القائمة الرئيسة
الرئيسية / الزهر الفريد في أحكام التوحيد (تفريغ) / الجزء (2) الزهر الفريد في أحكام التوحيد: التوحيد حق الله على العبيد (تفريغ)

2025-10-31

صورة 1
الجزء (2) الزهر الفريد في أحكام التوحيد: التوحيد حق الله على العبيد (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن أهمية الوقت، وأن هذا العبد في هذه الحياة الدنيا وقته قليل وعمره قصير، فلابد على العبد أن يهتم بوقته ويعرف كيف يفعل في هذا الوقت وكيف يعمل فيه.

ولابد أن يعرف أن الحياة الحقيقية هي حياة دار الآخرة، وأن هذه الحياة -أي: الحياة الدنيا- هي مؤقتة لهذا العبد.

والله سبحانه وتعالى جعل له أمورا يفعلها في هذه الحياة الدنيا بها سعادته، فيسعد إذا ائتمر بأوامر الله سبحانه وتعالى وائتمر بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل بذلك وطبق هذا في حياته؛ فإن العمر قصير.

ولذلك بينا لكم أننا سوف نتكلم عن التوحيد، وهو أعظم العبادات على وجه الأرض، ولابد من معرفته والعمل به، وهو حق العباد لله سبحانه وتعالى.

والناس في الحقيقة يسعون إلى تشييد هذه الحياة الدنيا لكي يسعدوا، فلا سعادة إلا بالتوحيد، ولا سعادة إلا بهذا الدين، فمن أراد أن يسعد في هذه الحياة فعليه أن يشيد دنياه وآخرته، ويكون ذلك بالتوحيد ولا يضيع العبد أوقاته أكثر من ذلك كما حال والعياذ بالله- أكثر الناس، ضيعوا أوقاتهم في لهو ولعب ونوم وأكل وشرب وسفر وجلوس ....وإلخ -كما بينا-.

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يبين عظم هذا التوحيد، فبالتوحيد ومعرفته والتمكن منه والعمل به فلك سعادة الدنيا والآخرة، والناس يعملون أشياء كثيرة لا فائدة منها إلا الفائدة القليلة، ويتركون الأمر الذي هو فيه فائدة كبيرة وعظمى، فلا يفعلون هذا.

مثل: تركهم لدراسة التوحيد، ويريدون السعادة، فلا سعادة إلا بهذا التوحيد.

ولذلك يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه: قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: «يا معاذ، هل تدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟»، فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا». أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».

فهذا هو حق العباد على الله؛ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فيعبدوه بعلم وبصيرة وبرهان على كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الآثار، فلابد أن تكون هذه العبادة صحيحة وهي موافقة للكتاب والسنة والآثار.

ولابد أن لا يقعوا في الشرك الأكبر، مثل: الطواف على القبور، ودعاء أصحاب القبور، والاستغاثة بها، والذبح عندها، وكذلك عبادة المخلوقات كالشمس والقمر وغير ذلك من الشرك.

فالذي يعبد القبور يطوف عليها يستغيث بها؛ فهذا وقع في الشرك الأكبر وهو كافر، جهل هذا أو لا، أو كان جاهلا أو لا.

وأما ما يسمى العذر بالجهل فهو كله جهل ما في في الإسلام شيء يسمى العذر بالجهل إلا في أشياء يسيرة يجهلها الشخص، أما الأصول فقد قامت الحجة على جميع الناس بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم وبين كل شيء.

فالناس لم يهتموا بهذا الأمر، ولم يتعلموا فوقعوا في الجهل، فهذا الجهل لا يعذر به، لماذا؟ لأن هذا العبد أهمل هذا الأمر، فيتعلم أمور كثيرة في دنياه ولا يتعلم أمور كثيرة ومهمة في دينه، فهو المفرط، فيأتي يوم القيامة وغير معذور، لأن يعلم هذا المسكين أن عبادة الله سبحانه وتعالى هي الحق ومع هذا يعبد القبور يستغيث بها.

