القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / تحرير: وقت صلاة الفجر في الشريعة المطهرة

2023-11-29

صورة 1
تحرير: وقت صلاة الفجر في الشريعة المطهرة

سلسلة

من شعار أهل الحديث

                                                                                              

 

61

 

 

 

تحرير:

وقت صلاة الفجر في الشريعة المطهرة

 

دراسة أثرية منهجية؛ في أن وقت صلاة الفجر؛ له ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: يدخل الفجر الصادق في بداية انتشار النور في الطرق، والسكك، والبيوت، مع ظلمة متوسطة، وهذا هو الغلس.

الدرجة الثانية: فيسفر الصبح أكثر من الغلس، فتذهب الظلمة بالكلية.

الدرجة الثالثة: فيسفر الصبح جدا، قبل طلوع الشمس؛ بعشر دقائق، فإذا طلعت الشمس انتهى وقت صلاة الفجر.

وهذا هو تعيين الفجر الصحيح بدرجاته المذكورة، وهو الذي يحرم الطعام على الصائمين، ويحل صلاة الفجر على المصلين، وقد ثبت ذلك في القرآن والسنة والآثار والإجماع؛ يعني: إجماع السلف.

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

    

وبه استعين

التمهيد

ذكر الدليل على أن الإسفار في صلاة

الفجر أعظم للأجر في الشريعة المطهرة

 

عن رافع بن خديج ط قال: قال رسول الله ه: «أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم». وفي رواية: «أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر». وفي رواية: «أسفروا بالصبح».([1])

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (1424)، والترمذي في «سننه» (154)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص272)، وابن ماجه في «سننه» (672)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص465)، و(ج4 ص142)، وابن حبان في «صحيحه» (1490)، والدارمي في «المسند» (1220)، والبغوي في «شرح السنة» (354)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص263)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص338)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص94)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص347)، وفي «تسمية ما روي عن ابن دكين» (54)، وفي «معرفة الصحابة» (2653)، وفي «مسند أبي حنيفة» (41)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2091)، والطبراني في «المعجم الكبير» (4286)، وفي «المعجم الأوسط» (9289)، وعبد الرزاق في «المصنف» (2159)، والطيالسي في «المسند» (959)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (422)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص178)، والشافعي في «الأم» (ج1 ص65)، وفي «المسند» (151)، وفي «الرسالة» (ص282)، وفي «اختلاف الحديث» (ص624)، وابن دكين في «الصلاة» (314)، و(315)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص212)، وفي «المسند» (64)، وابن المنذر في «الأوسط» (1063)، والطيوري في «الطيوريات» (315)، والحميدي في «المسند» (409)، ومحمد بن عاصم في «جزئه» (45)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص457)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص131)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص299)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج1 ص1407)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج1 ص716)، والحازمي في «الناسخ والمنسوخ» (ص268)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (2957)، وابن الجوزي في «التحقيق» (335)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص424)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج25 ص275)، وأبو بكر التيمي في «زياداته على الصلاة لأبي نعيم» (ص213)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص596)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص4)، والصيداوي في «معجم الشيوخ» (305)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (295)، والدارقطني في «الأفراد» (ج3 ص61 -أطرافه)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج2 ص233)، وخيثمة في «حديثه» (185)، وابن ثرثال في «جزئه» (164)، وابن كليب في «مشيخته» (ق/99/ط)، والمحاملي في «حديثه» (ح/11/ط)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من مسموعاته بمرو» (ج1 ص270)، (ق/141/ط)، والجصاص في «حديثه» (ق/9/ط)، وابن راهويه في «المسند» (ص92) من طرق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج ط به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص281)، وابن القطان في «بيان الوهم» (ج5 ص334)، والشيخ ابن باز في «الفتاوى» (ج10 ص392)، وابن عبد الهادي في «تنقيح أحاديث التعليق» (ج1 ص261)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص238).

وقال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.

وقال الدارقطني في «العلل» (ج15 ص424)؛ بعدما ذكر الحديث؛ والصحيح: عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.

وقال ابن حزم في «المحلى» (ج3 ص188): والخبر صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج22 ص97): حديث صحيح.

وقال ابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص171): متن صحيح.

وقال العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج1 ص113): يروى عن رافع بن خديج بإسناد جيد.

وقال الحازمي في «الاعتبار» (ص158): هذا حديث حسن على شرط أبي داود.

وقال البغوي في «شرح السنة» (ج2 ص197): هذا حديث حسن.

وأخرجه النسائي في «الإغراب» (211)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج4 ص251)، وفي «المعجم الأوسط» (ج3 ص334)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج4 ص119)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص179)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص1048)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص142)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (399)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص45)، وفي «الموضح» (ج1 ص407)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1035)، وابن البختري في «الأمالي» (18)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (703) من طريق زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله ه: «نوروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر».

قلت: وهذا الحديث يدل على أن المسلمين كلما أصبحوا بالصبح، وأضاء نوره، وصلوا في الصباح المضئ كان أعظم لأجورهم في الدنيا والآخرة.

قلت: ما أسفرتم بصلاة الفجر، فإنه أعظم للأجر.

قال العلامة السندي /: (قوله ه: «أصبحوا بالصبح»؛ الإصباح: الدخول في الصبح، والباء للتعدية، والمراد بالصبح: الصلاة، فالمعنى: ادخلوها في وقت الصبح يقينا، ولا تكتفوا بمجرد ظن الصبح، وبه ظهر معنى: قوله ه: «فإنه أعظم للأجر»).([2]) اهـ

وقال الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص291): (وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي ه، والتابعين: الإسفار بصلاة الفجر). اهـ

قلت: فأسفروا بصلاة الفجر، فكلما أسفرتم بها كان أعظم للأجر، والله المستعان.

قال الحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (ج3 ص8): «(أصبحوا بالصبح، فإنه أعظم للأجر»؛ أي: صلوها عند طلوع الصبح، يقال: أصبح الرجل إذا دخل في الصبح). اهـ

قال أبو داود في «المسائل» (ص180): عن الإمام أحمد /، وقد ذكر له: حديث رافع بن خديج ط: (أصبحوا بالصبح)؟، قال: (هذا مثل حديث عائشة: (ينصرفن النساء متلفعات)؛ إذا أسفر الفجر فقد أصبحوا).

وقال صالح في «المسائل» (1040)؛ قال أبي: (إسفار الفجر عندي طلوعه).

وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: ما معنى: قوله ه: (أسفروا بالفجر)، فقال: (إذا بان الفجر فقد أسفر، قلت: كان أبو نعيم يقول: في حديث رافع بن خديج ط: (أسفروا بالفجر، فكلما أسفرتم بها فهو أعظم للأجر)، فقال: نعم كله سواء، إنما هو إذا تبين الفجر فقد أسفر).([3])

وقال إسحاق الكوسج في «المسائل» (124): قلت ما الإسفار بالفجر؟، قال أحمد: (الإسفار بالفجر: أن يضح الفجر، فلا يشك أنه قد طلع الفجر)، قال إسحاق: كما قال).

قلت: فالمراد بالإسفار: أن يتبين الفجر، ويتضح بخروج النور، فيكون نهيا عن الصلاة قبل هذا الوقت المحدد شرعا.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص334): (أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر، وإن وقتها ممدود إلى آخر الإسفار حتى تطلع الشمس.

* فأما أول وقتها فلا خلاف بين علماء المسلمين أنه طلوع الفجر على ما في هذا الحديث وغيره، وهو إجماع فسقط الكلام فيه، والفجر: هو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الأفق المستنير المنتشر تسميه العرب الخيط الأبيض؛ قال الله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، يريد بياض النهار من سواد الليل ... ويقولون للأمر الواضح: هذا كفلق الصبح، وكانبلاج الفجر، وتباشير الصبح). اهـ

قلت: فإنما المراد أن ينكشف الفجر للناس، فلا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتى يطلع الفجر، وهو بياض النهار المنتشر في الطرقات، والبيوت.([4])

قال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج2 ص187): (وأما صلاة الصبح، فيدخل وقتها بطلوع الفجر الصادق، ويمتد وقتها إلى طلوع الشمس عند الأكثرين).اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج2 ص208): (أما أول وقت الصبح فهو طلوع الفجر، والفجر: هو ابتداء تنفس الصبح؛ قال الله تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير:18].

وقال الشاعر:

حـتــى إذا الــصــبــح لـهـا تـنـفـسـا

 

 

وانـجـاب عـنـهـا لـيـلـهـا وعـسـعـسـا

وسمي فجرا: لانفجار الضوء منه؛ وهو: فجران؛ فالأول أزرق يبدو مثل العمود طولا في السماء له شعاع ثم يهمد ضوؤه ثم يبدو بياض.

الثاني: بعده عرضا منتشرا في الأفق.

قال الشاعر:

وأزرق الـفـجـر يـبـدو قـبـل أبـيـضـه

 

 

وأول الغيث قطر ثم ينسكب). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج1 ص182): (وقت الصبح؛ فيدخل بطلوع الفجر الصادق، ويتمادى وقت الاختيار إلى أن يسفر، والجواز إلى طلوع الشمس على الصحيح). اهـ

وقال الفقيه الرملي / في «نهاية المحتاج» (ج1 ص229): (ويدخل وقت صلاة الصبح بالفجر الصادق؛ لخبر جبريل فإنه علقه على الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على الصائم، وإنما يحرمان بالصادق، وهو المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق).اهـ

وقـال الـفـقـيـه ابـن الـنـقـيـب / في «عـمـدة الـسـالك» (ج1 ص229):
(الصبح: وأوله الفجر الصادق، وآخره طلوع الشمس). اهـ

قلت: الفجر الصادق: هو الفجر المستطير يطلع منتشرا معترضا بالأفق، ونواحي السماء، ولا تعقبه ظلمة.([5])

قال الفقيه الهيتمي / في «المنهج القويم» (ج1 ص313): (الفجر الصادق: المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق؛ أي: نواحي السماء، وقبيله يطلع الكاذب مستطيلا، ثم يذهب وتعقبه ظلمة، وهو؛ أي: الفجر الصادق أول وقت الصبح). اهـ

وقال الفقيه ابن الرفعة / في «كفاية النبيه» (ج2 ص358): (وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني؛ لأن خبر جبريل يقتضي أنه أوقع الصلاة في اليوم الأول حين حرم الطعام والشراب على الصيام، وإنما يحرم بالفجر الثاني، وهو المسمى: «بالصادق»؛ لأنه صدق في إشعاره بالصبح، ويسمى: «المستطير»؛ لأنه يتطاير في الأفق، والفجر الأول أزرق يطلع مستطيلا وهو «الكاذب»؛ لأنه ينور ثم يسود، والعرب تشبهه بذنب السرحان، وهو الذئب؛ إما لطوله، أو لكون الضوء في أعلاه دون أسفله؛ كما أن الشعر على أعلى ذنب الذئب دون أسفله). اهـ

وقال الفقيه ابن الرفعة / في «كفاية النبيه» (ج6 ص332): (واعلم أن الفجر الذي يتعلق به ما ذكرنا هو الفجر المستطير لا المستطيل). اهـ

وقال الفقيه ابن شاس / في «عقد الجواهر» (ج1 ص81): (ووقت الفجر يدخل بطلوع الفجر الصادق المستطير ضوؤه، لا بالفجر الكاذب الذي يبدو مستطيلا ثم ينمحق). اهـ

وقال الفقيه الخطاب / في «مواهب الجليل» (ج1 ص81): (ولا خلاف أن أول وقتها طلوع الفجر الصادق، وهو الضياء المعترض في الأفق، ويقال له الفجر المستطير «بالراء»، أي: المنتشر الشائع، قال تعالى: ]ويخافون يوما كان شره مستطيرا[ [الإنسان: 7].

قلت: لذلك يجب مرعاة المواقيت الشرعية، لتأدية الصلوات الخمس المفروضة في المساجد، وغيرها، لأن التقويم الفلكي ضيع أوقاتها المحددة في الشريعة، إما بالتقديم عنها، أو بالتأخير عليها، والله المستعان.

قال الحافظ السيوطي / في «مرقاة الصعود» (ج1 ص416): (ومعنى: أسفر: دخل في السفر، بفتح السين والفاء، وهو بياض النهار، ويحتمل عوده إلى الصبح؛ أي: فأسفر الصبح في وقت صلاته، أو إلى الموضع؛ أي: أسفر الموضع في وقت صلاته، ويوافقه رواية الترمذي: «ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض»).اهـ

والله ولي التوفيق

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

رب زدني علما، وحفظا، وفهما

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران : 102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب: 70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن الله تعالى حد لنا حدودا، وأمرنا ألا نعتديها، وقدر أشياء بعلمه وحكمته؛ فليس لنا الزيادة عليها، ولا النقصان عنها.

ومما قدره الله تعالى وشرع لنا أوقات الصلوات المفروضة، وقد علق الشارع الحكيم عليها أحكاما، فكان لزاما علينا أن نعرفها؛ لتأدية حقوق الله تعالى في هذا الحكم على سبيل الكمال والعلم في الدين.

قلت: وإن من قواعد الشريعة في أحكام الصلوات اليومية؛ أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام، ترتبط أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها، بل هي سنن كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء وطلبة وعامة، ولم تقيد بعلم دقيق، بل تناط معرفتها بأمور محسوسة مشاهدة، وكواكب سيارة يعرفها المتعلم، وغير المتعلم، ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون جميعا.([6])

* ويظهر ذلك جليا في علامات مواقيت الصلوات الخمس المفروضة، وعدم دخول الخطإ فيها بالرؤية، والمشاهدة يستوي في معرفتها جميع الناس في الأرض.

قلت: إن ذلك من نعم الله تعالى على هذه الأمة ما اختصها به في الأيام والشهور والسنوات من عبادات عظيمة مفروضة، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله تعالى في القرآن، والنبي r في السنة أتم البيان وأوضحه.

قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مؤقتا بوقت محدد مبين، وهو مفروض على العباد.([7])

قلت: فالموقوت: المفروض، ويطلق على الوقت المحدد.

فعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (يعني: مفروضا).([8])

وعن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103] قال: (كلما مضى وقت جاء وقت آخر).([9])

وعن معمر بن يحيى / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (وجوبها).([10])

وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا، الموقوت: المفروض).([11])

وعن عطية العوفي / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا).([12])

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا)؛ أي: فرضا موقتا وقته الله تعالى عليهم.([13])

وقال الثعلبي المفسر / في «تفسير القرآن» (ج5 ص379)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]: (أي: واجبا مفروضا في الحضر والسفر، فركعتان في السفر وأربع في الحضر، وكتب الله عليهم ووقته؛ أي: جعل للأوقات). اهـ

وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص3)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ موقتا وقته عليهم.

وقال الجصاص المفسر / في «أحكام القرآن» (ج2 ص333): (قد انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته؛ لأن قوله تعالى: ]كتابا[؛ معناه: فرضا، وقوله: ]موقوتا[؛ معناه: أنه مفروض في أوقات معلومة معينة، فأجمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع أخر من الكتاب من غير ذكر تحديد أوائلها وأواخرها، وبين على لسان رسول الله r تحديدها ومقاديرها). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص459): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: محدودا معينا، يقال: وقته فهو موقوت ووقته فهو مؤقت.

والمعنى: إن الله افترض على عباده الصلوات، وكتبها عليهم في أوقاتها المحدودة، لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذر شرعي، من نوم أو سهو أو نحوهما). اهـ

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج2 ص110): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ فرضا مؤقتا). اهـ

وقال العلامة الشيخ السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص339): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به.

* وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص523): (كانت الصلاة على المؤمنين كتابا موقوتا؛ كما قال ربنا عز وجل، ومعنى: (كتابا)؛ أي مكتوبة، مفروضة، فــ«فعال»، بمعنى: مفعول، أي: كتبها الله عز وجل، في أوقات معلومة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص95): (والدليل على اشتراط الوقت: قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، أي: مؤقتا بوقته). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «تفسير القرآن» (ج9 ص167): (لأن ما كان مفروضا فواجب، وما كان واجبا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجم([14])). اهـ.

وعن أبي موسى الأشعري t عن رسول الله r، أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: «فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر، حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول قد طلعت الشمس، أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص10)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

قلت: ونص أهل العلم على أن من شروط الصلاة: دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانتعلى المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r بقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها([15])؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([16])

قال الحافظ الترمذي / في «العلل الكبير» (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن، وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: والصلاة على وقتها من أفضل الأعمال في الشريعة المطهرة.

فعن عبد الله بن مسعود t قال: سألت النبي r: أي العمل أحب إلى الله؟ قال r: (الصلاة على وقتها). وفي رواية: (الصلاة لوقتها). وفي رواية: (الصلاة على ميقاتها)([17]). وفي رواية: (أي: العمل أفضل). وفي رواية: (أي الأعمال أقرب إلى الجنة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (504)، و(5625)، وفي «الأدب المفرد» (1)، وفي «بر الوالدين» (ص104 و105)، ومسلم في «صحيحه» (85)، والترمذي في «سننه» (173)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص493)، وفي «المجتبى» (ج1 ص293)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص215)، وفي «الآداب» (1)، وفي «الاعتقاد» (ص249)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص197)، وفي «شعب الإيمان» (2544)، و(7439)، والطائي في «الأربعين» (12)، وابن المبارك في «البر والصلة» (1)، و(2)، و(35)، وابن الأعرابي في «المعجم» (611)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص418 و442 و451)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص278)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (ج1 ص171)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص266)، وفي «أخبار أصبهان» (ج1 ص115)، و(ج2 ص301)، وفي «المسند المستخرج» (ج1 ص163)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص279)، و(ج4 ص207)، و(ج5 ص219)، وفي «المسند» (202)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» (ص214)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص338 و340 و342)، وفي «الثقات» تعليقا (ج8 ص314)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص23 و24 و25 و26)، وفي «المعجم الأوسط» (3583)، و(5394)، و(7233)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص163)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص64)، والطيالسي في «المسند» (372)، وهناد في «الزهد» (983)، والبزار في «المسند» (1791)، و(1792)، و(1793)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (484)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1546)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص27)، و(ج5 ص366)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص541 و460)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص176)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص251)، والهيثم بن كليب في «المسند» (759)، و(761)، وأبو الفرج المقرئ في «الأربعين في الجهاد» (ص52)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص270)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص249)، وفي «المؤتلف والمختلف» (ج3 ص6696)، وعبد الخالق بن أسد في «المعجم» (ص399)، وأبو يعلى في «المسند» (5086)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18 ص276)، و(ج54 ص396)، وفي «الأربعين في الحث على الجهاد» (3)، وفي «معجم الشيوخ» (482)، و(1551)، وابن المقرئ في «المعجم» (565)، والحميدي في «المسند» (103)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص136)، وفي «البر والصلة» (ص48)، وفي «التحقيق» (ج2 ص33)، وفي «الحدائق» (ج2 ص90)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص88)، والنسوي في «الأربعين» (ص75)، وأبو الشيخ في «ذكر الأقران» (ص29)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص346)، والفاكهي في «حديثه» (126)، وابن بشران في «الأمالي» (ص227)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2302)، والإسماعيلي في «المعجم» (48)، والخلعي في «الخلعيات» (ص59 و60)، وأبو علي الرفاء في «الفوائد» (61)، والخلدي في «الفوائد» (470)، ومكرم البزاز في «الفوائد» (615)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص204 و205)، وابن المقرب في «الأربعين» (ص86)، وابن أسلم في «الأربعين» (ص72)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج1 ص436)، والحاكم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج4 ص65-الإمام)، وابن مسلمة في «المشيخة البغدادية» (ص141)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ص426)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص554)، و(ج5 ص61 و157)، وابن المنذر في «الأوسط» (1111)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (162)، والحسين المروزي في «البر والصلة» (3)، والسلفي فيما «انتخبه من الطيوريات» (386)، ومعمر الأزدي في «جامعه» (ج11 ص190)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص126)، وابن عدي في «الكامل» (ج2 ص65)، و(ج3 ص139)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج2 ص634)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص203 و204)، وابن دقيق العيد في «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام» (ج4 ص64) من طرق عن عبد الله بن مسعود t به.

وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص203)؛ باب: فضل الصلاة لوقتها.([18])

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج10 ص382): (لا يجوز للمسلم أو المسلمة، تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها، بل يجب على كل مسلم ومسلمة من المكلفين أن يؤدوا الصلاة في وقتها على حسب الطاقة).اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص96): (والصلاة لا تصح قبل الوقت؛ بإجماع المسلمين). اهـ

قلت: فهذه المسألة مما اتفق عليها السلف، والخلف؛ استنادا إلى الأدلة التي سبقت في تحديد مواقيت الصلاة، وغيرها من الأدلة المعروفة في هذا الخصوص.

* ولكن الشيطان حريص كل الحرص على إبعاد العباد عن دينهم الحق، بشتى الوسائل؛ فيزين لهم عبادات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، فهو عالم بما يزين للناس، ويحسن لهم من أعمال هي في الحقيقة بدع ومحدثات، ويوهم الكثيرين منهم أنهم على الجادة، وأنهم على أهدى سبيل.

قلت: ومن جملة ما يزين الشيطان للناس فعله في هذا الزمان تقديم وقت صلاة الفجر([19])، فيؤذن لصلاة الفجر على غير وقته، وصلى جمهور الناس صلاة الفجر في مساجدهم، وبيوتهم قبل دخول وقت صلاة الفجر، مما يؤكد فساد صلاتهم؛ لأنها لم تؤد على وقتها الذي شرعه الله تعالى لها.([20])

* والسبب في ذلك يعود لجهل الناس بمعرفة الفجر الصادق من الفجر الكاذب، واعتمادهم على تقاويم فلكية لم يراع في وضعها الدقة المطلوبة في الشرع، ولم يشرف على وضعها علماء مختصون، أو طلبة علم متمكنون في الشريعة المطهرة، بل أشرف على وضعها الدكاترة، والفلكيون في البلدان الإسلامية، والله المستعان.

قلت: ولما كان هذا الأمر بالغ الأهمية والخطورة؛ لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام، الذي عليه مدار قبول هذه العبادة وهي الصلاة التي تؤدى في غير وقتها([21])، وغيرة مني على هذه العبادة أن تؤدى على وقتها، كتبت هذا الكتاب راجيا المولى أن يجعل فيه عبرة لأولي الألباب، ودفعا للمسؤولين في بلدانهم أن يعطوا هذا الأمر جل اهتمامهم، وأن تعدل هذه «التقاويم الفلكية»([22])، وبذلك نصون عبادة الناس من الفساد، ونبرئ ذمتنا أمام الله تعالى يوم الميعاد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله تعالى بقلب سليم.

قال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132].

وقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم[ [آل عمران: 31].

وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].

قلت: ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة، والحاجة الماسة لهذا الموضوع، وهو تحديد: «وقت الصلوات المفروضة»، فهو موضوع يهم كل مسلم لارتباطه بأحكام شرعية كثيرة.

* ولأهمية هذا الموضوع، وارتباطه بعموم المسلمين، فلا شك أنه قد طرق وبحث كثيرا، ولكن الكثير ممن بحثوه واعتنوا بتحقيق وقته وتحديده كان عن طريق «العلم الفلكي»([23]) في البلدان الإسلامية، وغفلوا عن جانب مهم في الدين، وهو تحقيقه بأدلة الكتاب والسنة، والآثار والأقوال.

* ولهذا فإنني استعنت بالله تعالى في اختيار هذا الموضوع، وقد بذلت جهدي وحرصت على الوصول إلى الصواب؛ لإيضاح جوانبه العلمية، وجمع أدلته وما تفرق فيه من أحكام شرعية متعلقة بصلاة الفجر.

هذا وأسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى العمل بكتابه، وسنة نبيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه: ]إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب[ [هود: 88].

                                                              وكتبه

                                                أبو عبد الرحمن الأثري

 

    

على الله توكلي، وبه ثقتي

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو:

نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي

يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع،

وهو يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها

 

فإن الله تعالى كتب على عباده جملة من العبادات الشرعية في الدين من صلاة، وصيام، وغير ذلك، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله سبحانه في القرآن الكريم، والنبي ه في السنة النبوية، والصحابة الكرام في الآثار السلفية.

وإليك الأدلة:

(1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

أي: مؤقتا بوقت محدد مبين.([24])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين: صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد r). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

* وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([25])

(2) وعن بريدة t عن النبي r: «أن رجلا سأله، عن وقت الصلاة، فقال له: صل، معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب، حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر، والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب، قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم). وفي رواية: «وصلى الفجر فأسفر بها». وفي رواية: «فنور بالفجر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

(3) وعن جابر بن عبد الله t قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي r حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح، [ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى الظهر، ثم جاءه جبريل عليه السلام حين كان فيء الرجل مثليه، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه، فقال: قم فصل فصلى المغرب]([26])، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم فصل فصلى العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، فقال: قم فصل فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([27])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث حسن لغيره

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص200)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص263)، والترمذي في «سننه» (150)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص330)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص195)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص368)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص402)، وابن حبان في «صحيحه» (1470)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (152)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص24)، وابن الجوزي في «التحقيق» (314)، وفي «جامع المسانيد» (ج2 ص137 و138)، وتمام الرازي في «الفوائد» (327)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (135)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (6)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص147)، وفي «أحكام القرآن» (283)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص78)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص192)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص211)، وابن المقرئ في «الأربعين» (28)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص361)، والخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج1 ص338)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص545)، وعبد الحق في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص581) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن لغيره، لبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([28])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل / في «المسائل» (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

* وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبو موسى، وأبو برزة، وأبو هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: «ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره»، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

(4) وعن أبي موسى t عن رسول الله r: (أنه أتاه سائل، يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس  لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره، فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل، يقول: قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره، فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره، فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره، فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر، حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر، حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى t به.

(5) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم، ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل، ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا، [ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله، ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه، ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم] ([29])، ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم).

 حديث حسن لغيره

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (150)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص194)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص369)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص193 و202)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص26)، والسراج في «المسند» (972)، وفي «حديثه» (1335)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج5 ص147)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص185)، والبزار في «المسند» (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة t به.

قلت: وإسناده حسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص255)، ولبعض ألفاظه شواهد.

وقال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (87): سألت محمدا البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.([30])

وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج1 ص269): إسناده حسن.

(6) وعن عبد الله بن عمرو، أن نبي الله قال: (إذا صليتم الفجر، فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، ثم إذا صليتم الظهر، فإنه وقت إلى أن يحضر العصر، فإذا صليتم العصر، فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس، فإذا صليتم المغرب، فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق، فإذا صليتم العشاء، فإنه وقت إلى نصف الليل).

 أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

(7) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله t، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم) قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

8) وعن الحارث بن عمر الهذلي قال: (أن عمر بن الخطاب t كتب إلى أبي موسى الأشعري: كتبت إليك في الصلاة، وأحق ما تعاهد المسلمون أمر دينهم، وقد رأيت رسول الله r  يصلي، حفظت من ذلك ما حفظت، ونسيت من ذلك ما نسيت، فصلى الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب لفطر الصائم، والعشاء ما لم يخف رقاد الناس، والصبح بغلس، وأطال فيها القراءة).

أثر حسن

أخرجه ابن راهويه في «المسند» (ج5 ص143 المطالب العالية)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص456) من طريق ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الحارث بن عمر الهذلي به.

قلت: وهذا سنده حسن، وله شواهد.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج2 ص41)، وعزاه لإسحاق بن راهويه.

9) وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي r، فسأله عن مواقيت الصلاة، فقال: (اشهد معنا الصلاة، فأمر بلالا فأذن بغلس، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق، ثم أمره الغد فنور بالصبح، ثم أمره بالظهر فأبرد، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم تخالطها صفرة، ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (613)، والترمذي في «سننه» (152)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص258)، وابن ماجه في «سننه» (667)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص254)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص216)، وابن خزيمة في «صحيحه» (323)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص210)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (137)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص359)، وابن الجارود في «المنتقى» (151)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (285)، والروياني في «المسند» (14)، والسراج في «المسند» (974)، وفي «حديثه» (1337)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص262)، وابن الجوزي في «التحقيق» (316)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص349)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص374)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج2 ص599): (الصحابة y عرب، ويعرفون اللسان العربي، ويعرفون مدلوله.

* فإذا لم يرد عنهم تفسير القرآن، أو السنة بخلاف ظاهرها، فهم قد أخذوا بظاهرها بإجماعهم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وإن كان الكلام كلام الله تعالى، وفسره الرسول r.

* فالرسول r أعلم الناس بمراد الله عز وجل، فالعقل يقتضي أن نجريه على ظاهره؛ لأن المتكلم به قد علم المعنى، وعبر بما تكلم به). اهـ

10) وعن أبي برزة الأسلمي y قال: (كان النبي ه يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (541)، ومسلم في «صحيحه» (647)، وأبو داود في «سننه» (398)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص206)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص246)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص223)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص25)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج6 ص132)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص98)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص188)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص256)، والشافعي في «الأم» (ج8 ص477)، وفي «المسند» (387)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص178)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص369)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص241)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص392)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي «مشكل الآثار» (ج10 ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص436)، والبزار في «المسند» (ج9 ص299)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص567)، والسراج في «المسند» (139)، وفي «حديثه» (1660)، والروياني في «المسند» (1315)، والطيالسي في «المسند» (962)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص183)، والترمذي في «سننه» (168)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص370)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص417)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (107)، وابن الجوزي في «التحقيق» (333)، وفي «الحدائق» (ج2 ص81)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص213)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة ط به.

11) وعن أنس بن مالك ط قال: «سئل النبي ه عن وقت الصلاة فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى بعد ذلك حين أسفر([31])، فقال: ما بين هاذين وقت». وفي رواية: «أمر حين انشق الفجر أن تقام الصلاة فصلى بنا».

حديث صحيح

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص207)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص273)، وفي «الإغراب» (202)، وأبو يعلى في «المسند» (2679)، و(3680)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج2 ص1135)، وابن العطار الدمشقي في «التساعيات» (ص74)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص39) من طريق حميد عن أنس بن مالك ط به.

قلت: وإسناده صحيح.

وتابعه أبو صدقة قال: سمعت أنس بن مالك ط يقول: «كان رسول الله ه يصلي الصبح حين ينفسح البصر».

أخرجه السرقسطي في «غريب الحديث» (ج1 ص239-نصب الراية)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص207)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص273).

وينفسح البصر، وانفسح: إذا رأى الشيء عن بعد، يعني: به إسفار الصبح، وأن يتسع نوره.([32])

12) وعن أبي موسى ط وفيه؛ مواقيت الصلاة: (ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس، أو كادت).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (614)، وأبو داود في «سننه» (395)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص165)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص260)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص375)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص405)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص566 و582)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (148)، والبزار في «المسند» (975)، والسراج في «المسند» (975)، وفي «حديثه» (1338)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص281)، والروياني في «المسند» (520)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص326)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص26)، وابن الجوزي في «التحقيق» (317)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص44)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص148)، وفي «أحكام القرآن» (284)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص184)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص476)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص167)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى ط به.

13) وعن جابر بن عبد الله قال: في حجة النبي ه: «ثم اضطجع رسول الله ه حتى طلع الفجر، وصلى الفجر، حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1218)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1525)، و(4038)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص271)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص318)، وأبو داود في «سننه» (1905)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص178)، وفي «المحلى» (ج7 ص121)، وابن الجارود في «المنتقى» (469)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص7)، وفي «السنن الصغرى» (1675)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص437)، وابن ماجه في «سننه» (3074)، وابن حبان في «صحيحه» (3944)، والدارمي في «المسند» (1892)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (1133)، والبغوي في «شرح السنة» (1635)، وفي «مصابيح السنة» (1841)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (14908)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص29)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص382 و388) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله به.

قال الشيخ علي بن آدم في «ذخيرة العقبى» (ج7 ص111): (قوله: «حين تبين له الصبح»؛ فيه أن أول الصبح إذا تبين الفجر واتضح، فأما قبل تبينه فلا تصح صلاة الصبح، ولا يحرم الأكل في الصوم، وهذا الفجر: هو الفجر الثاني المسمى: بالصادق، الذي تتعلق به الأحكام، من صلاة الصبح، وحرمة الأكل ونحوه على الصائم). اهـ

قلت: فالأحكام كلها متعلقة بالفجر الصادق؛ فيه يدخل وقت صلاة الصبح، ويدخل في الصوم، ويحرم به الطعام والشراب على الصائم، وبه ينقضي الليل، ويدخل النهار، ولا يتعلق بالفجر الكاذب شيء من الأحكام؛ بإجماع المسلمين.([33])

قال الحافظ النووي / في «المجموع» (ج3 ص43): (أجمعت الأمة على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وهو الفجر الثاني، وآخر وقت الاختيار إذا أسفر أي أضاء ثم يبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الإمام الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص182): (ووقت الصبح: إذا طلع الفجر الثاني، وهو الفجر الصادق الذي يحرم به الطعام، والشراب على الصائم، وآخره: إذا أسفر الصبح). اهـ

14) وعن عبد الله بن عمرو أن النبي ه قال: «وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (612)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص210)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص210)، وأبو داود في «سننه» (396)، وأبو عوانة في «صحيحه» (ج1 ص349)، وابن خزيمة في «صحيحه» (326)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج21 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص166)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج2 ص208)، والطيالسي في «المسند» (2363)، والسراج في «المسند» (2971)، وفي «حديثه» (1334)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص150)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج1 ص9)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص560 و586)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص331)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج4 ص350)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص363)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص366)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص406)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج8 ص27)، وابن الجوزي في «التحقيق» (318)، وفي «جامع المسانيد» (ج4 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو ط به.

15) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حج عبد الله بن مسعود ط ، فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر يعني صلى - .... ثم قال: وصلاة الفجر حين يبزغ الفجر يعني: طلع - فإني رأيت النبي ه يفعل ذلك».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1675)، و(1683)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص171)، وابن حزم في «حجة الوداع» (ص179)، والمخلص في «المخلصيات» (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: ومراد عبد الله بن مسعود ط أن يبين لهم أن النبي ه كان يصلي صلاة الصبح إذا طلع الفجر الصادق.([34])

قال الحافظ الترمذي / في «العلل الكبير» (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله، وحديث أبي موسى، وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن، وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قـال الإمـام ابـن قدامـة / في «المـغـني» (ج2 ص8): (أجمع المسلمون
على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

قلت: فحدد الله تعالى بهذه الآية وقت الصيام اليومي للمسلم تحديدا واضحا بينا، وأوجب الصوم، والإمساك عن الأكل والشرب بظهور الخيط الذي هو بياض الفجر.([35])

قال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في «الإقناع» (ج1 ص192): (فالسحور مندوب إليه، وليس بواجب، والفجر الذي يحرم بطلوعه الأكل، والشرب، والجماع: هو الفجر المستطير، وهو المنتشر، ويأكل إن شاء، وإن شك في طلوع الفجر فيأكل حتى يوقن بطلوعه، وإن علم بعد ذلك أنه أكل في النهار فلا قضاء عليه، وإن أكل وهو يرى أن الشمس قد غربت فلم تكن غربت فلا قضاء عليه). اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص277): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ قد اقتضت الآية إباحة الأكل والشرب والجماع إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر... فعلموا أنه إنما يعني: بذلك الليل والنهار).اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص278): (وأنزل الله تعالى بعد ذلك: [من الفجر]؛ فزال الاحتمال، وصار المفهوم من اللفظ سواد الليل، وبياض النهار.

* وقد كان ذلك اسما لسواد الليل، وبياض النهار في الجاهلية قبل الإسلام مشهورا ذلك عندهم؛ قال أبو داود الإيادي:

ولـمـا أضـــاءت لـــنـــا ظـــلــمــة

 

 

ولاح مــن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

قلت: فالخيط الأبيض هو الصبح، والخيط الأسود هو الليل، والخيط هو اللون.([36])

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص280): (قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة:187]؛ فأباح الأكل إلى أن يتبين، والتبين إنما هو حصول العلم الحقيقي، ومعلوم أن ذلك إنما أمروا به في حال يمكنهم فيها الوصول إلى العلم الحقيقي بطلوعه). اهـ

وقال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص381): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم[ [البقرة:187]؛ وفيها الدلالة على إباحة الأكل، والشرب والجماع إلى أن يحصل له الاستبانة، واليقين بطلوع الفجر!). اهـ

قلت: فقد تضمنت الآية لا محالة الرخصة في إباحة الأكل، والشرب، والجماع إلى أن يتبين نور النهار.

قال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص291): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ فما لم يتبين؛ فالأكل له مباح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج1 ص121): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ بينه: قوله تعالى: (من الفجر)؛ والعرب تسمي ضوء الصبح خيطا، وظلام الليل المختلط به خيطا، ومنه قول أبي دواد الإيادي:

ولـمـــا أضــاءت لـــنـــا ظــلــمــة

 

 

ولاح مـن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

وقال المفسر ابن جزي / في «تفسير القرآن» (ص47): (قوله تعالى: ]من الفجر[؛ بيان للخيط الأبيض لا للأسود؛ لأن الفجر ليس له سواد، والخيط هنا استعارة: يراد بالخيط الأبيض بياض الفجر، وبالخيط الأسود: سواد الليل). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج2 ص70): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض[؛ أباح تعالى الأكل والشرب مع ما تقدم من إباحة الجماع في؛ أي: الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل، وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود، ورفع اللبس بقوله ه: (من الفجر). اهـ

وقال المفسر الآلوسي / في «روح المعاني» (ج2 ص632): (والمعنى: حتى يتضح لكم الفجر متميزا عن غبش الليل؛ فالغاية إباحة ما تقدم حتى يتبين أحدهما من الآخر ويميز بينهما، ومن هذا وجه عدم الاكتفاء به حتى يتبين لكم الفجر، أو يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص165): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ هو تشبيه بليغ، والمراد هنا بالخيط الأبيض: هو المعترض في الأفق، لا الذي هو كذنب السرحان، فإنه الفجر الكذاب الذي لا يحل شيئا ولا يحرمه. والمراد بالخيط الأسود: سواد الليل، والتبين: أن يمتاز أحدهما عن الآخر، وذلك لا يكون إلا عند دخول وقت الفجر. وقوله: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ فيه التصريح بأن للصوم غاية هي الليل، فعند إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب يفطر الصائم، ويحل له الأكل والشرب وغيرهما). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإقناع» (ج1 ص81): (وأول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير المعترض). اهـ

والفجر: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض، والفجر الصادق... والفجر: ضوء الصباح، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة. ([37])([38])

وإليك الدليل:

فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران: فأما الأول؛ فإنه لا يحرم الطعام، ولا يحل الصلاة، وأما الثاني؛ فإنه يحرم الطعام، ويحل الصلاة).([39])

قلت: والفجر؛ ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل... والفجر: انفجار الظلمة عن الصبح، وقد انفجر الصبح، وتفجر، وانفجر عنه الليل؛ هو انكشاف ظلمة الليل عن نور الصبح؛ لانبعاث ضوئه، ونوره في الطرق، والفجاج، وهذا ابتداء تنفس الصبح.([40])

قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير: 18]، وقال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا [ [الإسراء: 78].

قال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص449): (في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها.

وقوله ه: «فجر يحرم فيه الطعام» يريد: على الصائم، «ويحل فيه الصلاة». يريد: صلاة الصبح، «وفجر يحرم فيه الصلاة». يريد: صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح؛ لأن الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد طلوع الفجر الأول. وقوله ه: «ويحل فيه الطعام». يريد: لمن يريد الصيام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج2 ص308) معلقا على الحديث: (وفيه يعني: الحديث تنبيه هام إلى وجوب أداء الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق؛ وهذا ما أخل به المؤذنون! في كثير من العواصم   منها عمان؛ فإن الأذان الموحد فيها يرفع قبل الفجر بنحو نصف ساعة! بناء على «التوقيت الفلكي»، وهو خطأ ثابت بالمشاهدة!، وكذلك في كثير من البلاد الأخرى؛ كـ«دمشق»، و«الجزائر»، و«المغرب»، و«الكويت»، و«المدينة»،-و«مكة» -، و«الطائف»، - و«البحرين»، وغير ذلك -». اهـ

وترجم الحافظ البيهقي / لهذا الحديث في «السنن الكبرى» (ج1 ص457): باب إعادة صلاة من افتتحها قبل طلوع الفجر الآخر!.

وترجم الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج1 ص377): باب الفجر فجران ودخول وقت الصبح بطلوع الآخر منهما.

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج4 ص259): (فإن الصبح هو الفجر، كما قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير: 18]، وقال تعالى: ]إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [[هود: 81]. اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج5 ص52): (وقد رأيت ذلك بنفسي مرارا من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين، أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة؛ أي: قبل الفجر الكاذب أيضا، وكثيرا ما سمعت إقامة صلاة الفجر في بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبلها بنصف ساعة، وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة أيضا قبل وقتها في شهر رمضان... وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام، وتعريض لصلاة الفجر للبطلان، وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي، وإعراضهم عن التوقيت الشرعي). اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج2 ص29): (فدل هذان الحديثان على افتراق حكم الفجرين، وتعليق الحكم في الصلاة، والصيام بالثاني منهما دون الأول، والعرب تسمي الأول: الفجر الكذاب، لأنه يزول ولا يثبت، وتسمي الفجر الثاني: الفجر الصادق، لأنه صدقك عن الصبح). اهـ

وقال الفقيه الماوردي / في «الحاوي الكبير» (ج2 ص29): (فإذا ثبت ما ذكرنا من صفة الفجرين، فصلاة الصبح تجب بالثاني منهما دون الأول). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص24): (الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في المشرق، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي / في «المبدع» (ج1 ص348): (الفجر: سمي به لانفجار الصبح، وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص432): (عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، عن النبي ه: «ليس الفجر المستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر».([41])

* وهذا يدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة، وقد جاءت أحاديث تدل على مثل ذلك، كما روت([42]) عائشة، وابن عمر أن النبي ه قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن لكم ابن أم مكتوم» متفق عليه.([43])

* وفي رواية لأحمد والبخاري: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر». قال ابن شهاب: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.

* فقد أجاز الأكل إلى حين يؤذن ابن أم مكتوم، مع قوله: «إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر». ومعلوم أن من أكل إلى حين تأذينه فقد أكل بعد طلوع الفجر؛ لأنه لا بد أن يتأخر تأذينه عن طلوع الفجر، ولو لحظة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج10 ص62): (وفيه دليل على أكل السحور، وعلى أن الليل كله موضع الأكل، والشرب، والجماع؛ لمن شاء، كما قال الله عز وجل: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة: 187]. اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص104): (فالفرق بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب من وجوه:

الأول: الفجر الصادق الذي تحل فيه الصلاة، ويحرم الطعام: يكون مستطيرا من الشمال إلى الجنوب، وأما الفجر الكاذب: فبالعكس؛ يكون من الشرق إلى الغرب فهو كذنب السرحان يكون مستطيلا في السماء؛ يعني يكون طولا، لا عرضا.

ثانيا: الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل يزداد النور حتى يشمل الأفق كله، وأما الفجر الكاذب: فيظلم بعد هذا، ويزول ثم بعد ذلك يخرج الفجر الصادق.

ثالثا: الفجر الصادق نوره متصل بالأفق، وأما الفجر الكاذب: فنوره غير متصل؛ بمعنى أنك إذا رأيت أسفل الأفق لم تر نورا.

قال شيخنا عبد الرحمن السعدي /: الفرق بينهما نحو نصف ساعة([44])، يعني: أن الكاذب يخرج قبل الصادق بنحو نصف ساعة، ثم يضمحل). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص51): (وقوله: «حين انشق الفجر»؛ جعل ذلك انشقاقا؛ لأن الفجر إذا سطا على الظلمة؛ فكأنما شقها؛ لأن الظلمة تتمايز في مكان النور، فيكون هذا انشقاقا، ولا يحدث ذلك إلا في الفجر الصادق.

والفجر الصادق: هو الذي يشق الظلمة؛ لأنه يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويتصل بالأفق، ولا ظلمة بعده.

أما الفجر الكاذب: فيختلف عن الفجر الصادق بثلاثة أمور:

أولا: أن الفجر الكاذب مستطيل؛ يعني: يصعد في السماء طولا.

الثاني: أنه لا يتصل بالأفق؛ لأن ما بينه، وبين الأفق ظلمة.

والثالث: أن يضمحل، ويزول، أما الفجر الصادق؛ فلا يتأتى فيه هذه الأشياء الثلاثة). اهـ

قلت: وينبني على هذه الفائدة: انتفاء التكليف بما يشق على المسلمين.([45])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص300): (الله عز وجل أباح لنا الأكل، والشرب، والجماع إلى أن يتبين الفجر، ولم يقل: إلى أن يطلع!). اهـ

قلت: وهذا هو الفهم السليم؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين[ [البقرة: 187].

قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ حتى: غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم / في «الإحكام» (ج1 ص154): (ووقت صلاة الصبح: أوله من طلوع الفجر، وهو ضوء النهار، أو حمرة([46]) الشمس في سواد الليل، وهو في آخر الليل، كالشفق في أوله؛ سمي به لانفجار الصبح). اهـ

قال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص97): (صلاة الفجر: وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني بغير خلاف، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق معترضا لا ظلمة بعده، وآخره إذا طلعت الشمس). اهـ

وقال الفقيه خليل / في «مختصره» (ج1 ص47): (وصلاة الصبح؛ من الفجر الصادق؛ للإسفار الأعلى). اهـ

وقال الفقيه الخرقي / في «مختصره» (ج1 ص174): (الفجر الثاني: وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق، فينتشر، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الإمام القيرواني / في «رسالته» (ص54): (صلاة الفجر: فأول وقتها انصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشرق). اهـ

قلت: فوقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو الضياء المعترض، والمنتشر من جهة المشرق إلى جهة الأمام.([47])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص313): (والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة؛ هو الفجر الصادق!). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص385): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه فأقول: إن تقويم أم القرى فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة. وقد حدثني أناس كثيرون ممن يعيشون في البر وليس حولهم أنوار، أنهم لا يشاهدون الفجر إلا بعد هذا التقويم بثلث ساعة، أي: عشرين دقيقة أو ربع ساعة أحيانا، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

* على كل حال: وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص52): (والعلم بالوقت يكون بالعلامات التي جعلها الشارع علامة، فالظهر بزوال الشمس، والعصر بصيرورة ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء بمغيب الشفق الأحمر، والفجر بطلوع الفجر الثاني.([48])

* وهذه العلامات أصبحت في وقتنا علامات خفية؛ لعدم الاعتناء بها عند كثير من الناس، وأصبح الناس يعتمدون على التقاويم والساعات.

* ولكن هذه التقاويم تختلف؛ فأحيانا يكون بين الواحد والآخر إلى ست دقائق، وهذه ليست هينة ولا سيما في أذان الفجر، وأذان المغرب؛ لأنهما يتعلق بهما الصيام، مع أن كل الأوقات يجب فيها التحري، فإذا اختلف تقويمان، وكل منهما صادر عن عارف بعلامات الوقت، فإننا نقدم المتأخر في كل الأوقات؛ لأن الأصل عدم دخول الوقت، مع أن كلا من التقويمين صادر عن أهل، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا فقالوا: لو قال لرجلين ارقبا لي الفجر، فقال أحدهما: طلع الفجر، وقال الثاني: لم يطلع؛ فيأخذ بقول الثاني، فله أن يأكل ويشرب حتى يتفقا بأن يقول الثاني: طلع الفجر([49])، أما إذا كان أحد التقويمين صادرا عن أعلم أو أوثق فإنه يقدم).اهـ

قلت: فمن خلال كلام الشيخين الجليلين؛ الألباني /، وابن عثيمين /؛ فيما سبق ذكره، فإن الفجر الصادق يكون بعد وقت الأذان المحدد في «التقاويم الفلكية» بمدة تتراوح بين (20 إلى 30 دقيقة)، بحسب اختلاف الصيف والشتاء.

* إذا فبالنسبة لصلاة الفجر، المعروف أن «التوقيت الفلكي» الذي يعرفه الناس اليوم ليس بصحيح، فالتوقيت مقدم على الوقت الشرعي بـ(20 إلى 30 دقيقة) على أقل تقدير، وإلا فالوقت يكون أحيانا أكثر من ذلك على حسب الفصول المعروفة.

قلت: فالمسألة خطيرة، ولهذا لا ينبغي للعبد في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر حتى يتيقن أن الفجر قد تبين، وحضر وقته.([50])

سئل العلامة شيخنا محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ص482): (نرى بعض التقاويم في شهر رمضان يوضع فيه قسم يسمى «الإمساك»، وهو يجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة؛ فهل هذا له أصل من السنة، أم هو من البدع؟ أفتونا مأجورين.

الجواب: (هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه، لأن الله قال في كتابه العزيز: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]، وقال النبي ه: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»([51])، وهذا  الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل- فيكون باطلا، وهو من التنطع في دين الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون»([52])). اهـ

وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص281): توزع بعض الشركات، والمؤسسات إمساكيات لشهر رمضان المبارك، وهذه الإمساكيات خاصة بأوقات الصلوات، ولكن الذي لفت انتباهي وضعهم وقتا للإمساك يسبق وقت آذان الفجر بربع ساعة، فهل لعملهم هذا أصل من السنة؟ أفتونا مأجورين. مرفق لسماحتكم صورة لواحدة من هذه الإمساكيات. 

الجواب: (لا أعلم لهذا التفصيل أصلا، بل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإمساك يكون بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة: 187]، ولقول النبي ه: «الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة؛ - أي: صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام».([53])  رواه ابن خزيمة، والحاكم وصححاه؛ كما في بلوغ المرام، وقوله ه: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»([54]) قال الراوي: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. متفق على صحته). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص282): (إذا كان المؤذن يؤذن مبكرا، أو يشك في أذانه هل وافق الصبح أو لا، فله أن يأكل ويشرب حتى يتحقق طلوع الفجر.

* إما بالساعات المعروفة التي ضبط أنها على طلوع الفجر، أو بأذان ثقة يعرف أنه يؤذن على الفجر، فله أن يأكل في حالة الأذان؛ أن يأكل أو يشرب، أو يأكل ما في يده، أو يشرب ما في يده؛ لأن الأذان ليس على الصبح). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص284): (إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقويم([55])؛ فإنه لا حرج في الشرب والأكل وقت الأذان). اهـ

قلت: فنص الشيخ ابن باز / أن للعبد أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الفجر الصادق، وأنه لا يعتمد على أذان المؤذن إذا كان يؤذن على «التقويم الفلكي»، والله المستعان.

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص229): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه: فأقول إن التقويم - تقويم أم القرى - فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

* فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

* وعلى كل حال وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس). اهـ

قلت: ويلاحظ في فتاوى أهل العلم التفاوت الكبير بين «التقاويم الفلكية»، وبين «التقاويم الشرعية»، وهذا يدل على أن هناك خللا في «التقاويم الفلكية»، إذ لا يعقل أن يبلغ التفاوت بين تقويمين قرابة عشرين دقيقة، أو أكثر، والسبب في هذا التفاوت الكبير والخلل أن هذه «التقاويم الفلكية» قد وضعت على «الفجر الكاذب» المعروف بـ«الشفق الفلكي»، والله المستعان.

قلت: فمن خلال الاستقراء، والتتبع، والبحث التي قام بها أهل العلم وطلبتهم تبين أن وقت الفجر المحدد في «التقويم الفلكي» ليس بصحيح، ولا دقيق في تحديد وقت طلوع الفجر الصادق، بل هو متقدم عليه بحسب اختلاف الفصول الأربعة المعروفة، والله المستعان.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص215): (صلاة الإنسان قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [ [النساء: 103]، وبين النبي ه هذه الأوقات في قوله ه: «وقت الظهر إذا زالت الشمس» آخر الحديث.

* وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص216): (الصلاة قبل وقتها لا تجزئ حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة، فلو كبر الإنسان للإحرام قبل الوقت؛ فإنها لا تصح الصلاة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [[النساء: 103]؛ أي: مؤقتة محددة، فلا تصح الصلاة قبل وقتها). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص242): (فلا يجوز للمسلم أن يقدم الصلاة كلها، أو بعضها قبل دخول وقتها؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، والاستهزاء بآياته!). اهـ

فعن عائشة ڤ قالت: قال رسول الله ه: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد». وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».([56])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص236): (واعلم أن الصلاة قبل دخول الوقت لا تقبل حتى لو كبر تكبيرة الإحرام ثم دخل الوقت بعد التكبيرة مباشرة؛ فإنها لا تقبل على أنها فريضة؛ لأن الشيء المؤقت بوقت لا يصح قبل وقته، كما لو أراد الإنسان أن يصوم قبل رمضان، ولو بيوم واحد، فإنه لا يجزئه عن رمضان). اهـ

16) وعن رفاعة بن غرابة الجهني ط أن رسول الله ه قال؛ في حديث: نزول الله تعالى: «حتى ينفجر الفجر». وفي رواية: «حتى ينفجر الصبح». وفي رواية: «حتى يطلع الفجر».

حديث صحيح

أخرجه الدارقطني في «النزول» (56)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج2 ص341)، والطبراني في «المعجم الكبير» (4557)، والدارمي في «الرد على المريسي» (ج1 ص213)، والآجري في «الشريعة» (705)، و(706)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج2 ص231)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص1077).

وإسناده صحيح.

وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الأصفهانية» (ص247) بقوله: (لأن رفاعة يرويه ويقول في حديثه: «حتى ينفجر الفجر»). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص401): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج1 ص208): (واعلم أن الفجر فجران: كاذب وصادق، فالكاذب يطلع أولا مستطيلا؛ كذنب السرحان يصعد إلى السماء فبطلوعه لا يخرج الليل، ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم، ثم يغيب فيطلع بعده الفجر الصادق مستطيرا ينتشر سريعا في الأفق، فبطلوعه يدخل النهار، ويحرم الطعام والشراب على الصائم). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص372): باب الدليل على أن الفجر هما فجران، وأن طلوع الثاني منهما هو المحرم على الصائم الأكل والشرب، والجماع لا الأول يعني: الكاذب -، وهذا من الجنس الذي أعلمت أن الله تعالى ولى نبيه عليه السلام البيان عنه عز وجل.

وقال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص114): باب بيان إباحة التسحر حتى يتبين بياض النهار، والدليل على أن الشاك فيه جائز له أن يأكل حتى يستيقن بالنهار.

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص448): باب ذكر بيان الفجر الذي يجوز صلاة الصبح بعد طلوعه؛ إذ الفجر هنا فجران: طلوع أحدهما بالليل، وطلوع الثاني يكون بطلوع النهار.

قلت: فالفجر فجران، فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.

17) وعن سمرة بن جندب ط عن النبي ه قال: «لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض يعني: الفجر الكاذب - حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر». يعني: الفجر الصادق.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1094)، وأبو داود في «سننه» (2346)، والترمذي في «سننه» (706)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2481)، وفي «المجتبى» (ج4 ص148)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص7 و9 و13)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7394)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص278)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص215)، والطيالسي في «المسند» (897)، و(898)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص117)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص425)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (2437)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص170)، وابن أخي ميمي الدقاق في «الفوائد» (ص264) من طرق عن سوادة القشيري عن سمرة بن جندب ط.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص30).

قال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج» (ج3 ص116): باب بيان صفة الفجر الذي به يحرم الطعام والشراب، وإباحة الأكل والشرب والجماع قبله، وأن ما قبله من بياض الفجر يعني: الفجر الكاذب- لا يسمى فجرا.

وترجم الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج1 ص457): باب الإسفار بالفجر حتى يتبين طلوع الفجر الآخر معترضا.

18) وعن عدي بن حاتم ط في تفسير النبي ه قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187] بقوله ه: «إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1916)، ومسلم في «صحيحه» (1090)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (ج6 ص257)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص452)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص287)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص208)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص115 و116)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص324)، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «سننه» (ج4 ص148)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج3 ص166)، والدارمي في «المسند» (1736)، والحميدي في «المسند» (941)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص277)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص532)، وابن حبان في «صحيحه» (3462)، من طرق عن الشعبي عن عدي بن حاتم ط به.

وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ص422)؛ باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر.

قلت: فالعرب تسمي الفجر أول بياض النهار: «الخيط الأبيض»؛ كفلق الصبح، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى: «الخيط الأبيض»، و«الفجر الصادق»؛ لأنه صدقك عن الصبح بينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة.([57])

وسئل شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص207) عن الفرق بين الفجر الأول والفجر الثاني؟.

فأجاب قائلا: (ذكر العلماء أن بينهما ثلاثة فروق:

الأول: أن الفجر الأول: ممتد لا معترض، أي: ممتد طولا من الشرق إلى الغرب، والثاني: معترض من الشمال إلى الجنوب.

الثاني: أن الفجر الأول: يظلم؛ أي يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة.

الثالث: أن الفجر الثاني: متصل بالأفق ليس بينه، وبين الأفق ظلمة، والفجر الأول: منقطع عن الأفق بينه، وبين الأفق ظلمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص435): (فإن النبي ه قال؛ لعدي ط: «إنما هو بياض النهار وسواد الليل»؛ فعلم أنه أول ما يبدو البياض الصادق يدخل النهار، كما أنه أول ما يقبل من المشرق السواد يدخل الليل).اهـ

وقال العلامة الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج4 ص28): (قوله: (في صفة الفجر)؛ ليس أن يقول هكذا وهكذا وصوب يده ورفعها تضمن هذا الحديث، وما بعده من الطرق، إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو الفجر الثاني الصادق المستطير، بالراء لا المستطيل باللام. قلت: قرص الشمس عليه دائرتان: إحداهما؛ حمراء وهي التي تلي القرص، والأخرى بيضاء وهي بعد الحمراء. والبيضاء أول ما يطلع، ثم تليها في الطلوع الحمراء، ثم يلي الحمراء القرص، ومذهب الجمهور إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة البياض، والبياض في الحقيقة دائرة، ولكن لاتساعها تظهر كأنها خط مستقيم أخذ من القبلة إلى الشمال. ويسمى الفجر المعترض، والمستطير بالراء، والصادق فالمعترض لاعتراضه. والمستطير المنتشر، من نشر الطائر جناحيه إذا مدهما. والصادق لصدق؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يتضح عكس الفجر الكاذب. المستطيل باللام الآخذ من الشرق إلى المغرب، وسمي كاذبا الكذبة؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يقل حتى لا يقابله شيء. وذهب حذيفة وابن مسعود إلى أن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة الحمرة. لقوله ه: «وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر» وهو حديث خرجه أبو داود. وحكى ابن بشير الإجماع على أن المعتبر البياض. ولا يصح هذا الإجماع لصحة ذلك عن حذيفة وابن مسعود وغيرهما. فعن زر بن حبيش، قال: تسحرت. ثم انطلقت إلى مسجد فدخلت على حذيفة فأمر بلقحة فحلبت، ثم بقدر فسخنت، ثم قال: كل فقلت إني أريد الصوم. فقال: وأنا كذلك. فأكلنا وشربنا ثم أتينا المسجد. وقد أقيمت الصلاة. فقال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله ه. فقلت: بعد الصبح. فقال: بعد الصبح إلا أن الشمس لم تطلع، وعن عامر بن مسعود، قال: «دخلت على ابن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحوره فتسحرنا. وقد أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا معه» ومن حديث أبي هريرة إنه ه قال: «إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه». قال عمار: «وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر»، وعن أبي وائل أنه تسحر، وخرج إلى المسجد، فأقيمت الصلاة»، وعن عمر: «إنه كان يؤخر السحور حتى يظن الجاهل أنه لا صوم له»، وعن أبي عقيل أنه قال: «تسحرت مع علي ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة»، وقال بعضهم: إن الصوم كان من طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج12 ص239): (وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص240): (ولم يختلف عنه ه أنه كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين قبل صلاة الصبح، وأنه لم يترك ذلك حتى مات فهذا عمله). اهـ

قلت: فلم يثبت عن النبي ه أنه صلى صلاة الفجر قبل طلوع الفجر الصادق؛ فكان ه إذا أذن المؤذن للفجر، صلى ركعتين خفيفتين، وهي سنة الفجر، ثم صلى صلاة الفريضة إذا طلع الفجر الصادق.

قال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج2 ص347): (ثبتت الأخبار عن رسول الله ه أنه صلى الفجر حين طلع الفجر). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف» (ج1 ص401): (ثبت أن رسول الله ه صلى الفجر حين طلوع الفجر). اهـ

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

* فأباح الله تعالى الأكل والشرب في أي: الليل شاء الصائم إلى أن يتبين ضياء الصباح من سواد الليل، وعبر عن ذلك بالخيط الأبيض من الخيط الأسود، ورفع اللبس بقوله تعالى: ]من الفجر[.

قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج4 ص325): (يعني: بياض النهار من سواد الليل. وهذا يحصل بطلوع الفجر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص408): (الوقت الذي يجب صيامه من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب قرص الشمس؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص96): (الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حين يتبين الفجر الآخر معترضا في الأفق؛ وكذلك بلغنا عن النبي ه إلى أن تغيب الشمس، وكذلك قال الله عز وجل: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال الفقيه اليفرني / في «الاقتضاب» (ج1 ص8): (الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسميه العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج4 ص391): (مد الأكل إلى غاية التبين). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص348): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا[، معطوفة على قوله تعالى: ]باشروهن[؛ أي: لكم الأكل، والشرب.

وقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[؛ أي: حتى يظهر ظهورا جليا يتميز به ]الخيط الأبيض[، وهو بياض النهار ]من الخيط الأسود[، وهو سواد الليل.

وقوله تعالى ]من الفجر[، بيان لمعنى ]الخيط الأبيض [؛ ولم يذكر في الخيط الأسود «من الليل» اكتفاء بالأول، كما في قوله تعالى: ]وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر[ [النحل: 81] يعني: والبرد؛ فهذا من باب الاكتفاء بذكر أحد المتقابلين عن المقابل الآخر). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص35): (بيان خطإ بعض الجهال المؤذنين الذين يؤذنون قبل الفجر احتياطا -على زعمهم -؛ لأن الله تعالى أباح الأكل، والشرب، والجماع، حتى يتبين الفجر؛ ولأن النبي ه قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»([58])؛ وهو أيضا مخالف للاحتياط؛ لأنه يستلزم أن يمتنع الناس مما أحل الله لهم من الأكل، والشرب، والجماع، وأن يقدم الناس صلاة الفجر قبل طلوع الفجر). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص357): (الاعتبار بالفجر الصادق الذي يكون كالخيط ممتدا في الأفق؛ وذكر أهل العلم أن بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب ثلاثة فروق:

الفرق الأول: أن الصادق مستطير معترض من الجنوب إلى الشمال؛ والكاذب مستطيل ممتد من الشرق إلى الغرب.

والفرق الثاني: أن الصادق متصل بالأفق؛ وذاك بينه وبين الأفق ظلمة.

والفرق الثالث: أن الصادق يمتد نوره، ويزداد؛ والكاذب يزول نوره ويظلم).اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص352): (من فوائد الآية: جواز الأكل، والشرب، والجماع في ليالي الصيام حتى يتبين الفجر؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين[). اهـ

وقال الثعلبي المفسر / في «الكشف والبيان» (ج2 ص80): (والفجر انشقاق عمود الصبح، وابتداء ضوئه، وهو مصدر من قولك فجر الماء يفجر فجرا، إذا انبعث، وجرى شبهه شق الضوء بظلمة الفجر، الماء الحوض إذا شقه، وخرج منه، وهما فجران، أحدهما: يسطع في السماء مستطيلا؛ كذنب السرحان، ولا ينتشر فذلك لا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام على الصائم، وهو الفجر الكاذب، والثاني: هو المستطير الذي ينتشر، ويأخذ الأفق ضوء الفجر الصادق الذي يحل الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم، وهو المعنى بهذه الآية). اهـ

قال الإمام محمد بن علي بن الحسين /: «كل حتى يتبين لك الفجر».([59])

يعني: المعترض الأحمر مع النور، وهو الذي يحل الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم.

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج1 ص287): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا[ [البقرة: 187] أمر إباحة، وقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187] فسر النبي ه هذا ببياض النهار، وسواد الليل). اهـ

19) وعن ابن عباس قال: في قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187]؛ قال: (بياض النهار من سواد الليل، وهو الصبح إذا انفلق، قال: وهل يعرف العرب ذلك؟ قال ط: نعم، أما سمعت قول أمية:

الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق

                                            والخيط الأسود لون الليل مكموم).

وفي رواية: «فأحل لهم المجامعة، والأكل، والشرب حتى يتبين لهم الصبح».([60])

قال الإمام الزهري /: «وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أذن، أصبحت».([61])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص180): (لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت: أيضا حقيقة على ظاهره، وما أذان ابن أم مكتوم إلا بعد الفجر، وأمر الإصباح؛ لا قبلهما، ولو كان ما ظنوه: لحرم الأكل قبل طلوع الفجر، وهذا ما لا يقولونه، ولا يقوله مسلم!). اهـ

قلت: فلا يجوز تقديم أذان الفجر، قبل طلوعه، لأن ذلك خلاف ما ثبت في الكتاب، والسنة، والآثار.([62])

قال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص371): باب ذكر البيان أن الله تعالى أراد بقوله: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ بيان بياض النهار من الليل؛ فوقع اسما لخيط على بياض النهار، وعلى سواد الليل.

وقال الشاعر:

الخيط الأبيض وقت الصبح منصدع

                                                                    والخيط الأسود لون الليل مكموم.([63])

وقال الثعلبي المفسر / في «الكشف والبيان» (ج2 ص80): (وإنما سمي بذلك تشبيها بالخيط؛ لابتداء الضوء، والظلمة لامتدادهما). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج2 ص135): (الفجر الأول: يظلم؛ أي: يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة([64])). اهـ

20) وعن سمرة بن جندب ط قال: قال رسول الله ه: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا؛ يعني معترضا». وفي رواية: «لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض، حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر».([65])

فهما فجران: أحدهما المستطيل؛ وهو الفجر الكاذب الذي يسمى ذنب السرحان.

والآخر المستطير، وهو الفجر الصادق المنتشر في الأفق، ولا يكون إلا الصبح إلا الصادق.([66])

قال الفقيه ابن قائد / في «هداية الراغب» (ص131): (الفجر الثاني: هو البياض المعترض بالمشرق، ولا ظلمة بعده، ويقال له: «الفجر الصادق»، والأول ويقال له: «الكاذب» مستطيل أزرق، له شعاع ثم يظلم). اهـ

فالفجر الأول: هو البياض المستدق المتنفس صعدا من غير اعتراض؛ كذنب السرحان؛ وهو: «ذيل الذئب»، ويسمى الفجر الكاذب؛ لأنه يضيء ثم يسود، ويسمى الخيط الأسود عند العرب، ولا يتعلق به حكم.

والفجر الثاني: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض عند العرب، والفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة، فهو المنتشر في الطرق، والسكك، والبيوت، وهذا هو الذي تتعلق به أحكام الصيام والصلاة.([67])

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

قلت: وهذه الآية الكريمة دلت على الفجر الكاذب؛ وهو الخيط الأسود، والفجر الصادق؛ وهو الخيط الأبيض.

* واعلم أيها الموفق إلى طاعة ربه أن أوصاف الفجر الصادق؛ هي التي تتفق، والآية الكريمة: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ فإن ضوء الفجر إذا اعترض في الأفق على الشعاب، ورءوس الجبال، والبحار ظهر كأنه خيط أبيض، وظهر من فوقه خيط أسود هو بقايا الظلام الذي ولى مدبرا!؛ فإذا تبين لك ذلك فأذن، وأمسك عن الأكل، والشراب، والنكاح في شهر رمضان!.

قلت: والفجر الكاذب؛ يؤثر فيه ضوء القمر، وفي ليالي وجود القمر جهة الشرق آخر الليل يصعب معرفته إلا على من لديه خبرة، ودراية كافية بأوصافه، وأحواله.

وأما الفجر الصادق؛ فإن تأثير ضوء القمر عليه محدود وضعيف، حتى لو كان القمر في جهة الشرق آخر الليل.([68])

21) وعن طلق بن علي ط أن رسول الله ه قال: «كلوا واشربوا، ولا يغرنكم؛ وفي رواية: «ولا يهيدنكم» الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر»([69])؛ يعني: الشفق الأحمر جهة المشرق في الصبح.

فالفجر الكاذب؛ مستطيل ساطع، ممتد من الشرق إلى الغرب، مصعد؛ كالعمود إلى أعلى، جهته وسط السماء، أو يميل قليلا، نوره يزول بالظلمة التي تعقبه، وتكون في أسفله مما يلي المشرق في الأفق.

وأما الفجر الصادق؛ فإنه يخرج معترضا مستطيرا في الأفق جهة المشرق، معترض من الجنوب إلى الشمال، يملأ بياضه، وضوؤه الطرق، والأسواق.([70])

قلت: والمراد من الحديث، لا تنزعجوا للساطع المصعد، وهو الفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور؛ فإنه الصبح الكاذب، وأصل الهيد الحركة، وقد هدت الشيء أهيده هيدا، إذا حركته، وأزعجته.([71])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص90): (والساطع المرتفع، وسطوعها ارتفاعها مصعدا مثل أن يعترض). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص374): باب الدليل على أن الفجر الثاني الذي ذكرناه؛ هو البياض المعترض الذي لونه الحمرة.

قال الشاعر:

فلـــما أضاءت لـنـــا غـــدوة

ولــاح من الصـبـح خـيـط أنــارا([72])

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص90): (ومعنى الأحمر هاهنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل الحمرة؛ وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة، والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل؛ لما فيه من بياض وحمرة).اهـ

وقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص86): (والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض، وبه يقول عامة أهل العلم!). اهـ

قلت: والمعترض أوائل الحمرة؛ هو البياض إذا تتام طلوعه، ظهرت أوائل الحمرة، وليس بين الفجر الصادق فاصل فبعده الصبح، والنور مباشرة.([73])

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص201): (أن ما بعد الفجر: هو من النهار، لا من الليل، ولا فاصل بينهما). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج3 ص374): باب الدليل على أن الأذان قبل الفجر لا يمنع الصائم طعامه، ولا شرابه، ولا جماعا ضد ما يتوهم العامة!.

22) وعن ابن مسعود ط قال: قال رسول الله ه: «إن الفجر ليس الذي يقول هكذا([74])؛ وجمع أصابعه، ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا([75])؛ ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه». وفي رواية: «الفجر هو المعترض، وليس بالمستطيل».([76])

قلت: والفجر الكاذب([77]) يخرج قبل الفجر الصادق بنحو ساعة تقريبا، وبينما يكون خروج الفجر الصادق بعد الكاذب، وقبل طلوع الشمس بوقت محدود، يزيد هذا الوقت، وينقص بمقدار معلوم، حسب دورة الشتاء، والصيف.([78])

وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص305): (في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي يتعلق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق، والمستطير بالراء). اهـ

قلت: فالفجر فجران؛ فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.([79])

قـال أبـو الـعـبـاس الـقـرطـبـي / في «المـفـهم» (ج3 ص153): (وتحصل من الروايتين: أنه ه أشار إلى أن الفجر الأول يطلع في السماء، ثم يرتفع طرفه الأعلى، وينخفض طرفه الأسفل، وقد بين هذا بقوله ه: «ولا بياض الأفق المستطيل»؛ يعني: الذي يطلع طويلا، فهذا البياض هو المسمى: بـ(الفجر الكاذب)، وشبه بذنب السرحان، وهو الذئب، وسمي به، وهذا الفجر لا يتعلق عليه حكم، لا من الصيام، ولا من الصلاة، ولا من غيرهما؛ وأما الفجر الصادق: فهو الذي أشار النبي ه حيث وضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه، وهو إشارة إلى أنه: يطلع معترضا، ثم يعم الأفق ذاهبا فيه عرضا، ويستطير؛ أي: ينتشر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص313)؛ معلقا على الحديث: (يشير بذلك إلى الفجرين: الصادق والكاذب، قال العلماء رحمهم الله: الفجر فجران: أحدهما صادق، والثاني كاذب، وفرقوا بينهما من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الفجر الصادق يكون معترضا من الجنوب إلى الشمال، والفجر الكاذب يكون مستطيلا من الشرق إلى الغرب كذنب السرحان (كذنب الذئب).

الوجه الثاني: أن الفجر الصادق يكون نوره متصلا بالأفق، ليس بينه وبين الأفق سواد، وأما الفجر الكاذب فبينه وبين الأفق سواد.

الوجه الثالث: أن الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل لا يزال الضوء ينتشر شيئا فشيئا حتى تطلع الشمس، والفجر الكاذب يظلم، يعني: ينمحي.

* والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة هو الفجر الصادق). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص316)؛ عن تبين طلوع الفجر: (فإن قيل: يلزم من هذا أن يدخل شيء من النهار؟، فالجواب: نعم، ولا بأس بهذا، والتشدد الذي يقوله بعض الفقهاء ليس له وجه، وقولهم: يلزم أن يمسك جزءا من الليل ليس بصحيح، نقول: يلزمه أن يمسك متى تبين الفجر... قال تعالى: ]حتى يتبين [[البقرة: 187]، ولا يمكن أن يتبين إلا وقد طلع، فالمسافة بين طلوعه، وتبينه لك أن تأكل فيها.

* اجعلوا الدليل المستند هو كتاب الله تعالى، وسنة الرسول ه، ودعوا الأقوال التي تخالف ذلك، ما دام عندنا نص صريح: ]حتى يتبين[؛ فكيف نقول: لا بد أن تمسك جزءا من الليل قبل طلوع الفجر؟!). اهـ

قلت: فالعبرة بالتبين؛ أي: تبين النور الذي ينتشر في الطرق والبيوت.

قال الفقيه الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج1 ص278): (وقد روي عن النبي ه في تحديد الوقت الذي يحرم به الأكل والشرب على الصائم؛ ثم ذكر الأحاديث في ذلك). اهـ

قال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج2 ص96): (الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حين يتبين الفجر الآخر معترضا في الأفق). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص192): (الفجر فجران، والفجر الأول هو: المستطيل المستدق صاعدا في الفلك كذنب السرحان، وتحدث بعده ظلمة في الأفق؛ لا يحرم الأكل، ولا الشرب على الصائم، ولا يدخل به وقت صلاة الصبح، هذا لا خلاف فيه من أحد من الأمة كلها.

والآخر هو: البياض الذي يأخذ في عرض السماء في أفق المشرق في موضع طلوع الشمس في كل زمان، ينتقل بانتقالها، وهو مقدمة ضوئها، ويزداد بياضه؛ وربما كان فيه توريد بحمرة بديعة، وبتبينه يدخل وقت الصوم، ووقت الأذان لصلاة الصبح، ووقت صلاتها، فأما دخول وقت الصلاة بتبينه؛ فلا خلاف فيه من أحد من الأمة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص518): (وأما تفريق النبي ه بين الفجرين، فإنه فرق بينهما، بأن الأول مستطيل، يأخذ في السماء طولا؛ ولهذا مد أصابعه، ورفعها إلى فوق، وطأطأها أسفل، والثاني: مستطير يأخذ في السماء عرضا، فينتشر عن اليمين، والشمال). اهـ

قلت: ولذلك يقال: طريق فجر؛ أي: واضح، وفجرته، فانفجر، وفجرته فتفجر، ومنه انفجر الماء انفجارا: تفتح؛ قال تعالى: ]وفجرنا الأرض عيونا[ [القمر: 12]، وقال تعالى: ]وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا[ [الإسراء: 90]، ومنه قيل للصبح: فجر؛ لكونه فجر الليل([80])، قال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا[ [الإسراء: 78].

قلت: فالفجر فجران؛ فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة، ويحرم الطعام.([81])

23) وعن عائشة ڤ؛ أن بلالا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله ه: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».([82]) يعني: يقال له أصبحت؛ أي: طلع الصبح.([83])

وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج8 ص251)؛ عن الفجر الصادق: (والآخر عند انفجار الصبح لصلاة الفجر، كان ذلك جائزا.

* فأما من أذن بليل قبل طلوع الفجر لصلاة الصبح، كان عليه الإعادة لصلاة الصبح، فإنه لم يصح أنه أذن له ه بليل إلا مؤذنان، لا مؤذن واحد). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص164): (فإذا طلع الفجر الثاني فقد دخل أول وقت صلاة الصبح؛ فلو كبر لها قبل ذلك لم يجزه، ويتمادى وقتها إلى أن يطلع أول قرص الشمس).([84]) اهـ

24) وعن عائشة ڤ قالت: «كان رسول الله ه إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة». وفي رواية: «كان ه إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر». وفي رواية: «بعد أن يستنير الفجر».([85])

قلت: وهذه الروايات تدل على أن المؤذن في عهد النبي ه؛ لا يؤذن حتى ينشق الفجر، وتستنير الأرض.

وفي رواية حنبل؛ قال الإمام أحمد /: (الأذان الذي عليه أهل المدينة الأذان قبل طلوع الفجر، هو الأذان الأول، والأذان الثاني بعد طلوع الفجر، وكره الإمام أحمد الأذان للفجر قبل طلوع الفجر في رمضان خاصة؛ لما فيه منع الناس من السحور في وقت يباح فيه الأكل).([86])

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج3 ص531): (فإن ابن أم مكتوم كان يسفر بأذان الفجر، ولا يؤذن حتى يقال له: أصبحت). اهـ

25) وعن أنيسة بنت خبيب ڤ قالت: قال رسول الله ه: «إذا أذن ابن أم مكتوم، فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا»؛ فإن كانت المرأة منا ليبقى عليها شيء من سحورها، فتقول لبلال: أمهل حتى أفرغ من سحوري».

حديث صحيح

أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (404)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج35 ص134)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص433)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1604)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص10 و11)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، وابن حبان في «صحيحه» (3474)، والطبراني في «المعجم الكبير» (482) من طريق هشيم قال: أخبرنا منصور بن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص879).

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص433)، وابن خزيمة في «صحيحه» (405)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8940)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3345)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص382)، والطيالسي في «المسند» (1661)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص364)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، والطبراني في «المعجم الكبير» (480) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة بن الحجاج عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص879).

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص489) من طريق يزيد بن زريع قال: حدثنا شعبة بن الحجاج به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص433)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج35 ص135)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج7 ص32)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص138)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، والطبراني في «المعجم الكبير» (380)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص382) من طرق عن شعبة  بن  الحجاج به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وروي هذا الحديث على الشك بتقديم أو التأخير في الأذان، وروي بتقديم أذان بلال دون الشك، وروي بتقديم أذان ابن أم مكتوم دون شك.

قلت: وقد ثبت التقديم والتأخير في أذان بلال، وأذان ابن أم مكتوم في أحاديث أخرى، وجمع بينها أهل العلم.([87])

فقد روي في حديث أنيسة بنت خبيب ڤ؛ أنهم كانوا يأمرون المؤذن أن يؤخر الأذان حتى يكملوا السحور.([88])

قال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج8 ص252): (هذان خبران قد يوهمان من لم يحكم صناعة العلم أنهما متضادان، وليس كذلك، لأن المصطفى ه كان جعل الليل بين بلال، وبين ابن أم مكتوم نوبا، فكان بلال يؤذن بالليل ليالي معلومة، لينبه النائم ويرجع القائم لا لصلاة الفجر، ويؤذن ابن أم مكتوم في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم([89])، كان يؤذن بالليل ليالي معلومة كما وصفنا قبل، ويؤذن بلال في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص456): (ففي هذه الآثار التي روينا أن المراعى بالصيام هو طلوع الفجر، وأنه الذي يحرم به الطعام والشراب على الصائم، وذلك موافق؛ لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]).اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «أحكام القرآن» (ج1 ص453): (وقول أهل العلم جميعا: أن أول الصيام من طلوع الفجر، وأن آخره عند غروب الشمس، وقد روي عن رسول الله ه في هذا الباب ما يوافق الآثار). اهـ

26) وعن جابر بن عبد الله في حديثه عن حجة الوداع؛ «أن النبي ه اضطجع بالمزدلفة حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بنداء وإقامة».([90])

قال الفقيه اليفرني / في «الاقتضاب» (ج1 ص8): (وقوله: «صلى الصبح حين طلع الفجر»؛ الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسميه العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل... ويقولون؛ للأمر الواضح: هذا «كفلق الصبح»، و«تباشير([91]) الصبح»، و«كانبلاج الفجر»، ومعنى: أسفر([92]): بدا وتبين). اهـ

قلت: فوقت الصوم من الفجر الصادق إلى غروب الشمس بدون زيادة على الغروب([93])، اللهم غفرا.

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص379): (فبدايته يعني: الصيام - من طلوع الفجر الثاني، ونهايته: إلى غروب الشمس). اهـ

وقال الشيخ محمد صديق خان / في «الروضة الندية» (ج1 ص202): (وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر؛ أي: ظهور الضوء المنتشر، وبينه ه أشفى بيان، فقال ه لهم: «أنه يطلع معترضا في الأفق»، و«أنه ليس الذي يلوح بياضه كذنب السرحان».

* وهذا شيء تدركه الأبصار، وقال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فجاء بلفظ التفعل لإفادة أنه لا يكفي إلا التبين الواضح؛ أي: يتبين لكم شيئا فشيئا حتى يتضح؛ فإنه لا يتم تبينه، وظهوره إلا بعد كمال ظهوره، فإنه يطلع أولا تباشير الضوء، ثم ذنب السرحان، وهو الفجر الكذاب، ثم يتضح نور الصباح الذي أبداه بقدرته فالق الإصباح). اهـ

قلت: للأوقات علامات حسية يعرفها كل أحد([94])، والله المستعان.

وقال الفقيه ابن أبي القاسم / في «الواضح» (ج1 ص175): (أما الصبح؛ فيدخل وقتها بطلوع الفجر الثاني إجماعا، وقد دلت عليه أخبار المواقيت، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح ما جمع بياضا وحمرة، ومنه سمي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة: أصبح.

وأما الفجر الأول: فهو البياض المستدق صعدا من غير اعتراض، فلا يتعلق به حكم، ويسمى الفجر الكاذب، ثم لا يزال وقت الاختيار حتى يسفر النهار). اهـ

وقال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص123): (واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس). اهـ

 27) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «حججنا مع عبد الله بن مسعود ط في إمارة عثمان بن عفان ط، فبتنا بجمع، فلما رأينا أول الفجر قام عبد الله بن مسعود فصلى الصبح».([95])

28) وعن الحسن البصري /؛ أنه سمع مؤذنا أذن بليل، فقال: «علوج تباري الديوك، وهل كان الأذان على عهد رسول الله ه إلا بعدما يطلع الفجر».([96])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص121): (فصح أن الأذان للصلاة لا يجوز أن يكون قبل الفجر). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص195): (دخول وقت صلاة الفجر؛ يدخل بالفجر الذي معه الحمرة). اهـ

وقال الحافظ أبو عوانة / في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص111): باب بيان وقت أكل السحر، وإباحة أكله إلى أن يتبين الفجر الصادق، وإن سمع الأذان قبل ذلك.

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (ج1 ص486): باب إباحة الأذان للصبح قبل طلوع الفجر إذا كان للمسجد مؤذنان لا مؤذن واحد، فيؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر، والآخر بعد طلوعه.

29) عن نافع أن ابن عمر ط: «كان إذا تبين له الصبح لا شك فيه أناخ، فصلى الصبح».([97])

30) وعن يزيد الأودي قال: «كنت أصلي وراء علي ط الغداة يعني: صلاة الفجر - ثم ألتفت فيخيل إلي أنه تطلع الشمس».([98])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص195): (وقت صلاة الفجر يدخل بالفجر الثاني). اهـ

31) وعن عامر بن مطر الشيباني قال: «أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحوره، فتسحرنا معه، فأقيمت الصلاة، فخرجنا فصلينا معه».

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (8931)، والطبري في «جامع البيان» (3003)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص234)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص233)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص365) من طريق جبلة بن سحيم عن عامر بن مطر الشيباني عن أبيه به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج13 ص520).

وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله رجال الصحيح.

قلت: ولقد عمل السلف الصالح بذلك اقتداء بالكتاب والسنة.

32) قال إسحاق بن راهويه في «المسند» (ج6 ص236 السير): حدثنا وكيع قال: سمعت الأعمش / يقول: «لولا الشهرة لصليت الفجر، ثم تسحرت».

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص137 الفتح)، وأحمد في «العلل» (294)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص399)، والذهبي في «السير» (ج6 ص236).

وإسناده صحيح.

وأخرجه صالح بن أحمدفي «المسائل» (ج2 ص445) من طريق أحمد حدثنا وكيع قال: قال الأعمش /: «لولا الشهرة لتسحرت بعد الصلاة».

وإسناده صحيح.

وأقره الإمام أحمد / على هذا الحكم، كما في «المسائل» (ج2 ص445)؛ برواية صالح (1138).

قلت: فالإمام الأعمش / يرى أن المراد من تبيين بياض من سواد الليل أن ينتشر البياض، والنور في الطرق، والسكك، والبيوت، وهذا عليه حذيفة بن اليمان، وغيره من الصحابة الكرام.([99])

وأخرجه الأشج في «حديثه» (ص295) من طريق أبي خالد قال: سمعت الأعمش / يقول: «لولا أني أخاف أن تفوتني التكبيرة الأولى لأكلت حتى يقيم».([100])

وإسناده صحيح.

قال أبو سعيد الأشج: يعني: السحور!.

وأخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387) من طريق أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي قال: سمعت وكيع بن الجراح، يقول: قال الأعمش: «لولا الشهرة لصليت الفجر، ثم تسحرت اتباعا لحديث رسول الله ه».

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ص164)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص37).

قال الحافظ الذهبي / في «تاريخ الإسلام» (ص164): (هذا كان مذهب الأعمش، وهو على الذي روى النسائي من حديث عاصم عن زر عن حذيفة قال: «تسحرنا مع رسول الله ه فكان هو النهار؛ إلا أن الشمس لم تطلع). اهـ

قلت: لقد كان الإمام سليمان بن مهران الأعمش / من النساك، والعباد.

قال الحافظ أبو نعيم / في «حلية الأولياء» (ج5 ص46): (عن الأعمش: الإمام المقرئ، الراوي المفتي، كان كثير العمل، قصير الأمل، من ربه راهبا ناسكا). اهـ

وعن الإمام يحيى بن معين / قال: «كان الأعمش جليلا جدا!».([101])

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص246): (ولا يلزم صوم في رمضان، ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني، وأما ما لم يتبين فالأكل، والشرب، والجماع مباح كل ذلك كان على شك من طلوع الفجر، أو على يقين من أنه لم يطلع...، ثم ذكر قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]. ثم قال: لأن الله تعالى أباح الوطء، والأكل، والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر، ولم يقل تعالى: (حتى يطلع الفجر)، ولا قال: (حتى تشكوا في الفجر)، فلا يحل لأحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوما بطلوعه ما لم يتبين للمرء). يعني: يتضح النور في الطرقات.

وقال الإمام إسحاق بن راهويه /: (هؤلاء رأوا جواز الأكل، والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل، قال الإمام إسحاق: وبالقول الأول أقول، لكن لا أطعن على من تأول الرخصة كالقول الثاني، ولا أرى عليه قضاء ولا كفارة).([102]) اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (وفي هذا تعقب على (الموفق وغيره) حيث نقلوا الإجماع([103]) على خلاف ما ذهب إليه الأعمش). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص136): (وذهب جماعة من الصحابة، وقال به الأعمش من التابعين، وصاحبه أبو بكر ابن عياش إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر!). اهـ

وقال الإمام أبو بكر ابن عياش /: «ربما شربت بعد قول المــؤذن   - يعني في رمضان -: قد قامت الصلاة، قال: «وما رأيت أحدا كان أفعل له من الأعمش».

أخرجه الطبري في «تفسيره» (3000).

وإسناده صحيح.

قال العلامة أحمد شاكر / في «شرحه لتفسير الطبري» (ج3ص519): (وهذا الإسناد صريح في سماعه يعني: ابن عياش من الأعمش، ورؤيته إياه يفعل ما حكى من سحوره بعد الأذان!). اهـ

وقال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص678): (باب: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر).

33) وعن أبي حازم: أنه سمع سهل بن سعد  ط يقول: «كنت أتسحر في أهلي، ثم يكون سرعة بي، أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله ه».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (552)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1942) والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص536) من طريق سليمان بن بلال عن أبي حازم به.

وقوله: «يكون سرعة بي» أي: أسرع حتى أدرك، وهذا يدل على أن الصحابة الكرام يؤخرون السحور إلى الفجر الصادق اقتداء برسول الله ه، وهذا ظاهر منهم y.

قال الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج2 ص678): (باب: تأخير السحور).

* وهذا الحديث: يدل على قرب تسحر الصحابة y من الفجر الصادق، بل كان سهل ط يتسحر والصلاة قائمة([104])، ثم يسرع ط لإدراك صلاة الفجر مع رسول الله ه، وهذا إقرار من النبي ه، فهي سنة إقرارية، ولو كان خطأ من فعل سهل بن سعد ط في أكله في هذا الوقت لبين النبي ه له عن طريق الوحي، لأنه ه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة، والله ولي التوفيق.

34) وعن عمار بن أبي عمار /، وهو من التابعين قال؛ وهو يصف أذان المؤذنين لصلاة الفجر: «وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر». يعني: طلع النور، وفي رواية: «وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر».([105])

35) وعن عبيد الله بن عمر قال: قلت لنافع: إنهم كانوا ينادون قبل الفجر؟، قال نافع: «ما كان النداء إلا مع الفجر».([106]) وفي رواية: «ما كانوا يؤذنون حتى يطلع الفجر».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2ص222): (وهذا لأنه يقال: أسفر الفجر: أضاء. وأسفر وجهه حسنا: أي أشرق، وسفرت المرأة: كشفت عن وجهها. ومسافر الوجه: وما يظهر. ومنه: السفر، والسفر، والسفير. فهذه المادة حيث تصرفت، فإنما معناها: البيان والظهور.([107]) ومعلوم أنه إذا طلع الفجر فقد حصل البيان والظهور. قال الله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]. ويقال أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح).اهــ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2ص223): (ولهذا مد الله الأكل بالليل إلى أن تبين الفجر، وقال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]. فجعل وقت الفجر منوطا بتبينه وظهوره، وهو الأسفار الذي أمر النبي ه به على هذا التفسير. ولم يقل: ثم أتموا الصيام حتى يتبين لكم الليل، لأن دخول الليل لا شبهة فيه. فإذا أخرت حتى يظهر ضوء الفجر، ويتبين كان أبعد عن الشبهة، ولعله بهذا أيضا أن يتسحر الناس حتى يتبين لهم الفجر، وأن لا يكفوا عن الطعام إذا اشتبه عليهم الحال. وقد جاء ذلك مأثورا عن الصحابة في قضايا متعددة، فكأن المؤذن والمصلي إذا لم يتبين طلوع الفجر منع الناس ذلك).اهـ

36) وعن عائشة ڤ قالت: «ما كانوا يؤذنون حتى يصبحوا!».

أثر صحيح

أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص170) من طريق زهير عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة ڤ به.

 قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص119) من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد قال: قالت عائشة ڤ: «ما كانوا يؤذنون حتى يصبحوا!».

قلت: وهذا سنده صحيح. ومن هذا الوجه ذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص149)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص515).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص194) من طريق منصور عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: «ما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر!».

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص194)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص18)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص185) من طريق يونس عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال: قلت لعائشة؛ أي ساعة توترين؟، قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر!».

قلت: وهذا سنده صحيح.

37) وعن أبي الأحوص / أنه قال لمؤذنه: «لا تؤذن حتى يطلع الفجر».([108])

38) وعن أبي الأسود الهمداني قال: «أذنت قبل أن يطلع الفجر، فجاء قيس بن أبي حازم بعصا؛ فضربني!».([109])

قلت: فلا يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يدخل وقتها.([110])

39) وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: «صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح، فقرأ فيها بسورة يوسف، وسورة الحج قراءة بطيئة، قال هشام: فقلت: والله إذا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر، قال: أجل».([111])

قوله: «كان يقوم»، أي: إلى الصلاة يبتدئها.

40) وعن أنس بن مالك ط قال: «صلى بنا أبو بكر ط صلاة الصبح، فقرأ بسورة: آل عمران، فقالوا: قد كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين». وفي رواية: «فقرأ بسورة البقرة».([112])

41) وعن السائب بن يزيد قال: «صليت خلف عمر ط الصبح، فقرأ فيها بالبقرة، فـلـما انـصرفـوا اسـتشرفـوا الـشـمـس، فـقـالـوا: طـلعـت الـشـمـس، فـقـال: لو طلعت لم تجدنا غافلين».([113])

42) وعن علي بن أبي طالب ط قال: «يا ابن التياح، أسفر، أسفر بالفجر».([114])

43) وعن عبد الله بن مسعود ط: «أنه كان يسفر بصلاة الغداة».([115]) يعني: الفجر، وفي رواية: «كان يسفر بصلاة الفجر».

44) وعن إبراهيم النخعي / قال: «ما أجمع أصحاب محمد ه على شيء ما أجمعوا على التنوير بالفجر».([116])

وبوب عليه الحافظ الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184): باب الوقت الذي يصلى فيه الفجر.

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص118): معلقا على قول إبراهيم النخعي: «كانوا إذا أذن المؤذن...»: «هذه حكاية عن الصحابة ن، وأكابر التابعين». اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر / في «الأوسط» (ج2 ص347): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

قلت: وتأدية صلاة الصبح في الليل يفوت عدة فضائل على المسلمين:

(1) كثرة الجمع من المصلين، وهي مطلوبة في الجماعة بالمساجد، ويكون ذلك بطلوع الصبح، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ([117])، وصلاة الفجر في الليل يفوت هذا الفضل.

وكان عمر بن الخطاب ط إذا اجتمع الناس عجل، وإذا لم يجتمعوا أخر.

(2) تحصيل الجماعة للمصلين في طلوع الصبح، والصلاة في الليل يفوت عليهم ذلك، وينفرهم من صلاة الصبح، والنبي ه قد أمر بالتخفيف على المصلين خشية التنفير([118])، كل ذلك رعاية لحال المأمومين.([119])

(3) تحصيل الأجر العظيم بوضوح الصبح، وطلوع النهار، فالتأخير فيه مصلحة راجحة للمصلين في الإسفار، فإن النبي ه قال: «أسفروا بالصبح، فإنه أعظم للأجر».([120]) وتقديم صلاة الفجر بالليل تفوت هذا الفضل على الناس.

(4) تطبيق السنة في تأخير صلاة الفجر، ونفي المشقة على المصلين، لأن المشقة راجحة في تقديم صلاة الفجر عليهم بليل، وبتطبيق السنة نفي ذلك([121])، فرعاية المصلين مطلوبة في الإسلام.

* فالإسفار يؤدي إلى كثرة الجماعة، واتصال الصفوف، ولأنه يتسع به وقت التنفل، وما أفاد كثرة التنفل كان أفضل.

قلت: وهذا البياض هو الذي يمسك عليه الصائم عن الأكل والشرب.

قال الحافظ الطبري / في «جامع البيان» (ج3 ص513): (وقال متأولو قول الله تعالى ذكره: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[؛ أنه بياض النهار، وسواد الليل، صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء، يملأ بياضه، وضوءه الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء يعني: الفجر الكاذب - فإن ذلك غير الذي عناه الله بقوله: ]الخيط الأبيض من الخيط الأسود[).اهـ

45) وعن أبي مجلز / قال: «الضوء الساطع في السماء ليس بالصبح، ولكن ذاك الصبح الكذاب، إنما الصبح إذا انفضح الأفق»؛ يعني: أسفر وطلع النور.

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج3 ص514)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

إسناده صحيح.

46) وعن الإمام مسلم أبي الضحى الهمداني([122])/ قال: «لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا، كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت، والطرق». وفي رواية: «ما كانوا يعني: الصحابة والسلف - يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء»؛ يعني: الفجر الصادق.

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2992-2993)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (9075)، وابن حزم في «المحلى» (ج6 ص234).

وإسناده صحيح.

قلت: فالسلف يرون أن الفجر هو الذي نوره ينتشر في الطرق، وهو الفجر الصادق، بإجماع الصحابة الكرام، والتابعين الأفاضل.

47) وعن ابن عباس قال: «هما فجران، فأما الذي يسطع([123]) في السماء فليس يحل، ولا يحرم شيئا، ولكن الفجر([124]) الذي يستبين على رءوس الجبال هو الذي يحرم الشراب». وفي رواية: «فجر يطلع بليل يحل فيه الطعام والشراب، ولا يحل فيه الصلاة، وفجر يحل فيه الصلاة، ويحرم فيه الطعام والشراب».

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2994)، وعبد الرزاق في «المصنف» (4765)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص500)، وفي «معرفة السنن» (ج6 ص256).

وإسناده صحيح.

48) وعن إبراهيم النخعي / قال: «الوتر بالليل، والسحور بالنهار!».

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (3005).

وإسناده صحيح.

49) وعن الإمام مسروق / قال: «لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت، والطرق».([125])

قلت: فبياض النهار أن ينتشر في الطرق، والسكك، والبيوت وقت صلاة المسفرين بصلاة الصبح.([126])

قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج7 ص201): (أن ما بعد الفجر: هو من النهار لا من الليل ولا فاصل بينهما). اهـ

قلت: ولقد عمل الصحابة ن بتأخير السحور إلى طلوع النهار، وانتشاره في الطرقات، والبيوت!..

50) وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ط: «أنه قال حين طلع الفجر: الآن حين تبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود». وفي رواية: «أنه صلى الصبح». وفي رواية: «أنه لما صلى الفجر».([127])

أثر صحيح

أخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص136-الفتح)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص285-الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص519 و524)، والفريابي في «تفسير القرآن» (ج2 ص285 الدر المنثور) من عدة طرق عن علي بن أبي طالب ط به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36)، والقرطبي في «المفهم» (ج3 ص152)، وأبو حيان في «البحر المحيط» (ج2 ص85).

قال الحافظ ابن المنذر / في «الإشراف على مذاهب العلماء» (ج3 ص188): (وروينا عن علي أنه قال حين صلى الفجر: «الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»، وروى عن حذيفة: «أنه لما طلع الفجر تسحر، ثم صلى»، وروى معنى ذلك عن ابن مسعود). اهـ

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج2 ص92): (وروي عن علي بن أبي طالب ط؛ أنه ه صلى الصبح بالناس ثم قال: الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود). اهـ

قلت: وهذا يدل على أنه لا بأس بالأكل والشرب في بداية طلوع الفجر الصادق إلى أن يتضح النهار، وينتشر في الطرق والسكك والبيوت.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (ج4 ص136): (وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي: «أنه صلى الصبح ثم قال الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود»). اهـ

وقال الإمام ابن المنذر /: (وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت([128])). اهـ

قلت: فلا بد للإمساك أن ينتشر النور، والضوء في الطرقات، لأن هذا هو الفجر الصادق الذي تجري عليه الأحكام الشرعية، لا السواد المظلم الذي يمسك عليه الناس في هذا الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قلت: وهذا مفهوم التبين الذي ذكره الله تعالى في كتابه، بقوله: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187].

فقوله تعالى: ]حتى يتبين[، أي: يتضح نوره، وينتشر في الطرقات للناس، فهنا يجب على الصائم أن يمسك عن الأكل، والشرب لا مجرد طلوع الفجر ابتداء، لأن في هذا الوقت لم يتبين الفجر الصادق جيدا، فافهم لهذا ترشد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص408): (الوقت الذي يجب صيامه من طلوع الفجر الثاني إلى مغيب قرص الشمس؛ لقوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج2 ص408): (وإذا أكل قبل أن يتبين الفجر، فقد أكل في الوقت الذي يحكم بأنه ليل، ولأن الله تعالى قال: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فمن أكل وهو شاك، فقد أكل قبل أن يتبين له الخيط الأبيض([129])، ولأن الأكل مع الشك في طلوع الفجر جائز). اهـ

قلت: فإذا لم يتيقن طلوعه، فصومه تام، ولم يفطر بذلك إلا أن يتبين له الخطأ.

51) وعن حيان بن عمير قال: «سئل ابن عباس عن الرجل يسمع الأذان، وعليه ليل؟ قال: فليأكل، قيل: وإنه سمع مؤذنا آخر قال: شهد أحدهما لصاحبه».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص173).

وإسناده صحيح.

52) ويؤيده: عن شيبان بن مالك الأنصاري ط قال: «دخلت المسجد فإذا النبي ه يتسحر فتنحنحت فقال: أبو يحيى؟ ادنه هلم الغداء، قلت: إني أريد الصوم، قال: وأنا أريد الصوم، ولكن مؤذننا هذا في بصره شيء فأذن قبل طلوع الفجر».

حديث حسن لغيره

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (979)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص218)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص118- المطالب العالية)، والبغوي في «معجم الصحابة» (290)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص373)، وفي «المعجم الأوسط» (4706)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (740)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1482)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص54)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج2 ص533)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج5 ص112)، والحسن بن سفيان في «المسند» (ج6 ص118- المطالب العالية)، وابن منده في «معرفة الصحابة» (ج6 ص118- المطالب العالية).

بإسناد لا بأس به.

وذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج3 ص434).

قال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص219): (فإن صح فكأن ابن أم مكتوم وقع تأذينه قبل الفجر، فلم يمتنع رسول الله ه من الأكل، وعلى هذا الذي ذكرنا تتفق الأخبار ولا تختلف). اهـ

53) وعن سالم بن عبيد، قال: «كنت في حجر أبي بكر الصديق، فصلى ذات ليلة ما شاء الله، ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر؟، قال: فخرجت ثم رجعت، فقلت: قد ارتفع في السماء أبيض، فصلى ما شاء الله، ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر؟، فخرجت ثم رجعت، فقلت: لقد اعترض في السماء أحمر، فقال: هيت الآن، فأبلغني سحوري». وفي رواية: «في رمضان، إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف. ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال: هات غذاءك، قال: فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة».

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (8929)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص246)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص227)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648).

وإسناده صحيح، وقد صححه الدارقطني في «السنن» (ج2 ص166).

وقال ابن العربي: إسناده صحيح كله.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (3004) من وجه آخر.

وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154)، ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله رجال الصحيح.

وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36).

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (وروي بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي -وله صحبة- أن أبا بكر قال له فذكره).اهـ

54) وعن شقيق بن سلمة قال: «انطلقت أنا وزر بن حبيش إلى حذيفة وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة، فاستأذنا عليه، فخرج إلينا، فأتى بلبن، فقال: اشربا، فقلنا: إنا نريد الصيام، قال: وأنا أريد الصيام، فشرب، ثم ناول زرا فشرب، ثم ناولني فشربت([130])، والمؤذن يؤذن في المسجد، قال: فلما دخلنا المسجد أقيمت الصلاة، وهم يغلسون([131])».

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص230).

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (8937)، والطبري في «جامع البيان» (3000) عن إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي عن أبيه قال: «خرجت مع حذيفة إلى المدائن في رمضان، فلما طلع الفجر، قال: هل كان أحد منكم آكلا أو شاربا؟، قلنا: ما رجل يريد الصوم فلا ثم سرنا حتى استبطأناه في الصلاة، ثم نزل فصلى». وفي رواية: «فنزل فتسحر ثم صلى».

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج3 ص518). وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص433)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319).

وتابع يزيد بن شريك التيمي؛ زر بن حبيش على هذا الحكم.

فأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2463)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142) عن زر بن حبيش قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى الصلاة فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة، وليس بينهما إلا هنيهة([132])».

وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص111)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232) والذهبي في «المعجم المختص» (ص63) عن زر بن حبيش قال: «قلنا لحذيفة: أي ساعة تسحرت مع رسول الله ه؟ قال: هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع».

وإسناده حسن. وقال الذهبي: هذا حديث حسن الإسناد.

وذكره الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص136)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ص164)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36)، والقرطبي في «المفهم» (ج3 ص152).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (3012 و3014)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص396 و400 و405)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وابن ماجه في «سننه» (1695) عن زر بن حبيش عن حذيفة ط قال «كان النبي ه يتسحر وأنا أرى مواقع النبل. قال: قلت أبعد الصبح؟ قال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس».([133])

وإسناده حسن، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ث432)، ثم قال: رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه. بإسناد صحيح.

وفي رواية: قال زر بن حبيش: «فأخذ حذيفة ط يحلب من جانب، وأحلب أنا من جانب، فناولني، فقلت: ألا ترى الصبح؟ فقال: اشرب، فشربت، ثم جئت إلى باب المسجد، فأقيمت الصلاة، فقلت له أخبرني بآخر سحور تسحرته مع رسول الله فقال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس».

وقد رواه عن عاصم بن أبي النجود خلق من الثقات؛ فانتبه.

وأخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص453)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج2 ص52)، وفي «مشكل الآثار» (ج14 ص126) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: «تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد، فمررت بمنزل حذيفة بن اليمان فدخلت عليه، فأمر بلقحة فحلبت، وبقدر فسخنت، ثم قال: ادن فكل، فقلت: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصوم، فأكلنا وشربنا، ثم أتينا المسجد، فأقيمت الصلاة، ثم قال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله ه، قلت: أبعد الصبح؟ قال: نعم، هو الصبح غير أن لم تطلع الشمس».

وإسناده حسن.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص111)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص142) من طريق عمرو بن علي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا أبو يعفور، قال: حدثنا إبراهيم، عن صلة بن زفر، قال: «تسحرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة، فصلينا».

وإسناده صحيح، وقد تابع صلة بن زفر؛ زر بن حبيش على هذا الحكم!.

قلت: وهذا الحديث يبين أن الضوء قد اتضح جيدا، وهذا فعل النبي ه في تأخير السحور، كل ذلك من أجل ألا يقع الصائم في الحرج، فيتضرر من الجوع والعطش في نهار رمضان.

قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص52): (ففي هذا الحديث عن حذيفة ط؛ أنه أكل بعد طلوع الفجر، وهو يريد الصوم ويحكي مثل ذلك، عن رسول الله ه). اهـ

وقال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج14 ص127): (فكان في هذا الحديث: أن ذلك الطعام الذي كان من رسول الله ه كان بعد طلوع الفجر). اهـ

قال الإمام أبو بكر ابن عياش /: ما كذب عاصم، على زر، ولا زر، على حذيفة، قال: قلت له: يا أبا عبد الله «تسحرت مع النبي ه؟ قال: نعم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع».([134])

قلت: فهذا جاء بصيغة في التوكيد موثقة، قصد بها أبو بكر ابن عياش / رفع شبهة الخطإ، أو التزيد في الرواية([135])، فافطن لهذا.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص137): (روي عن حذيفة من طرق صحيحة). اهـ

قلت: ثم إنه يبعد هذا الحديث وغيره التأويلات التي وردت من قبل بعض أهل العلم، تأكيد حذيفة ط بقوله: «إلا أن الشمس لم تطلع»، فإنه ظاهر في كون المراد حقيقة النهار، لا قرب النهار.([136])

ففي هذا الحديث عن حذيفة ط أنه أكل بعد طلوع الفجر، وهو يريد الصوم، ويحكي مثل ذلك عن رسول الله ه.([137])

* وهذا الحديث يبين أن إمساك النبي ه، والصحابة الكرام كان في النهار الشرعي الذي يقال فيه نهار لانتشار النور في البيوت، والطرق عند طلوع الفجر الصادق، كما في قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187].

* وهذا يدل على جواز الأكل والشرب عند بداية طلوع الفجر الصادق حتى يتضح النهار ويقال: «أصبحت، أصبحت».

قال الحافظ الطبري رحمه الله في «جامع البيان» (ج3 ص524): (وعلة من قال هذا القول: أن القول إنما هو النهار دون الليل.

قالوا: وأول النهار طلوع الشمس، كما أن آخره غروبها.

قالوا: ولو كان أوله طلوع الفجر لوجب أن يكون آخره غروب الشفق قالوا: وفي إجماع الحجة على أن آخر النهار غروب الشمس دليل واضح، على أن أوله طلوعها.

قالوا: وفي الخبر عن النبي ه أنه تسحر بعد طلوع الفجر أوضح الدليل على صحة قولنا).([138]) اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص231): (فقد صح أن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه). اهـ

قلت: فلا تملوا الناس، ولا تكرهوا عليهم أمر الله تعالى، فأمهلوهم حتى يدركوا صلاة الفجر في وقتها المحدد في الشرع، لأن الناس يستيقظون في الإسفار، وينامون في الظلام، والله المستعان.

* فانصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشارق، ثم انتشاره في الأرض، والإسفار البين؛ هو الأصل لصلاة الصبح، وإمساك الصائم عن الأكل والشرب، والجماع.([139])

قال الفقيه الخرشي / في «شرح مختصر خليل» (ج1 ص420): (أول الوقت المختار للصبح من حين طلوع الفجر الصادق ممتد إلى الإسفار الأعلى، وهو الذي تتراءى فيه الوجوه، والإسفار الظهور، والأعلى البين الواضح.

* واحترز بالصادق، وهو المستطير بـ«الراء»؛ أي: المنتشر من الفجر الكاذب لتغريره من لا يعرفه، وهو المستطيل بـ«اللام» لصعوده في كبد السماء). اهـ

55) وعن نافع أن ابن عمر ط: (كان إذا تبين له الصبح لا شك فيه أناخ، فصلى الصبح).([140])

56) وعن يزيد الأودي قال: (كنت أصلي مع علي ط الغداة يعني: صلاة الفجر- ثم ألتفت فيخيل إلي أنه تطلع الشمس).([141])

قال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234): (وقت صلاة الفجر يدخل بالفجر الثاني). اهـ

وقال أبو داود في «المسائل» (ص134): (قال أحمد إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه).

قلت: البياض؛ هو النهار، والسواد؛ هو الليل.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العمدة» (ج3 ص431): (وهذا يدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة، وقد جاءت أحاديث تدل على مثل ذلك). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «الكافي» (ج1 ص350): (فصل: ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]،... ويجوز الأكل والشرب إلى الفجر، للآية والخبر). اهـ

قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج1 ص325): (الفجر فجران:

الفجر الأول: بياض مستطيل، وليس معترضا، ويأتي بعده ظلمة.

والفجر الثاني: بياض معترض في الأفق، ولا يأتي بعده ظلمة، وهو الذي تتعلق به الأحكام من صيام وصلاة). اهـ

وقال الفقيه المحلي / في «كنز الراغبين» (ج1 ص168): (والصبح يدخل وقتها بالفجر الصادق، وهو المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق؛ أي: نواحي السماء بخلاف الكاذب، وهو يطلع قبل الصادق مستطيلا، ثم يذهب ويعقبه ظلمة، ويبقى الوقت حتى تطلع الشمس). اهـ

وقال الفقيه ابن جزي / في «القوانين الفقهية» (ص69): (الصبح: فأول وقتها: طلوع الفجر الصادق، إجماعا، وآخره طلوع الشمس). اهـ

وقال الفقيه الدردير / في «الشرح الكبير» (ج1 ص118): «وللصبح من الفجر؛ أي: ظهور الضوء الصادق، وهو المستطير، أي: المنتشر ضياؤه حتى يعم الأفق احترازا من الكاذب، وهو المستطيل «اللام» وهو الذي لا ينتشر، بل يطلع وسط السماء دقيقا يشبه ذنب السرحان، ولا يكون في جميع الأزمان، بل في الشتاء ثم يظهر بعده ظلام، ثم يظهر الفجر الحقيقي، وينتهي المختار للإسفار، أي: الضوء الأعلى([142])؛ أي: البين الواضح، وهو الذي تتميز فيه الوجوه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الكافي» (ص35): (وأول وقت صلاة الصبح: إذا طلع الفجر المعترض في أفق المشرق، وهو أول بياض النهار، ثم لا يزال وقتها ممدودا قائما حتى يسفر). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «السيل الجرار» (ج1 ص409): (وأول وقت الفجر؛ طلوع الفجر، وهو يعرفه كل ذي بصر، وآخره طلوع الشمس، فهذه الأوقات لا ينبغي أن يقع في مثلها خلاف؛ لأن الأدلة عليها أوضح من كل واضح، وأظهر من كل ظاهر، وقد كرر ه الإيضاح، وعلمهم ما لا يحتاجون بعده إلى شيء، وجعل هذه الأوقات منوطة بعلامات حسية يعرفها كل من له بصر صحيح، فلا نطيل الكلام في هذا؛ فإن الإطالة لا تأتي بطائل). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الإمداد» (ج2 ص383): (وتأخير سحور): بأن يكون عند نهاية الليل وبداية النهار؛ لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]، والنبي ه كان يؤخر السحور إلى طلوع الفجر، فهؤلاء الذين يتسحرون مبكرين يخالفون السنة، فإذا تسحروا ناموا، وتركوا صلاة الفجر مع الجماعة، أو تركوا صلاة الفجر في وقتها، ولا يصلون إلا إذا استيقظوا فهؤلاء قد خالفوا السنة وهي تأخير السحور). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص289): قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وقول النبي ه: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)؛ فعلق النبي ه الإمساك بطلوع الفجر، والقرآن الكريم علقه كذلك بتبين طلوع الفجر، وهذا بالإجماع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص270): قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، ولم يقل: حتى يطلع الفجر، بل قال تعالى: ]حتى يتبين[؛ لأن العباد إنما يكلفون بما يطيقون). اهـ

قلت: فلا تملوا الناس، ولا تكرهوا عليهم أمر الله تعالى، فأمهلوهم حتى يدركوا صلاة الفجر في وقتها المحدد في الشرع، لأن الناس يستيقظون في الإسفار، وينامون في الظلام، والله المستعان.

57) فعن سالم مولى أبي حذيفة قال: «كنت أنا، وأبو بكر الصديق ط فوق سطح واحد في رمضان، فأتيته ذات ليلة فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله ه؟ فأومأ بيده أن: كف، ثم أتيته مرة أخرى فقلت له: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فأومأ بيده أن: كف، ثم أتيته مرة أخرى فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فنظر إلى الفجر، ثم أومأ بيده أن: كف، ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال: هات غذاءك، قال: فأتيته به، فأكل، ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة».([143])

58) وعن عائشة ڤ عن النبي ه قال: «أن بلالا كان يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».([144])

قلت: وهذا فيه دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح، وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، وهذا بالإجماع.([145])

59) وعن إبراهيم النخعي / قال: «ما أجمع أصحاب محمد ه على شيء ما أجمعوا على التنوير بالفجر».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص322) من طريق وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184) من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: «ما اجتمع أصحاب محمد ه على شيء ما اجتمعوا على التنوير».

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن خسرو البلخي في «مسند أبي حنيفة» (ج1 ص395)، واللؤلؤي في «المسند» (ج1 ص295- الجامع)، وأبو يوسف القاضي في «الآثار» (ص66 و147)، والخوارزمي في «جامع المسانيد» (ج1 ص295) من طريق أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي قال: «لم يجتمع أصحاب رسول الله ه على شيء؛ كما اجتمعوا على التنوير بالفجر، والتبكير بالمغرب».

وإسناده لا بأس به.

وأخرجه ابن دكين في «الصلاة» (324) من طريق شريك عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال: «كانوا يسفرون بالفجر».

وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص237)، والعيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص298).

وذكره العلامة السندي في «كفاية الحاجة» (ص313) ثم قال: (فهذا الإجماع).

وقال الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج1 ص238): (فثبت أن المراد بالإسفار إنما هو التنوير، وهو التأخير عن الغلس([146])، وزوال الظلمة). اهـ

60) وعن عقبة بن أبي صالح قال: «كان إبراهيم النخعي يسفر بصلاة الغداة».([147]) يعني: الصبح.

61) وعن عبيد المكتب قال: «قال لي إبراهيم: نور نور» وفي رواية: «كان ينور بالفجر».([148]) يعني: صلاة الصبح.

62) وعن هشام بن عائذ بن نصيب الأسدي قال: «دخلت أنا، وإبراهيم موماة، فلما طلع الفجر قلت: يا أبا عمران ألا تصلي؟! قال: أسفر، ثم مضى غير بعيد، قلت: ألا تصلي؟ قال: أسفر».([149])

63) وعن نفاعة بن مسلم قال: «كان سويد بن غفلة يسفر بالفجر إسفارا شديدا».([150])

64) وعن وقاء بن إياس قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: «للمؤذن: أسفر أسفر، يعني: صلاة الصبح»، وفي رواية: «يقول لمؤذنه: نور نور»([151])؛ يعني: أذن إذا طلع النور!.

65) وعن وقاء بن حبيب عن سعيد بن جبير /: «أنه كان ينور بالفجر».([152])

66) وعن سالم بن عبيد الأشجعي قال: كنت مع أبي بكر، فقال: «قم فاسترني من الفجر، ثم أكل».([153]) وفي رواية: «كنت في حجر  أبي  بكر الصديق؛ فصلى ذات ليلة ما شاء الله؛ ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر، فخرجت ثم رجعت، فقلت: قد ارتفع في السماء أبيض، فصلى ما شاء الله؛ ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر، فخرجت فرجعت، فقلت: قد اعترض في السماء أحمر؛ قال: هيت الآن، فأبلغني سحوري».

67) وعن حبان بن الحارث قال: «أتيت علي بن أبي طالب وهو معسكر بدير أبي موسى، فوجدته يطعم، فقال: ادن فكل، فقلت: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصوم، فلما فرغ من طعامه، قال: لابن التياح؛ أقم الصلاة». وفي رواية: «تسحرنا مع علي ط، فلما فرغ من السحور أمر المؤذن فأقام الصلاة».([154])

68) وعن أبي بكر الصديق ط أنه قال: «إذا نظر الرجلان إلى الفجر، فشك أحدهما، فليأكلا حتى يتبين لهما».([155])

69) وعن معمر الأزدي / أنه: «كان يؤخر السحور جدا حتى يقول الجاهل: لا صوم له».([156])

70) وعن ابن جريج قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: «أتكره أن أشرب، وأنا في البيت لا أدري لعلي قد أصبحت؟، قال /: لا بأس بذلك، هو شك).([157])

71) وعن أبي بكر الصديق ط أنه: «أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر»؛([158]) أي: ثم يتسحر.

72) وعن أبي الضحى؛ أن رجلا قال؛ لابن عباس: متى أدع السحور؟، فقال رجل: إذا شككت، فقال ابن عباس ط: «كل ما شككت حتى يتبين لك».([159]) يعني: الفجر.

73) وعن مكحول الأزدي قال: «رأيت ابن عمر أخذ دلوا من زمزم، وقال لرجلين: أطلع الفجر؟ قال أحدهما: قد طلع، وقال الآخر: لا؛ فشرب ابن عمر».([160])

قلت: فالمرء إذا شك في طلوع الفجر، فالأصل بقاء الليل، حتى يستبين، ويتبين طلوعه، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.

* لذلك على المرء أن يعبد الله تعالى بعلم، ولا يعبده بجهل، لأن عبادة الجاهل مهما فعل فإن عبادته باطلة، ولا يجوز لعبد أن يقدم على أمر في الدين حتى يعلم حكم الله تعالى فيه.([161])

قلت: وصيام رمضان يحتاج إلى علم، ومعرفة حتى يكون أداؤه، والقيام به على الوجه المطلوب شرعا.

قال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج1 ص602): (ويستحب تأخير السحور... لأن السحور يراد ليتقوى به على الصوم([162])، فكان التأخير أبلغ في ذلك،  وكان أولى). اهـ

وقال الفقيه الرملي / في «نهاية المحتاج» (ج3 ص151): (ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى، ولأن تأخير السحور أقرب للتقوى على العبادة). اهـ

وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج1 ص308): (ووقت الصوم: من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ إلى أن قال: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187]. والخيطان: بياض النهار، وسواد الليل). اهـ

وقال الفقيه ابن مودود / قال في «الاختيار» (ج1 ص137): (ووقت الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص331): (الصيام هو: الإمساك عنأشياء مخصوصة، وهي المفطرات من الأكل والشرب والجماع، وتوابعها، في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص134): (وأما ما عليه عرف الناس اليوم: أن الإمساك يكون قبل طلوع الفجر بوقت، فلم يشرع، بل هذا بدعة، بل ورد الأمر بالكتاب والسنة بالأكل إلى أن يتبين للإنسان طلوع الفجر). اهـ

وقال الفقيه ابن نجيم / في «النهر الفائق» (ج1 ص156): (وقت الفجر: سمي به لانفجار الظلام به، وبدأ به؛ لأنه لا خلاف في طرفيه، ولأنه أول النهار). اهـ

وقال الفقيه العيني / في «رمز الحقائق» (ج1 ص42): (وقت صلاة الفجر من ابتداء الصبح الصادق؛ وهو البياض المنتشر في الأفق، ولا عبرة بالصبح الكاذب، وهو البياض الذي يبدو طولا؛ كذنب السرحان، ثم تعقبه ظلمة... وهذا بالإجماع).اهـ

وقال الفقيه ابن عابدين / في «رد المحتار» (ج2 ص18): (فالمعتبر الفجر الصادق: وهو الفجر المستطير في الأفق؛ أي: الذي ينتشر ضوءه في أطراف السماء، لا الكاذب: وهو المستطيل الذي يبدو طويلا في السماء؛ كذنب السرحان؛ أي: الذئب، ثم يعقبه ظلمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الملخص الفقهي» (ج1 ص106): (صلاة الفجر: ويبدأ وقتها بطلوع الفجر الثاني، ويمتد إلى طلوع الشمس). اهـ

قلت: فهذا وقت صلاة الفجر الذي فرضه الله تعالى على الناس، فعليهم أن يتقيدوا به، بحيث لا يصلون قبل هذا الوقت المحدد.

وقال الفقيه ابن مودود / في «الاختيار» (ج1 ص42): (وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني المعترض إلى طلوع الشمس؛ والفجر فجران: «كاذب»؛ وهو الذي يبدو طولا ثم تعقبه ظلمة، فلا يحرم الأكل على الصائم، و«صادق»؛ وهو البياض المعترض في الأفق، فيحرم به السحور، ويدخل به وقت الفجر). اهـ

وقال الفقيه السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص51): (أول وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر الثاني، وآخره حين تطلع الشمس، وإنما قيد بالفجر الثاني؛ لأن الفجر فجران: الأول؛ وهو الذي يبدو في ناحية من السماء، كذنب السرحان طولا، ثم ينكتم، سمي فجرا  كاذبا؛ لأنه يبدو نوره، ثم يخلف، ويعقبه الظلام، وهذا الفجر مما لا يحرم به الطعام والشراب على الصائمين.

وأما الفجر الثاني؛ فهو المعترض في الأفق لا يزال نوره حتى تطلع الشمس: سمي فجرا صادقا، لأنه إذا بدا نوره ينتشر في الأفق، ولم يخلف، وهذا الفجر مما يحرم به الطعام والشراب على الصائمين). اهـ

قال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج2 ص796): (الفجر فجران: «فجر يحرم فيه» على الصائم «الطعام» والشراب؛ أي: الأكل والشرب، «وتحل فيه الصلاة»؛ أي: صلاة الصبح، وهو الفجر الصادق؛ «وفجر تحرم فيه الصلاة»؛ أي: صلاة الصبح بعد دخول وقتها بطلوعه، «ويحل فيه الطعام» والشراب للصائم، وهو الفجر الكاذب الذي يطلع كذنب السرحان، ثم يذهب، وتعقبه ظلمة). اهـ

قلت: فالفجر الأول، ويسمى «الكاذب» لا معول عليه في شيء من الأحكام، بل وجوده كعدمه، فلا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم.([163])

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص213): (قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]؛ ومعنى الآية: وكلوا واشربوا في ليالي الصوم، حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود: بياض  النهار من سواد الليل، وسميا خيطين؛ لأن كل واحد منهما يبدو في الأفق ممتدا كالخيط، قال الشاعر:

فـلــمـا أضــاءت لــنــا ســدفــة

 

 

ولـاح مـن الـصـبـح خـيـط أنـارا). اهـ

قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]؛ حتى: غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر). اهـ

قلت: والتبيين للفجر تبينه في الطرق، والبيوت، وقد أجمع عليه السلف؛ منهم: عمر، وعثمان، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وغيرهم ن أجمعين.([164])

قال الإمام ابن أبي زمنين / في «تفسير القرآن» (ج1 ص203): (وقوله تعالى: ]الخيط الأبيض[ [البقرة: 187]؛ يعني: بياض النهار؛ وقوله تعالى: ]من الخيط الأسود[؛ يعني: سواد الليل؛ ويتبين هذا من هذا عند طلوع الفجر الثاني). اهـ

وقال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319): (وقالت طائفة؛ ذلك بعد طلوع الفجر، وتبينه في الطرق والبيوت؛ روي ذلك عن عمر، وحذيفة، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش سليمان، وغيرهم أن الإمساك يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رءوس الجبال). اهـ

وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج1 ص214): (واعلم أن الفجر الذي يحرم به على الصائم الطعام والشراب والجماع هو الفجر الصادق المستطير المنتشر في الأفق سريعا، لا الفجر الكاذب المستطيل). اهـ

وقال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج2 ص92): (وروي عن عثمان بن عفان، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، وطلق بن علي، وعطاء بن أبي رباح، والأعمش وغيرهم أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال).اهـ

وقال العلامة القاري / في «مرقاة المفاتيح» (ج2 ص286): «وصلى الفجر فأسفر بها؛ أي: أوقعها في وقت الإسفار، والباء للتعدية من: أسفر الصبح إذا أضاء).اهـ

74) وعن أنس بن مالك أن زيد بن ثابت ط قال: «تسحرنا مع النبي ه ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟، قال: قدر خمسين آية». وفي رواية: «تسحرنا مع النبي ه ثم خرجنا إلى الصلاة».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1921)، ومسلم في «صحيحه» (1097)، والترمذي في «سننه» (703)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2466)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص143)، وابن ماجه في «السنن» (1694)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص182 و185 و186)، وابن حبان في «صحيحه» (1497)، والدارمي في «المسند» (1737)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (1087)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص111 و112)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص489)، وابن الأعرابي في «المعجم» (6)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، والطيالسي في «المسند» (604) والبرزالي في «جزء عوالي الشيخات الست» (ص111 و112)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج21 ص207)، وفي «حديث أهل حردان» (ص85)، والمخلص في «المخلصيات» (370)، و(1356)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج3 ص172)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص1157)، وفي «حلية الأولياء» (ج3 ص61)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص536)، وابن أبي الفوارس في «الفوائد» (4)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص177)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (248)، والطبراني في «المعجم الكبير» (4792)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1941)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص454)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص293)، والبغوي في «شرح السنة» (355)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص259) من طرق عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن زيد بن ثابت ط به.

وقال أبو نعيم: صحيح مشهور من حديث قتادة.

وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج4 ص605).

قال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص744): (ويترتب على هذا من الفقه أن يكون السحور بقرب الصبح حتى ما يكون بعده إلا الاشتغال بالصبح، وهو الأظهر). اهـ

قلت: وهذا أرفق بالصائمين.

ثم تأمل قوله: (تسحرنا مع النبي ه ثم خرجنا إلى الصلاة). يعني: دخل عليهم الفجر، وهم يتسحرون.

قال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص739): (ظاهر الحديث يفيد بأن تأخير السحور من السنة؛ لأن النبي ه تسحر، وكان بينه، وبين الفجر قدر قراءة خمسين آية، وإنما فعل ذلك ه؛ لأنه كان أبدا ينظر ما هو أرفق لأمته، فيعمل عليه لطفا منه بهم، وسحوره ه من جملة الألطاف بهم). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي جمرة / في «بهجة النفوس» (ج1 ص741): (السحور في ذلك الوقت فيه خير كثير؛ بدليل ما أشرنا إليه، فإن السحور في ذلك الوقت فيه عون على صيام النهار؛ لأنه إذا تسحر، والفجر قريب أصبحت المعدة بالطعام، وقل أن يحتاج إلى الطعام). اهـ

قلت: فلا يخلو الطعام من بطنه إلى آخر النهار، فيكون وقت الإفطار قريبا، فيسهل عليه الانتظار في ذلك الزمن القريب.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «شرح عمدة الأحكام» (ص336): (فيه: استحباب تأخير السحور، وهذا هو المشروع، وأما ما يفعله كثير من الناس اليوم من تقديم السحور جدا، فهذا بدعة، ومن سبب هذه البدعة جعلوا للزوم وقتا، ولطلوع الفجر وقتا، والله تعالى ورسوله ه غيا ذلك بتبين الصبح، فقال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فلم يقل: حتى يبقى على طلوع الفجر قدر ربع ساعة، أو جزء معين كما زعموا، ومرادهم في هذا الاحتياط، ولكن غلطوا في ذلك، وشرعوا ما لم يأذن به الله.

فالاحتياط: اتباع أفعاله ه وشرائعه، فلو كان هذا الأمر خيرا لسبقونا إليه، والله تعالى وسع في الصيام وسهل، ولهذا لم يقل: حتى يطلع الفجر، بل قال: حتى يتبين؛ أي: يتضح ويتيقن، ولهذا لو أكل وشرب بناء على بقاء الليل، ثم تبين أنه قد طلع الفجر صح صومه، ولو كان في نفس الأمر قد أكل وشرب بعد طلوع الفجر.

والعجب أنهم يوسوسون في الصيام، ويشددون فيه، والشارع قد سهل فيه وسامح، ثم يصلون ولما يتحققوا طلوع الفجر، والحال أنه لا تصح الصلاة حتى يتيقن طلوع الفجر تيقنا لا يدخله شك بوجه ما، حتى لو طلب الشهادة على طلوعه لشهد.

* ولكن ما ترك الناس سنة إلا اعتاضوا عنها بدعة، فإنهم أيضا يؤذنون قبل طلوع الفجر، وهذا لا يجزئ إلا إذا وجد من يؤذن بعد طلوع الفجر، ثم بعد ذلك يحتاجون إلى التنبيه على طلوع الفجر بغير الأذان.

* والعجب إقرار العلماء على ذلك، بل أمرهم به، حتى إنهم جعلوا إمساكية لرمضان، فيقولون: الفجر على كذا، واللزوم على كذا، والله تعالى يقول: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، وهذا فعله ه وأمره، فهم ضادوا الشرع، فهو يحث على تأخير السحور، وهم يحثون على تقديمه). اهـ

75) وعن خرشة بن الحر، قال: (كان عمر بن الخطاب يغلس بصلاة الصبح، ويسفر ويصليها بين ذلك).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص322)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص570)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص378) من طريق أبي حصين، عن خرشة بن الحر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

76) وعن جبير بن نفير، قال: صلى معاوية t بغلس؛ فقال أبو الدرداء t: (أسفروا بهذه الصلاة؛ فهو أفقه عليكم).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص321)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص378) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير به.

قلت: وهذا سنده حسن.

77) وعن علي بن ربيعة، قال: سمعت عليا t، يقول لقنبر: (أسفر أسفر؛ يعني: بصلاة الغداة).

أثر صحيح

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص321)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص180)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج1 ص378) من طرق عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

78) وعن نافع، قال: (لما نزل الحجاج؛ بابن الزبير t، صلى الصبح بمنى، ثم أسفر بها جدا).

أثر حسن

أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص571) من طريق عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع به.

قلت: وهذا سنده حسن.

79) وعن مغيث بن سمي، أنه قال: صليت مع ابن الزبير t الصبح بغلس فالتفت إلي عبد الله بن عمر فقلت: ما هذا؟ فقال: «هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، ومع عمر؛ فلما قتل عمر t، أسفر بها عثمان t).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص176) من طريق الأوزاعي، قال: حدثني نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: يريد ابن عمر في ذلك، أن يبين؛ لمغيث بن سمي، أن صلاة الفجر بالغلس، قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر t، وعمر بن الخطاب t، وأحيانا يسفرون، وقد ثبت ذلك عنهم أيضا.

* ثم في عهد عثمان بن عفان t، أسفر بها مطلقا، ولم يغلس، رغم أن وقت الغلس ثبت في السنة أحيانا، فظن الراوي أن ذلك ليس من السنة أحيانا، فظن الراوي أن ذلك ليس من السنة؛ لأنه أدرك الناس، وهم يسفرون مطلقا، فبين له ابن عمر عن سنة الغلس بصلاة الفجر أيضا، وأن ذلك فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر t، وعمر بن الخطاب t، ولا يلزم من ذلك أنهم لم يسفروا، فتنبه.

* هذا الذي أراده ابن عمر لمغيث بن سمي، وليس مراده أنهم كانوا يغلسون مطلقا، بل كانوا يصلون في الغلس أحيانا، ويصلون في الإسفار أحيانا على حسب الحاجة، للجمع بين الأدلة والآثار، فافطن لهذا.

80) وعن حبيب بن شهاب، عن أبيه، (أن أبا موسى t صلى الفجر بسواد). يعني: بغلس.

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص320) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن حبيب بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

81) وعن عائشة ڤ قالت: (كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات([165]) بمروطهن([166])، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس) ([167]). وفي رواية: (وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة). وفي رواية: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح بغلس، فينصرفن نساء المؤمنين لا يعرفن من الغلس).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (372)، و(578)، و(867)، و(872)، ومسلم في «صحيحه» (645)، وأبو داود في «سننه» (423)، والترمذي في «سننه» (153)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1540)، وفي «المجتبى» (ج1 ص271)، و(ج3 ص82)، وابن ماجه في «سننه» (669)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص33 و37 و178 و248 و258)، ومالك في «الموطأ» (4)، والحميدي في «المسند» (174)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص165)، و(ج8 ص476)، وفي «المسند» (29)، و(175)، و(487)، وفي «الرسالة» (ص126)، وفي «اختلاف الحديث» (ص51)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (4)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص300)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص309)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص180)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص116 و118)، والحدثاني في «الموطأ» (4)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص389 و390)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص282)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص595)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص365 و366 و367 و368)، والقعنبي في «الموطأ» (7)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص239 و240)، والسراج في «المسند» (616)، و(625)، و(809)، و(1171)، وفي «حديثه» (258)، و(1647)، و(1656)، و(1658)، وإسماعيل بن إسحاق الجهضمي في «مسند حديث مالك بن أنس» (86)، والصدفي في «نسخة أبي صالح المصري» (68)، والبزار في «المسند» (315)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص176)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص18)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص259)، والعلائي في «المجالس الثمانية» (ص272)، والجوهري في «مسند الموطأ» (790)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (138)، والطيالسي في «المسند» (1562)، وإسماعيل بن جعفر في «حديثه» (231)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص454)، و(ج2 ص235)، وفي «الخلافيات» (1336)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص467)، وابن القاسم في «الموطأ» (494)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص379)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج8 ص330)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص67)، و(ج4 ص118 و198)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص238)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص304)، والحازمي في «الاعتبار» (132)، وابن شاذان في «المشيخة الصغرى» (25)، وابن الأبار في «المعجم» (ص321)، وابن البختري في «حديثه» (26)، والخطابي في «غريب الحديث» (ج2 ص282)، وابن أبي ظهيرة في «معجم الشيوخ» (ج2 ص1064)، والحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص282)، وابن الأعرابي في «المعجم» (1890)، وابن بكير في «الموطأ» (4)، وابن الجوزي في «التحقيق» (332)، وفي «الحدائق» (ج2 ص85)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص280)، والذهبي في «السير» (ج19 ص442 و443)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص698) من طريق القاسم، وعروة، وعمرة بنت عبد الرحمن؛ كلهم: عن عائشة ڤ به.

* متلفعات: متلففات، فينصرف النساء متلففات بمروطهن، هكذا بالفاء في رواية في «الموطأ»، و«متلفعات» الثانية: عين مهملة، وهي: رواية في «الموطأ» أيضا، وتقاربت معاني الروايتين.

* والتلفع: يستعمل في الالتحاف مع تغطية الرأس، والتلفف قريب منه، يجيء بمعنى التلفع، وتغطية الرأس.

قال البطليوسي الفقيه / في «مشكلات الموطإ» (ص38): (وقع في رواية: يحيى بفائين، ورواه أكثر الرواة بالفاء، والعين غير معجمة، والمعنى: واحد يقال: تلفع الرجل بثوبه إذا اشتمل به). اهـ

* بمروطهن: المرط؛ كساء من خز، أو صوف، أو كتان، يؤتز به، وتتلفع به المرأة.

* الغلس: ظلمة آخر الليل، إذا اختلطت بضوء الصباح.([168])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص216): (وروى يحيى بن يحيى: «متلففات» بالفاء، وتابعه طائفة، من رواة الموطإ، وأكثر الرواة على «متلفعات» بالعين، والمعنى: واحد، والمروط أكسية الصوف، وقد قيل: المرط: كساء صوف سداه شعر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح ذي الجلال والإكرام» (ج2 ص49): (قوله: (كان يصليها بغلس)، الغلس: هو اختلاط ظلمة الليل؛ بنور الفجر، بحيث لا يغلب أحدهما الآخر؛ لأنه إن غلب نور الفجر؛ فهو إسفار). اهـ

* نكارة بدع هذا الزمان في تقديم السحور:

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص199): (في حديث؛ أبي هريرة: «لا يزال الدين ظاهرا» وظهور الدين مستلزم لدوام الخير؛ قوله: «ما عجلوا الفطر»، وما ظرفية أي مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها.

«تنبيه»: من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة!، ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس، وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة؛ لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور، وخالفوا السنة؛ فلذلك قل عنهم الخير، وكثر فيهم الشر، والله المستعان). اهـ

قلت: وهو حال جميع المسلمين اليوم إلا من رحم ربك، وقليل ما هم؛ فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام في واقع كثير من أتباعه وأدعيائه!!؛ اللهم غفرا.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([169])

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق الله تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

* والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص990)، والطبري في «جامع البيان» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([170])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول:

 اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([171])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: فردوه إلى ما تستحسنون). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([172])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: فلا بد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

* إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك إلى تأويل بلا نص، ولا إجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([173])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([174])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([175]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).   

هذا آخر ما وفقني اللـه سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء اللـه - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى اللـه وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد للـه رب العالمين.

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

ذكر الدليل على أن الإسفار في صلاة الفجر أعظم للأجر في الشريعة المطهرة......................................................................................

5

2)

المقدمة.....................................................................................................

18

3)

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو: نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع،

وهو يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها.............

36

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) قلت: ودعاة الفلك ومن تابعهم حرموا هذا الأجر العظيم!، وذلك بسبب عنادهم، وإصرارهم على تأدية صلاة الفجر في سواد الليل دون إسفار النهار، وهذا من خذلان الله تعالى لهم، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.

([2]) انظر: «حاشية مسند الإمام أحمد بن حنبل» (ج3 ص587).

     أسفروا: أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء، فلم يشك فيه.

     انظر: «النهاية» لابن الأثير (ج2 ص37)، و«شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج1 ص272).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص338)، و(ج9 ص121).

     وإسناده صحيح.

([4]) وانظر: «الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار» لابن عبد البر (ج4 ص93)، و«التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» له (ج4 ص340)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص30)، و«الإقناع» لابن المنذر (ج1 ص81)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص182)، و«المنهاج» في فقه الشافعي» للنووي (ج1 ص229)، و«الإمداد بتيسير شرح الزاد» للشيخ الفوزان (ج1 ص295 و313)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص44)، و«التنوير بشرح الجامع الصغير» للصنعاني (ج2 ص361).

([5]) انظر: «كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار» للحصني (ص81)، و«مسائل التعليم» لبلحاج بافضل (ج1 ص313)، و«إعانة الطالبين» للدمياطي (ج1 ص186)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87)، و«تحفة الطلاب» للأنصاري (ص151)، و«فتح الوهاب» له (ج1 ص55)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص34)، و«التاج والإكليل» للمواق (ج2 ص32).

([6]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص399).

([7]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص209)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«أحكام القرآن» للطحاوي (ج1 ص168) و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص403).

([8]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([9]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن زيد بن أسلم به.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص675)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص209)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص374)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474).

([10]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده حسن.

([11]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

([12]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([13]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص167)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص97)، والسمعاني في «تفسير القرآن» (ج1 ص474)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج5 ص148) من طريق ليث بن أبي سليم، وابن أبي نجيح عن مجاهد به.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص674)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص472)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1057)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص332).

([14]) النجم: هو الوقت المضروب.

    انظر: «التعليق على تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج9 ص169).

([15]) انظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج2 ص333).

([16]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([17]) قلت: وقد روي هذا الحديث: «الصلاة في أول وقتها» من حديث ابن مسعود t؛ ولا يصح بزيادة: «أول وقتها»؛ بل هي زيادة شاذة لا تثبت من حديث ابن مسعود t.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص169)، وابن حبان في «صحيحه» (ج4 ص339)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص188)، وفي «معرفة علوم الحديث» (ص130)، والخطيب في «الكفاية» (428)، وابن حزم في «المحلى» (ج3 ص182)، وغيرهم، وقد أعرض الحافظ البخاري في «صحيحه» عن هذه الزيادة، فروى الحديث بلفظ: «الصلاة على ميقاتها»، وهذا يؤكد شذوذها عنده.

     إذا: فالحديث غير محفوظ بهذه الزيادة، ويأتي تخريجه في موضع آخر، والله ولي التوفيق.

([18]) أي: في وقتها المحدد في الشريعة.

     انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص203).

([19]) وهي مخالفة مكشوفة، وواضحة لما كان عليه الأمر في زمن النبي r، وزمن أصحابه y، ومن بعدهم.

([20]) فيجب مراعاة وقت صلاة الفجر، وعدم إضاعته بما يسمى: بــ«التقويم الفلكي».

([21]) وهذا من التشديد على المسلمين، ولم يكن r ليشدد على أحد من المسلمين، والله المستعان.

([22]) وهذا هو واجب المسؤولين في وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، والله المستعان.

([23]) أو عن طريق «العلم الشرعي» لكن بقصور في التحقيق والبحث.

([24]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص404)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص197)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص148)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص374)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص378)، و«عمدة القاري» للعيني (ج4 ص142)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص188)، و«فتح المعين» للمعبري (ص87)، و«الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج1 ص373 و398)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج1 ص149)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج2 ص4)، و«الواضح في شرح مختصر الخرقي» لابن أبي القاسم (ج1 ص167)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص160)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج1 ص531).

([25]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([26]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له؛ أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([27]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([28]) انظر: «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و«تلخيص الحبير» لابن حجر (ج1 ص281).

([29]) وهذا اللفظ الذي بين القوسين: لا يصح وهو وهم من الراوي؛ لأنه لا يوجد له أي شاهد صحيح في الأحاديث الأخرى الصحيحة، ويأتي تخريجه في موضع آخر.

     والألفاظ الأخرى ثبت لها الشاهد، فافهم لهذا.

([30]) يعني: لبعض ألفاظه، ليس مطلقا، فتنبه.

([31]) وقوله: (حين أسفر)؛ يقال: أسفر الصبح إذا أضاء.

     انظر: «الاقتضاب» لليفري (ج1 ص8).

([32]) انظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص239)، و«حاشية السندي على سنن النسائي» (ج1 ص273)، و«شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج1 ص273)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص791، 792)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج2 ص534).

([33]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص44)، و«روضة الطالبين» له (ج1 ص182)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص29)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج1 ص229)، و«كفاية النبيه» لابن الرفعة (ج6 ص332)، و«الهداية» للكلوذاني (ص28)، و«المطلع على أبواب المقنع» لابن أبي الفتح (ص59)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص348)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص107)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص202).

([34]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص525).

([35]) وانظر: «بداية المجتهد، ونهاية المقتصد» لابن رشد (ج1 ص337 و338)، و«المنتقى شرح الموطإ» للباجي (ج1 ص141)، و«كنز الدقائق» للنسفي (ج1 ص231)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص308)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص162)، و«السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني (ج2 ص39)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص85)، و«أحكام القرآن» للجصاص (ج1 ص279)، و«إنجاز الحاجة» لجانباز (ج2 ص531)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص84).

([36]) وانظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج1 ص278)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص85)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين «ج1 ص203)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص107).

([37]) قلت: فيجب مراعاة وقت صلاة الصبح على هذا الوصف؛ كما ذكر في القرآن، والسنة، والآثار.

([38]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«المبسوط» للسرخسي (ج1 ص141)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص338)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص202)، و«لباب التأويل في معاني التنزيل» للخازن (ج1 ص214). و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص320)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج1 ص432)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص182)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج1 ص229)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص238)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص192 و193)، و«جواهر الإكليل» للآبي (ج1 ص47)، و«المطلع على أبواب المقنع» لابن أبي الفتح (ص59)، و«كفاية الطالب الرباني» للمنوفي (ج1 ص307)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص215).

([39]) حديث حسن.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص210)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص191)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص165)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص261)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج3 ص58)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص226)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج2 ص335).

     وإسناده حسن للاختلاف الذي فيه، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (693).

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص418).

([40]) وانظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص475)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص337 و338)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص42)، و«إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه» لجانباز (ج2 ص542)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص262)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص321)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28 و29)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج30 ص58)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص182)، و«الإحكام شرح أصول الأحكام» لابن القاسم (ج1 ص154)، و«مغني المحتاج» للشـربيني (ج1 ص192 و193)، و«المبدع في شرح المقنع» لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص346 و348)، و«الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج6 ص307 و308).

([41]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج39 ص461)، وأبو داود في «سننه» (2348)، والترمذي في «سننه» (705) وقال الترمذي: (حسن غريب من هذا الوجه)، وقد حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج5 ص51).

([42]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (622)، ومسلم في «صحيحه» (1092).

([43]) أخرجه أحمد في «المسند» (26431)، والبخاري في «صحيحه» (2656).

([44]) ويقع الأذان الحالي على «التقويم الفلكي» قبل الفجر الكاذب أيضا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

([45]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج5 ص300).

([46]) الحمرة؛ أي: التي ترى في المشرق عند طلوع الشمس.

([47]) وانظر: «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» للزيلعي (ج1 ص213)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج1 ص174 و175)، و«الحاشية على منهج الطلاب» للجمل (ج1 ص425)، و«رد المحتار على الدر المختار» لابن عابدين (ج2 ص18)، و«الدر المختار في شرح تنوير الأبصار» للحصكفي (ج2 ص18)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص24)، و(ج7 ص85)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1414)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189).

([48]) قلت: فيجب مراعاة هذه الأوقات للصلوات المفروضة، وعدم إضاعتها بما يسمى بـ«التقويم الفلكي»، اللهم غفرا.

([49]) انظر: «الإقناع» لابن المنذر (ج1 ص504).

([50]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص385)، و«الشـرح الممتع» له (ج2 ص52).

([51]) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب: الصوم، باب: قول النبي ه: «لا يمنعنكم...» (1918)، ومسلم في «صحيحه» كتاب: الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (1092).

([52]) أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب: العلم، باب: هلك المتنطعون (2670).

([53]) حديث حسن.

     أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» في كتاب: الصيام، باب: الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم (8024)، والدارقطني في «السنن» في كتاب: الصيام، باب: في وقت السحر (2154).

     وإسناده حسن.

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج7 ص418).

([54]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (623)، ومسلم في «صحيحه» (1092).

([55]) لأن التقويم الفلكي متقدم على التقويم الشرعي، والله المستعان.

([56]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (697)، ومسلم في «صحيحه» (1718).

([57]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص280)، و«الـشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و«الفتاوى» له (ج12 ص229)، و«التعليق على صحيح مسلم» أيضا له (ج5 ص399)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص84)، و«المبسوط» للسرخـسي (ج1 ص141)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص302)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([58]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (617)، ومسلم في «صحيحه» (2536).

([59]) نقله عنه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

([60]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص316)، والطستي في «مسائله» (ج2 ص282-الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص237 و249)، وأبو بكر ابن الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (ص81) من طرق عنه.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص92).

([61]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (617)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص164، 170)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص208).

     وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص499).

([62]) وانظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص181).

([63]) انظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص80).

([64]) قلت: الفجر الأول ممتد معترض؛ أي: ممتد طولا من الـشـرق إلى الغرب، والفجر الثاني معترض من الشمال إلى الجنوب.

     انظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([65]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1094)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2481)، وفي «السنن الصغرى» (ج4 ص148)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص456).

([66]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص320)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص240)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج2 ص99)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج5 ص313)، و«السنن الصغرى» للبيهقي (ج2 ص93)، و«عمدة السالك» لابن النقيب (ص37)، و«زاد المستقنع» للحجاوي (ص40)، و«الغرر البهية» للأنصاري (ج2 ص20 و21)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج1 ص189).

([67]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج2 ص30)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص199)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج2 ص223)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج2 ص99)، و«تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و«الشرح الممتع» له (ج2 ص357)، و«الفتاوى» له أيضا (ج12 ص207)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص99)، و«جامع أحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص321)، و«المنهاج» للنووي (ج7 ص201)، و«هداية الراغب» لابن قائد (ص131)، و«المختصـر» لابن تميم (ج2 ص19)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص438)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص304)، و«معاني القرآن» للفراء (ج1 ص114).

([68]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«أسباب النزول» للواحدي (ص34)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص17)، و«أسباب النزول» للسيوطي (ص32)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50).

([69]) حديث حسن.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (705)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8257)، وأبو داود في «سننه» (342)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص54)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص454)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص23)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص211)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص26)، والسمعاني في «معجم الشيوخ» (ج2 ص651)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص278).

     وإسناده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص112).

     وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

     وقال الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص447): حديث حسن صحيح.

     وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص373)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص518).

([70]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص251)، و«تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و«الفتاوى» له (ج12 ص207)، و«المنهاج» للنووي (ج3 ص163)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص122)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج1 ص240)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص90)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج2 ص39)، و«كنز الراغبين» للمحلي (ج1 ص169)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص169).

([71]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص365)، و«الاقتضاب» لليفرني (ج1 ص8).

([72]) انظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص80).

([73]) وانظر: «معالم السنن» للخطابي (ج4 ص137)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص137)، و«السنن الصغرى» للبيهقي (ج2 ص93)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص81)، و«الوجيز» للغزالي (ص50)، و«الذخيرة» للقرافي (ج1 ص396)، و«كنز الراغبين» للمحلي (ج1 ص169)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202).

([74]) يعني: طولا.

([75]) يعني: عرضا.

     وانظر: «الصحيح» لابن خزيمة (ج3 ص373)، و«إتحاف المهرة» لابن حجر (ج10 ص319).

([76]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (621)، ومسلم في «صحيحه» (1093)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص118)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص456).

([77]) قلت: والفجر الكاذب له رأس مستدق إلى أعلى في السماء يشبه ذنب السـرحان؛ أي: الذئب، والفجر الصادق ليس كذلك.

([78]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و«الشرح الممتع» له (ج2 ص107)، و«معرفة السنن والآثار» للبيهقي (ج6 ص256)، و«المنهاج» للنووي (ج3 ص163)، و«التمهيد» لابن عبد البر «ج2 ص99)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص122)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص251)، و«الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص28).

([79]) وانظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (ج1 ص377)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص252)، و«السنن» للدارقطني (ج1 ص268)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50)، و«الحاشية على كنز الراغبين» للقليوبي (ج1 ص169)، و«الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج1 ص169)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص184)، و«كنز الدقائق» للنسفي (ج1 ص114)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51 و104)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202).

([80]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج10 ص187)، و«المعجم الوسيط» (ج2 ص675)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص95)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص238)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص1414)، و«إنجاح الحاجة» للدهلوي (ص672)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص625)، و«معالم السنن» للخطابي (ج2 ص90)، و«الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص229)، و«البناية شرح الهداية» للعيني (ج2 ص37 و38)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص475)، و«اللباب» للمحاملي (ص35).

([81]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص252)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص520)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص8 و9)، و«الوسيط» للغزالي (ج1 ص174)، و«الوجيز» له (ص50)، و«الإمداد بتيسير شرح الزاد» للشيخ الفوزان (ج1 ص325 و327)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص97)، و«إرشاد السالك» لابن عسكر (ص33)، و«الحاشية» للدسوقي (ج1 ص178)، و«الفواكه الدواني» (ج1 ص201)، و«بلغة السالك» للصاوي (ج1 ص184)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص798).

([82]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919)، ومسلم في «صحيحه» (1092)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص112)، وابن راهويه في «المسند» (1934)، و«النسائي في «المجتبى» (ج2 ص10)، وفي «السنن الكبرى» (1603)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص455)، والمخلص في «المخلصيات» (433).

([83]) وانظر: «الصحيح» لابن حبان (ج8 ص248).

([84]) وقال الحافظ ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص179): (ولا أعجب من قول بعض المقلدين!).

([85]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919)، ومسلم في «صحيحه» (1092)، وأبو داود في «سننه» (1336).

     وذكر هذه الروايات ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص506).

([86]) نقله عنه ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص523).

([87]) وانظر: «الصحيح» لابن حبان (ج8 ص252).

([88]) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص531).

([89]) وانظر: «شرح الموطإ» للزرقاني (ج1 ص227 و228).

([90]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص177)، وأبو داود في «سننه» (1905)، والدارمي في «المسند» (1857)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص169)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص124).

([91]) أوائله.

([92]) وأسفر الصبح: أضاء.

([93]) وانظر: «الروضة الندية» للشيخ محمد صديق خان (ج1 ص200)، و«الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص200).

([94]) وانظر: «الملخص الفقهي» للشيخ الفوزان (ج1 ص102 و103)، و«فتح ذي الجلال والإكرام» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص18).

([95]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (ج1 ص169)، والمخلص في «المخلصيات» (709).

     وإسناده صحيح.

([96]) أثر حسن.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص117)، والسرقسطي في «غريب الحديث» (ج2 ص758)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص221 و222).

     وإسناده حسن.

     وذكره الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص150).

     العلوج: الشديد الغليظ.

     التباري: هو المعارضة أن تعارض الرجل بمثل عمله.

     انظر: «غريب الحديث» للسرقسطي (ج2 ص757)، و«الرائد» لجبران (ص562).

([97]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص572).

     وإسناده صحيح.

([98]) أثر حسن.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (320)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (جض ص106).

     وإسناده حسن.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 197).

([99]) وانظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج2 ص26)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص33)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص44)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ص164)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص136)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص28)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص36 و37)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص152)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص92).

([100]) قلت: فالإمام الأعمش / يرى تبين النور جيدا للفجر الصادق ثم يمسك عن الأكل والشـرب، فما بال الذين يحرمون على المسلمين الأكل والشرب قبل طلوع الفجر، والله المستعان.

([101]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو عبيد الآجري في «سؤالاته» (ص108)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص9).

     وإسناده صحيح.

([102]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37).

([103]) قلت: بل ثبت إجماع الصحابة y، والتابعين الكرام على ما ذهب إليه الأعمش، كما سترى ذلك في هذا الكتاب، والله ولي التوفيق.

([104]) فماذا يقول أهل التنطع، والتشدد بتسحر سهل بن سعد ط، والصلاة قائمة في عهد النبي ه؟!.

     فلماذا لم ينكر عليه النبي ه، كما ينكر هؤلاء على طلبة العلم؟!.

([105]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج2 ص175)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص510)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4ص218)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص203).

     وإسناده صحيح.

([106]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن شيبة في «المصنف» (ج1 ص194)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص119).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص515).

([107]) قلت: والمعنى: أن العبد يتيقن ظهور الفجر بحيث لا يكون فيه شك.

([108]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص172).

     وإسناده صحيح.

([109]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص172).

     وإسناده صحيح.

([110]) وانظر: «الصلاة» لابن دكين (ص73)، و«المصنف» لابن أبي شيبة (ج1 ص195)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج3 ص503)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص117 و121 و192).

([111]) أثر صحيح.

     أخرجه مالك في «الموطإ» (ج1 ص82)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص205)، وفي «الأم» (ج7 ص207)، وعبد الرزاق في «المصنف» (2715)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص85)، ومسلم في «التمييز» (ص221)، وأحمد في «العلل» (ج2 ص578)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص389)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص211)، والقعنبي في «الموطإ» (ص143)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص180)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص353).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر من «إتحاف المهرة» (ج12 ص229).

([112]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص181)، وأبو مصعب الزهري في «الموطإ» (ج1 ص85)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص205)، وفي «الأم» (ج7 ص207 و228)، وحرب الكرماني في «المسائل» (ج1 ص395)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص113)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص353)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص55)، وأبو القاسم ابن منده في «ما قرأه النبي والصحابة» (ج4 ص54- الإمام)، ومالك في «الموطإ» (ج1 ص82)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص389)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص210)، والقعنبي في «الموطإ» (ص143).

     وسنده صحيح.

     وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج2 ص221).

([113]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص181)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج4 ص58).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج2 ص221).

([114]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص215)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص283)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569).

     وإسناده صحيح.

([115]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص568)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص216)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج3 ص75)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص182)، والمخلص في «المخلصيات» (709).

     وإسناده صحيح.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص297).

([116]) أثر صحيح.

     أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص184)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص216)، واللؤلوي في «المسند» (ج1 ص295- الجامع)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، وابن خـسرو في «مسند أبي حنيفة» (ج1 ص395)، وأبو يوسف القاضي في «الآثار» (ص66)، والخوارزمي في «جامع المسانيد» (ج1 ص295).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السندي في «كفاية الحاجة» (ص313)، ثم قال: (فهذا الإجماع).

([117]) قلت: وصلاة الفجر في هذه الأيام يؤذن لها في الليل، وهو وقت النوم، فيشق فعلها في هذا الوقت، فتعين تأخيرها إلى الإسفار بالصبح، حتى يتهيأ الناس لها، والإسفار هو الوقت المنضبط ليتهيأ فيه الجميع.

([118]) وانظر: «حديث أبي مسعود الأنصاري ط» في «الجامع الصحيح» للبخاري (90)، و«الصحيح» لمسلم (466).

([119]) قلت: فالإسفار أرفق بالمصلين، والنبي ه كان يراعي حال المأمومين في صلاة الفجر، فإنه ه يسفر بحيث يجتمعون، وهذا أبين ه عنه.

([120]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في «سننه» (424)، والترمذي في «سننه» (154)، وأحمد في «المسند» (15819).

     وإسناده حسن.

([121]) قلت: والاشتغال بالسنن من مصلحة المصلين، لأن من سنة النبي ه تأدية صلاة الفجر إذا برق الفجر وأسفر، فيكون الإسفار بفعلها أفضل، لما فيه من توسيع الحال على النائم، والضعيف، فيدركان الجماعة، لأن في الأسفار تكثير الجماعة، وهذا مطلوب في الدين.

     وانظر: «الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي (ج1 ص180).

([122]) وهو إمام ثقة من التابعين، كثير الحديث.

     انظر: «رجال تفسير الطبري» (ص524).

([123]) أي: الفجر الكاذب، كأنه ذنب السرحان: أي: كذيل الذئب، وذلك كناية عن استطالته، وامتداده.

     فهذا الفجر لا يحرم الأكل، ولا الشراب، ولا النكاح.

([124]) أي الفجر الصادق: وهو الذي يملأ نوره البيوت والطرق.

     فهذا الفجر يحل الصلاة، ويحرم الأكل، والشراب، والنكاح.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص105).

([125]) نقله عنه ابن المنذر في «الإشراف» (ج3 ص118)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص433)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص37)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج2 ص319).

([126]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص152).

([127]) قال العلامة الشيخ أحمد بن شاكر / في «شرحه لتفسير الطبري» (ج3 ص519): (ولكن ذكره السيوطي (1/ 199) بنحوه، بلفظ: «أنه قال حين طلع الفجر»!، ونسبه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير.

     وأنا أكاد أرجح أن قوله: «طلع الفجر» تحريف من الناسخين، لأن روايتي الطبري هذه، والآتية فيها: «صلى الفجر» وأيده ما قاله الحافظ من رواية ابن المنذر). اهـ

     قلت: وقوله: (حين طلع الفجر)؛ ثبت عنه، وكذلك عن الصحابة الكرام.

([128]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص137).

([129]) والأذان الحالي يؤذن قبل طلوع الفجر، فيجوز في هذه الحالة الأكل والـشـرب، كما فعل النبي ه، والصحابة الكرام.

([130]) قلت: وكثير من الناس الآن يقدمون السحور بوقت كثير عن الفجر الصادق، لأنهم يعتمدون على «التقويم الفلكي»، والله المستعان.

([131]) قلت: وقوله: «وهم يغلسون» أن يصلون عند طلوع الفجر ابتداء، والغلس آخر الظلمة من الليل، أي: الغلس: اختلاط ضوء الصبح بظلمة الليل بحيث لا يبلغ الإسفار.

      وانظر: «الحاشية على كفاية الطالب» للعدوي (ج1 ص308)، و«الثمر الداني» للأزهري (ص105).

([132]) هنيهة: بالتصغير؛ أي: قدر يسير.

([133]) قلت: وهذا التبين الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، وفسرته السنة، وفسرته الآثار عن السلف، ولله ولي التوفيق.

     وهذا نص من النبي ه أن الانتظار إلى أن يتبين مواقع النبل، وينتشر الضوء،: وحتى يتبين الأبيض من الأسود: ]من الفجر[ [البقرة: 187].

([134]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (3012) بإسناد صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على تفسير الطبري» (ج3 ص519).

([135]) وانظر: «شرح تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج3 ص525).

([136]) وانظر: «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» للأتيوبي (ج20 ص351).

     * وهذا يرد أيضا تأويل الجصاص في «أحكام القرآن» (ج1 ص219)، وتأويله غير صحيح، لأن قول حذيفة ط هذا صريح في إرادته طلوع النهار حقيقة، لا قرب النهار، فتنبه.

([137]) وانظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي (ج2 ص52)، و«عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص227)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج4 ص37)، و«المفهم» للقرطبي (ج3 ص152 و157)، و«البحر المحيط» لابن حيان (ج2 ص85).

([138]) وعلى هذا لو أراد الصائم أن يمسك عن الأكل والشرب عند انتشار النور في البيوت والطرق فلا بأس، ولا يجوز الإنكار عليه، لأن هذا من فعل النبي ه، وأبي بكر الصديق ط، وعلي بن أبي طالب ط، وحذيفة ط، والصحابة ن، والسلف رحمهم الله.

     وانظر: «عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص226 و227).

([139]) وانظر: «الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني (ص54)، و«الثمر الداني» للآبي (ص54 و55)، و«الحاشية على شرح الخرشي» للعدوي (ج1 ص420)، و«الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«شرح الموطإ» للزرقاني (ج1 ص228 و229)، و«الهداية» للمرغيناني (ج1 ص91 و95)، و«البناية شرح الهداية» للعيني (ج20 ص19 و37)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص42)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص51 و52)، و«المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود» للسبكي (ج3 ص280)، و«كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه» للسندي (ص314)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص284)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج4 ص182).

([140]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص572).

     وإسناده صحيح.

([141]) أثر حسن.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (320)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص106).

     وإسناده حسن.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص197).

([142]) الإسفار الأعلى: هو الوقت من الصبح الذي يميز الرجل فيه جليسه، أو الذي تتراءى فيه الوجوه.

     وانظر: «الفواكه الدواني» للنفراوي (ج1 ص201)، و«شرح مختصـر خليل» للخرشي (ج1 ص420).

([143]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «الكبير» (6378 و6379 و6780)، والمحاملي في «الأمالي» (ص203) من طرق عن أبي إسحاق عن عبد الله بن معقل عن سالم مولى أبي حذيفة به.

     قلت: وهذا سنده صحيح.

     وقال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص154): ورجاله رجال الصحيح.

([144]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1919).

([145]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج4 ص120)، و«المغني» لابن قدامة (ج4 ص325)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص514).

([146]) والغلس: هو اختلاط ظلام الليل بنور النهار.

     وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج1 ص238).

([147]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

([148]) أثر صحيح.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص570)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

     وذكره العيني في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص298)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص237).

([149]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص217).

     وإسناده صحيح.

([150]) أثر صحيح.

     أخرجه الفضل بن دكين في «الصلاة» (ص218)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص284).

     وإسناده صحيح.

([151]) أثر حسن.

     أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص569)، والفضل بن دكين في «الصلاة» (ص218).

     وإسناده حسن.

([152]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص284).

     وإسناده حسن.

([153]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص166)، وابن العربي في «عارضة الأحوذي» (ج3 ص227)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص237)، وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

     وقال ابن العربي: إسناده صحيح كله.

     وذكره ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص36).

     وأورده الهيثمي في «الزوائد» (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.

([154]) أثر حسن.

     أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص718)، وفي «المعرفة» (ج1 ص456)، والشافعي في «المسند» (124)، وفي «الأم» (ج7 ص165)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج8 ص233)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص106)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص335)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص209).

     وإسناده حسن. وذكره ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص434)، والشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص384).

([155]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص172).

     وإسناده صحيح.

([156]) أثر حسن.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

     وإسناده حسن.

([157]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص234).

     وإسناده صحيح.

([158]) أثر صحيح.

     أخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج3 ص440- شرح العمدة)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص18)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7648)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص237)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص237) من طرق عنه بألفاظ عندهم.

     وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج6 ص232).

([159]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص25)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص172)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص221)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص237) من طرق عنه.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص285)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (ج3 ص439).

     وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص221) من طريق حبيب بن أبي ثابت قال: «أرسل  ابن  عباس  رجلين ينظران إلى الفجر، فقال أحدهما: أصبحت، وقال الآخر: لا، قال: اختلفتما أرني شرابي»، وفي رواية: (فشرب)، وروي في هذا عن أبي بكر الصديق، وعمر، وابن عمر ن.

([160]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (9060)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص233).

     وإسناده حسن.

([161]) قلت: وباب العبادة مسدود حتى يفتحه الله تعالى، ورسوله ه.

([162]) ولأن في تعجيل الفطر، وتأخير السحور قوة لجسده، ومعونة لأداء عبادته.

     انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي (ج3 ص444).

([163]) وانظر: «فيض القدير» للمناوي (ج2 ص797)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص70)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج2 ص632)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص165)، و«عارضة الأحوذي» لابن العربي (ج3 ص227)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص154)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج1 ص202)، و«لباب التأويل في معاني التنزيل» للخازن (ج1 ص214)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص215)، و«تفسير القرآن» لابن جزي (ص47)، و«زاد المسير في على التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص192).

([164]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص319)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج2 ص85)، و«المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» لابن عطية (ج2 ص92).

([165]) متلفعات: متجللات بأكسيتهن.

([166]) بمروطهن: المرط: كساء، أو مطرف يشتمل به كالملحفة.

([167]) الغلس: ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح.

     انظر: «تاج العروس» للزبيدي (ج22 ص156)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص244)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص261)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص156)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج4 ص390).

([168]) وانظر: «مشارق الأنوار» للقاضي عياض (ج1 ص361)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج5 ص143 و144)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص216)، و«التمهيد» له (ج23 ص390).

([169]) أثر صحيح.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (126)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، والمروزي في «السنة» (836)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (191).

     وإسناده صحيح.

([170]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([171]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([172]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([173]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([174]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([175]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan