الرئيسية / شرح مسائل الجاهلية (تفريغ) / المسألة (9) -2 شرح مسائل الجاهلية (تغريغ)
2025-11-08
المسألة (9) -2 شرح مسائل الجاهلية (تغريغ)
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن المسألة التاسعة من مسائل الجاهلية، وهي الاستدلال على المطلوب، والاحتجاج بقومٍ أعطوا من القوة في الفهم والإدراك، وفي القدرة، والملك، ظنًا أن ذلك يمنعهم من الضلال، وبينا مضمون هذه المسألة في الدرس الذي سلف، وملخص ذلك بأن الأقوام والناس فراداً، أو جماعات لا يمنعهم من العلوم الدنيوية من الضلال، ويحرم الاحتجاج بهؤلاء؛ لأن هؤلاء جهال في دين الله سبحانه وتعالى، فهذه العلوم التي ذكرناها، وما عند أصحابها من قوة في العلم، والفهم والإدراك، فهذا لا يمنع هؤلاء من الضلال، ولا يُقرب هؤلاء من الهدى؛ بل هذه الأمور كما قلنا لوحدها تضل هؤلاء ضلالًا بعيدًا؛ بل يجب على جميع الناس أن يجمعوا بين العلوم الدنيوية، والعلوم الدينية، فإن فعلوا منعهم الله سبحانه وتعالى من الضلال؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو المانع من الضلال، وهو الذي يمنع عباده من الضلال؛ لكن بشروط بيناها كثيرًا؛ فلذلك يجب علينا إن استطعنا أن نجمع بين العلوم الدنيوية والدينية، فالذي لا يستطيع كما قلنا أن يتعلم هذه العلوم الدنيوية فعليه بالعلوم الدينية، وهذه العلوم بإذن الله تمنعه من الضلال، ولا يلزم أن يكون العبد مهندسًا، أو طبيبًا، أو غير ذلك مما نراه انكباب الناس عليه، حتى لو وقع في الشركيات فلا بأس ما دام يحصل هذه الدراسة الدنيوية، أو يقع في البدع، أو يقع في المعاصي، أو غير ذلك، فلا يهمه إذا أعرض عن دينه، وضرب على دينه في عرض الحائط، ورماه خلفه، ما دام دنياه تسلم له؛ فلذلك لابد على أهل الإسلام أن ينتبهوا لذلك، الفتن كثيرة في هذه الدنيا، وخاصةً في هذا الزمان؛ فلذلك لو لم يتعلم العبد شيئًا من هذه الأمور، أمي عامي، لا يعرف يقرأ، ولا يكتب؛ لكنه رزقه الله سبحانه وتعالى علم الكتاب والسنة، فهذا يمنعه من الضلال، وينجو بذلك، ويرضى الله عنه، ويأمن فتنة القبر، وفزع الآخرة، ويدخل الجنة، ولا يلزم من هذه العلوم، فهذا الذي لا يستطيع، ويُغمس غمسةً في الجنة فيُقال له: هل رأيت بأسًا قبل؟ فيقول: لا يا ربي، لعله ساكنًا في كوخ، ليس عنده طعامًا إلا يسيرًا، ساكن في القرى في أفريقيا، أو في غير ذلك، فإذا كان من الموحدين، ومات على التوحيد؛ فإن شاء الله هذا يُغمس غمسة، ولا يدري، ولا يشعر، ولا يتذكر بشيء مما كان فيه، ولعل الناس يرونه لا شيء؛ لكن عند الله سبحانه وتعالى هذا عظيم؛ لأنه عنده التوحيد، فإن استطاع العبد المسلم أن يتهندس فلا بأس بذلك إذا كان عنده دين الله سبحانه وتعالى يتطبب كذلك، وإلى آخره كما بيننا.
فليتبه الناس في هذا الأمر ولا يتشبه العبد بأهل الجاهلية، فإذًا لا يجوز لنا أن نحتج بهؤلاء إذا خالفوا دين الله، وفي هذا يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى في شرحه لمسائل الجاهلية، وبينا في الدرس الذي سلف نسخة الشيخ، وكذلك نسخة مؤلفات الشيخ، وهي تختلف عن نسخة الشيخ الألوسي هنا في المسألة السابعة ذكرها، وعندنا المسألة التاسعة، في نسخة الألوسي الاستدلال بقومٍ اعطوا قوىً في الأفهام والأعمال، وفي الملك، والمال، والجاه؛ فلذلك فلا يغتر العبد، ولا يرى هؤلاء شيئًا إذا لم يكن عندهم دين الله سبحانه وتعالى.
وفي الحقيقة أهل الإسلام قديمًا وحديثًا لابد أن الله سبحانه وتعالى يوفق أناسًا أن يوفقوا في علم الدنيا والدين، فلنستدل بهؤلاء من أهل الإسلام، إلا ما كان هناك حاجة وبيناها، من الأخذ من الكفار، فيقول الشيخ هنا: من مسائل الجاهلية أنهم يستدلون أن ما كان عليه الأقوياء من الناس، وأصحاب الجاه، وأصحاب الذكاء أنه هو الحق، بغض النظر عن هؤلاء ضلال أو لا، كفار أو لا، أهل بدع أو لا؛ ما دام هؤلاء أصحاب جاه فيظن بأن هؤلاء عندهم الحق، رغم أن هؤلاء على باطل، وبينت لكم استدلال بعض الضعاف من المسلمين بأمور تافهة في الحقيقة للكفار، فإذا قُلت له: قال الله، وقال رسوله، وأتيت له بالسنن، قال: هذا شيءٌ عُجاب، هذا غريب، هذا ليس من الدين، لم نسمع به من قبل، ولم يأتي به الأجداد والآباء، وإلى آخره، رغم أن هذا ثابت في الكتاب والسنة، فيستنكرون على أهل العلم ومن جهل شيئًا عاداه.
وإذا أتى أهل الكفر بشيء، أو أهل الثقافة بشيء، حتى لو كان لا يدخل العقل؛ يُصدق هؤلاء، بل تنشر هذه المعلومات من بين المسلمين ويصدقونها، وممكن بأن هؤلاء من المصليين، الحاجين، فهؤلاء في الحقيقة لم يفهموا كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وضربت لكم آلة التصوير التي ذهبت المريخ وصورت ورجعت إلى الأرض، فمنتشرة هذه الحادثة بين المسلمين بين مصدقٍ ومستنكرٍ؛ فلذلك لا بد على أهل الإسلام أن يكونوا كالمتقدمين، ولذلك كل يوم يضعون لهم شيئًا في الانترنت، ويكذبون على الناس، وهذه آخر حادثة البنت هذه التي مزقت القرآن وكانت كالقرد بعد ذلك، فكل ذلك أكاذيب، يضلون الناس بهذه الأمور، والله سبحانه وتعالى قادر؛ لكن نعلم بأن هذه الأمور من الكذب، ويرسمون لكم شجرةً راكعة ويقولون الباحثون كشفوا هذه الشجرة وهي راكعة مستقبلة القبلة، وكذلك الأشجار المرسومة فيها لا إله إلا الله كل هذه الأمور، فلابد على المسلم أن يكون فَطِنْ، ما يكون قطن، فيقول الشيخ: فهؤلاء في الحقيقة الجاهليون في القديم، والجاهليون في الحديث، يستدلون أن ما كان عليه الأقوياء، الأقوياء من الناس، وأصحاب الجاه، وأصحاب الذكاء أنه الحق، فليس بصحيح هذا، فدائمًا النظر إلى الكتاب والسنة من أهلًا لذلك، ومن غير أهلًا لذلك، فهذا هو الضابط عندهم لمعرفة الحق.
وعلى هذا لو أتى إنسانٌ فقيرٌ وتكلم بالحق لا يؤخذ بقوله، فهذا غلط؛ بل دائما النظر إلى الكتاب والسنة، من قال بذلك الصغير، أو الكبير، أو المرأة، أو الرجل، أو الغني، أو الفقير، فأي واحد نأخذ منه الحق، فيقول الشيخ: أنهم ينظرون في الناس، ما كان عليه أهل القوة، والمال، والترف، والجاه اعتبروه هو الحق، فمن فعل ذلك فهذا يتشبه بأهل الجاهلية.
يقول بعد ذلك الشيخ: وما كان عليهم الضعفاء، والفقراء يعتبرونه باطلًا، هذه حالة أهل الجاهلية، فهذا لما ننظر إلى أهل البدع، وأهل التحزب، ينظرون دائمًا وأبدًا، وأهل الثقافة إلى أهل الجاه، فهؤلاء الحق معهم، وهؤلاء فقراء قليلون، فهؤلاء عندهم الباطل، وهذا الميزان لا يعرفه السلف الصالح، فلابد أن نعرف ذلك.
يقول بعد ذلك الشيخ: وهذا الضابط باطلٌ؛ فأن الله عز وجل أخبر عن الأمم السابقة الكافرة أنها كانت على قوة؛ لكن الله عز وجل لم يعتبر هذه القوة شيء ما دام هؤلاء على الباطل، وتركوا الدين، ولا يريد هؤلاء أن يسلموا، بل الله عز وجل عاقبهم، وأماتهم، وأهلكهم على ما عندهم من قوة، وجاه، وفصاحة في القول؛ فلذلك لابد على أهل الإسلام أن ينتبهوا لهذا الأمر.
ثم يقول: وأنها كانت على ثروة في آياتٍ كثيرة فلم يعتبر الله عز وجل هذه القوة شيء ما دام ليس مع هؤلاء دين، فإذًا النظرة دائمًا تقول، وتكون على هذا الدين، النظر للصغير والكبير، والرجل والمرأة، والغني الفقير، فإذا رأينا أناسًا معهم الدين فقراء، أو ضعفاء، أغنياء، أو فقراء، إلى آخره فنكون معهم، ونقول بأن الحق مع هؤلاء، فإن تركنا ذلك فتشبهنا بأهل الجاهلية، وفصلنا في هذه المسألة في مقدمة شرح مسائل الجاهلية، وأن المسلم يقع فيما وقع فيه أهل الجاهلية، وتُعتبر معصية لا كفر، وفصلنا في هذا فلا إعادة إلى هذا الأمر.
فهنا يذكر المؤلف رحمه الله تعالى، وذكر الشاهد في ذلك ولقد مكناهم، وذكر الألوسي قويناهم فيما مكناهم فيه، من القوة كما أن هؤلاء مكناهم بالقوة، والجاه، والمال، وإلى آخره، كذلك أنتم مكناكم من القوة، والجاه، والمال، ومع ذلك عندما ترك هؤلاء الدين ولم يسلموا، أو أسلموا ثم اغتروا بقوتهم، وأموالهم، الله سبحانه وتعالى عاقبهم، فكل واحد عاقبه الله سبحانه وتعالى على حسب ذنبه من كفرٍ، أو معصيةٍ، ولا يلزم من العقوبة لابد أن أن الله سبحانه وتعالى يرسل عقاب من السماء من الحجارة وغير ذلك، كما فعل الله سبحانه وتعالى مع قوم لوط، أو يجعل الأرض على الناس، وغير ذلك مما عاقب الله سبحانه وتعالى الأمم السالفة، لا يلزم من ذلك؛ لأن الناس يعتقدون العقاب هكذا، لا، الله سبحانه وتعالى يعاقب الناس بالأمراض، وبكثرتها، وأمراض لم تكن في أسلافنا، وكذلك بالفيضانات، والله سبحانه وتعالى يعاقب الناس جماعات، وقرى، وبلدان، كما حصل مؤخرًا، وكذلك الله سبحانه وتعالى يعاقب الناس فرادى، فلابد يعتقد ذلك العبد، فيعتقد إنه لا يعاقبه الله سبحانه وتعالى أن يرسل عليه حجارة مثلًا، أو صيحة، أو إلى آخره، لا يلزم من هذا، حتى أن الله سبحانه وتعالى يعاقب الناس فرادى بمرض، أو يعاقبه بموت ابن،، أو بنت، أو زوجته، أو في شيءٍ في ماله، أو إلى آخره، مع هذا كثيرٌ من الناس لم يتوب، ولم يعطوا ذلك بالًا، ولا وزنًا، ويذكرون أن هذا العقاب في مجالسهم، سمعتم في الأخبار كذا...، وكذا...، ولعل الذنب الذي عاقب الله سبحانه وتعالى هؤلاء فيه، وفي أشكاله؛ لكنه لا يعطي ذلك بالًا، ولا وزنًا، ولم يرجع هؤلاء فيذكرون هذه الأحداث كسوالف البادية؛ فلذلك لابد أن نعطي هذا الأمر وزنًا، من الزلازل، والطوفان، والأمراض، وعلى العبد أن يعتصم بالكتاب والسنة، ويترك أهل الشرك إذا كان مشركًا، ويترك أهل البدع إذا كان مبتدعًا، ويترك أهل المعاصي إذا كان عاصيًا، وإذا في شيء من المحرمات يتركها، أو في زوجته، أو في أولاده، أو في بيته، أو يتعامل بالربا، أو يعمل بالبنوك الربوية، يتعاون على الإثم والعدوان، وإلى آخره، فلابد من ترك هذه الأمور، والتوبة النصوح؛ لأن الله سبحانه وتعالى مراده ذلك، يعاقب الناس ليرجعوا إليه، ويتوبوا إليه، لا أن يتمادى هؤلاء في الباطل، ويزداد هؤلاء كفرًا، أو شركًا، أو بدعةً، أو معصيةً فهؤلاء بالحقيقة تشبهوا بأهل الجاهلية، أهل الجاهلية عندهم هذه الأمور، على ما عاقبهم الله مع ذلك بقوا على ما هم عليه من الشرك، والكفر، والمعصية، فلابد النظر إلى هذه الأمور، ودائمًا وأبدًا نسمع كلام أهل العلم، وتوجيهات أهل العلم، وهم الربانيون الناصحون لهذه الأمة لا غير، فهؤلاء يوجهون الأمة إلى المنهج السليم، والتوحيد الصحيح.
فيبين الشيخ هنا فالعبر ليست في القوة والمال، إذا كان أهل ذلك على ضلال؛ فإن هذه القوة، وهذا المال لا ينفعهم، فلا ينفع الناس كل ما يفعلونه من هذه الحياة الدنيا بدون دين، أي يكون هؤلاء على باطل فلا تنفعهم دنياهم.
نعم في أي سؤال؟.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك.