الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (56) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة بيان ضعف حديث: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات"
2024-10-11
الجزء (56) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة بيان ضعف حديث: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات"
وعلى آله وصحبه أجمعين، ولعل نكمل تخريج حديث ابن عمر وأبي هريرة وهو «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين»، وبينا تخريج هذا الحديث وأن هذا الحديث معلول ولا يصح، وبينا الاختلاف في ذلك، ووصلنا إلى الاختلاف على يحيى بن أبي كثير، وبينا رواية عبيد الله بن موسى، وكذلك رواية أبي سلمة موسى بن إسماعيل، وبينا الاختلاف في هذا كما عند البيهقي في «السنن الكبرى»، والطحاوي في «مشكل الآثار»، وابن المنذر في «الأوسط».
وتكملة هذا الحديث، فعلى ما بينا من الرواة فكذلك وخالفهم عفان بن مسلم وهو ثقة قال: حدثنا أبان العطار قال حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن الحكم بن ميناء عن ابن عباس وعن ابن عمر أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، ففي هذا الإسناد لم يذكر الحضرمي بن لاحق كما أسلفنا من قبل في الدرس الذي سلف، وكذلك هنا عفان بن مسلم قال: عن ابن عباس وعن ابن عمر، في الطرق الأخرى: عن ابن عباس وابن عمر، يعني بالواو لا بالعنعنة، هنا بالعنعنة: وعن ابن عمر، وهذا يدل على أن هناك اختلاف، وكذلك الحضرمي بن لاحق لم يذكر في الإسناد.
وهذا الطريق أخرجه أحمد في «المسند»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، وأبو يعلى في «المسند».
وخالفهم هدبة بن خالد وهو ثقة قال حدثنا أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن الحكم بن ميناء عن ابن عباس وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به، هنا بالواو، وفي الطريق الآخر بالعنعنة بين ابن عباس وابن عمر، وهذا الطريق أخرجه عبد الله بن أحمد في «زياداته على المسند»، والمزي في «تهذيب الكمال».
فإذا حديث أبان العطار هذا مضطرب الإسناد أيضا كما بينا، فمرة يذكر الحضرمي ومرة لا يذكر، ومرة يسقط ذكر الحضرمي، وزيد بن سلام معه فأحيانا لا يذكر الحضرمي وأحيانا يذكر، وأحيانا يسقط من الإسناد الحضرمي وزيد بن سلام معه، كما بينا في الدروس التي سلفت، فالحديث مضطرب كله من رواية يحيى بن أبي كثير ورواية معاوية بن سلام كما سبق ذلك.
فالرواة كلهم ثقات إلا يسير منهم، لكن أكثرهم ثقات فرووا الحديث هكذا على الاختلاف وعلى الاضطراب كما أسلفنا، فالرواة كلهم ثقات، والذين رووا رواية يحيى بن أبي كثير ورواية معاوية بن سلام، وهم نقلوا هذا الاضطراب وهذا الاختلاف، ولا يستطيع الواحد أن يرجح بين هذا الاختلاف؛ لأن أكثر الرواة ثقات حفاظ، فلذلك هذا الحديث يعتبر شاذا.
وكذلك رواية يحيى بن أبي كثير كما بينا، فليس الاضطراب فقط من يحيى بن أبي كثير الاضطراب كذلك من الرواة، وهذا يدل على أن الرواة لم يضبطوا هذا الحديث، ولذلك يتبين أن الحديث أحيانا يروى عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، ومرة عن ابن عمر وأبي هريرة، ومرة عن ابن عمر وابن عباس، ومرة عن ابن عمر وعن ابن عباس، ومرة عن ابن عمر وحده.
وإن كان في بعض الطرق رواة ضعاف وهم قلة، لكن الأكثر كلهم ثقات وهم يروون هذا الحديث على هذه الأوجه، وهذا يدل على أن الحديث لا يصح وغير محفوظ.
وهذا الاضطراب في الإسناد ذكره المزي في «تحفة الأشراف»، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»، والدارقطني في «العلل»، وبينا هذا في الدروس التي سلفت، هذا نهاية تخريج هذا الحديث وعلة هذا الحديث، فهو حديث لا يصح وإن كان في صحيح مسلم، والإمام مسلم لم يذكر في هذا الباب إلا هذا الحديث، وهو حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة معا، فهو لا يصح.
في أي سؤال أو أي شيء؟
...
هذا إذا كان كثرة الطرق لا يكون لها أصل، إذا يترجح لنا بعض الطرق، أو يترجح لنا طريق، وهذه الطرق محفوظة، أو هذا الطريق محفوظ، فلذلك هذه الطرق الآن كلها غير محفوظة، والرواة يروون هذا الحديث على هذه الأوجه عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد الخدري، وعن ابن عمر، وعن ابن عباس، وأحيانا يفردون ابن عمر يرويه لوحده، وأكثرهم كلهم ثقات أثبات، فلذلك يعني بين الدارقطني هذا الاختلاف، وكذلك بقية الأئمة، وبينا هذا في الدرس الذي سلف.