القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (68) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: حكم تقصير الخطبة... وفقه حديث عمار في ذلك

2024-10-29

صورة 1
الجزء (68) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: حكم تقصير الخطبة... وفقه حديث عمار في ذلك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وانتهينا من تخريج حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما، وذكرنا كذلك الشواهد لهذا الحديث، ولعل في هذا الدرس نتكلم عن حكم تقصير خطبة الجمعة؛ لأن الحديث يدل على ذلك، ونذكر أقوال أهل العلم في هذا الأمر.

فحكم تقصير خطبتي الجمعة على مسائل:

 المسألة الأولى: تقصير الخطبتين معا، فيسن تقصير الخطبة الأولى وكذلك الخطبة الثانية يوم الجمعة، وإلى ذلك ذهب أصحاب المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يسن للخطيب في الجمعة تقصير الخطبتين بقدر لا يحصل به الإخلال بأركانها ويفوت به المقصود منها، فهذا كلام المذاهب الأربعة، وأن من السنة تقصير الخطبة، ولكن بشرط هذا التقصير للخطبة ما يحصل به الإخلال بأركانها يعني يذكر شيئا هكذا يمشي ويختم، ولا يفوت به المقصود، المقصود من الخطبة تبيين أحكام الدين في الأصول والفروع بالأدلة من الكتاب والسنة لكن يوجز، كما فعل عمار بن ياسر كما عندكم في الحديث، فأوجز وأبلغ، كانت خطبة عمار رضي الله عنه وجيزة قصيرة وبليغة لما فيها من الأحكام، لما فيها من الوعظ، وما فيها من الإيمانيات، وغير ذلك مما يستفيد منه المصلون.

فأصحاب المذاهب الأربعة على هذا يعني بإجماعهم، ومع هذا ترى الآن بزعمهم الذين ينقلون عن الأئمة الأربعة، والذين ينقلون عن المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة خالفوا أصحاب المذاهب الأربعة من الخطباء الموجودين الآن، فعدد منهم يطيل ويخالف القرآن والسنة، ويخالف الدين، ويخالف الصحابة، ويخالفون الأئمة الأربعة وبزعمهم يتبعونهم يزعمون أنهم يتبعون أصحاب المذاهب الأربعة، لكن هؤلاء يأخذون ما يشاءون من المذاهب الأربعة، ويتركون ما يشاءون.

فنقول لهم أصحاب المذاهب الأربعة بينوا سنية تقصير الخطبة، يلا طبقوا في أيام الجمع، وتعلموا العلم الشرعي، وطريقة الوعظ، وسرد الأدلة وتبيين الأصول والفروع من الكتاب والسنة والآثار، بعد ذلك سوف تعرفون كيف تتبعون المذاهب الأربعة، وكيف تتبعون القرآن والسنة والصحابة، أما الآن فإنكم تأخذون ما تشتهون وتتركون ما تهوون، فلذلك لابد على الخطيب أن يتعلم العلم الشرعي لكي يعرف كيف يوجه الناس، ويأخذ هذا الدين من الكتاب والسنة والآثار، فلذلك ترى العالم الخطيب يوجز ويبين الأدلة، ويبين الفقه، ويبين التفسير، وأصول الفقه والحديث، ويبين التوحيد ويبين الاعتقاد، وعن النار وعن الجنة بأوجز الألفاظ والعبارات حتى يخرج الناس قد فهموا ما قاله هذا الخطيب العالم.

أما هؤلاء الجهلة فالناس يخرجون وما يعرفون شيئا في دينهم، ولذلك من هؤلاء الخطباء من عشرين سنة من ثلاثين سنة من عشر أقل أكثر ما فهموا منهم الناس أي شيء من الدين كلش عرفوا الأحاديث الضعيفة، فلذلك لا بد أن يكون الخطيب طالب علم فقيه، وإلا أدنى من ذلك لا هو بيستفيد ولا الناس بيستفيدون منه، وعليه المسؤولية أمام الله يوم القيامة، والله سبحانه وتعالى سوف يحاسبه لأنه هو الذي تجرأ بغير علم وركب المنبر وخطب الناس، ما في أحد قال له باختياره ﴿فاعترفوا بذنبهم﴾ [الملك:11].

وبينا هذا في أحكام الأرواح والأجساد، حال هؤلاء في البرزخ وحال هؤلاء يوم القيامة، فإنه ما يجوز لأي واحد يخطب بالناس ما عنده علم، ولا يكفي درس في الجامعة أو درس في كتاب أو في حلقة كذا أو في دورة كذا لا، لا بد هذا الإنسان يأخذ العلم من عالم معروف في الكتاب والسنة كشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره، فيدرس في المساجد هذا الخطيب وعند عالم معروف، أما يأخذ كلمة هنا وبزعمه درس في جامعة كذا فهذا لا يكفي، وبين الشيخ ابن باز أن هؤلاء أصحاب الجامعة جهلة، شيخنا بين هذا الأمر كذلك جهلة، فلذلك فهو كما قال، فذلك لا بد نعرف هذا الأمر.

وبيأتي بإجماع الصحابة تقصير الخطبة والأئمة المتقدمين والسلف على تقصير الخطبة، يأتي الكلام في هذا.

يقول النووي في «المجموع»: (ويكون قصرها معتدلا ولا يبالغ بحيث يمحقها) يعني يكون معتدل، يعني الخطبة كاملا ما تتعدى ثلث ساعة، الخطبة القصيرة ما تتعدى ثلث ساعة، ربع ساعة للخطبة الأولى فيها يوجز ويبين، وخمس دقائق للخطبة الثانية، وإذا أراد أن يوجز الخطبتين متساويتان فعشر دقائق للخطبة الأولى وعشر دقائق للخطبة الثانية، ولا يزيد وهؤلاء الخطباء الذين يطيلون بسبب جهلهم ما يعرف كيف يوجه الناس، فيدخل في موضوع ثم يخرج منه ويدخل في موضوع، ويخرج منه ويدخل في موضوع، فالخطيب تائه ما يدري ما يعرف كيف يوجه الناس، يريد بزعمه يوصل المعلومات إلى الناس، لكنه ما يعرف كيف ذلك بسبب أنه ليس بفقيه، ليس بطالب علم فقيه.

وإلا بالنسبة عن الخطباء في القديم إذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب، بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومن بعده عمر بن الخطاب وعثمان وعلي ومعاوية، وغيرهم من الصحابة كبار الصحابة فقهاء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن بعدهم سعيد بن المسيب وحسن البصري وغيرهم، وهكذا في الأئمة والحفاظ ابن حجر وغيره يخطب، كلهم حفاظ وفقهاء وخطباء، ما سمعنا أنه واحد جاهل يخطب في القديم.

وانظر قديما كان يخطب شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، الشيخ ابن باز، وأمثال هؤلاء، فلذلك الآن كلما هب ودب يخطب، فمهما يكون جاهل لكن ما دام هو من الحزب الحزب التراثي أو الحزب الإخواني أو الحزب الصوفي أو الحزب الربيعي أو حزب كذا وحزب كذا، فيوضع يخطب على تدنيه في العلم لأنه بس من الحزب، ما ينظر إلى علمه إلى الفائدة فائدة الناس، إلى استفادة الناس في معرفة دينهم، معرفة التوحيد العقيدة، مسائل النار مسائل الإيمان مسائل القدر، تربية الناس على الكتاب على السنة، معرفة أحكام الصلاة، أحكام الحج، أحكام الصيام، أحكام الزكاة، ما ينظر إلى هذا لكن يوضع لأنه من الحزب بس فقط لأن الأحزاب سيطرت على المساجد وعلى المنابر، والويل يوم القيامة.

والله سبحانه وتعالى يعلم بهم، والله سبحانه وتعالى قادر أن هؤلاء أو هذه الأحزاب لو أراد ما في أحد من الحزب وهذه الأحزاب يضع رجله في عتبة المسجد ما يخليه رب العالمين، لكن لله سبحانه وتعالى حكم وموعدهم الحساب، والله سبحانه وتعالى يحصي عليهم هذه السيئات وهذه الذنوب، وماذا بيفعلون يوم القيامة؟ ﴿فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير﴾ [الملك:11] لأن الله سبحانه وتعالى ما يرضى خطيبا أو إماما أو واعظا أو مفتيا أو غير ذلك إلا فقيه في دينه عارف بالكتاب والسنة والآثار، وأكبر دليل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الذي يخطب؟ النبي صلى الله عليه وسلم هو خطيب الأمة هو الذي يعلم الأمة أحكام هذا الدين في الأصول والفروع، ولم يرضى الله سبحانه وتعالى في عهد الصحابة إلا بأبي بكر الصديق رضي الله عنه وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم وابن عباس، وغيرهم من فقهاء الصحابة فهذه السنة المتبعة.

فلذلك فعلى البلدان الإسلامية أن تكون الخطباء على منهج الصحابة فقهاء وعلماء، ليس أي واحد يخطب بالناس، فلا بد أن يكون فقيها بليغا يعرف كيف يوصل للناس المعلومات الصحيحة، خاصة لا بد عنده معرفة بعلم الحديث يميز بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة، فيروي للناس الأحاديث الصحيحة ويبين للناس الأحاديث الضعيفة في كل شيء، هذا هو الأصل، فالخطيب هذا إذا كان عالما فقيها أو كان طالب علم فقيها يستطيع أن يعتدل في خطبته، ويعرف كيف يبين للناس ويوعظ ويوصل للناس المعلومات الصحيحة.

ففي هذه الثلث ساعة يعرف الفقيه كيف يوصل للناس المعلومات الصحيحة من الكتاب والسنة والآثار لماذا؟ لأنه يعرف المعاني، وفقيه في الأحكام مفسر محدث فقيه أصولي، العالم هكذا أما أدنى من ذلك فلا يعرف، وخاصة الخطباء المصريين يوصل نصف ساعة، ساعة إلا ربع، ساعة، ساعة ونصف، وهذا كله موجود حتى في التواصل المرئي موجودة خطب هؤلاء، ولا خطبته منه فائدة ولا هو منه فائدة يخطب الناس، يطيلون على لا شيء لماذا؟ في الخطبة مليون موضوع يدخل في موضوع وبعد ذلك يدخل في موضوع، والموضوع الأول ما انتهى وينساه، ويخوض في موضوع ثالث، ويجيب بعدين أمريكا وهولندا وما أدري ماذا، ويضيع السالفة وإذا افتشل قال صلوا على النبي، وينتقل بس، والعوام ضائعين، وأشياء كثيرة تحدث خاصة هؤلاء الذين يوم الجمع من المفتين في العالم يضعونهم في التلفاز، يصورون خطبتهم وينقلونها للناس في البث مباشرة، ويشرق ويغرب في الخطبة ولا يفهم الناس شيء، حتى في بعض الصور ناس نائمة يوجهون على المصلين بعضهم نائمين نصف ساعة، ساعة، لماذا لم يحصل هؤلاء على البركة وعلى العلم؟ لخلافهم للسنة، السنة تقصير الخطبة.

فأي واحد يطيل على ثلث ساعة مثلا يوصل نصف ساعة، ساعة إلا ربع، ساعة، فاعلم أنه ليس بفقيه لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن علامة الرجل الفقيه الذي يعرف أنه فقيه تقصير الخطبة، علامة على فقه الرجل تقصير الخطبة، لذلك أبو وائل كما عندكم في «صحيح مسلم» يقول: «خطبنا عمار فأوجز وأبلغ» هذه الخطب خطب الصحابة رضي الله عنهم، ليس هذه الطقات الموجودة ما تشوف الناس ما يرتاحون منهم، الناس يريدون يصلون بس، وإلا عارفين الخطباء ما عندهم علم ولا يستفيدون منهم، فإذا سلم الخطيب هاجوا في المسجد كل واحد يبغي يظهر بس حتى يشاقحون الناس.

والناس هؤلاء الهنود والبنجاليين يصلون عند الأبواب، والناس عندهم إحراج أنه ما يطفون عليهم لأنه يصلون لأنه عندما يسلم يقوم لماذا؟ لأن الخطيب ما علمهم شيء، لكن الناس صلوا والله ما صلوا يطفون ويمرون على المصليين، فلذلك هؤلاء ما حصلوا على التوفيق، التوفيق في الكتاب والسنة تطبيق الكتاب والسنة، وتطبيق منهج الصحابة، فلذلك الخطيب الذي يكون هكذا ما عنده علم هذا هالك هالك في دنياه وفي دار البرزخ ويوم القيامة، ولا ينفعه شيء، هذا الأمر يريد يشتهر، ويريد أن يكون مثلا شيخا يكون ماذا يكون يشتهر أنه خطيب، وكلهم يعرفون أنفسهم في العلم.

فلذلك على المسلم أن ينتبه لهذا، لا يركب فوق المنبر إلا أن يكون عالما فقيا أو طالب علم فقيه، أدنى من ذلك فلا؛ لأن عليه مسؤولية، هؤلاء كلهم مسؤولون أمام الله يوم القيامة الذين خطبوا الناس بدون علم، فلذلك يعني تقصير الخطبة على ثلث ساعة وبس أكثر من ذلك فلا يكون، ولذلك الذي يطيل يريد أن يوصل للناس المعلومات بس ما يعرف فيطول، فلذلك أنت تختار الخطيب الذي يطبق هذه السنة يقصر الخطبة صل عنده، والذي يطيل هذا لا تصل خلفه لماذا؟ لأن الحكمة من النبي صلى الله عليه وسلم في تقصير الخطبة لكي لا يمل الناس، بشرط ألا يخل في خطبته عند تقصير الخطبة، يهذب هذه الخطبة وتكون مكتوبة كما بينا، وفيها الأدلة من الكتاب والسنة، وفيها من الفقه وعلى حسبهم، أحيان تكون الخطبة فيها تفسير، فيها فقه، فيها أصول الفقه، فيها حديث، فيها وعظ، يتكلم الخطيب عن الدعوة إلى الله عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهكذا على حسب.

وقال الشوكاني في «نيل الأوطار»: (الوعظ في الخطبة مشروع، وأن إقصار الخطبة أولى من إطالتها)، هذا الشوكاني يبين هذا أن إقصار الخطبة أولى من إطالتها، هكذا يتكلم أهل الفقه.

ونقل الشوكاني في «نيل الأوطار» الإجماع على سنية تقصير الخطبة بقوله: (مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك)، فالذي يطيل الخطبة خالف الإجماع، وهؤلاء الذين يطيلون الآن في الخطب في العالم الإسلامي ما يفلحون لماذا؟ خالفوا الإجماع، والذي يخالف الإجماع ما يفلح لا في خطبته ولا في شيء وآثم تجري عليه الآثام، إذا ضربنا مثلا عشرين سنة وهو يطيل على الناس، فعشرين سنة في الآثام لأنه مخالف للقرآن ومخالف للسنة ومخالف لمنهج الصحابة وإجماع العلماء وأين يفلح؟ فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم توعد هؤلاء الخطباء بالنار كما بينت لكم كثيرا.

وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على تقصير خطبة الجمعة كما عندكم في صحيح مسلم أثر عمار بن ياسر يقول أبو وائل: «أوجز وأبلغ» يعني كان يخطب خطبة الجمعة، وقصر خطبة الجمعة أوجز الإيجاز الشيء القليل، يعني كانت خطبته قليلة يسيرة هكذا، وكذلك ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه كما ذكرت لكمالأثر، وخرجت لكم الأثر، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، وبينت لكم أن الصحيح موقوف على ابن مسعود قال: «إن طول الصلاة وقصر الخطبة مئنة من فقه الرجل» يعني علامة على فقهه إنه فقيه، ولذلك أي خطيب دكتور أو سموه شيخ أو سموه كذا يطيل الخطبة فاعلم أنه ليس بفقيه وليس بعالم وليس بشيء، فاعلم هذا الأمر.

 وأثر ابن مسعود بينته لكم في دروس التي سلفت أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «شعب الإيمان»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وإسناده صحيح على شرط البخاري مسلم، وبينته لكم في الدروس التي سلفت.

فإذا إطالة الخطبة تؤدي إلى ملل الناس فيسن تقصيرها حتى لا يحصل ذلك، فإطالة الخطبة يصيب الناس ملل، فلذلك ما دام هكذا كما هو معروف، والناس إذا الخطيب يطيل ما يذهبون إليه لأنهم يملون، فيذهبون إلى خطيب آخر فيسن تقصيرها، والنبي صلى الله عليه وسلم من حكمته في هذا الأمر هكذا لكي لا يمل الناس، فسن النبي صلى الله عليه وسلم للناس تقصير الخطبة.

ومع هذه الأدلة على سنية تقصير الخطبة ترى أوناس إلى الآن يجهلون هذه السنة من الخطباء ويطيلون، والناس يقولون لهم لماذا تطيلون لماذا كذا يحتجون بحجج واهية، فلذلك لا بد أن نعرف هذا الأمر.

قال الإمام الشافعي في «الأم» تحت باب أدب الخطبة: (وأحب أن يكون كلامه قصدا جامعا)، فهذه من آداب الخطبة، تقصير الخطبة من آداب الخطبة، فلذلك على هؤلاء الخطباء الذين يطيلون على الناس يتأدبوا مع الله سبحانه وتعالى ويتأدبوا مع النبي صلى الله عليه، وسلم ويتأدبون بالآداب الإسلامية للخطب، فقصدا إيجازا، وتكون جامعة يقول الإمام الشافعي جامعة لكل شيء لكن قصدا.

وقال البغوي في «شرح السنة»: (باب قصر الخطبة: السنة للإمام ألا يطيل الخطبة) هذه السنة للإمام للخطيب، فلماذا هذا الخطيب يخالف؟

وقال الإمام ابن حزم في «المحلى بالآثار»: (ولا تجوز إطالة الخطبة) لأن عندهم تقصير الخطبة واجب، ابن حزم من الظاهرية والظاهرية عندهم أن الإيجاز في الخطبة من الواجبات عندهم، لكن الصحيح أنها سنة، وبينت لكم من قبل هذا، فلا يجوز يقول ابن حزم إطالة الخطبة.

وقال ابن قدامة المقدسي في «المغني»: (ويستحب تقصير الخطبة لما روي عن عمار وجابر بن سمرة).

وقال الشيرازي الشافعي في «المهذب»: (ويستحب أن يقصر الخطبة لما روي عن عمار) كل هؤلاء الأئمة يبينون أنه يستحب وسنة.

وقال المناوي في «فيض القدير»: (وقصر الخطبة مندوب، وأوجبه الظاهرية).

وقال ابن القيم في «زاد المعاد»: (وكان يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقصر الخطبة ويطيل الصلاة، ويكثر الذكر، ويقصد الكلمات الجوامع، وكان يقول أن طول صلاة الرجل وقصر الخطبة مئنة من فقهه)، فهذا كلام المناوي وكذلك كلام ابن القيم يبينون هؤلاء الأئمة والعلماء أن تقصير الخطبة من السنة.

وقال ابن عبد البر في «التمهيد»: (وقصر الخطبة في ذلك يعني يوم عرفة وفي غيره سنة مسنونة)، يعني الخطبة سواء كان في عرفة أو يوم الجمعة أو أي وقت من السنة تقصير الخطبة، حتى في عرفة، حتى مثلا لو خطب مثلا في صلاة الاستسقاء لا بد يوجز من السنة، أو يوم الجمعة من السنة تقصير الخطبة.

وقال الصنعاني في «سبل السلام»: (وإنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الرجل لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجامع الألفاظ)، لذلك الفقيه يعرف كيف يوصل للناس لأنه عنده علم، فلذلك لا يخطب إلا فقيه عارف بالأحكام.

والعجب من الخطبة بزعمهم ينتسبون إلى السنة لكن تراهم يطيلون الخطبة حتى يمل الناس من سماع خطبتهم، ويقصرون الصلاة كما هو ظاهر ﴿قل هو الله أحد﴾ فلذلك ويركع، فلذلك لا بد تعرفون هذه الأمور، فهؤلاء خالفوا القرآن وخالفوا السنة وخالفوا منهج الصحابة وخالفوا العلماء، وأين تدعون أنكم تنقلون فتاوى العلماء وتنشرونها علينا فلماذا الآن ما تأخذون بهذه الفتاوى من كلام العلماء قديما وحديثا؟ لكن هؤلاء يأخذون ما يشتهون.

وقال العظيم آبادي في «عون المعبود»: (القصد في الشيء هو الاقتصاد فيه، وترك التطويل وإنما كانت صلاته صلى الله عليه وسلم وخطبته لذلك لئلا يمل الناس، والحديث فيه مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك).

فلذلك هؤلاء العلماء هذا الحديث شرحوه في كتبهم، ولا يدرون الخطباء عن هذه الأمور.

وكذا قال الزبيدي الحنفي في «إتحاف السادة»، والشوكاني في «نيل الأوطار»، والشيخ الألباني في «الأجوبة النافعة»، وكذا قال ابن العربي المالكي في «عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي»، هذا كله العلماء نقلوا للناس شروحهم سنية تقصير الخطبة يوم الجمعة.

وبوب أبو داود في «سننه» (باب إقصار الخطب).

وبوب الترمذي في «سننه» (باب ما جاء في قصد الخطبة).

وبوب النسائي في «سننه» (باب ما يستحب من تقصير الخطبة).

 وبوب الدارمي في «المسند» (باب في قصر الخطبة).

وبوب الحاكم في «المستدرك» (باب الأمر بإقصار الخطب).

وبوب البيهقي في «السنن الكبرى» (باب ما يستحب من القصر الكلام وترك التطويل).

 وبوب ابن المنذر في «الأوسط»: (باب ذكر استحباب تقصير الخطبة وترك تطويلها).

هذا كلام العلماء والأئمة في كتبهم كلهم بوبوا على سنية تقصير الخطبة.

ولذلك يقول الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد»: (الرأي لا مدخل له في العلم مع ثبوت السنة بخلافه)، فلذلك الرأي لا يؤخذ به، هذا رأيي وهذا كذا وهذا كذا، هذا الآن في ديننا ما يمشي، لا بد من يفعل أي شيء في الخطبة أو في غير ذلك لا بد موافقة السنة وإلا مردود عليه ويأثم على هذا الأمر، فلذلك هذا الأمر الرأي لا مدخل له في العلم.

وعن سالم بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن عمر قال للحجاج ابن يوسف الثقفي في الحج يوم عرفة: «إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الصلاة» لأن الحجاج من بني أمية وبني أمية دائما يؤخرون الصلاة، فلذلك بين له ابن عمر رضي الله عنه وقال للحجاج إذا أردت تصيب السنة فاقصر الخطبة يوم عرفه لأنه من السنة، وهذا الأثر فيه دليل أن قصر الخطبة من السنة، وهذا الحديث يبين أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إقصار الخطبة وتعجيل الصلاة، فبين له ابن عمر رضي الله عنه.

وهذا الأثر أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومالك في «الموطأ»، والنسائي في «سننه»، وهذا الحديث دليل على أن قصر الخطبة ليس خاصا في الجمعة بل عاما، ومنه يوم عرفة، فلا يطيل الذي يخطب بالناس يوم عرفة فلا يطيل بالناس يقصر الخطبة لأن هذه السنة.

وكذا قال ابن عبد البر في «التمهيد»، وبوب الإمام البخاري في «صحيحه»: (باب قصر الخطبة بعرفة)، وكذا قال النسائي في «سننه»: (باب قصر الخطبة بعرفة)، فكذلك حتى في عرفة لا يطيل الإمام لا يطيل الخطيب بالناس يوم عرفة في صلاة الظهر.

وقال الشوكاني في «نيل الأوطار»: (قوله قصدا القصد في الشيء هو الإقصار فيه وترك التطويل، وإنما كانت صلاته وخطبته كذلك لئلا يمل الناس)، والناس هنا الصحابة رضي الله عنهم، وخطيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأين خطيبنا من خطيبهم، وأين ناسنا من ناسهم! فانظر الرسول صلى الله عليه وسلم خطيب الأمة وكان هو خطيب الصحابة، ومع هذا النبي صلى الله عليه وسلم يوجز في الخطبة ويقصر الخطبة، ومن الجالسين يسمعون الخطبة؟ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقهاء الأمة تظن أنهم يملون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؟ ما يملون، ومن هو الخطيب؟ النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا النبي صلى الله عليه وسلم بين لهم.

فانظر الآن إلى خطيبهم وأناسهم، ليس مثل النبي صلى الله عليه وسلم وليس الجالسين مثل الصحابة، ومع هذا يطيلون، فخالفوا السنة في ذلك، فهذا دليل على فقه الشخص، فالفقيه هو الذي يقصر، والجاهل هو الذي يطيل الخطبة، فإذا أطال الخطبة فاعلم أنه جاهل ما عليك منه ركب فوق المنبر ولا حول، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين علامة الرجل الخطيب قصر الخطبة علامة على فقهه وأنه فقيه.

لكن لا بد أن ننبه على أمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم في غالب الخطب يقصر الخطبة لكن أحيانا يطيل لماذا؟ إذا عرضت له حاجة، أو هناك حاجة للإطالة، فهناك حاجة للإطالة ممكن الكلمة أو الخطبة تحتاج إلى شيء من الإطالة أحيانا، ما يزيد عن نصف ساعة هذا أحيانا ويريد يبين للناس أمر مهم، حدث أشياء تصيب المسلمين برع داخل، فالخطيب يريد أن يطيل شيئا، هذا يكون أحيانا فكان النبي صلى الله عليه يطيل أحيانا، لكن في الغالب يقصر الخطبة.

فالخطيب لا بد يعرف هذه الأشياء، ففي الغالب يقصر الخطبة، أحيانا إذا احتاج لأمر تصير أحداث تصير أمور في بلد في البلدان الإسلامية يحتاج الخطيب يطيل شيئا فلا بأس أحيانا على قدر الحاجة، ولا يتعدى نصف ساعة إذا أطال لأن الناس يملون، الناس عندهم حاجيات وضروريات وأشياء ومستشفيات ومواعيد وسفر وأشياء كثيرة، فالناس يحتاجون أن تقصر عليهم الخطبة لكي يذهبوا إلى أعمالهم وأشغالهم، فلا بد الخطيب يعرف هذا الأمر.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في «زاد المعاد»: (وكان يقصر خطبته أحيانا ويطيلها أحيانا بحسب حاجات الناس)، لكن الإطالة أحيانا، لكن الأصل عندنا إقصار الخطبة في الغالب دائما لكن أحيانا يطيل للحاجة بحسب الحاجة.

والمسألة الثانية: وقد ذكر الفقهاء من المالكية والحنابلة من السنة في خطبتي الجمعة أن تكون الخطبة الثانية أقصر من الخطبة الأولى، وهذا صحيح، فالخطبة الأولى يطيل شيئا ويقصر جدا الخطبة الثانية، وهذا الأمر كذلك من فقه الرجل من فقه هذا الخطيب، فأحيانا يساوي بين الخطبتين كما ذكرنا في المسألة الأولى، فعندك عشر دقائق الخطبة الأولى، وعشر دقائق الخطبة الثانية.

المسألة الثانية: فيطيل ربع ساعة لمدة ربع ساعة في الخطبة الأولى، الخطبة الثانية عشر دقائق، ولذلك شيخنا في الغالب ما يتعدى ثلث ساعة، لكن انظر إلى خطب شيخنا رحمه الله تعالى، ففيها التفسير وفيها الفقه وفيها الوعظ، وفيها التوحيد، وفيها الاعتقاد وأشياء كثيرة لأنه فقيه، ودونت هذه الخطب في كتاب كامل لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين فقيه، فلذلك لا بد نعرف هذه الأمور جيدا، وأحيانا شيخنا يطيل على ثلث ساعة للحاجة لحاجة الناس إلى الإطالة، وهذا أحيانا.

هذا بالنسبة لفقه هذا الحديث حديث عمار بن ياسر، فالنبي صلى الله عليه وسلم تكلم على مشروعية تقصير الخطبة، وكلام أهل العلم عندكم وبينا هذا، ومن أراد الزيادة فينظر: «بدائع الصنائع» للكاساني، و«القوانين الفقهية» لابن جزي، و«المجموع» للنووي، «وشرح صحيح مسلم» له، و«روضة الطالبين» أيضا له، و«مغني المحتاج» للشربيني، و«الهداية» لأبي الخطاب هذا من الحنابلة، و«المغني» لابن قدامة، و«كشاف القناع» للبهوتي، و«الإنصاف» للمرداوي، و«نيل الأوطار» للشوكاني، و«الفروع» لابن مفلح، و«المبدع» لأبي إسحاق بن مفلح هذا الحفيد أما الكبير الجد هو ابن مفلح المعروف، و«الشرح الممتع» لشيخنا، و«فتح الباري» لابن حجر، و«إتحاف السادة المتقين لشرح إحياء علوم الدين» للزبيدي، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي، و«التمهيد» لابن عبد البر، فمن أراد الزيادة في هذا فلينتقل إلى هذه المراجع.

ولعلنا نتكلم في الدرس القادم عن حديث عدي بن حاتم.

بالنسبة عن الساحر والكاهن والعراف بلا شك أن هؤلاء كلهم كفرة، هؤلاء يتدخلون في الغيب، ويفتون الناس بالغيب، ويتدخلون بالغيبيات، وأنهم يعلمون الغيب، والساحر بحسبه والكاهن بحسبه والعراف بحسبه، لكن كل هؤلاء يتدخلون بالغيب، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم بالغيب ما في غيره، وبينا هذا كثيرا، فلذلك بلا شك هؤلاء وقعوا في الكفر الأكبر ويتعاونون مع الشياطين لإضلال الناس والإضرار بالناس وبالمسلمين، وأشياء كثيرة يعلمونها كما يلا يخفى.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan