الرئيسية / شرح مسائل الجاهلية (تفريغ) / المسألة (9) - 3 شرح مسائل الجاهلية (تفريغ)
2025-11-18
المسألة (9) - 3 شرح مسائل الجاهلية (تفريغ)
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في المسألة التاسعة من المسألة الجاهلية، وهي الاستدلال بقوم أعطوا قوة في الأفهام، والأعمال، وفي الملك، والمال، والجاه، وغير ذلك من حظ الدنيا، وبينا مشابهة بعض المسلمين لأهل الجاهلية، وقرأنا شيئا من شرح الشيخ صالح بن فوزان الفوزان باختصار، ولعل نكمل شيئا من شرحه حفظه الله.
وذكر هنا قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين﴾ [آل عمران:178] فهؤلاء الكفار، أو الجاهليون، أو السياسيون ففي الحقيقة فهؤلاء الكفار، أو الجاهليون، أو السياسيون في الحقيقة الله سبحانه تعالى يمدهم بالأموال، والأولاد.
وغير ذلك من حظ الدنيا ويمدهم بالقوة، وكثرة الأتباع، والصناعات كما لا يخف عليكم، فلا يحسبن أهل الإسلام بأن هذا لهم خير لأنفسهم، لا، لا ليزداد هؤلاء إثما فوق آثامهم؛ لأن هذه الدنيا يعطيها الله سبحانه وتعالى من يحب، ومن لا يحب، ابتلاء من الله سبحانه وتعالى للناس.
فعلى أهل الإسلام ألا يغتروا في ذلك، ولعل أحدهم من المسلمين المتمسكين بالكتاب والسنة لا يرى نفسه عنده ما عند أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل الشرك، وأهل المعاصي، فلا يحزن، ولا يوسوس له الشيطان في قلبه، ويقول له: هؤلاء أناس من اليهود، والنصارى، ومن الشيوعيين، وهؤلاء من الحزبيين، وهؤلاء من السياسين أعداء للدين، عندهم هذه القوة، وعندهم هذه الأموال، فلا يأتي الشيطان إليك فيوسوس لك بذلك؛ فتكون في خطر عظيم، فإن ضعفت أمامه فأملى إليك الشيطان في كل مرة حتى يكثر عليك ذلك إلى أن تقع مع هؤلاء، فأما الشخص أن يرتد، أو يبتدع، أو يشرك أو يعصي فيترك التزامه بسبب هذه الدنيا، والاغترار بقوة هؤلاء، وبدنياهم، فكم من رجل وقع في ذلك! وكم امرأة وقعت في ذلك، فترى هذا ملتزم، وهذه ملتزمة، فبعد ذلك يوقعهم الشيطان في شباك هؤلاء، أو هؤلاء، والشيطان يتدرج للناس، أما لإيقاعهم في الكفر، أو الشرك، أو البدع، أو المعاصي، فلذلك الله سبحانه وتعالى يبين لك ذلك.
وإن كانت هذه الآية في الكفار؛ لكن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فلا تحسبن أهل الكفر، أو أهل المعاصي، أو أهل البدع أن الله سبحانه وتعالى يملي لهم خير لأنفسهم، فهذه فتنة لهم، فإن استمروا هؤلاء على الكفر، وماتوا على ذلك فلهم عذاب مهين، وكذلك أهل الشرك، وكذلك أهل البدع، فهؤلاء في الحقيقة يملي الله سبحانه وتعالى لهم ليزدادوا إثما، فلا تغتر بهؤلاء، ولا بقوتهم، ولا بأشكالهم، وسياراتهم، ولا غير ذلك، فانظر إلى دينك، هذا أعظم، أعظم كل شيء في هذه الأرض.
والنبي صلى الله عليه وسلم اختار يكون فقيرا بدل أن يكون غنيا، صاحب مال، وجاه، وقصور، وغير ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم اختار الفقر، أن يكون فقيرا، فلا تحزن إذا رأيت هؤلاء في هذه المكانة؛ ﴿إنما نملي لهم ليزدادوا إثما﴾ [آل عمران:178] وإلا الله سبحانه وتعالى يبغض الذي يثني على أهل البدع، وأهل الشرك، وأهل الكفر، أو يجالسهم، وبزعمه يدعو معاهم، وأنهم على الحق، وغير ذلك.
فهذا في الحقيقة الله سبحانه وتعالى يملي له ليزداد إثم فوق آثامه، فيقول الشيخ هنا: فالله يعطيهم هذه الثروة، ويمكنهم في الأرض، ويعطيهم الملك والسلطة، ويمكنهم من الاخترعات والصناعات كما عليه الكفار في هذا الوقت، وهذا لا يدل على أن ما هم عليه حق، ولا يدل على أن الله راض عنهم في إعطائه لهم؛ إنما هذا من باب الاستدراج لهم والإملاء ليزدادوا إثما؛ إنما يستدلوا بهذا الدليل أهل الجاهلية، أما أهل البصيرة فإنهم ينظرون إلى ما عليه الأمم فإن كان حقا قبلوه وإن كانوا فقراء، وإن كان باطلا ردوه وإن كانوا أغنياء هذا الكلام كلام السلف، وكلام أهل العلم.
فهذا استدراج لهم فلا تغتر بهؤلاء، ولا بهؤلاء، ولا تغتر بسيطرتهم أي الحزبيون على مساجد الرحمن، ونشر سمومهم فيها، وسيطرتهم على الخطابة، والإمامة، والتأذين، فلا تغتر بذلك، فهذا الاستدراج، ولا تظنوا أن الله سبحانه وتعالى راض عنهم، مع نشرهم البدع، وتفريقهم المسلمين في مساجد الرحمن، وتحزب المساجد تحت أحزابهم، ويفعلون فيها ما يريدون، ويجتمعون، وإلى آخره.
فهذه المساجد بنيت لإقامة عبادة الله وحده لا شريك له، وهي لجميع المسلمين، فلا تغتر بذلك، ولا تحزن؛ لأن الله سبحانه وتعالى يكافئ العبد على دينه، وتمسكه به في الآخرة، فاصبر على السنة، وأثبت كما ثبت السلف، والله سبحانه وتعالى يبارك في العبد وفي دنياه، وإن كانت قليلة من المال وغيره؛ لكن فيها بركة، واطمئنان، ولا يحاتي شيئا إذا نام، فهؤلاء الأغنياء وأمثال هؤلاء يحاتون أموالهم، وغير ذلك، فلابد النظر إلى هذا الأمر، أمر الكتاب والسنة وأمر الذين تمسكوا بهما؛ لأن هذا هو الأصل، ولا تنظر إلى هذه الثروة التي عند هؤلاء، ولا تستدل بهؤلاء، ولا بأمورهم فعليك بالاستدلال بالحق.
وبين هنا الشيخ صالح حفظه الله تعالى أنما يستدل بهذا الدليل أهل الجاهلية، أما أهل البصيرة فإنهم ينظرون إلى ما عليه الأمم من فقر، وغير ذلك، فإن كان حقا أخذوا به، وإن كان باطلا ردوه؛ لأن هذا هو الأصل في ذلك.
ويقول بعد ذلك الشيخ: فهؤلاء أعطاهم الله من القوة الشيء العظيم، وهم الكفار، ولما جاءهم أنبياؤهم اغتروا بما عندهم من القوة، ومن الثروة، ووقع معهم من وقع من أهل الجهل، فلم يتركوا هؤلاء الأقوام مع أن الأنبياء أتوا بالتوحيد، والعبادة الخالصة لله وحده.
ورأينا في هذا الزمان من الكفار الذين لا يريدون الإسلام، ولا يسلمون؛ لأنهم مغترون بما عند أقوامهم من القوة، والمال، والجاه، ويزعمون أنهم مسيطرون، فكيف هؤلاء يسلمون؟ فلذلك المغتر في الحقيقة إن كان كافرا يصعب عليه الإسلام إلا ما شاء الله، والمبتدع يصعب عليه أن يرجع عن بدعته إلى السنة؛ ولذلك كما بينت لكم كثيرا قول السلف: بأن المبتدع ليس له توبة، أي لا يتوب إلى أن يموت؛ لأنه يغتر بما عنده من الأموال والقوة خاصة أمثال هؤلاء الله سبحانه وتعالى يبتليهم بما يسمى بالأسلوب والبيان، ومن البيان لسحرا ويرى أنه يستميل قلوب العوام إليه، في المحاضرات، وفي الدروس، ويوم الجمع، وغير ذلك، ويرى أتباعه يكثرون شيئا فشيئا، فيصعب على هذا المبتدع أن يرجع؛ أما صاحب السنة إن أخطأ وذكر رجع؛ لأنه يعلم أن الأمر دين، وأن هذا الخطأ إذا رجع عنه له أجر فيه؛ ولذلك كذلك نرى أهل المعاصي خاصة الأغنياء يصعب عليه أن يتوب من المعاصي، فمثلا من الربا، يتعامل بالربا في السيارات، وغير ذلك، يصعب عليه أن يترك هذا الأمر؛ لأن هذا يدر عليه أموالا كثيرة، فيصعب أن يرجع؛ ولذلك ترى هؤلاء يموتون، ويرثهم أولادهم وهم على آبائهم يسيرون، وهم مفتونون.
فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر جيدا ولا يغتر، فعليك بالقليل أن الله سبحانه وتعالى أعطاك ذلك وإن أعطاك الكثير فعليك بإنفاقه في سبيل الله، وأبقى لك على قدر حاجتك، وأولادك، وأهلك، وأقاربك، فهذا المال الله سبحانه وتعالى يبارك فيه.
فلذلك الشيخ هنا عندما بين عن الكفار فتكبروا على الرسل بسبب ماذا؟ أنهم أغنياء ورؤساء، وهذا فقير، ويريد أن يتفضل علينا، ويسيطر علينا، كما يقول أهل التحزب الآن؛ فلذلك يقول الشيخ: وبقوا على شركهم، ولم يقبلوا الحق؛ غرورا بما هم عليه من القوة؛ فلذلك ترى أهل الكفر، وأهل البدع، وأهل التحزب واحد في هذا، يصعب رجوع هؤلاء عما هم عليه من الباطل، وهذا الأمر قلب فلا تتصور هذا القلب كيف يتقلب؟ وكيف تتمكن منه البدعة والمعصية؟ فلذلك نسمع من يقول: أنا أخالط الكفار، وأنا قوي الإسلام، فإذا هو بعد فترة منهم، ومنهم من يقول: أنا أعرف ماذا يقول هذا الحزبي في محاضراته، وغير ذلك؟ ويجالسهم؛ فإذا بعد فترة هو منهم، ما ينظرون إلى تقلب هذا القلب، وتمكين الكفر، وتمكين البدعة، والمعصية في القلب؛ فلذلك حكمة السلف في هجر أهل الكفر، وأهل البدعة، وأهل المعاصي حكمة عظيمة؛ ولذلك ثبتوا وماتوا على ذلك.
ونرى هؤلاء المتساهلون من المذبذبين والحزبين، من الذين ركنوا مع أهل البدع، وأصحاب الأهواء أصبحوا منهم، وإن كان منهم من يزعم بأنه غير راضي على هذا من أفعالهم، وأقوالهم البدعية، فلابد النظر إلى منهج السلف الصالح دائما وأبدا، جملة وتفصيلا.
وكذلك هنا يقول الشيخ: وأما المستدلون بالفهم فبنوا إسرائيل اليهود أعطاهم الله فهما وعلما، وكانوا يعرفون من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيبعث في آخر الزمان كما ذكر المؤلف بما عندهم في التوراة والإنجيل، وأنه سيبعث نبي هو خاتم الأنبياء، فأعطاهم الله سبحانه وتعالى هؤلاء فهما وعلما، فمنهم من اغتر بهم وأصبح منهم، ومنهم من تبين ضلالة اليهود، وإن كانوا من العلماء، وما عندهم من الفهم، فلم يغتر بهم، فضجر منهم في الأمم السالفة، كذلك لا تغتر بأهل البدع، وما أعطاهم الله سبحانه وتعالى من الفهم، والعلم، والمؤلفات، وكثرة الأشرطة؛ لكنك لو فتشت في هذه المؤلفات لرأيت الأشياء المنكرة والباطلة، كما بينا لكم كثيرا، وردود العلماء عليها، وكذلك على أشرطتهم وما فيها من باطل، فهذا يتكلم في السيرة النبوية بأحاديث ضعيفة، ومنكرة، وموضوعة، وشاذة، فهذه الأشرطة غير معتبرة شارعا، ولا تسمع، ولا يغتر بها؛ ولذلك الآن كيف يصطادون العامة بالشريط الملون، والغلاف الملون، وفي علب فاخرة فيشترون هؤلاء المساكين، ولا ينظرون إلى ما فيها من باطل فعلى سبيل المثال أشرطة سويدان، فهذا الرجل ليس من أهل العلم كما بين شيخ ابن باز، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ ابن عثيمين، وغير هؤلاء العلماء، وأن هذا الرجل أكاديمي ليس علمه من الشرع؛ فلذلك خبط وخلط في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي سيرة الصحابة، وحذر الشيخ ابن باز من أشرطته ومن بيعها، وشرائها، فهكذا دائما ننظر إلى أقوال أهل العلم وليس هؤلاء؛ ولذلك علينا نحن بنشر أقوال أهل العلم في أمثال هؤلاء، نشر الكتب، ونشر الأشرطة؛ ليتبين للناس حقيقة هؤلاء أصحاب الأهواء؛ لكي لا يغتروا بما عند هؤلاء من الفهم والعلم.
ولعل نكمل الدرس القادم إن شاء الله، في أي سؤال؟.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.