القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (46) الشرح الكبير على بلوغ المرام: طرق تطهير المائعات من النجاسات

2025-02-13

صورة 1
الجزء (46) الشرح الكبير على بلوغ المرام: طرق تطهير المائعات من النجاسات

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن كيفية تطهير النجاسات، وبينا عن القسم الأول كيفية تطهير النجاسات الجامدة، وبينا هذا بالتفصيل.

في هذا الدرس سوف نتكلم عن القسم الثاني، وهذا القسم المائعات المتنجسة، وبين الفقهاء مثل المائعات المتنجسة السوائل مثل الماء، مثل اللبن، مثل العصير، مثل الزيت وغير ذلك، وبيأتي تفصيل هذا الأمر، وهذا القسم من المائعات ضربان:

الدرب الأول: الماء، تطهيره.

الدرب الثاني: غير الماء، كالزيت واللبن والعسل، وغير ذلك.

وتطهير المياه المتنجسة، والمياه اتفق الفقهاء على إمكان تطهيرها، وقد اهتم الفقهاء قديما وحديثا بتطهيرها؛ لكثرة الابتلاء بنجاستها، والداعي الحاجة إلى استعمالها في الشرب والتنظيف والوضوء والغسل، فاهتم الفقهاء بتطهير الماء؛ لأن الناس يحتاجون وخاصة في العصور القديمة في آبار وفي أوانية، ما في أنابيب مثل الآن، والماء كذلك قليل، فلعل الماء موجود ويحتاجون إليه، فتقع فيه نجاسة من بول مثلا كلب أو غير ذلك، فماذا يفعلون في طرق تطهير الماء؛ لكي يستعمل مرة ثانية.

وإلا ممكن ألا يكون إلا هذا الماء، أو الماء قليل، فإذا ما يكون تطهير له فسد فيرمى وهكذا.

الطريقة الأولى: ترك الماء المتنجس حتى يزول تغييره بمكث أو شمس، أو ريح، أو غير ذلك، فهذه الطريقة الأولى.

الطريقة الثانية: إضافة ماء طهور إلى الماء المتنجس حتى يزول ويتغير من النجاسة إلى الطهر، هذه الآن الطريقة الثانية.

الطريقة الثالثة: في تطهير المائعات مثل الماء، إضافة طاهر غير الماء إلى الماء، لتغيره بنجاسة حتى يزول تغيره، كالتراب والزعفران والنورة والجص.

الطريقة الرابعة في كيفية تطهير المائعات: التطهير بالنزح من الماء المتنجس، هذا بالنسبة الآن للماء.

القسم الأول: المائعات المتنجسة وهو الماء، كيف تطهر الماء؟ هكذا تطهر الماء هكذا، وبيأتي تفصيل هذا الأمر.

القسم الثاني: تطهير المائعات المتنجسة غير الماء، مثل: اللبن والعصير والسمن والزيت وغير ذلك، لعدد من الفقهاء والفقهاء لهم كلام في هذا، يعني: مخالف للكتاب والسنة، وفي شيء يعني صحيح سوف يأتي الكلام عليه؛ لذلك ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى لا يمكن تطهير هذه المائعات من لبن وزيت وغير ذلك، خالفوا في ذلك الحنفية.

هذه الطريقة هي ممكن يطهر، لكن الناس يستقذرون هذا الأمر، فالآن لبن عندنا في إناء متوسط سقطت فيه مثلا صرصور، الآن الناس يستقذرون هذا الشيء، يعني: للشرب الآن، بيشربون منه، من اللي يشرب هذه؟ هذا مستحيل، الحين أشياء مغسله ومنظفة وما أدري شنو وذاك وذي، فنقول شنو؟ الآن نزيح هذا الصرصور، هو نجاسة بعد كذلك يسيرة؛ لأنه يلاقي النجاسات وغيره.

فأنت لو أضفت عليه لبن آخر بيطهر أو لا؟ بيطهر، لكن الناس يصعب شنو؟ يشربون الآن، يشربون منه صعب، لكن هذا يترك؛ لأنه مستقذر من الناس، ولا يضاف عليه لبن طاهر، فيشربون من اللبن الطاهر، وانتهى الأمر، كذلك نفس الطريقة في العصير، والزيت وما شابه ذلك، فيتركون هذا؛ لأنه مستقذر عندهم، في الزيت نجاسة، بتضيف عليه مثلا زيت آخر بيطهر، لكن هناك نجاسات كبيرة مثلا ممكن تقع دجاجة مثلا في الزيت، والزيت هذا في طشت مثلا وما في أحد يدري بهذه الدجاجة أو هذه الحمامة فتتعفن، فتفسد كل الزيت.

فهنا لا يطهر هذا الزيت، لو أضفنا عليه بيطهر؛ لأنه قليل، فهذه الأشياء ذكرها الفقهاء لكن يعني مثل الفرضية؛ لأن الناس عندهم الزيوت في علب، في ما أدري شو، والزيت دائما يكون الاستعمال قليل، ما بيكون مثلا في حوض أو في كذا، أو في كذا، فأشياء يعني مثل فرضية، لكن نحن نذكرها؛ لكي يكون طالب العلم على دراية بما يقرأه في الكتب، ويقرأ هذه الأشياء فيعلم إنه أخذنا هذه الأشياء في الدروس، وصار عنده علم في هذا الفقه، وكلام أهل العلم.

فلذلك الناس يستقذرون هذا الأمر فيستخدمون الزيت الطاهر بدل أن يضيفون عليه زيت آخر، أو لبن على لبن، وكذلك بالنسبة إذا في اللبن نجاسة، وصبوا عليه ماء فسد، الناس ما بيشربونه، فلماذا نصب عليه الماء؟ نشوف لنا لبن ثاني، فلذلك هذه الأمور تكلم فيها أهل العلم، لكن على هذا التفصيل الذي تكلمنا فيه، ولذلك لا حاجة لنا في تطهير هذه الأشياء، حتى لو فيه نجاسة؛ لأن ذلك فيه المشقة للناس، وخسائر، فيترك هذا اللبن والزيت والسمن، والعصير الذي فيه نجاسة، وممكن نستخدم شيء ثاني.

لكن كان مثلا في عهد الرسول، كان في عهد الصحابة، الزيت قليل، السمن قليل، عندما وقعت الفأرة في السمن، في الدهن، وكان جامد النبي صلى الله عليه وسلم -بيأتي الكلام على هذا- النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خذوا ما حولها وارموها»، والنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عندما زاح النجاسة؛ لأنه جامد، لكن لو كانت مائعة فبتكون النجاسة في كل الزيت، ففسد، ما في فائدة، لكنه جامد أخذوا ما حولها واستخدموا هذا السمن، كذلك بهذه الطريقة يعني تطهيرها فيه تضييع للوقت أصلا، بجيب لبن ثاني، أو بجيب زيت ثاني أو ما أدري كذا وكذا، في خسائر.

خلاص، هذا الزيت يترك، ويستخدم غيره، وكذلك لأنك إذا أضفت الماء على اللبن فسد، وإذا أضفت الماء على الزيت فسد، فإذا أصفت الماء على العصير فسد، فلا حاجة لنا فيه وهو فاسد، ما نستطيع نشرب اللبن ولا العصير ولا غير ذلك، فنستخدم شيء جديد.

وانظر في هذا: «المغني» لابن قدامة، و«المجموع» للنووي، و«الحاشية على الشرح الكبير» للدسوقي، و«نصب الراية» للزيلعي، و«فتح القدير» لابن الهمام، و«مطالب أولى النهى» لمصطفى السيوطي، و«الفتاوى» لشيخ الإسلام ابن تيمية.

فعندنا بالنسبة لتطهير المائعات المتنجسة:

الطريقة الأولى: ترك الماء المتنجس حتى يزول تغييره بمكث أو شمس أو ريح أو غير ذلك، فهذه الطريقة الأولى، بمكث هذه النجاسة في الأرض، فتمكث النجاسة فترة، يومين، ثلاثة أيام، أربعة أيام، أو الماء أو الأرض تصيب هذا الماء الشمس، أو الريح تضرب في هذا الماء أو الأرض أو ما شابه ذلك، وإذا كان كثيرا يعني: الماء، وأنه يطهر بذلك، فعندنا الآن الطريقة الأولى: ترك الماء هكذا كما بينت لكم بالمكث أو الشمس أو الرياح أو غير ذلك، إذا كان الماء كثيرا فيطهر، وقعت فيه نجاسة والماء كثيرا فيطهر، وهو ظاهر مذهب الحنفية وذهب إليه المالكية في أحد القولين، والشافعية في المعتمد، والحنابلة أن كثرة المكث والشمس إذا أصابت هذا الماء والهواء أن هذا الماء يطهر.

والعلة في تنجسه تغييره بالنجاسة، فإذا زال تغيره طهر الماء، فيطهر بنفسه هكذا، بخلاف قول المالكية المعتمد من مذهبهم أنه لا يطهر، والصحيح أنه يطهر الماء الكثير المتنجس، يطهر إن زال تغيره بمكث وبنحوه، هذا بالنسبة الآن للماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة ورأينا هذه النجاسة موجودة، وأثر النجاسة موجود في الماء.

فهذا الماء بكثرة المكث وضرب الهواء فيه والرياح، والشمس، فيكون طاهرا، فهذا الماء يطهر، وهذه الطريقة الأولى، كيف تطهر الماء بالمكث والشمس والرياح وما شابه ذلك، فهو يطهر بنفسه، بشرط أن يكون الماء كثيرا، وخالف في ذلك المالكية لكن الصحيح أنه يطهر وهذا الذي كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة، تقع النجاسات، وبيأتي الكلام في هذا في الأحاديث التي سوف تأتي في الكتاب.

الآن نحن نتكلم عن الكيفية، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يستعملون هذه المياه بكثرة الشمس، الرياح، وما شابه ذلك، وهناك كذلك عندهم آبار، وعندهم مياه، فلذلك الصحيح أن يطهر الماء الكثير المتنجس بهذه الطريقة، وأما الماء القليل المتنجس فلا يطهر بالمكث، وبالشمس، وبنحوه؛ لأن القليل يتنجس بمجرد ملاقته النجاسة، وإن لم يتغير بها.

وهذا الماء القليل نجس بعينه، صار الآن نجس وهو قليل، بل كثرة المكث وضرب الشمس والهواء يتعفن هذا الماء القليل، ويصير له رائحة نتنة؛ بسبب هذه النجاسة؛ فلذلك إذا كان الماء قليل المتنجس لا يطهر بكثرة المكث، وإصابة الشمس به، والرياح وما شابه ذلك؛ لأنه قليل، لكن إذا كان كثيرا فيطهر، هذه الآن عندنا الطريقة الأولى.

الطريقة الثانية: إضافة ماء طهور إلى الماء المتنجس؛ حتى يزول ويتغير من النجاسة إلى الطهر، الآن عندنا الطريقة الثانية في كيفية تطهير الماء، عندنا ماء وقعت فيه نجاسة من سؤر كلب، من سباع، وأشياء كثيرة، القطط هذه تبول، يعني: خاصة في عهد الصحابة، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، في الأماكن الآن القرى في آسيا وغيرها وإفريقيا، للآن هذه الأشياء موجودة، الأواني محطوطة في الحوش، فتأتي القطط ممكن تبول، السباع، أشياء كثيرة.

فالآن ماء أصابته نجاسة، والناس يحتاجون في هذه البلدان إلى الماء، فيضاف عليه ماء أكثر منه، فإذا غلب على ظننا أن النجاسة زالت بصب الماء وكثرة الماء، فغلب على ظننا أنه زالت فهذا الماء يكون طاهرا، الناس يستقذرون هذا الماء كما بينا أو أشياء أخرى، فهذا أمر ثاني، لكنا نقول بالنسبة للطهارة: إن الماء هذا طاهر، هذا الماء طاهر، هذا الماء يختلف بكثرة الماء المتنجس وقلته، وكذلك إضافة الماء القليل والكثير؛ لأن الآن لا بد أن ننظر:

إذا الآن الماء قليل، وقعت فيه نجاسة، وعندنا ماء قليل، لو أضفنا عليه ما طهر ولا تغيرت النجاسة ولا زالت، فالماء يبقى نجس لا يطهر.

لكن إذا عندنا ماء من حوض متوسط مثلا طشت مثلا وفيه ماء، وعندنا ماء كثير، هذا الطشت الآن أصابته نجاسة، عندنا ماء كثير، فمثلا من الدلو ثلاثة أو أربعة، ضفنا عليه فهذا الماء يكون طاهرا؛ لأنه بيتغير، وأثر النجاسة بيزول، وهذا بالمشاهدة، فهذا يعتبر طاهرا فيجوز للناس أن يتوضؤون منه وأن يغتسلون منه، فلا بد النظر إلى كثرة الماء وقلته.

أن يكون الماء المتنجس قليلا، أنه يطهر بإضافة ماء كثير، فيضاف بعضه بعضا، فهذا يطهر، أما إذا كان الماء المضاف قليلا فلا يطهر الماء المتنجس؛ لأنه لا يكفي في تطهيره بالماء القليل؛ لأن النجاسة باقية، فلا فائدة من هذا الماء، والأفضل لهؤلاء أن يسكبون الماء المتنجس ويستخدمون الماء الطاهر بدل ما يضيفونه.

وعندنا كذلك مسألة التيمم، وهذا تكلمنا عنه كثيرا، فعندنا الحنفية قالوا: يطهر بإضافة ماء كثير، أو قليل عليه، لكن الصحيح لا بد أن يكون الماء كثير، والشافعية قالوا: أن يكون الماء المضاف قلتين يطهر، وكذلك قالت الحنابلة: هذا ينظر في كثرة الماء، قلتين أو أكثر، ويغلب على الظن أن هذه النجاسة زالت، فهذا بعد ذلك يعتبر الماء طاهرا، فيجوز الوضوء به، والاغتسال به والتطهر به.

المالكية قالوا: يطهر بمطلق الإضافة من الماء، وبينا التفصيل الصحيح في هذه المسألة، إذا كان الماء كثير ولاقى نجاسة فلا تأثر فيه، إلا إذا رأينا تغييره من لون أو رائحة أو طعم، فيضاف إليه ماء فيطهر.

إذا كان الماء كثير ولاقى نجاسة كما بينا في الدروس التي سلفت، فلا يضر الماء الكثير، وخاصة مثل البرك وغير ذلك، هذا ما يضر، ما تضر النجاسة، لكن إذا رأينا في تغير الماء في هذا الماء الكثير، قلتين أو قلة أو غير ذلك، فهنا عندنا ماء كثير يكون أضعاف هذا الماء المتنجس، فيضاف عليه فيغلب على الظن أن هذه النجاسة زالت، فهذا يعتبر الماء طاهر.

وانظر فيما سلف: «الحاشية على الشرح الكبير» للدسوقي، و«المهذب» للشيرازي، و«المغني» لابن قدامة، و«الحاشية على الشرح الصغير» للصاوي، و«المجموع» للنووي، و«فتح القدير» لابن الهمام، و«رد المحتار» لابن عابدين، وغير ذلك من كتب الفقه، والأجزاء الأرقام موجودة والصفحات موجودة، أي واحد يريد موجودة.

هذه الآن الطريقة الثانية.

الطريقة الثالثة في تطهير المائعات مثل الماء: إضافة طاهر غير الماء إلى الماء، لتغيره بنجاسة حتى يزول تغيره، فإذا أضيف إلى المتنجس عين طاهرة غير الماء، هذا عند الفقهاء، كالتراب والزعفران والنورة والجص، فالصحيح لا يطهر الماء المتنجس هنا؛ لأن وإن كان الماء يصفى ويتغير بهذا الطاهر، لكن النجاسة باقية؛ لأن لا بد أن تخفى النجاسة في المخالط، فلا يطهر الماء بانقلاب العين؛ لأن أصلا إذا وضعنا التراب القليل أو الكثير فسد أصلا، وخاصة إذا كثر التراب فسد هذا الماء أصلا.

فلا يتطهر به الناس، أو الزعفران مثلا ما بيطهر؛ لأن عين النجاسة موجودة، أو بالنورة، فهذه الأشياء أصلا تفسد الماء، وكذلك إذا كثر التراب فسد الماء، التراب يفسده، فلا فائدة منه، وكذلك النورة وما شابه ذلك؛ لأن الشخص إذا أراد أن يغير النجاسة لا بد أن يكثر من التراب، من النورة، فسد الماء، وإلا يعني أصحاب المذاهب يجوزون هذه الأشياء، فلو مثلا لا يوجد إلا هذا الماء وفيه هذه النجاسة، خلاص الناس يتيممون وانتهى الأمر.

لأن هذه الأشياء فيه مشقة على الناس، يأتون بالتراب، يأتون بالزعفران، الزعفران يبقى حق الطبخ أحسن، مو بحق تغيير النجاسة، النورة خله في بيتكم أحسن لك، بالجص والنورة حق تغيير النجاسة، هذا كله فيه مشقة على الناس، وصرف لا فائدة منه، والله سبحانه وتعالىٰ يسر للناس، والرسول صلى الله عليه وسلم يسر للناس، يتيممون وانتهى الأمر.

فلذلك هذا الأمر أصلا إضافة الشيء غير الماء مثل التراب وغير يفسد الماء، ولذلك مثلا تغيير النجاسة بالتراب والزعفران لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، هذه الأشياء، لو في شيء؛ لبينه النبي صلى الله عليه وسلم للناس، والصحابة رضي الله عنهم لم يبينوا للناس هذا الأمر.

الطريقة الرابعة في كيفية تطهير المائعات: التطهير بالنزح من الماء المتنجس، النزح إزالة الشيء، كما يقولون العوام، يشيلون الشيء، مثلا: فأر سقط في بئر، يشيلونه، النزح هكذا، الآن عندنا البئر إذا سقطت فيه شاة وماتت، فالشاة هذه نجسة، ميتة لأنها، الآن الماء هذا يعتبر نجس، أو سقطت فيه حمامة وماتت، أو دجاجة، أو قطة، أو غير ذلك، أو سبع، أو سباع، يأتون يبولون في هذا البئر مثلا نقول، هذه كلها ذاكرينها الفقهاء، لا بد تعرفون هذه الطرق؛ لأن ممكن تقرؤون في كتب الفقه، فتجدون هذه الطرق، فيكون أنتم تعلمتم هذه الطرق، وتعرفون مقصد الفقهاء في كتبهم من ذلك، وتعرفون القول الراجح.

وإلا كلام الفقهاء في كتبهم وفي الشروح كثيرة، هذه كلها الكلام مهذب على الراجح الصحيح وإجماع الصحابة رضي الله عنهم، فالبئر هذا مثلا سقطت فيه شاة ماتت، أو حمامة، أو دجاجة، أو غير ذلك، أو في خزان الماء مالي بيوتكم، سقطت حمامة شيء، أي شيء، كشفت هذه الخزان ولا رائحة، وغير ذلك فإذا نزح منه هذه الأشياء ينظر في الماء الباقي.

أنت الآن شلت هذه الغنمة أو الحمامة أو الدجاجة، في رائحة صارت مثلا فينظر إلى الماء الباقي، إذا نزحت زالت هذه الحمامة أو الغنمة أو غير ذلك، أو رأينا في البئر تغير، سباع تبول أو سقطت فأرة خاست، فممكن الماء راكدا، وممكن يتحرك، ممكن يكون راكد، وممكن يتحرك، ينظر في هذا الأمر كذلك، فإذا تغير بأحد الأوصاف الثلاثة من لون أو طعم أو رائحة، فهو نجس الآن، فهو نجس، وإلا فلا.

فإذا زلنا هذه الحمامة، الدجاجة، أو أي شيء، ما رأينا رائحة، ما رأينا تغير الطعم، ما تغير اللون؛ لأنه ممكن يتغير وممكن ما يتغير، ممكن الآن سقطت اليوم وماتت الحمامة، أو مثلا الغنمة، علمنا بعد ثلاث ساعات، هنا ما بتخيس لا، ما بتعفن هذه الغنمة ولا الحمامة ولا كذا، فتزال، ينظر بعد ذلك إلى الماء، فإذا لم يتغير وأموره طبيعية ومستقرة، فالماء يكون صاحي للاستعمال، فيجوز الشرب منه.

بعض الناس يستقذرون هذا الماء، هذا شيء ثاني لهم يعني، لكن في الشرع الآن طاهر، فيجوز الوضوء منه، والاغتسال منه، تغسيل الأواني وما شابه ذلك، لكن إذا تغير، رأينا رائحة، اللون؛ لأنه ممكن مكثت الغنمة أو الحمامة أو الفأرة يوم ويومين، تصير جيفة، فهنا الآن الآبار هذه في الغالب تتحرك، فعلينا نزح هذا الماء بدلو مثلا، نزحنا الماء بخمسة من الدلو أو العشرة، الآن اللي تحت شنو؟ بينبع، كلما زحنا نبع مرة ثانية البئر، والآن بعد في مضخات، فترفع الماء، فإذا زالوا مثلا الماء الذي فوق المضخة مرة ثانية تدفع من الأرض إلى أعلى، وممكن يبقى أثر للنجاسة.

إذا جاء الماء هذا الذي ينبع أو المضخة أو مثلا من الأنابيب المعروفة إذا رأينا مثلا خزان فيه حمامة خاست شيء، أو أي شيء، فنزيح الماء الموجود في الخزان، وبيأتي الماء من جديد، فنزحنا الآن النجاسة مع الماء النجس، جاء الماء الجديد فيعتبر طاهر.

وأكبر دليل يعني حصلت أشياء كثيرة من الناحية هذه، الخزانات وجدوا حمامة، وجدوا كذا، وجدوا فأرة، فشالوا الفأرة أتى بعد ذلك الماء الجديد فالناس يستخدمون هذا للأواني، للغسل، للوضوء، وما شابه ذلك، هذه طريقة النزح، وهذه الطريقة معتبرة، فهكذا، كذلك البئر، أما الماء القليل فلا فائدة منه، ما في فائدة، لكن نقول مثلا بئر، فننزح مثلا دلو خمسة ستة، فسوف يرتفع الماء من الأرض إلى فوق، وبيجدد الماء.

ونظرنا وغلب على الظن أن الماء مستقر، وطيب، وأن النجاسة زالت خلاص انتهى الأمر.

الطريقة الخامسة: التطهير بالنضح، النضح في اللغة يطلق على الصب والرش، وهو نفض الماء، تأخذ ماء هكذا في يدك تفعل هكذا الرشاش، لذلك يسمون ذي حق الغسل رشاش؛ لأنها رش مو بصب، لكن في اللغة النضح يطلق على الصب والرش، ويكون النضح هذا مثل المطر القليل، ومثل كرؤوس الإبر، فهذا يسمى النضح، وهو رش الماء باليد.

وذكرت لكم أن النضح يسمى صب ورش؛ لأن في أحاديث سوف تأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم صب على بول الرضيع، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على بول الرضيع.

الآن تبين لك الصب شنو؟ الرش؛ لأن ممكن تقرأ الأحاديث تعرف فتكون طالب علم حقيقة، تقرأ هذا ما تحتار، مكتوب صب، الذي لا يعرف شيئا فيظن الصب شنو؟ الماء بالدلو أو باللولب، الحنفية أو بأي شيء.

لا، هنا الصب الرش، ولذلك بعض أهل العلم عندما رأوا هذه الرواية الصب قالوا: إن بول الرضيع يصب عليه، ولا يرش، لكنا نقول لهم: هنا الصب الرش، فبول الرضيع يرش عليه هكذا مرة مرتين وانتهى الأمر، ولا يصب صبا الماء، فهذا الآن عندنا النضح رش الماء باليد للرضيع الذكر، الأنثى لا، لا بد يصب على بولها حتى لو كانت رضيعة.

والرضيع والنضح من بول الرضيع هو الصغير الذي بعد يرضع من اللبن، من الحليب فقط، يعني: ما يأكل، لا يأكل لحم، ولا يأكل سمك، ولا شيء، بس حليب، لكن في القديم العرب يسمونه لبن، احنا نسميه حليب، حليب الأم.

فالنضح من بول الرضيع بشرط أن لا يأكل، بس فقط يرضع لبن حليب، فيحصل بالنضح الذي بمعنى الرش، فيحصل به التطهير من بول الرضيع، وإليه ذهب الشافعية والحنابلة في بول الذكر دون الأنثى، والنخعي والأوزاعي أضافا مع بول الذكر بول الأنثى، فبول الأنثى الرضيعة يغسل بالماء، وبول الذكر الرضيع يرش، لماذا؟

لأن الأنثى ينتشر بولها، الرضيعة ينتشر بولها هنا وهنا، ولا بد من تتبع الماء لبولها، وأما الذكر فيبول في مكان واحد، فيرش عليه، يؤخذ الماء ويرش مرة ومرتين، وممكن ثلاث وانتهى الأمر، هذا طهر، فلا يصيب الناس وسواس ولا أي شيء، سواء على ثوب أو على سجادة أو ما شابه ذلك.

الأنثى لا يكفي الرش، لا بد من الصب، يصب عليه الماء، على بول الرضيعة، لماذا؟ لأن بول الأنثى ينتشر كما هو معروف، فلا بد من تتبع الماء، ويصب عليه، والدليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فأتبعه إياه»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».

وفي رواية للبخاري في «صحيحه» من حديث أم قيس بنت محصن رضي الله عنها: «فنضحه ولم يغسله» يعني: رش عليه، وفي رواية لمسلم في «صحيحه»: «فلم يزد على أن نضح بالماء» يعني: رش بالماء، وفي رواية لمسلم في «صحيحه»: «ولم يغسله غسلا» يعني: لم يصب عليه الماء، ولم يفركه، بيأتي الآن عندنا من الطرق تطهير النجاسة، الفرك والدلك والحت وغير ذلك.

وفي رواية عند أبي داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يغسل من بول الجارية وينضح من بول الغلام» فهذا يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين تطهير بول الجارية الرضيعة الصغيرة التي تشرب اللبن، وبين تطهير بول الرضيع الذكر الذي يشرب اللبن، الرضيعة لم تأكل، والرضيع لم يأكل، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن «بول الجارية يغسل»، يعني: يصب عليه الماء، «وينضح من بول الغلام» يرش، فهذا يعني دليل على التفريق بين بول الجارية وبول الرضيع.

وفي رواية من حديث أم قيس: «فرشه» يعني بول هذا الرضيع الذي بال على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد أبي عوانة في «المستخرج»: «فرشه عليه»، وهذا يدل على أن بول الرضيع الذكر يرش عليه، والجارية الرضيعة يغسل، يعني: يصب.

فالمراد الآن بالنضح هنا الرش، وهذا للتخفيف على الناس، لكن الناس لا ما يعرفون هذه الأمور، لو الرضيع بال ما بيرشون، بيغسلون وبيفركون وحالتهم حالة، وكذلك الجارية نفس الشيء، وفي أشياء جهالات أخرى في تطهير النجاسات عندهم، فلذلك لا بد من معرفة هذه الأمور التفصيلية.

ولذلك يقول ابن القيم في «تحفة المودود بأحكام المولود»: والسنة قد فرقت بين البولين صريحا، فلا يجوز التسوية بينما صرحت السنة بالفرق بينهما، والتفريق بين البولين إجماع الصحابة، هذا هو الفقه، ذهب بالناس إلى فقه الصحابة وانتهى الأمر، هذا هو الفقه الصحيح، فقه الصحابة، فالتفريق بين بول الجارية وبول الرضيع أن بول الجارية كيف يطهر؟ بالغسل والصب، وكيف يطهر بول الغلام؟ بالرش، هذا بإجماع الصحابة كما ذكر، والقول قولهم.

فلذلك فطالب العلم لا حاجة لهذه الخلافيات، فالمجزئ الرش لا غمر المكان بالماء، أو جريان الماء، فيكفي الرش وانتهى الأمر، فهذه النجاسة تزول بسهولة، بالرش على بول الرضيع وانتهى الأمر.

وبين الإمام ابن القيم في «تحفة المودود»: ليس هذا بشرط، يعني: الصب وغسل بول الرضيع، يقول: بل النضح والرش، فلا يلزم إغراق المحل بالماء، كما يفعل العامة في بيوتهم وغير ذلك، وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر، و«معالم السنن» للخطابي، و«لسان العرب» لابن منظور في مسألة النضح، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير، و«المغني» لابن قدامة، و«تحفة المودود لأحكام المولود» لابن القيم، و«فتح الباري» لابن حجر، و«المجموع» للنووي، و«المهذب» للشيرازي.

وكذلك بالنسبة لوقوع الشمس، والرياح، يعني: تطهير النجس بالمكث والشمس والرياح، تطهير الأرض، انظر: «الحاوي الكبير» للماوردي، و«نهاية المطلب»، و«المبسوط» للسرخسي، و«الهداية في شرح البداية» لمرغيناني، و«تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق» للزيلعي، و«البناية لشرح الهداية» للعيني، و«فتح القدير» لابن الهمام؛ لأن هذا بعد مهم.

عندنا المذي بسكون الذال ويجوز المذي بتخفيف الذال، ويجوز تشديد الذال مع التشديد، فيجوز أن تقول المذي بسكون الذال، وتقول المذي بتشديد الذال مع الكسر، والمذي بكسر الذال مع التخفيف.

وعند الناس المذي بكسر الذال، لكن يجوز أن تقول مذي وغير ذلك، عندنا المذي والودي والهادي، نتكلم عنهم يوم الخميس؛ لأن هذه الأشياء مهمة والوذي، ويقال: الوذي، المذي والوذي، وهذا بيأتي على الكلام عليه، وهو غير مشهور عند الفقهاء، لكن ذكره أهل اللغة، نتكلم عليه لا بد.

وبعد ذلك نكمل مسألة التطهير؛ لأن عندنا الطريقة السادسة، التطهير بالدلك والفرك والمسح والحت، وفي عندنا السابعة كذلك، ونتكلم بعد ذلك.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan