القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (14) الشرح الكبير على بلوغ المرام: فوائد في تضعيف حديث القلتين وأقسام المياه

2024-12-01

صورة 1
الجزء (14) الشرح الكبير على بلوغ المرام: فوائد في تضعيف حديث القلتين وأقسام المياه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أولا عندنا هذا الحديث حديث: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء» وفي رواية: «لم يحمل الخبث»، فبينا ضعف هذا الحديث جملة وتفصيلا، وهذا الحديث كذلك ضعفه شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في «البيان الممتع في تخريج أحاديث الروض المربع».

فيقول شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في (ص20)، الحديث الثاني: «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء»، يقول شيخنا: هذا الحديث أخرجه الأربعة كما في البلوغ، يعني: بلوغ المرام، وهم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وفي المنتقى أخرجه الخمسة وهم هؤلاء الأربعة وأحمد.

يقول شيخنا بعد ذلك: وقد اختلف العلماء في تصحيحه مرفوعا وأطنب فيه ابن القيم في تهذيب السنن، وقال إنه شاذ ومعلول من جهة اضطرابه سندا ومتنا، ومن جهة روايته موقوفا، وأن البيهقي في سننه والشيخ تقي الدين وأبا الحجاج المزي رجحوا وقفه، وأطال فيه الزيلعي وبين اضطرابه، انتهى كلام شيخنا.

وهذا يدل على الآن مع تضعيف الحديث الحافظ ابن عبد البر ضعفه، والحافظ بن العربي ضعفه، وبينا هذا، كذلك ضعف الحديث حديث القلتين الإمام ابن القيم في «تهذيب السنن» كما ذكر شيخنا، وكذلك بين اضطراب الحديث الحافظ الزيلعي وأعله بالوقف كذلك الحافظ المزي، وغيره من العلماء، فهؤلاء يضعفون حديث القلتين، وهو الراجح وهو الصحيح كما بينا، وتعجب من صحح الحديث على ما فيه من العلل.

ثم بعد ذلك هنا في فوائد ذكرها شيخنا في «فتح ذي الجلال والإكرام في شرح بلوغ المرام»:

الفائدة الأولى: أن الماء طهور مطهر من كل النجاسات، فالماء مطهر من كل النجاسات، وكذلك بينت لكم أن هذا الماء يصلح للاغتسال، للوضوء، للطبخ، لجميع حياة الناس، ولا فيه أي شيء، سواء من الأرض الذي يخرج أو مثلا الأنهار والآبار والعيون، أو الأمطار، أو الذي يكرر الآن وغير ذلك، فكله صالح.

فلذلك بينت لكم أن هناك زنادقة يشككون الناس حتى في الماء، فإذن الماء هذا صالح لكل شيء، سواء كانت نجاسة مغلظة كنجاسة الكلب، أو مخففة كنجاسة الصبي، فإذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فعليه أن يطهره بالماء، وإذا أمكن بالتراب، ويكفي بالصابون، الماء مع الصابون في هذا الزمان، وبيأتي هذا في وقته، كذلك النجاسات الخفيفة كنجاسة الصبي فيصلح وهذا كله سوف يأتي.

ولذلك الفائدة الثانية: أن الأصل في الماء الطهارة، فلا يأتي شخص يقول: هذا نجس أو هذا ماء ميت أو ما شابه ذلك، فالماء الله سبحانه وتعالىٰ جعله لكل الكائنات الحية، ويرفع النجاسات ويستعمله الناس في أي شيء.

الفائدة الثالثة: أن الماء إذا تغير بطاهر فهو طهور، يعني: أتى إليه شيء من الصابون، أتى شيء من الزعفران، وما شابه ذلك، لكن بينت لكم إذا كان الماء هذا أكثر أجزاء من هذا الشيء الطاهر الذي لامسه أو خالطه فهو ماء، حتى لو تغير اللون؛ لأن إذا أصابه شيء من الصابون يتغير الماء مهما يكون، فهذا طاهر يعني: طاهر ومطهر، ولا يقال عنه إنه طاهر ما يستعمل مثلا لرفع الطهارة وما شابه ذلك، لا يستعمل للاغتسال للوضوء وما شابه ذلك، فهو طاهر في نفسه ومطهر لغيره، سواء طهور أو طاهر.

ولا يقال إن الطاهر طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، فبينت لكم أن هذا ليس بصحيح، وكذلك لو غمس العبد إذا جلس من نومه في الإناء، فالماء هذا طاهر، ولا يقال إنه لا يجوز استعماله ولا يرفع الحدث وما شابه ذلك، وهذا بيأتي تفصيله.

نحن نتكلم الآن عن الماء، الأمر كذلك المهم بالنسبة للماء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه، إذا تغير بأن غلبت رائحة النجاسة وظهرت من الماء، فهذا يكون الماء نجس والرائحة المعروفة النتنة للمجاري مثلا، فهذا الأمر يكون في الماء، فهذا الماء يكون نجس، وهذا الأمر يكون في الماء، فهذا الماء يكون نجس.

لكن إذا أتى إليه طاهر مثل الآن الصابون شيئا منه، والصابون رائحته طيبة، فلا يضر هذا غير اللون، ولا يضر تغيير الطعم؛ لأن الآن لو شربت من هذا الماء لرأيت طعم الماء هذا صابون، ورائحته صابون، لكنه ما فيه الرائحة المعروفة مثل رائحة المجاري، فهذا الماء طهور وطاهر، يعني: طاهر في نفسه ومطهر لغيره، فليس أي لون وليس أي رائحة تلامس هذا الماء وتختلط مع هذا الماء يكون الماء نجس، لا بد من هذه الثلاثة الأوصاف موجودة.

وإلا إذا تغير اللون وليس فيه رائحة نتنة، هذا ليس بنجس، وكذلك إذا خالطه شيء من الطهارات فلا يضر إذا كان أجزاء الماء كثيرة، حتى لو تغير شيئا منه، فلذلك اعرف هذا الأمر، ليس أي شيء يجعلك تترك الماء وتذهب إلى ماء آخر أو تتوضأ من ماء آخر.

لعل تحتاج إلى الماء الآخر للشرب وما شابه ذلك، هذا إذا كان مثلا شخص في سفر أو انقطع عليه الماء في البيت وما شابه ذلك، فممكن أن تتيمم أو تستخدم هذا الماء الذي خالطه طهارات، وتجعل الآخر الذي لم يخلطه شيء للشرب، أو لحاجات أخرى، فاعرف هذا الأمر، وممكن أن ينقطع عليك الماء فتتيمم، ما عندك شيء من الماء، فاعرف هذه الأمور.

فإذن أن الأصل في الماء الطهارة وأنه لا يحكم بنجاسته إلا بالتغير الذي يستقذره الناس، فبعد ذلك تتركه، أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه تغيرا ظاهرا بينا انتقل من الطهورية إلى النجاسة، أصبح نجسا.

كذلك من الفوائد أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور ونجس، والطاهر هو الطهور، والطهور هو الطاهر، ويبين شيخنا رحمه الله تعالى في القاعدة أن الماء ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما، ما في ثالث الذي يقولون به العلماء، يعني: طهور وطاهر ونجس، ما في إلا طهور ونجس، ولا ثالث لهذا.

ولذلك يبين هنا أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور ونجس، وليس ثمة قسم ثالث يسمى طاهرا، خلافا لما عليه كثير من الفقهاء، من أن الماء إما طهور أو طاهر أو نجس؛ فلذلك لا تغتر بالكثرة ما دام ما عندهم دليل، أو الجمهور من العلماء يقولون بشيء ما عندهم دليل، يعني قالوا: هذا الحكم من اجتهاد منهم وللعلماء أن يجتهدون فمنهم من يخطئ ومنهم من يصيب، فأنت عليك من أصاب حتى لو واحد من العلماء، حتى لو قلة من العلماء؛ لأن هؤلاء قالوا بقول الله سبحانه وتعالىٰ وبقول النبي صلى الله عليه وسلم، فماذا تنتظر؟

ولذلك الله سبحانه وتعالىٰ ابتلى المقلدة بهذه الأمور، قال فلان، قال علان، وأكثر الفقهاء، وقول الجمهور وإلى آخر، رغم أن هذه الفتاوى كلها غلط مخالفة للكتاب والسنة، هؤلاء لهم أجر على اجتهادهم، أما غيرهم فله إثم إذا أخذ بقولهم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan