الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (42) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج شواهد حديث بول الأعرابي في المسجد وبيان اللفظ الصحيح
2025-02-05

الجزء (42) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج شواهد حديث بول الأعرابي في المسجد وبيان اللفظ الصحيح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وخرجنا حديث أنس في الدرس الذي سلف، وبينا المتن الصحيح بين المتن الضعيف، وهذا الحديث حديث الإعرابي الذي بال في المسجد.
ولحديث أنس شواهد، وهذه الشواهد كثيرة، وتخريجها يطول، فنقسمه على درسين:
الدرس هذا والذي بعده، وهذه الشواهد فيها متون صحيحة، وفيها متون ضعيفة، وهذه المتون، وهذه الألفاظ استدل بها بعض أهل العلم على ضعفها، فلا بد من تبيين هذه الشواهد بذكر الطرق والألفاظ والمتون والرواة.
فعندنا الشاهد الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام إعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
هذا اللفظ صحيح، وقصة هذا الاعرابي بنفس قصة الاعرابي الذي في حديث أنس، فالصحابة رضي الله عنهم يرون الحوادث هذه، وهي أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يروي الحادثة، وهذا يروي الحادثة، لكن كل راوي له شيخ، فالشيخ هذا يروي بهذا اللفظ، وهذا الشيخ يروي بهذا اللفظ، وترى الألفاظ متقاربة في الألفاظ وتختلف بين لفظ وآخر لكن أصل الحديث موجود، فإذا وجدت هناك اختلاف في الألفاظ أو في لفظ، فاعلم أن هؤلاء الراوة الذين نقلوا الألفاظ الأخرى غلط، وبيأتي الآن الكلام على حديث أبي هريرة لأنه طويل.
فأصل القصة هذه بول الاعرابي في المسجد، فتناوله الناس مثل حديث أنس فزجره الناس، والألفاظ الأخرى قام عليه الناس، نفس الشيء، وهذه الكلمات كلها من العرب، فقال لهم النبي: «دعوه» نفس حديث أنس: «دعوه»، «وهريق» نفس حديث أنس «صبوا» يعني: صبوا عليه الماء، «سجلا» هذا اللفظ ليس في حديث أنس، «سجلا» يعني دلو إناء فيه ماء، وسجلا بفتح السين وسكون الجيم، «أو ذنوبا» ذنوبا في حديث أنس، «أو ذنوبا»، وحديث أبي هريرة فيه سجلا، نفس المعنى ونفس الكلام ونفس الإناء، هنا زيادة: «فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين»، وهذا يأتي شرحها وهي مفيدة.
أن هذه الأمة مثل نبيها صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم يسر للأمة، وأمته ميسرة للناس، والنبي صلى الله عليه وسلم بين: «لم تبعثوا معسرين»، فالنبي صلى الله عليه وسلم يسر لهذه الأمة، فالأمة وهي أمة الإجابة مو بأمة البدع والضلالة والجماعات الحزبية لا، هؤلاء عسروا على أنفسهم وعسروا على من معهم، ييسرون شيئا يسيرا، لكن غالب دعواتهم معسرة عليهم وعلى أتباعهم كما ترون، يتعبون ليلا ونهارا، ويذهبون هنا وهناك، وبزعمهم يذهبون يجاهدون، ويذهبون للأعمال الخيرية، وأشياء كثيرة كلها فيها تعسير عليهم بلا فائدة.
﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا﴾ [الفرقان:23]، الهباء شفتوا الغبار إذا ضربته الشمس، تعرفونه أو لم تروه من قبل، هذا هو الهباء المنثور، وبين الإمام الطبري والإمام ابن كثير وغيرهم من أهل التفسير أن هذه الآية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيدخل فيه أعمال الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم، لهم أعمال خيرية، لهم أعمال كثيره كما ترون، ويطعمون الفقراء من المسلمين، وفي رمضان يسوون لكم إفطار صائم.
فهذه كلها أعمال خيرية، أدرام شنو اسمه، هذا يسويها إفطار صائم حق المسلمين، وغيرهم، في روسيا، في ما أدري وين، فأعمال هؤلاء هباء منثورا، بين أهل العلم الذين في الداخل وهم أهل البدع يدخلون في هذه الآية، كما بين الطبري وغيره، يدخلون الخوارج وغيرهم من أهل البدع، يعملون، يصلون ويصومون ويعملون الأعمال الخيرية، ويدعون وعندهم مراكز، وبزعمهم يعلمون القرآن، ويعلمون السنة، لكن بالبدع والضلالة، كل جماعة فرحانة بما عندها من العلم، فهؤلاء كذلك.
ومادام أعمالهم بدعية فالغالب عليها البدع، بيصيبون في أشياء يسيرة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: والذي أصابوا فيه عند أهل السنة، تقول: بتعلم منهم، بأخذ عنهم، بجلس في حلقاتهم، بحضر دوراتهم، اللي صحيح بأخذه، والغلط بتركه، وهذا أضل من حمار أهله، ما يعرف شيء، هؤلاء ما عندهم شيء تتعلم عندهم، لكن التمييع ضرب الناس، وبكثرة، والتمييع فتنة هذا العصر، فهؤلاء مميعة ضلال نفس المبتدعة والحزبية وغيرهم، فهؤلاء عسروا على أنفسهم بلا فائدة.
يأتون في قبورهم ليس لهم أعمال، ولا حسنات؛ لأن الله سبحانه وتعالىٰ ما يقبل البدع، ما يقبل البدع، ولا يقبل الأعمال المخالفة للكتاب والسنة، وإلا لماذا الله سبحانه وتعالىٰ أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هو الميزان بين المختلفين.
يقول شخص: جماعة أو أناس: نحن نوافق الرسول، أحاديث الرسول موجودة، الرسول هو الميزان، نرى أعمالهم بدع وضلالات وأحاديث ضعيفة ومنكرة، ويأخذون بالعموميات، والعموميات ضل بها جميع الطوائف، القديمة والحديثة من الخوارج والجهمية والمعتزلة والإخوانية والداعشية والأشترية وغيرهم، يكفرون المؤمنين، ويضللون المؤمنين، ويطعنون في العلماء، وإلى آخره، كلها بالعموميات، فضلوا.
فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعث ميسر، وبين عن الأمة أن هذه الأمة ميسرة غير معسرة، فأي طائفة تعسر على الناس فليست من أمة النبي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الله سبحانه وتعالىٰ أختاركم أنتم؛ لأنكم ميسرين، وعلمكم النبي صلى الله عليه وسلم كيف تيسرون ولا تعسرون، فالذي يعسر على الناس ليس من الأمة هذا، لماذا؟ لأن هذا بيخالف الكتاب وبيخالف السنة، وبيخالف الصحابة.
والميسر هم أهل الحديث وما في غيرهم، ومن تبعهم من المسلمين قديما وحديثا، هم الذين يعرفون كيف يفسرون العموميات من نصوص القرآن، ونصوص السنة، ونصوص الآثار، ونصوص العلماء، ما يذكرون الشيء هكذا، لا يبينون ويفسرون، فلذلك ينتبه وبيأتي شرح هذا إذا انتهينا من هذه التخاريج، وفيه فوائد لا بد على طالب العلم أن يعرف، النبي صلى الله عليه وسلم بين لكم: «بعثتم ميسرين».
فلا بد عليك إذا أردت أن تعرف أنت على الحق إذا أصبت هذا الأمر، وهذا الأمر فيه صعوبة بلا شك، لكن يسير على من يسره الله عليه، ومن أراد يسأل ويتدرب عليه في دعوته، وفي تعليمه للناس، وفي مشيه في هذه الحياة، ويسأل كيف أفعل هنا، وكيف أفعل هناك، إذا أشكل عليه، وإذا أصعب عليه الأمور ورأى، ما يقف هكذا يجتهد بنفسه، فإذا أصاب التيسير فهذا أصاب الحق، وأصاب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأصاب منهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم.
﴿قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة﴾ [يوسف:108]، على بصيرة يعني على علم ودراية، ولا بد من معرفة أصول الفقه؛ لكي يعرف هذا الشخص هذه العموميات التي يستدل بها جميع الطوائف الضالة، ومن تابعهم من العوام، ينشرون هذه العموميات من النصوص، الكتاب والسنة والآثار، وأقوال العلماء، رغم أن هناك أدلة كثيرة تفسر هذه الأمور، «ولم تبعثوا معسرين» فكيف هذا التعسير عند هذه الجماعات للناس، وهذا التعسير وضرره في البلدان الإسلامية كما ترون، هذه التليفونات الآن فضحت هؤلاء.
كلها تدمير للبلدان من كل وجه، التدمير الحسي والمعنوي، المعنوي تدمير الناس وقلوب الناس، وإماتة قلوبهم بالدين وكذا وكذا، وإلى آخره، واقتصاد الناس والعمارات والبلاوى وذهاب الأمن وغيره، هذه من الأمور الحسية، وهذا ظاهر، وهذا يدل على أن هؤلاء الجماعات ليسوا من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، النبي قال: «بعثتم»، والنبي بعث، فالبعث هذا لا بد يكون موافق للنبي صلى الله عليه وسلم، واللي ما يعرف ييسر للناس ينزوي، لا يبلش نفسه ولا يبلش الناس وياه، ما يستطيع ينزوي وما عليه شيء، المؤمنين معه زيارات، تليفونات، مني ومنك، لكن يجب عليه أن يتمسك بالكتاب والسنة، وإلا لا بد انضباط دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
وبيأتي الكلام بس هذا يعني مثل الفاتحة لكي تعرف ماذا يحدث في الواقع الآن في هذه المجتمعات، أكثره ليس من الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم ما بعث لهذا، بعث للأمن والاستقرار والأمن وغيره، وإتمام الأخلاق، وإتمام التيسير للأمة، مو بهكذا، ولذلك كما ترون في هذه المظاهرات وغيره، كلها تعسير وغيره، ما حصلت هذه البلدان على شيء، فأنتم ما تتبعون هؤلاء في الأفكار وغيره في بلدانكم، في أشياء كثيرة تحدث من المنكرات وغيرها، اصبر، اصبر، الله سبحانه وتعالىٰ يعلم، أنت يعني أعلم من الله الآن! أنت أعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم!
الله سبحانه وتعالىٰ بين أن هناك فسق وفجور وغيره، والرسول صلى الله عليه وسلم بين لكم هناك فتن، لكن ما تحدث بشيء، عليك بالبيان، ولا تخص أحد، ولا تخص كذا وكذا من المسؤولين، وبين هذا حلال وهذا حرام وانتهى الأمر، ما عليك أكثر من ذلك، لكن الأمر الأول ما تقول هذه المنكرات منكرات بعد سنة، سنتين، عشر سنوات، ولا أنت معهم، مع أهل المنكرات، شنو الفائدة إنكارك، مثل الخوارج الداعشية، منكرات منكرات، بعد كم سنة تشوفهم مع الفساق والفجار، يسمونه هذا انتكس، هو أصلا منتكس من قبل، انتكس يقول لك، شنو انتكس، هذا منتكس قبل منتكس في البدعة، الآن منتكس في المعاصي.
يعني: جمع بين البدعة والمعصية، فهذا أدهى وأمر، ما فائدة هذا الإنكار؟ فأنت الأمر الأول والأخير لا يأتي يوم من الأيام، فإذا أنت مع أهل البدع أو أنت مع أهل المعاصي، هذه المشكلة، وإلا ليست مشكلة على الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وثابت على الدين؛ لأن أدى الذي عليه، ما عليه شيء، برئ، بين، نصح، والأنبياء والرسل بلغوا أقوامهم، خلاص انتهى الأمر، منهم من آمن آمن، من كفر كفر، ومن عصى عصى.
فلذلك الشخص يتدين بدون علم ويرى هذه المنكرات ويثور هالثور، ايش فائدة يا الحمار، وأنت تخرب وتفسد وتكفر وغيره، ايش فائدة من إنكارك، إنكار المنكر إزالته، أو تقليله، هذا الذي بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، والشيخ ابن باز في الفتاوى، وما أكثر كلام شيخنا في هذا الأمر في كتبه.
فالمسلم الحق الذي يستطيع ينضبط ويصبر إلى أن يموت على هذا الدين الصحيح، ولا يثور ولا يفعل شيء، ولا يخرج على الناس لا بسلاح ولا بشيء، هذا هو المسلم الحق، غيره ما يفلح، فلذلك اعرف هذا الأمر، فنخرج هذا الحديث الآن حديث أبي هريرة، حديث أبي هريرة هذا أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور الرسول صلى الله عليه وسلم»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى من السنن المسندة»، وأحمد في «المسند»، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم»، والطبراني في «المسند الشاميين»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع»، وابن عبد البر في «التمهيد»، وابن حزم في «المحلى بالآثار»، والبزار في «المسند» من طريق معمر بن راشد الأزدي ويونس بن يزيد الأيلي، ومحمد بن الوليد الزبيدي بالتصغير، وفي من نسبه الزبيدي هكذا وهكذا، وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، كلهم عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره فذكره، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ثقة فقيه ثبت من الطبقة الثالثة، فهؤلاء الثقات الآن رووا هذا الحديث على اللفظ الذي ذكرته لكم، وكلهم من الثقات الاثبات الحفاظ الذين ضبطوا هذا اللفظ.
بيأتي لفظ أو ألفاظ أخرى ما تصلح؛ لأن من يخالف هؤلاء خلاص حديثه منكر، فمعمر بن راشد الأزدي ثقة ثبت من أثبت أصحاب الزهري، ومعمر روى عن الزهري، ويونس بن يزيد الأيلي ثقة ثبت في الزهري، فاحفظ هؤلاء الأئمة، أئمة الأمة الذين خصهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبين عنهم الثقات الحفاظ، اعرف هؤلاء، من يعرف يونس بن يزيد الأيلي الآن؟ ثقة ثبت من أصحاب الزهري.
فهؤلاء المعتمد عليهم في الدين، بهالطقات الموجودة عندنا، كل واحد أجهل من الثاني، ولا يدرون عن هؤلاء، فالذي لا يروي عن هؤلاء ولا ينقل عنهم، فاعلم لا يصيب الدين، ولن يصيب الدين، قصص وما أدري شنو، فلذلك اعرف هؤلاء، هؤلاء هم الذين نقلوا لنا الدين الصحيح، يونس بن يزيد الأيلي ثقة ثبت في الزهري، محمد بن الوليد وهو الزبيدي ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الزهري، حتى قدمه الإمام أبو حاتم في الزهري على معمر بن راشد الأزدي.
انظر، ورغم أنه من الأشهر؟ معمر، وانظر إلى محمد بن الوليد الزبيدي إمام معروف من أئمة أهل الحديث، هؤلاء القصاص والمبتدعة وغيرهم ما ينقلون عن هؤلاء، تقليد فلان وعلان، ولا يعرفون هؤلاء، أهل الحديث ينقلون عن هؤلاء، أمنة الأمة، أمنة الأمة على حديث النبي صلى الله عليه وسلم، نقلوه كما قاله صلى الله عليه وسلم، فعليك بهؤلاء إذا أردت الدين الصحيح، غير ما في، الله ما جعل كاتقولون، ما في إلا صراط شنو؟ واحد، الصراط المستقيم، كا تقولون يا المبتدعة، يا الضلال، الصراط المستقيم صراط واحد، فكيف تعرجون على طرق كثيرة، على اليمين، على اليسار، وتقولون ما في في الدين إلا صراط واحد!
فلذلك صدقتم وكذبتم، صدقتم قلتم صراط واحد، أما تفعلون لنا طرق كثيرة وجماعات وبلاوى وأحزاب، هذه كلها شياطين، فالذي يقول صراط واحد يمشي على الصراط الواحد هذا، والذي بيمشي على صراط الله في الدنيا بيمشي على صراط الله في الآخرة، والذي ما يمشي على الصراط المستقيم في الدنيا، ما بيمشي على الصراط في الآخرة، هؤلاء ما يفهمون، هؤلاء ما يفهمون شيء في ديننا، فلذلك اعرف هذه الأمور جيدا.
ومحمد بن الوليد الزبيدي ثقة ثبت من أثبت أصحاب الزهري، فانظر تلامذة من الإمام الزهري، هؤلاء الأئمة اعتمد الناس عليهم في نقل الدين، وهؤلاء ينقلون العوام عن القصاص، عن الوعاظ، عن الخطباء، مولعين بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، فانظر شعيب بن أبي حمزة ثقة من أثبت أصحاب الزهري، وهو من رجال البخاري، فهؤلاء الآن هم الذين نقلوا لنا هذا اللفظ، وبوب عليه الإمام البخاري في «صحيحه» باب صب الماء على البول في المسجد.
وبينت لكم الذي قال من الفقهاء: يحفر البول، ويلقى في مكان، هذا ما أصاب، هؤلاء الأئمة، أئمة الحديث بينوا وفسروا هذا الحديث، وقالوا: يصب عليه الماء وانتهى، تصب الماء على هذا البول وانتهى، احفظ أنا أبين لكم هذه الطرق وهذه الألفاظ؛ لأن في أشياء بتأتيكم الآن، احفظ هذا اللفظ وهذا الطريق.
انظر أثبات ثقات حفاظ، نقلوا هذا اللفظ، انظر الذين بيأتونكم الآن الذين ينقلون ألفاظ أخرى، وفي لفظ عند البخاري في صحيحه أن إعرابيا بال في المسجد فثار عليه الناس، ليقعوا به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، وأهرقوا على بوله ذنوبا من ماء أو سجلا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
والإمام البخاري أخرجه في «كتاب الأدب»، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا»، فيسروا على الناس، ولا تعسرون على الناس، ولذلك الإخوانية وغيرهم يوعظون الناس ويقولون: الرسول صلى الله عليه وسلم قال لكم: «يسروا ولا تعسروا» وهم يعسرون ولا ييسرون، يقرأ الحديث في شرحه في عمله يعني في الدعوة بزعمه، بيعسر على الناس، روحوا إلى الجهاد، روحوا إلى الصحاري ويحاربوا وهو يجلس هنا، «وأهريقوا» وفي اللفظ «هريق»، أهريق بالهمز في لفظ الإمام البخاري هذا.
في لفظ الإمام البخاري وغيره بدون همز «هريق» وكلها بمعنى واحد، وهذا اللفظ هو الصحيح عن الزهري، الآن تأتيك الأمور الأخرى، اللي هي شاذة، هذا اللفظ لم يختلف الثقات على الزهري، والحديث أختلف فيه على الزهري في سنده ومتنه، فالصحيح الذي سلف:
أولا: فرواه سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن اعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فصلى ركعتين ثم قال: "اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تحجرت واسعا» وفي رواية: «حجرت واسعا» بمعنى واحد، بس في هذه الكلمة زيد تاء، «تحجرت واسعا»، وفي اللفظ الثاني: «حجرت واسعا» بدون تاء «حجرت واسعا».
ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد فأسرع الناس إليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، صبوا عليه سجلا من ماء» أو قال: «ذنوبا من ماء» حديث منكر أخرجه أبو داود في «سننه»، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن عن رسول الله»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى من السنن المسندة»، وأحمد في «المسند»، والحميدي في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «معرفة السنن»، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم»، والشافعي في «الأم»، وفي «المسند»، والطوسي في «مختصر الأحكام»، والدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث»، وأبو يعلى في «المسند»، والبغوي في «شرح السنة»، والفسوي في «المعرفة والتاريخ»، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة».
فذكر الاعرابي هنا زيادة الدعاء، بعد الصلاة بركعتين، فقال: «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا»، فالآن لفظ الجماعة لفظ أبي داود ما فيه الدعاء هذا، ولا فيه أنه صلى ركعتين، لفظ سفيان بن عيينة أن الأعرابي صلى ركعتين وسلم ثم قال الدعاء: «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا»، يعني الدعاء قاله بعد الصلاة، يعني بعد فراغه من الصلاة، وهذا المتن منكر، كيف منكر؟.
لرواية سفيان بن عيينة عند الترمذي في «سننه»، وابن الجارود في «المنتقى»، والطوسي في «المختصر» في شأن الأعرابي، فصلى فلما فرغ قال الدعاء، وهذا يدل على أن الأعرابي في رواية ابن عيينة قال ذلك بعد فراغه من صلاته، وهذا الخطأ من سفيان بن عيينة في هذا الحديث، فقد خالف الثقات الحفاظ في عدم ذكرهم هذا اللفظ.
الآن أنا أذكر لكم الثقات الأثبات لكي تعرفون الأمور التي سوف تأتي، الآن تفرد سفيان بن عيينة بهذا اللفظ، فرواية ابن عيينة شاذة، لماذا؟ الجماعة أحفظ وأثبت، والفرد يخطئ ويصيب، وبلا شك إن سفيان بن عيينة حافظ إمام معروف، لكن إذا أتيت إلى الجماعة فتكون هذه الرواية شاذة، وهذا اللفظ شاذ، ليش شاذ؟.
الآن اللفظ الأول ما فيه إن الاعرابي صلى، الاعرابي جه وبال، هذا الآن اللفظ الثاني صلى، ما فيه صلاة أصلا، والأمر الآخر الدعاء، ما في دعاء، فاللفظ هذا بيأتي أن الاعرابي جمع بين البول والدعاء، أحاديث الجمع بين البول والدعاء كلها ضعيفة، فالبول، متن الذي فيه بول الإعرابي لوحده، وبيأتي أن الدعاء، حديث الدعاء هذا لوحده، فإذا رأيت حديثين جمعا البول مع الدعاء مع الصلاة، فاعلم أن هذا المتن ضعيف، فلذلك أهل العلم قالوا إن الإعرابي هذا صلى وهو لم يصلي، والإعرابي قالوا: بال وصلى ثم قال هذا الدعاء بعد الفراغ وهو لم يقل.
والصحيح أن النبي صلى صلاة، والإعرابي صلى مع النبي مع الصحابة، الإعرابي قال هذا الدعاء وهو في الصلاة، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم والنبي يصلي، فجاء وبين له، «حجرت واسعا» يعني يريد رحمة الله سبحانه وتعالىٰ، يعني حجرت رحمة الله سبحانه وتعالىٰ على الناس، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس إذا أخطئوا، فاللفظ الصحيح هذا، أما أنه صلى لوحده ثم لما فرغ من الصلاة قال هذا الدعاء هذا ما في، وبيأتيك الآن.
فإذا عندنا الآن رواية سفيان بن عيينة منكرة، وتابع سفيان بن عيينة سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا أنه قال: «إن في دينكم يسر» أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، وسفيان بن حسين هذا ثقة في غير الزهري، أما في روايته عن الزهري فليس بالقوي فيه وهذه منها، فإسناده منكر لا يحتج به.
الآن سفيان بن حسين ثقة، فيأتي من المقلدة يقولون: والله هذا ثقة، ويصححون هذه الأسانيد، لكنا نقول لهم: سفيان بن حسين هذا في غير الزهري ثقة، بس مين يفهم؟ ما يفهمون ولا يسألون، إذا روى عن الزهري أتى بشيء منكر وشيء شاذ من الألفاظ، فلذلك إذا رأيت سفيان هذا بن الحسين عن غير الزهري ثقة، إذا رأيته روى عن الزهري فليس بحجة هنا، وهذا منها، فلا يصح يعني سفيان بن الحسين تابع سفيان بن عيينة، هذه المتابعة منكرة، ما تصلح يعني؛ لأن بعض أهل العلم ذكر أن له متابع.
لكن يقال: إن المتابعة هذه لا تصلح؛ لأن الإسناد إلى الآن منكر شاذ، فلا تصلح، ومادام هؤلاء الثقات الأثبات خالفهم هؤلاء، خلاص انتهى الأمر، ما في الآن متابعة وما متابعة، هذا متابع آخر وتابعه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به، ذكره الدارقطني في العلل، وصالح بن أبي الأخضر ضعيف لا يحتج به في الحديث، فالمتابعة لا يفرحوا بها كما يقال.
وابن أبي الأخضر هذا كان عنده عن الزهري كتابان:
أول كتاب: عرض، أخذه عرضا.
والكتاب الثاني: مناولة.
فاختلطا جميعا وكان لا يعرف هذا من هذا كما ذكر ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب، يعني: الرجل اختلط عليه الكتابان ما يعرف هذا من هذا، فلذلك خبط في هذا الحديث وفي غيره كذلك، ابن أبي الأخضر هذا، فمتابعة ابن أبي الأخضر هذه مانها فائدة، فإلى الآن الإسناد قائم على الشذوذ، ورواية الجماعة هي الصحيحة باللفظ الأول.
ولذلك اختلف عليه -على ابن أبي الأخضر- ما دام الآن اختلط عليه الكتابان خلاص لا بد بيترك أسانيد وأشياء أخرى ليست من صلب الحديث، لذلك أختلف عليه، فرواه النضر بن شميل عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كما تقدم، ورواه عبد الغفار بن عبيد الله الكريزي عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الصلاة، فقال إعرابي: «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا» فلما انصرف قال: «لقد تحجرت واسعا» يريد رحمة الله بقصة الدعاء، أخرجه الدارقطني في «العلل».
الآن ابن أبي الأخضر هذا كما ترون في المتن الأول، هذا المتن الثاني، المتن الأول أنه صلى ركعتين وقام، وبعد فراغه قال الدعاء، هذا إن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الصلاة فقال: إعرابي يعني النبي صلى الله عليه وسلم صلى، أما في اللفظ الآخر صلى ركعتين، هو هو الإعرابي، الآن أن النبي صلى فقال هذا الدعاء، وفي كلا الإسنادين ضعف للاختلاف، وفيه صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف الحديث.
وذكر الدعاء في داخل الصلاة ليس بعد الصلاة وهذا حديث منكر؛ بسبب ابن أبي الأخضر هذا، والوهم من صالح بن أبي الأخضر نفسه، فإنه ضعيف الحديث، ورواه محمد بن أبي حفصة، وصالح ابن أبي الأخضر، كلاهما عن الزهري عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة بذكر قصة الدعاء والبول، أخرجه البزار في «المسند»، والدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث»، وأبو بكر الشافعي في «الفوائد»، وهذا إسناده ضعيف فيه محمد بن حفصة فإنه يخطئ ويخالف في الحديث، وابن أبي الأخضر تقدم ضعيف الحديث.
فهذا اللفظ ذكر قصة الدعاء والبول، ما دام ذكر قصة الدعاء والبول معا فالمتن ضعيف؛ لأن قصة البول لوحدها، وقصة الدعاء لوحدها.
وأعله البزار في «المسند» بقوله: (وهذا الحديث قد رواه سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة).
أما الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» فصحح جميع الروايات من طريق الزهري عن عبيد الله، وسعيد بن المسيب وأبي سلمة وفيه نظر، فلا يصح إلا البول لوحده والدعاء لوحده.
وبينت لكم أذكر لكم هذه الطرق لكي يتبين ضعف الذي يصحح بمثل هذه الطرق من العلماء، ومنهم الآن الحافظ ابن عبد البر، فصحح جميع الروايات، وكل الروايات شاذة، فاعرف هذه الأمر، فقصة الإعرابي بذكر بوله في المسجد ودعائه في الصلاة لم يثبت ذلك، يعني: الجمع بين البول في المسجد والدعاء، والثابت الدعاء في الصلاة، ليس بعد الصلاة، الدعاء الثابت في الصلاة كما سوف يأتي.
حديث لما فرغ من الصلاة دعا لم يثبت، وإليك صحة الدعاء وأين قال الإعرابي:
ورواه معمر ويونس والزبيدي وشعيب الذين تقدم ذكرهم، كلهم عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال إعرابي وهو في الصلاة: «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا»، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للإعرابي: «لقد حجرت واسعا يريد رحمة الله»، هذه قصة الدعاء فقط.
هذا اللفظ أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح»، وأبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى من السنن المسندة»، وأحمد في «المسند»، وابن منده في «التوحيد»، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولا إليه من غير قطع في أثناء السند ولا جرح في ناقل الأخبار»، والطبراني في «مسند الشاميين»، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقلها»، وكتاب الآن الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان هذا ترتيب علاء الدين بن بلبان الفارسي، رتبه، وإلا الكتاب الصحيح أصل الكتاب للإمام ابن حبان اسمه المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع، إلى آخر ما قلته.
والمسند الصحيح هذا غير مرتب هو أصلا عندي منه غير مرتب وصعب بحث الأحاديث فيه، صعب جدا ما تتصور، حتى السيوطي على بحثه وجمعه في عهده يقول: من أصعب الكتب في البحث، هذا التقاسيم والأنواع لابن حبان اللي اسمه الصحيح، صحيح ابن حبان، ورتبه ابن بلبان على الأبواب الفقهية كما هو الآن سهل، وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالىٰ للناس، وإلا يعني ممكن طلبة علم يتركون هذا الكتاب، موب مرتب نهائيا، ورتبه هذا، فليس هذا أصله، لا الأصل غير، هذا الترتيب، لكن هو صحيح ابن حبان والأحاديث من صحيح ابن حبان.
فإذا عندنا الآن الثقات الرواة ذكروا لكم أمور:
أولا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى، فصلى الصحابة معهم الإعرابي، يقول أبو هريرة: فقام الإعرابي وهو في الصلاة -يعني: ليس بعد الصلاة- وهو في الصلاة قال هذا، وهو الصحيح، أما سفيان بن عيينة وابن أبي الأخضر وغيرهم قالوا: بعد الفراغ من الصلاة، وبعد في رواية عندهم في الصلاة، لكن في رواية بعد فراغه من الصلاة، فيدل على أن بعد فراغه من الصلاة، هذا الحديث لا يصح، لكن الصحيح هكذا، وهو في الصلاة «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا» فهذا اللفظ الصحيح في صحيح بخاري وغيره.
وبوب عليه الإمام البخاري باب رحمة الناس والبهائم، الله سبحانه وتعالىٰ رحم الناس والبهائم؛ فلذلك على دعاة السنة أن يرحمون الناس، ويلينون في أيدي الناس ويصبرون على الناس، على المسلمين يعني، أما المبتدعة وغيرهم ما في، ﴿واغلظ عليهم﴾ [التوبة:73] نحن نتكلم على عموم المسلمين اللي يؤذون، اللي كذا، اللي كذا، الآباء، الأمهات، الإخوان، الأخوات، الأقارب، الجيران، يؤذون أحيانا أو كذا أو كذا، فاصبر عليهم.
عموم المسلمين في دعوتك، في ناس جهال اصبر عليهم، والله سبحانه وتعالىٰ إن شاء الله بيهديهم على يديك، فلا تنفر الناس، فأنت بعثت مع أمة النبي صلى الله عليه وسلم، أنت رحمة للناس، نبيك رحمة للناس صلى الله عليه وسلم، فلذلك بين شيخ الإسلام ابن تيمية، يعني: أهل السنة والجماعة أرحم الناس بالناس، فلذلك درب نفسك على رحمة الناس علشان ترحم نفسك، هذه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
أي واحد يأتي جماعة، جمعية، على غير دعوة النبي أو بالتعسير وبأخرى نقول له: ليست دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، دعوة النبي أمور موجودة في القرآن والسنة، أي واحد يخالف خلاص نقول له: أنت لست على دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وإن قلت، فهذا هو الأصل.
آخر حديث في طريق أبي هريرة ونترك الشواهد الأخرى للدرس القادم، ورواه معمر بن راشد الأزدي عن الزهري واختلف فيه على معمر بن راشد الأزدي، كله خلاف في خلاف، لكن الله سبحانه وتعالىٰ بين للناس، والرسول صلى الله عليه وسلم وأهل الحديث بينوا للناس، ماذا يفعلون في الاختلاف عند الرواة، من يعرف يبين لنا، ومن لا يعرف لا يرسل لنا الأحاديث الضعيفة والمنكرة وينشرها، يسأل، وما يسأل إلا أهل الحديث وبس، تسأل القاص الوضاع عن الأحاديث الموضوعة، فهذا يدل على الغباوة، تسأل جاهل عن أحاديث ضعيفة، والصحيحة، أو خطيب أو كذا.
فلذلك لا بد نعرف هذه الأمور.
الآن اللفظ الصحيح عند معمر مر عليكم، الآن في أشياء ثانية، لكن هي كذلك صحيحة، واختلف فيه على معمر بن راشد الأزدي:
فرواه رباح بن زيد الصنعاني عن معمر عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال: قام إعرابي فبال في المسجد فذكر قصة البول فقط، ولم يذكر الدعاء، فهذا اللفظ صحيح.
أخرجه أحمد في «المسند»، وإسناده صحيح، ورباح هذا ثقة فاضل، ليش صححنا هذا؟
موافقته للثقات؛ ولأنه ذكر البول لوحده، قصة البول الإعرابي لوحده، فصح من ثقة.
وأخرجه أحمد في «المسند» من طريق رباح عن معمر عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال إعرابي وهو في الصلاة: «اللهم أرحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا»، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للإعرابي: «لقد تحجرت واسعا» بقصة الدعاء فقط وإسناده صحيح.
الآن لو ذكر، لو كان رباح هذا ضعيف الحفظ لخلط لك، دمج هذا في هذا، دمج قصة بول الإعرابي مع الدعاء، الآن رباح هذا جعل اللفظ بول الإعرابي لوحده وجعل الدعاء لوحده فوافق الثقات، فلذلك وإسناده صحيح، قلنا: إسناده صحيح، هالقصاص هذي يعرفون هذه الأشياء، هيهات هيهات.
ورواه إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق وهو في «المصنف» عن معمر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن إعرابيا بال في المسجد، فذكر قصة الدعاء والبول، ولم يذكر أبا هريرة، فهو مرسل لا يصح.
الآن صار الحديث مرسل؛ لأن عبيد الله تابعي وهو ينقل عن أبي هريرة، ذكرنا، أسقط أبا هريرة، فصار الحديث مرسل، وهذا بسبب من؟ هنا عبد الرزاق؛ لأن أحيانا يخطئ، فالخطأ هنا من عبد الرزاق بن همام الصنعاني، أخطأ وأرسل الحديث، والحديث شنو؟ موصولا، وهذه فائدة معرفة العلل.
فالعلل هذه توفيق من الله، فمن وفقه الله لمعرفة هذه العلل بهذه الطريقة فاعلم أن الله رزقه صفات حميدة:
أولا: ذكاء.
ثانيا: فطنة.
ثالثا: فهم.
رابعا: براعة في علم الحديث.
خامسا: العلم.
سادسا: معرفة الأحكام في الأصول والفروع.
وغير ذلك من الأمور هذه العظيمة، فلذلك اعرف أهل الحديث، هم أهل الفطنة، هم أهل الذكاء، الإمام البخاري، والإمام مسلم، والإمام أحمد، والإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام سفيان الثوري، سفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن المهدي، وابن المديني، وغير هؤلاء الجهابذة، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وأبو زرعة الدمشقي.
أبو زرعة الدمشقي غير، وأبو زرعة الرازي غير ترى، فأحيانا يقول لك: أبو زرعة تعرف من هو هذا، هل هو الرازي أو الدمشقي، وغير هؤلاء، وغير هؤلاء، ذكاء وفطنة وعلم، ثقات نقلوا هذا الدين، فلذلك لا بد من معرفته على قدر الاستطاعة، هذا الآن الحديث مرسل لا يصح.
ورواه محمد بن يحيى الذهلي، إمام حافظ ثقة ثبت معروف، الذي وقعت الوقيعة هو وبين الإمام البخاري، بين الإمام الذهلي وبين الإمام البخاري في مسألة لفظي بالقرآن مخلوق، الحافظ.
ورواه محمد بن يحيى الذهلي، والحسن بن أبي الربيع عن عبد الرزاق: حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن إعرابيا بال في المسجد فذكره، وأخرجه الدارقطني في «العلل»، وهو مرسلا ولا يحتج به.
وهذا يدل على الاختلاف في هذه الطرق، والاضطراب من عبد الرزاق الصنعاني.
الآن الطريق الأول رواه إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق، عرفنا إن الغلط ليس من إسحاق، بشنو؟ هو عبد الرزاق لكنه بشنو؟ الطريق الثاني ليش؟ رواه محمد بن يحيى الذهلي الحافظ الإمام، فتابع من؟ إسحاق بن إبراهيم، وتابعه الحسن بن أبي الربيع عن عبد الرزاق.
الآن ما دام علمنا أن هؤلاء الحفاظ تابعوا إسحاق بن إبراهيم، عرفنا أن الخطأ من عبد الرزاق؛ لأنه ثلاثة ما يخطئون في الإرسال، فالإرسال وقع من من؟ عبد الرزاق، وعنده أخطاء في الحديث، فاعرف لماذا لم أقل أن الخطأ أولا من إسحاق بن إبراهيم؛ بناء على الطريق الثاني، فعرفنا أن الغلط من عبد الرزاق؛ لأن هو المتفرد بهذا الإرسال.
ورواه أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة حافظ طعن في أبو داود في مذهبه في الوقف في القرآن، أحمد بن منصور الرمادي، فقال: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن الزهري عن عبيد الله أو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن إعرابيا بال في المسجد، هكذا على الشك، والموصول أصح، يعني: روى عن عبيد الله أو عن أبي سلمة، وهذا من عبد الرزاق، وهذا من الاختلاف وهو غير محفوظ.
أخرجه الدارقطني في «العلل»، وهذا الاضطراب يدل على ضعف الحديث بهذا اللفظ.
والمحفوظ بقصة البول عن رباح الصنعاني عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والمحفوظ عن معمر بقصة الدعاء لوحده عن أبي سلمة كما وافقه الحفاظ الثقات عن الزهري.
ورواه محمد بن عمرو بن علقمة، وشذ وخالف الحفاظ في لفظه؛ لأنه له أوهام في الحديث، فرواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: دخل إعرابي المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقال: «اللهم أغفر لي ومحمد ولا تغفر لأحدا معنا»، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر الحديث.
الآن القصة هذه والنبي جالس، فالصحيح شنو؟ النبي كان يصلي، هنا هذا الأثر والنبي جالس فقال هذا الدعاء، وهذا بسبب محمد بن عمرو فإن له أوهام، وهذا الحديث أخرجه ابن ماجة في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والخرائطي في «مكارم الأخلاق»، والبزار في «المسند»، وأبو نعيم في «تاريخ أصفهان»، وإسناده منكر كما سلف.
هذا آخر تخريج حديث أبي هريرة، في الأحاديث الأخرى لعل الدرس القادم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.