الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (48) الشرح الكبير على بلوغ المرام: ضعف حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أحلت لنا ميتتان ودمان"
2025-02-17

الجزء (48) الشرح الكبير على بلوغ المرام: ضعف حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أحلت لنا ميتتان ودمان"
المتن:
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالطحال والكبد».
أخرجه أحمد، وابن ماجه، وفيه ضعف.
الشرح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وانتهينا في الدروس التي سلفت عن شرح حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث الإعرابي، وبينا ذلك جملة وتفصيلا، وبينا كيفية تطهير النجاسات، وذكرت ثمان من الطرق، فلا بد على طالب العلم أن يحفظ هذه الكيفيات؛ لأن المسلم معرض للنجاسات، وتخرج منه النجاسات في البول، في الغائط، وأشياء كثيرة لا تخفى عليكم، فلا بد من معرفة كيفية تطهير النجاسات؛ لأن الدين يسر.
فإذا فهم كيفية تطهير النجاسات سهل عليه العبادات، والدين، وأشياء أخرى، فلا بد من الرجوع إلى فقه الصحابة في ذلك، وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالطحال والكبد». أخرجه أحمد في المسند، وابن ماجه في سننه، وبين الحافظ ابن حجر أن هذا الحديث ضعيف.
يعني: المرفوع، فهذا الحديث عندكم ذكره الحافظ ابن حجر مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث هذا أختلف فيه، فبين رفعه وبين وقفه وبين إرساله، فهو حديث مرفوع أو موقوف أو مرسل، لكن الحديث منكر، مرفوعا وموقفا ولا يصح، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن ابن عمر موقوف عليه، واختلاف أهل العلم بيأتي الآن فيه.
فاختلف في هذا الحديث في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي وقفه على ابن عمر رضي الله عنهما، وفي إرساله:
فأخرجه كما ذكر لكم الحافظ ابن حجر ابن ماجة في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والشافعي في «الأم»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «الخلافيات»، والدارقطني في «السنن»، والبغوي في «شرح السنة»، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» كلهم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه زيد بن أسلم عن ابن عمر به مرفوعا.
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم منكر الحديث لا يحتج به، ولذلك قال الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: روى حديثا منكرا، وهو حديث: «أحلت لنا ميتتان ودمان»، وأثر الإمام أحمد أخرجه العقيلي في «الضعفاء»، فهذا الآن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يعل الحديث.
ويقول عن الحديث الذي ذكره الحافظ ابن حجر: حديث منكر، رواه من؟ رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو منكر الحديث، فإذا عندنا الآن الإمام أحمد يعل الحديث، فإذا المقلدة عن هذا الأمر.
وقال ابن عدي في «الكامل في الضعفاء»: بعدما ذكر أحاديث، وذكر حديث: «أحلت لنا ميتتان ودمان» قال: وهذه الأحاديث التي ذكرتها يرويها عبد الرحمن بن زيد بن أسلم غير محفوظة، يعني: كذلك حديث: «أحلت لنا ميتتان» غير محفوظ يعني: معل، ضعيف، فهذا الحافظ بن عدي يضعف الحديث المرفوع.
والحديث المرفوع ضعفه العقيلي في «الضعفاء» في (ج3 ص396).
وقال البيهقي في «الخلافيات»: بعدما ذكر حديث «أحلت لنا ميتتان» قال: فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك الحديث، فهذا كذلك البيهقي الحافظ يضعف الحديث المرفوع المذكور في كتاب بلوغ المرام.
وقال ابن حجر في «التقريب»؛ عن عبد الرحمن بن زيد: (ضعيف)، فيعني الإسناد ضعيف عند الحافظ ابن حجر، والحافظ ابن حجر ذكر الحديث في «بلوغ المرام» وضعفه، الحديث المرفوع.
فهذا طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف الحديث يروي عن أبيه زيد بن أسلم، وزيد بن أسلم من التابعين معروف ثقة، فهذا الطريق الأول.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «الخلافيات»، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الله وعبد الرحمن وأسامة بني زيد بن أسلم عن أبيهم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
فالطريق الأول رواه عبد الرحمن بن زيد عن أبيه، أما هذا الطريق ثلاثتهم، الأبناء بنو زيد بن أسلم يروون هذا الحديث المرفوع عن أبيهم عبد الرحمن وعبد الله وأسامة، وكلهم ضعفاء.
ولذلك قال البيهقي في «الخلافيات»: وقد قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ضعيفة عن زيد بن أسلم.
يعني: حتى الرواية هذه باجتماع الأبناء ثلاثتهم عن أبيهم كذلك ضعيفة، فكذلك البيهقي الحافظ يعل الحديث المرفوع.
والحديث المرفوع هذا ذكره ابن أبي حاتم في «علل الحديث»، وذكر أن أبا زرعة أعله، يعني: كذلك الإمام أبو زرعة يضعف الحديث المرفوع، والصواب أن هذا الحديث لا يصح، لا مرفوعا ولا موقوفا، فهو حديث منكر في رفعه وفي وقفه على ابن عمر.
وقال ابن حجر في «التقريب»؛ عن أسامة بن زيد: ضعيف من قبل حفظه، يعني: سيء الحفظ، لا يحتج به، وهو الراوي الحديث عن أبيه.
وكذلك عبد الرحمن بن زيد مر علينا أنه ضعيف الحديث، ومنكر الحديث، ولذلك قال الإمام أحمد عن هذا الحديث: حديث منكر، وكذلك بيأتي الكلام على عبد الله بن زيد بن أسلم أنه ضعيف كذلك، فهذا عندنا الآن الحديث المرفوع.
ورواه سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر، واختلف فيه على سليمان بن بلال:
فرواه ابن وهب وهو ثقة، عن سليمان بن بلال وهو ثقة، عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به موقوفا.
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى».
وهذا يدل على أن الرواة لم يضبطوا الحديث، فمرة يذكروا الحديث مرفوعا، ومرة يذكرون الحديث موقوفا، ومرة يذكرون الحديث مرسلا، مع ضعف أسانيد هذا الحديث، فهذا الاختلاف ليس فيه ترجيح، هذا الاختلاف يدل على أن الحديث كله غلط في غلط، وأن الرواة هؤلاء لم يضبطوا هذا الحديث فاختلفوا، ولا يرجح؛ لأن في عدد من الفقهاء رجحوا الحديث المرفوع وصححوه.
ومنهم من صحح الحديث الموقوف.
ورواه يحيى بن حسان وهو ثقة عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء»
فابن وهب يرويه موقوفا، ويحيى بن حسان يرويه مرفوعا، ابن وهب ثقة، ويحيى بن حسان ثقة، فلذلك يدل على أن الحديث غير مضبوط، فلم يضبط الرواة هذا الحديث، فلذلك اختلفوا.
والمرفوع أعله الدارقطني بقوله في «تعليقاته على كتاب المجروحين لابن حبان» (ج1 ص160): ليس له إسناد جيد البتة المرفوع.
وعدد من الفقهاء صححوا المرفوع ولم يصيبوا في ذلك، انظر البدر المنير لابن الملقن، والتلخيص الحبير لابن حجر، وغير ذلك، والإمام أحمد، والإمام الدارقطني، والإمام البيهقي وغير هؤلاء الأئمة الذين يعرفون في علم الحديث، ضعفوا الحديث المرفوع.
وكذلك الحديث الموقوف لا يصح للاختلاف، وعبد الرحمن وأسامة كما بينت لكم ضعيفان، وعبد الله بن زيدالراجح فيه أنه ضعيف، ضعفه الإمام ابن معين، وقال النسائي عنه: ليس بالقوي، ولذلك ذكر الحافظ ابن حجر أن عبد الله بن زيد فيه لين، يعني: فيه ضعف في «التقريب».
ورواه كثير بن عبد الله الأبلي عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
وكثير بن عبد الله هذا منكر الحديث، قال عنه البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم كذلك منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وانظر: «الضعفاء» للنسائي، و«التاريخ» لابن معين، رواية الدوري، وكذلك «الضعفاء» للبخاري، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، و«الضعفاء» للعقيلي، فهذه الرواية كذلك ما تصح من رواية كثير.
ورواه المسور بن الصلت، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
ذكره الدارقطني في «العلل»، وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد».
وذكره ابن الجوزي في «العلل المتناهية» وضعفه، يعني الحديث حديث أبي سعيد، والمشهور هذا الحديث من حديث ابن عمر، ولا يعرف عن أبي سعيد الخدري.
والمسور هذا بن الصلت ضعيف الحديث، لا يحتج به، وهذا الحديث مشهور عن ابن عمر، والمسور هذا أسنده وجعله من مسند أبي سعيد الخدري، وأتى بالمنكر.
ولذلك أعله الدارقطني في «العلل» (ج3 ص157).
ورواه سفيان بن عيينة وهو إمام حافظ معروفة، فقال: حدثوني عن زيد بن أسلم مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فصار مرسلا.
ورواه إسحاق بن عيسى الطباع.
فالمشهور هذا الحديث عن أبناء زيد بن أسلم، وهم عبد الرحمن وعبد الله وأسامة، فهذا غير.
ورواه إسحاق بن عيسى الطباع قال: حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم، قال: حدثني أبي عن ابن عمر قال: «أحل لنا من الميتة ميتتان، ومن الدم دمان، من الميتة الجراد والحوت، ومن الدم الطحال والكبد».
أخرجه الإمام أحمد في «العلل ومعرفة الرجال».
وإسحاق الطباع هذا يخطئ ويخالف، وعبد الله بن زيد ضعيف الحديث، ويخالف الثقات.
قال عنه ابن حجر في «التقريب»: صدوق فيه لين، يعني: فيه ضعف، وانظر الآن ماذا نقل به إسحاق.
ورواه إسحاق بن عيسى الطباع قال: سمعت عبد الرحمن، فمرة يقول سمعت عبد الله بن زيد، ومرة يقول: سمعت عبد الرحمن بن زيد، يرويه عن أخيه أسامة بن زيد عن ابن عمر، ثم سمعته يرويه عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
أخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء».
فخلط خلطا شديدا هذا الطباع، وهو صدوق لكنه يخالف الثقات، وفعلا لو ترى أنه خالف الثقات فمرة يرويه عن عبد الله بن زيد، ومرة يرويه عن عبد الرحمن بن زيد، وعبد الرحمن يرويه عن أخيه أسامة بن زيد، انظر كيف ينتقل من إسناد إلى آخر.
يقول: ثم سمعته يرويه عن أبيه يعني: زيد بن أسلم، عن ابن عمر عن النبي مرفوعا، وهناك موقوفا، فهذا الحديث غير مضبوط، فكيف يصحح المرفوع، وكيف يصحح الموقوف، والأحاديث الصحيحة تغنينا عن هذا الحديث في حل السمك، وبيأتي الأمور الأخرى، في أثناء الشرح سوف نتكلم عن الطحال وعن الكبد وعن الحوت، الحوت يعني الأسماك، والجراد فيه أحاديث كذلك صحيحة يجوز أكل الجراد.
ورجح أبو زرعة كما في «العلل» لابن أبي حاتم الموقوف، فقال أبو زرعة: والموقوف أصح.
والحديث المرفوع ضعفه البوصيري في «مصباح الزجاجة»، وأعله بعبد الرحمن بن زيد، وبينت لكم أن يحيى بن حسان البكري ثقة، وسليمان بن بلال ثقة، وابن وهب معروف ثقة، فلذلك ما يصير أصلا نرجح وهذه الاختلافات الموجودة أصلا، وأن هذا الحديث متنه منكر أصلا، فلا يصح.
والدارقطني رحمه الله تعالى في «العلل» رجح وقفه، ولا يلزم من الأئمة أو عدد من الأئمة إذا قالوا: إن الصحيح الموقوف، أن يكون صحيحا عندهم لكن ينظرون إلى الشهرة، فالمشهور موقوف على ابن عمر، لكنه ما يصلح للاختلاف وضعف الأسانيد، وهذا الحديث غير مشهور عن ابن وهب ولا عن أحد من هؤلاء الثقات، هذا الحديث مشهور عن أبناء زيد بن أسلم، هم الذين رووا هذا الحديث عن أبيهم، وهو المشهور.
فإذا انتقل عنهم لا يصح، وهذا من الاختلاف، فالمشهور عن عبد الرحمن وأسامة وعبد الله عن أبيهم زيد بن أسلم، وهذا الاختلاف يعني مشهور ومعروف، وفي الحقيقة متنه منكر مرفوعا وموقوفا؛ ولذلك ما قال النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الكلام ولا ابن عمر رضي الله عنه قال بمثل هذا الكلام.
والركاكة معروفة في هذا الحديث، وهناك أحاديث صحيحة تكفي عن هذا الحديث، وهو حديث منكر.
ولذلك الإمام أحمد قال عن المرفوع: حديث منكر، وغيره.
والحديث المرفوع هذا أعله ابن الجوزي في «العلل المتناهية».
وهذا التخريج باختصار وإلا سوف ترونه كتابيا أبسط من هذا، وهذا هو الصحيح أن تقول: مبسوط؛ لأنه الآن إذا قال في شيء من السهولة وشيء يقولون ماذا؟ بسيط، الشيء الواسع، البسط.
فهذا الحديث سوف ترونه مبسوطا في يعني جزء كامل؛ لأنه مشهور والفقهاء يقولون به وهذا التخريج واضح، وهذه الأئمة الآن يعلون هذا الحديث.
ولعل شرح الحديث إن شاء الله الدرس القادم، وحتى عندنا هنا المحقق يقول: لا يصح رفعه، بل الصحيح أنه موقوف، لا يصح رفعه ولا الموقوف كذلك؛ لأنهما اغتروا برواية يحيى بن حسان وهو ثقة عن سليمان بن بلال وهو ثقة، وكذلك رواية ابن وهب عن سليمان بن بلال؛ لأنه أوقفه، وحتى منهم من قال مثل هذا المحقق إن كان موقوفا فله حكم المرفوع، هذا الحديث لا يصح أصلا ولا نحتاج أن يكون في حكم المرفوع ولا في حكم الموقوف، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن ابن عمر.
ولعل شرح الحديث هذا في الدرس القادم.
هذا بالنسبة لو نسي صلاة الفجر وصلى الظهر؟، هذا خلاص يصلي صلاة الظهر، وبعد ذلك يصلي صلاة الفجر ما دام أنه صلى صلاة الظهر، فيصلي صلاة الظهر وبعد ذلك يصلي صلاة الفجر لكن إذا كان الأمر قبل دخول وقت صلاة الظهر فيصلي أولا الفجر ثم بعد بعد ذلك يصلي الظهر لترتيب الصلوات .