الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (57) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: باب تخفيف الصلاة والخطبة
2024-10-11
الجزء (57) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: باب تخفيف الصلاة والخطبة
المتن:
باب تخفيف الصلاة والخطبة:
حدثنا حسن بن الربيع، وأبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: «كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا».
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا حدثنا محمد بن بشر، حدثنا زكرياء، حدثني سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: «كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا».
وفي رواية أبي بكر زكرياء عن سماك.
وحدثني محمد بن المثنى، حدثني عبد الوهاب بن عبد المجيد عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم، ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فإلى أهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي».
وحدثنا عبد بن حميد، حدثنا خالد بن مخلد حدثني سليمان بن بلال، حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته»، ثم ساق الحديث بمثله.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن جعفر، عن أبيه، عن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ويحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله»، ثم ساق الحديث بمثل حديث الثقفي.
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وهذا باب جديد، وهذا الباب باب تخفيف الصلاة والخطبة، وبيأتي الكلام بالتفصيل في الدروس إن شاء الله القادمة إذا تكلمنا على الأحكام، وهذا الباب طويل وفيه أحاديث كثيرة سوف نقسمها في كل درس، حتى بعد ذلك ندخل في الأحكام.
فحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه يبين كيف كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقوله «فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا» يعني بين الطول الظاهر، والتخفيف الماحق، فتكون خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسط بين الطول، وترى بعض الخطباء يطولون في الخطبة كثيرا، يعني طول ظاهر حتى يمل الناس، وترى بعض الخطباء يقصر الخطبة حتى تكون مثل تخفيف الماحق يعني مثل خمس دقائق، هذه تخفيف مخل، فكيف الناس يفهمون، وكيف يشرح الخطيب للناس أحكام الدين؟
فكانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قصدا، والقصد هذا الوسط، فخطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسط بين الطول جدا، والقصر جدا، فإذا قلنا الآن مثلا على الساعة ساعة العصر فتكون خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وسط بربع ساعة بالكثير ثلث ساعة، فهذا الوقت ممكن الخطيب يبين الأحكام التي يريدها في الدين، ويعظ الناس ويذكر الناس بهذا الدين، ولا يعرف هذا الأمر إلا إذا كان الخطيب فقيه فعلا، فيعرف كيف يفيد الناس حتى باختصار الأحكام لكي لا يمل الناس، ويكرهون كلامه، ويكرهون خطبه، ويكرهون صلاة الجمعة كما يحدث من الناس، خاصة كبار السن إذا أطال الخطيب في الخطبة.
فخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رأيت من خطيب يطيل جدا حتى يمل الناس فاعلم أنه ما عنده علم وليس بفقيه، الفقيه ينعرف من خطبه، وكيف يفيد الناس في هذه الفترة الوجيزة، وكيف يهذب لهم الأحكام ويبين لهم ذلك، وإذا رأيت كذلك من خطيب تكون الخطبة دقائق مثل كبار السن في القديم في الزمان، فعندهم قصر في الخطبة ولا تفهم شيء إلا الأحاديث الضعيفة، فلذلك إذا أراد الخطباء يستفيد منهم الناس وأن الله سبحانه وتعالى يوفقهم في الخطبة فيستفيدوا هم يعني الخطباء ويستفيد المسلمون فيحصل للخطباء الأجر فعليهم بالاقتصاد في الخطبة على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا بد هذا من علم، إذا لم يكن عنده علم ما يستطيع أن يفيد الناس، فهو كما بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينا كثيرا هو من خطباء النار والعياذ بالله، ولا بد لأن هذا الأمر ليس للشهرة يعني المنبر يوم الجمعة ليس للشهرة، وليس لكي يصير الخطيب شيخا، أو يحصل أموالا، أو كذا أو كذا، هذا تكليف وأمر الله سبحانه وتعالى، فإذا كان هذا الخطيب عنده علم فليخطب بالناس، وإذا لم يكن عنده علم حتى لو يقولون له يعني أصحاب الحزب يقولون له اخطب غدا، اخطب في العيد، اخطب كذا يرفض ويعترف أمام الله سبحانه وتعالى أنه ليس أهلا للخطب، فيقول لهم هذه مسئولية، فلذلك لا بد الناس ينتبهون لهذا الأمر.
وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قوله: «واشتد غضبه»، ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمرا عظيما وتحذيره خطبا جسيما، فكان النبي صلى الله عليه وسلم خطبته هكذا، لماذا؟ لأنه كان يعظم هذا الأمر الذي يريده ويريد يبينه للمسلمين، فيشتد غضبه بذلك حتى كأنه منذر جيش، ويأتي في الأحكام بعد ذلك أنه يجوز رفع الصوت في الأمور العظيمة.
«بعثت أنا والساعة» فالساعة بالضم والفتح، فرواية بنصبها ورواية برفعها ويجوز، والمشهور نصبها على المفعول معه، بعثت أنا مفعول، والساعة كذلك مفعول فهي بالنصب، لكن يجوز كذلك بالرفع، والمراد في ذلك تمثيل تقريب هذا الأمر، يعني بعثت أنا والساعة يعني قرب الساعة، فهذا تمثيل لقرب الساعة، وأنه ليس بينهما أصبع أخرى، كما أنه لا نبي بينه وبين الساعة فالساعة قريبة، وبتأتي الأحكام على هذا الأمر، فما دامت الساعة قريبة، فليس عندنا وقت للانشغال بالدنيا فوق الحاجة، ولا الغفلة، ولا اللهو، ولا اللعب، فلا بد من الاجتهاد في الطاعة.
ولا ينس العبد نصيبه من هذه الحياة الدنيا سواء الجلوس مع الأهل أو الأرزاق أو الأولاد، أو اللهو أحيانا، أو اللعب أحيانا، فلا بأس بذلك كما فصلنا وبينا، لكن الاجتهاد في الطاعات، في الدعوة إلى الله، في تعليم الناس الكتاب والسنة، في الأذكار، في أشياء كثيرة معروفة لديكم.
وهذا الأمر من علامات النبوة، انظر الآن من عهد النبي صلى الله عليه وسلم تكلم عن هذا الأمر «بعثت أنا والساعة» وانظر قرون تترا مضت واقتربت الساعة على مر العصور وكر الدهور، فلذلك عليكم بالطاعة.
وقوله «ويقرن» بضم الراء، وفي رواية «ويقرن» بكسر الراء، والمشهور يقرن هو بضم الراء على المشهور الفصيح، وحكي كسرها، السبابة معروفة السبابة هذه، فقرن النبي صلى الله عليه وسلم السبابة والوسطى يعني هكذا هذه الوسطى وهذه السبابة هكذا لقرب الساعة، فليس بين السبابة والوسطى شيء فراغ ما في شيء، وهذا يدل على قرب الساعة ولا تنتظر تأتي الساعة لماذا؟ لأن الأجل يأتي العبد، فجاءت الساعة له لأنه حياة البرزخ هي أول الآخرة إما جنة أو نار، فلذلك ما ينتظر العبد تأتيه الساعة؛ لأنه إذا أتاه الموت وانتهى خلاص جاءته الساعة.
فلذلك لا بد من الاجتهاد وخاصة الصلوات الخمس الاجتهاد فيها، ومعرفة ماذا؟ معرفة المواقيت الشرعية الصحيحة التي شرعها الله سبحانه وتعالى للناس ليس مجرد صلاة، كما حال كبار السن والمتحزبة والعوام بزعمهم يبكرون يوم الجمعة مثلا في الأمام، أو الخمس صلوات عند المحراب، لكن إذا أتيت إلى صفة الصلاة ما يعرف، ما يعرف شروط الصلاة أخبره هذا ألي يسمونه حمامة المسجد، هذا بومة المسجد ما يعرف شروط الصلاة وينك يا حمامة المسجد؟ أخبره عن أركان الصلاة ما يعرف، أخبره عن واجبات الصلاة ما يعرف، أخبره عن سنن الصلاة ما يعرف، فكيف يعرف يصلي؟ خلاص، هذا ما دام ما يعرف هذه الأمور ففي الغالب في الناس إذا ما يعرفون هذه الأمور ففي الغالب أنهم ما يعرفون يصلون، فالمطلوب ماذا؟ المطلوب بينه النبي صلى الله عليه وسلم >صلوا كما رأيتموني أصلي< كما ثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث وأصله في صحيح مسلم.
فلذلك هذا هو المطلوب أن تصلي صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تعرف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بصحة الصلاة حتى لأن الأحكام مرتبطة بعضها بعضا فلا بد أن تعرف ماذا؟ المواقيت الصلوات، تعرف مواقيت الصلوات لكي تعرف كيف تصلي، وفي الأوقات المعروفة شرعا، وأكثر الناس مجرد صلاة، لكن مما ذكرنا ما يعرفون، فأكثرهم لا يعرفون، ولذلك مرادهم ماذا؟ أن ينتهوا من الصلاة صحت أو لا، ما عندهم أهمية، وأكبر دليل إذا رأوا إمام خاصة في رمضان يصلي بسرعة التراويح، ويصلي من وقت مثلا يؤذن خمس دقائق يشرع، فترى العامة يتهافتون على مسجده، مرادهم ينتهون من الصلاة صحت أو لا، ما عندهم، فهؤلاء الغالب عليهم أن الله ما يقبل منهم هذه الصلاة؛ لأن لا اهتمام وإخلال في الصلاة وفي وقتها.
والله سبحانه وتعالى توعدهم بالويل ﴿فويل للمصلين﴾ [الماعون:4]، فتوعدهم الله سبحانه وتعالى بالويل لماذا؟ لأنهم ساهون، والساهون كما ثبت عن السلف -وعندي كتاب كامل في هذا- الذين يضيعون أوقات الصلوات، بعد الله ما ذكر الذين لا يصلون، الذين لا يصلون هذا بعد أمر آخر الله سبحانه وتعالى توعد بالمصلين الذين يخلون بالصلاة، هؤلاء لهم عقاب من الله كل مصل بيتفاجأ لماذا؟ لأن هذا إهمال ولا فيه تعظيم لأوامر الله سبحانه وتعالى، لأنهم لم يعظموا الله سبحانه وتعالى، ولم يقدروا الله سبحانه وتعالى حق قدره، لذلك ما تراهم ماذا؟ يسألون عن الصلاة، يعرفون الصلاة، يعرفون واجبات الصلاة، أخبرونا عن واجبات الصلاة نريد نتعلم لا، لكن في دنياهم يعظمون دنياهم ويقدرونها، فتراهم يجتهدون، فوقعوا في تعظيم الدنيا وأهملوا الآخرة، هؤلاء هم أهل الغفلة، فما دام هؤلاء ما يعطون الآخرة وزن ولا أحكام الله سبحانه وتعالى في الأصول والفروع، فالله ما يعطيهم وزن ولا يعطيهم وزن وليسوا بشيء.
وبين النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل العظيم السمين ما يسوى عند الله جناح بعوضة لماذا؟ مخل في دينه، فما في تقدير لله سبحانه وتعالى ولا في دينه، فالله سبحانه وتعالى حرمهم من هذه النعمة العظيمة التي هي من أعظم النعم تعظيم الله في الدنيا وفي الآخرة، وتعظيم دينه، إذا رأيت من نفسك تعظم دين الله سبحانه وتعالى هذا من أكبر النعم عليك، وإلا فيه أناس في غفلة، فترى أناس كثر من أهل البدع أمام العوام في الخطب في كذا في المساجد برع داخل يطعنون في الدين، وينشرون البدع، ويطعنون في السنة، ولا في عامي أمامهم يتكلم بشيء، فالله أذلهم.
ولذلك بين الله سبحانه وتعالى هذه الطقات وهذه الأشكال هذه، بل أكثرهم لا يعلمون الحق وهم معرضون ما يعلمون الحق، أكثرهم لا يعرفون الحق لا في الأصول ولا في الفروع، ويدعون أنهم يصلون ويصومون ويحجون، وهم لا يعرفون الحق أصلا، ويظن هؤلاء أكثرهم المصلين أكثرهم يعلمون الحق، كيف أكثركم الظنون تعرفون الحق والله سبحانه وتعالى يقول: أكثركم ما تعرفون الحق ولا شيء، ولا تصيبون الحق أصلا، لماذا هؤلاء لم يعرفوا الحق؟ لأنهم معرضون عن العلم، عن السؤال عن العلم والسنة والدين، عن أهل السنة والجماعة معرضون، يجالسون أهل السياسة أهل البدع وهؤلاء القصاص فلا يعرفون، فقلة الذين يعرفون الحق وهم أهل السنة والجماعة ومن تابعهم من المسلمين، غير ما يعرفون أكثر الناس.
فلذلك من أراد أن يصيب السنة ويعرف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لا بد يعرف المواقيت، وهذه المواقيت الفلكية ما تسوى شيء عند الله سبحانه وتعالى، ولا تعتمد، وبيأتي الكلام عليها.
«وخير الهدى هدى محمد» وخير الهدى هو بضم الهاء وفتح الدال فيهما الهدى الهاء مضمومة الهدى والدال مفتوحة الهدى، وفي رواية كذلك وبفتح الهاء وإسكان الدال أيضا ولا بد من الياء، فتقول: >وخير الهدي< هكذا الهاء مفتوحة والدال مسكونة بسكون الدال والهاء مفتوحة، >وخير الهدي< فهذه كذلك رواية هدي محمد، والمعنى أن أحسن الطرق طريق محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك معناه الدلالة والإرشاد، وبيأتي الكلام على هذا التفصيل في الشرح في الأحكام.
فإذا كان أحسن الطرق طريق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيجب على الناس أن يسلكوه، ولا يذهبون إلى الطرق المتشعبة طرق الفرق والجماعات المتحزبة والمتمذهبة، فإن طرق هذه الفرق والجماعات والمذاهب متشعبة معوجة، وإن كان يدعون أنهم يسلكون طريق النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هؤلاء يسلكون طريق رؤوسهم، وإلا لماذا هذا الانحراف في الأصول والفروع؟ فلذلك اعرف هذا الأمر، ولا تغتر بوجود هؤلاء في المناصب الدينية، فإن المجتمعات الآن صارت هكذا، فلذلك الأصل في هذا سلوك طريق النبي صلى الله عليه وسلم عندك منصب أو لا، أعطوك منصب أو لا، هذا هو الأصل لأن خير الهدى هدى النبي صلى الله عليه وسلم، ما في هدي ثان، الله سبحانه وتعالى واحد والرسول صلى الله عليه وسلم واحد والدين واحد.
فلذلك هؤلاء في الداخل والخارج لهم آلهة ولهم أهواء آلهة، فلا تسلك مسالك هؤلاء، فعليك بالمسلك الواحد فقط وهو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه شيء من المشقة وبعض الأشياء تعب، لكن الله سبحانه وتعالى يعوضك بالإيمان، ويعوضك أشياء كثيرة دنيوية، ويدخر لك الله سبحانه وتعالى أشياء كبرى وعظيمة في الآخرة، فلا بد من الصبر، وطريق النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق الأنبياء والرسل، فعليك بهذا الطريق بيأتي شرح ذلك بعد ذلك.
«وكل بدعة ضلالة»، كل بدعة ما فيه، كل بدعة ضلالة، فكيف النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وكل بدعة ضلالة» فكيف هؤلاء الجماعات والفرق والمذاهب والطوائف يقولون نحن على الهدى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ضلالة، وبيأتي شرح هذا الأمر الضلالة الأمور المحدثة في الدين في الأصول والفروع، ما في جماعات الجماعات بدعية، ما في فرق الفرق بدعية، ما في مذاهب المذاهب بدعية، ما في طوائف الطوائف بدعية، ما في إلا طائفة واحدة التي هي تسلك مسلك النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج الصحابة رضي الله عنهم، وهذه الطائفة هي الناجية، وهذا بيناه كثيرا.
هنا في أمر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي» الدين معروف، والضياع العيال الأولاد الذين أبوهم توفي وعليه دين النبي صلى الله عليه وسلم تكفل بماذا؟ بدفع دينه، فانظر إلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الأب يموت وعليه دين ما عندهم يسدون النبي صلى الله عليه وسلم تكفل بسداد دينه، وضياعا: شخص توفي وترك أولاد، فالنبي تكفل بماذا؟ بالصرف عليهم والدفع لهم النفقات والطعام وإلى آخره، «ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي» وهذا واضح، فالمراد من ترك أطفالا وعيالا ذو ضياع، فالنبي صلى الله عليه وسلم تكفل بأمورهم، والضياع بفتح الضاد العيال الأولاد، يعني هذه المعاني ولعل فيه أشياء بتأتي في الشرح على التفصيل والتخريج بعد ذلك، غدا إن شاء الله نخرج هذه الأحاديث.
فيه أي سؤال؟
فهذا الكلام وهذا الشرح وهذه المعاني تكلم عنها النووي في «شرح صحيح مسلم» ممكن الواحد ينتقل، كذلك القاضي عياض في «إكمال المعلم» تكلم عن هذه الأحاديث، وكذلك القرطبي في «المفهم»، كذلك شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في «التعليق على صحيح مسلم».
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.