الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (17) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث أبي هريرة لا يبولن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
2024-12-10
الجزء (17) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث أبي هريرة لا يبولن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
المتن:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب». أخرجه مسلم.
وللبخاري: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه».
ولمسلم: «منه».
ولأبي داود: «ولا يغتسل فيه من الجنابة».
الشرح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وشرحنا في باب المياه الأحاديث التي سبقت ووصلنا في حديث أبي هريرة الذي سوف نتكلم عنه في هذا الدرس وفي الدروس التي سوف تأتي.
فذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب»، هذه الرواية رواية مسلم في «صحيحه»، ولفظ: «وهو جنب» صحيحه، وللبخاري: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه». فيه كذلك رواية صحيحة، ولمسلم «ثم يغتسل منه» فهذه كذلك الرواية صحيحة، فرواية الإمام البخاري «ثم يغتسل فيه» ورواية الإمام مسلم «ثم يغتسل منه»، ولأبي داود: «ولا يغتسل فيه من الجنابة» «من الجنابة» كذلك رواية صحيحة لكن رواية أبي داود في «سننه» رواية ضعيفة؛ لأنها من طريق محمد بن عجلان عن أبيه.
لكن هذه الرواية «من الجنابة» عند النسائي في «السنن الكبرى»؛ بإسناد صحيح، فإذن هذه الألفاظ منه وفيه ومن الجنابة وهو جنب، وغير ذلك من الألفاظ سوف تأتي صحيحة، لكن وقع اختلاف في هذا الحديث، فروي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والرواية المرفوعة صحيحة، وروي موقوفا على أبي هريرة رضي الله عنه من قوله، والرواية المرفوعة صحيحة، والرواية الموقوفة صحيحة، وإليك التفصيل.
حديث أبي هريرة هذا أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والدارمي في «المسند»، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم»، والباغندي في «ستة مجالس من أماليه» كلهم من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعا، «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه». وفي رواية «ثم يغتسل منه».
وهذا الطريق إسناده صحيح، وأخرجه بهذا الإسناد وبهذا اللفظ البيهقي في «السنن الكبرى»، والبزار في «المسند»، وأبو يعلى في «المسند»، وقد اختلف في هذا الحديث على هشام بن حسان؛ لأن هذا الحديث من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فاختلف على هشام بن حسان الراوي عن محمد بن سيرين، فرواه زائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وغيرهم من الحفاظ، خلق من الحفاظ رووه بالألفاظ التي عندكم.
كلهم عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية قلت لكم: أخرجها مسلم وأبو داود وأحمد وغيرهم كما سبق، وخالفهم إسماعيل بن علية، وهشام بن بشير، وهما ثقتان ثبتان، فروياه عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا من قول أبي هريرة، يعني: أبو هريرة هو الذي قال الكلام الذي سبق: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه»، يعني: هذا من قول أبي هريرة رضي الله عنه.
لكن الذي في الكتاب من قول النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت المرفوع كما قلت لكم، كما ثبت الموقوف، فالحفاظ الذين رووا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت لكم، خالفهم إسماعيل بن علية وهشيم، فرواه إسماعيل وهشيم عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا، وهذا الموقوف أخرجه أبو عبيد في «الطهور»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، وإسناده صحيح كذلك.
والمرفوع محفوظ لكثرة الذي رفعوه وأحفظ، وإن كان الموقوف صحيح كذلك، لكن أكثر الرواة رووا الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الأحاديث التي ذكرت والألفاظ من النبي صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ من قول أبي هريرة رضي الله عنه، وممن اختلف عليه في رفعه ووقفه من رواه عن محمد بن سيرين هو أيوب السختياني مرفوعا رواه.
يعني: أيوب تابع هشام بن حسان، فرواه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وهذا الطريق طريق أيوب أخرجه أحمد في «المسند»، وعبد الرزاق في «المصنف»، والدولابي في «الكنى والأسماء»، وابن الجارود في «المنتقى»، وابن حزم في «المحلى بالآثار»، وأبو عوانة في «المستخرج» وغيرهم من طريق إسماعيل بن علية وأبي عمير الحارث بن عمير، ومعمر بن راشد الأزدي، رووه عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه».
ولفظ إسماعيل بن علية «ثم يغتسل منه»، وإسماعيل بن علية من أثبت الناس في أيوب السختياني، فالإسناد صحيح كذلك، وهذا يدل على أن الحديث المرفوع محفوظ، فإذن أيوب تابع هشام بن حسان على الحديث المرفوع، فهذا طريق كذلك صحيح للمرفوع، وكذلك رواه عبد الله بن الزبير الحميدي صاحب المسند، وحامد ابن يحيى البلخي، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، كلهم ثقات حفاظ، الحميدي وحامد البلخي وسعيد المخزومي عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا، فذكر الحديث أيوب مرفوعا، وهذا الطريق أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، والحميدي في «المسند»، وابن حزم في «المحلى»، وإسناده صحيح.
فإذن هذه الرواية الثانية رواية أيوب صحيحة مرفوعة، ورواية هشام بن حسان مرفوعة صحيحة الأولى، والحميدي أثبت الناس في روايته عن سفيان بن عيينة، وكذلك حامد بن يحيى البلخي، ورواه سفيان بن عيينة موقوفا على أبي هريرة رضي الله عنه من قوله، يعني: هذه الرواية الثانية، الرواية الأولى رواية سفيان بن عيينة مرفوعة، وهذه الرواية موقوفة.
والرواية الموقوفة أخرجها النسائي في «السنن الكبرى»، والبيهقي في «السنن الكبرى» من طريق قتيبة بن سعيد، وهو ثقة، وسعدان بن نصر وهو ثقة، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل منه» وإسناده صحيح موقوف، وهذا يدل على أن الأثر الموقوف كذلك محفوظ، فإذن الآن بعض الرواة رووه عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وبعض الرواة رووا عن سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ورواه يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه».
هذا الآن اللفظ غير موجود عندكم في الكتاب، في الكتاب «وهو جنب»، «ثم يغتسل فيه»، «ثم يغتسل منه»، «ولا يغتسل من الجنابة»، لكن «ثم يتوضأ منه» ما في، وهذه الألفاظ كلها أحكام مهمة جدا لطالب العلم ولكل مسلم، بيأتي الكلام عليها في الدرس القادم ومفيدة، و«ثم يتوضأ منه» وردت عن أبي هريرة من قوله، ووردت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، وبيأتي الكلام عليه.
الآن عندنا رواية يونس بن عبيد روى هذه الرواية عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا عليه، وأخرج هذه الرواية أبو عبيد في الطهور من طريق هشيم، وهو ثقة قال: أخبرنا يونس بن عبيد وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا عليه، يعني: من قول أبي هريرة، ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
وبيأتي كذلك الكلام على ما تبقى، الآن الذين رووا هذا الحديث عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ثلاثة وهم هشام بن حسان، وأيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وكلهم ثقات، ورواه مرفوعا عن محمد بن سيرين أيضا عبد الله بن عون، وعوف بن أبي جميلة، وخالد بن مهران، وغيرهم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، هؤلاء كذلك يعني: عبد الله بن عون وعوف وخالد بن مهران هؤلاء كذلك يتابعون بقية الرواة الذين هم: هشام بن حسان وأيوب السختياني ويونس بن عبيد.
ورواية ابن عون وابن أبي جميلة وابن مهران المرفوعة أخرجها النسائي في «السنن الكبرى»، وأحمد في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»، وفي «أحكام القرآن»، وأبو نعيم في «مسند أبي حنيفة»، وأبو بكر الشافعي في «الغيلانيات»، وابن عدي في «الكامل»، والإسماعيلي في «معجم شيوخه» وغيرهم، وهذه الرواية كذلك صحيحة، ورواه سلمة بن علقمة التميمي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا عليه وإسناده صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف».
فإذن كذلك سلمة ابن علقمة التميمي روى عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا، ولم يروي المرفوع، وهذا يدل على ثبوت الحديث المرفوع والحديث الموقوف أيضا، ويؤكد ذلك ما رواه ابن الزناد عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»، وأبو الحسن الحربي في «الفوائد»، والطبراني في «مسند الشاميين»، وغيرهم، فهذه كذلك رواية في صحيح البخاري، والتخريج الأول في صحيح مسلم.
فالحافظ ابن حجر في بلوغ المرام عندكم اختصر هذه الروايات، وفي رواية عند النسائي في السنن الكبرى، وعند أبي داود في السنن بلفظ «ثم يغتسل فيه من الجنابة» وهي صحيحة، هذه رواية كذلك صحيحة، «فيتوضأ منه» كذلك صحيحة، وهي زيادة صحيحة ثبتت بإسناد صحيح، ورواه معمر بن راشد الأزدي وهو إمام معروف عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «وفيه ثم يتوضأ منه».
يعني: لا يبول أحد في الماء الدائم، يعني: الراكد، ثم يتوضأ منه أو يغتسل منه من الجنابة أو ما شابه ذلك، فهذا كله فيه نهي، هذه الألفاظ كلها فيها نهي وبيأتي على فقه هذه الأحاديث في الدرس القادم، الآن نأصل الحديث في التخريج، وبيان الألفاظ الصحيحة؛ لكي تعرف الألفاظ الصحيحة والألفاظ الضعيفة، ولا تأخذ أي حديث.
والمقلدة والمتعالمة يجملون لكم اللفظ، والتخريج، لكن هؤلاء مثل الحمير ما يدرون شيء ولا يعرفون شيء، فعند التفصيل يتبين أن هؤلاء ينقلون أحاديث منكرة وألفاظ شاذة، ويقولون عنا نحن شاذون، هم الشاذون أصلا، فهؤلاء يحملون الكتب لكنه مثل الحمار يحمل أسفاره ما يدري ماذا على ظهره، ولو ترى هذا الدكتور الجاهل وهو جالس على مكتبه في بيته، ومن حواليه الكتب الكثيرة ولا يدري ما فيها من علم نافع، وأحاديث صحيحه، فينقل كله غلط، وكل منكر، وكل شاذ، وكل حديث ضعيف، ومنكر، ومذهب كذا، أو وجه كذا، مثل هذا مثل الحمار ما يعرف شيء من هذه الكتب.
فعندنا الآن رواية معمر بن راشد الأزدي عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وفيه ثم يتوضأ منه»، وهذا الحديث مرفوع، وهذه الرواية أخرجها مسلم في «صحيحه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وأبو عوانة في «المستخرج»، وابن الجارود في «المنتقى»، وأحمد في «المسند»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، وابن الجوزي في «التحقيق»، والبغوي في «شرح السنة» وغيرهم، ترى هذا التخريج طويل لكن أنا اختصرته ويأتي تفصيله في الشرح كتابيا، ويمكن يقع في يمكن 20 صفحة وهذا يعني في كم؟ في 9 صفحات، ويمكن تخريج، أنا حذفت أشياء وكذا ويمكن في 20 صفحة.
وهذه رواية معمر كذلك صحيحة، ينهى النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان أن يبول في الماء الراكد، الدائم يعني الراكد، مثل النقعة من المطر، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبول الشخص في الماء الراكد ثم يتوضأ منه، أو يغتسل منه، ليش؟ لأنه نجس، فافهم، ورواه عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أن أبا السائب أنه سمع أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» هذه الرواية التي ذكرها الحافظ ابن حجر، الرواية الأولى «وهو جنب» هذه موجودة في صحيح مسلم.
فقال -يعني: الراوي- كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولا، يتناول هذا تناولا، وبيأتي شرح هذا من كلام أهل العلم، هذه الرواية رواية عمرو بن الحارث أخرجها مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والدارقطني في «السنن»، وأبو نعيم في «المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم»، والطحاوي في «أحكام القرآن» وغيره، وإسنادها صحيح، وهذه الرواية مرفوعة.
وقال الحافظ الدارقطني في «السنن»: إسنادهم صحيح.
وهناك طرق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعة عند أبي داود في «السنن»، وابن ماجة في «السنن»، وأحمد في «المسند»، والحربي في «غريب الحديث»، وابن حزم في «المحلى بالآثار»، فلا حاجة إلى ذكرها، ولعل يكون لها موضع آخر لسردها.
فهذا تخريج باختصار حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح في جميع ألفاظه المذكورة وغير المذكورة في الكتاب.
وله شاهد من حديث: جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد، وهذا الحديث أخرجه مسلم في «صحيحه»، وابن المنذر في «الأوسط»، والفاكهي في «الفوائد»، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»، وابن الأعرابي في «معجم شيوخه»، وأبو نعيم في «المستخرج»، وأبو عوانة في «المستخرج»، وغيرهم، وتم تخريج هذا الحديث.
سبحانك اللهم بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.