الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (49) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث "أحلت لنا ميتتان ودمان" وبيان ضعفه بالتفصيل
2025-02-19

الجزء (49) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث "أحلت لنا ميتتان ودمان" وبيان ضعفه بالتفصيل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ووصلنا في شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالطحال والكبد». أخرجه أحمد، وابن ماجه، وفيه ضعف.
هذا تخريج الحافظ بن حجر في «بلوغ المرام»، وقبل شرح هذا الحديث، لعل نخرج هذا الحديث تخريجا مفصلا؛ لأنه طويل، وحديث ابن عمر هذا كما في الكتاب عندكم ذكره ابن عمر مرفوعا، وهو حديث منكر وهذا الحديث أختلف في رفعه وفي وقفه وفي إرساله، وإليكم تفصيل تخريج هذا الحديث:
هذا الحديث أخرجه ابن ماجة في «سننه» من طريق أبي مصعب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال».
وهذا سنده منكر، لا يصح فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، وهو ضعيف الحديث، منكر الحديث، لا يحتج به.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر.
قال أحمد عن عبد الرحمن بن زيد هذا: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: حديثه ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، وقال ابن خزيمة: سيء الحفظ، وقال البزار: منكر الحديث جدا، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، فهذا كلام الأئمة أئمة الجرح والتعديل في عبد الرحمن بن زيد، ويتبين أنه منكر الحديث.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر في ترجمة عبد الرحمن بن زيد، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد برواية الميموني، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد برواية ابنه عبد الله بن أحمد، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي، و«المجروحين من المحدثين» لابن حبان، و«المسند» للبزار، و«أحوال الرجال» للجوزجاني، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد.
وذكر الحافظ بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» عن أبيه أبي حاتم قال: سألت أحمد عن عبد الرحمن بن زيد فضجع به، والتضجيع يقال: ضجع وضجع بالتخفيف الجيم، وتشديد الجيم، في الأصل في ضبطها بفتح الجيم المعجمة وتشديدها وكذلك بفتح الضاد المعجمة وتشديد الجيم، والتضجيع في الأمر التقصير فيه، وضجع في أمره واضجع وأضجع ضعيف الرأي.
فالإمام أحمد يدل أنه يضعف عبد الرحمن بن زيد، فضجع به، يعني: ضعف أمره وحديثه ورأيه.
وانظر: في ذلك «لسان العرب» للمنظور.
وقال الحافظ عبد الله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال»: سمعت أبي يضعف عبد الرحمن بن زيد وقال: روى حديثا منكرا وهو: «أحلت لنا ميتتان ودمان»، وهذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يضعف هذا الحديث، وقال: إنه حديث منكر، وهو يتكلم الآن عن الحديث المرفوع.
وقال الحافظ ابن حبان في «المجروحين من المحدثين»: وكان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل، وإسناد الموقوف، فاستحق الترك، وهو كما قال، فإذا رأيت أحاديث عبد الرحمن بن زيد علمت أنه يرفع أحيانا الأحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأحيانا يرسلها، فيجعلها من المراسيل، وأحيانا يروي الموقوفات، لكن هنا ذكر الحافظ ابن حبان أمر مهم، يقول: وأسند الموقوف.
يعني بالإسناد هنا الحديث المرفوع، يعني: يسند ويرفع الموقوف، فأسند الموقوف وهذا ظاهر في هذا الحديث، كما ترون ذكر عبد الرحمن بن أسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحديث المسند، وأهل العلم ذكروا أن الحديث حديث ابن عمر هذا موقوفا، وهو أسنده، فلذلك الحافظ بن حبان قال: وأسند الموقوف، يعني: ذكر المرفوع وهو موقوف.
وأخرجه ابن ماجة في «سننه» أيضا من طريق أبي مصعب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحلت لنا ميتتان: الحوت والجراد» انتبه الآن دائما نحن نذكر الأحاديث المرفوعة في هذا الحديث، بعد ذلك بنأتي إلى الأحاديث الموقوفة في هذا الحديث، وبنختم إن شاء الله بعد ذلك بقول الإمام علي بن مديني في ذكره أن الحديث كذلك روي مرسلا.
وانتبه هنا لرواية ابن ماجة هنا الأخرى هذه، الآن في الرواية الأولى ابن ماجة ذكر الحديث كاملا، يعني: مع الكبد والطحال، هنا الآن ذكر فقط الحوت والجراد، ولم يذكر الكبد ولا الطحال، وهذا التخليط والاضطراب يدلك على أن عبد الرحمن بن زيد منكر الحديث ويخلط، وله أوهام، فمرة يذكره كاملا، ومرة يختصره، ورواية ابن ماجة في «سننه» هذه، وهذا سنده منكر كسابقه فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي وهو منكر الحديث لا يحتج به في الحديث.
انظر: «تهذيب التهذيب»، وهذا التخليط في المتن من عبد الرحمن بن زيد هذا، فمرة يقول: «الحوت والجراد، والكبد والطحال»، ومرة يقول: «الحوت والجراد فقط».
فهو حديث منكر مضطرب.
وأخرجه أحمد في «المسند» من طريق سريج قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم، يعني: أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال».
وهذا سنده منكر كسابقه، فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي وهو ضعيف الحديث لا يحتج به، وقد سبق، وسريج شيخ الإمام أحمد في المسند هو ابن النعمان الجوهري اللؤلؤي، وننتبه عن ماذا ننتبه؟ أن الحديث مداره الآن على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، ودائما يذكر مرفوعا.
وأخرجه الشافعي في «المسند» قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، الميتتان: فالحوت والجراد، والدمان: أحسبه قال: الكبد والطحال».
وهذا الشك من عبد الرحمن بن زيد، وهو سيء الحفظ، وبهذا الإسناد أخرجه الشافعي أيضا في كتابه «الأم»، فهنا كذلك عبد الرحمن بن زيد شك في الحديث، وهذا يدل على أنه سيء الحفظ، ما يضبط الأحاديث، مرة يذكره مرفوعا، ومرة يشك فيه، ومرة يذكر المتن كاملا، ومرة يختصره، فلم يضبط الحديث، وهذا يدل على أنه سيء الحفظ.
وأخرجه عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» من طريق عمر بن يونس اليمامي قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، فكذلك ذكره مرفوعا.
وهذا الحديث من رواية عمر بن يونس عن عبد الرحمن بن زيد، وذكرت لكم أن عبد الرحمن بن زيد هذا شيخ الإمام الشافعي، وكما عندكم؛ لأن ذكر أنه أخبره عبد الرحمن مباشرة، أما الروايات الأخرى كما ترون وسوف تأتي كذلك روايات أخرى كلهم يروون بواسطة عن عبد الرحمن بن زيد، أما الإمام الشافعي فرواه مباشرة عنه؛ لأنه شيخه.
وأخرجه ابن حبان في «المجروحين من المحدثين» من طريق يزيد بن موهب، وبه عله الحافظ ابن حبان وأنكر الحديث، يعني: أعل الحديث بعبد الرحمن بن زيد.
وأخرجه الدارقطني في «السنن» من طريق علي بن مسلم، وكذا أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء».
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» في موضعين: في الجزء التاسع والجزء العاشر من طريق الشافعي وسعيد بن منصور، ومن رواية الشافعي أخرجه البيهقي أيضا في «معرفة السنن والآثار»، وأخرجه البغوي في «شرح السنة»، وفي «معالم التنزيل» من طريق الشافعي، وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» من طريق سفيان بن عيينة، وأخرجه ابن الجوزي في «التحقيق في مسائل الخلاف» من طريق سريج، لكن وقع عنده شريح، والصحيح أنه سريج ليس شريح؛ لأن ابن الجوزي يروي هذا الحديث من طريق الإمام أحمد.
وطريق الإمام أحمد شيخه سريج بن النعمان اليمامي، فالاسم محرف في «التحقيق» لابن الجوزي.
وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» من طريق عبد الأعلى بن حماد، جميعهم من هؤلاء الجميع عندنا الذين ذكرناهم فيما سبق، وهم: يزيد وعلي بن مسلم والشافعي وسعيد بن سيب بن منصور، وسفيان بن عيينة، وعبد الأعلى بن حماد، وسريج رووه كلهم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
فكل هؤلاء يذكرون الحديث عن عبد الرحمن بن زيد فالحديث مداره المرفوع على عبد الرحمن بن زيد، هكذا رواه عبد الرحمن بن زيد مرفوعا فوهم فيه، فهذا الحديث مداره على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي وهو منكر الحديث، وانظر: «التاريخ» لابن معين رواية الدوري، وانظر كذلك «الضعفاء والمتروكين» للنسائي، و«التاريخ الأوسط» للبخاري.
ويتبين أيضا من خطأ عبد الرحمن بن زيد قول إسحاق بن عيسى الطباع، قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد يرويه عن أخيه أسامة بن زيد عن أبيه عن ابن عمر، ثم سمعته يرويه عن أبيه عن ابن عمر عن النبي، وهذا الأثر أثر صحيح أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء»، وأحمد في «العلل»، و«معرفة الرجال»، وإسناده صحيح.
فإسحاق بن عيسى يذكر مرة عبد الرحمن يذكره موقوفا، ومرة مرفوعا، وهذا يدل على أنه غير ضابط الحديث، فنصير الآن إلى الحديث مرفوع أو موقوف، أو مرسل، فيدل على أن الحديث لا يصح، ما دام لم يضبط.
ولذلك أئمة الحديث يروون هذه الأحاديث عن الثقات الأثبات الحفاظ، ويروون الحديث على أصله أي: على ضبط الرواة، ولا يكون أولا يروى مرفوعا، وأحيانا موقوفا، وأحيانا مرسلا، أو يروى أحيانا متصلا وأحيانا مرسلا، فأهل الحديث يضبطون الأحاديث من طريق الحفاظ الأثبات.
لماذا؟ هذا هو الأصل في ثبوت الأحاديث التي هي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة رضي الله عنهم، وهذا الحديث المرفوع حديث ابن عمر قد ضعفه الحافظ الدارقطني في «العلل»، والحافظ أبو حاتم في «العلل» أيضا.
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء»: وهذه الأحاديث التي ذكرتها يرويها عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، غير محفوظة، يعني: ضعيفة، منها هذا الحديث حديث ابن عمر: «أحلت لنا ميتتان ودمان».
فالحافظ ابن عدي يبين ضعف هذا الحديث، وأنه غير محفوظ، ولذلك كثير من الناس يروون أحاديث غيره محفوظة، فهي ليست من الدين، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، في القنوات، في المدارس، في الجامعات، في أماكن كثيرة، فلذلك احذر، ما دام هؤلاء ما يريدون يسألون عن دينهم.
عباله الواحد إذا بس خلص إذا حصل علم ما يسأل، وإذا درس في الجامعة أتى ما يسأل، لا، بل أنتم يتعين عليكم السؤال أكثر من العوام؛ لأن أنتم تفتون الناس تتكلمون في الدين، تأمرون الناس بالصلاة وكذا وكذا، خطباء أنتم، لا بد 24 ساعة تسألون أهل الحديث عن هذه الأحاديث، وعن ما ترونه للناس؛ لأن ذلك مسؤولية، فطول اليوم الملائكة تكتب على الشخص، الصغير والكبير، الكلمة والحرف، كل شيء.
وإذا انتهى يوم طويت هذه الصحف، وفيها منكرات القول، وتفتح صحف أخرى اليوم الثاني وهكذا، فلذلك لا تتلفظ بحديث إلا صحيح، ولا تنشر إلا حديث صحيح، وأحكام صحيحة في الأصول والفروع.
تنشر الإرجاء ما بتفلت من الله، تنشر التجهم ما بتفلت، فمصيبة، تنشر الرفض ما بتفلت، فهي بدع قومها هالكون ولا بد.
والحديث أعله أيضا الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى».
ورواه مطرف، قال: حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحلت لنا من الدم دمان، ومن الميتة ميتتان، من الميتة: الحوت والجراد، ومن الدم: الكبد والطحال».أخرجه الدارقطني في «السنن» بهذا الإسناد مرفوعا.
قال الدارقطني: هذا لفظ مطرف، ومطرف هذا هو ابن عبد الله المدني، الآن الإسناد أو الحديث انتقل من عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، إلى عبد الله بن زيد بن أسلم، هذا أخوه، فانتقل وكذلك المتن منكر جدا، سمعتم ألفاظه.
وإسناده منكر فيه عبد الله بن زيد بن أسلم العدوي، وهو ضعيف وله أوهام في الحديث وهذه منها، فمتنه منكر، ورفع الحديث وهو موقوف على ابن عمر، ومتنه هذا منكر.
قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين من المحدثين»؛ عن عبد الله بن زيد: كثير الخطأ، فاحش الوهم، يأتي بالأشياء يعني: بالأحاديث، عن الثقات التي إذا سمعها المبتدأ في هذه الصناعة شهد عليها بالوضع.
وقال أبو زرعة: عن عبد الله بن زيد: ضعيف، وقال يحيى القطان: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن معين: ضعيف.
انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي، و«التاريخ» للدوري، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«أحوال الرجال» للجوزجاني، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي.
وهذا يدل على ضعفه، روايته لهذا الحديث يدل على ضعفه، ولا يحتج به.
في سؤال؟ نكمل الدرس القادم؛ لأنه طويل هذا، في بقية تأتي، هذا الذي بيضته فقط، وإن شاء الله بيكون كتاب كامل، لعل يطبع هذه الأيام.
أحد الحضور: ..
الشيخ: نأخذ سؤالين.
أحد الحضور: يقول: ماذا عن وضع الزيوت الطبيعية على الشفاه في الصيام كزيت الزيتون زيت جوز الهند للترطيب؟.
الشيخ: هذا بينا في الدرس يوم الجمعة في تبيين أحكام الصيام، فلا بأس بوضع الدهون والمرطب للفم وما شابه ذلك، وكذلك للجسم، للشعر، الدهون وغير ذلك مما بيناه، لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالىٰ وضع أمر وضابط، الضابط هو الأكل والشرب، إذا الشخص أكل وشرب بطل صومه، هذا إذا كان عمدا كما قلنا، أما بقية الأشياء ما تفطر نهائيا التي يذكرها المقلدة وكذا ما تفطر أصلا، أشياء عجيبة وغريبة.
إذا أحس نقطة دواء في حلقه يقول لك فيفطر، وأشياء أخرى بيناها كثيرا، ما تفطر هذه بينا، حتى لو حس في حلقه، هذه القطرة الآن في الحلق من الأنف أو العين مثل المضمضة، المضمضة شنو؟ أكثر الماء ينزل في البطن، هذا معفو عنه، معفو عنه أصلا، في أشياء معفو عنها في الدين؛ تيسيرا على الناس، فلا نبطل صوم الناس هكذا بفتاوى مذاهب أو كذا أو كذا، تفتي الناس على الكتاب وعلى السنة مثلما قال الشيخ ابن باز، ما نفتي الناس على مذهب، نفتي على الكتاب والسنة.
وكذا شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ الألباني وغيرهم، والعلماء قديما وحديثا هكذا يقولون، فأنت تأخذ ما صح من أقوال العلماء، والأقوال التي خلط فيها العلماء فلا تأخذ بها، ما بتبرأ أمام الله لا في دنياك، ولا في قبرك، ولا في يوم القيامة، فلذلك في أشياء الله سبحانه وتعالىٰ عفا عنها للناس، لماذا؟
لأن يعلم الله سبحانه وتعالىٰ أن الإنسان ضعيف، فوسع عليه هذا التيسير في الدين، وبينت لكم من قبل كما بين شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في التعليق على صحيح البخاري هذا الدين يسر، كله يسر، كله ما في، لكن عرف من عرف، وجهل من جهل، ناس تصلي صلاة الجمعة وصلاة جماعة في الثلوج، برد شديد تنزل عليهم ثلوج، هذه الرهبانية، هذه مرفوضة الصلاة عند الله، ومرفوضة عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعند الصحابة، والإثم عليهم.
ترى هؤلاء أمراض تصيبهم في كل سنة، الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة الوقت بارد كان فقط، الوقت بارد، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر في «الصحيحين» أن يقول: «صلوا في رحالكم» يوم الجمعة، ما في ثلج في المدينة، هؤلاء ثلج ينزل عليهم وهم يصلون في الخارج في المسجد وما ترخصوا، هذا ليس من الدين أفعال هؤلاء العامة الرهبان، ليسوا من الدين، لا تتبعهم في شيء.
إذا هكذا عندهم، عندهم بلاوى من الباطل في دين الله، في العبادات، في صلاتهم، في صيامهم، في حجهم، في أشياء كثيرة، ولذلك الله عفا عن أمور عظيمة، حتى الناس يصلون فيها، الآن عندك ماذا؟ كما لا يخفى الريح الذي يخرج، الله سبحانه وتعالىٰ لم يأمر به بالاستنجاء منه والطهارة مثل الغائط ومثل البول، لا، يتوضأ العبد ويصلي.
الآن لو رأيت يعني الملابس الداخلية فيها شيء من النجاسة كما هو معروف ولا بد؛ لأن هذا الريح نجس، والناس يصلون بهذه النجاسة، لماذا؟ الله عفا عنهم؛ تيسيرا لهم؛ لأنه يشق عليهم، يعني: كل ما واحد مثلا سوى ريح راح الحمام واستنجى، شغلة، كلما سوى ريح راح، فبيشق عليه، فالله عفا عن الناس.
ولذلك كذلك وهذا باتفاق أهل السنة وأهل التقليد، حتى أهل التقليد يقولون معفو عنه، زين نأتيهم نحن الآن.
عن مسألة البول، البول معروف لا بد يستنجي العبد، لكن أحيانا في الأسواق الشخص في السفر، في بعض الأماكن، تنزل عليه مثل رأس الإبر، فيقول: هذا المسلم لهذا العالم: إن وقعت أشعر مثلا وقعت على ثيابي قطرة، قال: عيد الصلاة، ما يعيد الصلاة، شله يعيد الصلاة؟ الله عفا عنه، وبين السلف في هذا، وبينا وسوف يأتي، هذه التي مثل الإبر الله عفا عنها؛ لأن يصعب على المسلم والمسلمين كشفها أصلا، ثم إذا يكون في السوق أو في السفر أو في كذا، فلا بد أن يغسل الملابس الداخلية، ويشق عليه خاصة في السفر وفي الشتاء والبرد.
وماذا يفعل هذا؟ أينزع مثلا السروال مثلا يغسله في السوق! إذا راح المسجد، يعني: في البيت؟ أو في العمل أو في كذا، معفو عنه هذا كما بين السلف، الإبر مثل الإبر معفو عنها، وبينت أنا في كتابي في سراج المتقين هذه الأمور، هذه الأمور والأحكام أحكام السلف تخليك مرتاح، ما تشق على نفسك، فلذلك ما يغير ملابسه هذا في هذه الأماكن، وكيف يغسله؟ فيشق عليه، فمثل هذا في الغالب ما تدري، ما يدري الشخص أين هي النجاسة، إبرة مثل الإبرة، هذه معفو عنها، كيف ذلك؟ نقول لكم أنتم: أي أشد الريح يخرج من هذا الإنسان أو هذه الإبرة في النجاسة؟ أي أكبر وأي أشد؟ الريح، ومع هذا يقولون إذا سألهم شخص: والله أنا خرج مني ريح كثير معفو عني يقول لك.
هذا المقلدة يقولون: معفو عنه، طيب، هذا أشد تقولون معفو عنه، قطرة بول مثل الإبرة تقول له: عيد الصلاة، بدل سروالك، افعل كذا وافعل كذا، لماذا قالوا هنا هكذا قالوا: هكذا؛ لأن متربين على هذا، متربين من قديم على أن الريح هذا معفو عنه، وهذا غير معفو عنه، لا، بل معفو عنه، ليس كثيرا، نعم، إذا كان البول كثيرا هذا أمر آخر، هذا بينا، ولا بد على المسلم أن يستنجي ويتطهر جيدا من البول، من الغائط.
لكن في أشياء مستثناة، فأنتم ريحوا أنفسكم وريحوا هالناس في العالم وفي البلدان، عشان يحبون هذا الدين، وإلا الناس يقولون إن هذا الدين فيه تشديد، فيك تشدد، أصلا مما كسبت أيديكم ولا في شيء من التشدد، ديننا ما فيه شيء من التشدد، أنتم تربيتم في بلدانكم على هذه الرهبانية، وعلى هؤلاء فتاوى أهل التقليد، فوقعتم في هذه المشقات إلى أن تموتوا.
فلذلك لا بد نعرف هذا الأمر.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.