الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (45) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شروط خطبة الجمعة الصحيحة
2024-09-27
الجزء (45) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شروط خطبة الجمعة الصحيحة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن حكم الخطبة، وقلنا أنها واجبة، وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن شروط الخطبة خطبة صلاة الجمعة.
الشرط الأول: كون الخطبة في الوقت الشرعي، يعني بعد زوال الشمس، وقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط، وهذا بما صح من أن التأذين كان يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أبي بكر وفي عهد عمر رضي الله عنهما، وغيرهما من الصحابة الذين يخطبون يوم الجمعة، فتكون الخطبة بعد دخول وقت صلاة الجمعة، يعني بعد الزوال، وهذا بإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
قال سائب بن يزيد: «كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر»، أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجمعة، فإذا عندنا هذا الشرط الأول من شروط الخطبة كون الخطبة في الوقت، فلو خطب الخطيب قبل الزوال يعني قبل أن يدخل وقت صلاة الجمعة، فهذه الخطبة باطلة ويأثم عليها الخطيب، يعني يخطب قبل الزوال، فهذه الخطبة باطلة، وكون الخطبة بعد دخول الوقت الشرعي هذا باتفاق العلماء من الصحابة ومن الفقهاء المتأخرين كذلك، فإذا خطب الناس في هذا العهد، أو في هذا الزمان، أو بعض الدول، أو بعض المساجد أو ما شابه ذلك مثلا قبل الوقت أثموا هؤلاء وخطبتهم باطلة وصلاتهم باطلة، والصلاة تكون في رقابهم يوم القيامة، والخطبة هذه تكون في رقابهم يوم القيامة، فالناس يحاسبون يوم القيامة.
وبسبب ضعف الإيمان وعدم الإيمان فترى أناس كثر في المناطق والمدن وغير ذلك في العالم لا يبالون ولا يحسون، فيصلون صلاة الجمعة قبل دخول الوقت، ويخطبون قبل دخول الوقت، فهذه الخطبة باطلة، وكذلك الصلاة وهي في رقاب الناس، وهذا إما بسبب جهلهم أو اعتمادهم على التقويم الفلكي الذي يكون في الصيف أن الناس يخطبون قبل دخول وقت صلاة الجمعة أو وقت صلاة الظهر، ويخطبون ويصلون وهذا آثمون، لكن فيه أناس يعلمون أنهم مكرهين على هذه الصلاة وهذا الوقت، ولا بد يصلون صلاة الجمعة وناكرين هذا الأمر في قلوبهم ويبينوا هذا الأمر بلسانهم وبأقلامهم وأنكروا هذا الأمر هؤلاء ليس عليهم شيء برئوا، لكن الذي متابع والذي لا يهتم ويصلي قبل الوقت وغير ذلك، هذا بلا شك يأثم، والناس هؤلاء العوام الذين لا يهتمون بصلاة الجمعة ولا غير ذلك بالنسبة للوقت هؤلاء آثمون.
فلذلك الخطبة تكون بعد دخول الوقت هذا شرط، وهذا الذي بينه ابن عابدين في «حاشيته»، والنووي في «المجموع»، وابن قدامة في «المغني»، وابن عبد البر في «الكافي»، وابن الهمام في «شرح فتح القدير»، والقليوبي في «حاشيته»، وعميرة في «حاشيته»، فهذا الشرط الأول.
الشرط الثاني: أن تكون الخطبة قبل الصلاة، قال بذلك عامة الفقهاء بهذا الشرط، ولا تصح الخطبة بعد الصلاة، فإن فعل الخطيب ذلك أثم، وصحت الصلاة مع الإثم، وقد تواترت الأحاديث من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أنهم كانوا يقدمون الخطبة على الصلاة إلى يومنا هذا، فأولا الناس يوم الجمعة يخطبون ثم يصلوا، هذا شرط هذا الذي بينه ابن عبد البر في «الكافي»، والقليوبي في «حاشيته»، والنووي في «المجموع»، وابن الهمام في «شرح فتح القدير»، وغيرهم من الفقهاء، فإذا هذا قول عامة الفقهاء أن تكون الخطبة قبل الصلاة، وهذا شرط الشرط الثاني.
ولا يلزم لو أخل الخطيب بهذا الشرط ما تبطل الصلاة، لو مثلا صلى الخطيب أولا ثم خطب بالناس فالصلاة صحيحة مع الإثم، لكن السنة جاءت بهذا، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والفقهاء على أن الخطبة قبل الصلاة، وهذا شرط، وهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب علينا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الشرط الثالث: أن تكون بحضرة عدد ممن تنعقد بهم الجمعة، فقد اتفق الفقهاء على هذا الشرط، وهذا الذي بينه النووي في «المجموع»، وابن عبد البر في «الكافي»، وغيرهم من الفقهاء، لا بد يكون العدد المطلوب لكي تقام صلاة الجمعة ولكي تقام الخطبة، وهذا الأمر بيأتي، منهم من قال أربعين، هذه الأعداد ليس عليها أي دليل لا يوجد عدد أصلا، هذا الأمر على ماذا؟ هذا الأمر على العرف على عرف البلدان، على عرف الإسلام، إذا كان هذا العدد في البلد أو المناطق أو المدن تقام به صلاة الجمعة من قبل ولي الأمر خلاص فتقام صلاة الجمعة وتقام الخطبة، على عرف الناس الآن ينظرون الأعداد التي تأتي لجوامع في المدن في البلدان في القرى، فإذا كان العرف أن هذا العدد تقام به صلاة الجمعة، وأنه كثير، وأن من عادات الناس الآن يقومون في منطقتهم صلاة الجمعة خلاص تنعقد صلاة الجمعة بالعدد بالعرف، فهكذا.
ولا بد أن تقام صلاة الجمعة بإذن ولي الأمر، وبيأتي الكلام بعد ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر على العرف والصحابة رضي الله عنهم، وخالف في ذلك ابن الهمام قال: (يكفي لوقوع الخطبة شرطا حضور واحد) ماذا نفعل بهذا الواحد نزل الخطيب يخطب قام هذا الواحد انحصر ذهب يبول، الخطيب يخطب حق من؟ ما يصير نخطب بواحد، لذلك ولا يلتفت لهذا القول، هذا مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقوم صلاة الجمعة بالمئات من الناس، وكذلك فعل أبي بكر رضي الله عنه، وفعل عمر رضي الله عنه، وغيرهم من العلماء ومن الصحابة الذين يقومون بالأعداد التي تقوم عليها صلاة الجمعة من الناس، وخالف إجماع الصحابة وخالف الفقهاء، فلا يلتفت إليه ولا يؤخذ بقوله في هذا فتواه، وأخطأ في ذلك، وأنكروا عليه الفقهاء هذا الأمر على ابن الهمام، ولا يقال أن هناك قول وهناك اختلاف العلماء، لا، لا يقال هذا خلاف ولا شيء.
لذلك بعض الفقهاء إذا يرى واحد خالف يقول اختلف العلماء، الجمهور يقول كذا وهذا يقول كذا، لا هذا إجماع الآن ما يلتفت إليه، ولذلك السلف ما كانوا يلتفتون إلى خلاف واحد أو اثنين أو ثلاثة، كانوا يقولون أن هذا إجماع ويحكمون به وينتهي الأمر، ولا يقولون اختلف العلماء ولا اختلف الصحابة ولا شيء، فلننتبه لهذه الأمور، هذا الشرط الثالث أن تكون بحضرة عدد ممن تنعقد بهم الجمعة عرفا.
الشرط الرابع: كون الخطيب ذكرا تصح إمامته للناس، مثل اللي يصير امرأة يقول لك خطبت في أمريكا وما أدري وين، إيش علينا منها خطبت والله خطبوها، هذا أصلا ما تنعقد صلاة الجمعة بها ولا خطبة ولا شيء، آثمة واللي يجلس لها آثمين، يقولوا لك تخطب في كنيسة، هذه ما يلتفت لها إلا الجهلة والرعاع والهمج، فلذلك كون الخطيب ذكرا رجل يخطب بالناس تصح إمامته للقوم، ليس بمبتدع، وبيأتي هذا في موضعه، الكلام على الخطيب لا بد يكون صاحب سنة، ليس هؤلاء الحزبية يفرضون على الناس أتباعهم يخطبون، هؤلاء تجري عليهم الآثام في دنياهم في قبورهم ينظرون على هذه الآثام وفي الآخرة في كتبهم ينظرون، فالله سبحانه وتعالى الآن ترك الناس يفعلوا ما يشاءون، اللي يبغي يكفر يكفر واللي يبغي يؤمن يؤمن، لكن الويل يوم القيامة.
ولذلك انظر إلى العصاة إلى الفساق إلى المشركين إلى المبتدعة يغدون ويروحون على وجه الأرض، الله سبحانه وتعالى ليس بغافل عن هؤلاء الظلمة، هؤلاء تجري عليهم الأقلام، السيئات تكتب كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم وإلى آخره، فلذلك لا بد على المسلم أن يهتم بهذا الأمر، ويحكم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء، ويعبد الله على علم لا على حرف.
فلذلك كون الخطيب ذكرا تصح إمامته للقوم، وهذا متفق عليه بين الفقهاء لأن النساء لا تجب عليهن الجمعة ولا تنعقد بهن، وعلى ذلك توارث الأمر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا عند المسلمين يخطبون الرجال، ما سمعنا امرأة خطبت بالناس، وهذا الذي ذكره القليوبي في «حاشيته على شرح المنهاج للمحلي».
فهذه الشروط الأربعة الصحيحة في شروط الخطبة، غيرها ما يصح، الفقهاء وضعوا لكم شروط أخرى وأشياء واجبات حطوها شروط، والسنن حطوها شروط، مختلفين اختلاف كثير، لكن هذه الأربعة شروط هي التي تصح فقط، غيرها ليس بشرط إما واجب أو سنة، وذكر الفقهاء في كتبهم أشياء أخرى هي أصلا من صلب الصلاة، فقالوا مثلا لا بد هذا الخطيب يكون على طهارة من الحدث الأصغر والأكبر، هذا أصلا تلقائيا لا بد لأنه شلون يصلي هذا، يصلي لا بد بالطهارة، والله سبحانه وتعالى أمر الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالطهارة للصلاة لأنه لا بد يصلي صلاة الجمعة فلا بد أن تطهر من النجاسة والمكان والثوب والملابس إلى آخره هذا الخطيب، فهذا أمر يعني موجود أصلا معروف، فلا حاجة أن نضعه من شروط الخطبة لأن لا بد بيلبس الخطيب ستر العورة للخطيب هذا أمور طبيعية معروفة أصلا هذه ليست من شروط صلاة الجمعة، فلا بد يصلي صلاة الجمعة، فمستحيل أصلا أن واحد خطيب، ما نشوف هذه في العالمين، فلا حاجة إلى ذكر هذه الأشياء.
وكذلك يقول لا بد يستر عورته أكيد يستر عورته أشلون بيخطب هذا فوق المنبر؟ حتى يحولونه، فلذلك الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر هذا أمر معروف، الطهارة من النجاسة في المكان والثوب لأن لا بد أن يصلي أصلا، ستر العورة فلا حاجة أن نذكر أن هذا من شروط الخطبة لأن هذا أمر معروف، وكذلك أن يخطب باللغة العربية، هذا ليس من الشرط لكنه واجب من الواجبات، لو خطب بالآردو شلون يفهم أنور موسى خله يفهم بالعربية، فمشكلة، لكن مع الإثم، لابد أولا -وبيأتي الكلام على هذا الأمر- أولا يخطب باللغة العربية إذا في باكستان الهند ما أدري وين، وبعد ذلك يتكلم بلغتهم لأن أصلا لا يفهمون لازم يفهمهم، فهكذا.
مثلا يخطب باللغة العربية إذا انتهى بعد ذلك يخطب لهم بالإنجليزي مثلا إذا كانوا انجليز، فالخطبة باللغة العربية واجبة، القيام في الخطبة ليس بشرط هذا لكنه سنة، لو جلس هذا يخطب جالسا هذا خالف السنة وما ينبغي له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب قائما ولم يجلس ولم يخطب جالسا، وبيأتي الكلام على هذا بالتفصيل في الدرس القادم، بس هذا نريد أن نبين أنه ليس من الشروط، الشروط هذه الأربعة.
لا تشترط الخطبة داخل المسجد لو بداخل المسجد، لو خطب الناس في أي مكان بالعدد المطلوب ويحتاجون الناس إلى هذا الأمر، ففي أي مكان في ساحة مثلا يفرش لهم ويخطب بهم في القرية، ما عندهم مسجد، أو مسجد صغير مثلا، ففي أي مكان.
الجلوس بين الخطبتين ليس بشرط، لكنه سنة بيأتي، لو ما جلس ما عليه شيء، الآن قائم انتهى من الخطبة الأولى شرع في الثانية ولم يجلس، ترى العوام يقولوا له اجلس، خلاص لا بعد يجلس ما دام شرع في الخطبة الثانية، سنة هذا الجلوس سنة.
الموالاة بين الخطبتين سنة وليس بشرط، يعني فيه عدد من العلماء يقولون كما يقولون لكم الآن، وفيه عدد من العلماء يقولون أن هذه الأشياء كلها شرط لصحة الخطبة، لو ما فعل بطلت يقولون ليس بصحيح.
ولا تشترط النية للخطبة، لو خطب بدون نية ما في أي شيء لأن أصلا النية موجودة هي للصلاة هذا الأصل لأن النية شرط لصحة الصلاة، وهذه من الأمور الطبيعية التي ينوي الناس فيها أن تكون الخطبة جهرا وبصوت مرتفع، هذه سنة وليست بشرط، يعني رفع الصوت ليس بشرط وسنة، لكن ما ينبغي أن يسر بالخطبة، كيف الناس يسمعون الخطبة ويفهمون الأحكام؟ فلا بد أن يجهر.
فإذا عندنا هذه الشروط الأربعة الآن هي شروط الخطبة، ولو مثلا ما فعل شي منها ما تبطل الخطبة، لكن يأثم عليها الخطيب، مثل الآن لو حجت امرأة بلا محرم حجها صحيح مع الإثم، فيه عدد من العلماء يقولون أن حجها باطل كيف باطل؟ يعني على صرف هذه الأموال والتعب، وذهابها إلى منى وعرفة، ورمي الجمرات، والطواف والسعي، وإلى آخره، وأدت الحج على الكتاب على السنة فكيف نبطل حجها بسبب هذا المحرم! فهذه تأثم بس فقط على أنها لم تأتي إلى الحج بمحرم، الحج صحيح مع الإثم.
لو توضأ شخص في إناء من ذهب وضوءه صحيح مع الإثم، بعض العلماء يبطل وضوءه، لا الوضوء شي واستعمال الإناء شيء آخر من الذهب، ترك المرأة المحرم شيء وحجها شي وهكذا، لو صلى رجل بثوب مغصوب صلاته صحيحة مع الإثم لأنه سرق هذا الثوب فيأثم على السرقة، الصلاة ما لها دخل وهكذا، لكن بعض العلماء يبطلون هذه الأحكام لكنه ليس بصحيح، ويأتي تفصيل هذه الأمور.
عندنا الآن الشروط أربعة هذه الصحيحة، يقول لك المقلد شي أو المذهبي شيء هذا اتركه ولا تلتفت إليه، مذهبنا كذا ومذهبنا كذا ويبطلون على الناس الأحكام بدون دليل، فهذا الأمر لا تلتفت إليه، الأربعة شروط الخطبة، ولا يلزم بعد تبطل الخطبة، فالآن قلنا لو تكون الخطبة قبل الصلاة قبل الصلاة الصلاة صحيحة مع الإثم بس، وإذا ما جاء العدد المطلوب هذا شيء ثان، هذا ما تقام صلاة الجمعة تقام صلاة الظهر صل بهم صلاة الظهر وهكذا، ولو خطبت الآن امرأة بالرجال هذه الخطبة باطلة بلا شك، فأحيانا تأتي الشروط تبطل الحكم وأحيانا لا الشروط ما تبطل الحكم، على حسب.
الآن عندك لو صلى رجل بدون طهارة صلاته باطلة، لكن لو الآن حجت امرأة بلا محرم لأن المحرم شرط مع الحج فحجها صحيح مع الإثم، ما يبطل الحكم، وهكذا على حسب أحيانا الشرط يبطل الشيء إذا فقد وأحيانا لا، ولعل إن شاء الله نكمل الدرس القادم.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.