الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (49) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: سنن خطبة الجمعة
2024-10-06
الجزء (49) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: سنن خطبة الجمعة
المتن:
باب في قوله تعالى: ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير، قال عثمان حدثنا جرير عن حصين بن عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانتفل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنى عشر رجلا فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾».
وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين بهذا الإسناد قال: «ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ولم يقل قائما».
وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي حدثنا خالد يعني الطحان عن حصين عن سالم وأبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقدمت سويقة قال فخرج الناس إليها فلم يبق إلا اثنى عشر رجلا أنا فيهم قال: فأنزل الله ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾ إلى آخر الآية».
وحدثنا إسماعيل بن سالم أخبرنا هشيم أخبرنا حصين عن أبي سفيان وسالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: «بين النبي صلى الله عليه وسلم قائم يوم الجمعة إذ قدمت عير من المدينة، فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق معه إلا اثنى عشر رجلا فيهم أبو بكر وعمر قال: ونزلت هذه الآية ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾».
وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن كعب بن عجرة قال: «دخل المسجد وعبد الرحمن ابن أم الحكم يخطب قاعدا فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا وقال الله تعالى: ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾».
الشرح:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقبل أن نشرح هذه الأحاديث سوف نتكلم عن سنن الخطبة، وهذه الأحاديث تشير إلى سنية القيام أثناء الخطبة يوم الجمعة، وفي الدروس التي سلفت تكلمنا عن شروط الخطبة وواجبات الخطبة، وتكلمنا عن سنن الخطبة في أثناء الشرح في تبيين بعض الأمور التي تكلم فيها الفقهاء وهي ليست من الشروط وليست من الأركان، بل هي من السنن، لكن في هذا الدرس سوف نتكلم عنها في الإجمال.
* فسنن الخطبة: عندنا من السنة الحمد لله سبحانه وتعالى والثناء عليه سبحانه وتعالى، وبيأتي كذلك حديث جابر في الثناء على الله بعد ذلك، كذلك من السنة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الدعاء للمسلمين وهذا يكون أحيانا ليس كما يفعل كما بينا في الدروس التي سلفت خطباء هذا الزمان، فإنهم في كل خطبة يدعون الأدعية الطويلة بعد الانتهاء الخطبة ويكررون لماذا؟ لأن هؤلاء يقلدون.
وكذلك من السنن الجلوس في الخطبة بين الخطبتين، وكذلك القيام في أثناء الخطبة من سنن الخطبة كما في هذه الأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما، كذلك من السنن الموالاة بين الخطبتين، ولا بد على طالب العلم أن يحفظ هذا، وإلا لو يقرأ في كتب الفقه سوف يرى أشياء يقولون من السنن وليست من السنن من أحاديث ضعيفة أصلا، فالموالاة بين الخطبتين سنة، وكذلك من السنن أن تكون الخطبة جهرا وبصوت مرتفع هذه من السنن، وبينا أن بعض هذه الأمور اشترطها جمهور العلماء لكنها ليست بصحيحة وليست من الشروط، بل هي سنن.
كذلك الطهارة سنة للخطيب فلو خطب بدون طهارة فالخطبة صحيحة، لكن إذا أراد أن يصلي فيجب عليه أولا أن يتوضأ ثم يصلي بالناس، لكن الطهارة والوضوء للخطبة سنة، وأما بالنسبة للتزين وما شبه ذلك ولبس الثياب النظيفة هذا تكلمنا عنه أنها من سنن الجمعة.
كذلك من السنن كون الخطبة في داخل المسجد فهذا الأمر يستحب، والجلوس بين الخطبتين سنة وليس بشرط كما قال عدد من أهل العلم بل سنة، كذلك القيام في الخطبة سنة.
هذا الذي تكلم عليه أهل العلم في مسألة السنن على القول الراجح في هذه المسألة، ومن أراد أن يرجع إلى هذه الأمور والخلافيات وينظر في هذا الأمر، فليرجع إلى «المهذب» للشيرازي، و«المجموع» للنووي، و«كشاف القناع» للبهوتي، و«شرح صحيح مسلم» للنووي، وكذلك «شرح فتح القدير» لابن الهمام، و«تبيين الحقائق» للزيلعي، و«حاشية» بن عابدين، و«بدائع الصنائع» للكاساني، و«الذخيرة» للقرافي، و«مواهب الجليل» للخطاب، و«حاشية» الخرشي، وكذلك «الإنصاف» للمرداوي، و«المحلى» لابن حزم، و«الكافي» لابن عبد البر، و«الشرح الصغير» للدردير المالكي، و«الحاوي الكبير» للماوردي، و«حاشية» القليوبي وعميرة.
فهذا يعني ما عندنا في هذا الدرس، فهذه هي سنن الخطبة، وهذبنا لكم الشروط وكذلك الواجبات وهذه السنن، وإلا لو تقرأ في هذه الكتب الفقهية سوف ترى تداخل مدخلين السنن في الشروط، والشروط في الأركان، والأركان في السنن وهكذا.