القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (67) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة تخريج شواهد حديث عمار في طول الصلاة وقصر خطبة الجمعة

2024-10-29

صورة 1
الجزء (67) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة تخريج شواهد حديث عمار في طول الصلاة وقصر خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن شواهد حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما في قصر الخطبة وإطالة الصلاة، وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن الشواهد، وذكرنا هناك شواهد من حديث ابن مسعود، وحديث جابر بن سمرة، وحديث عبد الله بن أبي أوفى، وحديث أمامة، وحديث أبي سعيد الخدري، وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وبينا أن الحديث المرفوع لا يصح وأن الحديث موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، ونتابع بقية الأحاديث.

وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه فعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة»، هذا حديث ضعيف لا يصح، أخرجه النسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، وابن حبان في «صحيحه»، والترمذي في «العلل الكبير»، والحاكم في «المستدرك على الصحيحين»، والدارمي في «المسند»، والطبراني في «المعجم الأوسط»، وفي «المعجم الصغير»، وفي «الدعاء»، والخطيب في «تاريخ بغداد»، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة»، وأبو عبد الرحمن السلمي في «آداب الصحبة»، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب»، والبغوي في «الأنوار»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، وفي «دلائل النبوة»، وابن أبي الدنيا في «التواضع والخمول»، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم»، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» من طريق الفضل بن موسى السناني وعلي بن الحسين بن واقد وعلي بن الحسن بن شقيق كلهم عن الحسين بن واقد المروزي قال أخبرني يحيى بن عقيل قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه به.

وهذا سنده ضعيف فيه الحسين بن واقد المروزي وإن كان ثقة لكنه له أوهام في الحديث، وهذا الحديث من أوهام الحسين بن واقد المروزي، والصحيح حديث عمار بن ياسر كما سبق ذلك في الدروس التي سلفت، وبينا أن اللفظ الصحيح هو لفظ حديث عمار بن ياسر، والحديث مذكور في صحيح مسلم وخرجناه جملة وتفصيلا، أما هذا اللفظ فلا يصح بسبب وهم الحسين بن واقد.

وخالف الفضل وعلي بن الحسين وعلي بن الحسن زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال حدثني أبو غالب قال قلت لأبي أمامة، ثم ذكر قال أبو أمامة: «كان حديث رسول صلى الله عليه وسلم القرآن، ويكثر الذكر، ويقل اللغة ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة»، وهذا الحديث كذلك من أوهام حسين بن واقد المروزي، فمرة يجعله من مسند عبد الله بن أبي أوفى، ومرة يجعله من مسند أبي أمامة، فهو حديث منكر، ففي الطريق الأول جعله من مسند ابن أبي أوفى، وفي هذا الوجه جعله من مسند أبي أمامة، وهذا يدل على أن الحسين بن واقد له أوهام وغير ضابط الحديث، وهذا الذي بينه الحافظ ابن حجر في «التقريب» ذكر أن له أوهام فهو يخطئ.

وهذا الطريق طريق زيد بن الحباب عن حسين بن واقد أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، وابن خزيمة في «صحيحه»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، والحسين بن واقد المروزي على وهمه في الصحابي، كذلك وهم عن الراوي، فأحيانا يرويه عن يحيى بن عقيل، ومرة يرويه عن أبي غالب، وأبو غالب صاحب أبي أمامة رضي الله عنه لين الحديث، فهذا يدل على أنه غير ضابط الإسناد، فمرة يجعله من مسند ابن أبي أوفى، ومرة يجعله من مسند أبي أمامة، وأحيانا يذكر الراوي يحيى، وأحيانا يذكر الراوي أبا غالب.

وكذلك حديث أبي أمامة روي من وجه آخر، فأخرجه تمام في «الفوائد»، والخطيب في «تاريخ بغداد»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» من طريق جميع بن ثوب عن يزيد بن حمير عن أبي أمامة به، وجميع هذا ابن ثوب متروك الحديث كما في لسان الميزان لابن حجر، فكذلك هذا الإسناد منكر لا يصح.

وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة»، حديث ضعيف أخرجه الحاكم في «المستدرك» من طريق هارون بن سليمان الأصبهاني قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتاده قال سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه به، وهذا الإسناد ضعيف لوهم هارون بن سليمان الأصبهاني في هذا الحديث، وأصحاب عبد الرحمن بن مهدي لم يرووا هذا الحديث من البصريين المشهورين وهذا من أصبهان، فليس هذا الحديث من حديث ابن مهدي، عبد الرحمن بن مهدي من أئمة أهل الحديث من كبار الأئمة معروف وله أصحاب من البصريين لم يروا هذا الحديث، فلذلك هذا يدلك على أنه هارون هذا الأصبهاني وهم في هذا الحديث على ابن مهدي، فدخل عليه حديث في حديث فلم يحفظه، ولم يتقن هذا الحديث وإن كان هو ثقة لكنه خالف الثقات.

وهذا الحديث يعني روي بالغلط، وكذلك حديث ابن أبي أوفى، وحديث أبي أمامة، وحديث أبي سعيد الخدري هذا، كل هذه الأحاديث غلط رويت من رواة، والصحيح حديث عمار بن ياسر في صحيح مسلم كما أسلفنا.

والحديث يعني كما أسلفنا في الدروس التي سلفت بينا أن الحديث المعروف هو حديث عمار بن ياسر فقط، وكذلك ذكرنا حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه كما سبق وخرجنا هذا الحديث جملة وتفصيلا، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في «صحيحه»، وهو عندكم في الكتاب، فالحديث رواه الإمام مسلم كما أسلفت لكم من حديث أبي الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة، وذكر: «فكانت صلاته قصدا» يعني النبي صلى الله عليه وسلم، «وخطبته قصدا».

وكذلك رواه الإمام مسلم من طريق زكريا عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: «كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا»، وخرجنا هذا الحديث جملة وتفصيلا، فلا حاجة إلى الإعادة.

لكن هنا تنبيه: هذا اللفظ الذي ذكره الإمام مسلم هو اللفظ الصحيح، هناك لفظ لعل نذكره لكي يتبين خطأ الراوي في نقله عن سماك بن حرب، فالحديث أخرجه أبو داوود في سننه من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي قال أخبرني شيبان أبو معاوية عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هن كلمات يسيرات» هذا اللفظ لم يثبت، فاللفظ الذي ذكره الإمام مسلم في «صحيحه» هو الصحيح، أما هذا اللفظ فلا يصح.

ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، والحاكم في «المستدرك على الصحيحين»، وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»، وهو حديث منكر قد خالف شيبان بن عبد الرحمن النحوي الثقات الأثبات مثل شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وأسباط بن نصر، وأبي الأحوص، وزكريا بن أبي زائدة، وغيرهم من أصحاب سماك بن حرب، وهم أثبت الناس في سماك، وتقدم حديثهم عن جابر بن سمرة الذي هو في مسلم، فجميع الرواة الثقات الأثبات رووا الحديث كما ذكرت لكم في صحيح مسلم، وخالفهم شيبان النحوي هذا فشذ عنهم فحديثه منكر فحديثه شاذ.

فاللفظ هذا لا يصح «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هن كلمات يسيرات» فلا يصح هذا اللفظ لمخالفة شيبان بن عبد الرحمن النحوي الثقات الأثبات، فخالفه شعبة والثوري وأسباط بن نصر وغيرهم من الثقات فلا يقوى عليهم، فتفرد بهذا اللفظ وهو غير صحيح.

فهذه شواهد الحديث، ولعل انتهينا من التخريج، ولعل في الدرس القادم نتكلم عن الأحكام.

* هل يغسل ويصلى على الطفل؟.

شو يعني يغسل، أي طفل إذا كان نفخ فيه الروح هذا ما تكلمنا عنه من قبل، فبالنسبة عن الأطفال إذا ماتوا سواء يعني بعد خروجه، أو مثلا مات بعد نفخ الروح فالصحيح من أقوال أهل العلم أن هذا الطفل يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan