القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (13) الشرح الكبير على بلوغ المرام: ضعف حديث القلتين

2024-12-01

صورة 1
الجزء (13) الشرح الكبير على بلوغ المرام: ضعف حديث القلتين

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «بلوغ المرام»:

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث». وفي لفظ: «لم ينجس». أخرجه الأربعة، وصححه ابن خزيمة. وابن حبان.

الشرح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وأخذنا في الدروس التي سلفت حديث أبي أمامة: «الماء طهور إلا أن يتغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه» وغير ذلك من الأحاديث، وفي هذا الحديث حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث». وفي لفظ: «لم ينجس».

وهذا الحديث كما سمعتم أخرجه الأربعة أبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقبل أن نأخذ أحكام في الطهارة والنجاسة لعل نتكلم عن تخريج هذا الحديث، وفي الدرس القادم نأخذ أحكام في الطهارة، وهي مهمة لكل مسلم، فحديث ابن عمر «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»، فحديث القلتين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما كما سمعتم.

وهذا الحديث روي من طريق أبي أسامة، وأبو أسامة هو حماد بن أسامة وهو ثقة معروف، فهو من طريق أبي أسامة عن الوليد بن كثير، واختلف في هذا الحديث على أبي أسامة، فمنهم من قال: عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومنهم من قال: عن محمد بن عباد بن جعفر، فهذا الحديث الآن رواه أبو أسامة، فرواه مرة عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة عن محمد بن عباد بن جعفر.

وهذا الحديث قد اضطرب في متنه وسنده واختلف في متنه وسنده فهو حديث ضعيف لا يصح، ولا تغتر بكثرة من صححه من أهل العلم، وخاصة من المعاصرين، فإن كل واحد يقلد الثاني في تصحيح الآخر، ولم يأتوا بتخريج وافي في هذا الأمر، وكل واحد يقلد الآخر، صححه فلان خلاص، فهو يصححه بناء على هذا، ويذكرونه عزوا وإلى آخره.

وسوف يكون لي جزء كامل في هذا الحديث بالتفصيل، ووقع فيه اختلاف كثير واضطراب لكن سوف نذكر نحن تخريج هذا الحديث، يعني بكلام مختصر، يعني متوسط، ومهذب ولعل تقرؤون بعد ذلك الكتاب وترون فيه التفصيل.

وهذا الحديث ضعفه الحافظ بن عبد البر في «التمهيد»، وضعفه الحافظ بن العربي في «أحكام القرآن»، وفي «عارضة الأحوذي»، وغيرهما من الأئمة، وإليك التفصيل في هذا:

رواه أبو كريب محمد بن العلاء، وهناد بن السري، والحسين بن حريث، ويحيى بن حسان، وموسى بن عبد الرحمن الكندي، ومحمد بن عبد الله، ومحمد بن سليمان القيراطي، وحوثرة بن محمد، وعبد الله بن محمد وغيرهم، رووه عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه.

ابن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينيبه من الدواب والسباع، فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»، وهؤلاء فيهم ثقات، فهذا الآن من روى الحديث عن أبي أسامة عن محمد بن جعفر بن الزبير، فهذا الحديث كما سمعتم عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، يعني: رواية القصد رواية محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله بن عبد الله.

يعني: هذا ابن عمر اسمه هكذا، عبد الله بن عبد الله بن عمر، وفي كذلك رواه عبيد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر، وهذا كذلك من الاختلاف في الحديث واضطراب الحديث وبيأتي تفصيل هذا، فالآن الحافظ ابن حجر ذكر متن الحديث، ولم يذكر القصة، فكيف أتى الجواب؟ أتى بسبب سؤال كما ذكر في الحديث، وما ينيبه من الدواب والسباع.

فأنت لا بد تتفهم الآن إذا أردت كذلك أن يتبين لك ضعف الحديث، ليس من جهة الإسناد، كذلك من جهة المتن ومن جهة السؤال، والسؤال ماذا فيه، لكي تعرف أن مستحيل النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول مثل هذا الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم روى أحاديث كثيرة في الماء، وبين هذا الأمر.

فأنت الآن لا بد تعرف معنى القلة، وكم وزن القلة، وكم فيها من الماء، وكم تحمل من الماء، والقلتان كذلك كم الماء فيها؛ لكي نعرف أن مهما يأتي من الدواب ويأتي من السباع أنه ما ينجس، فإذا عرفت الآن القلة هي الجرة من الفخار أو من الجلد، واختلف أهل العلم فيها.

الآن الإمام الشافعي خمس قرب تأتي، ومنهم من قال جرة من الفخار المعروفة، الفخار الذي نشرب منه الماء هكذا، ومنهم من قال: مئة واحد وتسعين كيلو، ومنهم من قال: مئة واثنين وستين لتر، هكذا تكون، فعلى كل حال مهما يكون فالماء الذي في القلتين يكون ليس بالكثير الذي مثلا يحمل الدواب يأتون يوميا، والسباع يأتون يوميا يشربون ويبولون، وإلى آخره، مستحيل إن قدر القلتين أن الماء هذه ما ينجس، يستحيل، وهذا بالعقل وبالمشاهدة وغير ذلك.

لو كان الماء مثل البرك المعروفة الآن الموجودة العادية التي يغتسل فيها الناس، لو أتاها الدواب والسباع كل يوم وهي أكثر بكثير من القلتين، تحمل الخبث أو لا؟ تحمل النجاسة أو لا؟ تحمل هذه البركة النجاسة، فيستحيل النبي صلى الله عليه وسلم إذا هذه البركة العظيمة الكبيرة الكثيرة تأتي إليها الدواب والسباع وإلى آخر، والدواب والسباع يبولون ويتغوطون، أشياء أخرى، فيستحيل أن القلتين ما تنجس إذا يأتي بها الدواب.

فهذه البرك العظيمة بتنجس ولا بد، فما بالك بالقلتين، فأنت لا بد تعرف المتن، تعرف السند، وتعرف السؤال، مثل ماذا الذي أخذناه؟ بئر بضاعة يلقى فيها الحيض وأمور الدواب وأشياء كثيرة، مستحيل أنه ما ينجس، ومع هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينجس، مستحيل يقول الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا، وهذا أمر معروف بالمشاهدة.

فعرفنا أن من ناحية السند والسؤال والأمور التي تلقى في بئر بضاعة عرفنا أنها الحديث لا يصح أصلا، كذلك حديث القلتين لم ينتبه المقلدة في هذا العصر بس يأخذون ويشرحون، حط له بلوغ المرام وصححه فلان وعلان واشرحه بس، بيبحث؟ بيسأل؟ لا، ما في، وانظر في التواصل المرئي الذي يشرحون بلوغ المرام الآن، كلها تقليد في تقليد، أحكام تقليد في تقليد، بيتغير واحد منهم؟ لا، ما في، بيبحث؟ ما في، بيسأل؟ ما في، كلها تقليد، فمعقول الآن في هذا القدر وفي هذا المستوى من الماء الآن في القلتين، دواب وسباع، سباع نجسة لا، يعني: ما بيتغير؟ هذا أكيد يتغير.

ولذلك ما نقل الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى في «الإجماع» أن الماء إذا وقعت فيه النجاسة وتغير، سواء كثير أو قليل فهو نجس، ما قال بعد قلتين، قال: كثير، حتى لو كان كثيرا تغير نجس، هذا بالإجماع من المتقدمين والمتأخرين، وينقلون المقلدة ينقلون أن هذا الإجماع، طيب إذا في إجماع وتنقلونه كيف تقولون على القلتين ما تحمل الخبث، ما تحمل النجاسة، أنتم تقولون بالإجماع هذا أن الماء الكثير إذا تغيير ينجس، ثم ينقلون الإجماع المقلدة في شروحهم في هذا الزمان، ثم يقولون: القلتين ما ينجس.

فهؤلاء في الحقيقة كل واحد منهم لا يدري ما يخرج من رأسه، كله بسبب التقليد، فكما بين الإمام ابن القيم في إعلام المواقعين أن هذا التقليد عمى ما يدري ماذا يقول المقلد هذا، فالأعمى العمي ما يبصر، فإذن كما سمعتم في هؤلاء الرواة فرواه أبو كريب محمد بن العلاء وهناد والحسين ويحيى وغير ذلك كما ذكرنا، وهذه الرواية أخرجها أبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، وابن خزيمة في «صحيحه»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»، وفي «مشكل الآثار»، والدارمي في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه» والطبري في «تهذيب الآثار»، وابن الأعرابي في «المعجم»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «معرفة السنن»، وفي «الخلافيات» وغيرهم كثير من المصنفين رووا هذه الرواية، وهي رواية محمد بن جعفر بن الزبير.

واسمع ماذا قال أبو داود؟ قال أبو داود في «السنن»: وهذا لفظ ابن العلاء أبو كريب بن العلاء؛ لأن روى أبو داود هذا الطريق، فهذا لفظ ابن العلاء، ثم يقول أبو داود الإمام حافظ: وقال عثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي بن عفان عن محمد بن عباد بن جعفر انتهى كلام أبو داود.

الآن عندنا أبو داود ذكر رواية ابن العلاء، ثم ذكر رواية ابن أبي شيبة والحسن بن علي عن محمد بن عباد بن جعفر وقال: هذا هو الصواب، فالآن أبو داود رحمه الله تعالى يصوب رواية محمد بن عباد بن جعفر على رواية محمد بن جعفر بن الزبير، فهو يضعف رواية محمد بن جعفر بن الزبير، ويصحح رواية محمد بن عباد بن جعفر، وهذا كلاهما ثقات، فمحمد بن جعفر ثقة، ومحمد بن عباد ثقة، فإذن الآن الإمام أبو داود رحمه الله تعالى يضعف لهم رواية، هؤلاء المقلدة الذي يصححون الآن أبو داود يضعف لهم رواية محمد بن جعفر، ويصوب رواية محمد بن عباد.

مع أن كذلك رواية محمد بن عباد ضعيفة، وضعفها الحافظ بن عبد البر، وغيره، فيعني: رواه محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه ابن عمر به مرفوعا، هذه رواية ابن العلاء عند أبي داود، ورواه عثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي بن عفان عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا، وكذلك روى الرواية الأولى غير ابن العلاء كما قرأت عليكم، وبتأتي رواية محمد بن عباد.

وهذا توضيح لكلام أبي داود في السنن، والرواية التي أشار إليها أبو داود وهي رواية أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا؛ لأن كذلك الحديث روي موقوفا على ابن عمر، وروي مرسلا كذلك، وهذا يدل على الاختلاف، ولم يفهم ولن يفهم المقلدة، طول عمرهم يموتوا في هذه الأحاديث العلل وغير ذلك؛ بسبب أنهم ليس عندهم علم ولا يريد أحد أن يتعلم علم الحديث، ولا يريد أحد من هؤلاء أن يتعلم علم الحديث؛ لكي ينفي عن نفسه التقليد والجهل في العلم؛ لأن هؤلاء وقعوا في الجهل المركب.

والعوام أفضل منهم؛ لأن وقعوا في الجهل البسيط، والعامي يقول: ما أدري، ما أعلم، هؤلاء يقولون: نحن نعلم مع الجهل، فالرواية التي أشار إليها الإمام أبو داود رواها عن أبي أسامة أبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان بن أبي شيبة، وشعيب بن أيوب، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وحجاج بن حمزة بن سويد الرازي، ومحمد بن سعيد العطار، وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم، كذلك هؤلاء ثقات.

وقال بعضهم عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه به مرفوعا، فبعض هؤلاء رووه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، وبعضهم خالفوا فرووه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه به مرفوعا، فاختلف الإسناد من عبد الله بن عبد الله بن عمر إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وهذا كذلك فيه اختلاف، والمقلدة ما يدرون عن هذا الاختلاف ولا شيء.

فأين يعلمون وهم مقلدة؟ وهذه الرواية رواية محمد بن عباد أخرجها أبو داود في «سننه»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «معرفة السنن»، وفي «الخلافيات»، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك»، والدارقطني في «السنن»، والشافعي في «الأم»، وفي «اختلاف الحديث»، وفي «المسند»، وابن الجارود في «المنتقى»، وابن أبي حاتم في «العلل» وغيرهم، فكذلك خلق رووا هذا الحديث.

وقال بعضهم في المتن: لم ينجسه شيء، بدل لم يحمل الخبث، وهذا يدل في الاختلاف في السند وفي المتن، كذلك اختلاف آخر في المتن وكما ترون كذلك هذه الرواية رواية محمد بن عباد رواها الإمام الشافعي وهو حافظ وثقة، لم يروي رواية محمد بن جعفر بن الزبير، فكذلك هؤلاء الحفاظ ضربوا على الرواية الأخرى رواية محمد بن جعفر بن الزبير، واختاروا رواية محمد بن عباد بن جعفر، وهذا يدل على هذا الاختلاف.

وبسبب هذا الاختلاف الآن في السند أعرض الإمام البخاري عن هذا الحديث في الصحيح، وهذه من القرائن القوية على أن الحديث ضعيف لا يصح؛ ولذلك أعرض عنه الإمام البخاري ولم يخرجه على شرط الصحيح؛ ولذلك كذلك أعرض عنه الإمام المسلم ولم يخرجه على شرط الصحيح، لماذا؟ للاختلاف الذي وقع فيه بين الرواة وبين المصنفين، وإلا لو رأيت الإسنادين بالنسبة لرواية محمد بن جعفر بن الزبير، من رجال البخاري ومن رجال مسلم.

وكذلك بالنسبة عن رواية محمد بن عباد بن جعفر من رجال البخاري ومن رجال مسلم، فالأصل والشرط الذي للإمامين البخاري ومسلم لا بد عليهما أن يخرجا الحديث أين؟ في الصحيح؛ لأن الرجال كلهم من رجال البخاري ومن رجال مسلم، فعلى شرط الصحيح أن يخرج الإمام البخاري حديث القلتين في الصحيح، ويخرج الإمام مسلم الحديث هذا حديث القلتين في الصحيح، لكن أعرضا عن الحديث هذا للاختلاف، وإلا الرجال من رجال الإمام مسلم ومن رجال الإمام البخاري.

وهذا يدل على أن الإمام البخاري يضعف حديث القلتين، وأن الإمام مسلما يضعف حديث القلتين، فليأتوا لنا هؤلاء المقلدة هذا الأمر، فلماذا الإمام البخاري أعرض، والإمام البخاري أعرض عن أحاديث بسبب الاختلاف والاضطراب، ويضعف الأحاديث كما في تاريخ الكبير والتاريخ الأوسط، يضعف الأحاديث بالاضطراب، اضطراب الرواة واختلاف الرواة يضعف الحديث.

فالإمام البخاري يضعف الحديث والإمام مسلم يضعف الحديث، وهذا أمر يعرفه أهل الحديث، فلماذا أعرض عنه الإمام مسلم والإمام البخاري؟ لأن إسناد الحديث اختلف عليه، وعندهم ليس بصحيح رغم أن البخاري ومسلما رويا عن محمد بن جعفر في الصحيح، ورويا عن محمد بن عباد في الصحيح، والاختلاف عليهما في هذا الحديث ضربا على هذا الحديث حديث القلتين، فالحديث ضعيف عند الإمام البخاري، وعند الإمام مسلم.

يقول الحاكم في «المستدرك»: وأظنهما -يعني: الإمام البخاري والإمام مسلم- لم يخرجاه لاختلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير، ولا يظن ظان بل هذا حقيقة أن إعراض الإمام البخاري، وإعراض الإمام مسلم عن الحديث الاختلاف بلا شك، ولا يظن في ذلك أصلا، وطريقة الإمام البخاري معروفة تكلمنا عنها كثيرا، والإمام مسلم، رغم أن الإمام البخاري لم يذكر ضعف حديث، نذكر أن الإمام البخاري ضعف الحديث؛ للأصول قامت عند أهل الحديث من تاريخه تبين هذا.

كذلك الإمام مسلم، فلا يقال إن الإمام البخاري ترك حديث صحيح لم يدخله في الصحيح، هذا أمر معروف، أو الإمام مسلم ترك أحاديث صحيحة لم يدخلها في صحيحه وهذا معروف، لكن إذا رأينا الآن أصول أهل الحديث والقواعد والضوابط في بعض الأسانيد نعلم أن الإمام البخاري لم يدخل هذا الحديث في صحيحه للاختلاف فيه وللاضطراب ولضعفه، من قال لكم أن الإمام البخاري لم يدخل، ماسكين علينا هذا الأمر الآن، هذه القاعدة المقلدة.

أن الإمام البخاري لم يدخل كذا، لم يدخل كذا، ومع هذا يقولون إن هذا الحديث صحيح، هذا مصرح به أصلا، لكن إذا نظرنا إلى قواعد أهل الحديث، علمنا أن البخاري هنا في حديث القلتين لم يدخله في الصحيح رغم إن الإسناد من رجاله للاختلاف، والاختلاف هذا بين أصلا، وبين هذا ابن عبد البر وابن العربي وغيرهم من أهل العلم، حتى الذين صححوا الحديث ذكروا الاضطراب والاختلاف، لكن لم ينتبهوا إلى نكارة الإسناد ونكارة المتن والسؤال فيه، وأن هناك دواب وسباع ترد هذا الماء.

فلذلك لا بد علينا أن، وقد صوب الإمام الدارقطني في «العلل» في صحة رواية محمد بن جعفر، ورواية محمد بن عباد في ذلك الاختلاف الذي بينه، لكن لم يصب الإمام الدارقطني في هذا الحديث، للاختلاف والاضطراب في متنه وسنده كما بينا، وكذلك صوب الروايتين الإمام البيهقي في «الخلافيات» وغيرهما من أهل العلم، ولم يصيبوا في ذلك؛ لأن ما يستطيع أحد أن يرجح بين هذه الروايات كلها والاضطرابات والاختلافات؛ لأن هذا الحديث كذلك أتى من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر، وكذلك أتى مرسل.

فكل هذه الأمور تدل على اضطراب الحديث واختلاف الحديث وضعفه، وأما أبو داود رحمه الله تعالى فقد صوب رواية من قال: محمد بن عباد بن جعفر، وخطأ وضعف رواية محمد بن جعفر بن الزبير، رغم أنه روى رواية محمد بن جعفر، وكذلك الإمام أبو حاتم رحمه الله تعالى في «العلل» صوب فقط رواية محمد بن جعفر بالعكس، بعكس الإمام أبي داود، صوب فقط رواية محمد بن جعفر بن الزبير، وخطأ وضعف رواية محمد بن عباد بن جعفر.

يعني: بعكس الإمام أبي داود، والإمام ابن منده صوب رواية محمد بن جعفر بن الزبير، وضعف رواية محمد بن عباد، يعني: وافق الإمام أبو حاتم رحمه الله تعالى.

فانظر إلى الاختلاف الذي يتكلم فيه أهل العلم، وفي اختلاف كبير في هذا الأمر، وإذا رأيت هذا الاختلاف والاضطراب في المتن والسند علمت أن هذا الحديث لا يصح نهائيا ويدل على ضعف الحديث، فقد روي مرسلا وموصولا، لكن من رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه به، فرواه عيسى بن يونس وهو ثقة مأمون.

الآن الرواية التي سلفت عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير، هنا الآن رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير، لكن رواه عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، هذا اختلاف في الحديث الآن، وعيسى بن يونس ثقة مأمون وهو يكون متابع لأبي أسامة، لكن من رواية عبيد الله بن عمر، وهذا يدل كذلك ضعف الحديث، وهذه الرواية رواية عبيد الله بن عبد الله بن عمر أخرجها ابن الجارود في «المنتقى» موصولا، والبيهقي في «معرفة السنن» مرسلا وموصولا، وذكره الدارقطني في «العلل» مرسلا فقط.

فهذا الحديث ساقط وليس بشيء، فالذي صححه لم يصب حتى لو كان من العلماء، وهناك كذلك رواية أخرى من رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير، يعني: لا يوجد الوليد بن كثير نهائيا في الرواية هذه عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وهذه الرواية أخرجها الترمذي في «سننه» وغيره، والحافظ بن حجر ذكر الحديث ولم يذكر هذا الاختلاف إلا في مواضع أخرى.

ولذلك الآن عندنا أبو داود روى رواية عبد الله بن عبد الله بن عمر، والترمذي روى رواية عبيد الله بن عبد الله بن عمر، والحافظ هنا ابن حجر قال: أخرجه الأربعة، لكن أخرجه الأربعة على اختلاف الإسناد، ليس بإسناد واحد، نعم من حديث ابن عمر، لكن ليس بإسناد واحد، فهذه الأمور لا بد من التفصيل لكي يعرف الناس هذا الأمر.

والمقلدة يقولون لك: صححه ابن خزيمة، وصححه ابن حبان، على من؟ على ما ذكره الحافظ ابن حجر، وصحيح ابن خزيمة فيه أحاديث كثيرة ضعيفة، وصحيح ابن حبان فيه أحاديث كثيرة ضعيفة، فالمقلدة يقولون لك: صححه ابن خزيمة، وصححه ابن حبان، ويمشون، والذي معهم كل واحد مثل الأطرش في الزفة، ما يدري بشيء، يظهر بعد ذلك بعد الدورة أو الحلقة أو الدرس أو المسجد ما يعرف شيء.

وكذلك هذا الحديث رواه حماد بن زيد وهو ثقة ثبت معروفة، رواية حماد بن زيد عن عاصم بن المنذر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، أخرجه أبو داود في سننه، يعني: غير موجود أبي أسامة، غير موجود الراوي في الرواية الأولى.

قال أبو داود في «سننه»: وحماد بن زيد وقفه عن عاصم بن المنذر، يعني: موقوفا على ابن عمر، حماد بن زيد معروف حافظ ثقة ثبت أوقفه على ابن عمر، بدل ما يكون مرفوع، فالسؤال أتى من الناس إلى من؟ إلى ابن عمر، ولا يلزم إن هذا موقوف على ابن عمر أنه صحيح، فكذلك ضعيف للاضطراب والاختلاف، ما تستطيع أن ترجح، ما تستطيع يتبين عندك الصواب في هذا الأمر، وكل واحد يصوب على اجتهاده.

وروي الحديث عن أبي هريرة عند الدارقطني في «السنن»، والبيهقي في «الخلافيات»؛ ولذلك الحديث ضعفه الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد»، وضعفه ابن العربي في «عارضة الأحوذي»، و«أحكام القرآن»، فلذلك فلا تغتر بكثرة من صححه من العلماء قديما وحديثا، وخاصة المعاصرين، فلا تغتر بهم، والحديث ضعيف، ويأتي تفصيله في كتاب كامل في جزء كامل، لكن كما قلت لكم في تخاريج صوتيا، وفي هذه الشروح فقط متوسط يكون تخريج، ومهذب.

هذا بالنسبة للحديث وهو حديث ضعيف.

 ويأتي في الدرس. القادم عن الأحكام في النجاسة والأحكام في الطهارة، فماذا يفعل الناس؟

بالنسبة لهذا السؤال هل يأثم الذي لا يصلي قبل البلوغ وإذا صلى قبل بلوغه هل يؤجر؟.

 بالنسبة للصلاة قبل البلوغ لا يأثم عليها الصغير المميز الذي يميز والنبي صلى الله عليه وسلم حث الاباء والأمهات على أن يربوا ويدربوا أولادهم  على الصلاة قبل البلوغ فلا يأثم الصغير على ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم بين للناس هذا الأمر بل هذا شيء طيب في ديننا ولابد على الناس أن يدربوا أولادهم على الصلاة في التمييز قبل البلوغ وبلا شك إذا صلى هذا الصغير الصلاة قبل البلوغ بلا شك يؤجر على هذا الأمر وليست فرض لكن ليست فرض عليه يؤجر على هذا وله أجر وسوف ينشأ النشء الطيب في هذا الأمر

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan