القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح مسائل الجاهلية (تفريغ) / المسألة (9) من مسائل الجاهلية - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله

2025-10-22

صورة 1
المسألة (9) من مسائل الجاهلية - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله

المتن:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (المسألة التاسعة: الاستدلال على المطلوب، والاحتجاج بقوم أعطوا من القوة في الفهم والإدراك، وفي القدرة والملك ظنا أن ذلك يمنعهم من الضلال، فرد الله تعالى ذلك عليهم بقوله سبحانه في الأحقاف ﴿فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ﴾ [الأحقاف:24] ﴿تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين﴾ [الأحقاف:25] ﴿ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون﴾[الأحقاف:26]).

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

فهذه المسألة التاسعة من مسائل الجاهلية التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: الاستدلال على المطلوب، والاحتجاج بقوم أعطوا من القوة في الفهم والإدراك، وفي القدرة والملك ظنا أن ذلك يمنعهم من الضلال، ثم ذكر الآية، فهذه نسخة الشيخ الألوسي رحمه الله تعالى جعل هذه المسألة، المسألة التاسعة، أما بالنسبة لمؤلفات الشيخ أي النسخة فذكرت هذه المسألة في المسألة السابعة، وعندنا فالمسألة التاسعة، ولاحظوا بهذه النسخة الاستدلال بقوم أعطوا قوى في الفهم، والأعمال، وفي الملك، والمال والجاه، فرد الله عليهم ثم ذكر الآية، فهذه النسخة تختلف عن نسخة الألوسي.

 والألوسي رحمه الله تعالى ذكر الاستدلال على المطلوب، أما نسخة مؤلفات الشيخ الاستدلال بقوم.

 وعند الألوسي والاحتجاج بقوم أعطوا من القوة، هنا أعطوا قوى في الفهم والإدراك، أما في نسخة مؤلفات الشيخ فلا توجد لفظة والإدراك، والقدرة كذلك.

 وبالنسبة لنسخة مؤلفات الشيخ فيها الجاه، والمال، أما نسخة الألوسي فلا توجد هذه اللفظة، لفظة المال والجاه، هنا وفي القدرة، والملك.

 كذلك في نسخة الألوسي ظنا أن ذلك يمنعهم من الضلال، أما نسخة مؤلفات الشيخ فلا توجد هذه اللفظة، وهذه اللفظة الأخيرة مهمة جدا في نسخة الشيخ الألوسي؛ فلذلك هذه الألفاظ مهمة لمعرفة استدلال الشيخ بهذه المسائل على أهل الجاهلية؛ لأن الأمر مهم جدا.

وأما بالنسبة لنسخة الشيخ صالح فوزان حفظه الله تعالى كذلك هي بنفس نسخة مؤلفات الشيخ، الاستدلال بقوم؛ يعني بقوم ضالين، أعطوا قوى في الفهم، أو الأفهام، والأعمال، وبالملك والمال، والجاه، فهذه نسخة هي نفس نسخة مؤلفات الشيخ، وهذه المسألة الحقيقة مهمة جدا لأهل الإسلام؛ لكي يميزوا بين أهل الإسلام، وبين أهل الجاهلية؛ لأن بينا في الدروس التي سلفت خطر من يتشبه بأهل الجاهلية مطلقا، أو مقيدا كما بينا في المقدمة، إذا كان مطلقا فهذا كفر، وإذا كان مقيدا فهذه معصية، أو عصيان؛ لذلك فالذي يتشبه بأهل الجاهلية أما أن يقع في التشبه المطلق، أو في التشبه المقيد، وهذا العبد في خطر عظيم.

فالمسألة التاسعة هذه الاستدلال على المطلوب، على مطلوبهم، أو ما يريدونه، أو يهونه، والاحتجاج بقوم ضالين، فيحتجون بقوم ضالين والعياذ بالله، فهؤلاء الضالون أعطوا قوة في الفهم، والعلم، والإدراك، وكذلك أعطوا قدرة، ومالا، وجاها فهؤلاء الضالون العياذ بالله أهل الجاهلية يحتجون بهؤلاء، مع أنهم من الضالين والعياذ بالله؛ لكن هؤلاء أهل الجاهلية اغتروا بقوة هؤلاء، وعلم هؤلاء من ناحية الدنيا، أو غير ذلك، وعندهم فصاحة في اللغة، في الأشعار، في الكلام؛ لأن من البيان لسحرا، وعندهم ملك، سادات قريش، وعندهم مال وجاه.

 فالجاهل يغتر بهؤلاء فيحتج بهم، ولا يعلم هذا الجاهل بأن هذه الأمور التي ذكرت لا تمنعهم من الضلال؛ لأن الذي يهتدي به العبد حتى لو لم يكن عنده قوة، ولا فهم، ولا إدراك، ولا مال، ولاجاه، إذا كان عنده تقوى من الله، وعلم من الله، وهدى، فهؤلاء الجهال قديما، وحديثا لا يحتجون بمثل هؤلاء الذين عندهم العلم، والتقوى، والهدى، لماذا؟ لأن ليس عندهم مال، ولا جاه، ولا فهم، ولا إدراك، وليس عندهم عالم عالم الحيوانات، ولا عندهم علم عالم الطيور والبحار، والأفلاك، والكواكب، والنجوم، وغير ذلك ليس عندهم فهم في صناعة السيارات، والطائرات، وأسلحة الحروب، فلا يحتجون بهم؛ لأن ليس عندهم هذه الأمور.

هذا من أصول أهل الجاهلية أن نرى هذا الصنف والعياذ بالله من أبناء المسلمين يستدلون لنا بالكفرة، وبإدراكهم، وفهمهم في الدنيا، وبهذه العلوم الدنيوية، وإلى آخره، حتى لو استدل كافرٌ على مصورة ذهبت إلى المريخ ورجعت لصدقه الجاهليون؛ لكن لو يستدل عبدٌ عالمٌ بالكتاب والسنة؛ لكنه فقير ما عنده مال، ما عنده جاه، بكتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على مسألة فقهيه لا يصدقونه؛ لقالوا أن هذا لشيءٌ عجاب، فهذا الذي نسمعه الآن من أهل الجهل فما أشبه الليلة بالبارحة، أنظر أهل الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يستدلون؟ وماذا يحتجون؟ وانظر في هذا الزمان من أهل الجاهلية ماذا يحتجون؟ وماذا يستدلون؟ تشابهت قلوبهم؛ فلذلك فهؤلاء في الحقيقة في ضلال مبين، كيف لا يحتجون بأقوال أهل العلم وفق الكتاب والسنة؟ومسائل مهمة عليها جنة ونار، مسائل في الدين عليها جنة ونار ترد.

 فهؤلاء في الحقيقة مساكين بلا شك، لا يدري أحدهم ماذا يفعل به؟ فيستدلون بأقوال أهل الكفر، ويتركون أقوال أهل العلم؛ فلذلك نقول لهم: أن ذلك لا يمنعهم من الضلال؛ ولذلك نرى من يتشبه بهؤلاء خاصة أكثر الأطباء، وأشكال هؤلاء، دائما يستدلون بالغرب والعياذ بالله؛ لكن تأتي به بكتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق، لا يقتنع، في قلبه مرض، فهذا الرجل يظن أنه عالم، عارف، طبيب، يمشي ويتكلم، ويظن أن علمه هذا الذي يخالف فيه كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعارض بأنه لا يضل، مستحيل يضل بهذا العلم الدنيوي، يعرف الرياضيات، الأحياء، الكيمياء، وما شابه ذلك، ونحن نقول ما في مانع أن يتعلم العبد بهذه الأمور؛ لكن لابد أن يقدم هذه العلوم، علوم الدين، أما أن يترك علوم الدين ثم يعكف على هذه العلوم، ثم بعد ذلك يرد كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والأحكام، خاصة الأمور الغيبية، يردها فهذا ضال ومضل، ويظن أنه على الحق؛ فلذلك كم من طاعن في تلفاز، و في جريدة، أو في الصحف، أو في شريط، أو في كتاب، بالأمور الغيبية التي تكلم عليها الله سبحانه وتعالى في الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم في السنة، كم رد هؤلاء! وكم يطعنون! ولا يصدقون؛ لأن يحكمون عقولهم، ويغترون بما عندهم من علم، وقوة، وجاه، ومركز، فكيف هذا يرجع؟ فكيف يرجع؟ ما يستطيع أن يرجع؛ فيصعب على أمثال هؤلاء أن يرجعوا إلى دين الله سبحانه وتعالى، ويتوبوا إليه.

 فلذلك ترى أمثال هؤلاء قديما، وحديثا يغترون بأفهامهم، وعلومهم، ويقدمون هذه العلوم على علوم الدين، فيعكفون عليها ليلا ونهار، ويرحل هنا وهناك يدرس؛ لكن إن أتيت إليه في الدين لا يحسن الصلاة، ولا صيام، ولا حج، ولا زكاة، وأمور يسيرة في دين الله لا يعرفها؛ لأن هؤلاء اغتروا بما عندهم من العلم، ويظن هؤلاء بأنهم لا يضلون في ذلك.

فعلى أهل الإسلام أن ينتبهوا لهذا الأمر، ولابد أن يعرفوا ذلك، بأن هذه الأمور لا تمنعهم عن الضلال، فعلينا إذا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء، وبعث ليخالف أهل الشر من أهل الجاهلية، فخالفهم في هذه المسألة كذلك، وبين لهم بأن عليهم بالعلم الشرعي، وتقوى الله سبحانه وتعالى؛ لأن غير ذلك يضلون به، فلابد على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر، فإن جمع بين علوم الدنيا والدين فبها ونعمة، فهذا فيه خير، وإن اقتصر على علوم الدين، وأخذ شيئا يسيرا في علوم الدنيا لكي يترزق بذلك، فلا بأس في ذلك، وإن ترك نهائيا علوم الدنيا كما فعل كبار السن من الآباء، والأجداد؛ لكنه متمسك بالدين فهذا على هدى، وليس عليه شيء، فلا نعكس ننكب على الدنيا، وعلوم الدنيا، ونقتصر على علوم الدين بعلم أشياء يسيرة لا يستطيع الشخص بها أن يعرف هذا الدين، من صلاة، وصيام، وحج، وغير ذلك من العلوم التي يحتاج إليها هذا العبد، فلابد من التنبه في هذا الأمر.

في وقت نقرأ كلام الشيخ؟ لعلنا نتكلم إن شاء الله الدرس القادم عن كلام الشيخ صالح الفوزان؛ لأنه مهم في شرحه المسائل، وبين هذه الأمور، نعم، في أي سؤال؟

بالنسبة للعلوم الدنيوية على حسب قدرة الشخص، وما تحتاج هذه الأمة من هذه العلوم، ولا يلزم أن يكون الشخص عنده كل العلوم، فممكن أن توزع هذه العلوم على جميع الأمة، في جميع الأقطار، والأمصار للأمة الإسلامية، فالكل يقوم بحسب وسعه في هذه العلوم على ما تحتاج الأمة، كما هو حاصل الآن، ويحتاج إليه الشخص خاصة إذا كان يستفيد به في معرفة الدين، والعلوم، كما في الكمبيوتر يحتاج إليه في معرفة دينه، وما شبه ذلك؛ لكن على المسلم أن يجمع بين هذه العلوم، وعلوم الدين؛ لأنها أهم والشخص يسأل عن علوم الدين، عن الدين، لا يسأل عن علوم الدنيا، فالشخص على حسب وسعه يدرس هذه العلوم ليستفيد ويفيد الأمة، من طب، وهندسة، وعلوم كمبيوتر، وإلى آخره، نعم.

الأرصاد الجوية، ما فيه بأس، هذه الأمور لو تعلمها المسلم ما فيه بأس، يفيد ويستفيد، لكن بينت لكم لابد من دراسة علوم الدين، لأنه فرض؛ لكن كما لا يخفى عليكم كثير من الناس تركوا علوم الدين وعكفوا على علوم الدنيا، كأن هؤلاء سوف يسألون عن ذلك، وتجد الشخص طبيب، ومهندس، وعنده شهادات، وعضو في المجلس كذا...،  ورئيس اللجنة كذا...، وفي الخارج كذلك عضو؛ لكنه لا يحسن الصلاة، ما يعرف يصلي، فهذا في خطر عظيم، عنده العلوم هذه، ولا يحسن الصلاة، فمصيبة، وأول ما يسأل الشخص عن صلاته، فإذا صلحت هذه الصلاة صلح سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله؛ فلذلك، فهذا بسبب الجهل، وبسبب التشبه بأهل الجهل، وأهل الشرك، ودائما يقولون لنا إذا تكلمنا عن الدين، أو عن أشياء في الدين مثال اللحية، يقول: أن أناس وصلوا للقمر وأنتم تتكلمون في هذه الأمور، فهؤلاء يحتجون بهؤلاء، فهؤلاء تشبهوا بأهل الجاهلية، والويل له للذي يتشبه بأهل الجاهلية، أنا أتكلم عن حكم الأمر، فلا تحتج بهؤلاء الذين أعطوا قوة في الفهم والإدراك الدنيوي؛ فإن مسلم واحد يعدل ملء الأرض من أهل الكفر، وأنت تستدل بهؤلاء، ملء الأرض من أهل الكفر واحد من المسلمين.

 السجع إذا لم يكن فيه تكلف، فلا بأس به؛ لأن الله سبحانه وتعالى استدل بذلك، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا الصحابة، وأهل العلم، لكن بشرط ألا يكون فيه تكلف، أما إذا كان فيه تكلف، يتكلف الشخص في هذه الأمور ودائما وأبدا، فهذا سجع من البدع، لا يجوز، ومحرم، ويأثم عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل شخص هكذا يقول جعله من الكهان، فلذلك ننتبه كل شيء فيه تفصيل، نعم.

لا بينا في المقدمة هذا الأمر، عندنا جاهلية مطلقة، وهذه الجاهلية جاهلية الكفر كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، القسم الثاني جاهلية مقيدة، وهذه الجاهلية المقيدة التي يقع فيها المسلم تعتبر معصية من المعاصي لا يكفر بها، حتى لو تمسك بها، حتى لو أصر بها، فهذه تعتبر معصية يأثم عليها، فإن مات وهو مسلم ولم تجره هذه المسائل الجاهلية إلى الكفر كما بينا، فهذا إن شاء الله عذبه، وإن شاء الله غفر له.

بالنسبة إذا قل العلماء في زمن، أو انقرضوا في بعض البلدان، فبلا شك لابد على طائفة من طلبة العلم، أو طائفة من المسلمين أن يطلبوا العلم، في فرض كفاية، معرفة المسائل والفتية، وغير ذلك، وما يحتاج إليه الناس؛ لأن هذا الأمر مهم جدا، فإذا لم يستطع الناس على ذلك؛ فعليهم أن يرجعوا إلى العلماء الذين في زمنهم عن طريق الاتصال، أو ما شابه ذلك؛ لسؤالهم، وتوزيع أشرطتهم، وكتبهم، وهذه الوسائل الآن متيسرة جدا، فعلى أهل الإسلام أن يهتموا بنشر العلم، عن طريق الكتب والأشرطة، وسؤال أهل العلم عن طريق الهاتف، أو الأنترنت، أو غير ذلك، وهذا الآن مهم للناس، نعم.

سبحانك اللهم وبحمدك، وأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan