية الحـاجة» (ص673): (قوله ه: «ما عجلوا الإفطار»؛ أي: مدة تعجيلهم، فما ظرفية، والمراد: مالم يؤخروا عن أول وقته بعد تحقق الوقت). اهـ

وقال الفقيه ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص218): (من دخل في وقت الفطر فقد خرج عن وقت الصوم، ففعله فيه لا معنى له). اهـ

قلت: فتعجيل الفطور سنة متبعة فيها التمييز الصريح بين أهل السنة، وبين أهل الكفر في الخارج، وأهل البدعة في الداخل؛ لأن الله تعالى يأمر بمثل هذه السنن لما فيها من مخالفة الديانات الكفرية، والديانات البدعية، فيتفرد الدين الإسلام بهذه السنن العظيمة، وبهذا التميز العظيم في أحكامه، ونظامه للعباد في الحياة الدنيا.

وقال العلامة السندي / في «كفاية الحاجة» (ص673): (قوله ه: «فإن اليهود يؤخرون»؛ تعليل لما ذكر بأن فيه مخالفة لأعداء الله تعالى، فما دام الناس يراعون مخالفة أعداء الله تعالى ينصرهم الله، ويظهر دينهم). اهـ

وقال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص1424): (تعجيل الصائم بالإفطار بعد تحقق الغروب، ولا يؤخر لاشتباك النجوم، كما يفعله أهل الكتاب). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر، وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة، لأنها تخالف الكفرة، والمبتدعة الذين يزعمون أن تأخير الفطر بعد غروب الشمس، أو لاشتباك النجوم([62])، هو الأفضل.

قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج4 ص185): (في هذا التعليل دليل على أن قوام الدين الحنيفي على مخالفة الأعداء من أهل الكتابين، وأن في موافقتهم ثلما للدين، قال الله تعالى: ]يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم[ [المائدة: 51]). اهـ

وقال المفسر البـيـضـاوي / في «تحـفـة الأبـرار» (ج1 ص515): (لما اشتمل تعجيل الفطر على مخالفة أهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرونه إلى اشتباك النجوم). اهـ

وقال العلامة القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج4 ص478): (قوله ه: «لا يزال الناس بخير»؛ أي: موصوفين بخير كثير، أو المراد بالخير ضد الشر والفساد، «ما عجلوا الفطر»؛ أي: ما داموا على هذه السنة، ويسن تقديمه على الصلاة للخبر الصحيح به). اهـ

قلت: فالتعجيل للفطر بغروب الشمس فيه مخالفة لأهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرون الفطر، ثم صار ذلك عادة أهل البدع في الإسلام.

وقال الفقيه الشربيني / في «مغني المحتاج» (ج1 ص635): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس لخبر الصحيحين: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر»، ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى؛ ويكره أن يؤخره). اهـ

وقال الفقيه الدردير / في «الشرح الكبير» (ج1 ص378): (وتعجيل فطر بعد تحقق الغروب قبل الصلاة، وندب كونه على رطبات، فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء). اهـ

وقال الحافظ البيهقي / في «فضائل الأوقات» (ص296): (وإنما استحب تأخير السحور ما دام يعلم بقاء الليل، وإنما استحب تعجيل الفطر إذا علم غروب الشمس، فقد ورد التغليظ على من أفطر قبل غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام ابن المنذر / في «الإقناع» (ج1 ص200): (ويستحب تعجيل الإفطار؛ لقول النبي ه: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، ويستحب تأخير السحور، ويجب أن يفطر على تمر، فإن لم يجد فعلى ماء).اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص350): (فصل: ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، ... ويجوز الأكل والشرب إلى الفجر؛ للآية، والخبر). اهـ

21) وعن أبي عطية الوادعي قال: دخلت أنا ومسروق، على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، رجلان من أصحاب محمد ه، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟  قال: قلنا عبد الله؛ يعني: ابن مسعود قالت: كذلك كان يصنع رسول الله ه). والآخر: أبو موسى ط وفي رواية: «رجلان من أصحاب محمد ه، كلاهما لا يألوا عن الخير».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1099)، وابن أبي مريم في «مما أسند سفيان الثوري من حديثه» (280)، وأبو داود في «سننه» (2354)، والترمذي في «سننه» (702)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2471)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص144)، والفريابي في «الصيام» (ص60 و61)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص48)، وابن راهويه في «المسند» (1480)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص119)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص273) من طريق الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية الوادعي به.

قال الفقيه المحلي / في «كنز الراغبين» (ج2 ص98): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس على التمر، وإلا فماء). اهـ

وقال الإمام القيرواني / في «رسالته» (ص176): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فأفطر؛ لأن تعجيل الفطر بالغروب من الفضائل، وهو من السنة النبوية.([63])

وقال الفقيه النفراوي / في «الفواكة الدواني» (ج1 ص468): (ومن السنة تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب بغروب جميع قرص الشمس لمن ينظره، أو دخول الظلمة، وغلبة الظن بالغروب لمن لم ينظر قرص الشمس). اهـ

قلت: والمراعى في ذلك غيبوبة جرمها، وقرصها المستدير، دون أثرها وشعاعها، ... ولا عبرة بمغيب الحمرة في السماء عمن في الأرض، ولو غابت في خلف الجبال، فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلا على مغيب الشمس، ولا عبرة بطلوع الحمرة في رؤوس الجبال، فالمراعى غييوبة قرص الشمس في الجبال والسهول، لأن الغروب الشرعي هو غروب جميع قرص الشمس.([64])

قال الفقيه الحطاب / في «مواهب الجليل» (ج2 ص24): (ولا خلاف أن أول وقتها غروب الشمس، وأجمعت الأمة على أنه لا يجوز فعلها قبل الغروب بحال).اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص161): (مجرد غيبوبة القرص يدخل به وقت صلاة المغرب، كما يفطر الصائم بذلك، وهذا إجماع من أهل العلم: حكاه ابن المنذر، وغيره). اهـ

قلت: فلا عبرة ببقاء الحمرة الشديدة في السماء بعد سقوط قرص الشمس، وغيبوبته عن الأبصار.([65])

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص163): (وقد أجمع العلماء على أن تعجيل المغرب في أول وقتها أفضل). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص172): (أما دخول وقت المغرب؛ بغروب الشمس: فإجماع من أهل العلم، لا نعلم فيه خلافا). اهـ

وقال الفقيه ابن جزي / في «القوانين الفقهية» (ص68): (المغرب: فأول وقتها: غروب الشمس إجماعا). اهـ

وقال الفقيه الهيتمي / في «المنهج القويم» (ج1 ص312): (وأول وقت المغرب بالغروب؛ لجميع قرص الشمس إجماعا، ويبقى حتى يغيب الشفق الأحمر). اهـ

قلت: والمراد غروب ما ذكر غروبا لم تعد بعده؛ أي: الشمس، فهذا غروب الشمس، وهو وقت دخول صلاة المغرب، وجواز إفطار الصائم.([66])

قال الفقيه الأنصاري / في «تحفة الطلاب» (ص149): (فوقت المغرب من الغروب([67]) إلى مغيب الشفق). اهـ

وقال الفقيه ابن شاس / في «عقد الجواهر» (ج1 ص80): (ووقت المغرب يدخل بغروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن تميم / في «مختصره» (ج2 ص25): (المغرب: وأول وقتها إذا غربت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر)([68]). اهـ

وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص179): (وأول وقت المغرب إذا غابت الشمس). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص69): (صلاة المغرب: وأول وقتها إذا غابت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر). اهـ

وقال الـفقيـه الشربينـي / في «مـغـني المحتاج» (ج1 ص190): (والمغرب: يدخل وقتها بالغروب لخبر جبريل، سميت بذلك لفعلها عقب الغروب؛ وأصل الغروب البعد، يقال غرب بفتح الراء إذا بعد، والمراد تكامل الغروب، ويعرف في العمران بزوال الشعاع من رءوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق). اهـ

وقال الفقيه العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص282): (أول وقتها بمجرد غروب الشمس). اهـ

قلت: وهذا بالإجماع.([69])

قال الفقيه السبكي / في «المنهل العذب» (ج3 ص273): (استحباب المبادرة بصلاة المغرب، وكراهة تأخيرها إلى اشتباك النجوم، وعلى أن تأخيرها سبب لزوال الخير، وتعجيلها سبب لاستجلابه، وقد عكست الروافض([70]) فجعلت تأخير صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم مستحبا، والإجماع، والأحاديث ترده!). اهـ

22) وعن قيس بن أبي حازم قال: «أتي عمر بن الخطاب بإناء فيه شراب عند الفطر، فقال لرجل: اشرب لعلك من المسوفين، تقول سوف سوف([71])».

أثر حسن

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص56)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص23) من طريق عبد الواحد بن غياث، حدثنا أبو عوانة، عن بيان بن بشر الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فلا تكونوا من المسوفين بفطركم، ولا تنتظروا الأذان بفطركم، فإذا غربت الشمس فأفطروا، فإن ذلك من السنة، اللهم غفرا.

23) وعن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: «كنت جالسا عند عمر، إذ جاءه راكب من أهل الشام، فطفق عمر يستخبره عن حالهم، فقال: هل يعجل أهل الشام الإفطار؟ قال: نعم، قال: لن يزالوا بخير ما فعلوا ذلك، ولم ينتظروا النجوم انتظار أهل العراق». وفي رواية: «ولم يتنطعوا تنطع أهل العراق».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص225)، والفريابي في «الصيام» (ص54 و55)، والجوهري في «أماليه» (ج8 ص613 كنز العمال) من طرق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكر هذا الأثر ابن الأثير في «النهاية» (ج5 ص74)؛ ثم قال: «لم يتنطعوا»؛ أي: يتكلفوا القول والعمل ... ويستحب للصائم أن يعجل الفطر بتناول القليل من الفطور).

قلت: وترى ممن ينتسب إلى العلم يفتي أن المعتبر في الفطر غروب الشمس لا الأذان، ثم تراه يفطر على الأذان الحالي الذي هو على «التقويم الفلكي»!، فخالف السنة، وتنطع في الدين ووافق الكفرة، والمبتدعة!، ولابد والله المستعان.

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج4 ص593): (وأما ما يفعله الفلكيون، أو بعضهم من التمكين بعد الغروب بدرجة، فمخالف للسنة، فلذا قل الخير، والله يوفقنا إلى سواء السبيل). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص293): (وقوله ه: «إذا غابت الشمس فقد أفطر الصائم»؛ يوجب أن يكون مفطرا بغروب الشمس أكل أو لم يأكل؛ لأن الصوم لا يكون بالليل). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص293): (ولا خلاف في أنه إذا غابت الشمس فقد انقضى وقت الصوم، وجاز للصائم الأكل والشرب والجماع، وسائر ما حظره عليه الصوم). اهـ

قلت: فالوقت الذي هو نهاية الصوم؛ هو دخول الليل، وذلك بغروب الشمس.

وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص93): (إذا تبين الليل سن الفطر شرعا، أكل، أو لم يأكل؛ فإن ترك([72]) الأكل لعذر، أو لشغل جاز). اهـ

قلت: وتأخير الإفطار عن غروب الشمس؛ إنما يفعل ذلك الكفرة: من اليهود والنصارى في الخارج، والمبتدعة: من الرافضة والإباضية في الداخل.([73])

قال الفقيه الكلوذاني / في «الهداية» (ص101): (ويستحب له تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص597): (بغروب الشمس قد انتهى صومه؛ وتم). اهـ

قلت: فمذهب أهل السنة من أهل العلم استحباب تعجيل الإفطار بغروب الشمس([74])، والله المستعان.

قال الفقيه الصاوي / في «بلغة السالك» (ج1 ص182): (غروب الشمس؛ أي: من غروب؛ أي مغيب جميع قرصها، وهذا هو الغروب الشرعي الذي يترتب عليه جواز الدخول في الصلاة، وجواز الفطر للصائم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الكافي» (ص130): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والنهار الواجب صومه هو من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس، فإذا استيقن الصائم مغيبها حل له الفطر). اهـ

وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص602): (ويستحب أن يعجل الفطر([75])، إذا تحقق غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الشافعي /: (وأحب تعجيل الفطر، وتأخير السحور اتباعا لرسول الله ه).([76]) اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج3 ص443): (تعجيل الفطر إذا تيقن غروب الشمس مسنون). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج2 ص368): (من سنن الصوم، تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس، وأن يفطر على تمر، فإن لم يجد، فعلى الماء). اهـ

24) وعن أبي رجاء قال: «كان ابن عباس يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا غابت أفطر، وكان يفطر قبل الصلاة([77])».

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص227) من طريقين عن عوف بن أبي جميلة حدثنا أبو رجاء به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104).

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق إسحاق بن يوسف، حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء قال: «كنت أشهد ابن عباس عند الإفطار في رمضان فيضع طعامه، ثم يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا قال: قد وجبت قال: كلوا. قال: وكنا نفطر قبل الصلاة عند ابن عباس في رمضان».

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص21) من طريق زياد بن الربيع عن أبي جمرة الضبعي: «أنه كان يفطر مع ابن عباس في رمضان، فكان إذا أمسى، بعث ربيبا له يصعد ظهر الدار، فلما غربت الشمس أذن فيأكل، ونأكل فإذا فرغ أقيمت الصلاة فيقوم يصلي، ونصلي معه».

وإسناده صحيح.

قال ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص41): (وقد روي عن ابن عباس، وطائفة أنهم كانوا يفطرون قبل الصلاة). اهـ

قلت: فلا تفطروا حين يبدو الظلام، فإن ذلك فعل اليهود والنصارى في الخارج، وفعل الرافضة والحزبية في الداخل([78])، اللهم سلم سلم.

25) وعن علقمة، قال: «أتي عبد الله بجفنة، فقال للقوم: «ادنوا فكلوا» فاعتزل رجل منهم، فقال له عبد الله: ما لك؟ قال: إني صائم، فقال عبد الله: «هذا، والذي لا إله غيره، حين حل الطعام لآكل».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

26) وعن مجاهد، قال: «إني كنت لآتي ابن عمر بفطره، فأغطيه استحياء من الناس أن يروه([79]»).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: «كنت آتي ابن عمر بشرابه، وإني لأخفيه من الناس من تعجيله إفطاره».

وإسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق ابن عيينة، عن منصور، أو ليث، عن مجاهد قال: «إن كنت لآتي ابن عمر بالقدح عند فطره فأستره من الناس، وما به إلا الحياء يقول: من سرعة ما يفطر».

وإسناده صحيح.

قلت: فمن السنة التبكير في الإفطار([80])، والله المستعان.

27) وعن عمرو بن ميمون /، وهو من أكبر التابعين قال: «كان أصحاب محمد ه أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص398)، والفريابي في «الصيام» (ص59)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329) من طريق سفيان الثوري، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص199)، والنووي في«المجموع» (ج6 ص326)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص118)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: «كان أصحاب رسول الله ه، أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا».

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

قلت: فإذا ابتدع الناس بدعة تأخير الفطر عن غروب الشمس، فقل لهم هل أنتم أهدى، وأفضل من أصحاب رسول الله ه، إذا إنكم لمتمسكون بطرف ضلالة، لأنكم خالفتم أصحاب رسول الله ه، فإنهم كانوا يعجلون الإفطار، وأنتم تؤخرون الإفطار؛ فوافقتم اليهود، والنصارى، والرافضة فوقعتم في الشر: ]فسوف يلقون غيا[ [مريم: 59]، اللهم غفرا.

قال تعالى: ]فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم[ [البقرة: 59].

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ه، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم([81]) هلكوا». وفي رواية: «لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ه، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا».

أثر صحيح

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص120) من طريق سفيان الثوري.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9ص120) من طريق معمر.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9ص120) من طريق شعبة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9ص120) من طريق زيد بن حبان.

كلهم عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه عبد الله بن المبارك في «الزهد» (815)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص616 و617)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص77)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص249)، وابن الأعرابي في «المعجم» (926)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج7ص311)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص49)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص155)، وفي «نصيحة أهل الحديث» (6)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص164)، واللالكائي في «الاعتقاد» (101) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فهذه قاعدة نافعة للمسلمين في أخذ العلم من أصحاب رسول الله ه، وأخذه من علماء السنة، فإن فعلوا ذلك كانوا صالحين متماسكين في دينهم، وأن يجتنبوا أخذ العلم من أهل الأهواء والبدع من أصحاب الشهادات، وأصحاب التعالم، وأصحاب القصص، وأصحاب الخطابة: ]ويضل الله الظالمين[ [إبراهيم: 27].

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «أنتم أهدى أم أصحاب محمد ه إنكم متمسكون بطرف ضلالة».([82])

وعن عبد الله بن مسعود ط قال: «إذا وقع الناس في الشر فقل لا أسوة لي بالشر».([83])

قلت: وليس الخطأ أن تقعوا في الشر، ولكن الخطأ أن تستمروا على الشر، والله المستعان.

قال تعالى: ]يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار[ [النور: 37].

وعن علقمة قال: «كنا عند عبد الله بن مسعود ط؛ فأتي بشراب، فقال: اسق فلانا، قال: إني صائم، حتى عرضه على القوم كلهم، فكلهم، يقول: إني صائم. قال: هات ولكني لست بصائم. قال: ثم نظر في وجوههم، فقال: ]يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار[ [النور: 37]».([84])

وعن عبد الله بن مسعود ط، قال: «إن الإثم حواز القلوب، فما حز في قلب أحدكم شيء فليدعه».([85])

والمراد: لا ترتكب ما لم يثبت في الدين من المخالفات التي تحك في صدرك، ولم يطمئن عليها قلبك؛ لما فيها من الشعور بالذنب، والإثم، والعياذ بالله.([86])

قلت: فتعلموا من هذه الآثار، ومن تعلم منكم فليعمل بما علم، والله المستعان.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «السعيد من وعظ بغيره».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3645)، وابن وهب في «القدر» (ص61 و63)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1047)، والفريابي في «القدر» (140)، والآجري في «الشريعة» (361)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص214 إتحاف المهرة)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3044)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1402)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2644)، وابن حبان في «صحيحه» (6177)، وأبو داود في «الزهد» (170) من طرق عن ابن مسعود ط به.

قلت: فعلى الناس أن يتحروا رؤية غروب الشمس، فإذا غربت أفطروا مباشرة، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على «التقويم الفلكي»، لأنه متأخر عن غروب الشمس، لأن للفطر وقتا كوقت الصلاة تماما، وإلا وقعوا في البدعة التي وقع فيها اليهود والنصارى، والرافضة والحزبية، وهي تأخير الإفطار عن غروب الشمس، اللهم سلم سلم.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة».([87])

قلت: وهؤلاء يصلون ولكن لم ينتفعوا بصلاتهم من الناحية التأثر بها، وطلب الزيادة بمعرفة السنة جملة وتفصيلا، والله المستعان؟!.

فعن عبد الله بن مسعود ط قال: «من لم تأمره صلاته بالمعروف، وتنهه عن المنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا».([88])

وعن عبد الله بن مسعود ط قال: «لا تنفع الصلاة إلا من أطاعها». وفي رواية: «إن فلانا كثير الصلاة؛ قال: فإنها لا تنفع إلا من أطاعها»، ثم قرأ: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ [العنكبوت: 45].([89])

والمراد: أن العبد إذا صلى عليه أن يتق الله تعالى في صلاته، فيحسنها بالعلم، ولا يسيء إليها بالجهل، فإن فعل ذلك انتفع بصلاته، لأنه موافق لصفة صلاة النبي ه([90])، فهذا قد أطاع صلاته، وحافظ على صفتها المأمور بها، وطاعة الصلاة بعد ذلك سوف تنهاه عن المحرمات، والبدع، والمنكرات من تأخير الإفطار، وغير ذلك.

وعن قتادة والحسن، قالا: في قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45] من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فإنه لا يزداد من الله بذلك إلا بعدا».([91]) وفي رواية: «ولا يزداد الله عليه بها إلا غصبا».

قال تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر[ [العنكبوت: 45].

قلت: إنما الصلاة التي تنهى المصلي عن الفحشاء والمنكر، هي التي توافق صفة صلاة النبي ه، فإذا لم تنهك صلاتك عن فحشاء، ولا منكر، فإنك لست تصلي صفة صلاة النبي ه.

ومن صلى صلاة لم تأمره بالمعروف، وتنهه عن المنكر، لم تزده صلاته من الله تعالى إلا بعدا، لاغتراره بنفسه، وصلاته على ما فيها من نقص وخلل، والله المستعان.

فعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45]؛ قال: «في الصلاة منتهى، ومزدجر عن معاصي الله تعالى».([92])

قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي / في «تفسيره» (ص632): (قوله تعالى: ]إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[ [العنكبوت: 45] والفحشاء: كل ما استعظم، واستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس، والمنكر: كل معصية تنكرها العقول، والفطر.

ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها، وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل، أو تنعدم رغبته في الشر.

فبالضرورة، مداومتها، والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها.

وثم في الصلاة مقصود أعظم من هذا، وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب، واللسان، والبدن). اهـ

قلت: إذا من أخر الإفطار إلى ما بعد غروب الشمس، فقد خالف النبي ه، والصحابة الكرام في تعجيل الإفطار مع غروب الشمس، فهذا لا يفلح أبدا.

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا.([93])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد عجلوا الفطر وخالفوا اليهود والنصارى، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم فله وعيد شديد، والعياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([94])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([95])

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن منهج الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([96])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول ه، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول ه. قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول ه، فالمخالف لهم مخالف للرسول ه؛ كما أن المخالف للرسول ه مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ه: وهذا هو الصواب([97]». اهـ

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله ه، وسنن أصحابه ن، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

وقال الحافظ البيهقي في «فضائل الأوقات» (ص294): ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور.

28) وعن إبراهيم النخعي / قال: «إن من السنة تعجيل الإفطار».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص23) من طريق وكيع، عن أبي العنبس عمرو بن مروان، قال: سمعت إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الفقيه السمرقندي في «تحفة الفقهاء» (ص52): (وأما أول وقت المغرب فحين تغرب الشمس بلا خلاف). اهـ

قلت: فدل هذا على إجماع العلماء على أن إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، ودخل فطر الصائم([98])، والله المستعان.

قال العلامة الشوكاني / في «الدر البهية» (ج1 ص454): (ويندب تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج3 ص157): (التعجيل احفظ للقوة، وارفع للمشقة وأوفق للسنة، وأبعد عن الغلو والبدعة). اهـ

قلت: ويظهر الفرق هنا بين أهل السنة، وبين أهل البدعة.

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص37): (بقايا شعاع الشمس، وما بعد مغيبها لا يلتفت إليه، ولا يستحقه أمد الصوم، وأن مغيب قرصها أوجب الفطر ودخل الليل، أو أن التعجيل بالإفطار أولى وأحق). اهـ

قلت: فتعجيل الفطر من خصائص هذه الأمة، ولا تزال بخير ما دامت تحافظ على هذه السنة.([99])

قال الفقيه العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص285): (أن التأخير لما كان سببا لزوال الخير كان التعجيل سببا لاستجلابه). اهـ

29) وعن عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله أنه: «يؤمر أن يفطر الإنسان قبل أن يصلي، ولو على حسوة».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص227) من طريق ابن جريج قال: سمعت عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104).

قلت: وهذه الآثار موافقة لما ثبت في السنة النبوية من الأمر بتعجيل الإفطار بغروب الشمس، ولا ينتظر الأذان، والله ولي التوفيق.

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص240): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، وإنما هو مغيب الشمس عن أفق الصائم، ولا مزيد).اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص241): (وتعجيل الفطر قبل الصلاة، والأذان أفضل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص40): (وفي هذا فضل تعجيل الفطر، وكراهة تأخيره). اهـ

قلت: فمن سنن الصوم تعجيل الفطر عند غروب الشمس، وقبل الصلاة.([100])

قلت: وهذا يدل على أن إجماع الصحابة ن على تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، ولم يتأخروا عن ذلك.([101])

قال الفقيه الدمياطي / في «إعانة الطالبين» (ج2 ص384): (ولما صح أن الصحابة ن كانوا أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا، وإنما كان الناس بخير ما عجلوه، لأنهم لو أخروه لكانوا مخالفين السنة، والخير ليس إلا في اتباعها:

      وكل خير في اتباع من سلف، * * وكل شر في ابتداع من خلف). اهـ

30) وعن ابن عوسجة قال: «كان علي يأمرنا أن نفطر قبل الصلاة، ويقول: إنه أحسن لصلاتكم».([102])

تنبيه: ضعف أثر عمر، وعثمان في تأخير الفطر بعد الصلاة!.

عن حميد بن عبد الرحمن: «أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان؛ كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا، ثم يفطران بعد الصلاة، وذلك في رمضان».

أثر ضعيف

أخرجه مالك في «الموطأ» (696)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص97)، وفي «المسند» (ج1 ص478)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص300)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص255)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص225)، والقعنبي في «الموطأ» (ص322)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص238)، وفي «معرفة السنن» (ج6 ص286)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (ص128)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج20 ص24)، والحدثاني في «الموطأ» (ص413) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا سنده ضعيف؛ لانقطاعه.([103])

وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج8 ص612).

31) وعن حاجب بن عمر قال: كنت أسمع الحكم بن الأعرج يسأل: درهما أبا هند؟([104]) فيقول درهم: «كنت أقبل من السوق فيتلقاني الناس منصرفين، قد صلى بهم معقل بن يسار ط؛ فأتمارى غربت الشمس، أو لم تغرب».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص329) من طريق معاذ بن معاذ، عن حاجب بن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وهذا الصحابي معقل بن يسار المزني ط([105]) يصلي بالناس، ولم تغرب الشمس بالكلية، مما يدل على أن وجود قرص الشمس، أو بعضه يسمى غروبا عند السلف.

32) وقال تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا [ [الكهف: 17].

قلت: وهذه الآية الكريمة تدل على أن الشمس لم تغب بالكلية عن أهل الكهف لطلوعها جهة المغرب ووجودها، وقد سمى الله تعالى ذلك غروبا؛ بقوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال[؛ فسمى الله ذلك غروبا، وهي ترى بالعين، لقوله تعالى: ]وترى الشمس[؛ أي: وتراها إذا غربت؛ أي: وهي طالعة تقرضهم؛ أي: تميل عنهم، ولا تميل عنهم أي: تتحرك- إلا إذا كانت طالعة وتزول، وتميل.([106])

أما إذا اختفت بالكلية؛ فكيف تقرضهم، وتميل، وتتحرك عن الكهف، إذا إذا غابت بالكلية فلا حاجة أن تميل عنه.

33) فعن ابن عباس قال: (في قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال [ [الكهف: 17]؛ قال: تميل عنهم، وفي قوله: ]تقرضهم[ قال: تذرهم).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص235)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص185)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص507-الدر المنثور) من طريق معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص507)، وفي «الاتقان» (ج2 ص25)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج5 ص143).

34) وعن مجاهد / قال: (في قوله: ]تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ قال: تتركهم ذات الشمال).

أثر صحيح

أخرجه آدم بن إياس في «تفسير القرآن» (ص446)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص507-الدر المنثور)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2352)، والفريابي في «تفسير القرآن» (ج8 ص406-الفتح)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص507-الدر المنثور)، والبخاري في «صحيحه» تعليقا (ج8 ص406)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص243) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212) من طريق حجاج عن ابن جريج عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص507)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج5 ص143)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص406).

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج5 ص143): (هذا دليل على أن باب هذا الكهف من نحو الشمال؛ لأنه تعالى أخبر أن الشمس إذا دخلته عند طلوعها تزاور عنه ]ذات اليمين [أي: يتقلص الفيء يمنة ... وقوله تعالى: ]تزاور[؛ أي: تميل ... ولو كان من ناحية القبلة لما دخل منها شيء عند الطلوع ولا عند الغروب). اهـ

35) وعن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]تزاور عن كهفهم ذات اليمين[ [الكهف: 17]، قال: تميل عن كهفهم ذات اليمين).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص400)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211) من طريق معمر، وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

36) وعن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]تقرضهم ذات الشمال[ [الكهف: 17]، قال: تدعهم ذات الشمال).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص400)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211) من طريق معمر، وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

37) وعن سعيد بن جبير / قال: (في قوله تعالى: ]تزاور عن كهفهم[ [الكهف: 17] تميل).

أثر حسن

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص211 و212) من طريق محمد بن مسلم عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

38) وعن سعيد بن جبير / قال: (في قوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ قال: تتركهم ذات الشمال).

أثر حسن

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج15 ص212) من طريق محمد بن مسلم عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فإذا طلعت الشمس مالت عن كهفهم ذات اليمين؛ يعني: يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال؛ يعني: شمال الكهف لا تصيبه ... فتميل عنهم الشمس طالعة، وغاربة، لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها، وتغير ألوانهم، وهم كانوا في متسع من الكهف، ينالهم فيه برد الريح، ونسيم الهواء.

قال تعالى: ]وهم في فجوة منه [ [الكهف: 17]؛ أي: من الكهف، والفجوة: متسع في مكان.([107])

قال المفسر الثعلبي / في «الكشف والبيان» (ج6 ص159): (قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا [ [الكهف: 17]؛ أي: تتزاور ... تميل عنهم الشمس طالعة وغاربة وجارية). اهـ

قال المفسر الواحدي / في «الوسيط» (ج3 ص139): (قوله تعالى: ]وإذا غربت تقرضهم [ [الكهف: 17]؛ أي: تعدل عنهم وتتركهم ... وتميل عنهم الشمس طالعة وغاربة). اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج3 ص159): (]وترى الشمس إذا طلعت تزاور [ [الكهف: 17]؛ أي: تميل وتعدل ... ]وإذا غربت تقرضهم[؛ أي: تتركهم وتعدل عنهم ... فلا تقع الشمس عليهم عند الطلوع، ولا عند الغروب، ولا عند الاستواء). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج5 ص17): (]وترى الشمس[؛ أي: حفظهم الله تعالى من الشمس، فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس، تميل يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا([108])، فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها).اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «جامع لأحكام القرآن» (ج10 ص368): (قوله تعالى: ]وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين[؛ أي: أي ترى أيها المخاطب الشمس عند طلوعها تميل عن كهفهم. والمعنى: إنك لو رأيتهم لرأيتهم كذا، لا أن المخاطب رآهم على التحقيق. «تتزاور» تتنحى وتميل، من الازورار. والزور الميل ... وقوله تعالى:  ]وإذا غربت تقرضهم[، قرأ الجمهور بالتاء على معنى تتركهم، قاله مجاهد، وقال قتادة: تدعهم. النحاس: وهذا معروف في اللغة، حكى البصريون أنه يقال: قرضه يقرضه إذا تركه، والمعنى: أنهم كانوا لا تصيبهم شمس ألبتة كرامة لهم، وهو قول ابن عباس. يعني: أن الشمس إذا طلعت مالت عن كهفهم ذات اليمين، أي يمين الكهف، وإذا غربت تمر بهم ذات الشمال، أي: شمال الكهف، فلا تصيبهم في ابتداء النهار، ولا في آخر النهار... فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة وجارية لا تبلغهم لتؤذيهم بحرها، وتغير ألوانهم وتبلي ثيابهم).اهـ

وقال المفسر ابن جرير / في «جامع البيان» (ج3 ص262)؛ عن غروب الشمس: (كما أن آخر النهار ابتداء غروبها دون أن يتتام غروبها). اهـ

والشاهد: قوله: (دون أن يتتام غروبها)، وهذا يدل أنها لم تغرب بالكلية، فقد بقي منها شيء لم يتم سقوط قرص الشمس كله، وهذا قول في لغة العرب.

39) وقال تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

قلت: ويتعين دخول  الليل من غروب الشمس، ويتحقق للصائم الإفطار([109])، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

وأول الليل مغيب الشمس؛ أي: وصول الشمس مكان الغروب.([110])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج10 ص42): (أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]).اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([111])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([112])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([113])، فافهم لهذا.

قلت: ودخول الليل، وذلك بغروب الشمس، وليس بشرط أن تغيب في الأفق عن أعين الناظرين، كما يظن البعض، بل لو تقارب غروب الشمس يكفي للإفطار والصلاة، فافهم لهذا.([114])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي في «السنة» (ص121): (وقال الله تبارك وتعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]؛ ففسر([115]) النبي r بسنته كيفيجيء الليل لتمام الصيام). اهـ

قلت: وقد أجمع الصحابة الكرام على العمل بحكم فطر الصائم، والشمس طالعة في الأفق في جهة المغرب، وأجمعوا على دخول وقت صلاة المغرب بذلك؛ كما هو ظاهر في الآثار، وقد أجمع التابعون على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم من آثار من أقوالهم، وأفعالهم، والله المستعان.

قال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة y فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ

وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف؛ فهو إجماع، وحجة على من بعدهم). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل وبالله التوفيق). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص560): (وأما تخصيص اتباعهم يعني: الصحابة- بأصول الدين دون فروعه فلا يصح؛ لأن الاتباع عام). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص474): (وتقليدهم يعني: الصحابة - اتباع لهم، ففاعله ممن y). اهـ

قلت: وهذه الأثار صحيحة في غروب الشمس، وهي طالعة رواها جماعة من الصحابة y، وأصحاب الحديث فيما ورد في الآثار، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها بمثل تأويل المتعالمين، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص82): (وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه؛ لسان النبي r). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص87): (فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها، على ما تعرف من معانيها). اهـ

40) وعن أبي العالية /؛ أنه قال في الوصال في الصيام، قال: (قال الله تبارك وتعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187] وإذا جاء الليل فهو مفطر، ثم إن شاء صام وإن شاء ترك).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص134)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص264).

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص134).

قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص337): (وأما التي تتعلق بزمان الإمساك؛ فإنهم اتفقوا على أن آخره غيبوبة الشمس، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]). اهـ

وقـال الـعـلامـة الـشيخ عـبد الرحمـن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص87): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ أي: الإمساك عن المفطرات إلى الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه الرازي / في «التفسير الكبير» (ج5 ص95): (كلمة «إلى» لانتهاء الغاية، فظاهر الآية أن الصوم ينتهي عند دخول الليل، وذلك لأن غاية الشيء مقطعه ومنتهاه، وإنما يكون مقطعا ومنتهى إذا لم يبق بعد ذلك). اهـ

وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج3 ص118): (]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187] أي: صوم كل يوم إلى الليل؛ أي: إلى ظهور الظلمة من قبل المشرق، وذلك بغروب الشمس، وكلمة «إلى» تفيد أن الإفطار عند غروب الشمس). اهـ

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج2 ص92): (وروي عن عثمان بن عفان، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش، وغيرهم أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال).اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453): (فدل ما ذكرنا على أن الدخول في الصيام من طلوع الفجر، وعلى أن الخروج منه بدخول الليل، وكان قوله عز وجل: ]إلى الليل[؛ غاية لم يدخلها في الصيام بما بين لنا على لسان رسول الله). اهـ

وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج1 ص215): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فالصائم يحرم عليه الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق، ويمتد إلى غروب الشمس، فإذا غربت حصل الفطر). اهـ

وقال المفسر ابن جزي / في «تفسير القرآن» (ص47): (قوله تعالى: ]إلى الليل[؛ أي: إلى أول الليل، وهو غروب الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص92): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فشرط ربنا تعالى إتمام الصوم حتى يتبين الليل، كما جوز الأكل حتى يتبين النهار، ولكن إذا تبين الليل فالسنة تعجيل الفطر).اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص214): (فإذا تحقق طلوع الفجر الثاني، وهو الصادق حرم على الصائم الطعام، والشراب، والجماع إلى غروب الشمس، وهو قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ يعني: منتهى الصوم إلى الليل، فإذا دخل الليل حصل الفطر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص165): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فيه التصريح بأن للصوم غاية هي الليل، فعند إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب، يفطر الصائم ويحل له الأكل والشرب، وغيرهما). اهـ

41) وعن عبد الله بن أبي أوفى t، قال: كنا مع رسول الله r في سفر وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لبعض القوم: يا فلان، قم فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، فلو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: إن عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، فنزل فجدح لهم، فشرب النبي r ثم قال: (إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم). وفي رواية: (إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا([116]) فقد أفطر الصائم)، وفي رواية: (وأمر بلالا)، وفي رواية: (قال: يا رسول الله الشمس، قال: انزل فاجدح لي)، وفي رواية: (لو انتظرت حتى تمسي، قال انزل فاجدح لنا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1955 و1958 و2941)، ومسلم في «صحيحه» (1101)، وأحمد في «المسند» (19395)، و(19399)، أبو داود في «سننه» (2352)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3297)، وابن حبان في «صحيحه» (3511)، و(3512)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص312)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص590) من طرق عن سليمان الشيباني قال: سمعت عبدالله بن أبي أوفى t فذكره.

قلت: فالنبي r لم ينظر إلى وجود قرص الشمس نظرا تاما، لذلك أعرض r عن قول بلال حين قال: «يا رسول الله الشمس»، واعتبر r غيبوبة الشمس، مع أنها لم تغب كلها في الأرض([117])، والله المستعان.

قال الفقيه ابن العربي / في «القبس» (ج2 ص479)؛ معلقا على الحديث: (فأنكر الرجل سرعة الفطر، فأعلمه النبي r أن ذلك هو الحق!). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (قوله فاجدح بالجيم ثم الحاء المهملة والجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له المجدح مجنح الرأس وزعم الداودي أن معنى قوله اجدح لي أي احلب وغلطوه في ذلك قوله إن عليك نهارا يحتمل أن يكون المذكور كان يرى كثرة الضوء من شدة الصحو فيظن أن الشمس لم تغرب ويقول لعلها غطاها شيء من جبل ونحوه أو كان هناك غيم فلم يتحقق غروب الشمس وأما قول الراوي وغربت الشمس فإخبار منه بما في نفس الأمر وإلا فلو تحقق الصحابي أن الشمس غربت ما توقف لأنه حينئذ يكون معاندا وإنما توقف احتياطا واستكشافا عن حكم المسألة). اهـ

قلت: وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي r للإفطار.

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب في جواب طلبه لما يشير به فهو ظاهر في أنه كان r صائما). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن حصول الغروب لا يلزم منه أن يتحقق غروب قرص الشمس بالكلية، أي: أن قرص الشمس لم يغب بالكلية، بل يرى عيانا، وهذا يسمى غروبا عند العرب، لأن لا عبرة بنهاية الشمس في جهة المغرب بعشر دقائق عن الأرض، فافطن لهذا.

قال الإمام ابن الملقن / في «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» (ج5 ص12): (الإشارة في الأول إلى جهة المشرق، وفي الآخر إلى جهة المغرب، وهما متلازمان في الوجود: إذ لا يقبل الليل إلا إذا أدبر النهار). اهـ

قلت: فإذا أقبل الليل؛ أي: ظلامه من جهة المشرق، وأدبر النهار؛ أي: ضياؤه من جانب المغرب، فقد أفطر الصائم.

فهذا إقبال الظلام، وإدبار النهار، وهو حل وقت فطر الصائم.([118])

قال الـعلامـة أبـو عبد الرحـمـن الـعـظـيم آبـادي / في «عون المعبود» (ج6 ص478): (قوله r: (إذا جاء الليل من هاهنا): أي: من جهة المشرق، وقوله r: (وذهب النهار من هاهنا)؛ أي: من جهة المغرب). اهـ

قلت: ووجه الدلالة أن النبي لما تحقق عنده غروب الشمس، أي: نهايتها، _ وإن كان قرص الشمس يرى _ لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده من الصحابة الكرام على ذلك؛ بقوله: (يا رسول الله الشمس، فقال r له: انزل فاجدح لي، فنزل فجدح له([119]) فشرب!)، فلو كان يجب الإمساك حين غياب قرص الشمس بالكلية لفعل ذلك، فعتبر r أن ذلك غروبا، بقوله r: (وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)؛ أي: دخل في وقت الفطر.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وفي الحديث استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقا، بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر). اهـ

42) وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال: (كنا مع النبي r في سفر، فقال لرجل من القوم: انزل فاجدح لي بشيء وهو صائم، فقال: الشمس يا رسول الله! قال: انزل فاجدح لي، قال: فنزل فجدح له فشرب، وقال: ولو ترآها([120]) أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس، ثم أشار النبي r بيده إلى المشرق، قال: إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن عبدالله بن أبي أوفى t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الشيخ الألباني / في «مختصر صحيح البخاري» (ج1 ص571): (زاد عبد الرزاق (4/226/7594): (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني: الشمس)، وسنده صحيح على شرط الشيخين).

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص412) وأقره؛ برواية ابن عيينة عن الشيباني عن ابن أبي أوفى t وفيه: (قال: فلو نزا أحد على بعيره لرآها؛ (يعني: الشمس)، ثم أشار النبي r بيده قبل المشرق).

قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي r أفطر مع وجود قرص الشمس لم يغيب كله، وشدة ضيائها، لقوله: (يا رسول الله الشمس)، وقوله: (إن عليك نهارا)، وقوله: (ولو تراآها احد على بعيره لرآها؛ يعني الشمس!)، مع أنه قال: (لما غابت الشمس)، فهذا يسمى عند العرب غروبا، وهو نهاية الشمس([121])، فافطن لهذا ترشد.

قلت: فمن فقه العبد تعجيل فطره، وتأخير سحوره، والله المستعان.

قلت: والعبرة بغروب الشمس، أو قرب الغروب، ولا حاجة إلى أن يزول النور القوي، أو الحمرة، بل بمجرد ما يغيب قرص الشمس، أو قارب يفطر الصائم، كما فعل الصحابة الكرام.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان r يفطر قبل أن يصلي). اهـ

قلت: وهذا الحديث يدل على أن الرسول r أفطر على أمر غير معتاد لبلال بن رباح t، وهو إفطاره r مع وجود قرص الشمس، وأن المعتاد عند بلال t هو إفطار النبي r مع مغيب قرص الشمس بالكلية([122])، فأراد النبي r أن يعلم الصحابة الكرام y أن تعجيل الفطر بهذا المستوى من الشمس من الدين، وهذا من باب التيسير على الأمة، وهو موافق لأصول من أصول الشريعة الغراء: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقد عمل بذلك الصحابة الكرام، وهم أعلم الناس بأحكام الشريعة المطهرة.([123])

قلت: وهنا يريد الصحابي أن يفسر الحديث المجمل في ألفاظه؛ بقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس)([124])، ويبين حكم غروب الشمس بهذا المستوى، وأن تفسير الصحابي الحاضر في موقع الحادثة مع النبي r أولى من غيره ممن لم يكن حاضرا مع النبي r، وهذا فيه رد على من فسر طلوع الشمس بالحمرة في الأفق: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قلت: وهذا يدل أيضا على أن الأرض كانت غير مستوية؛ ليرى الناظر الشمس بوقوفه على قدمه، بل لابد أن يحتاج الناظر إلى أرض مرتفعة ليراها([125])؛ لقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس)، فافطن لهذا.

قلت: وأضف إليه قول بلال بن رباح t: (الشمس يا رسول الله!)، وقوله: (إن عليك نهارا)([126])، وأنه إذا وجد النهار لابد أن توجد الشمس طالعة في الأفق، والصحابة الكرام y هم عرب، ويتكلمون باللغة العربية، ويعرفون حقيقة النهار ووجوده، ويكون ذلك مع طلوع الشمس لا مع غيبوبتها بالكلية، فافطن لهذا.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (قوله: (إن عليك نهارا) يحتمل أن يكون المذكور كان يرى كثرة الضوء من شدة الصحو فيظن أن الشمس لم تغرب ويقول لعلها غطاها شيء من جبل ونحوه). اهـ

قلت: والصحيح أن الشمس غطاها شيء من سهل، أو تل، أو مرتفع، ونحو ذلك، وهذا يدل أنها لم تغب بالكلية، فهي خلف هذا المرتفع لقوله: (ولو ترآها أحد على بعيره لرآها)، لأن لو تحقق لبلال بن رباح t أن الشمس قد غربت بالكلية ما توقف عن الجدح، وإنما توقف عن الجدح لطلوع قرص الشمس فوق الأرض، وهذا ظاهر لمن تدبر الحديث.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وأما قول الراوي: (وغربت الشمس)؛ فإخبار منه بما في نفس الأمر، وإلا فلو تحقق الصحابي أن الشمس غربت([127]) ما توقف؛ لأنه حينئذ يكون معاندا([128])، وإنما توقف احتياطا واستكشافا عن حكم المسألة([129]». اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ

وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ

وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([130])

قلت: وبيان السنة والأثر للقرآن حجة على أقوال العلماء، والمذاهب، والآراء، فلا يحل تقديم تفسير عالم، أو إمام، أو مذهب، أو تقرير عقل على تفسير السنة والأثر وعلى بيانهما، ولا يحل نصب الخلاف بين السنة والأثر، وبين قول مذهب، أو محاولة توفيق في شيء من ذلك، اللهم غفرا.

قال الإمام ابن القيم /: (وهكذا تجد كل مجادل في نصوص الوحي بالباطل، إنما يحمله على ذلك؛ كبر في صدره ماهو ببالغه).([131]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234):  (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى  الله عليه وسلم لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186):  (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236):  (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص231):  (النزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مختصر الفتاوى المصرية» (ص556): (فمن ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة، ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص281): (ليس لأحد أن يدفع المعلوم من سنة رسول الله r بقول أحد من الخلق). اهـ

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج1 ص290): (العلماء ورثة الأنبياء» والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا r سنته، فمن تعرى عن معرفتها لم يكن من ورثة الأنبياء). اهـ

43) وعن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، قال حدثني وفدنا [وهم: من الصحابة] الذين قدموا على النبي r، (كان بلال t يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله r، فيأتينا بالسحور ... ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها، فيقول بلال t: ما جئتكم حتى أكل رسول الله r؛ يضع في الجفنة فيلقم منها). وفي رواية: (وإنا لنقول: إنا لنتمارى في وقوع الشمس لما نرى من الاسفار).

حديث حسن

أخرجه الروياني في «المسند» (742)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص115)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3279)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج4 ص85) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي به مطولا.

وذكره ابن حجر في «الإصابة» (ج5 ص210)؛ في ترجمة عطية بن سفيان ثم قال: (وأصحها رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان([132])،حدثني: وفدنا الذين قدموا على النبي r بإسلام ثقيف، وقدموا عليه في رمضان... فذكر الحديث). اهـ

وذكره الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج2 ص495) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن عيسى عن عطية بن سفيان به. ومن طريق أحمد بن خالد الذهبي: عن ابن إسحاق، عن عيسى، عن عطية: حدثنا وفدنا؛ [أي: من الصحابة الذين كانوا مع النبي rثم قال ابن حجر: (ورواية أحمد بن خالد أشبه بالصواب، فإن عطية بن سفيان تابعي معروف). اهـ

وذكره الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج5 ص32) من طريق ابن إسحاق: حدثني عيسى بن عبد الله، عن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم [وهم: من الصحابة] قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من شهر رمضان بفطورنا وسحورنا فيأتينا بالسحور ... ويأتينا بفطرنا، وإنا لنقول ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد، فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r، ثم يضع يده في الجفنة فيلقم منها). اهـ

قلت: وهذا سنده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وجهالة الوفد لا تضر، لأن جهالة الصحابة y لا تضر في الحديث، لأنهم كلهم عدول، كما هو مقرر في أصول الحديث.([133])

والحديث أشار إليه أبو القاسم ابن منده في «المستخرج» (ج2 ص280).

وقال الحافظ البخاري / في «التاريخ الكبير» (ج7 ص10): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي؛ عن الوفد الذين جاؤوا النبي r). اهـ

وقد أثبت صحة الحديث الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج4 ص454)، و(ج5 ص210).

وقال الحافظ النووي / في «التقريب» (ج1 ص403): (والصحابة y كلهم عدول). اهـ

وقال الحافظ العراقي / في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص578): (أن الصحابة الذين ثبتت صحبتهم كلهم عدول). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «اختصار علوم الحديث» (ص158): (وجهالة الصحابي لا تضر، بخلاف غيره). اهـ

وقال العلامة الألباني / في «الصحيحة» (ج1 ص774): (وجهالة اسم الصحابي لا تضر، كما في المصطلح تقرر). اهـ

وقال العلامة الألباني / في «الصحيحة» (ج6 ص904): (وعلى هذا جرى إمام السنة أحمد بن حنبل / في مسنده، فإن فيه عشرات الأحاديث عن جماعة من الصحابة لم يسموا، يقول التابعي فيهم: عن بعض أصحاب النبي r، أو بعض من شهد النبي r). اهـ

قلت: وعطية بن سفيان([134]) هذا تابعي معروف، وابن الصحابي المعروف، وهو سفيان بن عبد الله الثقفي t الذي كان عامل عمر بن الخطاب رضي لله عنه على الطائف بعد عثمان بن أبي العاص t ([135])، ولم يأت بمنكر في هذا الحديث، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص681): (صدوق)، ووثقه الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438)، وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص216)؛ ثم قال: روى عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب ، وسكت عنه الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص10)، والحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج6 ص382)؛ فمثله حسن الحديث([136])، فافطن لهذا.

قال الحافظ الخطيب / في «أصول الرواية» (ص149): (وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه). اهـ

قلت: وعيسى بن عبد الله بن مالك روى عنه أبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وابن ماجه في «سننه»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص231)، وروى عنه جمع من الرواة، وقال الذهبي في (ج2 ص31): (وثق)، وسكت عنه الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج6 ص280)؛ فمثله حسن الحديث([137])؛لأنه لم يأت بمنكر في الأحاديث التي رواها ووافق الثقات، فافهم لهذا ترشد.

قال الحافظ الخطيب / في «أصول الرواية» (ص149): (وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه). اهـ

وقال الحافظ العراقي / في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص578): (والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات أو فيمن وفد([138])من الصحابة أو نحو ذلك؛ فإنه تثبت صحبته وإن لم يرو عنه إلا راو واحد). اهـ

قلت: ولا يضر اختلاف الحديث([139]) على محمد بن إسحاق ما دام ترجح لنا صحة رواية: «عطية بن سفيان» على غيرها، كما بين ذلك الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص210)، وغيره من أهل العلم.

وقال الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص210): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي: تابعي معروف، اختلف في حديثه على ابن إسحاق اختلافا كثيرا، وأصحها رواية إبراهيم بن سعد عنه: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان، حدثني وفدنا الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام ثقيف، وقدموا عليه في رمضان ... فذكر الحديث.

وأخرجه ابن ماجه، وقد تقدم بيان الاختلاف فيه في ترجمة علقمة الثقفي). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج4 ص454)؛ بعدما ذكر الاختلاف: (علقمة بن سفيان، وقيل: ابن سهيل الثقفي، وقيل: عطية بن سفيان، وقال يونس بن بكير في زيادات المغازي: حدثني إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري([140])، حدثني عبد الكريم، حدثني علقمة بن سفيان، قال: كنت في الوفد من ثقيف، فضربت لنا قبة، فكان بلال يأتينا بفطرنا من عند النبي r... الحديث .... وقال أحمد بن خالد الوهبي: عن ابن إسحاق، عن عيسى، عن عطية: حدثنا وفدنا.([141])

أخرجه ابن ماجه، ورواية أحمد بن خالد أشبه بالصواب، فإن عطية بن سفيان تابعي معروف). اهـ

وقال الحافظ البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438): رواه أبو يعلى واللفظ له، وابن ماجه مختصرا، ورواته ثقات.

وقال الحافظ البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص437): عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي قال أنبأنا وفدنا [يعني: من الصحابة y] الذين كانوا قدموا على رسول الله  r، وذكر الحديث.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر / في «الإصابة» (ج5 ص275)؛ أن رواية: إبراهيم بن سعد هي أصح الروايات، حيث رواها متصلة.

وكذلك رواية: زياد بن عبد الله البكائي وهو صاحب محمد بن إسحاق الذي أخذ ابن هشام «السيرة النبوية» عنه عن محمد بن إسحاق، حيث رواها متصلة أيضا؛ من حديث عطية بن سفيان، كما صوبه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج1 ص115).

قلت: وبقية الروايات([142])لا تصح لما فيها من تحريف، أو تصحيف، أو إرسال في السند، وليس هذا موضع بسطها.([143])

قلت: وقصة وفد ثقيف مشهورة عند أهل العلم قديما وحديثا في صومهم مع النبي r في رمضان.

فعن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة، قال: حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله r بإسلام ثقيف([144])، قال: (وقدموا عليه في رمضان، فضرب عليهم قبة في المسجد، فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر).

حديث حسن

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (1760)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج4 ص185)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص43)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج20 ص150) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان به مختصرا.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق بسماعه من عيسى بن عبد الله، وكما في رواية إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق التي أشار إليها الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج5 ص275)؛ في ترجمة عطية بن سفيان بن ربيعة.

وقال محققو «سنن ابن ماجه» (ج2 ص642): (إسناده حسن إن شاء الله، محمد بن إسحاق وهو ابن يسار المطلبي قد صرح بسماعه من عيسى بن عبد الله كما في «السيرة النبوية» لابن هشام (4/185)، وكما في رواية إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق التي أشار إليها الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (5/275) في ترجمة عطية بن سفيان). اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم / في «الجرح والتعديل» (ج6 ص382): (عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي؛ عن الوفد الذين جاؤوا النبي r).اهـ

قلت: والشاهد قوله: (ما نرى الشمس ذهبت كلها)؛ حيث يدل على أن الصحابة y أفطروا مع بلال t في رمضان، والشمس قد قاربت الغروب، وهي طالعة في جهة المغرب، لم تغب بالكلية في الأرض.

وكذلك أفطر النبي r قبلهم والشمس طالعة وأخبر بلال t عن ذلك، بقوله: (ما جئتكم حتى أكل رسول الله r)؛ أي: أكل رسول الله r والشمس لم تغب بالكلية في الأرض.

قلت: وقد نقل العلماء حديث: قصة وفد ثقيف، وما فيه من إفطار النبي r وأصحابه y، والشمس طالعة، لم يغب قرص الشمس بالكلية، ولم ينكروا الحديث، بل أقروه؛ منهم: الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج5 ص32)، والحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج4 ص454)، و(ج5 ص210)، والحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص438)، والفقيه السهيلي في «الروض الأنف» (ج7 ص418)، والفقيه يحيى بن أبي بكر الحرضي في «بهجة المحافل» (ج2 ص28)، والفقيه المقريزي في «إمتاع الأسماع» (ج14 ص309).

قال الفقيه السهيلي / في «الروض الأنف» (ج7 ص418): (بلال ووفد ثقيف في رمضان: قال ابن إسحاق: وحدثني عيسى عن عبد الله بن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي، عن بعض وفدهم. قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله r فيأتينا بالسحور، وإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع فيقول قد تركت رسول الله r يتسحر لتأخير السحور ويأتينا بفطرنا، وإنا لنقول ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد([145]). فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r؛ ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها). اهـ

وقال الفقيه يحيى بن أبي بكر الحرضي / في «بهجة المحافل» (ج2 ص28): (كان قدومهم على النبي r في شهر رمضان عند مرجعه من تبوك روى عن بعض وفدهم [وهم: من الصحابة] قال: (كان بلال يأتينا بعد أن اسلمنا بسحورنا، وإنا لنقول: أن الفجر قد طلع، فيقول: قد تركت رسول الله r !يتسحر، ويأتينا بفطورنا، وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد([146]) فيقول: ما جئتكم حتى أكل رسول الله r ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها ... (وإنا لنقول إن الفجر قد طلع)؛ أي: من شدة تأخير السحور كما هو السنة (بفطورنا)؛ بالفتح أيضا اسم لما يفطر به (ما نرى الشمس)؛ بالضم: أي ما نظنها (غربت)؛ أي من شدة تعجيل الفطر كما هو السنة). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج5 ص39)؛ فصل: قدوم وفد ثقيف على رسول الله r في رمضان من سنة تسع: (قال ابن إسحاق: وحدثني عيسى بن عبد الله، عن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله r ما بقي من شهر رمضان بفطورنا وسحورنا فيأتينا بالسحور فإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع؟ فيقول: قد تركت رسول الله r يتسحر لتأخير السحور، ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد([147])، فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله r، ثم يضع يده في الجفنة فيلقم منها). اهـ

وقال الفقيه المقريزي / في «إمتاع الأسماع» (ج14 ص309): (وذكر في وفد ثقيف أيضا أن بلالا t كان يأتيهم بفطرهم، ويخيل أن الشمس لم تغب، فيقولون: ما هذا من رسول الله r إلا لننظر كيف إسلامنا، فيقولون: يا بلال ما غابت الشمس بعد؟([148])، فيقول بلال t: ما جئتكم حتى أفطر رسول الله r، وكان بلال t يأتيهم بالسحور). اهـ

44) وعن حذيفة t قال: سمعت رسول الله r يقول يوم الخندق: (شغلونا عن صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا)، قال: (ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس([149])). يعني بالكلية.

حديث صحيح

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (2891)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص27)، والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» (170)، و(171)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص166)، وابن أبي الفوارس في «الفوائد» (ق/3/ط)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج14 ص66)، والبزار في «المسند» (388)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص321)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص229) من طريق عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن حذيفة t به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص309)، ثم قال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.

 ويؤيده: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (596)، و(598)، و(641)، و(4112) من طريق أبي سلمة قال: أخبرنا جابر بن عبد الله t «أن النبي r جاءه عمر بن الخطاب t يوم الخندق، فقال: يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب   يعني: وهي طالعة -  وذلك بعد ما أفطر الصائم، فقال النبي r: والله ما صليتها، فنزل النبي r إلى بطحان وأنا معه، فتوضأ ثمصلى يعني العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب».

فقوله: (بعد ما أفطر الصائم)؛ فهذا يدل على أن الإفطار للصائم قد حدد بوقت محدد في الشرع، وهو فطره والشمس طالعة في جهة المغرب في الأفق، لقوله: (والله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ يعني: لم تغيب بالكلية، بل كادت الشمس أن تغرب، وقد صلى النبي r في وقت غروب الشمس بالكلية، مع إثبات الغروب الأول، وهو قبل مغيب قرص الشمس حين أفطر الصائم، كما بين ذلك عمر بن الخطاب t، وأقره النبي r على ذلك.

وفي رواية لمسلم في «صحيحه» (631) قال عمر بن الخطاب t: (يا رسول الله، والله ما كدت أن أصلي العصر، حتى كادت أن تغرب الشمس).

قلت: ويؤكد ذلك ما بينه عبد الله بن مسعود t في هذا الغروب في يوم الخندق؛ وهو يرى الشمس طالعة بقوله t: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت)([150]) في الرواية الأخرى، وهذا المستوى من الشمس يسمى غروبا عند الصحابة y.

إذا فقوله: (بعدما أفطر الصائم)؛ أي: إذا كان المقصود بعد الغروب الكلي، فما الحاجة من تكرار قوله: (ثم صلى العصر بعد ما غربت الشمس)، فهذا يعني أن معنى قوله: (بعد ما أفطر الصائم)؛ أي: أن هذا هو المعروف عندهم بوقت إفطار الصائم([151])، وهو: (عندما كادت الشمس تغرب)؛ أي أن الشمس لم تغرب بالكلية، بل قرصها يرى وقد احمرت، واصفرت في الأفق بجهة المغرب، وقد دنت بالقرب من الأرض.

قلت: فعمر بن الخطاب t ذكر الغروبين معا في حديث واحد، الأول: غروب الشمس في الأفق، وهي طالعة، والثاني: الغروب الكلي، وهو سقوط قرص الشمس بالكلية.

فالوقت الأول: لإفطار الصائم، وهو وقت دخول صلاة المغرب أيضا.

والوقت الثاني: بعد إخفاء قرص الشمس.

ثم قوله t: (وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ فيكون ليس في ذكره أي فائدة لهذه العبادة إن كان بعد غروب الشمس بالكلية؛ فهو t أراد أن يبين وقت إفطار الصائم، وهذا يكون في الغروب الأول، ثم بين الغروب الثاني، لأنه كرر كلمة: (بعد ما غربت الشمس)، هذا في الغروب الثاني بالكلية، والنبي r صلى صلاة العصر في هذا الوقت؛ لأن المشركين شغلوه عنها فتأخر في صلاتها إلى أن غربت الشمس في الأرض، وهذا الغروب الثاني.

قلت: وهذا يبين أنه معروف عندهم إذا كادت الشمس تغرب، أن ذلك من الغروب، وهو وقت إفطار الصائم، وإلا ما فائدة لذكره t لوقت إفطار الصائم، إلا ليبين وقت الإفطار، ووقت الغروب الأول، ووقت الغروب الثاني الذي حصل بعد ذلك، وإلا لماذا كرر للغروبين؟!.

قال الحافظ ابن حجر /  في «فتح الباري» (ج2 ص123): (والذي يظهر لي أن الإشارة بقوله: (وذلك بعد ما أفطر الصائم)؛ إشارة إلى الوقت([152]) الذي خاطب به عمر t النبي r لا إلى الوقت الذي صلى فيه عمر t العصر،فإنه كان: (قرب الغروب)([153])، كما تدل عليه: (كاد)).اهـ

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص98): باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت.

قلت: وتبويب الحافظ البخاري هذا يؤيد الحديث، وأنه بين أن وقت صلاة العصر قد انتهى، ودخل وقت صلاة المغرب بعدما أفطر الصائم، والشمس طالعة.

45) وعن أبي أيوب الأنصاري t قال: قال رسول الله r يقول: (صلوا المغرب لفطر الصائم).

حديث حسن لغيره

أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص421)، والدارقطني في «العلل» تعليقا (ج6 ص125)، والطيالسي في «المسند» (ج1 ص493) من طريق يزيد بن أبي حبيب قال: حدثني رجل سمع أبا أيوب t به، وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص290) من طريق ابن أبي ذئب عن أبي حبيبة عن أبي أيوب الأنصاري t به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، والشواهد.

وذكره الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص125)؛ وسكت عنه.

قلت: ووقت صلاة العصر يمتد إلى قبيل اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا دخول وقت صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

46) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

47) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق).

وفي رواية: (فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وفي «المجتبى» (ج1 ص620)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في « صحيحه » (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في « المسند » (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق هشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، وحجاج الباهلي، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن  عبد  الله  بن  عمرو  t فذكره بألفاظ عندهم.

قلت: واشتمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على زيادة صحيحة في المواقيت، وهي: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)، فوجب قبولها، والمصير إليها، وأن ابتداء وقت صلاة المغرب يدخل إذا اصفرت الشمس، أو احمرت في الأفق وهي طالعة، ولم تغب بالكلية، ولا سيما الحديث من قول النبي r، والأحاديث الأخرى فعل منه r.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص75): (وليس عن النبي r حديث من قوله في المواقيت الخمس أصح منه). اهـ

ومعناه: أن وقت صلاة العصر ينتهي إلى أن يرى الناس الشمس صفراء أو حمراء طالعة في جهة الغروب، ولا تكون كذلك حتى ترى طالعة بقرب الأرض بعشر دقائق تقريبا، وقد اصفرت الشمس، أو يقول القائل: قد احمرت الشمس، وهذا هو وقت صلاة المغرب.

قلت: وهذا فيه دليل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى إصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض بحوالي عشر دقائق، وهذا الوقت لا يضر في إفطار الصائم فيه، لأن اليوم يعتبر بهذا القدر عند الشارع قد انتهى، فلا عبرة بعشر دقائق أو أدنى من ذلك، كما تدل على ذلك الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة، ولله الحمد. ([154])

قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص235): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس)؛ يعني: بقوله؛ ما لم تصفر: ما لم تدخلها صفرة، وظاهره: أن آخر وقت العصر قبل مخالطة الصفرة.

وهذا كما قال في حديث بريدة بن حصيب t: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، يعني: في اليوم الثاني). ([155]) اهـ

وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص236): (قوله r: (ويسقط قرنها الأول)؛ ([156]) فيه إشكال([157]) وذلك: أن قرن الشمس أعلاها، وهو أول ما يبدو منها في الطلوع، وأول ما يسقط منها في الغروب، كما قال r في هذه الرواية في وقت الفجر: (ما لم يطلع قرن الشمس الأول). اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص541): (وقرن الشمس الأول أول ما يبدو منها، واحترز به عما يلي الأرض). اهـ

وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج2 ص541): (قوله r: (إلى أن يطلع قرن الشمس الأول)؛ هو أول ما يبدو منها، واحترز به مما يلي الأرض). اهـ

قلت: فأول وقت صلاة المغرب، فقد ذكر في الأحاديث «الوقتين» أنه عند اصفرار الشمس، وهي طالعة؛ فهذا الوقت الأول، ثم عند غيبوبتها بالكلية، وفهذا الوقت الثاني، وهذا ظاهر في حديث: عبدالله بن عمرو (مالم تصفر الشمس)، وحديث: بريدة بن حصيب: (لم تخالطها صفرة)، وحديث: عبدالله بن مسعود y: (حتى احمرت الشمس، أو اصفرت». اهـ

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ؛ يعني: اصفرار الشمس.

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (وبأنه الإصفرار قال الجمهور). ([158]) اهـ

وقال العلامة الوشتاني / في «إكمال إكمال المعلم» (ج2 ص543): (ولو قيل في الجمع بينهما إن المراد: بالإصفرار الغروب؛ لأنه يعني به مطلق الإصفرار، فاستظهر بجزء من النهار، كما استظهر بإمساك جزء من الليل في الصوم، وإن كان الأكل فيه جائزا، ويشهد بهذا الجمع قوله في «الأم»: (وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول)، فجمع بين الإصفرار([159]) والغروب([160]) لكان للنظر فيه مجال). اهـ

قلت: فقوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص242): (ففي هذا الأثر أن آخر وقتها، حين تصفر الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (ثبت أن آخر وقتها  - يعني: صلاة المغرب - هو غروب الشمس). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص243): (فكان من حجة من ذهب إلى أن آخر وقتها إلى أن تتغير الشمس). اهـ يعني: وهي طالعة.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص575): (ويدخل وقت العصر؛ إلى أن تصفر الشمس وهذا وقت اختيار-، وإلى الغروب وهذا وقت ضرورة -، فإذا غرب حاجب الشمس الأعلى دخل وقت المغرب([161])، إلى أن يغيب الشفق الأحمر؛ يعني: إلى أن يصير مكان الغروب أبيض ليس فيه حمرة). اهـ

قلت: فذكر شيخنا ابن عثيمين / وقتين لصلاة المغرب، فالوقت الأول عند اصفرار قرص الشمس، وهي طالعة، والوقت الثاني عند خفاء قرص الشمس بالكلية، فنأخذ بقوله هذا لأنه موافق للسنة، والآثار، وكفى.

قلت: فإذا اصفر قرص الشمس في جهة المغرب، وهي مرتفعة عن الأرض بيسير قبل أن تختفي بالكلية، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص578): (قوله r: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ويسقط قرنها الأول)؛ يفهم منه أن وقت الضرورة ما بين اصفرار الشمس، وسقوط القرن). اهـ

48) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قلت: فذكر النبي r أولا الغروب الكلي بقوله r: (ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس)، ثم أمره مرة ثانية بالغروب، والشمس طالعة، وهو نهاية وقت صلاة العصر، بقوله r: (ثم أمره بالعصر، والشمس بيضاء نقية، لم تخالطها صفرة)؛ أي: إذا اصفرت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، وهذا يسمى عند العرب غروبا. 

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

49) عن عبد الله بن مسعود t قال: (حبس المشركون رسول الله صلى عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت). وهي طالعة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (628)، وابن ماجه في «سننه» (686)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص392)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص297)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص246)، وفي «المسند» (301)، والترمذي في «سننه» (181)، والطيالسي في «المسند» (364)، والبزار في «المسند» (ج5 ص388)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج2 ص229)، وفي «حلية الأولياء» (ج4 ص165)، و(ج5 ص35)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص547)، و(ج9 ص196)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (163)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص573 و574)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص368)، والسراج في «المسند» (545)، و(546)، والشاشي في «المسند» (ج2 ص301 و302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج48 ص465)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص174)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص228)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص86)، وابن الجوزي في «التحقيق» (348)،والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص460)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص480)، وفي «إثبات عذاب القبر» (199)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج1 ص125) من طريق زبيد اليامي عن مرة بن شراحيل عن عبد الله بن مسعود t به.        

قلت: فقوله: (احمرت الشمس)؛ يعني: وقت غروب الشمس، وهو وقت صلاة المغرب، فبين t أن الشمس وهي طالعة في الأفق، وذلك في رؤيته أن الشمس احمرت واصفرت، وهي في الأفق بيسير عن الأرض، فرآها على هذا المستوى، وهو غروب الشمس الأول.

قلت: فهذه الأحاديث تدل على أن وقت صلاة العصر يمتد إلى غروب الشمس، وهو اصفرار الشمس وهي طالعة في الأفق مرتفعة عن الأرض بيسير بعشر دقائق تقريبا، وهذا الغروب الأول عند العرب، والغروب الثاني عند اختفاء قرص الشمس في الأرض.

قلت: فإذا اصفرت الشمس في الأفق، فإنه يخرج وقت صلاة العصر، ويدخل وقت صلاة المغرب، وهذا أيضا عند إفطار الصائم.

قلت: فوقت المغرب: إذا غربت الشمس، وأفطر الصائم، وقتا واحدا لم يزل عليه النبي r، والصحابة y في حياتهم.

50) وعن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى t: أن صل الظهر، إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية، قبل أن يدخلها صفرة([162])، وأن صل المغرب إذا غربت الشمس).

أثر صحيح

أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص7)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص536)، والقعنبي في «الموطأ» (ص84)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص370)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص463)، وفي «الخلافيات» (ج2 ص196 و197)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص6)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص375)، والحدثاني في «الموطأ» (ص43 و44)، وابن بكير في «الموطأ» (ق/13/ط) من طرق عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وله شواهد.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص4): وهو حديث متصل ثابت عن عمر بن الخطاب t.

وأخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص6 و7)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج1 ص535 و536 و537)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص319)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص328)، وابن أبي أسامة في «المسند» (ج2 ص41 إتحاف الخيرة)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص6 و7)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص445)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص462)، والقعنبي في «الموطأ» (ص85)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، وهشام بن عمار في «عوالي مالك» (8)، والحنائي في «الحنائيات» (297)، والحدثاني في «الموطأ» (ص59) من طرق عن عمر بن الخطاب t به... فذكره بألفاظ عندهم.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان r يفطر قبل أن يصلي).اهـ

51) وعن أيمن المكي قال: (دخلت على أبي سعيد الخدري t، فأفطر على عرق([163])، وأنا أرى أن الشمس لم تغرب). وفي رواية: (فرآه يفطر قبل مغيب القرص!).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص195) من طريق وكيع.

وأخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص196- فتح الباري)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص195) من طريق سفيان؛ كلاهما عن عبدالواحد بن أيمن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.

وعبدالواحد بن أيمن القرشي، قال ابن معين عنه: «ثقة»، وقال أبو حاتم: «ثقة»، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص24)، وقال الذهبي في «الكاشف» (ج2 ص191): «ثقة»، وروى له البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وقال البزار: «مشهور ليس به بأس»، وقال النسائي: «ليس به بأس».([164])

وأيمن المكي القرشي، والد عبدالواحد بن أيمن، قال أبو زرعة: «ثقة»، ووافقه الذهبي، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج1 ص47)، وروى له البخاري في «صحيحه»،([165]) وقال ابن حجر في «التقريب» (ص157): «ثقة».

وقال العلامـة الشـيخ الألـبانـي / فـي «مـختصر صحـيح البخاري» (ج1 ص571): (وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (3/ 12)؛ بسند صحيح). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص196): (وصله سعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه، وقال: (دخلنا على أبي سعيد، فأفطر، ونحن نرى أن الشمس لم تغرب». يعني: لم تغرب بالكلية.

وذكره العيني في «عمدة القاري» (ج9 ص130)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص589).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص416): (وعن أيمن المكي: «أنه نزل على أبي سعيد الخدري، فرآه يفطر قبل مغيب القرص». رواه سعيد بن منصور). اهـ

قلت: أفطر أبو سعيد الخدري t، وقرص الشمس لم يغيب([166])، بل لم يلتفت إلى موافقة من عنده على ذلك، بل طبق السنة في تعجيل الإفطار، وهذا هو الإتباع الذي يجب أن يتمسك به كل مسلم.([167])

قال الفقيه العيني / في «عمدة القاري» (ج9 ص130)؛ بعدما ذكر أثر أبي سعيد الخدري: (وجه ذلك أن أبا سعيد لما تحقق غروب الشمس لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده على ذلك، فلو كان يجب عنده إمساك جزء من الليل لاشترك الجميع في معرفة ذلك). اهـ

52) وعن سهيل بن عمرو t قال: (لقد رأيت رسول الله r يفطر في شهر رمضان، ويخيل إلى الشمس لم تغرب من تعجيل فطره).

حديث حسن

أخرجه أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (ج3 ص171) من طريقين عن محمد بن عمر العامري عن ابن مرسا قال: سمعت سهيل بن عمرو t به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

فقوله: (ويخيل إلى الشمس لم تغرب)؛ فهذا يدل على أن النبي r يفطر، وقرص الشمس لم يغب بالكلية، وهذا في حكم الغروب المعروف بين العرب، فانتبه.

53) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (إذا طلع حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصـلاة حتى تغيب).([168])

قلت: فذكر النبي r صفة الغروبين في حديث واحد:

الأول: الغروب مع ظهور قرص الشمس؛ بقوله r: (إذا غاب حاجب الشمس)؛ والحاجب: هنا هو: الحاجب الأسفل من قرص الشمس.

الثاني: الغروب الكلي، وهو خفاء قرص الشمس؛ بقوله r: (فأخروا الصلاة حتى تغيب). أي: بالكلية.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص178): (قوله r: (وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تغيب)؛ أي: عن الصلاة عند بدء القرص في الغروب). اهـ

قلت: ويبدأ نزول قرص الشمس من الأسفل، وهو طالع، وهذا الحاجب السفلي، فسمى النبي r ذلك غروبا؛ إلى أن يغيب؛ أي: يسقط قرص الشمس
بالكلية، وهذا يسمى غروبا أيضا.
([169])

قلت: وقرص الشمس عليه دائرتان:

إحداهما: حمراء، وهي التي تلي القرص، والأخرى بيضاء، وهي بعد الحمراء، والحمراء أول ما تنزل من الأسفل ثم تليها في النزول البيضاء، ثم يلي البيضاء نزول القرص، وهذا كله غروب عند السلف، والخلف.([170])

وهذا يدل على أن غروب الشمس له ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: ارتفاع([171]) قرص الشمس بيسير عن الأرض.

الدرجة الثانية: طلوع نصف قرص الشمس عن الأرض.

الدرجة الثالثة: اختفاء قرص الشمس بالكلية في الأرض.([172])

54) وعن عقبة بن عامر الجهني t قال: (ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب). وفي رواية: (وحين تغيب الشمس إلى الغروب حتى تغرب).([173])

فقوله r: (وحين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: قاربت الغروب، واقتربت من الأرض بملامسة الحاجب السفلي منها، فسمى ذلك غروبا مع وجودها طالعة، ويفسره اللفظ الآخر في نفس الحديث.([174])

ثم ذكر r: الغروب الكلي الذي هو سقوط القرص، بقوله r: «حتى تغرب» ، وهذا الغروب الثاني للشمس.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم»  (ج4 ص401): (قوله r: (وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» ؛ قال بعضهم: «حين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: حين يغيب حاجبها الأسفل، فيكون مدة هذا الوقت ما بين شروع قرنها الأسفل في الغروب إلى أن يتم غروب قرنها الأعلى). اهـ

وقال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج1 ص19): (معناه: إذا مالت للغروب، يقال منه: ضافت تضيف إذا مالت، وضفت فلانا؛ أي: ملت إليه ونزلت به). اهـ

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص459): (قوله r: (حين تضيف الشمس للغروب)؛ أي: تميل للغروب، يقال: ضافت، تضيف؛ إذا مالت). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص183): (من بعد صلاة العصر إلى أن تضيف الشمس للغروب، فقيل: إلى أن يبدو قرصها بالغروب، وقيل: إلى أن يكون بينها، وبين الغروب مقدار رمح، قياسا على أول النهار، وهذا ظاهر حديث: (وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب)).([175]) اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص401)؛ عن ارتفاع الشمس عن حدبة الأرض في الغروب: (قوله r: (حين تضيف)؛ حين يبقى بينها، وبين الغروب([176]) مقدار رمح([177])، من أجل أن تتساوى مع النهي حين طلوعها). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص394): (فهي: من الفجر إلى أن تطلع الشمس، ومن طلوعها إلى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، ومن صلاة العصر حتى يبقى بينها، وبين الغروب مقدار رمح، ومن ذلك الوقت إلى الغروب). اهـ

ويؤيد هذا التفسير:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها).([178]) وفي رواية: (ولا عند غروبها).

فقوله: (ولا غروبها») (ولا عند غروبها)، أي: المقصود قبل الغروب الكلي، لأن النهي عن الصلاة النافلة عند بدء القرص في الغروب، كما في الرواية: (ولا عند غروبها)؛ لأنه الوقت الذي يسجد فيه الكفار للشمس؛ كالمودعين لها، وعند ظهورها يسجدون؛ كالمستقبلين لها، فالنبي r سمى ذلك: غروبا، بقوله r: (ولا غروبها).

والرواية الثانية أوضح: (ولا عند غروبها)؛ أي: في أثناء غروبها.

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص178)؛ عن النهي عن الصلاة حتى تغرب: (ولكنه نهى عن ذلك؛ أي: عن الصلاة عند بدء القرص في الغروب؛ لأنه الوقت الذي يسجد فيه الكفار للشمس؛ كالمودعين لها، وعند ظهروها يسجدون؛ كالمستقبلين لها). اهـ

وقال العلامة ابن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج2 ص175): (وهذا أمر متواتر عن النبي r، والسر أن أمة من المشركين يعبدون الشمس، فنهى عن ذلك لما فيه من التشبه، وسدا للذريعة، والوقت الضيق أشد عند الطلوع، وعند الغروب([179])، ويستثنى من ذلك عند العلماء الفائتة لقوله r: (من نام عن الصلاة...)، وهكذا على الصحيح ما كان لها سبب؛ لأنه يكون بعيد عن التشبه). اهـ

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج2 ص62): (عند طلوع الشمس وعند غروبها). اهـ

55) وعن ابن عمر ، قال: قال رسول الله r: (إذا طلع حاجب الشمس، فدعوا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس، فدعوا الصلاة حتى تغيب، ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان).([180])

قلت: فسماه النبي r غروب الشمس، مع أنه الوقت المنهي عنه قبيل([181]) غروبها، لقوله r: (إذا غاب حاجب الشمس)؛ مع قوله r: (ولا غروبها)، وهذا عين الغروب.([182])

والحاجب الأعلى هو: أول ما يبدو من طلوع الشمس، والحاجب الأسفل هو: أول ما يغيب من الشمس عند الغروب.

قال الحافظ أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص458): (وحاجب الشمس، أو ل ما يبدو منها في الطلوع، وهو أول ما يغيب منها). اهـ

أي: حاجب الشمس السفلي.

وقال الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج3 ص180): (قوله r: (إذا بدا حاجب الشمس)؛ بدا: هنا غير مهموز؛ أي: ظهر وارتفع، وحاجبها أول ما يظهر منها، وهو الصحيح، وقيل قرناها أعلاها، وحواجبها نواحيها)([183]). اهـ

قلت: فحاجب الشمس السفلي هو: طرف قرص الشمس الأسفل الذي يلامس الأرض عند الغروب، وهي طالعة، وهذا غروب عند الصحابة الكرام.

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص261): (وفي الحديث النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وغروبها، وهو مجمع عليه في الجملة، واقتصر فيه على حالتي الطلوع والغروب). اهـ

وبوب الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج6 ص266): باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها.

قلت: فسمى النووي / ذلك غروبا، وهو قبل غروب الشمس بالكلية.

ويؤيده:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (إذا بدا حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس، فأخروا الصلاة حتى تغيب).([184])

قلت: فذكر النبي r حاجبين للشمس؛ الحاجب الأعلى، والحاجب الأسفل.

قلت: قوله r: (لا تحروا)؛ أي: لا تقصدوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا وغروبها.

وهذا الحديث مفسر للسابق، أي: لا تكره الصلاة بعد الصلاتين؛ إلا لمن قصد طلوع الشمس وغروبها.

فإذا صلى عبد فريضة أو غيرها في هذا الوقت، فهذا غير قاصد بصلاته عند طلوع الشمس ولا عند غروبها([185])، فافطن لهذا.

56) وعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله r: (لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها، فتصلوا عند ذلك).([186])

57) وعن عائشة ڤ قالت: (نهى رسول الله r أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها).([187])

فقولها: (وغروبها)؛ أي: الغروب الذي قبل الغروب الثاني؛ أي: قبل اختفاء قرص الشمس، لأن النهي عن الصلاة في هذا المستوى من الشمس، أي: وهي طالعة، قبل أن تغرب بالكلية، وهذا واضح من الأدلة السابقة أيضا.

وبوب الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج2 ص366): باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها.

قلت: وفي هذه الأحاديث ذكر العلماء الغروبين معا.

قلت: والمنع من الصلاة في طلوع الشمس وغروبها، فقط للنوافل، وأما تأدية الفرائض، وما لها سبب، فيجوز الصلاة في النهي، لأنه يكون بعيد عن التشبه بعبادة الكفار للشمس عند الطلوع، وعند الغروب، ولأن المقصود من النهي في الأحاديث تأدية صلاة التطوع([188])، فانتبه.

قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص203)؛ عن النهي: (وهذا كله عندنا، وعند جمهور العلماء فى النوافل). اهـ

وقال الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج3 ص178): (التنفل في هذين الوقتين لغير سبب منهي عنه). اهـ

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص398): (قوله r: (لا تحروا) أن من لم يتحر الصلاة في هذا الوقت، وإنما صلى لسبب معلوم، فلا بأس.

ووجه ذلك: أن الرجل إذا تحرى الصلاة في هذا الوقت صار مشبها للكافرين الذين يسجدون عند طلوع الشمس وعند غروبها، فإذا كان للصلاة سبب زال هذا المحذور؛ إذ إن الصلاة في هذه الحال حيث كان لها سبب فتسند إلى السبب، ويتبين فيها جليا: أنه لا مشابهة، وأنه لولا هذا السبب ما صلى.

وهذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمهم الله جميعا). اهـ

قلت: فما كان ذا سبب، فإن المصلي إذا قام به لا يعد متحريا لطلوع الشمس وغروبها. ([189])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص395): (قد دلت السنة على جواز فعل ذوات الأسباب في وقت النهي، وأن كل صلاة لها سبب؛ فلا حرج أن تصليها وقت النهي؛ كتحية المسجد، وصلاة الراتبة إذا فاتت؛ كما لو فاتته راتبة الفجر فيصليها بعد الصلاة؛ وكما لو فاتته راتبة الظهر، وقد جمع إليها العصر؛ فإنه لا بأس أن يصلي راتبة الظهر بعد صلاة العصر؛ لأن ذلك له سبب). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص176): (ويستثنى من ذلك عدة أمور:

أولا: إذا حضر مسجد الجماعة بعد أن صلى الصبح فإنه يصلي معهم؛ لأن النبي r صلى ذات يوم صلاة الصبح في مسجد «الخير» في منى، فلما انصرف إذا برجلين لم يصليا، فقال: (ما منعكما؟) قالا: يا رسول الله، صلينا على رحالنا. قال: (ذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافل).

ثانيا: سنة الفجر بعد صلاة الفجر؛ فإنه يروى عن النبي r من حديث قيس بن فهد: (أنه رآه يصلي بعد الفجر فنهاه أو استفهمه، فقال: هما الركعتان قبل الفجر)؛ فأقره.

ثالثا: ركعة الطواف؛ لعموم حديث: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت، وصلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار).

رابعا: الصلاة الفائتة؛ لقول النبي r: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)، فلو ذكرت بعد صلاة الفجر أنك صليت البارحة العشاء بلا وضوء فإنك تصليها قضاء بعد صلاة الصبح؛ لعموم الحديث.

خامسا: سنة الظهر إذا جمعت إليها العصر؛ لأنه يصلي الركعتين اللتين بعد الظهر يصليها بعد العصر المجموعة.

سادسا: إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب، وصادف ذلك - أي: وقت النهي- عند قيام الشمس فإنه يصلي الركعتين.

فهذه ستة أشياء مستثناة على المشهور من المذاهب.

والصواب: أن جميع ماله سبب مستثنى، وأن ماله سبب فهو جائز، ودليل ذلك:

أن الرسول r قاله في حديث ابن عمر: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها)، فدل هذا على: أن النهي إنما يكون على من صبر وانتظر حتى إذا كان عند شروق الشمس أو غروبها قام فصلى؛ لأنه في هذه الحال يشبه حال الكفار الذين يسجدون لها إذا طلعت، وإذا غربت). اهـ

58) وعن أنس بن مالك t: (أن رسول الله r خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب، فلم يبق منها إلا شيء يسير وفي راوية: [إلا شف يسير]، فقال: والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما، مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه، وما نرى من الشمس إلا يسيرا).([190])

والشاهد: «إلا شيء يسير ... وما نرى من الشمس إلا يسيرا»؛ وهذا بمعنى الغروب عند العرب.([191])

والشف: بقية النهار لما يرى من يسير من الشمس، لقوله: «وما نرى من الشمس إلا يسيرا»؛ أي: قد بقيت منها بقية، وهذا في حكم الغروب عند العرب.

وشفا كل شيء حرفه، قال تعالى: ]وكنتم على شفا حفرة[ [آل عمران: 103].

قال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (ج2 ص271): (وفي حديث أنس t (أن النبي r خطب أصحابه يوما، وقد كادت الشمس تغرب ولم يبق منها إلا شف)؛ أي شيء قليل. الشف والشفا والشفافة: بقية النهار).اهـ

وقال اللغوي الرازي / في «مختار الصحاح» (ص145): (يقال للرجل عند موته، وللقمر عند امحاقه، وللشمس عند غروبها ما بقي منه إلا شفا؛ أي: قليل).اهـ

وقال الإمام الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص818): (قال أبو نصر: يقال: بقي من الشمس شفا: أي شيء([192])). اهـ

وقال الإمام الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص819): (سمعت ابن الأعرابي يقول: أشفت الشمس على الغيوب، وشفت وضرعت، وضجعت، ودلكت).اهـ

وقال ابن منظور / في «لسان العرب» (ج19 ص166): (شفت الشمس تشفو: قاربت الغروب). اهـ

قلت: وهذا يعني أنها غربت، ودخل وقت صلاة المغرب، ووقت إفطار الصائم.

قال القلقشندي / في «صبح الأعشى» (ج2 ص367): (أما الطبيعي: فالليل من لدن غروب الشمس، واستتارها بحدبة الأرض إلى طلوعها، وظهورها من الأفق، والنهار من طلوع نصف قرص الشمس من المشرق إلى غيبوبة نصفها في الأفق في المغرب، وسائر الأمم يستعملونه كذلك.

وأما الشرعي: فالليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهو المراد بالخيط الأبيض من قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]، والنهار من الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وبذلك تتعلق الأحكام الشرعية من الصوم، والصلاة، وغيرهما). اهـ

59) وعن حاجب بن عمر قال: كنت أسمع الحكم بن الأعرج يسأل: درهما أبا هند؟([193]) فيقول درهم: (كنت أقبل من السوق فيتلقاني الناس منصرفين، قد صلى بهم معقل بن يسار t؛ فأتمارى غربت الشمس، أو لم تغرب).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص329) من طريق معاذ بن معاذ، عن حاجب بن عمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وهذا الصحابي معقل بن يسار المزني t ([194]) يصلي بالناس، ولم تغرب الشمس بالكلية، مما يدل على أن وجود قرص الشمس، أو بعضه يسمى غروبا عند السلف.

60) وعن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (كان عبد الله t، يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة قال: فنظرنا يوما إلى ذلك فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، قال عبد الله: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]، فهذا دلوك الشمس).

أثر صحيح

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج4 ص274)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص489) من طريق جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد صححه العيني في «نخب الأفكار» (ج3 ص23)، والدارقطني في «العلل» (ج5 ص214).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.

وبهذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (12856).

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص154 و155) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش قال: ثنا إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وفي آخره ذكر حفص بن غياث: (أنه قيل للأعمش: قيل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم). وهذا تصريح بالتحديث من الأعمش من إبراهيم، وعمارة، ثم عنعنة الأعمش عن شيوخ أكثر عنهم تحمل على السماع، مثل: إبراهيم النخعي، وغيره، وهذه الرواية منها([195])، فتفطن لذلك.

قال الذهبي / في «الميزان» (ج2 ص224)؛ عن الأعمش: (وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا فلا كلام، ومتى قال: «عن» تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال). اهـ

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9131) من طريق زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: «صلى عبد الله المغرب، فلما انصرف جعلنا نلتفت، فقال: ما لكم تلتفتون؟ قلنا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل».

وإسناده صحيح.

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج7 ص50)؛ ثم قال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (1594) من طريق ابن نمير قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد قال: (صلينا مع عبد الله t المغرب، فجعلنا نلتفت ننظر نرى أن الشمس طالعة، فقال عبد الله t: ما تنظرون؟ قالوا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وقال: هذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل).

وإسناده صحيح.

قلت: فهذا ابن مسعود t يرى أن الشمس قد غربت، وهي لم تغب بالكلية، وهذا الغروب عند العرب من وجه.

واحتج عليهم ابن مسعود t بقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ والدلوك: الميل، وهذه الشمس قد مالت جهة المغرب، وكادت أن تغيب، ولم تغب فهذا يسمى غروبا أيضا عند العرب.

فالشاهد: (ونحن نرى أن الشمس طالعة)؛ فهذا يسمى غروبا عند العرب، ولذلك اعتبر ابن مسعود t أن هذا المستوى للشمس من الأرض دخول وقت صلاة المغرب؛ لأنها مالت إلى جهة الغروب، وأوشكت أن تلامس الأرض، فصلى صلاة المغرب؛ لأن وقتها دخل شرعا، وصلى خلفه أصحابه، وهم فقهاء الأمة من التابعين، ولم ينكر أحد منهم عليه، ولم يتخلفوا عن الصلاة خلف ابن مسعود t، فافهم لهذا ترشد.

وقد تبين في لفظ قال: (صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس)؛ مع أنها كانت طالعة في اللفظ الأول.

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص155) من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال: عبد الرحمن بن يزيد: «صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس، ثم قال: هذا، والذي لا إله إلا هو، وقت هذه الصلاة».

وإسناده صحيح، وهذا الحديث؛ هو الحديث الأول سواء بسواء كلاهما من رواية عبد الرحمن بن يزيد، فافطن لهذا.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص154 و155) من طريق عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: ثنا إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (صلى عبد الله بأصحابه صلاة المغرب، فقام أصحابه يتراءون الشمس؛ فقال: ما تنظرون؟ قالوا ننظر، أغابت الشمس([196]). فقال عبد الله: هذا، والله الذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة ، ثم قرأ عبد الله ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وأشار بيده إلى المغرب فقال: هذا غسق الليل، وأشار بيده إلى المطلع، فقال: هذا دلوك الشمس).

وإسناده صحيح.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص136)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9132) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (صلى عبد الله ذات يوم، وجعل رجل ينظر هل غابت الشمس؟ فقال عبد الله: ما تنظرون هذا؟ والله الذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة؛ يقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل).

وإسناده صحيح، وليس اختلافا على الأعمش بل للأعمش فيه شيخان: وهما: عمارة بن عمير، وإبراهيم النخعي، وكلاهما يرويه عن عبد الرحمن بن يزيد.

وذكر لفظه الدارقطني في «العلل» (ج5 ص213 و214)؛ من حديث عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله t: (أنه صلى المغرب فلما انصرف جعلنا نتلفت فقال ما لكم، قلنا نرى أن الشمس طالعة؛ فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة؛ ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ ثم قال:  يرويه الأعمش واختلف عنه؛

فرواه زائدة، وجرير، وابن مسهر، والثوري، وأبو شهاب، وأبو معاوية ومندل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله.

وخالفهم شعبة: فرواه عن الأعمش، عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد.

ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش بتصحيح القولين جميعا؛ فقال: عن إبراهيم وعمارة عن عبد الرحمن بن يزيد؛ فصحت الأقاويل كلها.

ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد، وهو صحيح عنه). اهـ

وأخرجه الدارقطني في «العلل» (ج5 ص215) من طريق زفر، عن أشعث عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: (كنت مع عبد الله بن مسعود فلما غربت الشمس قال هذا والذي لا إله إلا غيره حين حل لكل أكل ثم نزل فصلى المغرب ثم أقسم أن هذا وقتها).

قال الدارقطني: ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد وهو صحيح عنه.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص136)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9134)، و(9137) من طريقين عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد به.

وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص135)، والطبراني في «المعجم الكبير»  (9133) من طريق هشيم عن الشيباني سليمان بن أبي سلميان عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد به.

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص311): وإسناده صحيح.

قال الإمام العيني / في «نخب الأفكار» (ج3 ص213): (أي قد روي ما ذكرنا من أن وقت المغرب عقب غروب الشمس أيضا عن الصحابة، فأخرج ذلك عن أربعة منهم، وهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان  y... وأما أثر عبد الله بن مسعود؛ فأخرجه من أربع طرق صحاح:

الأول: عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص أحد مشايخ البخاري ومسلم، عن أبيه حفص بن غياث بن طلق، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي.

وأخرجه البيهقي في سننه بإسناده: عن الأعمش، عن إبراهيم وعمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (كان ابن مسعود يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة، قال: فنظرنا يوما إلى ذلك، فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، فقال عبد الله: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ فهذا دلوك الشمس).

قوله: (هل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم)؛ أراد أنهم سألوا الأعمش أن أثر ابن مسعود هذا حدثكم به عمارة أيضا؟ قال: نعم.

وأخرجه الطبراني بهذا الإسناد: ثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (صلى عبد الله ذات يوم، فجعل رجل ينظر، هل غابت الشمس؟ فقال: ما تنتظرون؟! هذا والذي لا إلا غيره ميقات هذه الصلاة، فيقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل). اهـ

قلت: ولا شك أن تفسير ابن مسعود t مقدم على تفسير غيره من الصحابة في هذا الباب، بالإضافة إلى موافقته لتفسير السنة النبوية أيضا، وآثار الصحابة الكرام في غروب الشمس في هذا المستوى من الأرض بطلوعها؛ أي: بارتفاعها عن الأرض من جهة الغروب.([197])

قلت: والتفسير الذي له حكم المرفوع دون تصريح برفع، فهو أن يفسر الصحابي الآية بلفظه، فيما ليس فيه مجال اجتهاد، دون أن يصرح برفع التفسير إلى النبي r.

ومنه: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص477)؛ عن عبد الله بن مسعود t؛ في تفسير: قوله تعالى: ]لقد رأى من آيات ربه الكبرى[ [النجم: 18]، قال: (رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء).

قلت: رأى r جبريل عليه السلام على رفرف أخضر؛ أي: في حلة من رفرف، وهو الديباج الرقيق الحسن الصنعة.([198])

قلت: ولنترك ابن مسعود t يتحدث عن نفسه في مجال التفسير.

فعن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود t: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه).([199])

وعن شقيق بن سلمة، قال: قال ابن مسعود t فقال: (والله لقد أخذت من في رسول الله r بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي r أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم).

قال شقيق: (فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك).([200])

وعن أبي الأحوص، قال: (كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله r ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، -يعني: ابن مسعود- فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا).([201])

قلت: فمثل هذا حري أن يقدم تفسيره للآية الكريمة، وهي ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78].

إذا: فتبين أن مراد الآية الكريمة: بأن «الدلوك: الميل»؛ أي: ميل الشمس في جهة الغروب.

قلت: فمجرد ميل الشمس إلى جهة الغروب يشعر بغروبها؛ أي: عقب الميل يسمى غروبا، وإن لم تغب بالكلية.

قلت: فهذا تفسير ابن مسعود t للآية: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78]، فإن الدلوك في الآية يسمى زوالا.

ولا يتنافى هذا التفسير مع زوال الشمس في الظهيرة؛ لأن الآية تعني: أيضا زوال الشمس في وقت الظهر، وذلك لأن معنى الدلوك هو: الميل، فعند زوال الشمس يسمى ميلا، وعند غروب الشمس يسمى ميلا، فانتبه.([202])

وهذا من اختلاف التنويع، فيكون معنى الدلوك: الزوال، والغروب، فافهم لهذا ترشد.([203])

61) وعن الأسود بن يزيد النخعي قال: (كنت جالسا مع عبد الله t في بيته، فوجبت الشمس، فقال عبد الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] ثم قال: هذا والله الذي لا إله غيره، حين أفطر الصائم، وبلغ وقت هذه الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص136) من طريق علي بن مسهر، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص252) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود قال: (كان عبد الله t يصلي المغرب حين تغرب الشمس، ويقول: هذا والذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة).

وإسناده صحيح.

وأخرجه الحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص879) من طريق أبي السائب، حدثنا وكيع، عن عمرو بن حسان، أخبرني عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه: (أن عبد لله بن مسعود t نظر إلى الشمس حين غربت ونشأ الليل فقال: هذا وقت المغرب).

وإسناده صحيح.

تنبيه: عن أبي عبيدة بن عبد الله، يقول: (كان ابن مسعود t يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس([204]) ويحلف: والذي لا إله غيره إنه للوقت الذي قال الله عز وجل ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78])، وفي رواية: (إن عبد الله بن مسعود: يصلي المغرب حين يغرب حاجب الشمس).

أثر ضعيف

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص553)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص137)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج2 ص196)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص230)، ومسدد في «المسند» (ج2 ص65-إتحاف الخيرة)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع أبا عبيدة بن عبد الله به.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا، وكان يوم توفى أبوه ابن سبع سنين، فلم يدركه أيضا للتحديث عن أفعاله([205])، فنتبه.

لذلك قال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص65): هذا إسناد رجاله ثقات.

وأخرجه مجاعة بن الزبير في «حديثه» (ص95)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طريق قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود به.

قلت: وهذا سنده ضعيف كسابقه.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج15 ص24) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قد ذكر لنا أن ابن مسعود t ... فذكره.

قلت: وهذا من باب الاختلاف على ابن مسعود t.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص553) من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن بعض أصحاب ابن مسعود به.

قلت: وهذا سنده ضعيف لجهالة أصحاب ابن مسعود، فهو منقطع.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9138) من طريق عمرو بن مرة.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9942) من طريق يحيى بن أبي كثير؛ كلاهما عن أبي عبيدة بن عبد الله به.

وإسناده ضعيف كما سبق.

62) وعن ابن مسعود ط، قال: «دلوك الشمس: غروبها، تقول العرب إذا غربت الشمس: دلكت الشمس». وفي رواية: «دلوك الشمس حين تغيب».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص384)، وفي «المصنف» (2096)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص235 و236)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص323)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص363)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص22)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (ج1 ص137)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9128)، و(2129) و(9130)، و(9136)، و(9137)، و(9138)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2341)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص135 و136)، وابن مردويه في «تفسير القرآن» (ج9 ص410-الدر المنثور)، والبغوي في «الجعديات» (2313)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص155)، والدارقطني في «العلل» (ج5 ص214)، والبيهقي في «معرفة السنن» (2356)، و(2357) من طرق عن ابن مسعود ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص311)؛ ثم قال: وإسناده حسن.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص410)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (282)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120)، والواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120).

قال الثعلبي / في «تفسيره» (ج6 ص120): (ودليل هذا التأويل: حديث عبد الله بن مسعود ط: (إنه كان إذا غربت الشمس صلى المغرب، وأفطر إن كان صائما)، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة؛ وهي التي قال الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]). اهـ

63) وعن ابن عباس قال: «دلوكها: غروبها».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص384 و385)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6328)، والطبري في «جامع البيان» (ج15 ص23) من طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص128).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6336) من طريق سعيد بن جبير عن عبد الله، وابن عباس قالا: (دلوكها حين تغرب).

وإسناده صحيح، وسعيد بن جبير لم يدرك ابن مسعود، لكن الأثر الذي قبله يشهد له.

قال ابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص14): وقد روينا عن علي، وابن مسعود، وجماعة أنهم قالوا: دلوكها: غروبها.

64) وعن علي بن أبي طالب ط، قال: «دلوكها: غروبها».

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص336)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2342)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج9 ص411-الدر المنثور)، وفي «الأوسط» (ج1 ص14) من طريقين عن علي بن أبي طالب ط.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص411)، والواحدي في «الوسيط» (ج3 ص120).

65) وعن مجاهد / قال: «دلوكها: زيغها حين تزيغ».

أثر صحيح

أخرجه آدم بن أبي إياس في «التفسير» (ص440) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج6 ص120).

66) وعن ابن عباس قال: «دلوك الشمس: ميلها».

أثر حسن لغيره

أخرجه محمد بن الحسن في «الموطأ» (ص345) من طريق مالك عن داود بن الحصين عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات، ودواد بن الحصين يروي عن عكرمة كما في رواية.

قال ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج3 ص1219): (وقد روى مالك في «الموطأ» عن ابن عباس أنه قال: دلوك الشمس: ميلها). اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسن / في «الموطأ» (ص345): (هذا قول ابن عمر، وابن عباس، وقال: عبد الله بن مسعود دلوكها: غروبها، وكل حسن). اهـ

قال الواحدي / في «الوسيط» (ج3 ص120): (قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [؛ دلوك الشمس زوالها، وميلها في وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب هو دلوكها أيضا، قال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب). اهـ

قلت: فمعنى الدلوك في كلام العرب الزوال والميل عند الظهيرة، وعند الغروب.([206])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (مثال ذلك: قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل [ [البقرة: 187]، فسر: «الدلوك» بالزوال، وفسر: بالغروب، وليس بقولين؛ بل اللفظ يتناولهما معا؛ فإن الدلوك: هو الميل، ودلوك الشمس ميلها، ولهذا الميل: مبتدأ ومنتهى، فمبتدؤه الزوال، ومنتهاه الغروب، واللفظ متناول لهما بهذا الاعتبار). اهـ

قلت: فالآية عامة من ذلك كله، وهي دالة على معنيين.

أحدهما: الزوال.

والثاني: الغروب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى قسم التفسير» (ج15 ص11): (هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعا، فتأمله فإنه موضوع عظيم النفع، وقل ما يفطن له، وأكثر آيات القرآن دالة على معنيين فصاعدا فهي من هذا القبيل).([207])اهـ

67) وعن محمد بن كعب قال: (أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر، وقد رحلت دابته، ولبس ثياب السفر، وقد تقارب غروب الشمس، فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب، فقلت له: سنة؛ قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الترمذي في «سننه» (ج2 ص318)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص247)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص188) من طريق سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثني زيد بن أسلم، أخبرني محمد بن المنكدر، عن محمد بن كعب به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «حديث إفطار الصائم ...» (ص22).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

فقوله: (وقد تقارب غروب الشمس)؛ يدل على أن الشمس لم تغرب بالكلية، بل يرى قرصها بقرب الأرض، وهذا يسمى غروبا؛ كما يدل عليه الأثر، وهذا مطابق لظاهر القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآثار السلفية.([208])

قلت: إذا تقرر هذا فهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو كون الصحابي قال: «سنة» يكون حكمه حكم الحديث المرفوع([209]) على ما هو مقرر في الأصول.([210])

قال الحافظ الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص358): (وقد أجمعوا على أن قول الصحابي سنة حديث مسند). اهـ؛ أي: مرفوع عن النبي r.

وقال الحافظ الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص22): (وقول الصحابي: «من السنة»، كذا وأشباه ما ذكرناه إذا قاله الصحابي المعروف بالصحبة فهو حديث مسند؛ أي: مرفوع، وكل ذلك مخرج في المسانيد). اهـ

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ص592): (وهذه الدلالة بعينها توجب حمل قوله: «من السنة كذا»؛ على أنها سنة الرسول r).اهـ

وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «قواطع الأدلة» (ص82): (فإن قال الصحابي: «أمرنا بكذا»، أو «نهينا عن كذا»، أو «من السنة كذا» يكون مسندا، ويكون حجة).اهـ

وقال الحافظ ابن الأثير / في «جامع الأصول» (ص596): (وأما قوله: من السنة كذا، والسنة جارية بكذا فالظاهر أنه لا يريد إلا سنة رسول الله r). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج1 ص30): (إذا قال الصحابي: «أمرنا بكذا»، أو «نهينا عن كذا»، أو «من السنة كذا»، أو «مضت السنة كذا»، ونحو ذلك؛ فكله مرفوع إلى رسول الله r على المذهب الصحيح الذى قاله الجماهير من أصحاب الفنون). اهـ

قلت: فالحديث ورد بهذه الصيغة: (نعم سنة)، فله حكم الرفع، وقد أجمع الصحابة الكرام على أن ذلك من سنة النبي r، وبهذا قال جماهير العلماء من
المحدثين والفقهاء.([211])

قلت: فإذا أطلق الصحابي ذكر: (السنة)، فالمراد سنة رسول الله r بلا شك([212])؛ أي: فمطلق السنة منصرف إلى سنة الرسول r.([213])

قلت: والصحابي إنما يقصد بذلك الاحتجاج؛ لإثبات شرع، وحكم يجب كونه مشروعا.([214])

قال الفقيه البهوتي / في «كشاف القناع» (ج1 ص235): (وقت المغرب: وهو في الأصل: مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء وضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة: على وقت الغروب ومكانه). اهـ

قلت: فالمغرب سمي بذلك لفعلها وقت الغروب؛ إذ الغروب في اللغة البعد، أو وقته، أو مكانه فإذا كانت الشمس بعيدة في مستوى الغروب، فهي قد غربت، وإن كان قرصها لم يغب([215])، لأن هذا يسمى غروبا.([216])

قال الفقيه ابن أبي الفتح / في «المطلع» (ص57): (المغرب في الأصل: مصدر غربت الشمس غروبا، ومغربا، ثم سميت الصلاة مغربا). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص343): (المغرب: وهو في الأصل مصدر غربت الشمس؛ بـ«فتح الراء»، و«ضمها» غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة على وقت الغروب، ومكانه، فسميت هذه بذلك لفعلها في هذا الوقت). اهـ

ومنه؛ قول الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ

قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([217])

ومن هذا قول الله تعالى: ]فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن [ [الطلاق: 2]، وهذا على القرب عند الجميع.

ومنه؛ قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].

وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([218])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([219])، فافهم لهذا.

قال تعالى: ]فاستبقوا الخيرات[ [البقرة: 178].

68) وعن حميد الطويل قال: (كنا عند أنس بن مالك t وكان صائما فدعا بعشائه، فالتفت ثابت البناني ينظر إلى الشمس، وهو يرى أن الشمس لم تغب([220])، فقال أنس لثابت: لو كنت عند عمر t لأحفظك). يعني: لغضب عليك.([221])

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص56) من طريق محمد بن عبد الأعلى، حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال سمعت حميد الطويل([222]) به.

قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.

69) وعن مجاهد، قال: (إني كنت لآتي ابن عمر بفطره، فأغطيه استحياء من الناس أن يروه([223])).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الفريابي في «الصيام» (ص58) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: (كنت آتي ابن عمر بشرابه، وإني لأخفيه من الناس من تعجيله إفطاره).

وإسناده صحيح.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226) من طريق ابن عيينة، عن منصور، أو ليث، عن مجاهد قال: (إن كنت لآتي ابن عمر بالقدح عند فطره فأستره من الناس، وما به إلا الحياء يقول: من سرعة ما يفطر).

وإسناده صحيح.

قلت: وهذا يدل على أن ابن عمر في هذا اليوم أفطر على أمر غير معتاد لسرعته، وهو أنه عجل الفطر مع وجود قرص الشمس، وإلا لماذا يستتر عن أعين الناس إذا أفطر مع غروب الشمس بالكلية؟!، لأن الناس اعتادوا في الفطر بغروب الشمس بالكلية، وهذا أمر مألوف لديهم، وإنما الإنكار عليه إذا أفطر مع وجود قرص الشمس، فخاف من ذلك لجهلهم، فأمر مجاهدا أن يغطيه استحياء من الناس أن يروه على هذه الحالة، فافهم لهذا ترشد.([224])

قلت: فمن السنة التبكير في الإفطار([225])، والله المستعان.

70) وعن عمرو بن ميمون /، وهو من أكبر التابعين قال: (كان أصحاب محمد r أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص226)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص398)، والفريابي في «الصيام» (ص59)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد)، والخلعي في «الخلعيات» (ص329) من طريق سفيان الثوري، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص199)، والنووي في«المجموع» (ج6 ص326)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص104)، واللكنوي في «التعليق الممجد» (ج2 ص204).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص118)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص154-الزوائد) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: (كان أصحاب رسول الله r، أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا).

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

71) وعن سويد بن غفلة قال: قال عمر بن الخطاب t: (صلوا هذه الصلاة يعني: المغرب - والفجاج([226]) مسفرة([227])).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص248) من طريق عبدالرحمن بن زياد قال: ثنا زهير بن معاوية عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص248) من طريق وهب قال: ثنا شعبة عن عمران بن مسلم فذكره مثله.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص249) من طريق حجاج قال: ثنا أبو عوانة عن عمران بن مسلم، فذكره مثله.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص159): (وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي r لصلاة المغرب، ولهذا كانت تسمى صلاة البصر([228])). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله r، فهو الأصوب لا شك). اهـ

وقال الفقيه ابن النقيب / في «عمدة السالك» (ص109): (والأفضل تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، ويفطر على تمرات وترا؛ فإن لم يجد فالماء أفضل). اهـ

وقال الفقيه المعبري / في «فتح المعين» (ص273): (وسن تعجيل فطر، إذا تيقن الغروب). اهـ

72) وعن حميد الطويل، عن أنس بن مالك t: (أنه لم يكن ينتظر المؤذن في الإفطار، وكان يعجل الفطر).

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «الصيام» (ص57) من طريق وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن حميد الطويل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وتأخير الإفطار عن غروب الشمس؛ إنما يفعل ذلك الكفرة: من اليهود والنصارى في الخارج، والمبتدعة: من الرافضة والإباضية والحزبية في الداخل.([229])

73) وعن عبد الله بن يزيد، قال: (لم أر أحدا كان أعجل إفطارا من سعيد بن المسيب، كان لا ينتظر مؤذنا، ويؤتى بقدح من ماء؛ فيشربه بنفس واحد، لا يقطعه حتى يفرغ منه).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص158)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص395) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال ابن عبد البر: وهذا أصح عن سعيد بن المسيب.

وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):

يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم

 

 

وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان

قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في أحكام الدين بدون دليل.

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ

قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتأويلها.

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص149):

وتــــأولــــوا عــــلـــم الإلـــــه وقــــــولــــــه

 

 

وصــفـــاتـــــه بالـــســــلــــب والـــبـــطلان

 

وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ

قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):

واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس

 

 

الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان

 

وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

74) وعن سهل بن سعد الساعدي t أن رسول الله r قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر). وفي رواية: (ما عجلوا الإفطار). وفي رواية: (لا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الإفطار).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص241)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص711)، والترمذي في «سننه» (ج3 ص82)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3298)، وفي «الإغراب» (ص300 و301)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص541)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص422)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص336 و337 و339)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص254)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص72)، والحدثاني في «الموطأ» (ص413)، والفريابي في «الصيام» (ص50 و51)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص207 و208) من طريق أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي t به.

قلت: فإذا غربت الشمس، فليفطر الصائم، وذلك أن الخيرية منوطة بتعجيل الإفطار([230])، والله المستعان.

قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].

قلت: فكل ما فيه خير للعباد، ورحمة، وتيسير لهم فهو في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وآثار الصحابة الكرام.

قال القـاضـي عـيـاض / في «إكمال المعلم» (ج4 ص33): (وقوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ ظاهره أنه عليه السلام أشار أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره، ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور). اهـ

وقال الإمام المازري / في «المعلم» (ج2 ص32): (قوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ ظاهره أنه r أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغير هذه السنة التي هي تعجيل الفطر، وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك؛ كالعلم على فساد الأمور).اهـ

وقال الحافظ السيوطي / في «الديباج» (ج3 ص198): (قوله r: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)؛ لما فيه من المحافظة على السنة، فإذا خالفوها إلى البدعة كان ذلك علامة على إفساد يقعون فيه). اهـ

قلت: فإذا غربت الشمس، فأفطر؛ لأن تعجيل الفطر بالغروب من الفضائل، وهو من السنة النبوية.([231])

قلت: والحكمة في تعجيل الفطر لأمور منها:

1) أن الله تعالى هو الكريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه.

2) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الخارج من اليهود والنصارى.

3) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الداخل من الرافضة، والإباضية، والصوفية، والحزبية.

4) أن ذلك يقوي العبد على الطاعة، وعلى حاجاته، وأرحم به.

5) أن ذلك فيه اقتداء بالرسول r، والتأسي به r، وبصحابته y.

6) أن في ذلك ظهور الدين وعلوه.

7) أن في ذلك ظهور الخيرية في المسلمين.

8) أن في ذلك ظهور الخيرية في الفرد.

قال الفقـيـه ابـن الـصـواف / في «الخـصـال الـصغير» (ص50): (وفضائل الصوم: تقديم الإفطار، وتأخير السحور). اهـ

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (ما يؤخذ من الحديثين:

1) استحباب تعجيل الفطر، وقد اتفق العلماء على استحباب تعجيل الفطر، إذا تحقق غروب الشمس برؤية، أو بخبر ثقة، أو غلب على ظنه الغروب.

2) أن تعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، وزوال الخير عمن أخره.

3) الخير المشار إليه هو اتباع السنة، ولا شك أنه سبب خيري الدنيا والآخرة ... فالشارع الحكيم يطلب من المسلمين ألا يشابهوا أهل الكتاب في عباداتهم، فتعجيل الفطر شعار يفرق بين صيام أهل الإسلام، وأهل الكتاب، وبين سوء المخالفة، وحسن الاتباع، والاقتداء.

4) هذا الحديث من المعجزات النبوية؛ فإن تأخير الإفطار هو طريقة بعض الفرق الضالة). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «سبل السلام» (ج2 ص304): (والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى). اهـ

قلت: وتأخير الفطر عن غروب الشمس صار شعارا لأهل البدع المخالفين، وسمة لهم([232])، والعياذ بالله.

قلت: ويجوز الفطر بناء على غلبة الظن بغروب الشمس؛ ودليل ذلك: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (1823) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق ، قالت: (أفطرنا على عهد النبي r يوم غيم، ثم طلعت الشمس)، فأنهم لم يفطروا على علم؛ لكن أفطروا على غلبة الظن، وأنهم لو أفطروا على علم ما طلعت الشمس.

قال الفقيه الشيخ البسام / في «توضيح الأحكام» (ج3 ص153): (قال تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، فهذا يقتضي أن الإفطار عند غروب الشمس، فقد أجمعوا على أن الصوم ينقضي، ويتم بتمام الغروب، وأن السنة أن يفطر إذا تحقق الغروب، وأن له الفطر بغلبة الظن اتفاقا، إقامة له مقام اليقين). اهـ

قلت: وهذه قاعدة شرعية عظيمة في تعيين الغروب الذي يفطر عليه الصائم حتى بغلبة الظن، لأن الأصل هنا دخول الليل بغروب الشمس، ولو بالظن وذهاب النهار، ولا عبرة بالنور الباقي، والصفرة في السماء، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص322): (هذا الحديث فيه تعجيل الإفطار، لكن قال العلماء رحمهم الله: بشرط أن يتيقن، أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛ فـــ«يتيقن» إذا أمكنه المشاهدة؛ أو يغلب على ظنه إذا لم يمكنه المشاهدة؛ كما لو كان هناك غيم، أو حال بينه وبينها جبل، أو ما أشبه ذلك). اهـ

قلت: فإذا تيقن أن الشمس غربت، فيفطر، وإذا غلب على ظنه أنها غربت، فيفطر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص231): (ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت: (أفطرنا يوما من رمضان في غيم على عهد رسول الله r ثم طلعت الشمس).

وهذا يدل على شيئين:

على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب؛ فإنهم لم يفعلوا ذلك ولم يأمرهم به النبي r والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ولرسوله ممن جاء بعدهم.

والثاني: لا يجب القضاء فإن النبي r لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم فلما لم ينقل ذلك دل على إنه لم يأمرهم به). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله r، فهو الأصوب لا شك). اهـ

75) وعن رافع بن خديج t قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي r، فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله).([233])

قوله r: (مواقع نبله)؛ إذا رميت بعيدا، ووقعت أي: حيث تقع.([234])

وهذا يدل على سرعة النبي r في تأدية صلاة المغرب في ضوء آخر النهار، وفي هذا الوقت يفطر الصائم في هذا المستوى من النهار لتعجيل فطره، ولإصابة السنة، ولا يؤخر إلى ظهور الليل، لأن ذلك خلاف السنة، والله ولي التوفيق.

قلت: فتعلموا من هذه الآثار، ومن تعلم منكم فليعمل بما علم، والله المستعان.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (السعيد من وعظ بغيره).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3645)، وابن وهب في «القدر» (ص61 و63)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1047)، والفريابي في «القدر» (140)، والآجري في «الشريعة» (361)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص214 إتحاف المهرة)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3044)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1402)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2644)، وابن حبان في «صحيحه» (6177)، وأبو داود في «الزهد» (170) من طرق عن ابن مسعود t به.

قلت: فعلى الناس أن يتحروا رؤية غروب الشمس، فإذا غربت أفطروا مباشرة، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على «التقويم الفلكي»، لأنه متأخر عن غروب الشمس، لأن للفطر وقتا كوقت الصلاة تماما، وإلا وقعوا في البدعة التي وقع فيها اليهود والنصارى، والرافضة والحزبية، وهي تأخير الإفطار عن غروب الشمس، اللهم سلم سلم.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([235])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

 

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن»  (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([236])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([237])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([238])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلابد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك الى تأويل بلا نص، ولا اجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([239])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([240])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([241]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).   

هذا آخر ما وفقني اللـه سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء اللـه - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى اللـه وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد للـه رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ذكر الدليل بالصور

في موافقة الفلكيين للكتاب والسنة والآثار واللغة العربية

في درجات غروب الشمس

 

 

الشكل الأول

لغروب الشمس

يجوز للصائم

أن يفطر على أي غروب من هذه الأشكال شـــــاء

 

 

 

 

 

 

الشكل الثاني

لغروب الشمس

 

 

 

 

 

 

الشكل الثالث

لغروب الشمس

 

 

 

 

 

هذه أشكال غروب الشمس في العلم الفلكي، وهي دراسة من قبل علماء الفلك على الحساب الفلكي في الغرب والشرق في التواصل المرئي

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

درة نادرة نكارة بدع هذا الزمان في تأخير الفطور..............................

5

2)

المقدمة.....................................................................................................

6

3)

ذكر الدليل على تعيين غروب الشمس لدخول وقت صلاة المغرب والذي يسن للصائم تعجيل فطره عنده، وتعجيل فطره بمغيب قرص الشمس كله، وله تعجيل فطره أحيانا قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، لأن الأمر فيه سعة؛ بل هذا يسمى غروبا في الدين فلا نحجر واسعا......................................................................................................

24

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص399).

([2]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص209)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«أحكام القرآن» للطحاوي (ج1 ص168) و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص403).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([4]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن زيد بن أسلم به.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص675)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص374)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474).

([5]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده حسن.

([6]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

([7]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([8]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص97)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج5 ص148) من طريق ليث بن أبي سليم، وابن أبي نجيح عن مجاهد به.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص472)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([9]) النجم: هو الوقت المضروب.

    انظر: «التعليق على تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج9 ص169).

([10]) انظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج2 ص333).

([11]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([12]) قلت: وقد روي هذا الحديث: «الصلاة في أول وقتها» من حديث ابن مسعود t؛ ولا يصح بزيادة: «أول وقتها»؛ بل هي زيادة شاذة لا تثبت من حديث ابن مسعود t.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص339)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص188)، وفي «معرفة علوم الحديث» (ص130)، والخطيب في «الكفاية» (428)، وابن حزم في «المحلى» (ج3 ص182)، وغيرهم، وقد أعرض الحافظ البخاري في «صحيحه» عن هذه الزيادة، فروى الحديث بلفظ: «الصلاة على ميقاتها»، وهذا يؤكد شذوذها عنده.

     إذا: فالحديث غير محفوظ بهذه الزيادة، ويأتي تخريجه في موضع آخر، والله ولي التوفيق.

([13]) أي: في وقتها المحدد في الشريعة.

     انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص203).

([14]) وهي مخالفة مكشوفة، وواضحة لما كان عليه الأمر في زمن النبي r، وزمن أصحابه y، ومن بعدهم.

([15]) فيجب مرعاة وقت صلاة الفجر، وعدم إضاعته بما يسمي: بــ«التقويم الفلكي».

([16]) وهذا من التشديد على المسلمين، ولم يكن r ليشدد على أحد من المسلمين، والله المستعان.

([17]) وهذا هو واجب المسؤولين في وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، والله المستعان.

([18]) أو عن طريق «العلم الشرعي» لكن بقصور في التحقيق والبحث.

([19]) قلت: وتنطع الفلكيون، ومن تابعهم ممن ينتسب إلى العلم في تأخير الفطر للصائم إلى الأذان على حسب «التقويم الفلكي!»، الذي يكون معه بعض سواد الليل، فخالفوا السنة!، وهم يظنون على السنة!، اللهم غفرا.

      قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص199): (تنبيه؛ من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ... وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير وكثر فيهم الشر). اهـ

 

([20]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([21]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له؛ أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([22]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([23]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([24]) هذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح في الحديث، وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له؛ أي: شاهد صحيح، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى في هذا الحديث ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([25]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([26]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في إصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570و571و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236و237).

([27]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([28]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([29]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([30]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([31]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([32]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([33]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([34]) توارت بالحجاب: غاب حاجب الشمس، وغربت.

      وانظر: «المنهاج» للنووي (ج5 ص136)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص42).

([35]) وانظر: «معالم السنن» للخطابي (ج1 ص276)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص29)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج2 ص2)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص164)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص42).

([36]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص216)، و«المغني» لابن قدامة (ج1ص425)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج1 ص164)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص30)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج1 ص504)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص276)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج1 ص371).

([37]) وانظر: «الكواكب النيرات» لابن الكيال (ص33)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص201)، و«المختلطين» للعلائي (ص58).

([38]) وانظر: «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج3 ص156).

     والفطر: ابتداء بالأول، واستئناف حال أخرى غير الصوم، وكل شيء ابتدائه فقد فطرته، وموضوعه هنا: قطع الصوم الشرعي بالأكل والشرب.

     انظر: «الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج1 ص325).

([39]) الاستيناء بالسحور؛ أي: تأخيره.

([40]) قلت: فعتبر غروبا بسبب البعد في جهة الغرب في زمن لم يغيب قرص الشمس كله.

([41]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص167).

([42]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([43]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([44]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([45]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص305).

([46]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص45)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص29).

([47]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص45)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33).

([48]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص102)، و«مراتب الإجماع» لابن حزم (ص70).

([49]) قلت: وتحل صلاة المغرب بغروب الشمس.

([50]) وانظر: «تحفة الباري» للأنصاري (ج2 ص527)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج9 ص124)، و«فيض الباري» للكشميري (ج4 ص102)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص384)، و«عون المعبود» لأبي عبدالرحمن العظيم آبادي (ج6 ص478).

([51]) «رواية الكوسج» (ج2 ص1224).

([52]) وانظر: «غاية المطلب» لأبي بكر الجراعي (ص178)، و«هداية الراغب» لابن قائد (ص298)، و«الروض المربع» للبهوتي (ص236)، و«كشاف القناع» له (ج2 ص153)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص332)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص360)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج2 ص249)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج2 ص98)، و«منهاج الطالبين» للنووي (ج2 ص98)، و«المختصـر» لخليل (ج1 ص204)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص555).

([53]) وانظر: «نهاية المحتاج» للرملي (ج3 ص150)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص424)، و«كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار» للحصني (ص189)، و«غاية الاختصار» لأبي شجاع (ص189)، و«المنهج القويم» للهيتمي (ج2 ص364)، و«الحاشية» للجرهزي (ج2 ص364)، و«فتح المعين» للمعبري (ص273)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص532)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص517)، و«فتح الوهاب» للأنصاري (ج1 ص210)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص83)، و«شرح منتهى الإرادات» للبهوتي (ج1 ص455)، و«الذخيرة» للقرافي (ج1 ص393)، و«المختصـر» للخرقي (ج1 ص613)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص555)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص532)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص517).

([54]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص159)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص392).

([55]) وانظر: «فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص109)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص32)، و«المكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج4 ص32)، و«المفهم» للقرطبي (ج3 ص157).

([56]) وانظر: «فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص115).

([57]) وانظر: «مرقاة المصابيح» للقاري (ج4 ص479)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2ص1416).

([58]) فأرشد النبي ه إلى تعجيل الإفطار، والله المستعان.

([59]) وانظر: «الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص18)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج4 ص478)، و«المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (ج2 ص42)، و«القبس» لابن العربي (ج2 ص478).

([60]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص46)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص132) من حديث عمر بن الخطاب ط.

([61]) وانظر: «البدر التمام» للمغربي (ج2 ص403).

([62]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1427).

([63]) وانظر: «الثمر الداني» للآبي (ص176)، و«شرح مختـصر خليل» للخرشي (ج3 ص17)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص17)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص211)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1416)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص135)، و«النهر الفائق» لابن نجيم (ج2 ص5)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص432).

([64]) وانظر: «مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص24)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص661)، و«عقد الجواهر الثمينة» لابن شاس (ج1 ص80)، و«منهاج الطالبين» للنووي (ج1 ص167)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص343)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص315)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص315)، و«الثمر الداني» للآبي (ص57)، و«أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري» للخطابي (ج1 ص445)، و«شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج2 ص258)، و«الحاشية على سنن النسائي» للسندي (ج2 ص258).

([65]) وانظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج3 ص161).

([66]) انظر: «إعانة الطالبين» للدمياطي (ج1 ص185)، و«السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني (ج1 ص421)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص92)، و«الشـرح الكبير» للدردير (ج1 ص118)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87 و273)، و«فتح الوهاب» للأنصاري (ج1 ص54)، و«كفاية النبيه» لابن الرفعة (ج2 ص338)، و(ج6 ص369)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص30)، و«الهداية» للكلوذاني (ص28)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص236)، و«الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج2 ص99)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص46)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص182).

([67]) أي تمامه إلى مغيب الشفق الأحمر جهة المغرب.

([68]) الشفق الأحمر؛ أي: الذي يرى في المغرب من بقايا شعاع الشمس، وبغيابه يخرج وقت المغرب، ويدخل وقت العشاء.

     وانظر: «المنتقى» للباجي (ج1 ص15)، و«الفواكه الدواني» للنفراوي (ج1 ص169)، و«إرشاد السالك» لابن عسكر (ص32)، و«المبسوط» للسرخسي (ج1 ص144).

([69]) وانظر: «شرح سنن أبي داود» للعيني (ج2 ص282)، و«المنهل العذب المورود» للسبكي (ج3 ص234)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص161).

([70]) وانظر: «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» لابن رجب (ج3 ص161).

([71]) قلت: والمراد أنه يؤخر فعل السنة؛ وهو تعجيل الإفطار، والله المستعان.

([72]) قلت: وإن تركه قصدا لموالاة الصيام قربة، فقد خالف السنة، وتشبه بأهل الكتاب، والعياذ بالله.

([73]) وانظر: «الحاشية» للشلبي (ج2 ص211)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص83).

([74]) وانظر: «الواضح في شرح مختصر الخرقي» لابن أبي القاسم (ج1 ص61).

([75]) ولأن في تعجيل الفطر، وتأخير السحور قوة لجسده، ومعونة لأداء عبادته.

      انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج3 ص444).

([76]) انظر: «مختصر المزني» (ص57).

([77]) أي: قبل صلاة المغرب؛ لأن تعلق القلب بالطعام يشغل عن الصلاة.

([78]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1427)، و«التعليق الممجد» للكنوي (ج2 ص204)، و«سبل السلام» للصنعاني (ج2 ص304)، و«الكاشف» للطيبي (ج4 ص179)، و«الإمداد» للشيخ الفوزان (ج2 ص381)، و«القبس» لابن العربي (ج2 ص478)، و«إكمال إكمال المعلم» للآبي (ج4 ص32)، و«المنتقى شرح الموطأ» للباجي (ج2 ص42).

([79]) يعني: من سرعة فطره.

([80]) وانظر: «الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص179 و180).

([81]) أصاغرهم: هم الذين ينتسبون إلى العلم، وليسوا من أهله، والله المستعان.

([82]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص136)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص142)، وعبد الرزاق في «المصنف» (5408)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص8).

     وإسناده صحيح.

     وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج1 ص189)، ثم قال: وله إسنادان أحدهما رجاله رجال الصحيح؛ رواه عن الأسود عن عبد الله بن مسعود.

     قلت: بل له ثلاثة أسانيد.

([83]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص137 و138).

     وإسناده صحيح.

([84]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «الزهد» (127)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص104- تحفة الأشراف)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص166)، وابن المبارك في «الزهد» (501)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص177)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص310)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص3609).

    وإسناده صحيح.

([85]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163)، وأبو داود في «الزهد» (133)، وابن أبي حاتم في «الزهد» (32)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5434)، وهناد في «الزهد» (934)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص134)، والعدني في «المسند» (1590- المطالب العالية).

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ج2 ص96)، والشيخ الألباني في «الصحيحة» (2613).

     وقال العراقي في «المغني» (ج1ص17): موقوفا على ابن مسعود.

     وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج1ص80)؛ رجاله ثقات.

([86]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص377)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج3 ص37).

([87]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([88]) أثر صحيح.

     أخرجه أحمد في «الزهد» (199)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص103)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج5 ص159-الدر المنثور)، وأبو داود في «الزهد» (134)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص409)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3264)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص27).

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص290).

     وقال العراقي في «المغني» (ج1 ص134): وإسناده صحيح.

     وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج2 ص261): رجاله رجال الصحيح.

([89]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو داود في «الزهد» (165)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص163)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص408)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص3066)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3263)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج5 ص159-الدر المنثور)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص98).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص159).

([90]) قلت: أما إذا كان جاهلا بصفة الصلاة، فإنه لم ينتفع بها، لأنه مخل فيها، فهذا لابد أن يقع في المحرمات، والبدع، والمنكرات ولابد، كما هو مشاهد من عامة المصلين في البلدان الإسلامية، وذلك بسبب جهلهم بشروط، وأركان، وواجبات الصلاة.

      فهذا المصلي الجاهل لم يطع الصلاة، وما دام كذلك فلم يتأثر بها، لأنها مخالفة لصفة صلاة النبي ه، بناء على ذلك لم تنهه صلاته عن فعله للمخالفات الشرعية.

      فالصلاة التي تنهى العبد عن الفحشاء والمنكر هي ما وافقت قوله ه: «صلوا كما رأيتموني أصلي»؛ وإلا فلا؟!.

([91]) أثر صحيح.

     أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج7 ص30)، وأحمد في «الزهد» (ص324)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص410).

     وإسناده صحيح.

([92]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص3066)، والطبري في «جامع البيان» (ج18 ص408).

     وإسناده صحيح.

    وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص159).

([93]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

     وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([94]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([95]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([96]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([97]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([98]) وانظر: «المخلص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص105)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص23)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص794 و795)، و«الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» لابن الملقن (ج5 ص309)، و«إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد (ص566).

([99]) وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص32)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج4 ص32)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص157)، و«مختصر سنن أبي داود» للمنذري (ج3 ص235)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج4 ص217).

([100]) وانظر: «كنز الراغبين» للمحلي (ج2 ص98)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج4 ص217)، و«مشكاة المصابيح» للتبريزي (ج4 ص791)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج2 ص98)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج3 ص584)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص204)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص555)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج4 ص478)، و«سبل السلام» للصنعاني (ج2 ص305)، و«التنوير» له (ج11 ص98)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج14 ص631)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي (ص138)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1424).

([101]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج2 ص237).

([102]) أثر حسن لغيره.

     أخرجه سمويه في «فوائده» (ج8 ص613-كنز العمال).

([103]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص41)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص84).

([104]) وأبو هند درهم هذا من العباد.

     انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (534).

([105]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص960).

([106]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص143)، و«جامع البيان» لابن جرير (ج15 ص212)، و«تغليق التعليق» لابن حجر (ج4 ص244)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص368)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2352)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج5 ص121)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص139)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص107)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص159)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج31 ص89).

([107]) انظر: «الوسيط في تفسير القرآن» للواحدي (ج3 ص139)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص86)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص241)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص154)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص159)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج15 ص222)، و«تذكرة الأريب» لابن الجوزي (ج1 ص314)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص107)، و«تفسير المشكل من غريب القرآن» للقيسـي (ص142)، و«تأويل مشكل القرآن» لابن قتيبة (ص264)، و«جامع البيان» لابن جرير (ج15 ص212).

([108]) قلت: فهي تميل وتتحرك عنه شمالا لوجودها، أما إذا اختفت بالكلية، فكيف تميل عن الكهف؟!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

([109]) وانظر: «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر (ج3 ص156).

     والفطر: ابتداء بالأول، واستئناف حال أخرى غير الصوم، وكل شيء ابتدأته فقد فطرته، وموضوعه هنا: قطع الصوم الشرعي بالأكل والشرب.

     انظر: «الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج1 ص325).

([110]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج21 ص98)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج4 ص247)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص3225)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج3 ض412)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج4 ص22)، و«السنن» للدارقطني (ج2 ص88).

([111]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([112]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([113]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([114]) وانظر: «المبدع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص343)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62 و63)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص235)، و«المصنف» لعبد الرزاق (ج4 ص226)، و«مختصر صحيح البخاري» للشيخ الألباني (ج1 ص571)، و«عمدة القاري» للعيني (ج9 ص130).

([115]) وفسر الصحابة y أيضا كيف يفطر الصائم ومتى؟!.

([116]) وأشار ه بيده نحو المشرق، كما في رواية.

([117]) ويدل على ذلك أن لو ركب أحدهم على مرتفع يسير لرأى قرص الشمس، لأنه لم يغيب كله، اللهم غفرا.

([118]) وانظر: «تحفة الباري» للأنصاري (ج2 ص527)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج9 ص124)، و«فيض الباري» للكشميري (ج4 ص102)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص384)، و«عون المعبود» لأبي عبدالرحمن العظيم آبادي (ج6 ص478).

([119]) قوله r: «فاجدح»؛ بالجيم ثم حاء المهملة، والجدح تحريك السويق بالماء، ويحرك حتى يستوي بالعود يقال له: المجدح، مجنح الرأس يخاض به الأشربة وتستوي، والجدح: خلط الشئ بغيره، والمجدحة: الملعقة.

انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197)، و«عون المعبود» لأبي عبدالرحمن العظيم آبادي (ج6 ص479)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص161)، و«النهاية في غريب الحديث» لأبن الأثير (ج1 ص239)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج2 ص33)، و«المفصح» لابن هشام (ص87).

([120]) معناه: لو ركب أحد منهم على بعيره لرأى الشمس طالعة لم تغيب بالكلية.

([121]) قلت: ولا يلتفت إلى من لم يفقه هذا الحكم في تعجيل الإفطار على هذه الطريقة في هذا العصـر، لأن النبي r أفطر ولم يلتفت إلى قول بلال t، والله المستعان.

([122]) لذلك لو تحقق لبلال بن رباح t أن الشمس قد غربت بالكلية ما توقف عن أمر الرسول r، لأنه يعرف حكم غروب الشمس بهذا المستوى لأذانه في المدينة لصلاة المغرب في المسجد النبوي، فهذا لا يخفى عليه، والذي خفي عليه أن وقت الغروب قد دخل مع طلوع الشمس، وحل الإفطار، وحلت صلاة المغرب، فأراد أن يستكشف عن حكم المسألة هذه، فعلمه النبي r صحة هذا الحكم وأنه الحق، وما كان عليه t إلا التسليم لأمر الرسول r.

      وانظر: «القبس» لابن العربي (ج2 ص476)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197).

([123])وهذا مطابق لظاهر القرآن، وشهادة الآثار السلفية له، وموافقته لأصل من أصول الشريعة الغراء: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وعمل الصحابة y بهذا الحكم.

([124]) وهذا يدل أن الشمس في الأفق مرتفعة خلف مرتفع صغير من تل، أو سهل ونحوهما، وذلك من قوله لو ركب أحدنا على بعيره لرأى الشمس طالعة، وكما هو معلوم أن البعير ليس طوله بالعالي الذي يرى فوقه الشمس من خلف جبل مثلا، فانتبه.

      وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص197).

([125]) وهذا فيه رد على من زعم أن الأرض كانت مستوية!.

([126]) وإن من العجب أن يتوجه البعض إلى إنكار هذه الألفاظ الصريحة في الحكم، ويفسرها بأن المراد من قوله: (إن عليك نهارا)، وقوله: (الشمس يا رسول الله)؛ إنما قال ذلك لأنه رأى آثار الضياء والحمرة التي بعد غروب الشمس بالكلية!: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص: 6].

       قلت: وهؤلاء بقولهم هذا يتهمون وهم لا يشعرون بلال بن رباح t  بأنه لا يميز بين صفة الشمس، وبين صفة الحمرة في الأفق؛ أي: أنه لا يعرف في شكل الشمس، وشكل الحمرة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

      لو كان كذلك لقال: يا رسول الله الحمرة، أو الضياء، لأنه يعرف شكل الشمس، ولذلك قال: (الشمس يا رسول الله)، ولم يقل: (الحمرة)؛ لمعرفته بصفة الشمس، وصفة الحمرة، فافهم لهذا.  

([127]) وهذا يدل على أن الشمس لم تغب بالكلية، فلذلك سأل بلال بن رباح t النبي r عن هذا الحكم الجديد في تعجيل الإفطار بهذا المستوى من الشمس.

([128]) قلت: وما أكثر أهل العناد في العصر نعوذ بالله من الخذلان.

([129]) والمسألة هذه هي إفطار الصائم مع وجود قرص الشمس.

       قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص197): (وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب). اهـ؛ يعني: لم تغرب بالكلية.

([130]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([131]) «مختصر الصواعق المرسلة» (ج1 ص126).

([132]) قلت: وعطية بن سفيان قد حسن له الحافظ ابن حجر، أو صحح له في «فتح الباري» (ج13 ص54).

([133]) وانظر: «تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص403)، و«التقييد والإيضاح» للعراقي (ج1 ص578)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص904).

([134]) وقد وهم الحافظ ابن حجر / من عده صحابيا؛ كالطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص448)، وأبي نعيم في «معرفة الصحابة» (3279)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج3 ص43)، وغيرهم.

        قال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص681): (عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، صدوق، من الثالثة، ووهم من عده صحابيا). اهـ

([135]) وانظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275).

([136]) لذلك قول الحافظ الذهبي / في «الكاشف» (ج2 ص235)؛ فيه جهالة فيه نظر لما بينه عنه العلماء في أصول الحديث، لكن سكت عنه الذهبي في «الميزان» (ج3 ص477).

([137]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج22 ص623 و624)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص217).

([138]) مثل: وفد ثقيف، فالوفد هذا من الصحابة.

     وانظر: «السنن» لابن ماجه (ج2 ص642)، و«السيرة النبوية» لابن هشام (ج4 ص185)، و«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275).

([139]) وانظر: للاختلاف: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم (5072)، و«المصنف» لعبد الرزاق (27616)، و«الآحاد والمثاني» لابن أبي عاصم (1371). و«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج4 ص454).

([140]) إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، وهو مجهول الحديث، كما في «التقريب» لابن حجر (ص136).

([141]) وهذه الرواية هي الصحيحة، وقد رجها أهل العلم، كما سبق.

([142]) فدخل عليها ما دخل من التحريفات في السند.

([143]) لعل ذلك يكون في موضع آخر.

        قلت: وقد ذكرت التفصيل في تخريج قصة: وفد ثقيف في هذا الكتاب نفسه، فرجع إليه.

([144]) وهذا الحديث يدل على شهرة قصة وفد ثقيف على رسول الله r في شهر رمضان وإسلامهم، وأنهم صاموا في رمضان، وقدم وفد ثقيف في سنة تسع من الهجرة.

       وانظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (ج5 ص275)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج5 ص32)، و«الروض الأنف» للسهيلي (ج7 ص418)، و«تاريخ الأمم» للطبري (ج2 ص179)، و«المنتظم في تاريخ الأمم» لابن الجوزي (ج3 ص352 و355)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج7 ص10).

([145]) قلت: فقد أقر السهيلي قصة وفد ثقيف في عهد رسول الله r، وصومهم في رمضان، وإفطارهم والشمس لم تغب بالكلية.

([146]) قلت: ولم ينكر ابن أبي بكر الحرضي الفطر مع وجود قرص الشمس في الأفق وهي طالعة في قوله: (ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد)، بل قال ذلك من السنة.

([147]) قلت: وهذا إقرار ابن كثير في ثبوت قصة وفد ثقيف، ولم ينكر إفطارهم والشمس وهي طالعة بجهة المغرب في عهد النبي r.

([148]) قلت: ولم ينكر المقريزي إفطار وفد ثقيف قبل غروب الشمس بالكلية.

([149]) قلت: والغروب الثاني كما جاء في الروايات الأخرى، وثبت في هذه الروايات أيضا الغروب الأول، والشمس طالعة حين أفطر الصائم.

([150]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (628).

([151]) قلت: ففطر الصائم بقرب الغروب؛ أي: والشمس قرب الأرض من جهة الغروب، كما تدل عليه: (كاد)؛ أي: (حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعد ما أفطر الصائم)، فذكر ذلك للفائدة.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص123).

([152]) قلت: وهذا يدل على أن هناك وقتان في الحديث الواحد.

([153]) قلت: وهذا يدل على أن أثناء مخاطبة عمر بن الخطاب t للنبي r كان وقت إفطار الصائم، وهو أثناء الغروب الأول، والشمس طالعة؛ لأن لا فائدة من ذكر ذلك إذا كان يعني بعد غروب الشمس بالكلية، لأن تكررت كلمة: (بعد ما غربت الشمس)، أي: الغروب الكلي، وهذا الذي دلت عليه الألفاظ الأخرى في نفس يوم الخندق وغيره، والله ولي التوفيق.

([154]) وعلى هذا لا يلتفت إلى المقلدة المتشددة الذين لا يجوزون للصائم أن يفطر في هذا المستوى من الشمس.

([155]) قلت: وذهب عدد من أهل العلم إلى تأويل الأحاديث بالتأويلات البعيدة في إصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق، والصحيح أن الأحاديث تبقى على ظاهرها في دخول وقت صلاة المغرب، وهي طالعة في الأفق لم يغب قرصها في الأرض.

      وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج2 ص570و571و572)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص236و237).

([156]) يعني: الشمس طالعة، وهذا يدل أن الشمس لم تغب بالكلية، وهذا وقت دخول صلاة المغرب، وإفطار الصائم.

([157]) قلت: إذا جمعت الروايات المرفوعة، مع الروايات الموقوفة؛ تبين لك أن آخر وقت صلاة العصر عند اصفرار الشمس، وهي طالعة في الأفق بيسير عن الأرض، ومن هنا يتبين لك أنه لا إشكال في كون دخول وقت صلاة المغرب بهذا المستوى من الشمس؛ أي: لم يسقط قرصها كله.

      قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج2 ص573)؛ عن آخر وقت العصر: (وبالاصفرار قال جمهور أئمة الفتوى). اهـ

([158]) قلت: والمراد بقرنها أعلى قرص الشمس.

       وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص 236)، و«إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص541).

        قلت: وصلاة المغرب يجب أن يبكر بها، وتعجل في أول وقتها؛ أي: بمجرد غروب الشمس حتى ننصرف والمنطقة مسفرة جدا، وحتى يرمي أحدنا نبله، فيبصر موقعه لبقاء الضوء الشديد.

([159]) وهذا الغروب هو الأول، وهو أن الشمس مرتفعة لم يسقط قرصها بالكلية.

([160]) وهذا الغروب هو الثاني، وهو أن الشمس غربت بالكلية.

       لذلك لا يجوز التقليد في دخول وقت صلاة المغرب لوضوحه حتى للعوام إذا تدبروا الأدلة.

       قال الإمام القرافي /: (منع ابن القصار / التقليد في دخول وقت الظهر لوضوحه حتى للعوام، ولا يرد أن يقال المغرب أوضح؛ لأن المقصود معرفة الوقت من حيث إيقاع الصلاة فيه). اهـ

      انظر: «إكمال إكمال المعلم» للوشتاني (ج2 ص542).

([161]) فيقول شيخنا ابن عثيمين / بالغروبين، عند اصفرار الشمس، وهذا الوقت الأول، وعند خفائها، وهذا الوقت الثاني، وهذا هو المراد من ذكر قول شيخنا هنا، أنه ذكر الوقتين للشمس في جهة الغروب، وهذا موافق للسنة والآثار، وإن كان ذكر الغروب الكلي لدخول صلاة المغرب.

([162]) قلت: ولا تدخل الصفرة في الشمس إلا بعد أن تكون في جهة الغرب، وهي طالعة، وهذا وقت دخول صلاة المغرب الأول، كما في الروايات الأخرى، أيضا.

([163]) عرق: العظم الذي أكل لحمه.

     انظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (1172).

([164]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص447)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص343)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص19)، و«التاريخ» للدوري (ج2 ص376).

([165]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج3 ص451)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج1 ص318)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص284)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص345).

([166]) قلت: ولا يستطيع أحد ممن يزعم أنه يعجل الفطر في هذا الزمان ممن ينتسب إلى العلم؛ أن يفطر وقرص الشمس لم يغيب، لأن يصيبه وسواس في نفسه، هل صومه صحيح، أو لا؟!، بل هؤلاء لم يفطروا بغروب الشمس بالكلية؛ لأنهم يفطرون مع الأذان الذي هو متأخر عن غروب الشمس؛ أي: على التقويم الفلكي، اللهم غفرا.

([167]) طبق السنة في هذا المستوى من الشمس، أحيانا، ولا تلتفت إلى من لا يستطيع أن يطبقها، اللهم غفرا.

([168]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (583)، ومسلم في «صحيحه» (838).

([169]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401)، و«السنن» للترمذي (ج2 ص318)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص196)، و«تغليق التعليق» له (ج3 ص195)، و«الصيام» للفريابي (ص56).

([170]) وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص28).

([171]) قدر أهل العلم هذا الارتفاع بمقدار رمح.

     انظر: «شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص183).

([172]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص183)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص489)، و(ج4 ص247)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص235)، و«المصنف» لعبدالرزاق (ج4 ص226)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج4 ص22)، و«المستدرك» للحاكم (ج4 ص274)، و«صبح الأعشى» للقلقشندي (ج2 ص367)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج3 ص416)، و«الصيام» للفريابي (ص56).

([173]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (831)، وأبو داود في «سننه» (3192)، والترمذي في «سننه» (1030)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1151)، وفي «المجتبى» (560)، وابن ماجه في «سننه» (1519)، وأحمد في «المسند» (17377)، والثقفي في «الثقفيات» (150)، والفاكهي في «الفوائد» (15)، والسراج في «حديثه» (1543)، و(2340)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص113)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (1776)، والروياني في «المسند» (201)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص331)..

([174]) وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج3 ص181)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج2 ص208 و209 و211)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص260 و261)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401).

([175]) قلت: فالميل هذا في نفسه يسمى غروبا عند العرب.

     وانظر: «المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج1 ص311)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2343)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج2 ص336)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص14)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص120)، و«تفسير القرآن» لعبدالرزاق (ج1 ص384)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«جامع البيان» للطبري (ج15 ص22).

([176]) أي: عند الغروب الثاني الكلي.

([177]) قلت: وفي هذا القدر من ارتفاع الشمس من الأرض يسمى غروبا عند العرب، وهذا الذي دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والآثار.

([178]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (582)، ومسلم في«صحيحه» (828).

([179]) فسمى الشيخ ابن باز هذا النوع من الغروب غروبا.

([180]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (582)، ومسلم في«صحيحه» (829).

([181]) وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص258): باب: لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس.

([182]) وانظر: «عمدة القاري» للعيني (ج2 ص234 و236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص265 و266)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص258)، و«فيض الباري» للكشميري (ج1 ص316)، و«المنهاج» للنووي (ج2 ص366).

([183]) فحواجب الشمس: نواحيها؛ الحاجب الأعلى، والحاجب الأسفل، وغير ذلك.

     انظر: «عمدة القاري» للعيني (ج4 ص234).

     قال الجوهري / في «الصحاح» (ج1 ص107): (حواجب الشمس نواحيها). اهـ

([184]) أخرجه مسلم في«صحيحه» (829).

([185]) وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص258 و260)، و«المنهاج» للنووي (ج2 ص366 و367).

([186]) أخرجه مسلم في«صحيحه» (833).

([187]) أخرجه مسلم في«صحيحه» (833).

([188]) وانظر: «إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج3 ص203)، و«التعليق على صحيح البخاري» للشيخ ابن باز (ج2 ص175)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج1 ص437)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج3 ص203)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج3 ص178)، و«المفهم» للقرطبي (ج2 ص457)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص395)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج1 ص310).

([189]) انظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص403).

([190]) أثر حسن لغيره.

     أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص81-تفسير ابن كثير)، وسمويه في «فوائده» (ص77)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج7 ص121).

     وذكره السيوطي في «الجامع الكبير» (ج10 ص616).

     وأورده ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج7 ص81) ثم قال: (هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العمي عن أبيه، وقد ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال: ربما أخطأ). اهـ

     وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص311)، ثم قال: رواه البزار عن طريق خلف بن موسى عن أبيه، وقد وثقا، وبقية رجاله رجال الصحيح.

([191]) وانظر: «الجامع الكبير» للسيوطي (ج10 ص616)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص144 و145)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج19 ص166)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج11 ص291).

([192]) وهذا وإن بقى من الشمس يسيرا ترى بالعيون، إلا أنه عند العرب في حكم الغروب، فانتبه.

     وانظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج11 ص291)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج4 ص165).

([193]) وأبو هند درهم هذا من العباد.

     انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (534).

([194]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص960).

([195]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج6 ص247)، و«تذكرة الحفاظ» له (ج1 ص154).

([196]) يعني: لم تغب الشمس، وإلا لماذا يريدون أن ينظروا إليها، كما في رواية.

([197]) وانظر: «الكاشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج7 ص81)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج7 ص2342)، و«جامع البيان» للطبري (ج5 ص22)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص128)، و«تفسير القرآن» لابن وهب (ج1 ص137)، و«تفسير القرآن» لسعيد بن منصور (ج6 ص135).

([198]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص477).

([199]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج9 ص47)، ومسلم في «صحيحه» (2463).

([200]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4619)، ومسلم في «صحيحه» (2462).

([201]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2459).

([202]) فلما مالت الشمس إلى جهة الغروب، وزالت وأصحبت بالقرب من الأرض، فهذا يسمى غروبا عند العرب، وإن كانت طالعة لم تغب بالكلية.

([203]) فهذه الآية تعني دخول وقت صلاة الظهر، ودخول وقت صلاة المغرب، والله ولي التوفيق.

     وانظر: «تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج3 ص34)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج6 ص120)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1412)، و«الصحاح» للجوهري (ج4 ص1584)، و«الوسيط» للواحدي (ج3 ص120)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص21)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص196)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص70).

([204]) فقوله: «إذا غاب حاجب الشمس ... حين يغرب حاجب الشمس»؛ رواية شاذة، لأن جميع الروايات الثابتة عن ابن مسعود كان يصلي وقد غربت الشمس، وهي طالعة، فالشمس غربت، أو وهي طالعة بمعنى واحد بالنسبة للغروب، فانتبه.

([205]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1174)، و«تهذيب التهذيب» له (ج5 ص76)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص61)، و«التاريخ» للدوري (ج2 ص288).

([206]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج2 ص1412)، و«الصحاح» للجوهري (ج4 ص1584)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج10 ص191) و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص70)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج21 ص21)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج4 ص195)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص128).

([207]) ثم ذكر المثال المذكور أعلاه.

     قلت: وهذا يعرفه من درس أصول التفسير على يد علماء السنة.

     وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص401).

([208]) قلت: وهذا كله واسع؛ فمن شاء أفطر قبل الصلاة على وجود قرص الشمس بيسير من الأرض، ومن شاء أفطر بمغيب قرص الشمس كله، وكل ذلك من تحقق غروب الشمس، ولا بأس من فعل هذا، وهذا، والله ولي التوفيق.

     انظر منه؛ «الموطأ» للإمام محمد بن الحسن (ج2 ص205).

([209]) أي: أنه من سنة النبي r، ولقد أفطر r وقرص الشمس لم يغيب بالكلية، كما بين ذلك.

([210]) وانظر: «تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر» للشيخ الألباني (ص7 و8)، و«اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص65)، و«الكفاية» للخطيب (ص591)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص95).

([211]) وانظر: «الكفاية» للخطيب (ص591)، و«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص45)، و«تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص208)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج1 ص127)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ج1 ص579)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ص48).

([212]) فإذا قال الصحابي: (سنة)؛ فهو مسند مرفوع، لأنه لا يريد به إلا سنة رسول الله r، وما يجب اتباعه.

([213]) وانظر: «علوم الحديث» لابن الصلاح (ص45)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص30)، و«المجموع» له (ج1 ص59)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص314)، و«نهاية السول» للأسنوي (ج3 ص187 و188)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ج1 ص579).

([214]) وانظر: «النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص523)، و«جامع الأصول» لابن الأثير (ج1 ص94 و95)، و«قواطع الأدلة في أصول الفقه» للسمعاني (ص821 و824)، و«التبصرة في أصول الفقه» للشيرازي (ص332)، و«الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» للخطيب (ص591 و592).

([215]) قلت: فعتبر غروبا بسبب البعد في جهة الغرب في زمن لم يغيب قرص الشمس كله.

([216]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص167).

([217]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج10 ص62).

([218]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج2 ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص230).

([219]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.

([220]) قلت: ولا يستطيع أحد ممن يزعم أنه يعجل الفطر في هذا الزمان ممن ينتسب إلى العلم؛ أن يفطر وقرص الشمس لم يغيب، لأن يصيبه وسواس في نفسه، هل صومه صحيح، أو لا؟!، بل هؤلاء لم يفطروا بغروب الشمس بالكلية؛ لأنهم يفطرون مع الأذان الذي هو متأخر عن غروب الشمس، اللهم غفرا.

([221]) طبق السنة في هذا المستوى من الشمس، أحيانا، ولا تلتفت إلى من لا يستطيع أن يطبقها، اللهم غفرا.

([222]) وتصحف: «الطويل» إلى «الحارث»؛ ولعل الناسخ أخطأ في نسبته، لأن من شيوخ المعتمر؛ حميد الطويل، ولا يوجد من شيوخه حميد الحارث.

     انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج28 ص250).

([223]) يعني: من سرعة فطره.

([224]) فإذا أفطر الناس جميعا بغروب قرص الشمس بالكلية، فلا حاجة لابن عمر أن يأمر مجاهدا بتغطيته عن الناس، لأنهم اعتادوا الفطر بخفاء قرص الشمس بالكلية، فافطن لهذا.

([225]) وانظر: «الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص179 و180).

([226]) الفجاج: الطريق الواسع.

      انظر: «المعجم الوسيط» (ج2 ص674).

([227])  الفجاج مسفرة؛ أي بينة مبصرة لا تخفى.

        وفي الحديث: (صلاة المغرب) يقال لها: (صلاة البصر)؛ لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الإبصار والشخوص.

      انظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج12 ص279)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص159).

([228]) قال الإمام أحمد /: صلاة البصر: هي صلاة المغرب.

       انظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص159).

([229]) وانظر: «الحاشية» للشلبي (ج2 ص211)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص83).

([230]) وانظر: «مرقاة المصابيح» للقاري (ج4 ص479)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2ص1416).

([231]) وانظر: «الثمر الداني» للآبي (ص176)، و«شرح مختـصر خليل» للخرشي (ج3 ص17)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج3 ص17)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص211)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1416)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص135)، و«النهر الفائق» لابن نجيم (ج2 ص5)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج3 ص432).

([232]) وانظر: «البدر التمام» للمغربي (ج2 ص403).

([233]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (559)، ومسلم في «صحيحه» (637).

([234]) انظر: «المفهم» للقرطبي (ج2 ص263).

([235]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([236]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([237]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([238]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([239]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([240]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([241]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan