الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (5) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج الأحاديث في الطهارة
2024-11-23
الجزء (5) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج الأحاديث في الطهارة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وصلنا في حديث عمرو بن حزم الذي ذكره شيخنا رحمه الله تعالى في شرحه لبلوغ المرام في «فتح ذي الجلال والإكرام»، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن ألا يمس القرآن إلا طاهر، وبينا ضعف هذا الحديث، وكذلك تخريجه.
لكن هذا الحديث روي الحديث من طرق أخرى كلها ضعيفة، لا يحتج بها، نذكرها منها: ما أخرجه الدارقطني في «السنن»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وفي «المعجم الصغير»، والبيهقي في «السنن الكبرى» من طريق سعيد بن محمد بن سوادن عن أبي عاصم عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه به.
وإسناده ضعيف فيه ابن جريج وهو مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث فالإسناد ضعيف.
وسعيد بن محمد هذا مجهول، وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر، وكذلك «تاريخ بغداد» للخطيب.
ومنها ما أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف»، والطبراني في «المعجم الكبير» من طريقين عن عثمان بن أبي العاص به.
وإسناده ضعيف في إسماعيل بن رافع، ضعفه يحيى بن معين، والنسائي وغيرهما، وفي إسناد ابن أبي داود انقطاع أيضا.
والحديث ضعفه ابن حجر في «تلخيص الحبير» فهذا كذلك الشاهد الثاني لحديث: «لا يمس القرآن إلا طاهر» ضعيف.
والشاهد الثالث: منها ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، والدارقطني في «السنن»، والحاكم في «المستدرك» من طريق سويد أبي حاتم، قال: حدثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال عن حكيم بن حزام رضي الله عنه به.
وإسناده ضعيف فيه مطر ابن طهمان الوراق وهو ضعيف الحديث ويخطئ كثيرا.
قال عنه النسائي: (ليس بالقوي)، وقال الدارقطني: (ليس بالقوي)، وقال أبو داود: (ليس هو عندي حجة)، كما في «تهذيب التهذيب» لابن حجر و«تقريب التهذيب» له، و«تهذيب الكمال» للمزي.
فإذن حديث: «لا يمس القرآن إلا طاهر» حديث ضعيف لا يصح، حتى ذكر بعض أهل العلم له الشواهد هذه، وكذلك هذه الشواهد لا تصح، فلذلك من صحح هذا الحديث لم يصب، ولذلك انظر في الأحاديث التي تذكر في كتب الفقه، واسأل عنها فإن ذكرت أحاديث كثيرة في كتب الفقه ضعيفة، وهي مشهور عند الفقهاء وعند العامة وهي لا تصح فاسأل عنها، فلا يمس القرآن إلا طاهر حديث ضعيف.
وهذا الحديث احتج به بعض أهل العلم على أن الذي ليس على وضوء لا يمس القرآن، وبينا يجوز ذلك، وهذا الحديث ضعيف، وكذلك أحاديث أخرى ضعيفة استدل بها بعض أهل العلم، وبينا يجوز للذي على غير الطهارة أن يمس القرآن، وحتى الجنب، وحتى الحائض، وانتبه للأحاديث التي يذكرها الفقهاء، فكلها أحاديث ضعيفة لا يعتمد عليها في ديننا، فديننا قائم على السنة الصحيحة.
ولذلك أهل الحديث دائما وأبدا يصفون هذه الأحاديث الضعيفة، ويتركها أهل الحديث ويقبل عليه العامة الغجر فيؤخذون بها ويعتمدون فيها في ديننا، وهي ليست من الدين، وبين ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم أن هذه الأحاديث ضعيفة توصل الشخص إلى الزندقة ولا بد، فذلك احذر من هذه الأحاديث الضعيفة، أنت تتعبد الله بها أو تنقلها للناس؛ لأن كل ذلك مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالىٰ، فانظر في هذا الأمر.
وكذلك شيخنا في شرحه لبلوغ المرام ذكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، هذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، وأحمد في «المسند» من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
وكذلك شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ذكر حديث أبي هريرة آخر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعني: ريحها، هذا حديث ضعيف يتداوله الفقهاء في كتبهم، لكنه حديث ضعيف لا يصح، أخرجه أبو داود في «سننه»، وابن ماجة في «سننه»، وأحمد في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، وابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق فليح بن سليمان الخزاعي عن عبد الله بن عبد الرحمن عن معمر أبي طوالة عن سعيد بن يسار عن ابي هريرة رضي الله عنه به.
وهذا إسناده ضعيف فيه فليح بن سليمان الخزاعي وهو يخطئ كثيرا في الحديث، ليس بالقوي، قال عنه ابن معين: (ضعيف لا يحتج به)، وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي)، وقال النسائي: (ضعيف)؛ لذلك لم يصب من صححه من أهل العلم لضعف الحديث.
وانظر في ترجمة فليح الخزاعي: «تهذيب الكمال»، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي، فهذا الحديث مشهور ويتداوله أهل العلم، وذكره شيخنا في شرح بلوغ المرام، لكنه لا يصح.
بعد ذلك ذكر المؤلف صاحب بلوغ المرام باب المياه، وذكر حديث أبي هريرة المعروف عن المغيرة بن أبي بردة أنه سمع أبا هريرة يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضئنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».
حديث صحيح أخرجه أبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، والترمذي في «سننه»، وابن ماجة في «سننه»، ومالك في «الموطأ»، والشافعي في «الأم»، والرافعي في «أخبار قزوين»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، والجوهري في «مسند الموطأ»، وأحمد في «المسند»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، وأبو عبيد في «الطهور»، وابن خزيمة في «صحيحه»، وابن الجارود في «المنتقى»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «معرفة السنن»، وابن دقيق العيد في «الإمام»، وابن المنذر في «الأوسط»، والسمعاني في «معجم الشيوخ» من طريق صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة الزرقي عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة به.
قلت: وهذا سنده صحيح وقد صححه النووي في «المجموع»، والشيخ الألباني في «إرواء الغليل»، وابن المنذر في «الأوسط»، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، وقال ابن حبان في «المجروحين»: (حديث صحيح)، وقال الجوزقاني في «الأباطيل والمناكير»: (إسناده متصل ثابت)، ونقل الترمذي في «العلل الكبير» عن الحافظ البخاري لتصحيحه لهذا الحديث.
فهذا الطريق هو الصحيح في هذا الحديث، والحافظ بن الحجر اختصر هذا الحديث، وذكرته لكم مطولا بالقصة هذه، فهذا الطريق فقط الذي ذكرته هو الصحيح، وروي هذا الحديث أيضا عن أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وجبر بن عبد الله، ولا يصح منها شيء، كلها ضعيفة لا تصح، رغم إن بعض المحققين صحح بعض هذه الأحاديث، لكنها لا تصح.
وممكن أن تنظر إليها وهي أحاديث كلها ضعيفة، «المستدرك» للحاكم، و«السنن» للدارقطني، و«العلل» له، و«الإمام» لابن دقيق العيد، و«بيان الوهم والإيهام» لابن القطان، و«السنن الكبرى» للبيهقي، و«العلل» للإمام أحمد، فإذا هذا الحديث هو الصحيح الذي ذكرناه، وهو حديث أبي هريرة فقط.
وتعريف البحر في اللغة: يطلق البحر على الماء الكثير ملحا كان أو عذبا وقد غلب على الملح حتى قلت العذب، والبحر خلاف البر، والجمع أبحر وبحور وبحار، فالبحر هذا يطلق على الماء الكثير ملحا كان أو عذبا، لكن غلب على الملح الآن فالبحر يطلق على الماء المالح، والبحر الواسع، وسمي البحر بحرا لاستبحاره وهو انبساطه وسعته وعمقه، ومنه قولهم: إن فلانا لبحر أي: واسع المعروف سخيا، واستبحر فلان في العلم أي: اتسع.
وانظر: «لسان العرب»، لابن المنظور، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس، و«مختار الصحاح» للرازي، و«المصباح المنير» للفيومي، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري، فإذن هذا البحر في اللغة، ويطلق على الماء الواسع العميق، ولذلك كما ترون أن البحار منبسطة، وواسعة، وعميقة، على حسب البلدان كما ترون.
وكذلك يطلق على السخي، ويطلق على الذي عنده علم أنه بحر، والبحر في الاصطلاح هو الماء الكثير ملحا كان أو عذبا غير أنه خص بالماء الكثير المالح غالبا؛ ليخرج بذلك ماء الأنهار والعيون وغير ذلك، وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية، و«أحكام القرآن» لابن العربي، و«عون المعبود» للعظيم آبادي، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي، و«الفتاوى» لابن تيمية، و«شرح الموطأ» للزرقاني.
ويقول الإمام العيني في «البناية»: (إذا أطلق البحر يراد به البحر المالح ذو الطعم الملح).
قلت: فالبحر المجمع العظيم للماء المالح، فالآن يطلقون على هذا، وبعد ذلك إن شاء الله الدرس القادم نتكلم عن أحكام البحر.
في أسئلة هنا ؟.
س: رجل يبيع الفحم للمقاهي التي فيها الشيشة وكذا
هذا بالنسبة عن بيع الفحم للقهاوي الشعبية فما حكم الأكل والشرب عنده؟.
أولا صاحب الفحم هذا لا يجوز له أن يبيع هذا الفحم على هؤلاء لأن هؤلاء يستعملون هذا الفحم في صنع هذه الشيشة المحرمة الدخان فلا يجوز له ذلك وهذا ما عنده إلا الفحم أو عنده شيء ثاني أرزاق أخرى إذا ليس عنده إلا هذا الفحم فلا يؤكل عنده شيء ولا يشرب عنده شيئا إلا إذا كان عنده أرزاق آخرى واختلطت الأموال بين هذا البيع وبين الحلال فلا بئس بالأكل عنده كما بين شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين إذا اختلطت الأموال غير ذلك مما تكلم فيه الفقهاء.