القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (34) الشرح الكبير على بلوغ المرام: شواهد وطرق حديث أبي قتادة في سؤر الهرة وآثار الصحابة في ذلك

2025-01-08

صورة 1
الجزء (34) الشرح الكبير على بلوغ المرام: شواهد وطرق حديث أبي قتادة في سؤر الهرة وآثار الصحابة في ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وما زلنا في شرح حديث أبي قتادة في الهرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة إنها «ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم»، وبينا تخريج هذا الحديث، وتكلمنا عن سؤر الهرة وغير ذلك مما بيناه، وبينت لكم أنني سوف أذكر لكم شواهد هذا الحديث.

والحديث وقع في اختلاف كثير، بينت لكم صحة هذا الحديث في بعض الطرق، وهذه الطرق طرق الإمام مالك ومن تابعه، وله شواهد، كما أن هناك طرقا ضعيفة كرواية سفيان بن عيينة وغيره والاختلاف عليها، وهي لا تصح، وهناك شواهد سوف نتكلم عليها، وبعد ذلك نتكلم عن آثار الصحابة في سؤر الهرة.

فبينت لكم في الدرس الذي سلف أن الذي يصح حديث كبشة بنت كعب من رواية مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد، وصحت متابعة حسين المعلم كما بينت لكم للإمام مالك، وصحت متابعة يونس بن عبيد، وإبراهيم بن أبي يحيى لمالك أيضا، وفصلنا في هذه الروايات.

وهناك طرق ضعيفة التي سوف تأتي كذلك لم نتكلم عنها في الدروس التي سلفت في التخريج، وهذا الحديث رواه يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أبي قتادة أنه «كان يتوضأ فمرت به هرة فأصغى إليها، وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ليست بنجس». هكذا وقع مرفوعا من هذا الطريق، وهذا الطريق أخرجه الشافعي في «الأم»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «معرفة السنن» بهذا الإسناد ولا يصح، للاختلاف الذي عليه كما سوف يأتي.

ويحيى بن أبي كثير مدلس، وقد عنعن ولم يضبط الإسناد الصحيح في هذا، ولذلك بينت لكم أن رواية حميدة بنت عبيد هي الرواية الصحيحة، التي هي رواية الإمام مالك، وهذا الطريق طريق يحيى بن أبي كثير غير محفوظ لا يصح، وإليك الاختلاف في هذا، وأخرجه الدارقطني في «الأفراد» من طريق الداروردي عن أسيد بن أبي أسيد عن أبيه، يعني أبا أسيد، عن أبي قتادة مرفوعا، وهذا من الاختلاف، فمرة عن يحيى ومرة عن الداروردي.

وأبو أسيد هذا مجهول كما في «التاريخ الكبير» للبخاري، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، وانظر: «البدر المنير» لابن الملقن، ومن اسمه أسيد بن أبي أسيد اثنان مدنيان في طبقة متقاربة، ولا يخرجان عن الجهالة، يعني الاثنان فيهما جهالة، كل واحد مستور ولا يحتج بهما، وكثيرا ما يشتبه الرواة المقلون ببعضهم إذا اشتبهت أسماؤهم وكانوا في طبقة واحدة، ولذلك لم يميز الحافظ البخاري بينهما في «التاريخ الكبير»، فالأول مجهول والثاني مجهول، ولذلك في هذا الإسناد أبو أسيد وهو مجهول، يعني الطريق لا يصح والحديث لا يصح مرفوعا إلا من رواية الإمام مالك.

فهذه الرواية لا تصح فيها مجهول، وهذا كذلك من الاختلاف، فمرة عن يحيى بن أبي كثير، ومرة عن الدراوردي.

وأخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار». من طريق قيس بن الربيع عن كعب بن عبد الرحمن عن جده أبي قتادة مرفوعا.

وهذا كذلك من الاختلاف، فمرة عن يحيى بن أبي كثير، ومرة عن الدراوردي، ومرة عن قيس بن الربيع.

هذا الإسناد لا يصح، فيه قيس بن الربيع الأسدي لا يحتج به وهو ضعيف، وكعب بن عبد الرحمن فيه جهالة في نفس الحديث.

ومن اسمه كعب بن عبد الرحمن اثنان أيضا كلاهما مستور، يعني كلاهما مجهول كما في «التاريخ الكبير» للبخاري، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، فهذا كذلك من الاختلاف، وفي الإسناد ضعيفان، واحد ضعيف وواحد مجهول، فلا يصح هذا المرفوع.

فإذن الصحيح عن أبي قتادة حديث الباب برواية الإمام مالك، أما هذه الأحاديث المرفوعة عن أبي قتادة كلها ضعيفة، والعجب أن بعض المحققين صحح بعض الطرق، وبعض المحققين صحح الحديث بمجموع طرقه، وهي كلها منكرة، وله شاهد لحديث أبي قتادة المرفوع هذا، له شاهد كذلك مرفوع، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به الهر فيصغي لها الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها». أخرجه الدارقطني في «السنن» من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن عروة عن عائشة به.

وعبد الله بن سعيد هذا ضعيف جدا كما بين العقيلي في «الضعفاء الكبير»، وغيره، وكذلك كما بين ابن معين في «التاريخ» برواية الدارمي، فالشاهد كذلك لا يحتج به، وهو ضعيف لا يصح، فيه المقبري هذا وهو ضعيف جدا، فهذا كذلك المرفوع لا يصح.

وأخرجه أبو داود في «سننه» من طريق عبد العزيز بن محمد وهو الداروردي هذا، وهو إمام معروف من أئمة أهل الحديث، عن داود بن صالح التمار عن أمه، وهي مجهولة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس». يعني القطوة «إنما هي من الطوافين عليكم، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها».

فجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الآخر الطريق من فعل الرسول، فانقلب الحديث من الفعل للقول، وهذا فيه نكارة كذلك، وأم داود الراوي عن عائشة مجهولة، فلا يصح حديثها، لأنها جعلت الحديث من قول النبي ومن فعله مباشرة في آن واحد، والطريق الأول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على الاضطراب كذلك، هل هو من فعل الرسول أو من قول الرسول؟ وهذا يدل على الاضطراب وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وليس من فعله في هذا الحديث.

بل هو من حديث أبي قتادة الذي مر، طريق كبشة بنت كعب، وفي جهالة أم داوود انظر: «تهذيب الكمال» للمزي.

وهذا الطريق طريق أم داود الراوية عن عائشة، أخرجها أبو عبيد في «الطهور»، والطحاوي في «مشكل الآثار»، والطبراني في «المعجم الأوسط»، والبيهقي في «السنن الكبرى».

قال الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار»؛ عن أم داود: ليست من أهل الرواية التي يؤخذ مثل هذا عنها، ولا هي معروفة عند أهل العلم، يعني ليست بثقة ولا صدوقة ولا غير معروفة مجهولة فلا يؤخذ منها الحديث، وهذا أهل الحديث بينوه في الجرح والتعديل أن هؤلاء المجهولون لا يؤخذ عنهم الدين.

كما الآن في مجهولين كثر موجودين في العالم يتكلمون عن الدين لكن من ناحية العلم مجهولون، لا ندري أين تعلموا؟ فهؤلاء مجهولون الحال، ولا يؤخذ الدين من مجهولين الحال مهما تكلموا ومهما أثنى عليهم الناس العوام.

وقال الدارقطني في «السنن»: رفعه الداروردي عن داوود بن صالح عن أمه مرفوعا. يعني ينكر المرفوع الحافظ الدارقطني. ثم يقول: ورواه عنه هشام بن عروة وأوقفه على عائشة. يعني صار من قول عائشة. وكذلك حتى من قول عائشة رضي الله عنها لا يصح، وسيأتي الكلام على ذلك في الآثار.

ورجح الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» وقفه ثم قال: وهذا أولى. يعني المرفوع معلول، والموقوف معلول.

وأعله البزار بقوله: لا يثبت من جهة النقل يعني الإسناد.

والذين ينقلون الأحاديث لابد أن نتثبت فيهم من الخطباء والقصاص والوعاظ والمفتون وغير ذلك. ننظر فيهم، لا نأخذ من أي واحد، خلاص مثلا اشتهر، هل هو صدوق ثقة ولا مبتدع أو جاهل أو متعالم أو دكتور أو متمذهب أو غير ذلك.

فهؤلاء ما يؤخذ عنهم الدين، ولذلك حرص أهل الحديث ما ترى مثل حرصهم في حراسة هذا الدين، وأنهم ما يأخذون أي كلام أو حديث أو فتوى إلا بالأدلة الصحيحة.

ولذلك الإمام البزار يقول: لا يثبت من جهة النقل.

 وما أكثر هؤلاء القصاص والخطباء والوعاظ في العالم، الذين ينقلون الأحاديث الضعيفة والمكذوبة، ويقولون: قال رسول الله. وهم يكذبون إما جهلا أو عنادا أو عمدا، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم توعد لهؤلاء: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».

ولابد، ما دام يكذب على الرسول، فلابد أن يدخل النار، لأن الكذب على الرسول كما بين شيخنا ابن عثيمين في «شرح رياض الصالحين»، الكذب على الله والكذب في الدين والكذب في الشريعة، فهذا يكذب في الشريعة ويكذب على الله ويكذب على الرسول، والرسول صلى الله عليه وسلم ما قال في هذه الأحاديث، في أشياء كثيرة يقولون إنها من أحكام الصلاة أو من أحكام الطهارة أو الصيام أو الحج أو العقيدة وكذا وهو كله كذب.

فلينتبه الذي ينقل الأحاديث، لابد عليه أن يتحقق هل هذا صحيح أولا؟ وليس مجرد ما يقولون في الإنترنت اضرب على الحديث يتبين لك هل الحديث صحيح أو ضعيف؟ كما يرجعون إلى الإنترنت شيء جماد وفيه خبط وخلط فلا يرجع إلى هذه المعلومات إلا إذا كانت صحيحة، لأن أكثرها وغالبها كلها خطأ في خطأ وضلالات وبدع خاصة في مسألة الأسماء والصفات والاعتقاد، فدس في هذا الإنترنت كل الضلالات، وأهل الضلال موجودين، فلابد من التحقق من هذه الأمور.

وبينت لكم بالأمس في درس الأربعاء أن هؤلاء وما يكتبون وما يقولون فتنة للناس، الله سبحانه وتعالىٰ تركهم فتنة مثل إبليس، ترك الله إبليس، ليعلم الله من الصادق من الكاذب في دينة، من الذي يطيع الله ومن الذي يطيع إبليس، وهؤلاء شياطين الإنس والجن من يطيعهم ويطيع الله -سبحانه وتعالىٰ ويطيع الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ [النساء:59]، الله يقول للناس هكذا، هم يطيعون المبتدعة ورؤوس الضلال، ويطيعون هؤلاء الفلكية، الفرقة الفلكية، في دخول الشهور وفي الأفلاك والتنجيم ومواقيت الصلاة وغير ذلك.

فهؤلاء أطاعوا الفرقة الفلكية وتركوا حكم الله سبحانه وتعالىٰ وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم- فالله سبحانه وتعالىٰ- ترك هؤلاء فتنة ينظر من الذي يتبعهم ومن الذي لا يتبعهم، لأن الأمر خطير، ولو شاء الله سبحانه وتعالىٰ ما ظهر ولا واحد ولا جماعات ولا فتاوى ولا كتب ضلاله ولا شيء، لكن الله سبحانه وتعالىٰ يجعلها فتنة.

وبينت لكم، يستحيل واحد من أهل السنة يقع مع دعاة الضلال، لا فلكيين ولا غير ذلك، لأن الله سبحانه وتعالىٰ حافظهم من الفتن، والله سبحانه وتعالىٰ يجري هذه الفتن وأهل الفتن ليصفي الإسلام هذا من أهل الضلالة ومن أهل الكذب، فترى كل كذاب وكل شاك وكل مبتدع يقع مع المفتونين، وهؤلاء يقعون مع هؤلاء، وهؤلاء يقعون مع هؤلاء، ولا يثبتون في الدين.

وأي فتنة أول ناس هؤلاء المبتدعة وأتباعهم الهمج والرعاع يقعون معهم، وسبحان الله تعصف فيهم الفتنة ولا ينتبهون، فإذا انتهت الفتنة وولت قال الجهلة: الآن علمنا أنها فتنة. فإذا ولت علمها الجهلة، لكن ما الفائدة؟ هلك من هلك ودمروا الديار والناس والرجال، تشتت الناس في الديار والبلدان هذه الحروب، وفي الاعتصامات والثورات ما في فائدة. الآن فتنة، ولذلك علماء السنة إذا جاءت هذه الفتنة أو أي فتنة علموا أنها فتنة، قالوا: حق الناس وأنذروهم، اجتنبوا هذه الفتن واتركوها، يعني اتركوها لأهل الفتن تقصف فيهم تهلكهم، نفتك منهم، ويفتكون الناس من شرهم.

ولذلك انظر الآن الداعشية الناس أن يفتكون منهم، حصلت فيهم التي يسمونها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وما أدري وين ذهبوا وهلكوا، وافتكينا منهم، فالله سبحانه وتعالىٰ يصفي أهل الزندقة والبدع في هذه الفتن، وهذه الفتن خير لأهل السنة ومن تابعهم من المسلمين لأمة الإجابة وغيرهم هلاك، لله الحمد ما أتت فتنة إلا وقع فيها أهل الأهواء، أهل السنة ما وقعوا فيها بل يحذرون منها.

ولله الحمد الآن سبعة وعشرون عاما في هذا البلد وفتن جاءت في العالم وهنا، وما وقع فيها أهل الحديث، الله حافظهم، ولن يقعوا، لأن حديث النبي كما يقولون هم -أهل التحزب- نور، إذن نور، لماذا لا تتمسكون بالحديث ومع أهل الحديث؟ يعني العلم نور لكن كلام مصفف، لماذا لا تتعلمون العلم إذا العلم نور؟ ما دام هؤلاء لم يتعلموا العلم فهم في ظلمات بعضها فوق بعض، ما يخرج منهم واحد من هذه الظلمات ظلمة في دنياه وظلمة في قبره وظلمة يوم القيامة، ظلمات بعضها فوق بعض.

أما أهل السنة أهل الحديث نور في الدنيا، ونور في قبورهم، ونور في آخرتهم، والله سبحانه وتعالىٰ وعد من أطاعه وأطاع رسوله، فلذلك لابد على الناس أن ينتبهوا.

وبعد ذلك نتكلم عن آثار الصحابة رضي الله عنهم عن سؤر الهرة، لأن بينا عن كلام أهل العلم وأن سؤر الهرة طاهر لو شربت من الإناء فهذا الماء طاهر، وبينت لكم من أراد أن يتوضأ منه فهو طاهر، لكن إذا كره هذا ويستقذره الناس هذا شيء وهذا شيء، لكنه هو في الأصل طاهر.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال عن سؤر الهرة: «هي من متاع البيت»، يعني عن الهرة هي من متاع البيت، أثر صحيح أخرجه أبو عبيد في «الطهور»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، وابن المنذر في «الأوسط»، وعبد الرزاق في «المصنف»، وإسناده صحيح.

يعني هي من متاع البيت يعني المقصد أن لو شربت من الماء لأهل البيت في إناء أو غيره فهذا الماء طاهر، لأن سؤر الهرة طاهر.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في الهرة: «إنما هي من رباط البيت». يعني ربيطة من رباط البيت، يعني دائما هي في البيت تغدو وتروح، وكانوا في القديم هكذا، هذه الهرة كثر فتغدو وتروح ما أحد يستطيع يمسكها، والله سبحانه وتعالىٰ ما يشق على الناس فيشربون من الأواني والماء فيتحرج الناس، والناس في القديم عندهم الماء قليل، يشربون منه ويطبخون منه ويتوضؤون وهكذا.

والله سبحانه وتعالىٰ يريد للناس اليسر ما يشق عليهم، فجعل الله سبحانه وتعالى سؤر الهرة طاهرا، كما يقولون العوام: القطاوة كثر. فكم قطو ... عشرة عشرين يمرون، وكل مرة يشربون من الإناء، ويكتونه ويشربون من الإناء، لأنه في القديم الماء قليل، فالله سبحانه وتعالى رفع الحرج عن الأمة في كل شيء، فجعل الله سبحانه وتعالىٰ ماء الهرة الذي تشرب منه طاهر، لكي لا يشق على الناس ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ [البقرة:185].

فالله سبحانه وتعالىٰ يسر هذا الدين، فهي من رباط البيت.

يقول ابن عمر يعني: «سؤرها طاهر».

 أخرجه أبو عبيد في «الطهور»، وابن المنذر في «الأوسط»، وإسناده صحيح.

وعن ميمون بن مهران أنه سئل عن سؤر الهرة فقال إن «أبا هريرة كان لا يرى به بأسا، وربما أصغى له الإناء وقال هو من أهل البيت».

 أثر صحيح أخرجه أبو عبيد في «الطهور»، وابن المنذر في «الأوسط»، وإسناده صحيح.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه وهو صاحب الهر، أبو هر، لقبه النبي صلى الله عليه وسلم ومشي عليه هذا اللقب، فأبو هريرة رضي الله عنه يقول عن سؤر الهرة طاهر، وله قول آخر سيأتي بعد ذلك خلاف هذا القول، فيعتمد هذه الرواية، لماذا؟ لأنها موافقة للرسول صلى الله عليه وسلم كذلك ابن عمر يرى أن سؤر الهرة طاهر، له قول يكره هذا، فتعتمد هذه الرواية لابن عمر ولأبي هريرة رضي الله عنهما.

وعن أبي غالب قال: «سمعت أبا أمامة يقول: الهر من متاع البيت».

أثر حسن أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»، وابن المنذر في «الأوسط»، وإسناده حسن.

كذلك يبين أبو أمامة أن الهر أو الهرة من متاع البيت، يعني تمر كثيرا وهي موجودة في البيت وتشرب من الماء ومن هذا الإناء، فالله سبحانه وتعالىٰ رفع الحرج عن الناس، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات».

وعن أبي قتادة رضي الله عنه صاحب الحديث المرفوع رواية الإمام مالك، لكنه هنا موقوف عنه، وعن أبي قتادة رضي الله عنه أنه «كان يصغي الإناء للهر فيشرب منه ويقول: إنما هو من متاع البيت». أثر صحيح أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»، وعبد الرزاق في «المصنف»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وأبو عبيد في «الطهور»، وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي قال: «كان أبو قتادة يدني الإناء من السنوري هكذا فيلغ فيه فيتوضأ بسؤره، ويقول: إنما هو من متاع البيت». وإسناده صحيح، هذا أبو قتادة الموقوف يبين أن سؤره -أي الهر- طاهر، وكان يتوضأ منه.

وكذلك أثر أبي قتادة هذا: أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، وعبد الرزاق في «المصنف»، وأبو عبيد في «الطهور» من طرق عن عكرمة مولى ابن عباس به، وفيه «أن أبا قتادة توضأ من فضل الهر». وإسناده صحيح.

فهذه الآثار التي تبين أن الصحابة يرون أن سؤر الهرة طاهر، وهذا يعني آثارهم.

ورد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه «كره سؤر الهرة». أثر صحيح أخرجه أبو عبيد في «الطهور»، وعبد الرزاق في «المصنف»، وابن المنذر في «الأوسط»، وإسناده صحيح.

لكن الرواية الأخرى يجوز الوضوء من سؤر الهرة، وهنا يكره، لكنه لم يحرم هذا، لأن الرواية عنه صحيح فتعتمد الرواية التي وافقت النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الصحابة.

كذلك أبو هريرة رضي الله عنه ورد عنه «إذا يلغ الهر في الإناء يغسله مرة».

وهذا أثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، والدارقطني في «السنن»، وابن المنذر في «الأوسط»، وإسناده صحيح.

وهذا يدل على أنه يرى أنه نجس، لأنه يغسله.

لكن الرواية الأخرى وافقت النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الصحابة فتؤخذ، ويدل هذا في السنة وماذا؟ إجماع الصحابة رضي الله عنهم ولا ينظر إلى رواية ابن عمر في الكراهة ولا رواية أبي هريرة في الكراهة، لأنه ورد عنهما أن سؤر الهرة طاهر، فهذا المعتمد، ولذلك يعني عدد من أهل العلم المتأخرين قالوا عن سؤر الهرة نجس بناء على هذه الآثار، وهناك آثار أخرى مرفوعة أخرى لكن ضعيفة، بينا لكم.

فلذلك إذا أردت أن تصيب الحق وتعرف الإجماع الصحيح والأحكام الصحيحة في الكتاب والسنة عليك بآثار الصحابة رضي الله عنهم لأن المتأخرين تقريبا أكثر المسائل اختلفوا فيها، وهذا الأمر إحراج عليك، فلا تستطيع أن تميز بين هذه الاختلافيات عند المتأخرين، وذلك لاعتمادهم على الأحاديث الضعيف وعلى اجتهاداتهم، والعلماء يخطؤون ويصيبون، ولهم أجر على خطأهم، لكن الناس ما يتبعونهم في هذه الأخطاء، وعليك بأخذ أقوال المتأخرين الذين وافقوا الصحابة رضي الله عنهم والصحابة رضي الله عنهم ما اختلفوا إلا في أقل القليل كما بين ذلك ابن تيمية وغيره فلذلك اجماعهم كثير ويريحك ولا تقع في الإحراج في الدين فلذلك عليك بفقه الصحابة رضي الله عنهم وترتاح بعد ذلك من هذه الاختلافات والمعاصرون هؤلاء الآن اشغلوا العامة بهذه الاختلافات لو يرجعون هؤلاء في الإذاعات والتلفاز والتواصل المرئي وغيره وغيره إلى فقه الصحابة وإجماع الصحابة ارتاحوا وريحوا العامة والناس من هذه الخلافيات وحيروا الناس، والناس احتاروا في الخلافيات في أي مكان إذا تكلم معاصر دكتور أو غيره في إذاعة أو شيء عن حكم لابد يقول لك اختلفالفقهاء حيروا الناس فلذلك عليك بأهل السنة أهل الحديث الله سبحانه وتعالى حفظهم من هذه الخلافيات وريحهم من كل هذه الخلافيات إذا أردت أن ترتاح من هذه الخلافيات عليك بأهل الحديث أهل الأثر وإلا لابد الشخص يقع في أخطاء وأشياء كثيرة في هذه الاختلافيات لأن الناس ما يستطيعون يميزون بين الصواب والخطأ في هذه الخلافيات فارجع إلى فقه الصحابة وريح نفسك هذا هو الأصل ولعل نكمل لأن مسألة الآسار هذه كثيرة جدا فلابد من تصفيتها في كتب الفقه وأخراجها بالإخراج الصحيح على الكتاب والسنة ولعل إن شاء الله نكمل الدرس القادم

أحد الحضور: ...

الشيخ: هذا الحديث ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر، هذا حديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كما في السؤال أخرجه أبو داود في «المراسل»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، لكنه لا يصح وهو مرسل، وكذلك هذا الحديث يعتبر منكرا، لماذا؟ لأنه مخالف للقرآن ومخالف للسنة، وبينا هذا كثيرا، لأن يجب ذكر اسم الله على الذبيحة، وبينا هذا، فإذا المسلم لم يذكر اسم الله على الذبيحة فهي ميتة، إذا كان ناسيا فهي ميتة ولا يأثم، إذا كان هذا المسلم متعمد ترك اسم الله فهي ميتة مع الإثم، فالنسيان لا يؤاخذه الله سبحانه وتعالىٰ عليه ويرفع عنه الإثم.

 ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ [البقرة:286]، فالله ما يؤاخذ الإنسان إذا نسي مهما يكون، فالذبيحة هذه تعتبر ميتة، لكن ما يأثم عليها، وهذا الذي عليه صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم من السلف، أما المتأخرين اختلفوا في هذا فمنهم يقول: إذا نسى ذبيحته صحيحة، وإذا تعمد ذبيحته غير صحيحة لماذا؟ لأنه لم يذكر اسم الله عليه عمدا، أما إذا كان ناسي، لا، هي حلال، وهذا ليس بصحيح، التفصيل الأول هو الصحيح، والذي عليه الصحابة رضي الله عنهم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan