القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (63) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: ضعف حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة

2024-10-29

صورة 1
الجزء (63) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: ضعف حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وانتهينا من شرح حديث جابر رضي الله عنه في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الكلام على حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وبينت لكم باختصار عن حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي فيه خطبة الحاجة التي تسمى خطبة الحاجة، وأن الحديث ضعيف ولا يصح، ولا في شيء في الشريعة اسمه خطبة الحاجة، يعني تذكر كما ذكرنا ثم تطلب حاجتك مثل النكاح وغيره، فهذا غير مشروع والحديث ضعيف، وأكبر دليل أن حديث ابن مسعود رضي الله عنه لم يروه الإمام مسلم في صحيحه روى حديث جابر في الحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى، ولم يذكر الثلاث آيات، فقط كما بينا أن الصحيح ذكر الخطبة إلى الشهادتين كما ذكرنا وبيأتي الآن.

وكذلك ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنه ليس في خطبة الجمعة، بل هذا عام ولا يسمى خطبة الحاجة ولا في شيء اسمه خطبة الحاجة، وبينا أن هذه الخطبة تشرع في الرسائل في الكتب المصنفة، أما ما يسمى بخطبة الحاجة للنكاح وعقد البيع وما شابه ذلك، فهذا لم يثبت.

ولعل في هذا الدرس نخرج حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وله شواهد كذلك منكرة سوف نذكرها في الدرس القادم، فالآن حديث ابن مسعود رضي الله عنه:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»، قلنا إلى هنا هو الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك حديث جابر، أما ما يأتي من الآيات وما شابه ذلك فلا يصح، فهذه الزيادات ما تصح.

بعد ذلك يقول: «ثم يقرأ»؛ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، «ثم يقرأ ثلاثة آيات» الأولى من سورة آل عمران ﴿يا أيها الذين آمنوا تقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ [آل عمران:102] هذه الأولى، الثانية من سورة النساء ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم ألذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾ [النساء: 1]، والثالثة من سورة الأحزاب ﴿يا أيها الذين آمنوا تقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾ [الأحزاب:70-71].

يقول: «ثم يتكلم بحاجته»، فهذا الحديث حديث منكر لا يصح، وإليك تفصيل هذا التخريج:

هذا الحديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي، وهذا الاختلاف بلا شك أنه مؤثر في صحة الحديث، ويعتبر هذا الحديث حديث ضعيف منكر، هذا الحديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي فرواه شعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، وسفيان الثوري، وإسرائيل بن أبي إسحاق، وإسماعيل بن حماد وغيرهم، كلهم عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، فذكر الحديث الذي ذكرناه.

 وهذا الحديث بهذه الطرق أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، وأبو داود في «سننه» في خطبة النكاح، وأحمد في «المسند»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، وفي «عمل اليوم والليلة»، والطيالسي في «المسند»، والحاكم في «المستدرك»، والدارمي في «المسند»، وابن أبي عاصم في «السنة»، والشاشي في «المسند»، وابن السني في «عمل اليوم والليلة»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وأبو يعلى في «المسند»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وفي «المعجم الأوسط»، وفي كتابه «الدعاء»، واللالكائي في «الاعتقاد»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به مرفوعا، وهذا سنده ضعيف لانقطاعه بين أبي عبيدة وهو ابن عبد الله بن مسعود وبين أبيه عبد الله بن مسعود.

قال النسائي: (أبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا وكان صغيرا)، وأبو عبيدة قيل أن اسمه عامر بن عبد الله بن مسعود، وقيل اسمه كنيته، ولذلك ذكره ابن أبي حاتم في «المراسيل» في الكنى، وهو مشهور بكنيته، وقال شعبة بن الحجاج: (كان أبو عبيدة ابن سبع سنين)، يعني لم يسمع من أبيه، ومات ابن مسعود رضي الله عنه وكان أبو عبيدة ابنه بسبع سنين، سبع سنين ما يستطيع أن يروي الأحاديث ويسمع الأحاديث ويفهم الأحاديث ويرويها، فلم يسمع منه، ولذلك قال أبو حاتم لم يسمع أبو عبيدة من أبيه، لذلك قال عمرو بن مرة: (قلت لأبي عبيدة: هل تذكر من عبد الله شيئا؟) يعني من أبيه، قال: (ما أذكر منه شيئا) يعني لم يسمع منه، ولم يعقل الأحاديث التي يرويها.

لذلك أعله الشيخ الألباني في «خطبة الحاجة» (ص10)؛ بالانقطاع بين أبي عبيدة وبين أبيه، وكلام أهل العلم هذا ذكره العلائي في «جامع التحصيل» في المراسيل، وكذلك ابن حجر في «تهذيب التهذيب»، وكذلك ذكره أبو زرعة العراقي في «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل»، وكذلك ذكره ابن أبي حاتم في «المراسيل»، وأبو زرعة العراقي هو الابن وهو اسمه أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين أبو زرعة العراقي وهو الابن هذا بعد كذلك من الحفاظ، الأب الكبير المشهور العراقي العراقي هذا الأب أبو الفضل، يكنى بأبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي، هذا الأب صاحب «التقييد والإيضاح» وغير ذلك من الكتب، فإذا أطلق العراقي فيعنون به الأب، وأبو الزرعة هذا العراقي هو الابن ابن الحافظ العراقي، وأكثر الكتب التي خرجت للأب أبو الفضل العراقي، فتحفة التحصيل هذا من ابنه، ويدل على أنه حافظ وعارف بالجرح والتعديل والمراسيل، فلا بد أن يميز بين هذا وهذا.

فيدلنا أن الآن الطريق الأول منقطع بين أبي عبيدة وبين أبيه، كذلك الأمر الثاني عندنا أبو إسحاق السبيعي مدلس، وروى هذا الحديث في جميع الطرق ليس فقط من طريق أبي عبيدة، بيأتينا من طريق أبي الأحوص، بيأتي من طريق الأسود، وكذلك طرق أخرى لا تصح، وهذا يدلنا على الاختلاف في أسانيد هذا الحديث، وأبو إسحاق مدلس ومشهور بالتدليس، لم يصرح نهائيا في جميع الطرق بالتحديث، ومدار جميع الطرق على أبي إسحاق السبيعي.

ولا يقال هنا أن رواية شعبة بن الحجاج ورواية سفيان الثوري، وكذلك بيأتينا رواية الليث بن سعد أنها تحمل على الاتصال لأن هؤلاء لا يروون عن أبي إسحاق إلا ما صرح به، لكن نقول لهم أن الثقة يخطئ، ولذلك روى أبو إسحاق السبيعي هذه الطرق على التخليط وعلى الاضطراب، وهذا يدل على أن الخطأ منه، فمرة يرفع الحديث، ومرة يوقف الحديث على ابن مسعود، يعني يصير القول هذا الذي ذكرناه من قول ابن مسعود، وأحيانا أبو إسحاق يرفع الحديث يجعله أنه كان النبي يقول كذا وكذا، وكذلك بعض الألفاظ.

ويدل على أن الغلط من أبو إسحاق ليس من الرواة، الرواة رووا هذا الحديث في كتبهم عن أبي إسحاق بما قال في كتابه وما ذكر في كتابه، فوجد الغلط منه لأن هؤلاء جمع كبير يروون عن أبي إسحاق، فهم رووا في كتبهم ما نقله أبو إسحاق في هذا الحديث، فلذلك الخطأ منه، ولا يقال هنا كما قال الشيخ الألباني وغيره وكذلك من المقلدة المعاصرين الذين صححوا هذا الحديث على أن شعبة بن الحجاج لا يروي عن أبي إسحاق إلا ما صرح، وعن الليث بن سعد إلا ما صرح، هذا في الصحيحين.

وممكن يوجد كذلك خطأ في متن الحديث أو في الإسناد، هذا يعرف بالقرائن وجمع الطرق أن الثقة قد أخطأ هنا، وأكبر دليل أن الحديث على شرط من؟ على شرط الإمام مسلم، ومع هذا ما رواه في صحيحه، روى حديث جابر كما هو عندكم في الكتاب صحيح مسلم، وروى حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يروي حديث ابن مسعود رضي الله عنه للاختلاف الذي سوف نذكره، والزيادات المنكرة في ذكر الآيات الثلاث، وبعض الطرق أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر خطبة الحاجة وذكر خطبة التشهد، وأكبر دليل لا مدخل هنا بذكر التشهد، التشهد للصلاة ما له دخل بهذه خطبة الحاجة أصلا، الكلام على خطبة الحاجة ولا دخل بالتشهد مع هذا ذكر التشهد، وهذا يدل على الاضطراب في الأسانيد والاضطراب في المتن.

كذلك ذكر في بعض الطرق عن أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري، وليس لأبي موسى الأشعري دخل في الإسناد، فهو لم يروي هذا الحديث ولم يرو خطبة الحاجة الذي هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، بل الذي حدث في خطبة الحاجة هو ابن مسعود رضي الله عنه، وهذا يدل على أن الآن عندنا عنعنة أبي إسحاق موجودة هو مدلس ولم يصرح بالتحديث، وكذلك الانقطاع بين أبي عبيدة وبين أبيه ابن مسعود.

وكذلك أبو إسحاق السبيعي لم يضبط الإسناد في كتابه، لو ضبط الإسناد لضبطه على طريق واحد من طريق الأثبات الحفاظ، فإذا فالإسناد ضعيف، فأبو إسحاق هنا كما بينت لكم قد روى عنه الثوري وشعبة وغيرهما، وعنعنته لا تضر إذا لم يخالف، وهنا أبو إسحاق خالف الثقات كما بينت لكم ولم يذكروا هذه الزيادات ولا الآيات الثلاث ولا التشهد في الصلاة ولا غير ذلك، ولم يذكروا هذا الاضطراب في الإسناد.

وكذلك الحافظ الدارقطني ذكر هذا الحديث في «العلل»، وذكر الاختلاف فيه، وإن كان صحح طريق أبي إسحاق قال عنه أنه صحيح، لا يلزم من قوله صحيح أن الحديث صحيح عنده لأنه ذكر الاختلاف، لكن مراده أن أصح الأسانيد إسناد أبي إسحاق، ولأنه ذكر طرق غير عن أبي إسحاق، فلا يلزم من ذلك أن يكون الحديث صحيحا ثابتا لا، أنه أصح، وهذا ينظر فيه بعد ذلك في القرائن في جمع الطرق أنه لم يثبت، فهنا أبو إسحاق السبيعي خالف وخلط في الطرق، ولذلك لم يذكره الإمام مسلم.

فرواه بهذا اللغة شعبة، وإسرائيل بن أبي إسحاق، ومعمر، وسفيان الثوري، وإسماعيل بن حماد بن أبي سليمان وغيرهم، هذا الطريق الأول بهذا اللفظ لأنه فيه ألفاظ عدة ذكرت، عندنا ورواه الثوري، والأعمش، وزهير بن معاوية، ومعمر بن راشد، والمسعودي، ويونس بن أبي إسحاق، وأشعث بن ثوار، سبعتهم عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة» قال التشهد في الحاجة فذكره، وهذا الحديث حديث منكر أخرجه الترمذي في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، وفي «عمل اليوم والليلة»، وابن ماجه في «سننه»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وفي كتابه «الدعاء»، وابن أبي عاصم في «السنة»، وعبد الرزاق في «المصنف»، والشاشي في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وابن الجارود في «المنتقى»، والبزار في «المسند»، وغيرهم، فهذا عندنا الآن الطريق الثاني.

الطريق الأول عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود، الطريق الثاني عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص بدل من؟ بدل أبا عبيدة عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، فأحيانا أبو إسحاق يقول عن أبي عبيدة، وأحيانا يقول عن أبي الأحوص، هذا أمر الآن في الإسناد، وهذا يدل على أن الإسناد مختلف فيه وفيه خلاف.

كذلك في اللفظ الأول الذي هو لفظ أبي عبيدة ذكر لم يذكر التشهد في الصلاة، أبو إسحاق في رواية أبي الأحوص ذكر التشهد في الصلاة وليس للتشهد دخل هذا، وهذا يدل على أن هذا المتن شاذ، وطريق أبي الأحوص طريق شاذ، وهذا من أبي إسحاق، انظر الآن عندك الآن طريق أبي عبيدة رواه شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري ومعمر بن راشد وغيرهم، نفس الشيء الآن الطريق هذا رواه الثوري والأعمش وزهير ومعمر بن راشد وكلهم حفاظ يذكرون عن أبي الأحوص، فهذا الأمر ليس هذا من الرواة، هذا الاختلاف ممن؟ من أبي إسحاق السبيعي يدل لأن هؤلاء حفاظ وهم الذين ينقلون في كتبهم عن كتاب أبي إسحاق على ما ذكره هو في كتابه، فنقلوا عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود، ونقلوا عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود.

في اللفظ الأولى لم يذكروا التشهد في الصلاة، هنا ذكروا التشهد في الصلاة، فيستحيل هذا العدد من الرواة الثقات يذكرون أحيانا هكذا وأحيانا هكذا، فهذا يدلك على أن الاختلاف في الإسناد وفي المتن من أبي إسحاق السبيعي، فكيف يصحح هذا الحديث، وهذا الإسناد صححه الشيخ الألباني وغيره من أهل العلم، لكن ظن الشيخ الألباني أن الطريق الأول منقطع والطريق الثاني هذا صحيح على شرط مسلم، وأنه متصل، فصححه بناء على ماذا؟ بناء على ظاهر الإسناد، لكن الشيخ الألباني لم يخرج الحديث بهذه الطرق والاختلافيات ولم يذكر الاختلاف عليه حتى يتبين له أن الإسناد ضعيف أو الأسانيد ضعيفة والمتون ضعيفة لأن أصلا خطبة الحاجة وحديث خطبة الحاجة لا دخل فيه في التشهد في الصلاة، هذا الطريق الثاني.

 الطريق الثالث ورواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، يونس هذا بن أبي إسحاق السبيعي، إسرائيل من أحفاده، هم الذين ينقلون عنه كثيرا الأحاديث من كتابه، فرواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به، أخرجه أبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، والشاشي في «المسند»، وأبو يعلى في «المسند»، واللالكائي في «الاعتقاد».

الآن هنا بعد أمر آخر، الآن الطريق الأول روى أبو إسحاق عن أبي عبيدة وحده، الطريق الثاني رواه أبو إسحاق عن أبي الأحوص وحده، في هذا الطريق جمع بين أبي الأحوص وبين أبي عبيدة فقال عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن ابن مسعود، يعني قرن هذا مع هذا.

وهذا يدل على أن الطرق هذه غلط، فمرة يروي عن أبي عبيدة لوحده، ومرة عن أبي الأحوص لوحده، ومرة يجمع بين أبي الأحوص وبين أبي عبيدة، وهذا يدل على أن الغلط منه، وكذلك في هذا المتن اختلاف، لكننا نختصر لكم حتى ترون تخريج هذا الحديث في جزء وتفصيل، وذكر المتون، وترى اختلاف المتون فيها ألفاظ، وهذا المتن فيه ألفاظ، وهذا المتن ما فيه ألفاظ، وغير ذلك.

ورواه شعبة أيضا كما رواه إسرائيل، ورواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن ابن مسعود، الآن ما يقال أن شعبة يروي عن أبي إسحاق ما ثبت عنه، لكن هنا ننظر إلى القرائن والاختلافيات، وأن أبو إسحاق وإن كان ثقة فيخطئ فمرة يروي عن أبي عبيدة لوحده، ومرة عن أبي الأحوص لوحده، ومرة يجمع بين أبي عبيدة وبين أبي الأحوص، وهذا يدل على أنه غلط، فرواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن ابن مسعود.

أخرجه أحمد في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، والشاشي في «المسند»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء»، فجمع شعبة بن الحجاج بين أبي عبيدة وبين أبي الأحوص في الإسناد، وهناك يفرد كما أفرد ذلك الثوري، فما يكون هنا الخطأ من هؤلاء، هؤلاء تلامذة أبي إسحاق رووا عن أبي إسحاق على ما نقله، فالخطأ من أبي إسحاق، ومدار الحديث كما ترون عن أبي إسحاق، فلذلك العنعنة هنا ما يقال أنها تحمل على الاتصال لأنه من رواية شعبة ومن رواية الثوري ومن رواية الليث بن سعد لا، تضر كيف عرفنا ذلك؟ في جمع الطرق والاختلاف والقرائن التي تحف على أن أبا إسحاق أخطأ هنا، هذا الطريق الثالث.

وكما ترون دائما يروي أبو إسحاق عن مشيخته بالعنعنة، ولذلك رواه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ومعمر بن راشد وغيرهم عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به كما تقدم عن أبي عبيدة لوحده، أخرجه أبو داود في «سننه»، وغيره.

وروى سفيان الثوري، يعني خالف شعبة وخالف قوله كذلك من قبل كما نقلنا، وروى سفيان الثوري ومعمر بن راشد والأعمش وغيرهم عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به، يعني عن أبي الأحوص لوحده، فمرة هكذا ومرة هكذا ومرة هكذا، فيدل على أن الاختلاف ثابت، وطريق أبي الأحوص كما تقدم أخرجه الترمذي في سننه وغيره.

الطريق الرابع رواه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان وهو صدوق عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا خطبة الحاجة»، فذكر الحديث، ثم قال أبو عبيدة يعني يروي إسناد ثان، ثم قال أبو عبيدة: وسمعت من أبي موسى الأشعري رضي الله عنه يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فذكر الحديث خطبة الحاجة المعروفة ثم قال: «إن شئت أن تصل خطبتك بآي من القرآن» ثم ذكر الثلاث آيات، وهذا الطريق أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، والطبراني في المعجم الأوسط، وابن أبي عاصم في السنة، وأبو يعلى في المسند.

فالآن هنا انتقل الحديث من مسند عبد الله بن مسعود إلى مسند من؟ إلى مسند أبي موسى الأشعري، وأبو موسى ما له دخل في الإسناد ولا في الحديث، كيف انتقل؟ بسبب خطأ أبي إسحق السبيعي، والرواة هؤلاء حفاظ، لكنهم نقلوا ما في كتاب أبي إسحاق، فلذلك هذا كذلك الطريق ما يصح للاختلاف، فأبو عبيدة أحيانا يروي عن أبيه ابن مسعود، وأحيانا يروي عن أبي موسى، وهذا يدل على الخطأ بلا شك، فهذه الرواية انفرد بها إسماعيل بن حماد بذكر أبي موسى الأشعري، وهذا من الاختلاف في الإسناد، وهذا شاذ؛ لأن الذي ذكر الآيات الثلاث التي ذكرنا هو ابن مسعود رضي الله عنه.

ولذلك ذكر الاختلاف هذا الحافظ الدارقطني في «العلل» كما بينت لكم، وقال: (ورواه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي إسحاق كذلك أيضا مرفوعا، وأغرب في آخره فذكر أن أبا عبيدة قال سمعته من أبي موسى الأشعري عن النبي) يعني غلط، فالدارقطني يذكر أن هذا الطريق غلط.

 وباختصار ذكر هذا الاختلاف الدارقطني في «العلل» كما بينت لكم، ولعل يأتي مطولا، وإلا أطال في هذا فذكر طرق أخرى، فكيف يكون الحديث صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فذكر الدارقطني في «العلل» هذا الحديث وقال: اختلف على أبي إسحاق، فذكر أولا رواه شعبة وإسرائيل وابن أبي زائدة ومعمر وأبو الأحوص، هذا من تلامذة أبي إسحاق غير أبو الأحوص من تلامذة ابن مسعود، هذا متأخر، وغيرهم، ممكن من أراد أن يقرأ الحديث هذا والاختلاف في العلل، فعليه (ج5 ص309).

ثم قال بعد ذلك الدارقطني عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، هذا الطريق الأول، قال بعد ذلك الدارقطني في «العلل»: واختلف على الثوري فروى الأشجعي عن الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود وأبي عبيدة، يعني قرن الأسود وأبا عبيدة، وعندنا أن شعبة قرن أبا الأحوص وأبا عبيدة، هنا بعد طريق آخر في الاختلاف بذكر الأسود وليس له دخل هنا الأسود، وقال عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص والأسود، كيف يصير هذا صحيح، هذا الاختلاف الآن.

الآن الطريق الأول من طريق الثوري وهذا من رواية الأشجعي عن الأسود وأبي عبيدة، من طريق الثوري لكن من رواية عبد الرزاق عن أبي الأحوص والأسود، وهذا التخليط ممن والاضطراب؟ من أبي إسحاق السبيعي بلا شك، وفي جميع الطرق معنعن، فلذلك كيف يصح؟

كذلك رواه مؤمل، وابن الوليد العدني عن الثوري وغيرهم، وبعد انظر ورواه الأعمش، الأعمش حافظ معروف عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله، ما يصير الآن كل هذا الاضطراب، ولذلك الشيخ الألباني ما وقع على هذه الطرق ولا غيره، وعندنا المقلدة المتعالمة الذين خرجوا هذا الحديث وقعوا في أشياء كثيرة، ولم يجمعوا هذه الطرق، ولم يعلموا بهذه الأشياء، فلذلك هؤلاء كيف يقعون في هذه الحفر هؤلاء المقلدة المتعالمة؟ بسبب أنهم لم يدرسوا علم العلل والتخريج والاختلاف، بس عزو والشيخ الألباني إمام معروف في علم الحديث يخطئ ويصيب، فلا ضير على الشيخ الألباني، لكن هؤلاء المتعالمة المقلدة آثمون بلا شك.

وانظر بعد إلى أمر آخر يقول الحافظ الدارقطني: ورواه زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن الأسود وعلقمة عن عبد الله بن مسعود، ما دخل علقمة هنا؟ ما له دخل، ولا الأسود، فلذلك هذا من الاختلاف.

اسمع كذلك، ويقول الدارقطني: ورواه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن الأسود وأبي الأحوص وعمرو بن ميمون وأصحاب عبد الله عن عبدالله، ما يصير نصحح هذا الحديث مع هذا الاضطراب والاختلاف، وهذا الخطأ من أبي إسحاق السبيعي، فالآن زيد في الإسناد الأسود وأبي الأحوص وعمرو بن ميمون وأصحاب عبد الله كلهم، وأصحاب عبد الله لم يرووا عن ابن مسعود رضي الله عنه.

وكذلك قال زهير يقول الحافظ الدارقطني: وقال زهير بن معاوية عن أبي إسحاق سألت أبا الأحوص وربيع ومسروقا وعبيدة والأسود وقص الحديث عن أبي الأسود عن عبد الله، هذا من الاختلاف.

ويقول الدارقطني في «العلل»: وروي هذا الحديث حديث التشهد مضافا إليه خطبة الحاجة سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الخطبتين جميعا، ما له دخل أصلا التشهد هنا، الكلام على خطبة الحاجة.

ويقول الحافظ الدارقطني: وروى أبو الأحوص عن أبو إسحاق عن أبي الأحوص، أبو الأحوص الأول هذا من تلامذة أبي إسحاق، الأحوص الثاني من تلامذة ابن مسعود، وروى أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله خطبة الحاجة موقوفا، فمرة يروي السبيعي خطبة الحاجة مرفوعة إلى الرسول يعني من قول الرسول، ومرة من قول ابن مسعود، ما يصير، ما دام الآن تقولون أن الحديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل الآن الحديث الموقوف؟ وما دخل الرواة كثر عن ابن مسعود؟ وهذه الاضطرابات والخلافيات في هذا الحديث.

ويذكر كذلك الحافظ الدارقطني في «العلل»: ورواه إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي إسحاق، كذلك أيضا مرفوعا، يقول: وأغرب في آخره فذكر أن أبا عبيدة قال سمعته من أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه الطرق في العلل باختصار وإلا أطول، لعله ترونه إن شاء الله في الكتاب، جزء في تضعيف حديث خطبة الحاجة، فهذا الآن عندنا تخريج حديث ابن مسعود رضي الله عنه، والطرق كما ترون كلها ضعيفة وكلها من طريق أبي إسحاق السبيعي مع العنعنات، فلذلك هو حديث منكر، والدرس القادم سوف نتكلم عن الشواهد التي ذكروها، الشواهد أدهى وأمر في المنكرات، والمعتمد هم على حديث ابن مسعود.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan