الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (16) من أحكام الهجرة: تتمة أحكام صيام المهاجرين ومسألة اختلاف المطالع في بلاد الهجرة
2025-07-11

الجزء (16) من أحكام الهجرة: تتمة أحكام صيام المهاجرين ومسألة اختلاف المطالع في بلاد الهجرة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام الهجرة، وبينا على المهاجرين في كل البلدان أن يجتمعوا مع المسلمين في صوم رمضان وهو فرض كما لا يخفى.
وبينا أن على المهاجرين في بلدان المسلمين أن يصوموا مع حاكم البلد التي هي فيها، وبينا عن الذين في الغرب أن يصوموا مع بلد الحرمين إذا أعلنت بدخول شهر رمضان فعلى الجميع أن يصوم معها، لكي يصومون مع المسلمين.
وهذا الذي فرضه الله سبحانه وتعالى على الناس، وهذا هو اجتماع المسلمين، وإذا كانوا كذلك فسوف ينتفعون في بلد هجرتهم وسوف ينتفعون في الغرب، لأن شهر رمضان فيه الهدى والبينات والفرقان ويحصل المهاجرين من المسلمين، وعموما المسلمون كذلك يحصلون على الهدى.
وبينت لكم كثيرا في أحكام الصيام أن الصائم أو الصائمين إذا أرادوا أن يحصلوا على الهدى والبينات وانشراح الصدر وزيادة الإيمان وغير ذلك، فلابد أن يصوموا على مراد الله سبحانه وتعالى ومراد النبي صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه الصحابة.
وإلا إذا أخذ الناس كجماعات أو أفراد أو عوائل كما بينت لكم، هذا يصوم على هواه وهؤلاء يصومون على أهوائهم وأصحاب هذا البلد يصومون على هواهم، هؤلاء ما يحصلون شيئا مما سوف نذكره الآن.
بل الله سبحانه وتعالى يخزيهم في الدنيا وفي الآخرة، وهؤلاء ينتفي حتى منهم الإيمان، لأنهم يتعمدون مخالفة الله سبحانه وتعالى ومخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة المسلمين، ويتعمدون ويصرون عمدا أن يخالفوا أهل الإسلام في دخول الصيام وفي خروجه.
مثل الإباضية ومثل الصوفية في الغرب وغيرهم يعاندون، الرافضية في إيران أو في البلد التي هاجروا فيها يصومون على أهوائهم.
كذلك الفرقة الأزهرية هؤلاء كذلك يخالفون المسلمين ويدعون أنهم يصومون على اختلاف المطالع، ولا يوجد اختلاف المطالع ولا شيء، طلع الله روحكم، فكل هذا ترهات وكلهم أصلا مرادهم مخالفة المسلمين وأن يصومون على أهوائهم ليس على مراد الله ولا مراد النبي صلى الله عليه وسلم ولا مراد المسلمين.
بل هؤلاء يتعمدون ثم يقولون: الوحدة والاجتماع ونجتمع مع المسلمون، هذا الآن في شهر رمضان تخالفون المسلمين تصومون تدعون اختلاف المطالع، ماذا يقولون! هذا قول الشافعية وهذا حديث ابن عباس.
حديث ابن عباس رددت عليهم ولا يوجد فيه أي شيء من اختلاف المطالع، بل ابن عباس رضي الله عنه مع الصحابة مع إجماع الصحابة وبينت هذا في كتابي البدر الطالع.
فلذلك لابد تعرفون هذه الأمور أن هؤلاء ليسوا مع المسلمين في شيء لكن كلها ادعاءات، فلذلك الله سبحانه وتعالى أمر بالاجتماع، ولماذا هذه العبادات الله شرعها كشهر رمضان والصلاة وغيرها وغيرها؟.
لاجتماع المسلمين وهؤلاء يخالفون المسلمين، مبتدعة ويتركون هذه الأحاديث التي سوف نبينها والآيات التي تدل على اجتماع الناس في صوم شهر رمضان، هم يخالفون وهذه فضيحة لهم وفضائح أمام العالمين.
إن الله يفضح هؤلاء وإن هؤلاء ليسوا مع المسلمين ولا يريدون أن يتوحدوا مع المسلمين ولا يجتمعون مع المسلمين في أي عبادة، لكن أحيانا يضطرون فيقولون: نحن مع المسلمين في هذا وفي هذا وفي هذا نفاق، فاعلم هذه الأمور جيدا.
وكما ترى من هؤلاء تتجارى بهم الأهواء ليس لهم هدى ولا بينات ولا فرقان في الدين ولا في شيء، ضلالات بعضها فوق بعض، فاعرف هذا الأمر أن هؤلاء أهل ضلالة خاصة الأزهرية هؤلاء.
ولذلك اسمع ماذا يقول الله سبحانه وتعالى؟ {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185]، انظر كيف الله سبحانه وتعالى جعل شهر رمضان؟
يبين الله سبحانه وتعالى أن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الشهر أن يجتمعوا عليه المسلمين في صيامهم وفي خروجهم، لأن هذا الأمر من ضمن اجتماع المسلمين على العبادات، وكيف يكون ذلك؟
بحصولهم انظر إذا اجتمع جميع المسلمين وجميع الناس وصاموا في شهر رمضان حصلوا على الهدى، وإلا ما فيه الإباضية لن يحصلوا على الهدى والرافضة والصوفية والأزهرية ما يحصلون على شيء من ذلك، لماذا؟
لأنهم يخالفون، يقول لك: المطالع تأخذون حديث واحد لا يصح وتتركون العشرات من الأحاديث وإجماع الصحابة وإجماع الناس على ما في اختلاف المطالع، إذا صام بلد خلاص: كل الناس يصومون وهذا مراد الله سبحانه وتعالى أن يجتمع الناس على صوم رمضان وأن يخرجوا الناس من رمضان بالاجتماع.
وكذلك يحصلون من البينات في الدين ومن الأنوار، وكذلك من زيادة الإيمان وغير ذلك، وإلا لا يوجد بينات ولا يوجد شيء ولم يعرفوا هذه البينات كما هو حال أهل البدع.
وكذلك يحصلون الفرقان، فبصيام شهر رمضان والعبادات وبهذا الإسلام تحصل النور والفرقان، تعرف بين الحق والباطل والبدعة والسنة والصواب والخطأ، وعلماء السنة وعلماء البدعة، تعرف الكتب الصحيحة كتب أهل الحديث، تعرف كتب أهل البدع.
الله يجعلك تميز في صيام شهر رمضان، وبهذا الإسلام فالله سبحانه وتعالى: أنزل الإسلام لهذا الأمر- لاجتماع الناس ويحصلون من المنافع الحسية والمعنوية، والله سبحانه وتعالى وعد.
لكن ابتعاد هذا الصنف من الاجتماع مع المسلمين في الصوم فلم يحصلوا إلى الآن، بل هؤلاء فما دون حتى في العداوات كما ترون ويصرون ويجهرون بالعداوات، والله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد ثم ولاة الأمر كما ترون.
فلذلك على جميع المسلمين أن يقفوا مع ولاة الأمر في بلدانهم الذين يريدون الاجتماع على الإسلام سواء في الصوم وفي غيره، ويقفون المسلمون ضد هؤلاء المبتدعة من الإباضية والرافضية والصوفية والأزهرية وغيرهم الذين يريدون يفرقون المسلمين ويفرقون البلدان، ثم يدعون أن أهل السنة هم يفرقون المسلمين بالردود عليهم، لا هذه الردود فيها الخير وفيها الاجتماع على الكتاب وعلى السنة.
فلذلك أي بلد شهدوا شهر رمضان وصامت بلد مثل بلد الحرمين عليهم أن يصوموا مع الناس، ولا أحد يقول: اختلاف المطالع أو اختلاف كذا أو كذا ويضعون لك هؤلاء الفلكيين الجهلة الذين أفسدوا الدين الآن في مواقيت الصلوات وفي أشياء كثيرة كما لا يخفى.
فلذلك اعرف أن يوجد أناس مندسين في الإسلام، فإذا رآه أهل بلد لزم جميع الناس في البلدان الإسلامية الصوم، لأنهم في ذلك شهدوا شهر رمضان فيجب عليهم الصوم لأمر الله تعالى بالصوم لجميع المسلمين على وجه الأرض، ويحرم تخلف أي بلد من البلدان الإسلامية عن الأمر الإلهي.
ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: {وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: 184]، فهذا الصوم فيه الخير الكثير، والخير هنا نكرة كل خير يحصل الناس في اجتماعهم على هذا الصوم صوم شهر رمضان.
والذي يتخلف ليس له إلا الشر، لأن الخير يأتي الله سبحانه وتعالى به في شهر رمضان وبصومه مجتمعين، لكن الذي يفرق المسلمون اليوم يصومون هو غد وأناس بعد غد هؤلاء ليس لهم إلا الشر والخزي والعار في الدنيا وفي الآخرة.
ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال وتفطر لرؤيته، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في هذا الحكم، فإذا ثبتت رؤية الهلال برؤية شرعية في بلد ما وجب بقية البلدان العمل بهذه الرؤية صوما وإفطارا، فعلى وضوح هذا الأمر ومع هذا أهل البدع يخالفون المسلمين.
والدليل من السنة- فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له». أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين». أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أني رأيته فصامه، وأمر الناس بصيامه». حديث صحيح أخرجه أبو داود في «سننه»، والدارقطني في «السنن»، والدارمي في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وإسناده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير».
وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جميع الناس بالصوم على هذه الرؤية، مع أنه صلى الله عليه وسلم كانت الرؤية في بلده فافهم لهذا.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»، يعني: أخفي عليكم.
وفي رواية: «إذا رأيتم الهلال فصوموا». أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».
وهذا خطاب للأمة كافة، فهذه الأحاديث تبين هذا الأمر، هذا الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل للناس كافة، لا يوجد بلد يتخلف عن أي عبادة لا صوم ولا غيره، فإذا جاء موعد أي عبادة فعلى الناس أن يقومون بها.
فمثلا: إذا في أي بلد رأوا الهلال فعلى جميع الناس، النبي صلى الله عليه وسلم خطابه لكل الأمة ولكل البلدان، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم في عهده ومن بعده إلى قيام الساعة أن هناك يوجد اختلاف مطالع للبلدان.
لكن لم يقل لهم شيئا من ذلك، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك للناس، وهذه الأدلة عامة وكافة لجميع المسلمين، لم يقل: هذا البلد على المطلع، على مطلعهم، وهذا البلد على مطلعهم، فيكون الأمر فوضى وانعدم الاجتماع وانعدمت الوحدة وغيرها ودبت في الأمة الفوضى، وهذا الذي حصل عند هذه البلدان التي تخالف.
وحديث ابن عمر يبين هذا الأمر، فترى الناس وابن عمر رآه وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم وصام النبي صلى الله عليه وسلم وأمر جميع الناس، جميع الناس ولا واحد تخلف.
والنبي صلى الله عليه وسلم بلدان كثيرة أسلمت في عهده، فجميع الناس صاموا لا يوجد بلد تخلف عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم ولو يوجد شيء لبينه الصحابة.
لكن يدل على أن هذه البلدان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم متمسكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتخلف أي بلد إلا هؤلاء الصوفية والإباضية والرافضية والأزهرية، فلذلك اعرف هذا الأمر.
فصام جميع الناس متمسكون بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وكل شيء وفي كل زمان جعل الله سبحانه وتعالى وسائل تصل إلى الناس فيعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا الصيام فصام جميع الناس، ولو تخلف واحد لبين الصحابة.
فهذه الأدلة واضحة وفضيحة للصوفية والأزهرية والإباضية والرافضية والإخوانية في بلد الغرب يصومون على أهوائهم على كيفهم، فلذلك هؤلاء المهاجرون يتركون هؤلاء الصوفية والأزهرية والرافضية والإخوانية ويصومون مع بلد الحرمين وانتهى الأمر.
فإن فعلوا ذلك حصلوا على الهدى والفرقان والبينات وانشراح الصدر والاجتماع الصحيح وزيادة الإيمان، وإلا ما في سوف يضيعون في بلد الغرب كما حاصل لكثير منهم.
وسيأتي الكلام على أن على المهاجرين في البلدان أن لا ينتموا إلى المبتدعة والجماعات الحزبية لا في الشرق ولا في الغرب إذا أرادوا أن يسلموا من البدع والضلالات ويعرفون الإسلام الصحيح ومذهب أهل السنة وإن أهل البدع يهجرون.
فعلى المهاجرين أن يهجروا أهل البدع في الشرق وفي الغرب إذا أرادوا أن يسلموا من دينهم وفي دينهم، فلذلك هذه الأدلة واضحة في هذا الأمر فلا يجوز ولا اختلاف مطالع ولا شيء.
وبين الشيخ ابن باز وغيره خاصة في هذا الزمان إذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعوا في يوم واحد كلهم جميع الناس، ما بالك الآن بسهولة الوسائل وارتباط الناس والبلدان بعضهم ببعض في دقيقة وفي خمس دقائق، فما يتعدى أي بلد يوم واحد جميع الناس في يوم وليلة يستطيعون يصومون كلهم ولا مطالع ولا شيء.
وهذه الأحاديث تدل على أن إذا رؤي الهلال ببلد كبلد الحرمين لزم الصوم جميع بلدان المسلمين سواء اختلفت المطالع فيها أو اتفقت، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وأما بالنسبة للمتأخرين فهذا قول جمهور علماء الأمة وهو الراجح، بل هو الأنسب لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة، وهذا هو الأقرب إلى اتحاد المسلمين واجتماع كلمتهم في العبادات وعدم التفرق بينهم بحيث لا يكون هؤلاء مفطرين وهؤلاء صائمين.
فإذا اجتمعوا وكان الصوم صومهم ويوم فطرهم واحدا، كان ذلك أفضل وأقوى للمسلمين في اتحادهم واجتماع كلمتهم، وهذا مراد الشريعة المطهرة وهذا هو الأصل.
الذي يريد الاجتماع الصحيح ويدندن بالوحدة والاجتماع والألفة والمحبة ويريد يهزم اليهود بزعمهم وأهل البدع فعليه أن يطبق كلام الله سبحانه وتعالى وكلام النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة.
حتى المذاهب جمهور العلماء على ما في اختلاف المطالع، ومع هذا قول الجمهور والمبتدعة هؤلاء لا يلتفتون إلى هذا الأمر، أين الذين يدخلون جمهور العلماء والمذاهب وغيرها وغيرها؟.
هذا أنتم تخالفون المذاهب وتخالفون جمهور العلماء، أين الآن جمهور العلماء عندكم؟ إذا تقولون: أنتم على الإسلام خذوا بقول الجمهور، هذا قول مذاهب من الحنفية والمالكية والحنابلة، هذا بعد أضف على إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الناس جميعا الصوم معه.
فهؤلاء الإباضية والرافضية والإخوانية والأزهرية والصوفية يخالفون جميع المسلمين، فيخالفون النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفون إجماع الصحابة ويخالفون قول جمهور العلماء ويخالفون البلدان الإسلامية الآن، فلذلك هذا الأمر هو الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأهل الحديث.
ويقول الإمام البهوتي في «الروض المربع»: وإذا رآه أهل بلد، أي: متى ثبتت رؤيته ببلد لزم الناس كلهم الصوم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، وهو خطاب للأمة كافة، انتهى كلامه.
لا يوجد أحسن من هذا القول، يلزم جميع الناس فأي مطالع تدعونها وأي شيء! ومرادهم يخالفون المسلمين، والذي يخالف المسلمين ليس له إلا نار جهنم يوم القيامة.
وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على هذا الحكم وهو أنه عدم الاعتداد في الصوم والفطر على اختلاف المطالع وأن إجماعهم حجة على من بعدهم كما قال الله سبحانه وتعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء: 115]، فهؤلاء يعاندون على الاختلاف اختلاف المسلمين ويخالفون النبي صلى الله عليهوسلم ويخالفون الصحابة.
ليس مثلا الأمر بالسهل هكذا، فإن الله سبحانه وتعالى يجمع عليهم هذه الأمور في سجلاتهم، وهؤلاء يشاقون النبي صلى الله عليه وسلم ويشاقون المؤمنين فليس لهم إلا نار جهنم لا يوجد شيء ثاني.
هؤلاء يخالفون النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يدخلون الجنة! ما يصير، هؤلاء يخالفون المؤمنين الآن ويعاندون يدخلون الجنة! لا الله بين ليس لهم إلا نار جهنم.
فالأمر هذا، أي: الصوم هذا فرض، صوم شهر رمضان فرض على الناس وفرض كذلك أن يجتمع الناس على الصوم وما يتفرقون.
ولذلك هؤلاء الله شتت شملهم في أشياء كثيرة في الأصول والفروع في بلدانهم، والرافضة وصل بهم الأمر إلى العائلة، إذا فيه خمسة أفراد كل واحد يصوم بزعمه على شيخ من مشايخ الزندقة من مشايخهم، هذا يصوم على فلان وهذا يصوم على فلان، فهؤلاء ليس لهم إلا نار جهنم.
{وساءت مصيرا}، فليس مصير هؤلاء إلا النار وما فيها من الخزي والعار.
فلينتبه الناس كلهم في دين الله سبحانه وتعالى وفي عبادة الله سبحانه وتعالى، فالأمر خطير على البلدان وعلى الشعوب وعلى الجماعات وعلى الأفراد وعلى الرجل وعلى المرأة.
فلابد من الالتزام بما بينه الله سبحانه وتعالى للناس وبينه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذوا يمنة ويسرة كل واحد بحسبه يدخل نار جهنم والعياذ بالله، فهذا الأمر واضح.
فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع.
وقد أثبتوا بعدم الاعتداد على اختلاف المطالع في دخول شهر رمضان وخروجه فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم فله وعيد شديد والعياذ بالله، وهذا الأمر واضح.
ولذلك يقول الإمام أبو عمرو الداني المقرئ في «الرسالة الوافية»: ومن قولهم إن من فرائض الدين لزوم جماعة المسلمين وترك الشذوذ عنهم والخروج من جملتهم، فالاجتماع هذا ليس بسهل وليس أمرا مستحب.
كل واحد يريد يخالف وكل بلد يريد يخالف الله سبحانه وتعالى يحصي أمورهم بلدان وجماعات وأفراد ورجال ونساء، فالله سبحانه وتعالى يحصي لهم هذه الأمور وهذه المخالفات، وبعد ذلك ليس لهم مصير إلا النار والعياذ بالله.
فيبين الإمام أبو عمرو الداني إن من فرائض الدين لزوم جماعة المسلمين، يعني: الاجتماع ليس يندب له هذا الاجتماع فرض على البلدان كلهم أن يجتمعوا على الدين ولا يخرجوا عن جماعة المسلمين وإمامهم في أي بلد.
وكذلك بالنسبة عن الداعشية وغيرهم الآن هؤلاء خرجوا عن جماعة المسلمين، الصوفية خرجوا عن جماعة المسلمين، الرافضية خرجوا عن جماعة المسلمين، الإخوانية خرجوا عن جماعة المسلمين، الإباضية خرجوا عن جماعة المسلمين، والاجتماع مع المسلمين فرض عليهم.
فالذي لا يجتمع مع المسلمين ومع إمامهم في البلد فهؤلاء تركوا فرضا من فروض الإسلام وأصل من أصول الإسلام، فالأمر ليس بسهل أن يترك الشخص جماعة المسلمين هكذا، يضل بإثمه يكتب عليه إثمه بالدقائق وبالأيام وبالأسابيع والشهور والسنوات ولا ينفعه كتم هذا في قلبه.
فالله سبحانه وتعالى يكتب عليه لو عاش [60] سنة مثلا كلها آثام، لأن أصلا الناس ليس لهم شأن في عذابك أو في غيره، دخولك الجنة أو دخولك النار ليس للناس شيء ولا الخلق هذا كل شيء بيد الله ولا مطلع عليهم أصلا أفراد وجماعات ويحصي لهم.
فلذلك الله سبحانه وتعالى أمر بالإخلاص في الدين والاجتماع مع جميع المسلمين، حتى لو اجتمع واحد في البلد مع حاكم البلاد مثلا هو جماعة المسلمين هذا الواحد، وقف مع حاكم البلاد المسلم ومطبق كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو جماعة المسلمين.
فأي واحد يخالف هذا الواحد فهو خارج عن جماعة المسلمين ولم يطبق الفريضة هذه، لأن لزوم جماعة المسلمين والاجتماع معهم مع إمامهم فرض والناس ما يعرفون شيء في هذه الأمور، العوام هوام ما يدرون يتكلم بحاكم البلاد، يتكلمون في هذا ويتكلمون في هذا كلها بجهل.
فهؤلاء كذلك العوام خارجون عن جماعة المسلمين وعن إمامهم، ولذلك أجمع الصحابة رضي الله عنهم وأهل الحديث على لزوم جماعة المسلمين وإمامهم في البلد.
فعلى جميع المهاجرين في البلدان الإسلامية أن يلتزمون مع المسلمين جملة وتفصيلا في الأصول والفروع مع إمام بلدهم.
والذي يخرج يقول: أنا ليس من هذا البلد أو كذا أو كذا أو كذا ويفعل أي شيء ويفعل أي أشياء هذا سوف يؤاخذ هذا يكتب عليه هذا ترك فرض وهو لا يشعر، وخلق من المهاجرين ضائعين أصلا في البلدان ما يعرفون شيء في أحكام الهجرة، على بالهم مسألة مال وأكل وشراب وتجارة وما أدري كيف! فلذلك اعرف هذه الأمور.
وترى الواحد يذهب إلى بلد مثلا يطلب العلم يهاجر ويطلب العلم يدعي وكذا وبعد ذلك يبيع دجاج، فلذلك اعرف هذا الأمر.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» اتفاق العلماء على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم والفطر ونحوهما.
ونقل الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»؛ عن الباجي في المالكي إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب وأن إجماعهم حجة على من بعدهم.
ولذلك قال الإمام ابن قدامة في «المغني»: وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان، وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين، وهذا الكلام واضح.
يعني: بينت لكم في الدروس التي سلفت والكتاب موجود القمر الطالع وفي المختصر البدر الطالع.
فذكر الدليل على أن إذا ثبتت رؤية الهلال لدخول شهر رمضان وخروجه في بلد من البلدان المسلمين فوجب على بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة.
وهذا الأمر بينه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة وقامت على الناس الحجة، فلا أحد يقول: أنا جاهل وأنا ما أدري وكذا فاسأل، {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، وإلا تجري عليهم الآثام.
والكتبة يكتبون على الشعوب وعلى البلدان وعلى الجماعات وعلى الأفراد وعلى الجميع، هذه فريضة أن يجتمع الناس في شهر رمضان وفي غيره مع المسلمين ولا يفيده أصلا خلافه ولا يضر أصلا بلدان المسلمين إذا خالف الإباضية مثلا ما يضرون إلا أنفسهم.
{وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [النحل: 33]، الله ما ظلمهم ولا الناس ظلموهم هؤلاء هم لهم الذين ظلموا أنفسهم فالويل لهم، فليس من السهل الاختلاف في الدين والاختلاف على الكتاب والاختلاف على السنة واختلاف إجماع الصحابة وإجماع المسلمين في أي شيء.
فلذلك على طلبة العلم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وعليهم في كل ساعة وفي كل يوم وفي كل أسبوع وفي كل شهر وفي كل سنة يسألون عن دينهم، لأنهم يحتاجون وطلبة العلم يعلمون المسلمين في كل مكان وخاصة في هذا الزمان فرصة للدعوة.
ولحصول الأجور لك تكتب كلمة وكلمتين في السنة وتبينها للناس تنتشر في دقيقة هذه نعم من الله سبحانه وتعالى، فاتخذ أيها الطالب العلم هذا الأمر لحصول الأجر وتبيين الناس واعلم أن أمة الإجابة سوف تجتمع على ما يكتب الناس ما في الكتاب والسنة وما تبقى.
فهؤلاء حق عليهم الضلالة ظلمات بعضها فوق بعض، فعلى الناس لهم الفرصة الآن أن يتعلمون الكتاب والسنة ويعرفون إجماع الصحابة في الفقه وينشرون هذا الأمر ويبشروا بكل الأجور وما يحصلون من الأجور العظيمة.
وكم من شخص سوف يقرأ هذا الكلام ويطبق هذا الكلام ويتعلم؟ الألوف المؤلفة في العالم، فهذا الأمر لابد من تطبيقه، وهذا ما عندنا في هذا الأمر ولابد من نشر فقه الصحابة الآن، الصحابة لم يختلفوا ولا في شيء في الدين لا في الفقه ولا في الاعتقاد ولا في شيء.
فلذلك إخراج فقه الصحابة فيه اجتماع الأمة، وأما هؤلاء المتأخرين وخاصة هؤلاء المبتدعة هؤلاء دائما يخالفون من الإباضية والرافضية وغيرهم، والصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في أشياء يسيرة باجتهاد منهم، ومع هذا الصحابة بينوا الراجح من السنة.
وأهل الحديث بينوا الراجح في اختلاف الصحابة ما اختلفوا إلا في أشياء يسيرة جدا وفي أحرف وفي كلمات، وإلا غالب الدين اتفقوا عليه خاصة في الاعتقاد.
فعلى الناس أن يخرجوا للناس فقه الصحابة هذا فيه الاجتماع الذي يريدونه جميع البلدان في هذا العصر، فعليهم أن ينشروا فقه الصحابة ولا يضعوا في هؤلاء في المناصب أصحاب اختلف العلماء واختلف الفقهاء وكذا وكذا.
هم الذين يفرقون الأمة بمثل هذا الكلام ومثل هذا الفقه، والعلماء أصلا لم يرضوا بهذا الاختلاف هم يجتهدون منهم من يصيب ومنهم من يخطئ، وهذا يدل على أن هؤلاء ما يدرون بشيء ولا يعرفون فقه الصحابة.
ولذلك ما ينقلون فقه الصحابة لأن فيه أدلة وهم ما يحفظون الأدلة ولا يحفظون فقه الصحابة أصلا، ما يظهرون إلا شيئا يسيرا قال عمر وقال أبو بكر وقال فلان وقال فلان من الصحابة.
أما الباقي يحفظون الخلافيات في الجامعات حفظوها، في المساجد، في كذا، في الأشرطة، هذا الذي حفظوه، تقول لهم: ما هو الدليل؟ ضاع، الأزهري معه طربوشه، إذا قلت له: الدليل رفع طربوشه من الحرارة، إذا نزلت الحرارة نزل الطربوش من فوق رأسه.
فلذلك اعرف هؤلاء يضيعون إذا تقول لهم: الأدلة، حتى إذا قلت لهم: ما هو الدليل؟ يغضب، لماذا؟ هذا قلبه مريض أصلا ما يعرف شيء في فقه الصحابة وفقه الكتاب والسنة، فعلى الناس الآن في كل البلدان ينشرون فقه الصحابة.
وبذلك يسقط هؤلاء المقلدة والمتعالمة والدكاترة والمذهبية هؤلاء، والناس بعد ذلك يعرفون فقه الصحابة فيهتدون ويعرفون البينات ويحصلون الفرقان وشروح الصدر وترك هذه الخلافيات...وإلخ.
ففي فقه الصحابة الاجتماع اجتماع البلدان، فعلى الناس التطبيق.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.