الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (58) الشرح الكبير على بلوغ المرام: أحكام الميتة، وما قطع من البهيمة وهي حية، والدم المسفوح (تفريغ)
2025-05-07

الجزء (58) الشرح الكبير على بلوغ المرام: أحكام الميتة، وما قطع من البهيمة وهي حية، والدم المسفوح (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهينا من تخريج حديث أبي واقد الليثي: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت»، وبينا ذلك جملة وتفصيلا، وهو حديث ضعيف.
ولعلنا نتكلم على بعض الأحكام بالنسبة للميتة، وإن كان مراد المؤلف من إيراد هذا الحديث ليتكلم عما في هذا الحديث من مسألة الطهارة، لأنه ذكر هذا في كتاب الطهارة.
وأهل العلم يريدون بمثل هذه الأحاديث في كتاب الطهارة ليبينوا أمرا، وهو: إذا قطع عضو من الميتة ووضع في ماء، فإن كان قليلا فيكون نجسا.
أما إذا كان بركة مثلا كما بينا في الدروس التي سلفت: فلا يضر عضو قطع من بهيمة وألقي في هذه البركة أو غسل مثلا فلا يضر.
لكن المراد: الماء العادي وضع فيه هذا العضو الذي قطع من الميتة، لأن الميتة نجس، ما قطع منها نجس.
كذلك الحية ما قطع منها من عضو فهو نجس، فإذا وضع في الماء فيكون الماء نجسا فلا يجوز الطهارة منه.
فمراد المؤلف هذا.
وسوف نتطرق إلى بعض الأحكام للفائدة في مسألة الميتة.
كذلك أورد حديث أبي هريرة في الذباب، ليس مراده يتكلم عن الذباب، يتكلم عن إذا سقط الذباب في إناء أحدكم أو في الماء.
فلا ينجس، لماذا؟ لأن مثل هذه الحشرات كما بينا طاهرة، لماذا؟ لأنه ليس لها دم سائلة.
فهكذا مقصد الحافظ ابن حجر إيراد حديث: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت»، وإذا كان ميت فهو نجس، فهذا هو المراد: لو وضع في ماء عادي والإناء صغير فالإناء ينجس، فلا يجوز التطهر منه، وهذا هو المراد.
ولعلنا نتكلم عن مسألة البهيمة والميتة، جاء في هذا الحديث: «فهو ميت كميتة البهيمة»، يعني ما قطع هذا العضو يعتبر ميتة، وهذا العضو ميت فهو نجس، وإن كان قطع من بهيمة حية أو بهيمة نجسة فينجس.
وأخذ الفقهاء من أحاديث ونصوص، وكذلك من هذا الحديث قاعدة، ما أبين من حي فهو كميتته، هذه قاعدة.
إذا قطع عضو من طاهر فهو طاهر، وإذا قطع من نجس فهو نجس، لكن سيأتي تفصيل هذا الآن كيف ذلك؟.
فالقاعدة: ما أبين من حي فهو كميتته، هذه القاعدة، فما أبين من الحيوان الذي إذا مات صار نجسا فهو نجس، فهذا أولا.
فما أبين من الحيوان الذي إذا مات صار نجسا فهو نجس.
ثانيا: وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو حلال طاهر فهو طاهر.
هذا الثاني: وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو حلال طاهر فهو طاهر، يعني الذي قطع منه طاهر.
ثالثا: وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو طاهر غير حلال فهو طاهر وغير حلال.
هذا الثالث: وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو طاهر غير حلال فهو طاهر وغير حلال.
في القاعدة الثالثة والأصل الثالث: وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو طاهر غير حلال فهو طاهر وغير حلال، مثل ما أبين من الآدمي.
الآدمي ميتته طاهرة، يعني الآدمي طاهر، فما أبين منه: مثلا: قطعت رجله مثلا، فالرجل هذه طاهرة، لكنها غير حلال يعني الأكل، فلحم الآدمي لا يجوز أكله، لكنه طاهر، وما أبين منه يعني قطعت يده ذراعه قدمه: هذا العضو يكون طاهرا لكنه غير حلال، يعني غير حلال للأكل.
وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو طاهر غير حلال، فالبني آدم طاهر لكن غير حلال، يعني أكل لحمه، فهو طاهر وغير حلال، هذا عندنا بني آدم.
وتأتي بقية القواعد نتكلم عنها الآن في الأحكام التي سوف تأتي.
فعندنا حديث زيد بن وهب، قال: سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن رجل ضرب رجل حمار وحش فقطعها، فقال: «دعوا ما سقط وذكوا ما بقي فكلوه».
أثر صحيح أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش عن زيد بن وهبه، وهذا إسناده صحيح.
فهذا الآن عندنا ما أبين من الحي أو الميتة؟ هذا حي الآن، الحمار الوحش حي، قطعت رجله.
الآن ابن مسعود بين أمر، يعني هذا العضو لا يجوز أكله، لماذا؟ لأنه نجس، أبين من البهيمة، قال لهم: اذبحوا هذا الحمار الوحشي وذكوا عليه، يعني لا بد من التسمية، ويذبح الذبح الحلال: فكلوه.
هذا الأثر الآن من الصحابة: يعني بإجماع الصحابة ما أبين من البهيمة الحية فيعتبر هذا العضو نجس، ولا يجوز أكله.
وإذا ذكوا البهيمة مثلا من الشاة أو البقرة أو البعير أو الحمار الوحشي أو ما شابه ذلك فيجوز أكله، ولا بد من التسمية.
أما ما أبين منه فلا يجوز أكله لأنه نجس، وهذا أثر صحابي، والذين شرحوا هذا الحديث ما رأيت أنهم ذكروا هذا الأثر عن صحابي.
كالعادة لا يذكرون مذهب الصحابة إلا بالعزر، كما بينت لكم كثيرا، وإلا هذا واضح ويغني عن الحديث الضعيف.
وهذا بإجماع الصحابة، ولا يوجد أي مخالف.
وعن أبي طلحة الأسدي قال: «عدا الذئب إلى شاة، فأتى على بطنها، فسقط منه شيء إلى الأرض، فسألت ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: انظر إلى ما سقط إلى الأرض فلا تأكله، وأمره أن يذكيه فيأكلها، لعل سقط من بطنها جنينا أو شيئا آخر».
وهذا أثر صحيح أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»، وعبد الرزاق في «المصنف»، وإسناده صحيح.
فهذا كذلك من صحابي: ما أبين من حي فيعتبر نجس ولا يجوز أكله.
وبقية الشاة مثلا فيذكيها ويأكلها، ولم يوجد مخالف لابن مسعود ولا لابن عباس رضي الله عن الجميع.
فهذا يبين لنا حكم الصحابة: إذا قطع من البهيمة الحية فهكذا، فالعضو يعتبر نجسا، وإذا أرادوا أن يأكلوا الشاة مثلا فيذكونها ويأكلونها بعد ذلك.
لكن عن العضو فلا يجوز أكله.
إذا عندنا الآن الفقهاء والعلماء كما بينت لكم أخذوا من أحاديث ونأخذ من هذه الآثار: ما قطع من البهيمة وهي حية.
فالقاعدة إذا أن كل ما أبين من حيوان فله حكم ميتته أو ميتة هذا الحيوان حلا أو طهرا وحرمة ونجاسة، على حسب.
الآن إذا قلنا: ميتة الإنسان: ميتة الإنسان طاهرة، وما قطع منها كذلك طاهرة، لكن يحرم أكل الإنسان، يعني لحم الإنسان.
فيكون عندنا الآن أن ميتة الإنسان طاهرة، وكذلك يحرم أكل لحم الإنسان: أن كل ما أبين من حيوان فله حكم ميتة هذا الحيوان حلا وطهرا وحرمة ونجاسة.
ما قطع من الشاة وهي حية فهو كميتتها نجس حرام، كما بين ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم.
فهذا الآن ما قطع من الشاة وهي حية فهو كميتتها نجس وحرام.
لأنه ربما يأتي هؤلاء الذي لا يعرفون ذلك يقطعون مثلا رجل شاة ويأكلونها، لا يعرفون أنها حرام.
نقول لهم: لا بد أولا أن تتعلموا لكي تضبطون الطعام والشراب في حياتكم، وإلا سوف تقعون في أطعمة حرام ونجسة وتأكلونها، ويوم القيامة عليكم المسئولية، بل في قبورهم.
فلذلك أمور كثيرة الآن من اللحمان في العالم كثيرة من الشاة من البقر من الدجاج من الطيور، فلا بد من السؤال عن هذه اللحمان التي تؤكل في الغداء والتي تؤكل في العشاء، لكي العائلة ما تقع في هذه المحرمات وتأكل ما حرمه الله سبحانه وتعالى عليها من الميتة وغير ذلك.
الميتة عند الضرورة، والباقي لا بد من الحل عند عدم الضرورة، وهذا له تفصيل، لكن لا بد من معرفة الأطعمة والأشربة هذه، لأنها كثيرة في هذا الزمان، مصانع تدفع من هذه الأمور، فلا بد من التأكد منها.
وما قطع من الحوت فهو طاهر حلال: لأن الحوت ميتته طاهرة، فما قطع منه عضو: قطعت الذيل، قطعت العجوة، فالذيل هذا حلال أكله، لماذا؟ لأن ميتة الأسماك طاهرة وحلال.
وبينا هذا في الدروس التي سلفت، فما قطع منها: عندنا أولا أنها طاهرة، لماذا؟ لأن السمك طاهر.
وعندنا أيضا حلال: لأن ميتة السمك طاهرة وحلال.
أما الإنسان لا: فهو طاهر وعضوه طاهر لكن لا يجوز أكله.
عندك الشاة: قطع عضو منها ولم تذبح هي الآن، لو ذبحت بالشريعة الإسلامية بالتسمية وكذا وكذا: فلو قطعت بعد ذلك فهي طاهرة وحلال.
لكنها إذا ماتت ميتة متردية أو غير ذلك، حتى لو قطع منها العضو فلا يجوز أكله ولا هي يجوز أكلها، لا بد من التذكية.
وما قطع من الجراد فهو حلال، لأن ميتة الجراد حلال طاهرة، قطعت رجلها مثلا، وإذا أحد يريد أن يمصص عضاعضها مثل البدو هؤلاء، أو شيء فيجوز، مثل القبقب: هذا السرطان، فلو قطعت رجله أو كذا فيجوز لأنه حلال وطاهر، فالجراد هكذا.
وما قطع من الآدمي فهو طاهر وليس بحلال: لأن ميتة الآدمي طاهرة وليست بحلال.
هذا الآن عندنا القواعد التي ذكرها الفقهاء في هذه المسألة.
عندنا الأنعام من البقر والإبل والشاة وغير ذلك مما تعرفونه: إذا كانت حية وقطع منها شيء فنجس ولا يجوز أكله.
لكن إذا ذكيت وبعد ذلك قطع منها أعضاء فهذه الأعضاء حلال وطاهرة، إذا ذبحت بالشريعة الإسلامية.
وعندنا لو الأم مثلا سقطت شاة من فوق جدار أو أي شيء وفيها روح، ليست صحيحة، بل هي حية لكنها متكسرة: فيجوز للشخص الذي أدركها أن يسمي ويذبحها، بعد ذلك يجوز أكلها.
والفقهاء يقولون: أنه ما دام أن فيها روح فلا بأس بذبحها بالطريقة الشرعية، وهي حلال الأكل.
فلذلك لو أدرك شخص شاة مثل هذه الآن ساقطة أو كذا وفيها روح: فيجوز أن يذكيها وأن يأكلها، فهي حلال.
لكن إذا تردت وماتت كليا فهي ميتة فلا يجوز أكلها، حتى لو سمى عليها.
والميتة جمع الميتات.
وتعريف الميتة: يعرف الفقهاء الميتة بأنها ما ماتت حتف أنفها دون ذكاة أو بذكاة غير معتبرة شرعا، هذه الآن الميتة: تسقط من جدار، تسقط من جبل، تسقط وتموت حتف نفسها الآن.
دون ذكاة: ما فيه أحد أدركها وهي حية.
أو ذكيت بذكاة غير معتبرة شرعا، يعني بدون تسمية، لم يسمي عليها هذا الشخص.
أو ذبيحة رافضي: سمى أو لم يسمي، ما فيه فائدة، فهي ميتة.
أو ذبحها مجوسي: سمى أو لم يسمي، فهي ميتة.
ويأتي الكلام على ذبيحة اليهودي والنصراني، واليهود تعرفون اليهودي.
بعد ذلك نتكلم عن ذبائحهم لأنها مهمة جدا، لأن عندهم ذبائح كثيرة وتأتي بلدان المسلمين، لعلنا بعد ذلك نتكلم عنها.
فالفقهاء يدخلون في هذا التعريف ذبائح المجوس وعبدة الأوثان الذين يذبحون لأصنامهم، والصوفية الذين يذبحون لقبورهم، وهذا موجود في الفيديوهات الصوفية عند القبور والأضرحة يشركون بالله ويذبحون البقر وغير البقر، فأي واحد يأكل منها فهو يأكل حراما في باطنه.
ويدخل في هذا التعريف ذبيحة المسلم التي لم يذكر اسم الله عليها، فالمسلم لم يسمي فتعتبر هذه الذبيحة ميتة لا يجوز أكلها.
وإذا نسى: كان ناسيا: إذا كان متعمدا هذا معروف تكون ميتة، لكن إذا كان ناسيا فهي ميتة بدون إثم عليه: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]، فرفع عن الأمة النسيان وما شابه ذلك، وهذا بيناه كثيرا.
لكن ليس فيه إثم لأن بعض أهل العلم يقولون: هذه حلال، لماذا؟ لأنه كان ناسيا، لكن لا الصحيح أنها تعتبر ميتة لكن يرفع عنه الإثم.
لكن إذا ذبحها متعمدا، لم يسمي عليها فتكون ميتة مع الإثم، هذا الفرق بين هذا وهذا.
وإن كان بعض أهل العلم عند النسيان يقولون: حلال، لكن الصحيح ليست بحلال، لأنه لم يذكر اسم الله عليها.
وعندنا صيد المحرم: صيد المحرم ميتة، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى نهى المحرم عن الصيد، لو صاد فنقول: ميتة، ولا يجوز أكلها لا هو ولا غيره، لأن بعض العلم أجاز لغيره الأكل، لكن الصحيح أنها ميتة.
ولولا الإطالة وهذه الأمور في أحكام الصيد وأحكام الميتة، لكن سنختصرها لكم اختصارا للفائدة فقط، وإلا الكلام في هذا عن مسألة الطهارة فقط.
السؤال: غير مسموع.
الجواب: هذه الأشياء يمكن نتكلم عنها بعد ذلك في الاستثناءات نتكلم عنها بعد ذلك.
فائدة: هذه المذكورات وإن كان دمها أريق، إلا أن هذه الإراقة لا تعتبر ذكاة شرعية.
الآن المسلم ذبح وما سمى، الآن الدم سال وخرج من الشاة مثلا، فهنا ما سمى فتعتبر ميتة.
الحيوان الذي له سائل يعني دم: فلا بد من ذبحه.
عندنا التي ليس لها دم سائل: هذه طاهرة، والتي لها دم مثل الشاة وغير ذلك فهذه لا بد أن تذبح، وإلا إذا صعقت مثلا بالكهرباء أو أي شيء وماتت فهي ميتة، لماذا؟ لأنه لا بد من إراقة الدم، سيلان الدم وخروجه من الشاة.
عندنا حكم الميتة: اتفق الفقهاء فقهاء المسلمين على أن الحيوان البري الذي له نفس سائلة إذا مات حتف أنفه بغير ذكاة أو بذكاة غير معتبرة شرعا يحرم أكله، سواء كان مباح الأكل أم لا، أو أنه ينجس بالموت.
ما دام الآن هذا مثلا ما ذكي أو ذكي بغير طريقة شرعية: فهذا الحيوان يعتبر نجسا، على التفصيل الذي ذكرناه.
والله سبحانه وتعالى يقول: {إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: 145]، رجس يعني نجس، فالميتة تعتبر نجسة إذا ما سمي عليها أو سمي عليها لكن الذابح ليس بشرعي.
وعلى ما بينا، ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: 3]، فالميتة حرام على ما بينا.
ولذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما حرم من الميتة أكلها»، أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الذبائح ومسلم في «صحيحه».
فحرم من الميتة أكلها، فلا يجوز، لماذا؟ لأنها نجسة، وإذا كانت نجسة ففيها أضرار على الناس، وتأتي لهم بالأمراض.
{أو دما مسفوحا} [الأنعام: 145]: فالدم إذا خرج من الشاة أو من أي حيوان فهذا يعتبر نجس، لأنه يبقى شيئا فيتعفن كما هو معروف.
لكن لو ذبح المسلم هذه الشياه مثلا في المقصب في الأضاحي: فالدم الآن الذي يصيبه هذا طاهر، فلو صلى فيه يجوز له أن يصلي فيه، لكن لماذا الله سبحانه وتعالى حرم الدم المسفوح؟.
لأنه إذا بقي شيئا يتنجس، له رائحة.
أما إذا أصابه وقتا يسيرا ويريد أن يصلي، ثيابه الآن فيها دم، كان يذبح بقرة أو أي شيء: هذا الدم الآن طاهر، فيجوز أن يصلي فيه.
لذلك يبين هذا حديث ابن سيرين قال: «نحر ابن مسعود رضي الله عنه جزورا فتلطخ بدمها، ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يتوضأ».
أثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» وإسناده صحيح، وصحح إسناده الشيخ الألباني في «تمام المنة»، وكذا صححه في «الصحيحة».
فهذا لو كان نجسا أي الدم هذا ابتداء لما صلى ابن مسعود رضي الله عنه بهذا الدم، وهذا بإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
لأن شخصا يمكن أن يقول لك: هذا الدم المفسوح نجس، الله عز وجل قال ذلك؟ نقول: لا، هذا الدم المفسوح، أما الذي يصيب ابتداء عند الذبح ويصلي به بعد ذلك بعد الذبح، ذبحت شاة ثم أذن المؤذن وذهب ليصلي، فلا يعتبر هذا نجسا، هذا طاهر الدم الآن.
فيختلف المسفوح في الأرض أو في غير ذلك، وإصابة شيئا من الدم للذابح هذا لأنه طاهر.
والميتة تحتبس فيها الدماء والرطوبات النجسة مما يؤدي إلى نجاستها، ففيها مياه وفيها دماء ورطوبات وأشياء أخرى ورائحات، فلا بد من ذبحها وإخراج هذه الأمور، وهذه الأمور تخرج مع الدم وتخرج كذلك لوحدها، بعد ذلك تكون طاهرة حلال.
وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وإن ذبح المجوسي، مجوسي الهند ومجوسي إيران نفس الشيء، وإن ذكر اسم الله فلا تأكله».
أثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن عكرمة به، وإسناده صحيح.
فيبين ابن عباس رضي الله عنهما عن ذبيحة المجوسي وإن ذكر اسم الله، فلا فائدة من هذه الشاة مثلا، فلا يجوز أكلها وهي نجسة.
والآن عندنا مجوس خارج الإسلام وعندنا مجوس داخل البلدان، وهم الرافضة يذبحون: فهذه ميتة ولا يجوز أكلها.
فهذا ما عندنا الآن في هذا الباب وفي هذا الحديث، وبينت لكم، وأذكر هذه الأشياء للفائدة، وإلا هذا أورده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام لكي يبين عن مسألة الطهارة.
سوف ندخل الدرس القادم في باب الآنية، لماذا أدخل باب الآنية والفقهاء كذلك يدخلون الآنية، ليس عن مسألة البيع هل يجوز بيع مثلا آنية الذهب والفضة أو لا؟ ما تكلم عن البيع، بل تكلم عن مسألة الطهارة.
إذا توضأ المسلم من إناء من ذهب، هل هذا الوضوء صحيح أو لا؟ أو توضأ من إناء من فضة هل الوضوء صحيح أو لا؟ صحيح مع الإثم.
بعض العلماء يقولون: باطل هذا الوضوء، لا، هو الآن توضأ من آنية نجسة، هذه الآنية الآن طاهرة، آنية الذهب والفضة طاهرة، لكن هذا المسلم توضأ منها: فوضوئه صحيح مع الإثم.
لو صلى في ثوب مغصوب: صلاته صحيحة مع الإثم.
لو صلى في ثوب فيه تصاوير صور: صلاته صحيحة مع الإثم، وهكذا، ما دام الأمر ليس بنجس.
لكن إذا كان قميص نجس صلى فيه: هذه المسألة أن صلاته باطلة، لأنه لا بد من إزالة النجاسة، ومن شرط صحة الصلاة إزالة النجاسة.
لكي يكون المسلم إذا أراد أن يصلي يكون طاهرا من كل وجه، فهكذا يرد الفقهاء مثل هذه الأحاديث لمسألة الطهارة، ولعلنا إن شاء الله نتكلم عنها في الدرس القادم.
السؤال: غير مسموع.
الجواب: الآن لو صلى المسلم في ملابسه وفيها شيء من المني: صلاته صحيحة، لماذا؟ لأن المني طاهر.
وبعض أهل العلم من المتأخرين يقولون: نجس، لا ليس بنجس.
والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت عائشة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وأثر المني في لباسه صلى الله عليه وسلم.
لو كان ما يجوز لما صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
وتعجب أن يصير خلافا عند المتأخرين في مثل هذه الأمور، وهناك أحاديث صريحة، ويعتمدون على أحاديث تضاد مثل هذه الأحاديث لكنها ضعيفة، فليست بصحيحة فيحكمون بها، وهناك أحاديث صحيحة لا بد من الاعتماد عليها خاصة إذا في الصحيحين، ولا بد من إيراد الآثار آثار الصحابة للتأكد من هذا الحكم.
لكن يردون خلافيات المتأخرين، لذلك يقعون في الخلافيات، لا يرجعون إلى النصوص حقيقة وآثار الصحابة ولو رجعوا لذهب الخلاف كله، يبقى يسيرا كما بين شيخ الإسلام ابن تيمية، لا يضر.
حتى الآن المتأخرون والمعاصرون دخلوا في الخلافيات في العقائد، ولا فيه خلاف في الأسماء والصفات، فعلوا خلافا فيها، ولا يوجد خلاف في مثل هذه الأمور؟
فلذلك لو صلى الشخص وملبسه فيه مني أو أثر المني صلاته صحيحة.
وصل الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.