فهذا غير معذور بجهله، لأن لو قلت له: هذا القبر أو هذا الشخص ينفعك، يضرك، يقول: لا.

لو قلت له: من الذي يضر؟ من الذي ينفع؟ لقال: الله، يعني: يعرف، لكن جهله هذا هو الذي أهلكه، وعناده وإصراره بالباطل هو الذي أهلكه.

فلذلك هذا هو الذي تلبس بجهله وأصر بجهله، وإلا القرآن موجود والسنة موجودة وعلوم التوحيد موجودة، فلماذا لم يتعلم؟! فلماذا لا يسعى إلى طلب العلم؟! فلماذا لا يسأل عن دينه؟! {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، فلماذا لا يسأل عن علوم الآخرة لكي يتفقه ويتعلم؟!

أما أن يترك الأمر هكذا ونقول: هذا يعذر وهذا يعذر فلا، وإلا ديننا دين نظام ليس دين فوضى، هذا يعذر وهذا يعذر وهذا كذا، والناس يتركون الصلاة والصيام والحج والقرآن والسنة ولا يتعلمون ويعذرون، فهذا بينه السلف أن هؤلاء لا يعذرون.

فلذلك يبين النبي صلى الله عليه وسلم حق الله سبحانه وتعالى على العباد: «أن يعبدوه»؛ أي: يوحدوه، «ولا يشركوا به شيئا»، فلابد على العباد أن يعرفوا هذا.

والذي يموت على الشرك الأكبر فهذا خالد مخلد في النار والعياذ بالله- وإن صام وصلى وحج وقال أنا مسلم، هذا عنده مسلم وعند العامة، أما عند الله فهذا كافر.

فلذلك لابد على الناس أن يعرفوا حقيقة التوحيد لكي لا يقعوا في الشرك الأكبر ويصلوا ويصوموا وليس لهم شيئا من ذلك، فيموتوا وهم كفار والعياذ بالله- مثل الرافضة، فهؤلاء يموتون كفار، ويظنون أنهم في الجنة وأنهم أهل توحيد وأنهم من أهل الإسلام وأنهم قائمين بالدعوة الإسلامية وهم مشركون بالشرك الأكبر.

فلذلك الأمور خطيرة جدا على الناس، فلابد على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.

«وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا»؛ هذا حق العباد على الله سبحانه وتعالى، أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب موحد لا يشرك به شيئا، بل ليس له إلا الجنة، وهذه الجنة لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

فعلى الناس إذا أرادوا سعادة الدنيا ودخول الجنة فعليهم بالتوحيد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضمن لهم هذا الأمر، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا لأهل التوحيد فقط، وأمة الإجابة هي التي استجابت لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأصل.

هؤلاء هم أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين سوف يدخلون الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى.

ولدراسة التوحيد أهمية كبرى؛ لأن مطلب جميع الناس دخول الجنة حتى اليهود يظنون أنهم سوف يدخلون الجنة، النصارى يظنون أنهم سوف يدخلون الجنة، المجوس، الرافضة، الجهمية، المعتزلة، القدرية، الإخوانية، كل هؤلاء يريدون أن يدخلوا الجنة.

لكن هيهات هيهات، للجنة سبيل وللجنة طريق، وصراط الله سبحانه وتعالى مستقيم، من سلكه قولا وعملا فهذا هو الذي بإذن الله سوف يدخل الجنة، وهذا هو الموحد ومن حاد عن يمنة ويسرة فليس له إلا الوعيد على حسبه، يقع في الذنوب ووعيده على حسبه يوم القيامة.

فلذلك لابد من معرفة أهمية التوحيد، والتوحيد هو أفضل وأشرف علم على وجه الأرض، ورغم الناس قلة الذي يدرسون التوحيد، التوحيد هذا من أعظم العلوم على وجه الأرض، وقلة الذين يدرسون علم التوحيد.

وأكثر الناس يدرسون علوم الدنيا كما ترون، جامعات مشيدة على مد البصر، وأموال تصرف عليها وتضحية بالأهل والأولاد والأموال والتعب والسهر ولا ينامون إلا قليلا في أيام الامتحانات على هذه العلوم الدنيوية، وهي فانية لا تساوي شيئا إذا هؤلاء لم يدرسوا مع العلوم الدنيوية علم التوحيد، والله سبحانه وتعالى يجعلها لهم يوم القيامة هباء منثورا ولا شيء يذكر.

فلابد أن يجمع العبد بين علوم الدنيا وعلوم الدين معا، هذا هو الأصل في ذلك، أما أن يترك فهذا الأمر في الحقيقة ضيع هذا العبد على نفسه سعادة الدنيا والآخرة.

أفلا تنظر إلى الكفرة في الخارج وما عندهم من العلوم الهندسة والطب والتجارة والصناعة وفتنوا الناس في هذه العلوم الدنيوية، وفي هذه التجارات والصناعات وانبهر الناس بها، فالله سبحانه وتعالى يوم القيامة يدخلهم نار جهنم خالدين فيها، لماذا؟

لأن هؤلاء ليس عندهم توحيد، هؤلاء لم يسلموا ولم يوحدوا الله سبحانه وتعالى، بل أشركوا.

فلذلك ينتبه الناس، فلا نقلد أهل الكفر التقليد الأعمى الذي ضاع فيه كثير من الناس، والناجون يوم القيامة قلة، فعليك بدراسة هذا التوحيد هو أفضل العلوم.

فإن وفقت في دراسة التوحيد فالله سبحانه وتعالى وفقك إلى أعظم علم، لأنك أقبلت على علم التوحيد وعلى دراسة علم التوحيد واهتميت بهذا العلم، فالله سبحانه وتعالى يسر لك هذا العلم وبتعليمه وبتطبيقه، وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى ما يوفق لأي عبد معرض عن التوحيد، لأن الغني هو الذي يعرض عن الفقير لا الفقير يعرض عن الغني -وهو الله سبحانه وتعالى-.

فلابد على الناس أن ينتبهوا ولا يعرضوا عن التوحيد إلى هذه الدرجة، فالله يحرمهم من حرم الأصول حرم الوصول، ما يصل إلى شيء، ويظن أنه سوف يصل، وإن تطلعوا إلى المناصب والأموال تراهم من منصب إلى منصب، ثم الله سبحانه وتعالى ينزله ما ارتفع شيء في هذه الدنيا إلا وضعه.

هذه سنن من سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه، لابد أن نتعرف على سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه لكي ترتاح، فمهما تصل فالله سبحانه وتعالى يضعك، فإذا أنت في التراب ما في.

فإذا وضعت في هذا التراب، فإذا كانت عندك هذه العلوم الدنيوية بدون التوحيد فانتهى أمرك، وإذا كان عندك هذا التوحيد وليس عندك هذه العلوم الدنيوية فابشر، فقد وقع أجرك على الله، وأن تجمع بين هذه العلوم وعلم التوحيد فلا بأس بذلك، فالشخص ما ينسى نصيبه من هذه الحياة الدنيا ومتاع الدنيا -كما بينا-.

فلذلك فعليك بهذا العلم أولا لأن به سعادة الدنيا والآخرة، فأنت ضع قدمك في الجنة موحدا لله سبحانه وتعالى وانتهى الأمر وفزت الفوز العظيم.

بعد ذلك لا تهتم في غيرك والذين من خلفك، حتى أقرب الأقربين لك ما تهتم فيهم، لأن هذا اليوم -يوم القيامة- الكل يقول نفسي نفسي حتى الأنبياء والرسل، الأنبياء والرسل كل واحد منهم يقول: نفسي نفسي، وكل واحد من العباد يقول نفسي نفسي ويفر حتى من زوجته وأولاده وأقاربه.

وانظر كيف الناس يخافون على أزواجهم وعلى أولادهم في الحياة الدنيا، لكن يوم القيامة يفرون منهم.

فلذلك لا تفر منهم وأنت لست عندك شيء من التوحيد، فلننتبه لهذا الأمر؛ فإن الأمر خطير جدا على الناس.

فهذا التوحيد هو أفضل وأشرف العلوم، فيجب على كل مسلم أن يتعلم هذا التوحيد، مسلم ما يعرف التوحيد، مسلم ما يعرف شيء في الإسلام، كيف يكون ذلك؟!

{ادخلوا في السلم كافة} [البقرة: 208]؛ أي: خذ الإسلام من جميع جوانبه، تعلم أحكام التوحيد، أحكام الاعتقاد، مسائل الإيمان، مسائل القدر، مسائل البرزخ، مسائل الصراط، الآخرة، مسائل أحكام الصلاة، أحكام الصيام، أحكام الحج، أحكام العمرة.

الناس يذهبون إلى العمرة وما يعرفون شيء، معتمر وما يعرف كيف يعتمر، معتمرون يجهلون صفة العمرة، وهذه من أسهل الأمور، كل معتمر وأكثر المعتمرين يفعلون أشياء كثيرة في الطواف، في الصفا، في المروة، لا يعرفون كيف يقصرون من شعرهم، لا يعرفون كيف يحلقون شعورهم، يقص من هنا وهنا وهناك ويمشي، ومنهم من يفتي يقول: لو قطعت شعرة أو شعرتين يكفي -هذا المفتي-، إذا هذا مفتيكم فما بالك بالمستفتين؟!

فلذلك لابد من معرفة هذا الدين جملة وتفصيلا، وإن كثيرا من الذئاب المبتدعة الآن سيطروا على أمور كثيرة، على القنوات، على الإفتاء، على المساجد، على الإمامة، على الخطابة، وهم من أجهل الناس ما علموا الناس شيئا، حتى منهم من يوجه الشباب المسكين هذا إلى القتل والقتيل في الحروب السياسية ولا يذهب.

ولا سمعنا خطيبا على كثرة الحروب السياسية من ثلاثين سنة حرب أفغانستان إلى يومنا هذا أن خطيب عندنا ذهب يقاتل ويحارب، ما في، لأن يعلمون أن هذه الأشياء ما منها فائدة، بل يحرضون الشباب المسكين الجاهل فقط ويعلمون أن هؤلاء جهلة ويسمع الكلام، لماذا؟ لجهله بعلم التوحيد.

لو كان هؤلاء تعلموا التوحيد لما وقعوا مع هؤلاء؛ فلذلك لابد من معرفة هذا الأمر، التوحيد هو أفضل وأشرف العلوم؛ كما قال سبحانه وتعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19]؛ أي: هنا المعرفة، العلم، معرفة الكتاب والسنة ومعرفة التوحيد.

فالتوحيد: إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

هذا هو التوحيد الخالص: إفراد الله سبحانه وتعالى، ما في يا حسين ولا السيد بدوي ولا العيدروس ولا فلان ولا علان ولا خميني ولا أحد.

فإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة فيما يختص به من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

فهؤلاء كلهم أهل شرك وأهل بدع لم يوحدوا الله سبحانه وتعالى وهم مشركون في الدنيا وفي الآخرة، فالموحد هو الذي أفرد الله سبحانه وتعالى.

قال: الله ربي ولم يجعل رب إلا الله سبحانه وتعالى، أما يقول: الله ربي كالصوفية ثم بعد ذلك يضع لهم قبور يستغيثون بها ويقولون: مدد يا رسول الله، ومدد يا سيد بدوي، ومدد يا سيد العيدروس ....وإلخ، وقبور في أفريقيا وقبور في كذا وقبور في الشام ....وإلخ، ويقول: نحن مسلمون، كيف يكون هذا؟!

فهؤلاء لم يجعلوا ربهم الله سبحانه وتعالى، الذي يقول: ربي الله؛ لابد عليه أن يعمل بهذا، يوحد الله سبحانه وتعالى في ألوهيته وأن الله سبحانه وتعالى هو الإله لا إله غيره، لا يعبد أحد ولا ينادي أحد ولا يستغيث بأحد ولا يدعو أحد، {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]، هذا هو الأصل، هذا هو الموحد.

أما يقول: إلهي الله سبحانه وتعالى، ثم يعبد الحسين رضي الله عنه، أو هذا القبر أو هذا القبر أو يحلف بالمخلوقات، فهذا لم يحقق توحيد الألوهية، يقول بالأسماء والصفات وبتوحيد الأسماء والصفات، ثم يقول: ليس لله وجه، وليس لله قدم، وليس لله يد ولا عين ولا غير ذلك كالأشاعرة المشركين!

هؤلاء الأشاعرة والجهمية الذين حرفوا الأسماء والصفات هؤلاء مشركون ولم يوحدوا الله سبحانه وتعالى في أسمائه ولا في صفاته؛ فإن لله سبحانه وتعالى وجه يليق به، هذا عقيدة أهل السنة والجماعة.

لله وجه لا يشبه وجه المخلوق ويليق بجلاله، لله يد تليق به سبحانه وتعالى لا تشبه يد المخلوقات، ولله عين، ولله قدم، لكن الكيفية مجهولة، نثبت الأسماء والصفات كما جاءت في القرآن والسنة، ولا نحرفها ولا نكيفها، نؤمن بها، أما الكيفية؛ نقول: الله أعلم.

فأي واحد يسألك كيف عين الله؟ كيف وجه الله؟ كيف يد الله؟ قل: الله أعلم، الله أعلمنا أن له أسماء وصفات، لكن ما علمنا كيفية هذه الصفات، نؤمن بها، الكيفية مجهولة.

ويأتي الكلام على هذا التفصيل في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

الآن يوجد أناس جعلوا من أنفسهم أرباب وأنه رب والعياذ بالله-، هؤلاء الصوفية يجعلون أصحاب القبور أنهم يعلمون الغيب ويدبرون الكون ويتصرفون فيه، هؤلاء جعلوا أنفسهم أربابا من دون الله سبحانه وتعالى، وهذا المقبور عندهم رب!

تظن أن ما في أحد يقول: أنا رب، لا يوجد في هذا الزمان!! ويصلون ويصومون ويحجون هؤلاء الصوفية ويدعون الربوبية والعياذ بالله-!!

فلابد من دراسة التوحيد لكي تعرف.

عندك هنا من يخطب بك ويصلي بك ويصلي معك وهم يعتقدون أن هذه القبور وهذا صاحب القبر رب! فكيف تعرفهم؟ الله سبحانه وتعالى بين للناس الخبيث والطيب، كيف تعرف المجرمين؟.

تظن أن المجرم هذا السارق وهذا صاحب المخدرات ....وإلخ، لا يوجد مجرمين في المساجد خطباء مجرمين وأئمة ومفتون وفي القنوات ....وإلخ.

كيف تكشف هؤلاء المشركين الذي يقول هذا «الجفري» هذا المشرك يقولون لنا هؤلاء الوهابية: إن لا تشرك لا تشرك، أي نعم لا تشرك بالله سبحانه وتعالى، تدعي أنت أن لك أولياء يصرفون الكون ويدبرون الكون، أنت الذي تقول هذا الكلام! فقلنا لك: لا تشرك بالله -يا المشرك-!

فكيف تعرف حقيقة هؤلاء وهؤلاء يفتون ولهم قنوات ولهم كتب ولهم أشرطة ولهم مواقع وشبكات، وكلامهم هذا موجود في التواصل المرئي.

هؤلاء الإباضية المشركون يقولون عن القرآن مخلوق، القرآن كلام الله ليس بمخلوق، أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بصوت وحرف كيف شاء سبحانه وتعالى، لكن هذا الصوت لا يشبه صوت المخلوقين.

هؤلاء يقولون عن القرآن مخلوق وكفروا بالله سبحانه وتعالى، كيف تعرفهم؟ كيف تعرف هؤلاء؟

هؤلاء هم مشركون ويتزوجون هنا ويتزوجون الناس منهم، هؤلاء الإباضية أعداء الله سبحانه وتعالى وأعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعداء الإسلام وأعداء المسلمين، كيف تعرفهم؟ وإلا الشخصيقع مع هؤلاء، هؤلاء هم المشركون.

فلذلك لابد من التعرف على علم التوحيد، يستبين لك سبيل المجرمين، إذا الله سبحانه وتعالى بين للرسول صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن ليستبين سبيل المجرمين، هذا في عهد الرسول ما بالك في هذا العهد! فلابد أن تستبين سبيل المجرمين، فالأصابع هذه ليست سواء.

ومن أكبر النعم على العبد أن الله سبحانه وتعالى يميز له بين أهل الحق وأهل الباطل، فيعرف بين أهل البدعة وأهل السنة، هذه من أكبر النعم، أما إذا ما يميز بين هذا وهذا ويقول: كلنا مسلمون، هذا انتهى وسلم عليه وهلك، كيف كلنا مسلمون وهؤلاء يشركون؟! كيف يكون ذلك؟!

الإسلام أتى بالتوحيد ونهى عن الشرك، فيأتي لنا هذا وذاك يقول: هؤلاء كلنا مسلمون وما في فرق بين السنة وشيعة! لا، يوجد فرق كيف ما في فرق؟! أهل السنة أهل توحيد، وأهل الشيعة هؤلاء أهل شرك، والإباضية في جهة والجهمية والقدرية.

فلابد أن نعرف هذه الأمور ونميز هذه الأمور.

والتوحيد: الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق، التوحيد هذا ما خلق الله سبحانه وتعالى الخلق إلا ليحققوا التوحيد في حياتهم الدنيوية ويموتوا عليه، إذا هذه الدنيا كلها خلقت لأجل التوحيد فالناس يتركون الغاية التي خلق الناس لها ويذهبون إلى علوم دنيوية! هل هذه غاية الآن؟! ولماذا هذا التفريط في هذا الأمر؟!

فلابد أن تعرف غايتك، وإلا كيف العبد هذا ينجو؟!

ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]، يعبدون: يوحدون؛ فالله سبحانه وتعالى ما خلق الجن والإنس إلا للعبادة، متاع الحياة الدنيا يقومون بذلك على حسب حاجاتهم في هذه الحياة الدنيا.

لكن الآخرة هي الحياة الحقيقية هي المتاع، هي المتاع في كل شيء، متاعك كامل في أكلك كامل، تتمتع كامل، في شربك، في جماعك، في قصورك، في بيتوك، في لهوك، في لعبك، في كل شيء، حياة كاملة، هذه الحياة الدنيا حياة ناقصة ما في متاع كامل نقص.

وتأكل الأكل وتمرض، تتمتع قليلا وتمرض كثير، تلهو وتلعب تنكسر رجلك، ما في متاع، حتى جماعك لأهلك ناقص، نومك ما في، نومك ناقص، ففي أشياء كثيرة، تتمتع في البحر، في البر، متاعك ناقص، فجمالك هنا ناقص، أمورك ناقصة في هذه الحياة الدنيا لأنها قصيرة وهي ممر وزراعة للآخرة، جمالك كامل في الجنة، متاعك كامل.

فلذلك على الناس أن يجتهدوا بالتوحيد، يجتهدوا بالتوحيد؛ لأن بعده حياة طويلة ومتاع كامل ما في نقص، تجامع الحور العين بعد ما تجامعها ترجع بكرا ما في شيء ناقص، تقول: تنقص هذه، لا، ترجع هي هي، جمالك تزداد به كل شيء، فاجتهد لهذه الحياة.

وهذا أكبر دليل أن الناس لم يعرفوا حقيقة هذه الحياة وإلا لو سعوا إليها، وإلا الكل -كما لا يخفى- عليكم يسعون إلى هذه الحياة الدنيا، دراسات وركض عليها وجمع الأموال ....وإلخ.

وهذا يدل على أن هؤلاء غير عارفين لماذا خلقوا، ولو قلت للشخص لماذا خلقت؟ يقول: للعبادة، أين التطبيق؟! أين العمل؟! ما في.

والتوحيد هو أول دعوة الرسل، كل الرسل الله سبحانه وتعالى ما أمرهم أن يأمروا الناس بدنياهم، ما سمعنا من رسول فعل ذلك، جميع الرسل بعثوا لهذا التوحيد في أقوامهم.

نوح عليه السلام دعا قومه إلى التوحيد ليس إلى هذه الدنيا، دعا قومه إلى الجنة، هود عليه السلام، إبراهيم عليه السلام، موسى عليه السلام، عيسى عليه السلام، النبي صلى الله عليه وسلم.

كل هؤلاء دعوا إلى التوحيد، {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36].

{أن اعبدوا الله}، عبادة الله سبحانه وتعالى واجتناب الطاغوت، اجتناب الشرك والبدع، فهذا هو الأصل، فالله سبحانه وتعالى بعث الرسل لتحقيق التوحيد، فأنت ما تريد أن تقتدي بالرسل، ما تريد أن تقتدي بالأنبياء.

الأنبياء أتباعهم أهل توحيد ليسوا أهل دنيا، اترك هذه الدنيا لأهلها، لأن هذه الدنيا في الأخير تهلكهم، فالناجي هو الموحد، وكذلك وصية الأنبياء والرسل، وكذلك التوحيد هو أول الواجبات.

ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ لما أرسله معلما وداعيا لأهل اليمن بقوله: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى: أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله». أخرجه البخاري في «صحيحه».

هذا هو الأصل، هذه دعوة الرسل، هذه وصية الرسل للناس.

هذا يدل على أن التوحيد له أهمية عظمى على وجه الأرض قل من فهم هذا الأمر، وأكثر الناس لم يعلموا بحقيقة وأهمية هذا التوحيد، مجرد صلاة ويمشي، صيام ويمشي، قراءة قرآن ويمشي، لكن أين معرفة هذا التوحيد جملة وتفصيلا؟ ما يدري، ما يعرف.

فلذلك هذا التوحيد من أهم الأمور للعباد، والتوحيد هذا: إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

وتوحيد الربوبية: إفراد الله سبحانه وتعالى بالملك والتدبير والخلق، لا مدبر إلا الله، ولا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله.

فيأتي لنا هذا الصوفي يقول: هذا المقبور يدبر الكون! خليه يدبر نفسه الآن، فكيف يدبر الكون؟!

فلذلك لابد أن نعرف توحيد الألوهية: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، لا تصرف العبادة أو شيء منها لشخص أو لطائفة أو لمذهب أو لفرقة.

وتوحيد الأسماء والصفات: إفراد الله سبحانه وتعالى بالأسماء والصفات، وأن له أسماء وصفات نثبتها كما أثبتها الله سبحانه وتعالى في القرآن، وأثبتها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف، هذا هو الأصل وهذا هو التوحيد.

ويأتي إن شاء الله تفصيل هذا التوحيد جملة وتفصيلا إن شاء الله في الدروس القادمة.

هذا عندنا أهمية التوحيد.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan