القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (11) أحكام اللعن: لعن المنافقين (تفريغ)

2025-05-04

صورة 1
الجزء (11) أحكام اللعن: لعن المنافقين (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن لعن اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وبينا أن هذا الحديث يدخل فيه الكفرة في الخارج من اليهود والنصارى وغيرهم، ممن عبدوا القبور، سواء قبور أنبياء أو قبور صالحين، أو قبور حمير، حمار مدفون عبدوه، أي شيء، هؤلاء كلهم يدخلون، وكذلك يدخل المبتدعة في الداخل من الذين عبدوا القبور في بلدان المسلمين من الرافضة والصوفية والإخوانية وغيرهم، فاليهود والنصارى ملعونون، وكذلك المبتدعة والقبورية ملعونون، فهم داخلون في هذا الحديث، لأن هناك لفظ آخر: «لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فلذلك الحذر الحذر من عبادة القبور أو تشييد القبور أو غير ذلك، سواء القائم على هذه القبور أو تشييد القبور أو القبول بالقبور فلعنة الله واقعة على هؤلاء ولا بد في الداخل والخارج.

وفي الحقيقة هذا الأمر خطير، ولذلك يقول الشيخ عبد الرحمن بن الحسن في «فتح المجيد» أن هذا القول هو تحذير من الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته من هذا الصنيع الذي كانت تفعله اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم، فإنه من الغلو في الأنبياء ومن أعظم الوسائل إلى الشرك ومن غربة الإسلام، أن هذا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة، واعتقدوه قربة من القربات وهو من أعظم السيئات والمنكرات وما شعروا أن ذلك محاداة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك الشيخ عبد الرحمن رحمه الله أدخل هؤلاء الذين يدعون أنهم من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعبدون القبور، ولذلك يقول: فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة واعتقدوه قربة من القربات؛ فيجعلون عبادة القبور قربة إلى الله وهم مشركون كافرون ملعونون، «لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فالأمر خطير جدا على الذي يعبد القبور ويجعلها قربة لله سبحانه وتعالى، فهذه العبادة باطلة من صلوات وصوم وحج وزكاة وذكر، وغير ذلك من العبادات وأعمال البر كلها باطلة ما دام هؤلاء يعبدون القبور وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها وبين أن هذا دين اليهود والنصارى، فهؤلاء يوافقون اليهود والنصارى ثم يدعون أنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، كيف يكون ذلك؟ فالأصل عبادة الله سبحانه وتعالى، ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: 56] أي يوحدون، يعبدون الله سبحانه وتعالى العبادة لله وحده لا شريك له، وإلا كيف هؤلاء ينطقون كلمة التوحيد؟ وترى هؤلاء القبوريين في الحج أو في العمرة يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، ثم يعبدون القبور، كيف تنطقون هذه الكلمة؟

ولذلك ثبت في «صحيح البخاري» في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حجة الوداع ماذا قال جابر رضي الله عنه؟ لما استوى النبي صلى الله عليه وسلم على دابته أهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، أهل بالتوحيد، فهذا هو الأصل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهؤلاء يذهبون إلى الحج وإلى العمرة وإلى بيت الله ويلبون ويعبدون القبور، فيهلون بالتوحيد بزعمهم لكنهم يشركون بالله سبحانه وتعالى، فهذا الحج غير مقبول من المشركين القبوريين، وهذه العمرة وهذه التلبية العظيمة غير مقبولة منهم، لأنهم مشركون يعبدون القبور، ويبين الشيخ عبد الرحمن بن الحسن: (وما أكثرهم في الأمة)، غثاء كغثاء السيل، فهؤلاء يدعون حب النبي صلى الله عليه وسلم وهم مشركون وأعداء النبي صلى الله عليه وسلم.

فلذلك لا بد على المسلم أن ينتبه لهؤلاء القبوريين، فإن عندهم أشياء مغرية من الأموال وغيرها ومن الطعام والشراب، فالشخص في الحقيقة ممكن بسبب جهله يقع مع هؤلاء وتصيبه اللعنة، فلا بد على الناس أن يتعلموا العلم الشرعي والشريعة والمنهج، ويتعلموا أحكام اللعن، لكي لا يقعوا مع أناس ملعونون والعياذ بالله- أو شخص ملعون فيكون لك صديقا يجرك إلى لعنة الله ولعنة الملائكة ولعنة الناس، تتعلم أحكام اللعن جملة وتفصيلا، لكي لا تقع مع جماعة أو أفراد ملعونون في القرآن والسنة، ملعونون من الله سبحانه وتعالى ومن النبي صلى الله عليه وسلم ومن الناس ومن الملائكة، فلا بد أن تعرف ذلك، فبعد ذلك أنت تصلي وتصوم وتحج وأنت ملعون لأنك تخالط ملاعنة، وتجالسهم وتحبهم، وبسبب جهلك تقع في بعض العبادات البدعية، وممكن تكون معهم إما أن تكون رافضيا أو صوفيا أو إخوانيا أو غير ذلك، فعلى الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.

وهذا يدل على أن معرفة أحكام اللعن مهم جدا، لكي لا يعيش هذا العبد وهو ملعون ولا يدري لأنه يفعل أفعال أهل اللعنة، وأفعال الملعونون في الكتاب والسنة والآثار، وهذا يدل على أنه لا يكفي للمسلم أن ينتسب إلى الإسلام ويصلي وفقط، كأنه ما يحتاج إلى العلم وإلى هذه الأحكام، هذا الصنف الذي مكتفي بالصلاة هذا يقع في متاهات كثيرة وأباطيل وعبادات بدعية، ويوالي أعداء الله وأعداء الرسول وأعداء المسلمين، بسبب جهله وإعراضه عن العلم الشرعي، فلا بد من العلم الشرعي، ولذلك ترى كيف هؤلاء كما نقل عنهم الشيخ عبد الرحمن- أن أناس كثر من الأمة وقعوا في عبادة القبور، كيف وقعوا؟ بسبب إعراضهم عن العلم الشرعي وعن علماء السنة، وقاموا يشاركون مشايخ السوء ومشايخ البدع ومشايخ الضلالة، ثم يدعون أنهم على الإسلام، وأن ما يفعلونه من الإسلام، كما يدعي المرجئة وغيرهم أنهم قائمون على السنة وأنهم يدعون إلى السنة وهم ملعونون كذلك لما ينشرونه من البدع وسيأتي أمرهم، وبينا أشياء.

ويبين هذا الأمر كذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأمر اللعن والجهل خطير جدا على العبد، وإلا كيف يخرج هذا العبد من هذه الحياة الدنيا وقلبه سليم؟ بالعلم، يعرف ويصفي نفسه، يصفي نفسه من الكفر، من الشرك، من البدع، من اللعن، من المعاصي، بالعلم، شيئا فشيئا يعرف، يتنظف، ثم بعد ذلك يعوض الطاعة والسنة والتقوى والعلم فيخرج من هذه الدنيا وقلبه سليم، وإلا إذا ما عنده علم كيف يخرج سليم؟ هذا ما يخرج سليم، ولا يخرج سالم.

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يبين أمر مهم جدا في حديث ابن عمر، وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، وابن ماجه في «سننه»، وأحمد في «المسند» يقول ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يدني المؤمن فيضع على كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب حتى إذا قرره بذنبه ورأى في نفسه أنه هلك قال الله سبحانه وتعالى: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته»، هذا المؤمن عرف الله سبحانه وتعالى وعرف القرآن وأحكام القرآن وتفهم القرآن، ومعاني القرآن، وعمل بالقرآن، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم، وعرف السنة، وعرف أيام النبي صلى الله عليه وسلم كيف يقول فيقول وكيف يفعل فيفعل، طهر قلبه من الغل والحقد والجهل والعامية والتعالم، طهر نفسه من البدع والمعاصي، وعرف عظم الإسلام والدين، وقام به، وقام يدعو الله سبحانه وتعالى، ويجاهد في الله سبحانه وتعالى، ويصلح بين الناس، وإذا اختلف مع أخيه المسلم صبر عليه، لأنه مسلم، فما هجره وما غضب عليه وما فعل وفعل، لأنه يخاف على قلبه أن يران، ما يخاصم، ولو تخاصم واختلف ما يأتيه شيء في قلبه على المسلم، يراعي زوجته ويراعي أولاده، يأكل الحلال ويترك الحرام، هذا المؤمن، يدنيه الله سبحانه وتعالى، لكن عنده بعض الأشياء العارضة ذنوب ولا بد لهذا المؤمن وهذا المسلم من ذنوب يموت عليها، وهذه الذنوب مغفورة لهذا المؤمن، فما يصر على الذنوب ولا يصر على المحرمات والمنكرات، ويتوب ويخاف، ما يتساهل فيها، كحال كثير من الناس، الذين يصرون كيف يغفر لهم وهم مصرون؟ هذا المؤمن الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو الذي بيناه الآن، ليس المعاند المكابر كالمرجئة وكالتراثية، لا، السروري القطبي الصوفي الرافضي، لا، ما يدخلون هؤلاء في هذا الحديث، هؤلاء هالكون.

ولذلك انظر هذا المؤمن على قيامه بهذا الإسلام وتطبيقه للقرآن والسنة وقع في بعض الذنوب يقول: ورأى في نفسه أنه هلك، إذا هذا الآن المؤمن القائم ليل ونهار بطاعة الله سبحانه وتعالى وأذنب قارب الهلاك، ما بالك بأهل البدع الذين يدعون الطاعة؟ وما بالك أهل الشرك القبورية الذين يدعون الطاعة؟ وما بالك بأهل المعاصي والفسق والفجور الذين يدعون الطاعة؟ وهم في منكرات في كل يوم، يحادون الله ويحادون النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء بلا شك هالكون، فانظر إلى هذا الحديث فهو حديث خطير ومخيف، إذا هذا المؤمن قارب الهلاك ورأى نفسه أنه هالك ما بالك بأهل الجهل والرعاع والهمج من العامية وما أكثرهم، وانظر ماذا فعلت فيهم الثورات الخارجية أهلكتهم، ويدعون أنهم يريدون من بلدانهم الأفضل فإذا هي إلى الدمار، هؤلاء هالكون وإن صلوا وصاموا وحجوا وقالوا نحن مسلمون، لأن هذا الدين ما فيه بدع، هذا الدين ما فيه شرك، هذا الدين ما فيه منكرات، وهم يجعلون الشرك من الدين ويجعلون البدع من الدين ويجعلون المعاصي من الدين، ويستحيل هذا الأمر، هؤلاء شبه لهم، ولا يقبل الله سبحانه وتعالى منهم.

انظر إلى الهالك الجفري ماذا يقول لهذا الصوفي الشيشاني؟ أنت قمت بسنة النبي. أي سنة؟ انظر الشرك الذي فعلوه والرقص أمام الناس في المؤتمر الصوفي الشيشاني البدعي من السنة! هذه المنكرات ويحادون التوحيد وأهل التوحيد هذه عندهم سنة، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي يحب هذا الأمر، فالأمر خطير جدا، فهذا مؤتمر بدعي كله شرك وبدع، فكيف ينسب إلى الدين وينسب إلى الإسلام؟ فالأمر خطير جدا، فلا بد أن تعرف هذه الأحكام، لكي لا تقع مع هؤلاء، لذلك هذا الصوفي الشيشاني سيحمل آثام قومه يوم القيامة، يقوم بالشرك والبدع ثم ينسب هذا إلى الله سبحانه وتعالى! ينسب هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تظن أن هذا قرره رؤوس المبتدعة كالجفري، لا، هو ضال من الأصل وهؤلاء يزيدونه ضلالة، وهل تظن أن فرعون أضل ملأه وقومه؟ لا، الملأ ضلال أصلا، قومه هم ضالين من قبل، ويحبون أفعال فرعون وضلالاته، لكن فرعون زادهم، وأرشدهم، فلا تظن أن الذين تحت رؤوس الضلالة مساكين وأن هؤلاء كذبوا عليهم، لا، هؤلاء الأقوام الذين تحت دعاة الضلالة كلهم ضالين، وهم يحبون هذه الضلالات التي قام عليها رؤوس الضلالة القائمين عليهم، فلذلك لا تقل أن هؤلاء ليس لهم شأن وليس عليهم شيء من الإثم، لا، بل هؤلاء ما بقوا مع هؤلاء إلا لأنهم ضلال من الأصل، فالذين من الإخوانية ومع السرورية ومع التراثية ومع الصوفية وغيرهم هؤلاء ضلال من أصلهم، والطيب تركهم من قبل وعرفهم وهجرهم، ما بقي إلا أناس من الضلال أصحاب الأهواء والبدع، يعشقون هذه البدع ويحبون البدع، فلذلك انظر إلى هذا الأمر.

فهؤلاء المؤمنون الذين أذنبوا يقررهم الله سبحانه وتعالى هكذا، وستر عليهم الذنوب في الدنيا، ثم في الآخرة الله سبحانه وتعالى يغفر لهم هذه الذنوب، فاعمل أنت على طاعة الله سبحانه وتعالى واجتهد ولا تفتر، ولا تسوف، من الآن اجتهد في الطاعة على قدر استطاعتك، لكن لا بد من الاجتهاد، كما يجتهد الناس في الدنيا فلا بد عليهم أن يجتهدوا في الآخرة، فهؤلاء هم المؤمنون ناجون، هذا قسم في الحديث.

والآن نتكلم عن القسم الثاني، والمبتدعة داخلون في هذا الحديث؛ يقول بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: «وأما الكافر والمنافقون»، ما قال فقط الكافر، ولا قال: الكفرة، فذكر الذين في الخارج وذكر الذين في الداخل، النبي صلى الله عليه وسلم ما ينساهم، والله سبحانه وتعالى يعلم أنه سيكون هناك منافقين في الأمة، في بلدان المسلمين يصلون مع المسلمين ويحجون مع المسلمين، هم المنافقون، من هم الآن؟ هم المبتدعة، هم الحزبية من السرورية والإخوانية والقطبية والتراثية والصوفية والرافضية وغيرهم، وأما الكافر من اليهود والنصارى والمجوس والشيوعية وغيرهم، والمنافقون هم المبتدعة في الداخل، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر لك المبتدعة ولا ذكر لك التراثية والقطبية وكذا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يطلق لك كلمة واحدة يدخل فيها خلق من الناس، وحديث واحد يدخل فيه خلق من الناس، وإلا ما هو معنى (أوتيت جوامع الكلم)؟ هذا هو. ولذلك المبتدعة والخطباء والوعاظ والحزبية الآن يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، لكنهم ما يفهمون أن هناك أحاديث يدخلون فيها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم فيذكر كلمة يدخل فيها كل الناس من المبتدعة، ويذكر كلمة يدخل فيها كل المؤمنين، فننتبه لذلك، الأحاديث هكذا، يستنبط منها هكذا، فلا تمر علينا هذه الأحاديث والذهن في دول الغرب فقط، ما يدري العامي أنه داخل في هذا الأمر.

فلذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين»، دخل الظلمة كلهم من الإخوانية والقطبية، والسرورية والصوفية، وغيرهم والفسقة والفجرة، كلهم داخلون في أنهم من الظالمين وأنهم من المنافقين، عايشين في بلدان المسلمين منافقون، فاحذر أن تكون منافقا مثل هؤلاء في عمل أو في بلد أو في منطقة، تنزل عليك اللعنة، ﴿ألا لعنة الله على الظالمين﴾ [هود: 18] يعني: اللعنة هذه نازلة نازلة على هؤلاء المبتدعة، على هؤلاء المنافقين، ينافقون، نهبوا أموال المسلمين، وأكلوا أموال المسلمين بالباطل، ويقولون: هذه أعمال خيرية ونحن نساعد الفقراء والمساكين، فالأمر خطير جدا، أو تذهب تعمل معهم وتقول: هذه أعمال خيرية، سوف أعمل معهم وأساعد معهم الفقير لأنهم يساعدون الفقراء، لا، هم لا يساعدون الفقير بل هم يصطادون الفقير، لكي يكون إخوانيا أو سروريا أو تراثيا، ويتحصلون من خلف هؤلاء الفقراء واليتامى أموالا كثيرة لصالح أنفسهم، وأموال خاصة تنهب، ولذلك هؤلاء ظلمة، فلا تقع في أفكار هؤلاء، فتنزل عليك لعنة الله سبحانه وتعالى. فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الكفرة والمنافقين، الكفرة هم الذين في الخارج، والمنافقينهم الذين يكونون في الدول الإسلامية في الداخل.

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لعن، والله سبحانه وتعالى لم يمنعه من اللعن، بل بين له الله سبحانه وتعالى في القرآن، وأنزل عليه السنة لكي يبين هذا الأمر، ولم يمنعه، لكنه بين للنبي أن حتى لو أنت تدعو على قوم فليس لك من الأمر شيء، يعني الأمر كله لله، يعني أنت تلعن وممكن لا تقع اللعنة وممكن تقع على مشيئة الله سبحانه وتعالى، أنت ما تطالب الله سبحانه وتعالى أن ينزل اللعنة على فلان أو على هذه الجماعة، لا، ليس لك من الأمر أي شيء، الأمر بيد الله، فالله سبحانه وتعالى بين للنبي هذا، لكنه لم يمنعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة لعن وبينا ذلك، ولذلك هؤلاء يستدلون بهذا الحديث الذي بيناه من قبل أن اللعن المعين لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منعه الله، من قال؟ بينا أن النبي صلى الله عليه وسلم عين أناس، والعلماء استنبطوا من هذه الأحاديث على تعيين أناس، فلننتبه لهذا الأمر، فالله سبحانه وتعالى جعل الأمر بيده، ليس بيد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو شرح هذا الحديث، لكنه لم يمنعه من اللعن، وهذا بيناه.

ولذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة يكبر ويرفع رأسه سمع الله لمن حمده، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليها كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله، ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (آل عمران: 128»)؛ كسني يوسف يعني: من القحط. وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وفي رواية: «اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب»، فهذا الحديث يبين هذا الأمر، ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل؛ فهذا ليس على إطلاقه، في تبيين فقط أن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى، يعني أنت تدعو على أناس معينين أو جماعات أو بلدان لكن هذا الأمر كله لله، ليس من شأن أي أحد، وهذا الدعاء ممكن يقع وممكن لا يقع على مشيئة الله، ولذلك في أحاديث كثيرة النبي صلى الله عليه وسلم لعن أناس ولم يمتنع ولم يمنعه الله، وهذا يدل على أن الله لم يمنعه، لكنه بين له أن دعاءك الأمر ليس بيدك، فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى.

﴿أو يتوب عليهم﴾ يعني: إذا تابوا، ما يصير أن هؤلاء الكفرة يبقون على كفرهم والله يتوب عليهم، لا بد من ماذا؟ لا بد أن يتوبوا، ويسلمون، لكي يتوب عليهم الله سبحانه وتعالى. المنافقون ما يتوب الله عليهم هكذا بل لا بد أن يتوب المنافق، وبعد ذلك الله سبحانه وتعالى يتوب عليه، أما شخص لا يريد التوبة ومصر على الكفر ومات على الكفر فهذا مأواه جهنم وبئس المصير، فتفسير الآية أن هؤلاء لعلهم يتوبون، فإذا تابوا الله سبحانه وتعالى يتوب عليهم، أو يعذبهم إذا بقوا على ماذا؟ على الكفر أو على الشرك أو على البدع، ولذلك اللعنات أصابت أقوام كثر، وهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى لم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من اللعن، ولا الصحابة، لأن الصحابة لعنوا، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن، وما زال حكم اللعن قائم إلى قيام الساعة، لم يحرمه الله سبحانه وتعالى، وشروح أهل العلم موجودة وبينا لكم، فلننتبه لبعض الألفاظ وشرح المميعة لهذه الألفاظ، لا بد أن ننتبه لهم.

ولذلك في صحيح مسلم حديث أنس بلفظ: «قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يلعن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله».

وكذلك ثبت في «صحيح مسلم» وأحمد في «المسند» عن خفاف بن إماء الغفاري بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم العن بني لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله، غفار غفر الله لها، وأسلم سلمها الله»، قال خفاف الغفاري رضي الله عنه كما في صحيح مسلم: «فجعلت لعنة الكفرة من أهل ذلك»، وهذا الحديث أخذه الصحابة دليل وغيره من الأدلة على جواز لعن الكفرة ولعن المبتدعة ولعن الفسقة، كما بينا.

فهذه مسألة الذين يعبدون القبور، وهم في الحقيقة مشركون عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.                


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan