الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (51) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث جابر رضي الله عنه في ميتة البحر وما جزر عنه
2025-02-22

الجزء (51) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث جابر رضي الله عنه في ميتة البحر وما جزر عنه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقبل أن ندخل في أحكام البحر وأحكام الميتة من السمك في البحر، سوف نتكلم عن حديث من هذا الباب لم يذكره الحافظ ابن حجر، وهو يتعلق بمسألة ميتة البحر، أيضا نخرجه ونبينه وبعد ذلك، في الدروس القادمة، سنتكلم عن أحكام البحر الكثيرة ولها باب في كتاب الأطعمة.
وسوف نتكلم عن ما يتعلق بهذا الحديث، حديث «أحلت لنا ميتتان»، ونذكر الأحكام الصحيحة بالأدلة الصحيحة ليس بهذا الحديث. وهذا الحديث له تعلق في هذا الباب، وهو حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ألقى البحر أو جزر عنه» جزر عنه يعني تقلص عنه ماء البحر، يعني كان على الشاطئ ثم ذهب عنهما ماء البحر فبقي.
فهل يؤكل إذا ماتت هذه السمكة التي تؤكل إذا ذهب عنها الماء؟ هذا بيأتي فيه الدروس التي بتأتي إن شاء الله، أو جزر عنه أي تقلص عنه ماء البحر، فكلوه، وما مات فيه وطفى فلا تأكلوه.
هذا حديث منكر وقد اختلف في رفعه ووقفه:
فرواه يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه به.
أخرجه أبو داود في «سننه»، وابن ماجه في «سننه»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، والدارقطني في «السنن»، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وابن الجوزي في «التحقيق في مسائل الخلاف»، والطبراني في «المعجم الأوسط»، وابن عبد البر في «التمهيد».
وإسناده منكر فيه يحيى بن سليم الطائفي، وهو سيء الحفظ.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر، و«تهذيب التهذيب» له.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» عن يحيى بن سليم الطائفي: ضعيف في عبيد الله ابن عمر.
وفي رواية الميموني في العلل ومعرفة الرجال ما نصه عن الميموني عن أحمد ابن حنبل: قلت كتبت عن ابن وهيب شيئا؟ قال أحمد لا. قلت فيحيى بن سليم قال حديثا أو حديثين كان يكثر الخطأ، يعني سيئ الحفظ.
وهذا يتبين أن يحيى بن سليم سيئ الحفظ، لا يحتج به في الحديث، والمتن يدل عليه.
ونقل الحافظ ابن أبي حاتم عن أبيه أبي حاتم في «الجرح والتعديل» عن يحيى بن سليم: لم يكن بالحافظ، يعني لا يحفظ جيدا، لا يضبط الأحاديث فيخلط لم يكن بالحافظ، يكتب حديثه ولا يحتج به، يعني في المتابعات.
وقال الحافظ أبو أحمد الحاكم عنه: ليس بالحافظ عندهم، وقال الحافظ الدارقطني في «العلل»: سيئ الحفظ.
ونقل الحافظ العقيلي في «الضعفاء» عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: أتيته فكتبت عنه شيئا، فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته.
أي يضطرب، فكذلك هو مضطرب الحديث.
ونقل الحافظ الترمذي في «العلل» عن الحافظ البخاري قال: يحيى بن سليم صاحب عبادة، يهم الكثير في حديثه، يعني حتى لو كان صاحب عبادة، حتى لو كان صالحا في الدين، حتى لو كذا حتى لو كذا، لكن إذا كان في أمر يخطئ، يعني في الحديث، فيكون الأمر دينا، فلا يحتج به ولا يؤخذ بقوله، حتى لو كان عالما.
ليس الأمر كما في هذا الزمان، يتميعون في هذه الأمور، ويقول لك: هذا صالح، هذا كذا، هذا كذا، ويأخذون منه، ها الخطأ والصواب في الدين، فوقع الناس في البلدان في أخطاء كثيرة، وفي البدع وغير ذلك، كما ترون.
أما أئمة أهل الحديث قديما، ما يحابون أحدا، فلذلك الحافظ البخاري قال: صاحب عبادة، لكن في الحديث يهم" يعني عنده ليس بحجة.
ويحيى بن سليم الطائفي سيئ الحفظ، وقد خالفه الثقات الأثبات في هذا الحديث، فرووه عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه موقوفا عليه، وسوف يأتي الكلام على الحديث الموقوف في الدرس القادم.
نحن الآن في هذا الدرس نتكلم على الحديث المرفوع عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وفي الدرس القادم نتكلم عن جابر موقوفا، كذلك لا يصح.
ورواه إسحاق بن عبد الواحد عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما به مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكره المزي في «تحفة الأشراف».
وإسناده منكر، فيحيى بن سليم سيئ الحفظ، منكر الحديث، فهو حديث مضطرب، واضطرب فيه يحيى بن سليم، فمرة جعله من مسند جابر، ومرة جعله من مسند ابن عمر، وهذا وهم منه.
ففي بداية تخريج الحديث ذكر يحيى بن سليم الحديث عن جابر، أسنده، كذلك أسند عن ابن عمر، فمرة يجعله عن جابر، ومرة يجعله عن ابن عمر، وهذا يدل على أن الحديث ضعيف لا يصح
ووهم الحافظ ابن الجوزي في «التحقيق» في الحكم بترك إسماعيل بن أمية، وهو ثقة.
لماذا؟ لأن العلة في هذا الحديث عن يحيى بن سليم، وليس عن إسماعيل بن أمية، فلذلك تعرف خطأ أهل العلم، سواء في الإفتاء، أو في الفقه، أو في الحديث، أو في تصحيح حديث، وغير ذلك.
وأهل التقليد يأخذون ولا يدرون عن الأخطاء ولا عن الصواب، فضلوا في الدين، لأن لا بد من التحقيق والتدقيق في الدين، لأن الكل يتكلم، والكل يفتي، والكل له أنصار ومؤيدون، فلا بد أن يخلطوا هؤلاء أخطاء في الدين وصواب في الدين.
فكيف يميز الشخص؟ فلا بد عليه أن يرجع إلى أهل الأثر في هذا الزمان، وبس، إذا أراد صحت هذه الأحكام في الدين، وإلا إذا أخذ من هنا وهناك، ومن هذا وذاك، ضل فوقع الناس في التقليد، وظلوا وهم لا يشعرون.
ولذلك الله سبحانه وتعالى يبين أمورا، ثم يختم الآية بقوله: وهم لا يشعرون عن المنافقين، وهم لا يشعرون عن الكافرين، ﴿وهم لا يشعرون﴾،[سورة الأعراف 95] فلذلك هؤلاء نفس الشيء، لو تكلمهم من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، ما يتذكر قولك، ولا يأخذ بقولك، لأنه مبنج، ما يحس، جسمه ما يحس نهائيا.
بسبب ماذا؟ بسبب الضلالة، بسبب التقليد الأعمى.
والله سبحانه وتعالى ذم التقليد في القرآن وأكثر من ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم في السنة وأكثر من ذلك، والصحابة كذلك.
فلذلك على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر، لأن عندهم الرهبان، أي عالم يتكلم ويفتي، خلاص عندهم أن هذا من الدين، بدون النظر إن هذا العالم يخطئ ويصيب، فلذلك الله سبحانه وتعالى جعل الناس يرجعون إلى الكتاب والسنة، على فقه الصحابة.
لماذا لأن؟ الصحابة اجتمعوا في كل الدين، في الأصول والفروع، وأجماعهم حجة. والذين خالفوا الإجماع ضلوا. وهذا الأمر بينه شيخان: ابن تيمية في «الفتاوى»، وابن القيم في «إعلام الموقعين»، وغير هؤلاء.
فالإجماع لا ينضبط كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «العقيدة الوسطية»، إلا إجماع الصحابة، اختلفوا كما بين شيخ الإسلام ابن تيمية في أشياء يسيرة في الدين، ما تضر.
وبين خطأ من أخطأ منهم وانتهى الأمر، مثل المتعة؛ المتعة محرمة، قال بها ابن عباس رضي الله عنه، بين له علي والصحابة، وعرف الناس أن المتعة حرام، ثم بعد ذلك تراجع ابن عباس عن جواز المتعة أو نكاح المتعة، وظل فيه الرافضة وهلكوا.
في هذا النكاح، نكاح المتعة، كما قال عروة بن الزبير إنه الزنا الصريح؛ فهؤلاء الرافضة يقولون جائز، هؤلاء يلعبون على عقولهم ويلعبون على عقول أتباعهم الشهوانية، وظل في هذا الأمر بسبب ماذا؟ بسبب التقليد.
وقس على بقية الأمور من أهل التقليد، فلذلك لابد من النظر إلى هذه الأمور جيدا، فعلى الناس أن يرجعوا إلى فقه الصحابة إن أرادوا النجاة، وإلا فلا نجاة.
ويقولون نحن، مثلا، المقلدة في كل العالم، نرجع إلى الصحابة وندافع عن الصحابة ونحب الصحابة، طيب، أنت تنقل عن عمر بن الخطاب شيئا، أو عن ابن عباس شيئا وبلا أسانيد صحيحة؟ قال ابن عباس، قال عمر، لا، لابد من الرجوع في أحكام الدين وعن طريق الآثار.
كل الآثار، وما تعرفون إلا الأشياء اليسيرة، هذا ما فيها فائدة، فلابد أن ترجعون إلى أهل الأثر، لأنكم أنتم ما تعرفون آثار الصحابة.
والآن، من سنوات طويلة، ما رجعتم، ولا تنقلون للعامة في الفتاوى، في القنوات، في إذاعة القرآن، في كذا، في كذا، ما ترجعون، ما تقولون: قال الصحابة وبأسانيد صحيحة في الأحكام الأصول والفروع، المذهب كذا، ووجه كذا، وقال فلان، وقال علان، وهذا أنتم سنوات طويلة، ومنكم من مات، والباقي في الطريق.
فأين فقه الصحابة؟ ضاع من بينهم، ما ينقل الآن عن فقه الصحابة إلا أهل الأثر في كل العالم؛ فعلى الناس أن يتبعوا أهل الحديث إذا أرادوا النجاة، أما هذه الرهبانية الآن والتقليد، هذه إلا هلكه. وما هلكت البلدان إلا هكذا.
وفي الإسناد، أبو الزبير، لأن من طريق أبي الزبير عن جابر، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، مدلس، وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث، فالحديث معلول بهذه العلة.
ورواه الحسين بن يزيد الطحان عن حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما اصطدتموه وهو حي فكلوه، وما وجدتموه ميتا طافيا فلا تأكلوه»
حديث منكر.
أيضا أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط»، والترمذي في «العلل الكبير» والخطيب في «تاريخ بغداد».
ونقل الحافظ الترمذي في «العلل الكبير»؛ عن قول الحافظ البخاري أنه قال: ليس هذا بمحفوظ.
ويروى عن جابر خلاف هذا ولا أعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئا.
ومراد الحافظ البخاري بهذا أن قد حصل وهم في هذا الحديث من الرواة الذين رووه عن ابن أبي ذئب، يعني أن الحديث ليس من حديث ابن أبي ذئب.
أدخل في هذا، وبين الحافظ البخاري أن ابن أبي ذئب ليس له مدخل في هذا الحديث وليس من حديثه، لكن الرواة يخطئون، والخطأ في إدخال ابن أبي ذئب هو من الحسين ابن يزيد الكوفي، فالوهم منه، فهو ضعيف الحديث كما ذكر ذلك الإمام أبو حاتم وغيره.
وانظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«تهذيب الكمال» للمزي، و«ميزان الاعتدال» للذهبي.
فهو حديث منكر أيضا بهذا اللفظ وبهذا الطريق، فهذا الحديث ليس من حديث ابن أبي ذئب، وإن روى عن جابر، روى عنه من غير طريق أبي الزبير، كعن المقبري عن القعقاع عن جابر، فهو ما يروي عن أبي الزبير، ولم يعرف بالرواية عن أبي الزبير، فإذا رأيت ابن أبي ذئب يروي عن أبي الزبير، فعلم أنه غلط.
ولذلك بين الحافظ البخاري، والحافظ البخاري إمام في العلل، فمجرد أن يقرأ إسنادا فيعلم أن هذا الإسناد معلول، ولذلك بين أن هذا الحديث ليس من حديث ابن أبي ذئب. وتكلم الإمام البخاري في هذه الأمور في كتبه مثل «التاريخ الكبير»، و«التاريخ الأوسط»، ونقلوا عنه كذلك في الكتب.
فلذلك في الغالب إذا الإمام البخاري يعل حديثا، لا تسأل عنه، ولذلك أهل التقليد ابتلوا بالأخطاء الكثيرة في الفتاوى وفي الأحكام، في الصلاة وفي الصيام وفي الزكاة، حتى في التوحيد، حتى في مسائل الإيمان، حتى في الأسماء والصفات، وبينا لهم أخطاءهم هذه لكي يتداركوا ويستدركوا ويصححون هذه الفتاوى، ولا يفتون بهذه الفتاوى المخالفة للكتاب والسنة.
فنقول لهم: الإمام البخاري ضعف هذا الحديث، وكبار أئمة أهل الحديث يقولون لك: فلان أفتى بهذا الحديث وهو ضعيف، مثل صوم عرفة، تقول لهم: الإمام البخاري ضعف الحديث، وأئمة كبار يقولون لك: فلان أفتى، فلان أخطأ، حتى لو كان من أهل العلم، لماذا؟ لأن هذا الأمر دين، لابد أن يبين، وما زلنا نبين أخطاء في الفتاوى القديمة، نبينها الآن، وبينا في القديم، وسوف نبينها في الجديد، وأحاديث صححت وهي ضعيفة معلولة، وأحاديث أعلها الإمام البخاري في صحيحه، وليس من شرطه.
يقول لك: أخرجها البخاري، هذا هو الهلكة، ونقول لهم: الإمام مسلم أعل حديث صوم عرفة في كتابه وذكره معلولا، ليس على شرطه، إلى الآن يرونه يقولون: أخرجوا مسلم، خلاص أنتم خصماء الإمام مسلم يوم القيامة، ليس هذه الخلافيات والعصبيات تترك هكذا، الله سوف يجمعكم ويجمع الإمام مسلم، وماذا قلت لهم عن حديث صوم عرفة؟ والله يا ربي بينت لهم، بينت لهم ضعفه، ماذا بيقولون؟ وهكذا الأنبياء والرسل يأتي الله سبحانه وتعالى بالأنبياء والرسل وأقوامهم، وهم يقولون شيء، والأنبياء والرسل يقولون شيء.
هذا ماذا قلتم؟ يبينون الأنبياء والرسل، بينوا التوحيد الخالص، الأحكام الصحيحة في الأصول والفروض، هذا ماذا يقول الأقوام وأهل التقليد؟ لا يقولون شيئا. فاعترفوا بذنبهم بس، هكذا أهل التقليد سوف يعترفون بذنبهم، لذلك لابد على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.
وهذا الحديث أعله الحافظ أبو داود في «السنن» بقوله: روى هذا الحديث سفيان الثوري وأيوب وحماد يعني: أبي سلمة عن أبي الزبير، أوقفوه على جابر رضي الله عنه، وقد أسند هذا الحديث أيضا من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى كلام الحافظ أبي داود.
هذا الحافظ أبو داود يضعف الحديث، تجد في أناس يحسنون هذا الحديث، لماذا؟ لأنه له طرق، يقول لك: وكذا، شوف جد حفاظ هؤلاء الآن، يضعفون لكم الحديث، تقولون: مجموع الطرق حسن، هذا الفعل ليس بحسن، جهال ما عندهم شيء، ما يعرفون شيء في العلل، بس عزوا: أخرجوا أبو داود، أخرجوا البخاري، هكذا.
فلذلك، اعرف هذا الآن. الحافظ أبو داود روى الحديث، وماذا فعل؟ أعله، ويقول لك: أخرجه أبو داود في «سننه» عزوا، بس ما يعرفون العلل، فلذلك بينت أن الإمام أبا داود يعل أحاديث السنن، يخرجها ويعلها.
ورواه أبو أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا به.
أخرجه الدارقطني في «السنن»، والبيهقي في «السنن الكبرى».
قال الحافظ الدارقطني في «السنن»: لم يسنده عن الثوري غير أبي أحمد الزبيري، وخالفه وكيع ابن الجراح وعبد الرزاق الصنعاني ومؤمل وأبو عاصم وغيرهم، رووه عن الثوري موقوفا، وهو الصواب.
يقول: فمرة يروى عن سفيان الثوري مرفوعا ومرة موقوفا، يعني اختلف على سفيان الثوري. فاختلف فيه على سفيان الثوري، روي عنه مرفوعا وموقوفا، والصحيح الموقوف. فالمرفوع لا يصح حتى الموقوف.
ووهم أبا أحمد الزبيري الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى»، فهو حديث منكر من رواية أبي أحمد الزبيري؛ فأخطأ في رفعه، وهذا أبو أحمد الزبيري، هذا إمام وحافظ من أئمة الحديث لكنه يخطئ ويصيب؛ فلذلك هؤلاء المقلدة يرون هذه الأسانيد هكذا، وكله فيهم من هؤلاء الحفاظ والأئمة، فيقول: إسناده صحيح، ما يدري ما يخرج من رأسه.
والصحيح من رواية سفيان الثوري الوقف على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وأبو الزبير غير الزبيري، أبو الزبير صاحب جابر، وأبو الزبير مدلس وقد عنعن الإسناد ضعيف.
ورواه عبد العزيز ابن عبيد عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا يرون هؤلاء المقلدون مثل هذه الطرق، يحسنون الحديث، يصححون الحديث، ما يدرون أن الاختلاف هذا يضر أحيانا، ما يضر، ولابد من الترجيح، والترجيح صعب عليهم.
خمسة طرق للحديث، وفي طريق صحيح يحتجوبه. كيف يظهرون ذلك الطريق الصحيح من بين خمسة؟ صعب ترجيح، فلذلك ما ترون يذكرون لكم الخلافيات في الحديث أو في الفتاوى أو في الفقه وكذا، ويتركون الناس ما يعرفون كيف يرجحون، لكن في الغالب الاختلاف يضر.
هذا الطريق أخرجه الطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم»، والدارقطني في «السنن»، وابن عدي في الكامل في «الضعفاء».
قال الحافظ الدارقطني في «السنن»: تفرد به عبد العزيز عن وهب، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به.
رواه وضعفه الدارقطني، رواه في «السنن» وضعفه في «السنن».
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «علل الحديث»: سألت أبا زرعة الإمام معروف عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله، فقال: هذا خطأ، إنما هو موقوف على جابر، وعبد العزيز ابن عبيد واه الحديث.
فهؤلاء الأئمة يضعفون الأحاديث وهؤلاء يحسنون.
فمن نأخذ؟ من هؤلاء الأئمة الكبار؟ وفي هذا العصر، هؤلاء الله المستعان.
وبه أعله الحافظ البيهقي في «السنن»، أعله بعبد العزيز، هذا كلهم حفاظ، وعبد العزيز ابن عبيد الله، هذا ضعفه أيضا الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء»، فهو حديث منكر، ليس بمحفوظ.
فهذا الحديث المرفوع ليس بمحفوظ، يعني لم يضبطه الرواة، كل واحد أخطأ في روايته لهذا.
ورواه يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله مرفوعا به.
ذكره البيهقي في «السنن الكبرى»، وسنده منكر، فيه يحيى بن أبي أنيسة الجزري، وهو ضعيف الحديث جدا، لا يحتج به.
قال الحافظ الذهبي في «الكاشف»: عن ابن أبي أنيسة، تالف تالف الحديث.
وقال الحافظ الذهبي في «تلخيص الموضوعات»: هالك، يعني في الحديث ما يحتج به، روى هذا الحديث المرفوع.
وقال الحافظ الذهبي في «التنقيح»: متروك، يعني: واه.
وقال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير»: كذاب.
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى»: يحيى بن أبي أنيسة متروك، لا يحتج به.
فهذا السند واه.
ورواه بقية بن الوليد عن الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه مرفوعا به.
ذكره البيهقي في «السنن الكبرى».
وقال الحافظ البيهقي: لا يحتج بما ينفرد به بقية بن الوليد، فكيف بما يخالف فيه.
يعني خالف في الثقات الأثبات، لأن الأوزاعي ما له دخل في هذا الحديث. لم يروه، لو سألت الأوزاعي، هل ذكرت أنت هذا الحديث لقال لك: لا؛ فهذا الأمر من بقية ابن الوليد هذا، وهو مدلس، ويدلس عن المجهولين والمتهمين والضعفاء.
فلذلك ذكر الأوزاعي هنا من هؤلاء المجهولين والمتهمين الذين روى عنهم بقية، فلذلك أهل الحديث يبينون ضعف هذه الأسانيد بعلم الحديث، الله سبحانه وتعالى وهبهم علم الحديث، فالمرجع إليهم في ضعف الحديث أو صحته.
وهذا الحافظ البيهقي يبين هذا الأمر، يعني هذا الإسناد تفرد به بقية بن الوليد، لذلك قال الثوري: «إذا رأيت في الإسناد بقية، فاحذروا».
وبقية هذا مدلس، خالف الثقات الأثبات، وليس هذا الحديث من حديث الأوزاعي، فهو حديث غير محفوظ. وهذا يتبين أن الحديث لا يصح، وهو غير محفوظ، وقد ضعفه الأئمة من أهل الحديث كما سبق.
وقد ضعفه الحافظ النووي في «المجموع»، وفي «المنهاج»، هذا الحديث، ونقل الاتفاق على تضعيفه، ويأتي واحد في هذا العصر يقول لك: الحديث حسن بمجموع الطرق، أو صحيح بمجموع الطرق من أين لك أنت هذا العلم؟! هذا أصلا العلم بمجموع الطرق، هذا له شأن وأمر آخر، ليس بهذه الطريقة أي طرق يجمعونها؟ انظر إلى الكتب التي تخرج، ترى في الحواشي بلاوى فلذلك اعرف هذا، هذا الحديث باتفاق الأئمة الكبار.
فهذه الطرق الآن المرفوعة انتهينا منها لعلنا نتكلم عن الطرق الموثوقة في الدرس القادم في أي سؤال؟.
خل نشوف في الداخل، هذا لا أصل له، الذي يقولون: إذا كثرت طرق الحديث، فإن له أصل، هذا ليس له أصل عند أئمة أهل الحديث؛ بل الأصل ماذا؟ الأصل النظر، والتحقيق والتدقيق والبحث في هذا الحديث وطرق الحديث وتخريج الحديث، بعد ذلك يتبين.
وقد بينت كثيرا في الكتب التي بينت فيها ضعف الأحاديث في المقدمة، كل مقدمة بينت كلام أهل العلم فهذا الأمر، النظر في الإسناد، ولولا الإسناد لقال من شاء بما شاء؛ فالإسناد بيننا وبين أهل الهوى، يقولون: هاي الإسناد صحيح، نقول: بيننا وبينكم الإسناد نبحث في هذه الأسانيد أو في هذا الإسناد ونبين للناس بعد ذلك إن كان صحيحا صحيحا، وإن كان ضعيفا ضعيفا، وانتهى الأمر، والله الموعد.
فلذلك لابد أن نعرف هذا الأمر. وهذا يعني الأمر تكلمت عنه في كتبي في تخريج الأحاديث. لابد من النظر إلى الأسانيد.
الذي ينام عريانا؟. هو في الحقيقة ما في شيء ولم يثبت أي شيء في الشرع النهي عنه أو مثلا الكراهة، لأن لابد هذا من دليل، لا بد له من دليل، وما في دليل على هذا، لكن الأفضل له أن ينام بثياب النوم، إزار أو غيره، ثياب النوم، لأن كل بلد يلبسون شيئا من لباس النوم، تختلف.
لماذا؟ لأنه المشكلة هو نائم، ممكن ينقلب تظهر عورته، وما يدري، يدخلون عليه عياله فيلبس أفضل له، فحتى بعد زوجته تستحي، يعني إذا هو نائم وانقلب، والغطاء سقط من السرير مشكلة فيبقى هكذا، بناته يدخلون عليه، يظنون الأمور عادية فلذلك لابد أن ننتبه لبعض الأمور.
يعني كان سألت عن سؤال في وضوء، يعني أبيهم عريان، يعني قلت لهم: إذا ابنه ما في بس، لكن إذا البنت ابنته ما يصير هو جائز، لكن في أشياء لابد نمتنع منها، لأن في أشياء يستحى منها؛ فلا بد من تضبط الأمور مع الشرع. فلذلك، يعني في أمور لعل بعد ذلك تكلم، يعني هذه ما يفلتون عن بعض الأشياء.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.