الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (29) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تتمة الفوائد من حديث "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم..."
2024-12-27

الجزء (29) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تتمة الفوائد من حديث "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم..."
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ولعل نواصل في ذكر الفوائد من كتاب شيخنا ((فتح ذي الجلال والإكرام لشرح بلوغ المرام))، فذكر شيخنا رحمه الله تعالى: وإزالة النجاسة هل هي عبادة أو غير عبادة؟ ليست عبادة؛ ولذلك لا يشترط لها نية، ويزول حكمها لو أزالها غير مكلف، ويزول حكمها لو زالت بالمطر أو نحوه.
وإزالة النجاسة ليست عبادة، يعني: مثل الصلاة والصيام والطهارة، فهذه عبادات يحتاج إليها لا بد من نية، لكن إزالة النجاسة ليست مثل هذه العبادة كالصلاة وما شابه ذلك، لكن هي أمر تعبدي، يعني: من أمر الله سبحانه وتعالىٰ ومن أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أمر تعبدي، والمراد هنا عبادة يعني ليست مثل الصلاة والصيام والحج وما شابه ذلك يحتاج إلى نية.
فإزالة النجاسة لا تحتاج إلى لنية، فلا يوسوس الشخص إذا زال النجاسة ويقول: ما نويت بذلك وكذا، هل تصح هذه إزالة النجاسة أو ما شابه ذلك، فهذا الأمر لا يحتاج إلى نية، فتزيله بلا نية؛ لأن المراد إزالة النجاسة، فإذا زالت انتهى الأمر، وفعلت أمر الله سبحانه وتعالىٰ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولو زالت النجاسة بأي شيء يكفي، بالمطر، بالهواء، بالشمس، وغير ذلك، فالنجاسة هنا تطهر ولا تحتاج إلى نية.
والأمر الثاني: أنه لو وقعت نجاسة الكلب على غير الأواني مثل اللباس الثوب وغير ذلك، فالصحيح من هذا أن لا يغسل هذا الثوب بالتراب، لا سبع مرات ولا مرة ولا بأي شيء، كيف ذلك؟ إزالة النجاسة الكلب بالماء والصابون، في الغسالة، باليد، بكذا، بالماء والصابون، وينتهي الأمر، فلا حاجة إلى أن يغسل هذا الثوب الأولى بالتراب، وبعد ذلك سبع مرات، النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الناس يلبسون اللباس، ويتعرض لهم الكلاب باللحس الثوب وبغير ذلك.
فلذلك لا حاجة إلى هذا التراب، لماذا؟ لأن اللباس يتضرر بالتراب، ويخترب، وهذا فيه أضرار على الناس، فلذلك يغسل بالغسل العادي المعروف، سواء باليد أو بالآلة ما تسمى بالغسالة ويكفي، ولا حاجة إلى التراب ولا شيء.
وكذلك ذكر شيخنا رحمه الله تعالى بالنسبة لكلب الصيد والماشية والحرث، فلا فرق بين الكلب العادي وبين الكلب المتعلم أو المعلم، وكلب الصيد والماشية والحرث في النجاسة واحد، فهنا يذكر شيخنا أنه يعم الصغير والكبير والأسود والأحمر والأبيض، وكلب الصيد والماشية والحرث كلها في النجاسة واحد، ولا فرق بين هذا وهذا، الصغير من الكلاب والكبار من الكلاب في النجاسة واحد.
إذا ولغ الصغير الكلب والكبير والصيد والحرث والحراسة فهذا الإناء يغسل الأولى بالتراب وباقي الست بالماء، ولا في فرق بين هذا وذاك، وهذا القول الصحيح من أقوال أهل العلم، كذلك ذكر شيخنا رحمه الله تعالى نجاسة الكلب مغلظة، فنجاسة الكلب مغلظة.
وفي متوسطة وفي خفيفة، الخفيفة عندك المذي نجاسة خفيفة، عندك المغلظة نجاسة الكلب، وعندك المتوسطة نجاسة الخنزير وبقية السباع، فلذلك عندنا إذا ولغ الكلب، فالنص جاء بالكلب بغسل الأولى بالتراب وست بالماء، بقية النجاسات للسباع كالأسد والنمر وكذلك الخنزير وما شابه ذلك، فهذا لا يغسل بالتراب، ولا سبع مرات، أولاهن بالتراب أو مثلا البقية ست، فلا يغسل سبع مرات إلا ولوغ الكلب.
وشرب السباع بعد ذلك فيغسل الغسل العادي بالصابون أو ما شابه ذلك، وعلى ما يريد الشخص سواء مرة أو مرتين مثلا على السباع، أما بالنسبة للكلب فلا بد أن يغسل الإناء سبع مرات، والحكمة هذه تعبدية.
الله سبحانه وتعالىٰ تعبدنا هكذا، والله سبحانه وتعالىٰ يعلم بكل شيء، فلا بد أن يكون للمسلمين الخير في هذا الأمر، فولوغ الكلب يغسل سبع مرات، أولاهن بالتراب، يعني: الأولى بالتراب، بقية السباع على ما يريد الشخص مرة أو مرتين أو ثلاث، فالمهم أنه يطهر النجاسة، كذلك لو لحس ثوبك الكلب مثلا فلا تغسله بالتراب، وسبع مرات، فيكفي أن تغسل هذا الثوب بالصابون وينتهي الأمر، أو حتى بالماء.
لكن الناس الآن يغسلون الثياب في هذه الأشياء والأوساخ وما شابه ذلك بالصابون في الغسالة، كذلك بالنسبة لنجاسة الخنزير ما يكون سبع مرات؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: سبع مرات الأولى بالتراب، ليس بصحيح، النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بالسباع ويعلم بنجاسة الخنزير وما شابه ذلك، لم يقل، إذا لم يقل، فالأصل ترك الأولى بالتراب وست مرات، يعني: نجاسة الخنزير ما تغسل في الإناء سبع مرات وهذا القول الصحيح.
كذلك ذكر شيخنا أن الغسل لا بد أن يكون من مالك الإناء الذي ولغ فيه الكلب، فيقول بعض أهل العلم: لا بد أن يغسل الإناء مالك هذا الإناء، وهذا ليس بصحيح، ولذلك الشيخ يقول هنا: نقول هذا في الغالب؛ لأن القيد الأغلبي لا مفهوم له قاعدة، كيف ذلك؟ الآن إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، النبي صلى الله عليه وسلم قيد الإناء لشخص المالك أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب، فهذا مقيد بالمالك، وهذا في الغالب أن المالك الشيء هو الذي يتصرف فيه ليس غيره.
ولذلك لو غسل الإناء غير المالك يصح؛ لأن هذا القيد أغلبي لا مفهوم له، ما نفهم من هذا الأمر، أنه لا بد على المالك أن يغسل الإناء، لو رأى شخص الإناء ولغ فيه الكلب من جاره أو ما شابه ذلك، فهذا المالك الآن ما يدري أنه ولغ فيه الكلب، ممكن يشرب منه، فأخذه الشخص وهو غير المالك للإناء فغسله بالتراب الأولى، ثم ست مرات بالماء، وسلمه صاحب الملك وقال له: والله الكلب ولغ فيه وكذا وكذا فيصح.
لماذا؟ لأن التغسيل أو مثلا الأمور الأخرى في الغالب يتصرف فيها المالك، لكنه ممكن شخص آخر يفعل هذا الأمر، فالقيد هذا أغلبي لا مفهوم له، يعني: ما نفهم منه أنه لا بد أن المالك يفعل هذا الشيء، لو فعل الآخر فيجوز ولذلك شيخنا رحمه الله تعالى يقول: هذا في الغالب أن الناس يتصرفون في أملاكهم، فلا يكون المفهوم لا بد على النص، إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فقيد النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المالك صاحب الإناء لا بد عليه أن يغسل الإناء، ويطهر الإناء، لكن هذا لا مفهوم له.
وكذلك ذكر شيخنا هنا في الأخير أن الكلب محرم الأكل، للقاعدة: كل نجس حرام، وليس كل حرام نجس، فأكل الكلب محرم لا يجوز أكل الكلب، ولذلك التايلانديين يأكلون الكلاب، فهذا يعني آخر ما تكلم عليه شيخنا رحمه الله تعالى في فتح ذي الجلال والإكرام، ولعل في الدرس القادم نفصل كلام أهل العلم في نجاسة الكلب، مثلا الأمور الأخرى.
سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.