الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (19) أحكام اللعن: لعن من يؤذون الناس في طرقاتهم (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (19) أحكام اللعن: لعن من يؤذون الناس في طرقاتهم (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللعن في الشريعة المطهرة، وفي هذا الدرس نتكلم عن إيذاء الناس في طرقهم ونحوها.
والدليل على ذلك حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللعانين. قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم. أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والحاكم في «المستدرك».
واللعانين بالتثنية يعني اثنين، يقول الشوكاني في «نيل الأوطار» (ج1 ص104) وهو ينقل قول الخطابي في «معالم السنن»: يريد باللعانين الأمرين الجالبين للعن الحاملين للناس عليه، والداعين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم. يعني: عادة الناس لعن هذا الصنف من الناس، فلما صار سببا للعن أسند اللعن إليهما، وكذلك قد يكون اللاعن بمعنى ملعون، أي الملعون فاعلهما، فهذا الملعون الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم. والمراد بالذي يتخلى في طريق الناس أن يتغوط فيهما، وفي ما يمر فيه الناس، فإنه يؤذيهم باستقذاره، فيؤدي إلى لعنه، والمراد بالظل هنا مستظل الناس الذي يتخذونه مقيلا ومنزلا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة فيه، فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته في حايش النخل وله ظل بلا شك، هذا باختصار قول الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار؛ في حايش النخل: يعني النخيل ملفوفة بعضها على بعض، والنبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته.
فهذا الحديث يبين أمرا خطيرا على الناس، أي الذين يؤذون الناس سواء في البلدان أو في المدن أو في القرى، أو في النخيل، أو في الممرات أو الظلال أو غير ذلك، فهذا الذي يفعل هذا الأمر ملعون، فاتقوا اللعانين وهو الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم.
الآن عندنا الطرقات في القرى، الطرقات في المدن، الطرقات في البلدان، فالذي يتغوط فيها ويستقذر الناس ذلك، وكذلك فاعل هذا الأمر يؤذي الناس، فهذا ملعون، لأنه يؤذي الناس، فهذه الأمور تؤذي الناس، فلذلك يلعنه الناس بناء على فعله هذا. والإسلام نهى عن أذية الناس بأي طريقة.
كذلك الذي يقضي حاجته في ظلهم، في المكان الذي يجلسون فيه، يقعدون فيه، يستظلون فيه، فللناس أماكن يجلسون فيها، خاصة في وقت العصر أو وقت الليل مثلا، لهم مجالس يجلسون فيها، مجالس في النهار ومجالس في الليل، فلا يجوز للشخص أن يقضي حاجته في هذه الأماكن التي يقعد فيها الناس يتحدثون أو يأكلون ويشربون ويرفهون عن أنفسهم لأن للناس مجالس، حتى الصحابة رضي الله عنهم كان لهم مجالس يجلسون فيها، فهذه المجالس وهذه المقاعد ما يجوز للشخص أن يقضي حاجته فيها، والذي يفعل ذلك ملعون، لماذا؟ لأن الناس يتأذون من هذه الأمور، وهذه مجالسهم، فلا يجوز للشخص أن يفعل ذلك، فإيذاء الناس بهذا الأمر يجلب اللعن لفاعله، فمن آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم، يعني اللعنة إذا لعن المسلمون هذا الشخص فالله سبحانه وتعالى يستجيب لهم، لأن هذا مؤذي ويؤذي المسلمين، فتقع عليه اللعنة، فلذلك فليحذر المسلم أن يؤذي المسلمين في طرقهم، في ممراتهم، في بيوتهم، في قراهم، في مدنهم، في بلدانهم، لا يجوز للشخص أن يقضي حاجته في هذه الأماكن ويؤذي الناس.
والشارع بين للناس ووضع لهم أماكن لقضاء الحاجة، فهناك الحمامات المعروفة سواء في البيوت أو الأماكن العامة أو الأسواق، هناك هذه الحمامات منتشرة، سواء في القرى أو المدن، فأي مكان يذهب الشخص فيجد هذه الحمامات فيقضي حاجته في هذه الأماكن المخصصة، أما أنه يتساهل، أو هو مراده هكذا، نيته أن يؤذي هؤلاء الناس فيرى أين يجلسون فيذهب ويقضي حاجته في هذه الأماكن، فلذلك هذا ملعون، والناس يلعنونه، فإذا لعنه الناس وقعت عليه اللعنة، لأنه مؤذي، وهذه الأمور تسمى بالملاعن، والملاعن هي مواضع اللعن، يعني الشخص يتغوط في هذه الأماكن، يلعنه الناس، هذا مكان من الملاعن، أو في الممر، أو في مقاعدهم فهذا من الملاعن، فالناس يلعنونه، فليحذر العبد أن يلعنه الناس، فإن اللعنة تقع عليه والعياذ بالله فيهلك، واللعن إذا وجب هلك العبد.
ولذلك بينت لكم أن إبليس لعن فهلك، فما في فائدة الآن، ماذا يفعل؟ اللعنة وجبت عليه ووقعت عليه، وهلك، فلذلك أنت ما تكون كذلك، فتؤذي الناس، تقضي حاجتك في هذه الأماكن، فإن اللعنة تقع على الناس، فالملعون الذي يتغوط في أماكن الناس.
وكذلك من الأمور التي يتأذى منها الناس الذي يتغوط في مجاري الماء التي يشرب منها البهائم وما شابه ذلك، ويتغوط في الطرق التي فيها منبع الماء، فالناس يتأذون من هذا، فهذا ملعون، وكذلك في الطرق والممرات للناس، لأن الناس يمرون فيها نهارا وليلا صباحا ومساء، وهذه ممراتهم، والناس يتأذون بهذه الأمور، ويشمئزون، ولعل ليس عندهم إلا هذا الممر، خاصة في البلدان الفقيرة لا يمرون إلا هذه الممرات كلها تراب وحجارة وما شابه ذلك، وهذه الأماكن ما عندهم إلا هذه الممرات، ما عندهم سيارات، والناس كلهم يمشون، فلذلك الذي يقضي حاجته في هذه الأماكن وهذه الطرق يتأذى الناس منه فهو ملعون.
كذلك في أماكن مجتمع الماء، الماء يجتمع فيها والناس يسقون لهم ولبهائمهم ولزراعتهم، فالذي يقضي حاجته في هذه الأماكن فهذا ملعون، لأن الناس يتأذون بذلك.
كذلك الأماكن التي ينزل فيها المسافرون للنوم أو الاستراحة فلا يجوز للعبد أن يقضي حاجته في هذه الأماكن، مستراح الناس، نوم الناس، فلا بد على العبد أن ينتبه لهذا الأمر، فأي شيء يتأذى منه الناس فهذا العبد الذي يؤذي الناس ملعون، فعلى المسلم ألا يؤذي الناس، لا في قراهم ولا في مدنهم ولا في بلدانهم، وعليه أن يكف شره عن الناس ويكف شر أذية الناس، لأن هذا الأمر خطير على العبد.
كذلك يدخل الذي يضع الشوك في طريق الناس، أو الشجر، أو الحطب، أو الخشب، يضع ذلك في طرقات الناس، فإن هذا ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
ويدخل في ذلك الذي يضع العجلات للسيارات ويحرقها ويضعها ليؤذي الناس، ويؤذي العساكر، ويعطل المرور، ويعطل السيارات والناس، فهذا كذلك داخل في اللعن، فالذي يضع هذه العجلات والحريق والحجارة فهذا ملعون؛ لأن هذه الأمور يتأذى الناس منها.
وكذلك يدخل في هذا اللعن الذي يضع المتفجرات في الطريق، أو في القرى، أو في المدن، أو في البلدان، يتأذى الناس منها، فهذا الذي يضع المتفجرات في الممرات والطرق فهذا ملعون كذلك، وكذلك الذي يضع المتفجرات في العمارات وفي المجمعات وغير ذلك، فهذا بلا شك أنه يؤذي الناس، فهذا كذلك ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الذي يضع في جسمه ناسفا من المتفجرات ويدخل المساجد يفجرها ويفجر الناس والمجمعات في المدن أو القرى فهذا بلا شك أنه يؤذي الناس، فهذا كذلك ملعون.
كذلك يدخل في ذلك لعن قاطع الطريق الذي يقطع على الناس الطريق ويقف لهم للاختلاس أو سرقة الأموال، أو القتل أو غير ذلك، فهذا يؤذي الناس، فقطاع الطرق يؤذون الناس، فيدخلون في اللعن، وكذلك الذين يرمون الأوساخ في الطريق أمام البيت أو في الطرقات أو في ممرات الناس، فهؤلاء كذلك ملعونون لأن هؤلاء يؤذون الناس، فما دام يرمي القمامة هكذا والأوساخ ولا يبالي ولا يهتم بأذية الناس من هذه الروائح، فيأخذ القمامة ويرميها في الطريق، أو عند باب الجيران، ويقول: هؤلاء هنود ويرمي، هنود ولا بنجاليين، النبي صلى الله عليه وسلم أطلق، ما يجوز أذية الناس، وخاصة إذا كان هؤلاء مسلمون وما في فرق بين الأعاجم والعرب في ذلك، هم سواء، فلذلك ما يجوز رمي هذه الأوساخ أمام البيوت أو في الممرات أو الطرقات فالناس يمرون، وخاصة إذا كان يريد أن يؤذيهم، فهذا الجار يؤذي هذا الجار، وممكن رآه ضعيفا ويريد أن يؤذيه لأنه اختلف معه مثلا، وكل يوم يرمي هذه الأوساخ عند بابه، فهذا الجار يتأذى فلا يجوز نهائيا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعل هذا الأمر، وكذلك رمي الحجارة أو وضع الحجارة الناس يختلفون بعضهم مع بعض في الأحياء أو شخص فيؤذي الناس ويؤذي جاره أو المختلف معه، فيضع حجارة أو أشياء أخرى، فلذلك لا يجوز.
كذلك يدخل في هذا الذين يسحرون الجيران، يقول له الساحر: هذه البيضة اكسرها عند الباب، ويؤذون الجار بهذا السحر، وهذا بلا شك ملعون، فبأي شيء الشخص يؤذي المسلمين فيدخل في اللعن، وذكرنا لكم أمور كثيرة يلعن فيها الناس أي هؤلاء المخالفون للشريعة فيعصون ويفعلون المحرمات ويؤذون الناس وهم كثر، يؤذون الناس في القرى والمدن، يؤذون الناس في الأحياء، يؤذون الناس من الجيران بأي وسيلة، فلذلك هذا ملعون.
كذلك الذي يشتكي عند الشرطة وهو كاذب ليؤذي شخص، يريد أن يؤذيه، فهذا كذلك ملعون، لأنه يؤذي الناس، وهذه الأمور يفعلها المجرمون من الناس، من أهل الحقد وأهل الحسد، فهؤلاء مؤذون للناس، فهؤلاء يدخلون في ذلك، كذلك الذين يفسدون عجلات السيارات للجيران، لما يخرج الشخص في الصباح ليذهب إلى العمل يجد الإطار فسد، ماذا فيه؟ مسمار، من الجيران أو غيرهم، وهذا يحدث كثيرا، كذلك الذين يضعون المسامير في الطرقات يؤذون الناس، فهؤلاء ملعونون، وهؤلاء نيتهم الأذية، نيتهم العداوة، فهؤلاء كذلك ملعونون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك الرافضة الذين يضعون السلاسل في عرض الطريق يؤذون السيارات، ويعطلون المرور، ويؤذون الناس، وهم كثر، فهؤلاء كذلك ملعونون، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين هذا الأمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا اللعانين"، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: >الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم<، فبأي طريقة إذا كان قضاء الحاجة في ممرات الناس وفي ظل الناس في الأماكن التي يجلسون فيها نهارا أو ليلا ملعونون، الذين يتغوطون فيها، ما بالك بالأمور الكبيرة التي ذكرناها من قطاع الطرق والذين يؤذون الناس في الممرات والطرق، ويعطلون مسار الناس ومسار السيارات، فهؤلاء أحق باللعن، والذين يفجرون الناس في المجمعات، في الطرقات، يضعون المتفجرات في الطرقات وفي الأماكن العامة وفي الأماكن الخاصة، هؤلاء يدخلون بلا شك في هذا الحديث، إذا كان قضاء الحاجة ملعون صاحبها ما بالك بالتفجيرات أو القتل أو أذية الناس بأي شكل؟ فهؤلاء ملعونون، فليحذر المسلم أن يقع في أمر من الأمور التي ذكرناها، فإن الأمر خطير جدا.
كذلك الذين يخرجون في المظاهرات والمسيرات في الطرق والممرات، ويعطلون المرور ويؤذون الناس، ويعطلون السيارات، أصحاب السيارات هؤلاء عندهم مصالح كثيرة من زيارات، مستشفيات، أشغال، تجارات... إلخ، فأصحاب المظاهرات يعطلون هذا الأمر ويؤذون الناس في الممرات، فالذي يتغوط في الطريق ملعون، ما بالك بأصحاب المظاهرات هؤلاء الخوارج؟ فهؤلاء ملعونون، ويدخلون في هذا الحديث، وهؤلاء شر من الذي يقضي حاجته في طريق أو في ظل، لعل هذا في مجلس أو مجلسين، أما هؤلاء الثوار والخوارج الذين يخرجون في المظاهرات ويعطلون بلد كاملة ومصالح وتدمير وأذية، والبلدان التي فيها هذه الأمور وصارت يعانون كما ترون، تأذوا من كل شيء، فهؤلاء الثوار في البلدان الذين أحدثوا هذه الأذية في المسلمين وفي الناس ملعونون، فالملعون ما ينصر ولا ينتصر، فهؤلاء كيف ينتصرون؟ لن ينتصروا وهم ملعونون، هؤلاء شبه لهم، هؤلاء الآن لهم إبادة كاملة بالكلية، ما دام يمشون ويسيرون على رؤوسهم ولا يريدون التوبة ولا الرجوع إلى الكتاب والسنة وعلماء السنة فإلى الهلاك، ولذلك هذه الأمور تعطل الناس.
وانظر الآن من أكثر من سبعين سنة والخوارج في المساجد، وأئمة المساجد من الإخوانية والسرورية والقطبية والربيعية، هؤلاء يقنتون بزعمهم لفلسطين، أين النصر؟ ما في النصر، لا على اليهود ولا على غيرهم، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى ما ينصر المبتدعة، الخوارج، ولا في أي مكان، ولا في أي زمان، فهؤلاء لهم هزائم تلو الهزائم –كما ترون- من أكثر من سبعين سنة إلى يومنا هذا، فلذلك انظر قنوت هؤلاء وحرب هؤلاء وجمع هؤلاء للمال في الشيشان من القديم هزموا وفي الأخير أخذ الصوفية البلد عن طريق الروس، ماذا فعل هؤلاء؟ أين القنوت؟ أين جمع المال للشيشان؟ أين المجاهدون المزعومون؟ فهزموا شر هزيمة، آخر شيء البلد عند هؤلاء الصوفية الزنادقة، أين جمع الأموال للحرب الأفغانية وجمع الأموال والأسلحة؟ والنصر لنا! ونحن ننظر أن الهزيمة لهؤلاء، فهزموا شر هزيمة، فإذا هي في يد النصارىأفغانستان الآن، فليقنتوا ليل ونهار ليس لهم إلا الرجم. كذلك أمورهم التي فعلوها في اليمن من الثورات، وجمع التبرعات، فإذا هي في يد الحوثية، وهكذا في البلدان، فأين هذا القنوت؟ الله ما يستجيب لمبتدع، لذلك إذا صليت خلف هؤلاء لا تقنت صل صلاتك وفرضك ومشي، فلا فائدة من ذلك، لأن الذين يقنتون مبتدعه خوارج شبه لهم ومعهم الغجر والهمج والرعاع الذين يقنتون معهم، فلا فائدة من ذلك.
وإلا انظر إلى أهل الحديث من عهد النبي صلى الله عليه وسلم ستجد انتصارات ما بعدها انتصارات، انظر إلى أهل الحديث في عهد الصحابة كيف الانتصارات، انظر إلى أهل الحديث في عهد التابعين كيف الانتصارات؟ بالسيف أو البيان والحجة، وكما بين شيخنا الشيخ محمد صالح بن عثيمين في كتاب العلم أن البيان والجهاد بالعلم والحجة أفضل في قمع أهل الكفر في الخارج وأهل البدع في الداخل، وما في مثله جهاد، فهؤلاء يحلمون في الحقيقة ويتخيلون أنهم سينتصرون وليس لهم إلا الهلاك في الدنيا والآخرة، فلذلك انظر إلى أهل الحديث في كل مكان وفي كل زمان انتصارات، حتى التتار ما هزمهم إلا أهل الحديث، ذهبوا إلى بلدان المسلمين فيها الصوفية وفيها الجهمية هزموهم، وفيهم المبتدعة هزموهم، حتى إذا أتوا إلى بلدان أهل الحديث فأهل الحديث هزموهم، كفي أصفهان وغير ذلك، واقرأ التاريخ تجد الانتصارات عند أهل الحديث، فمن أراد لبلده أن ينتصر فعليه أن يوفر في بلده أهل الحديث ويتعاون معهم ويكثر سوادهم، فهذه البلد سوف تكون في أمن وأمان وانتصارات، لا لها أول ولا آخر، ولا في أحد يستطيع أن يدخل عليها بشيء، لا سلاح ولا غير ذلك، ولا عدو ولا غير ذلك، حتى الجن يهربون.
كذلك من الأمور التي تدخل في أذية الناس، حتى الشياطين يهربون من المنطقة، اذهب إلى عمان وانظر يسحرونك وأنت تمشي، فلذلك ما عندنا هذه الأمور، هذا بفضل الله سبحانه وتعالى ووجود أهل الحديث، فكذلك الذي يدخل في هذا الذي يفسد البيوت، ويكسر أبواب الناس والنوافذ بالحجارة وغير ذلك، فهذا ملعون، يؤذي الناس، والذي يخرب، والذي يفجر، هذا كله يدخل في هذا، كذلك يدخل في اللعن الذي يهدد الناس ويخيفهم، سواء في هيئة أو في مؤسسة أو في منطقة أو حي أو قرية أو غير ذلك، ما يجوز تخويف الناس، فتجد هذا المسؤول أو شخص قوي يخوف هذا المسلم وهذا المسلم، فما يجوز هذا، هذا ملعون، كذلك مبتدع من المبتدعة، رأس من الرؤوس له أتباع في منطقة يخوف الناس لكي يتبعوه، إذا ما تتبعوني أفعل فيكم كذا وكذا، يخوف الناس لكي يتبعوه، ويؤذيهم، هذا ملعون، كربيع المخربي يؤذي الناس في البلدان ويخوفهم وأتباعه، ربيع ملعون وأتباعه ملعونون، لأن هذه من أذية الناس، الذي يخوف الناس بالحروب: سنقوم بحرب، سنقوم بمظاهرات أو ثورة، يخوفون الناس في التواصل الاجتماعي، في تاريخ كذا سنفعل ثورة فالناس يخافون، هذا الذي يكتب هكذا في التواصل الاجتماعي هذا ملعون، يأتي يوم القيامة فإذا هو ملعون وهو ما يدري لأنه يؤذي الناس ويخوف الناس، فلا يجوز ذلك.
كذلك الذي يخوف الناس بالكلام ويهددهم، لأن هناك أناس يهددون بالسلاح، وأناس يهددون بالكلام، لا تهدد أحد بغير حق وتخوف الناس، فإن هذا منهي عنه، وسيأتي الذي يرفع للمسلم السلاح أو حديدة فهذا ملعون، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، الذي يرفع حديدة فقط، وهذا ما فيه مزاح يرفع سكين أو كذا، فما بالك بالذي يرفع السلاح الآن من الداعشية وغيرهم؟ فهؤلاء ملعونون.
فالمقصود من هذا أن أي أذية الشخص يفعلها فهو ملعون، وكذلك الذي يخوف الناس في الوظائف: سأفصلك... إلخ، هذا ملعون، على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فأنت لا تغتر بتقلب هؤلاء في البلاد وترى أنك ضعيف، فالله يعد لهم ذلك، ويرى هؤلاء في سجلاتهم فأنت لا تتضجر ولا تحزن، فالله سبحانه وتعالى معك ما دام أنت مظلوم فالله معك، فاصبر، واعبدوا الله سبحانه وتعالى، فإن الأنبياء آذاهم الناس، الرسل آذاهم الناس، فصبروا، فالله سبحانه وتعالى فرج عنهم ونصرهم في الدنيا ولهم الجنة في الآخرة، فأنت اصبر في هذه الدنيا، ولا بد تظلم، ولا بد تتأذى، عليك بالصبر ودعاء الله سبحانه وتعالى بالثبات، واعبد ربك، ما يحصل لك كسل ولا فتور ولا انفعال، فاصبر، لأن هذا طريق الأنبياء والرسل، والعبد إذا يسر الله سبحانه وتعالى له دخول الجنة فإذا وضع قدمه في الجنة نسي كل شيء، هذه الأذية والأمراض والحزن... إلخ، أشياء كثيرة ينساها العبد؛ لما يرى في الجنة من النعيم، لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يعني مهما تتصور أنت الجنة ما تستطيع، هذه لا بد أن تدخلها لكي تعرف ما فيها، أما تصورات ما تستطيع، فأنت لو تدخل في الدنيا في وظيفة طيبة تنسى كل شيء، راتبك ألف دينار تنسى كل شيء، يعطونك جواز تنسى كل شيء، تدخل بيت فاخر تنسى كل شيء، بيت إسكان تنسى كل شيء، ما بالك بالقصور والغرف؟ وهذه الغرف تراها كما ترى الكوكب الدري في السماء.
فلذلك المقصود: اصبر على ما يصيبك من الدنيا، وفي الحقيقة مهما يصيبك في الدنيا لا بد بعد العسر يسر، سنة الله في خلقه هكذا، أنت الآن تمرض وبعد ثلاثة أيام أو أسبوع الله سبحانه وتعالى يشفيك، ممكن تبحث عن عمل سنة أو سنتين ثم الله يفرج عنك، مال مثلا الله يفرج عنك، أشياء كثيرة، شخص متزوج ما يأتي بولد بعد سنة أو سنتين أو ثلاث أو أربع الله سبحانه وتعالى يرزقه بولد ثم أولاد، لا بد من تفريج، لأن وعد الله حق في الدنيا وفي الآخرة، فهذه الأمور في الحقيقة طبيعية، فأنت تغلب على هذه الدنيا بأمر واحد وهو الصبر، والله سبحانه وتعالى يصبرك حتى تمر هذه الدنيا ولا تشعر بها، الأمور التي أصابتك في القديم نسيتها أنت، وممكن هي تأذيت منها كثيرا لكن نسيتها، مرت الأيام وانظر كيف تمر السنوات على الناس كالبرق ما يشعرون بها، أصابتهم أمور كثيرة نسوها، فأنت اصبر ووقتك قليل في هذه الحياة، إلى أن تدخل الجنة بإذن الله وبعد ذلك سوف تنسى كل شيء، فالأمر على العبد الطائع ميسور ومتيسر وهين بالله سبحانه وتعالى، وإلا اقرأ في قصص الصحابة رضي الله عنهم، ما نريد أن نأتي بالأنبياء والرسل لعل الناس يقولون: هؤلاء الأنبياء والرسل، نأتي لك بالصحابة والتابعين وأهل الحديث ماذا أصابهم إلى أن يسر الله سبحانه وتعالى لهم، فأنت اصبر، واصبر الصبر الجميل، وإلا كل الناس الله سبحانه وتعالى ابتلاهم، منهم من يرفع منزلته ودرجته في هذه الدنيا ويأجره، ومنهم من كان هذا له عقاب، فكن أنت من الذين يأجرهم الله سبحانه وتعالى ويرفع منزلتهم في هذه الحياة، فعلم إذا رفعك الله سبحانه وتعالى ورفع درجتك في الدنيا فاعلم أن الله سوف يرفعك في الآخرة، ووعد الله حق للناس.
فهذا الأمر مهم جدا لكل مسلم، فلا بد أن يعرف هذه الأمور السيئة لكي لا يقع فيها، ويلعن وهو لا يدري.
وكذلك بين النووي في «المنهاج» (ج1 ص 226)؛ بقوله: باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال. هنا يبوب رحمه الله تعالى على هذا الحديث، فهذا الأمر منهي عنه، وهذا يدخل في كل أذية فلا تؤذي أحد، لا زوجتك ولا أولادك، ولا والديك، ولا جيرانك، ولا أحد من الناس أجمعين، لا تؤذي أحدا. وكذلك بين هذا الأمر الخطابي في «معالم السنن» وشرح هذا الحديث.
ويبقى الأمر الأخير أن ليس كل ظل يحرم التغوط فيه، ممكن الظلال البعيدة في الزراعات أو النخيل، الشخص أراد أن يقضي حاجته، هذا أمر ضروري، خاصة في هذه الأماكن، هذا ما فيه بأس، لأن هذه ليست مجالس للناس، فالمقصد أماكن الناس، ممرات الناس، مجالس الناس، طرقات الناس، والأسواق، ما يجوز في هذه الأماكن قضاء الحاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم قضى حاجته في الزراعة وفي النخيل، فهذا أمر أردنا أن ننبه عليه.
س: هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟.
ج: هذا تكلمنا عنها كثيرا، فلو توضأ الزوج ثم مس زوجته في يدها، أو في ظهرها، فهذا ما ينقض الوضوء، ولم يثبت شيئا في نقض الوضوء بذلك، ونقض الوضوء مما يخرج من السبيلين، فلمس المرأة لا ينقض الوضوء، شخص مس زوجته أو أخته أو كذا فلا ينقض الوضوء، حتى لو أجنبية بالخطأ لا ينقض الوضوء، حتى لو تعمد أن يمس هذه الأجنبية فوضوؤه لا ينتقض لكنه يأثم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.