الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (33) الشرح الكبير على بلوغ المرام: شرح حديث أبي قتادة في سؤر الهرة "إنها من الطوافين عليكم"
2025-01-05

الجزء (33) الشرح الكبير على بلوغ المرام: شرح حديث أبي قتادة في سؤر الهرة "إنها من الطوافين عليكم"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن حديث أبي قتادة، وقلنا الأصل، يعني أصل الحديث هذا حديث كبشة ابنة كعب، وتكلمنا على ذلك جملة وتفصيلا بالنسبة لتخريج الحديث، وبينا أن الحديث حديث صحيح، وفي بعض الآثار سوف نذكرها في الدرس القادم لكن هنا لعلنا نتكلم عن السؤر، وهذا الحديث يتكلم عن سؤر الهرة.
وسوف ندخل الآسار الأخرى، آيار الحيوانات التي يؤكل لحمها، والآسار التي لم يؤكل لحمها وغير ذلك مما سوف نتكلم فيه.
فالسؤر في اللغة هو: بقية الشيء من طعام وشراب وغير ذلك في الإناء، والسؤر جمعه أسئار وآيار، فالأولى بهمز أوله، والثانية بالمد، أسئار وآسار، فالسؤر بقية الشيء من طعام وشراب، في الإناء يكون.
وفي الاصطلاح: ما يبقى في الإناء من فضل شرب الحيوان أو أكله، فهذا في الاصطلاح، ما يبقى في الإناء من فضل شرب الحيوان أو أكله.
فالسؤر في اللغة: بقية الشيء.
ينظر: «مختار الصحاح» للرازي، و«لسان العرب» لابن منظور، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين.
وفي الاصطلاح انظر: «المغني» لابن قدامة، و«المجموع» للنووي، و«المحلى بالآثار» لابن حزم، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين.
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في «الشرح الممتع»: السؤر بقية الطعام والشراب، ومنه كلمة سائر بمعنى الباقي.
وعندنا الآن بالنسبة لأسئار الحيوانات، الضرب الأول: سؤر البهيمة مأكولة اللحم، يعني الحيوانات التي تؤكل، هذا السؤر يشمل بقايا الماء والطعام بعد الأغنام والأبقار والإبل وغيرها، فالسؤر للأغنام والأبقار والإبل وغير ذلك حكمه طاهر، فسؤر الحيوانات مأكولة اللحم سؤرها طاهر، فيجوز للشخص إذا وضع ماء وشربت الأغنام أو البقرة أو الإبل، فيجوز أن يتوضأ من هذا الإناء، وكذلك لو وضع هو -الرجل هذا- في بيته أو في زراعته أو في البر أو ما شابه ذلك، إناء أراد أن يشرب منه الرجل بعد ذلك أو وضعه للشرب أو الوضوء فجاءت مثلا إبل فشربت منه وهو يعلم فيجوز له أن يتوضأ من هذا الماء ويجوز له أن يشرب منه، لماذا؟.
لأن الماء طاهر، وهو أصلا وضعه ليشرب منه فجاءت الإبل، يستقذر الناس بمثل هذا الماء، هذا شيء ثان، أما نقول لهم: يجوز لكم بعدما شربت هذه الإبل أو الأغنام منه وهو معدود للشرب، للناس، للعائلة راح تكشت في البر، فوضع لهم ماء في إناء كبير أو في أي شيء -في طشت مثلا- فجاءت هذه الإبل فشربت منه، فلا يسكب هذا، فيجوز أن يتوضأ منه الناس، ويجوز كذلك الشرب منه، أما عن الماء المعدود للإبل يشرب منه كثر من الإبل أو الغنم أو البقر فهذا يجوز الوضوء منه، ممكن الناس يتوضؤون منه، لكن يشربون منه صعب، لأن يختلط مع أشياء ثانية من اللعاب وأشياء أخرى، فالناس يستقذرون وإن كان طاهرا.
فلذلك سؤر هؤلاء على الأصل طاهر، حكمه طاهرا باتفاق الفقهاء، فلو أصاب ثوبا ونحوه باق هذا الماء على طهوريته، فالماء طاهر فلو أصاب ثوبك مثلا أو أي شيء فلا تستقذر هذا الأمر وتقول إنه نجس أو شيء فلا، لأن هذا الماء طاهر، وأناس يعني خاصة في القديم، كما بينت لكم يضعون الأواني في البيوت أو في الزراعات أو في كذا فالبهائم تأتي تشرب، التي يؤكل لحمها، وكذلك حتى في هذا الزمان، في آسيا، في إفريقيا، في كذا، فليس مثل البلدان الآن التي فيها أنابيب في البيوت وكذا وكذا.
فالناس يحتاجون إلى هذه الأحكام، فلذلك نقول لهؤلاء في هذا الزمان: فهذا الماء طاهر. يجوز أن تتوضؤوا منه، وهذا باتفاق العلماء.
قال الإمام ابن المنذر في «الإجماع»: أجمعوا على أن سؤر ما أكل لحمه طاهر، ويجوز شربه والوضوء منه. هذا باتفاق العلماء، أن هذا السؤر لهذه الحيوانات يجوز الوضوء منه، وكذلك الشرب منه.
وعن قتادة رحمه الله تعالى: «لم أسمع أحدا يختلف فيما أكل لحمه من الدواب بأن يتوضأ بفضله ويشرب منه».
هذا الأثر أثر صحيح، أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، وإسناده صحيح.
وانظر: «المغني» لابن قدامة.
فقتادة هذا تابعي ينقل عن الصحابة وعن التابعين، لم يسمع أن العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين، أنهم اختلفوا في الدواب التي يؤكل لحمها، أن يتوضأ من فضلها ويشرب كذلك من فضلها.
وعندنا الآن بالنسبة لسؤر الهرة، كما عندكم في الكتاب، فسؤر الهرة طاهر، وهو متفق على طهارته، يعني هذا الماء، انظر: «المجموع» للنووي، و«المحلى» لابن قدامة، و«المحلى بالآثار» لابن حزم، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين.
فسؤر الهرة هذا طاهر، والدليل على ذلك عندكم في الكتاب، لكن بينت لكم في الدرس الذي سلف أن ابن حجر رحمه الله تعالى اختصره في «بلوغ المرام» لكن هذا الحديث بطوله عن كبشة بنت كعب ابن مالك: وكانت عند ابن أبي قتادة أن أبا قتادة دخل عليها قالت: فسكبت له وضوءا. قالت: فجاءت هرة تشرب فأسقى لها الإناء. يعني قدم لها الإناء. حتى شربت. يعني القطوة.
«قالت كبشة: فرآني أنظر إليه. فقال أبو قتادة -رضي الله عنه-: أتعجبين يا بنت أخي. فقلت: نعم، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات». هذا الحديث بطوله هكذا، وهذا اللفظ كما بينت لكم هو الصحيح، وهذا اللفظ بينت لكم من رواية مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة، الحديث عندكم هكذا وخرجناه.
فالآن هذا الحديث يدل على أن الهرة ليست بنجس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليست بنجس»، ولا يلزم أنها ليست بنجس أنه يجوز أكلها، لا، أكلها لا يجوز، محرم، وبيعها محرم، لأنها تأكل القاذورات، ففي لحمها ما فيه من السموم والجراثيم إلى آخره، وكل حيوان بحسبه، وسيأتي الكلام على سؤر الحيوانات التي لا تؤكل، لكن هنا عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى أنها أولا: ليست بنجس، وما دامت ليست بنجس فسؤرها ليس بنجس، وعلل النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما هي من الطوافين»، لأن الهرة هذه تتنقل وكذلك كثر منها يتنقلون في البيوت ويشربون ويأكلون أي شيء أمامهم خاصة كان في القديم.
وكذلك هذه الهرة في آسيا وفي إفريقيا خاصة في الزمان القديم البيوت مفتوحة، فيطوفون كثر، فهذا الحديث يبين أنها ليست بنجس وأن سؤرها طاهر، لماذا؟ لأن أبا قتادة قرب لها الإناء في الماء وهو أراد أن يتوضأ، فشربت منه وتوضأ من الإناء، ولذلك كبشة تعجبت من هذا، ظنت أن سؤر هذه الهرة نجس، فبين لها الدليل على ذلك، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم إذا فعلوا شيئا أو قالوا شيئا في الدين بينوا الدليل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتون بشيء ثان، ما يأتون بفتاوى، فتوى فلان فتوى علان وكتاب فلان، ما يأتون إلا بكتاب الله ولا يأتون إلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك تقول له من أين لك ذلك الحكم؟ يقول: والله أنا قرأت في كتاب كذا، أحضره لك. ما بقي على هؤلاء ليأتون لنا بالإنجيل المقلدة هؤلاء، نقول لهم: قال الله، قال الرسول. يقول لك: قال فلان، ومذهب فلان، وكتاب فلان. هذه الكتب بها الصواب والخطأ، كتب الفقهاء، كتب الحديث، فأي كتاب لابد أن يوجد فيه خطأ، كتاب صحيح البخاري، كتاب صحيح مسلم، كتب السنن، فلابد من البحث، نقول له: لا تأتيني بفتوى، أنا عندي بحث وعندي كتاب في هذا الأمر، أنا باحث، أنت لا تأتيني بفتوى فلان وعلان، ولذلك المقلدة تأتي لهم ببحث في مسألة، وهذا البحث فيه أدلة من الكتاب والسنة والآثار يأتي لك بفتوى فلان وعلان.
فهذا يدل على أن التقليد قضى عليهم خلاص وأهلكهم، ما تقوم لهم قائمة، لماذا؟ فاقد الشيء لا يعطيه، يعني هؤلاء ليسوا أهلا للعلم ولا الخطابة ولا التدريس ولا الإفتاء ولا شيء، ما يعرفون كيف يبحثون، وإذا بحثوا، بحثوا في ورقة ورقتين وخلاص، لذلك هؤلاء لا يعتمد عليهم في أي شيء، لابد هذا قبل أن يأتي بفتوى فلان وعلان أولا يبحث كما نحن بحثنا، من مائة صحفة يأتي لي بفتوى صفحة وصفحتين.
أنت لابد أولا تأتي ببحث من نفسك، ثم بعد ذلك تدمج هذه وتضم هذه الفتوى في بحثك، لكي نعرف أنك من أهل العلم مثلا أو من المشايخ أو من طلبة العلم، فلذلك نضرب عليه وعلى فتوته، لماذا؟ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، يعني جاهل ما عنده شيء، وكل واحد مسوي نفسه خطيب وشيخ وواعظ وفي منصب كذا ومنصب كذا في الدين، وهم كلهم مقلدة، فلذلك لابد من الحكم مع الدليل، بعد ذلك تضم الفتاوى الأخرى.
لا، هؤلاء يقفزون، يتركون الكتاب، يتركون السنة، يتركون الآثار، يقول لك: فتوى فلان. لا بعد معاصر بعد، من المتقدمين مثلا، لا، يقفز لك إلى هذا المعاصر، لأن ما عنده شيء، ويعلم أن العوام جهال بالدين، فيدز لهم هذه الفتاوى رغم أن صاحب الفتوى وإن كان من أهل السنة أحيانا فقد أخطأ في هذه الفتوى، فلذلك لابد الانتباه لهذا الأمر، لابد من الاستدلال، إما من الكتاب أو السنة.
فما ترك أبو قتادة الأمر هكذا، فعل هذا الشيء، مثلا قال لكبشة: هذا رأيي. لا، أتى لها بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الهرة ليست بنجسة، وسؤرها ليس بنجس، وهذا كذلك بهذا الحديث اتفاق العلماء كما بينت لكم، أن سؤر الهرة ليس بنجس، فيجوز بعد ذلك أن يتوضأ العبد من الإناء هذا وحتى يشرب منه، يستقذر هذا الأمر، هذا أمر ثان.
وهناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره البيهقي في «السنن الكبرى»: «ما أكل لحمه فلا بأس بسؤره». هذا الحديث أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» وهو واهن، فيه سوار بن مصعب وهو متروك الحديث، وفي آسار بعد ذلك نتكلم عنها وبقية الآسار.
هل هناك أي سؤال؟.
هذا سؤال هل يجوز من الزوجة بالنسبة عن الحج يعني أن تترك الأولاد مع العلم بأن أولادها لديهم من يجلس معهم من الأقارب هو كما لا يخفى عليكم أن الحج فريضة ولعل المرأة عندها أولاد وممكن عددهم ليس باليسير فإذا هذه المرأة عندها الأموال ويستطيع أحد من أقاربها أن يمسك أولادها ويعني يتحمل بهذه الأولاد ما تهملهم أو كذا أو كذا أن تعلم أن الأولاد ما يهلكون أو بعضهم أو كذا أو ما يجوعون فإذا كان الأمر هكذا وعندها محرم فيجب عليها أن تذهب إلى الحج أما بالنسبة إذا عندها أموال وتستطيع وعندها محرم لكن ما في أناس يمسكون عنها أولادها فتؤجل هذا الحج لأجل الأولاد لأن هذا عذر شرعي لها عذر شرعي لها لأن الأولاد إذا تركوا هكذا بدون رعاية وما في أحد يراهم وقريب منهم وينام معهم ممكن يهلكون ويعني في هذا الزمان ليس مثل قبل ممكن ترى حتى جيرانك يمسكون أولادك أو حتى أناس من المسلمين فلذلك يعني إذا ما في للأولاد يعني أحد أن يتحمل بهم ويمسكهم عنها فهذا عذر لها ألا تذهب إلى الحج والله سبحانه وتعالى بنيتها يعطيها أجر الحج كاملا وبينا كثيرا إذا كان العبد يفعل أي عبادة فريضة أو سنة ما يستطيع أن يقوم بها فالله سبحانه وتعالى يعطيه الأجر كامل حتى الجهاد ما يستطيع عليه الشخص الحج النوافل أشياء كثيرة فالله سبحانه وتعالى يكتب له الأجر كامل فلذلك في أناس كثر يريدون أن يذهبوا إلى الحج لكن ما عندهم مثل الأموال ولا الاستطاعة ولا كذا ولا كذا فالله سبحانه وتعالى يكتب لهم الأجر كامل لأن أصحاب الأعذار يحصلون على الأجور العظيمة بنياتهم إنما الأعمال بالنيات بس الشخص ينوي أنه بيقوم بالعبادة أو أي عبادة والله سبحانه وتعالى بيأجره.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك ونتوب إليك.