الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (39) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: وقت السعي لصلاة الجمعة، وجوبًا، واستحبابًا
2024-09-15
الجزء (39) شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم: وقت السعي لصلاة الجمعة، وجوبًا، واستحبابًا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام صلاة الجمعة، وفي تبيين باب فضل التهجير يوم الجمعة، وبينا التهجير أي التبكير إلى صلاة الجمعة، وذكر الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه حديث أبي هريرة كما بينا لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي البدنة» يعني الإبل، «ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة»، وبينا هذا الأمر، وهذا يبين أمر وهو وقت وجوب السعي إلى الجمعة إلى صلاة الجمعة.
النداء المشروع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه هو النداء الذي كان يرفع حين يجلس الإمام على المنبر ليخطب بالناس، يعني أذان صلاة الجمعة إذا دخل وقت الظهر، فيؤذن المؤذن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد ما يسمى الآن بالأذان الأول، كان أذانا واحدا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذان واحد، فإذا دخل وقت الظهر أذن والنبي صلى الله عليه وسلم فوق المنبر.
لكن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه اتسعت المدينة، وهناك أناس في العوالي يعني في الصحاري والبادية القبائل، فشرع لهم الأذان الأول لماذا؟ لكي يستعد الناس، والأذان الأول هذا يؤذن في عهد عثمان رضي الله عنه قبل الوقت ليستعدوا لصلاة الجمعة، لكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق وفي عهد عمر رضي الله عنهما كان الأذان الثاني إذا دخل وقت الظهر فكان يؤذن كما الآن، فالأذان الثاني في هذا الزمان هو الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا أذن الأذان الثاني لصلاة الجمعة فيجب على الناس أن يسعوا إلى صلاة الجمعة، ويذروا البيع، ويذروا كل شيء بالنسبة إذا كانوا غير معذورين، أما المعذورون هذا أمر آخر، فنحن نتكلم عن الذين غير معذورين، وبينا هذا في المقدمة في هذا الكتاب كتاب صلاة الجمعة، وأن يجب عليهم أن يسعوا إلى صلاة الجمعة، وبيأتي عن مسألة البيع وما شابه ذلك، لكن الآن الأصل كما بينا وجوب السعي إلى صلاة الجمعة عند النداء الثاني، والنداء الثاني هذا يؤذن بدخول الوقت لصلاة الجمعة، فالنداء الذي قصد فيه الآية في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله﴾ [الجمعة:9]، فهذا أمر من الله سبحانه وتعالى للناس إذا أذن لصلاة الجمعة فيجب على الرجال أن يمشوا إلى صلاة الجمعة لكي يحضروا الخطبة، ويحضروا الصلاة، والأذكار، وكذلك صلاة التطوع قبل أن يأتي الإمام وما شابه ذلك، ويأتي هذا في موضعه.
هو النداء الثاني الذي كان عليه الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعليه فيجب السعي إلى الجمعة بالنداء الثاني حين يجلس الإمام على المنبر، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، إلا إذا كان بيته بعيدا عن الجامع، فيجب عليه السعي بمقدار ما يدرك من الجمعة، سواء كان قبل النداء الأول أو بعده لأن الجمعة واجبة.
والسعي إليها قبل النداء من ضرورة إدراكها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا الذي بينه العلماء في كتبهم كابن قدامة في المغني، وكذلك النووي في المجموع، فبينوا هذا الأمر، فإذا دخل الوقت وأذن الأذان الثاني فيجب على الناس السعي إلى صلاة الجمعة إلا من ضرورة هذا أمر ثان، ما عنده شيء غير معذور فيجب عليه أن يأتي إلى صلاة الجمعة لأن بينا أن صلاة الجمعة واجبة على الأعين، فيجب على كل بالغ مسلم أن يحضر، وهذا الذي بينه جمهور العلماء، أما الصحابة فبالإجماع، فالصحابة بالإجماع على السعي لصلاة الجمعة إذا دخل الوقت.
وخالف فقهاء الحنفية جمهورهم، وإلا فيه بعض الحنفية يرون كذلك ما يرى الصحابة وجمهور العلماء، وخالف فقهاء الحنفية الجمهور في القول الأصح من مذهبهم، وقالوا أن السعي يجب بالأذان الأول أي الذي شرعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فهذا يعني قول الأحناف أن الناس يجب عليهم أن يسعوا بالأذان الأول، وهذا فيه نظر.
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالأذان المعهود يعني بدخول الوقت والذي عندنا الآن الأذان الثاني، وكذلك جمهور العلماء على هذا، فلا يجب على الناس إذا أذن الأذان الثاني أن يسعوا، فليبقوا في هذا الأذان الأول فليبقوا في أشغالهم وأمورهم وما شابه ذلك، فأما إذا أذن الأذان الثاني فيجب السعي لصلاة الجمعة.
ومن أراد يعني الرجوع إلى أقوال العلماء في هذا وقول الأحناف في «بدائع الصنائع» للكاساني، وكذلك «الحاشية» لابن عابدين، و«تبيين الحقائق» للزيلعي، و«المغني» لابن قدامة، وغير ذلك من كتب الفقهاء.
فإذا ما ذهب إليه الجمهور هو الصحيح، وهو موافق لإجماع الصحابة، فلا يلتفت إلى خلاف من خالف، فإذا فلا يلتفت إلى مذهب الأحناف وقول الحنفية في هذا وأن السعي يكون بالأذان الأول، بل الصحابة على الأذان الثاني، وهو الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والجمهور على هذا يكون السعي من الأذان الثاني يعني على الوجوب، فهذا هو المعتبر شرعا أن السعي إلى الجمعة يعتبر بالأذان الثاني الذي يكون عند دخول الإمام عند دخول الخطيب، وهو الأصل الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وعهد عمر رضي الله عنه.
وحتى أن بعض العلماء قالوا يجب السعي إلى الجمعة بدخول الوقت وإن لم يؤذن لها أحد، فالأصل في هذا أصلا الناس يؤذنون إذا دخل الوقت، لكن ممكن ألا يكون مثلا أذان أو غاب المؤذن مثلا وما في إلا مسجد واحد نام مثلا، فإذا دخل الوقت لأنه ممكن ما يسمعون أذان الآن، ممكن في بعض القرى في أفريقيا في باكستان ما أدري أين في مسجد واحد مرض المؤذن ما في أحد أذن، ما أتى هذا المؤذن، فإذا دخل الوقت فعلى الناس أن يسعوا إلى صلاة الجمعة، فلا ينتظرون المؤذن، والناس يعرفون دخول الوقت، وفي مثلا في الخليج وفي المدن المعروفة وكذا فيتعدد الأذان والجوامع كثيرة، فيسمعون لو ما أذن هذا الجامع يؤذن الجامع الآخر فيسمعون، فإذا أذن الأذان الثاني فعلى الناس السعي.
وممكن أن يقال أن السعي إلى الجمعة يجب على الناس بحسب قرب مواضعهم وبعدها لأن فيه أناس قريبين فيه أناس بعيدين عن الجوامع، وليس مثل عندنا الآن الجوامع قريبة وممكن في المدينة سبعة جوامع، لكن ممكن في البلدان الأخرى يكونون بعيدين وليس فقط جامع واحد بعيدين في العوالي في البادية، فعلى حسب، هؤلاء على حسب استطاعتهم أن يأتوا قبل يعني مثلا قبل الأذان الثاني بنصف ساعة مثلا لكي يدركون صلاة الجمعة لأنها واجبة ويستعدون، أما القريبين وهم كثر في الخليج مثلا فهؤلاء يأتون في الأذان الثاني؛ لأن الذي في العوالي وبعيد جدا مثلا لو أتى مثلا مع الأذان الثاني ممكن يتأخر لطول طريقه، والبعد فلا يلحق على يعني الخطبة، وكذلك الصلاة.
فلا بد علي أن يستعد لصلاة الجمعة، ولا ينشغل إذا اقتربت واقترب وقت دخول صلاة الجمعة والأذان فعليه أن يفضي نفسه ويغتسل وما شابه ذلك ويبكر لماذا؟ ليحصل على الأجر، وممكن يشق عليه لكن أجره عظيم، ولا بد يعلم أن العبادات التي لم يبين الله سبحانه وتعالى فيها أجرا خاصا، والله سبحانه وتعالى أخفى الأجر في هذه العبادات؛ فاعلم أن الله سبحانه وتعالى يضاعف لك الأجور العظيمة التي تراها كالجبال، فالناس إذا فيه شيء عبادة فيها الأجر مذكور يسعون إلى هذا الأجر، وإذا عبادة لم يبين الله سبحانه وتعالى لهم فيها الأجر يعني الحسنة بكذا وما ما شابه ذلك فلا تراهم يسعون جيدا، وعلى مراد الله سبحانه وتعالى ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم، فيصبهم الفتور رغم أن العبادات التي لم يبين أجرها أعظم.
فإذا في هذه العبادة بين الله لك مثلا مائة حسنة وفي عبادة لم يبين فاعلم أن مائة حسنة وأكثر وأكثر وأكثر والله يضاعف لمن يشاء، فلا بد يكون الناس على هذا اليقين وهذا الإيمان، وعليهم هذا الإيمان، وعليهم أن يقوموا بالعبادة على مراد الله سبحانه وتعالى ليحصلوا على الأجور العظيمة، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سوف تأتي بأجور كالجبال، والذين أساءوا للدين وللناس والظلم وما شابه ذلك، وآذى هذا وضرب هذا فيأتي بحسنات كالجبال الله يجعلها هباء منثورا، فلذلك فتبقى هذه الحسنات وهذه الأجور في الدنيا وفي الآخرة، وتحافظ عليها بالتمسك بالكتاب والسنة، وعامل الناس بما تريد أن يعاملوك، فبذلك حسناتك وأجورك تبقى كالجبال.
فأنت تسعى إلى هذه الصلاة العظيمة كما بينت لكم كثيرا صلاة الجمعة إلا من عذر، فلذلك على الناس أن، بعد ذلك عندنا وقت التبكير إليها كما جاء في الحديث، وبينا هذا الأمر كذلك، فالتبكير إلى الجمعة فهو مستحب، وقد رغب الشارع فيه وحث عليه، وهو ما جاء في حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه» وغيرهما كما بينت لكم.
فالذي يأتي في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام جاء الإمام وصعد المنبر حضرت الملائكة يستمعون الذكر وطويت الصحف، خلاص جاء الإمام طويت الصحف، فالذي يأتي بعد دخول الخطيب ما له شيء إلا من عذر.
فإذا التبكير أمره عظيم عند الله سبحانه وتعالى التبكير إلى صلاة الجمعة، فلا بد من التبكير إلى صلاة الجمعة، والكل على قدر استطاعته، الناس يأخذهم أشغال وتأخذهم أمور، ويأخذهم نوم، ويأخذهم أشياء كثيرة، فعليهم أن يجاهدوا لهذه الصلاة، وهذه الصلاة يوم واحد في الأسبوع، فلا بد من الاجتهاد لها على قدر الاستطاعة.
فعلى أبواب المساجد ملائكة وعندها صحف تكتب كما في الحديث، فالأول الذي يأتي في الساعة الأولى كرجل قدم بدنة، وهذا بلا شك في الأجر، والثاني كرجل قدم بقرة، والثالث كرجل قدم شاة، والرابع كرجل قدم طيرا يعني دجاجة، والخامس كرجل قدم بيضة، فإذا قعد الإمام طويت الصحف فلا بد على الحرص على هذا الأمر.
فالحديث صريح في فضل التبكير إلى الجمعة، وأيضا يشير إلى مراتب التبكير وما يترتب عليها من الثواب، فمن راح إليها في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة أي: تصدق بها متقربا إلى الله تعالى، ومن جاء إليها في الساعة الثانية فكأنما تصدق ببقرة، والثالث كأنه تصدق بشاة، والرابع كأنه تصدق بدجاجة، والخامس كأنه تصدق ببيضة، وكل ذلك في الأجر، وهذا يدل على التبكير إلى صلاة الجمعة فيه أجر عظيم.
وهذا الذي يعني بينه العلماء منهم ابن حجر في «فتح الباري»، وكذلك العيني في «عمدة القاري»، وكذلك النووي في «شرح صحيح مسلم»، وهناك حديث ضعيف سوف أبينه إن شاء الله الدرس القادم مشهور عند الخطباء والقصاص والناس والمفتون بالنسبة لصلاة الجمعة حديث أوس الثقفي «من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب» إلى آخر الحديث «كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها»، هذا الحديث مختلف فيه وأخرجه أبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، وسوف يأتي الكلام عليه بعد ذلك، وهو حديث ضعيف لا يصح.
والعلماء لهم كلام بالنسبة للتبكير، يعني وقت التبكير فجمهور العلماء أن وقت التبكير يكون من أول النهار يعني من طلوع الشمس، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنفية والحنابلة وبعض المالكية.
والقول الثاني وهو قول الإمام مالك ومذهب المالكية التبكير إلى الجمعة لا يكون إلا بعد الزوال، واختار هذا القول بعض الشافعية، والزوال عند دخول وقت صلاة الظهر يعني وقت صلاة الجمعة، فهذا التبكير عند المالكية، ولذلك يعني بالنسبة لقول الجمهور قول مرجوح وضعيف؛ لأن التبكير إذا كان من طلوع الشمس من الشروق ففيه مشقة على الناس والناس عندهم أشغال وأشياء كثيرة لا يخفى عليكم، والله سبحانه وتعالى لا يشق على الأمة في شيء في جميع العبادات، ولا فيها حرج ولا شيء، فيجلس مثلا الناس من طلوع الشمس إلى أن يدخل وقت صلاة الجمعة هذا فيه مشقة على الناس وهذا قول مرجوح، وقول المالكية وقول الإمام مالك له وجه أن التبكير من دخول الزوال، فإذا دخل وقت صلاة الظهر الناس الآن يأتون، فهذا الأمر بداية التبكير.
والأفضل للتبكير أن يأتوا الناس على حسب عرف الناس عرف البلدان، إذا عند الناس أن هذا تبكير ومن وقت فيكون هذا من التبكير كما بينت لكم في مقدمة هذا الكتاب كتاب الجمعة، فيكون التبكير على العرف، وإن كان المالكية لهم وجه في هذا، لماذا قال المالكية أن عند دخول الوقت؟ لأن السلف على هذا، ولم يثبت عن السلف أنهم كانوا يأتون لصلاة الجمعة من شروق الشمس يعني أول النهار، النبي صلى الله عليه وسلم يأتي صلاة الجمعة كخطيب وإمام مع دخول الوقت لصلاة الجمعة، والصحابة يأتون قبل النبي صلى الله عليه وسلم بيسير.
فلذلك والأفضل يكون كما بينت لكم على العرف؛ لأن ممكن يكون التبكير بعض البلدان مثلا يأتون على العاشرة فيكون العرف التبكير على العاشرة، وهذا يكون أفضل، ومثلا نحن الآن عندنا تقريبا على الساعة الآن الحادية عشرة، فتدخل وقلة في الجامعة في هذا الوقت، وهذا معروف بالمشاهدة، فتأتي ممكن صف موجود صفين وواحد هنا وواحد هناك في الخلف لا يأتي إلى الصفوف الأمامية ليش؟ يجلس يم الباب آخر شيء يم الباب حق الشرده وبس عشان يطقطق بالتليفون بعدين برا عند المسجد وتعال رطنة سوالف، فهذه لأنه جهال لا يفهمون شيء، وهذا كله بالمشاهدة، الأصل إذا دخل المسلم الجامع ما يجلس يصلي في الخلف عند الباب الخلفي ويجلس هناك والصفوف الأمامية ما فيها أحد، يدل أن هؤلاء ما عندهم أهمية في الصلاة والأجر ولا يعرف شيء في الدين.
فلذلك يعني العرف الآن عندنا على الساعة الحادية عشرة هذا من التبكير، وهذا أفضل، لكن لو شخص تأخر شيئا من عذر ما شابه ذلك وهو حريص على التبكير ودائما يبكر ويأتي أو في الغالب الناس صف أو صفين والجامع فاضي بعد ذلك؛ لأن الناس ما عندهم أهمية في هذا الأمر، ولا يفهمون هذه الأحكام وهذه الأجور، ما عندهم أهمية، فيأتون بعد الخطيب، أو مثلا بعد ما ينتهي من الخطبة، ومنهم يأتون إذا أقام لصلاة الجمعة يأتون، ويملؤون بعد ذلك الجامع، وممكن يأتي الخطيب والجامع إلى النصف.
وهذا أمر بالمشاهدة، وهذا يدل على أن هؤلاء ما عندهم أهمية التبكير ولا أحكام التبكير، فلذلك يعني على طلبة العلم أن يهتموا بهذا الأمر، وعلى كل مسلم يهتم بأمر التبكير هذا لصلاة الجمعة لأنه فيه أجور عظيمة، فأنت تأتي على الساعة الحادية عشرة كأنك قربت بدنك والله يضاعف لمن يشاء، ليس فقط تحصل على هذا الأجر لا الله سبحانه وتعالى يضاعف لك الأجور، لكن إذا كان المسلم دائما يبكر إلى صلاة الجمعة وحصل له ظرف وأتى إلى دخول الوقت مثلا، أو أتى بعدما أتى الخطيب، فالله سبحانه وتعالى وهو حريص لكن منعه مانع، فالله يعطيه الأجر هذا يعطيه أجر كأنه قرب بدنة من الإبل.
لكن الذي متساهل ولا يهتم أتى مبكر، أو أتى بعدما يأتي الخطيب، أو يأتي إلى الإقامة؛ فهذا ليس له شيء من الأجور، فلو مثلا تأخر بسبب مثلا شغل مثلا ما له أجر في ذلك ما يكتب له؛ لأنه أصلا ما يهتم، في غالب أمره ما يأتي مبكر، في الغالب أنه يأتي متأخر وفيه أناس من الأعاجم هؤلاء في خارج المسجد جالسين يسالفون لئن أقاموا الصلاة دخلوا المسجد، هذا ليس لهم هذه الأجور العظيمة التي ذكرها رسول الله.
فلذلك الحرص على هذا الأمر، فإن لك أجور عظيمة وأنت محتاج لهذه الأجور وهذه الحسنات يوم القيامة؛ لأن كل الناس يدعون الله سبحانه وتعالى للأجر والحسنات، ويفعلون أعمال للحسنات، وممكن ما يكون هذا العمل فيه من الحسنات لهم لأن عملهم باطل أو ما شابه ذلك، أو يتركون هذه الأعمال، ففي أعمال يفعلونها أجورهم عظيمة، فلا بد من الحرص عليها، ثم بعد ذلك الحرص على الأعمال الأخرى، فيأتي على الأعمال جملة وتفصيلا في الإسلام؛ لأن الموازين توضع وتوزن هذه الأعمال، فلترجح حسناتك على سيئاتك، فإن هذا هو الفوز العظيم، تدخل بذلك الجنة.
وهذا هو المطلوب، وهذا هو مراد الله سبحانه وتعالى من العبادة أن يرضى عنك ويدخلك الجنة، وتعبده على بصيرة وعلى علم، وتحصل هذه الأجور، والله سبحانه وتعالى يفرح بذلك فيفرح بك كمسلم أن تعمل هذه الأعمال، وتحرص على الدين، على العبادات، والتبكير يوم الجمعة، فالله يفرح، فلتكن على يقين وعلى إيمان أن الله سبحانه وتعالى إذا مشيت إلى صلاة الجمعة مبكرا أن الله يفرح بك الآن مشيك يعني تؤمن بهذا، فأنت ترتاح وقلبك يرتاح نفسك ترتاح، وهذا أمر مجرب كما لا يخفى عليكم، فلذلك على الناس التبكير يوم الجمعة على ما بينا، فإذا كان مبكرا على الساعة الأولى حصل على أجر كأنه تصدق ببدنة، ثم بعد ذلك بقرة، ثم شاة، ثم دجاجة، ثم بيضة، على حسبك وسعيك لهذه الصلاة العظيمة.
والجمهور قالوا أن التبكير يكون من أول النهار استدلوا بحديث جابر، أخرجه أبو داود في «سننه»، والنسائي في «سننه»، والحاكم في «المستدرك» لكنه حديث ضعيف لا يصح قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة»، فالساعات المعهودة هي ثنتا عشرة ساعة المذكورة في الحديث هذا، لكنه حديث ضعيف لا يصح، فلذلك القول الراجح على ما بينته لكم.
ويعني بين أهل العلم في هذا الاختلاف بين العلماء ممكن طالب العلم يرجع إلى ذلك، مثلا «زاد المعاد» لابن القيم، كذلك «فتح الباري» لابن حجر، و«عمدة القاري» للعيني، و«نيل الأوطار» للشوكاني، و«المجموع» للنووي، وغير ذلك من الكتب.
والتبكير من أول النهار عند العلماء مثل الآن المشهور من مذهب الشافعي هو من أول طلوع الفجر، وفي القول الثاني من طلوع الشمس، والصحيح أن النهار يبدأ من طلوع الشمس، وهذا المعتبر عند العلماء، فهو من أول طلوع الشمس لأنهم يجعلون الحصة التي تقع بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من حساب الليل، وهذا يعني في اللغة وفي الجملة، وأيضا أن الحصة هذه تختص للتأهب والاستعداد التي بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.
والصحيح أن النهار يبدأ من طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس بدأ النهار، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر في رمضان قريب من طلوع الشمس، يعني بين طلوع الفجر وهو عند الغلس وبين طلوع الشمس هذا من الفجر، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحر في هذا الوقت، لو بدأ النهار لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر لأن الصيام يبدأ بماذا؟ من أول النهار وأول النهار طلوع الشمس، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتسحر قبل طلوع الشمس تقريبا بخمس دقائق لأن حذيفة رضي الله عنه يبين هذا الأمر تكاد الشمس أن تطلع كما في مسند الإمام أحمد، كذلك في «سنن النسائي الكبرى»، وفي «المجتبى»، وغير ذلك من كتب السنة، وهو حديث حسن وبينته ولي جزء فيه، فلذلك النهار يبدأ من طلوع الشمس، وممكن كذلك يعني ينظر في «كشاف القناع» للبهوتي، و«المهذب» للشيرازي، و«تبيين الحقائق» للزيلعي، و«بدائع الصنائع» للكاساني، وغير ذلك من الكتب التي تكلمت على اختلاف العلماء في هذه الأحكام التي بينتها لكم.
وأنا هذبت لكم كل هذه الأقوال، وإلا فيه الكلام كثير، وهذا يعني آخر ما عندنا في هذا الباب، ولعل الدرس القادم ننتقل إلى باب آخر.
هو يعني إذا علم بهذا الأمر لأن الآن الأمور هذه تنتشر، يعني ممكن في هذا البلد مثلا الذي أنت فيه في غيم ما ترى الكسوف، فالناس يصورون الآن في البلدان الأخرى أن الكسوف موجود وكذا، وهذا البلد يصور، وهذا البلد يصور، وهذا البلد يتكلم أنه فيه كسوف وأخبار وأنباء وأشياء كثيرة يعني في هذا الزمان، فعلى الناس أن يصلوا صلاة الكسوف حتى لو كان عندهم غيم لأن البلدان القريبة أعلنت ذلك، لكن إذا ما في إعلان ولا شيء ولا أحد بين من البلدان أن هناك كسوف وفيه بلدك غيم لم تر ذلك فلا يصلى؛ لأن هذه الصلاة صلاة الكسوف وممكن يقال خسوف بمعنى واحد، الكسوف بمعنى الخسوف والخسوف بمعنى الكسوف في الشمس والقمر، بعض العلماء قالوا الخسوف للقمر والكسوف للشمس، وهذا فيه نظر، في لغة العرب هكذا.
فإذا في بلدك غيم ولم أحد يعلن في البدان القريبة منك وما شابه ذلك فلا تصلى صلاة الكسوف أو الخسوف لأن صلاة الخسوف هذه مرتبطة بالخسوف هذا للقمر أو الشمس وأنت ما تدري لأنه ممكن أن يعلن الفلكيون أن هناك كسوف ليوم كذا الساعة كذا ولا يكون كما حصل في بعض الأوقات والسنوات، فلا بد يرى الخسوف مثلا في القمر لا بد يرى لكي يصلي الناس، فيه أناس لا يرون هذا الأمر، وما في خسوف بناء على إعلان الفلكيين، فيذهبون للمساجد ويجرون العامة معهم ويصلون، ولا في خسوف ولا كسوف ولا شيء، فهذا لا يجوز لأنه ليس من الإسلام ولا من الشريعة لأنه إذا الناس صلوا صلاة الخسوف وما في خسوف فهذه الصلاة بدعة من البدع، فلا بد الناس يرون الخسوف ثم بعد ذلك يصلون، هكذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذا حصل شيئا من الكسوف، فيفزع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، والصحابة بعد ذلك يصلون خلف النبي على هذا.
هو الآن ما دام فيه أناس يرون القمر وفيه خسوف أو الشمس حتى لو جزئي، إذا فيه أناس رأوا ذلك يصلون، وشخص مثلا أو أشخاص يقولون ما في، والأمر بالتأكيد أنه فيه خسوف جزئي فيصلي الناس ولا يلتفتون إلى هؤلاء، والآن فيه بعد نظارات وما شابه ذلك تشوف الكسوف أو الخسوف واضح، فهذه الأمر تطورت وكذا، وتقع الخلافيات بين الناس أنه فيه أو ما فيه، فلذلك على هذا الأمر ممكن الآن بالنظارات هذه يعرف الناس أنه والله فيه خسوف أو ما فيه، ويقطعون ذلك الأمر.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.