الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (34) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة
2024-09-10
الجزء (34) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة
المتن:
باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة.
وحدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، بيد أن كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا اليوم الذي كتبه الله علينا هدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد».
وحدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وابن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة»، بمثله.
وحدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب قالا حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له قال يوم الجمعة فاليوم لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى».
وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه أخي وهب بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، وهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فهم لنا فيه تبع فاليهود غدا والنصارى بعد غد».
وحدثنا أبو كريب وواصل بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن فضيل عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة وعن ربعي بن حراش عن حذيفة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق»، وفي رواية واصل: «المقضي بينهم».
حدثنا أبو كريب أخبرنا ابن أبي زائدة عن سعد بن طارق حدثنا ربعي بن حراش عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هدينا إلى الجمعة وأضل الله عنها من كان قبلنا»، فذكر بمعنى حديث ابن فضيل.
المتن:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فانتهينا من باب فضل يوم الجمعة، وبينا فضل هذا اليوم جملة وتفصيلا، وبينا ما في فضل يوم الجمعة من الأحاديث الصحيحة والأحاديث الضعيفة، وفي هذا الدرس نتكلم عن هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، يعني أن الله سبحانه وتعالى اختار لها هذا اليوم.
وهذه الأحاديث تكلمنا عنها في مقدمة هذا الباب جملة وتفصيلا، وكذلك تكلمنا عن هذه الأحاديث في خصائص يوم الجمعة في الباب الذي قبله، ولا بأس أن نتكلم عن هذه الأحاديث في هذا الدرس، وفيها فوائد، وبينت لكم من قبل أن هذا اليوم فيه اجتماع عظيم للأمة خاصة في صلاة يوم الجمعة، وانفردت الأمة ومنحت هذا اليوم العظيم وهو يوم الجمعة، ومن غير أي شيء يعني أن الله سبحانه وتعالى منح هذه الأمة هذا اليوم بغير أي شيء، أما اليهود والنصارى ففرض عليهم هذا اليوم أن يكون لهم فاختلفوا، فاليهود تركوه واختاروا يوم السبت، والنصارى اختاروا يوم الأحد، فضلوا عنه، وبيأتي تفصيل هذا الأمر.
وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، فلذلك ما دام هذا الأمر هكذا، وأن الله سبحانه وتعالى يعني وفق هذه الأمة في أشياء كثيرة، واختار لها الشهور الطيبة والأيام، وفرض عليها عبادات وسنن، وكذلك أشياء كثيرة بينت ذلك لكم، وهذا يدل على أن هذه الأمة عظيمة عند الله، والله سبحانه وتعالى اختار لها هذه الطاعات وهذه الأحكام، فعلى هذه الأمة أن تهتم بهذا الدين إذا كان هذا الأمر هكذا، فالله سبحانه وتعالى عظمها واختار لها كل خير، فعلى هذه الأمة أن تطيع الله سبحانه وتعالى، وتهتم بهذا الدين، وتجتهد وتترك الفتور والتسويف وإلى آخره.
مع تعظيم الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة وما أعطاها من الأمور من خير الدنيا والآخرة، ومع هذا كما ترى في هذه الأمة تخلف عن الدين، والإعراض عن طلب العلم وعن السنن، واللجوء إلى أفكار اليهود النصارى، والله أضلهم حتى في يوم الجمعة، وأعطى الأمة يوم الجمعة وأضل فيه اليهود النصارى فهم ضالون، ومع هذا من الغجر والهمج من هذه الأمة يتبعون اليهود النصارى في معتقداتهم، في دياناتهم، في أفكارهم، في سياساتهم، وإلى آخره، فهؤلاء العوام ضلوا ضلالا بعيدا في هذه الأمة وفي البلدان الإسلامية، أفلا يروا هذه الأحاديث! ما يفهمون هؤلاء العامة! الله سبحانه وتعالى أضل اليهود النصارى وهم يوافقون اليهود والنصارى!.
ولذلك أكثر الرعاع والهمج هؤلاء اتخذوا يوم الجمعة لعب ولهو، وبينا أن اللهو واللعب في حدود الشريعة، لكن لا بد أن يكون لك نصيب من طاعة الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم، ومن ذكره، وبينا الطريقة في ذلك، فلا بد من إقامة الطاعة في يوم الجمعة، بعد ذلك يجوز للناس أن يلهوا ويلعبوا في حدود الشريعة، لكن ما يكون هذا اليوم يسمونه إجازة، وما دام إجازة فهو للهو واللعب من فجره إلى غياب شمسه، وهؤلاء أكثر الناس على هذا خاصة كما ترون في المخيمات والبر، فتراهم حتى في الأيام الأخرى يلهون ويلعبون في البراري بدون طاعة وبدون دين وغفلة شديدة، فتراهم في يوم الجمعة يلهون ويلعبون، ما عندهم طاعة، ما عندهم ذكر، ما عندهم طلب العلم، ما عندهم أشياء كثيرة ما يفعلونها في يوم الجمعة، لهو اللعب لأنهم يقولون أنها إجازة.
فلذلك على الناس أن ينتبهوا، وممكن الواحد من العوام يصلي صلاة الجمعة وبعد ذلك خلاص، لا يوجد شيء من ذكر الله، لا يوجد شيء من طلب العلم، لا يوجد شيء من تلاوة القرآن، لا يوجد شيء من قراءة السنن معرفة السنن قراءة الأحاديث قراءة الأحكام، يتفقه الناس في هذا اليوم فرصة لا في مدارس ولا في أشغال ولا فيه شيء، فيتفقهون فيه يجعلون ساعات، كذلك ينسون الدعاء في هذا اليوم ساعة يستجاب للعبد فرصة ولا يدرون بهذا الدعاء، ولا أحد يدعو.
يعني أكثر الناس المقصد أن أكثر الناس ففي لهو ولعب، رغم أن فيها أحاديث عظيمة كما سمعتم في هذه الأحاديث أن الله سبحانه وتعالى اختار بنفسه المقدسة هذا اليوم للأمة، ولم يأمرهم به ولا شيء، يعني اختار الله سبحانه وتعالى لهم، أما اليهود هم الذين اختاروا السبت، والنصارى الأحد فهم تبع لنا، لكن عند العامة الآن إذا بيحسبون على أيام الأسابيع نكون نحن تبع لهم لأن الجمعة بعدين السبت بعدين الأحد، لكن الأيام هكذا الأول الجمعة فهم تبع لنا، فأيام العرب هكذا، فلا يكون هؤلاء اليهود والنصارى نحن تبع لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هم تبع لنا، فعندنا يوم الجمعة بعد ذلك هم يتبعوننا خلفنا، يعني السبت والأحد بعد الجمعة، وهذا الأمر واضح.
فالله سبحانه وتعالى منح الأمة هذا اليوم العظيم، فعلى طلبة العلم ألا يغفلوا عن هذا اليوم أن يمر بدون طاعة، فلا بد يكون لك ساعات من هذا اليوم فيه طاعة، ما يمر عليك هذا اليوم إلا فعلت فيه طاعة أو بعض الطاعات، لا يمر عليك في الأكل والشرب، في النوم، في اللهو واللعب وما شابه ذلك، فلا بد أن يكون لك، والناس ولله الحمد الناس أكثر الناس يطبقون هذه الزيارات زيارات الأقارب، زيارات الأهل، زيارات الوالدين هذا أمر طيب، فكذلك لا بد من الأمور الأخرى لأن هذا اليوم يوم إجازة والناس عندهم فراغ فيه، فقسم ونظم ورتب هذا اليوم، وحتى لو تصل إلى أن تضع لك جدولا الآن تفعل كذا وبعد ذلك كذا وهكذا، لكن ما يمر في الحقيقة يعني على الناس هذا اليوم هكذا.
فعلى طلبة العلم، وعلى الملتزمين خاصة، وعلى المسلمين عامة ألا يمر عليهم هذا اليوم إلا وقد فعلوا فيه طاعة لله سبحانه وتعالى، ودعوا الله سبحانه وتعالى وبينا لكم كيف يدعو العبد في يوم الجمعة، وممكن في هذه الإجازة كما لا يخفى عليكم يتخذ الناس فيه عمرة هذا شيء طيب، وما شابه ذلك، فالمقصود أننا لا نكون كالغجر والهمج والرعاع من هذه الأمة الذين يتخذون هذا اليوم كله لعب ولهو ونوم وأكل وشرب وسياحة، وفصلنا في هذا.
وحرم الله سبحانه وتعالى هذا اليوم على الأمم الأخرى، فهذا أمر يعني خير الأمة الله سبحانه وتعالى اختار لها هذا اليوم، ولشأن هذه الفريضة العظيمة صلة عميقة وقوية، فالله سبحانه وتعالى أعطى هذه الأمة صلاة يوم الجمعة، وهي صلاة عظيمة، وعبادة عظيمة، وطاعة عظيمة، ما يتخذها كذلك بعض الناس يصلي الجمعة ويترك الصلوات الأخرى، بس فقط طول عمره لا يصلي إلا صلاة الجمعة.
فهذا اليوم يوم عظيم مرتبط كذلك بالصلوات الأخرى، وفيها ما فيها من زيادة الإيمان، الناس ما يعرفون كيف يزيدون إيمانهم بسبب الجهل والإعراض عن طلب العلم، ومعرفة فقه الكتاب والسنة، فيقعون في هذا الجهل، فلا يستطيعون يتصرفوا بمراد الله سبحانه وتعالى ومراد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الدنيا، فيخبطون، فأنت محتاج إلى زيادة هذا الإيمان؛ لأن اعتقاد هذه السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وكلما زاد إيمان العبد زاد أجره واطمئن قلبه في هذه الحياة الدنيا، وكذلك سعد لأن الناس يحبون السعادة ويريدون السعادة بزيادة الإيمان، فأنت عليك بهذا اليوم.
وهذا اليوم عظيم، وكذلك ما تحصل فيه من النور نور في قلبك ينشرح به هذا القلب، وترى ما لا يراه الناس، ترى أشياء من الله سبحانه وتعالى بما نور الله قلبك ما يراه الناس الذين أعرضوا وفيهم ضعف الإيمان، وقلة نور، وإلا الناس الآن يهلكون إما في الكفر أو في الشرك أو في البدع أو المعاصي بسبب هذا ضعف الإيمان، وقلة النور، وقلة فهم الدين ما يفهم ويسوي نفسه يفهم، هؤلاء علماء أئمة أهل الحديث، الله سبحانه وتعالى نور قلوبهم، وماتوا على هذا النور، وعلى الإسلام، وعلى السنة، فلا بد الناس أن يعرفوا هذه الأمور وينتبهوا لمنح الله للأمة فيفعلونها لكي الله ينقذهم من الاعتقادات الفاسدة والبدع، وأهل البدع، والجماعة الحزبية، وينقذهم من أفكار اليهود والنصارى لا بد.
فالمقصود أن لا نترك هذا يوم الجمعة هكذا يمر لأن فيه زيادة إيمان، ونجاتك من أفكار المبتدعة في الداخل وأفكار الكفرة في الخارج، ومن السياسيات الغربية وما شابه ذلك من الشهوات، فأنت طبق هذه المنح التي أتت لك من الله، ونعم كثيرة ما يجوز لك أن تتركها وتمر عليك هكذا بدون عمل الطاعات فيها، وشكر الله سبحانه تعالى بها، ويكون الناس في غفلة هكذا، فيكونون في أشغالهم، وعند أولادهم، وفي أموالهم، وتجاراتهم، وسياحاتهم وإلى آخره بدون أن يلتفتوا إلى ما أمر الله سبحانه تعالى به في الأيام، وفي الشهور، وفي السنوات، فتمر عليهم الأيام والأسابيع والشهور والسنوات في غفلة، ما يفعلون شيئا في الطاعة إلا الأشياء اليسيرة.
فهكذا يعاقبون بأفكار أهل البدع، فيبتليهم الله بالبدع هذه يظنونها من الدين وهي هلكة موبقات، كذلك الله يعاقبهم بماذا؟ يعاقبهم الله سبحانه تعالى بأفكار اليهود النصارى، فانظر الآن إلى المبتدعة كلهم بلا استثناء أخذوا أفكار اليهود النصارى وجعلوها من الدعوى إلى الله، وأنهم يدعون إلى الدين بسبب ماذا؟ هؤلاء لم يهتموا بيوم الجمعة كما ينبغي، ما اهتموا بيوم الجمعة إلا جمع التبرعات حتى في بشوتهم بس، آخذين يوم الجمعة هذا للخطابة وجمع التبرعات والبوق، ما في شي ثان عند الحزبية في كل جمعة، ما في لا طاعة ولا شيء، بوق بس في أموال المسلمين كل من عندهبشت فرش الغترة، فلذلك أعرف الناس هؤلاء، فهؤلاء ما اتخذوا يوم الجمعة كما اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم واتخذه الصحابة رضي الله عنه والسلف وأهل الحديث، فضلوا ضلالا بعيدا كما ضلت اليهود والنصارى فيه.
فهذا اليوم عظيم فلا بد أن نعظمه، ولأن ليوم الجمعة شأنا بين سائر الأيام لأنه يوم عيد للمسلمين، وهذا الذي فصلنا فيه، فهذا اليوم اختاره الله سبحانه وتعالى للمسلمين ليتعبدوا فيه، ويخصوا الله تعالى بالذكر والتسبيح تعبدا له سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى اختار لكم هذا اليوم، وهذا يدل على أن هذه الأمة عظيمة عند الله إذا قامت بهذا الدين، ما لها من الأمن والأمان والنصر والأموال وكثرة الرزق والبركة فيهم وفي أولادهم وفي بيوتهم وفي أشغالهم وفي أموالهم وفي كل شيء إذا قاموا بالطاعة في هذا اليوم وفي غيره، يخصون الله سبحانه وتعالى بالذكر لا بد، أما أن يمر يوم الجمعة هكذا فيكون الأمر خطير على هذا العبد.
وانظر عند قراءتك لسورة الكهف تحصل في قلبك من النور إلى الجمعة الأخرى، فهذا الأمر عظيم، وكذلك هذا النور مرتبط بمكة، انظر يعني بالبيت العتيق، فنور بينك إلى الجمعة الأخرى، وهذا النور مرتبط بمكة، ولا يخفى عليكم ما مكة تحفها الملائكة كذلك المدينة، ولذلك ما يدخلها الدجال، فهذا الأمر عظيم.
فأنت تريد زيادة الإيمان فلا تنسى هذا اليوم، والله سبحانه وتعالى اختار هذا اليوم للناس، ويتذكر الناس أنها نعمة عظيمة، فلا بد أن نخص الله سبحانه وتعالى في ساعات من هذا اليوم بذكره، وبالتسبيح، وقراءة القرآن، والصلاة، والدعاء، بعد ذلك فلا بأس أن تزور هنا وتزور هناك وتأكل وتشرب، فهذا الأمر ديننا كذلك في فسحة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا بد أن نخص الله سبحانه وتعالى بالطاعة في هذه الأيام، وهي هدية إلهية نالت بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم عندما ضل عنها اليهود النصارى كما سوف يأتي الشرح الأحاديث.
فهذه هدية، ما نشوف إذا أعطى شخص هدية ذهب يردها أو لا يهتم بها لا يأخذها، فأشياء يسيرة الناس لا يردونها فكيف الناس يردون هذا اليوم العظيم! ولا يخصون الله سبحانه وتعالى به بالطاعة! فيتخذون هذا اليوم لهو ولعب، هؤلاء ردوا هذه الهدية يعتبرون؛ من الله سبحانه وتعالى، هذه هدية من رب العالمين، فعلى الناس أن يهتموا بهذا اليوم جيدا.
فيعني هذا الباب هو يكون من خصائص يوم الجمعة أن الله سبحانه وتعالى أعطى هذا اليوم لهذه الأمة، هذه من الخصائص كما ذكرنا لكم فادخر الله سبحانه وتعالى هذا اليوم لهذه الأمة؛ لأن اليهود والنصارى قبل أمة النبي صلى الله عليه وسلم، فادخر هذا اليوم لها إلى أن أتت بعد ذلك وهي في آخر الزمان كما في الأحاديث، وكذلك هذا لا يخفى عليكم، وأضل الله سبحانه وتعالى عنه أهل الكتاب قبلهم؛ لأن عندما يعني فرض الله عليهم هذا اليوم أن يكون لهم وهم يعني اليهود والنصارى اختلفوا، فاختلفوا فيه ولم يختاروا يوم الجمعة اختاروا السبت وهؤلاء اختاروا الأحد، فيأتي شرح هذا الأمر، فكان يوم الجمعة لهذه الأمة اختيار الله سبحانه وتعالى لها، فلا بد أن نهتم به.
وحتى يعني كإجازة ممكن أن يعني نجعل للأولاد فيه شيء من التربية الإسلامية كحفظ القرآن، أو حفظ جزء عم مثلا في كل جمعة للصغار، وتعليم يعني الآداب والأخلاق الإسلامية، شيء من الفقه، شيء من صفة صلاة النبي وهكذا، هذا كذلك يعني من طاعة الله سبحانه وتعالى، فلا نجعل فقط الأولاد بس يلهون ويلعبون في هذا اليوم لا، نذكرهم بالله سبحانه وتعالى، ونذكر الناس بأيام الله، ونذكر الناس بأيام النبي صلى الله عليه وسلم، فأكثر الناس في غفلة كما ترون عن هذا الدين، وعن العلم الشرعي، وعن السنن، فلذلك أكثر الناس هلكوا وهالكون، ولم تبقى إلا أمة الإجابة لأنها قائمة بأمر الله سبحانه وتعالى.
ثم كون يوم الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم ما يرجع إلى عين اليوم، يعني أن هذا اليوم بوقته مثلا؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها، وإنما يفضل بعضها بعضا بما به من أمر زائد على نفسه، ويوم الجمعة قد خص من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس، وتتفق هممهم، ودواعيهم، ودعواتهم فيها، فهذا اليوم الله عظمه لأنه فيه طاعات لم تكن في اليوم الأخرى خاصة صفة صلاة يوم الجمعة تختلف، فيها خطبة، وفيها قراءة سورة الكهف، وفيها دعاء يستجاب، وكذلك هي ركعتان وفيها خطابة، وفيها أشياء كثيرة بينا منها شيئا، وفيه أشياء سوف تأتي في أثناء الشرح في الأبواب الأخرى.
ولذلك فيه بعض الشهور فيها غفران للناس، كذلك يوم الجمعة فيستجاب لبعضهم يعني من الدعاء، ويغفر لبعضهم، لكن ما يستجاب لبعض ولا يغفر لبعض لماذا؟ لأن ما يهتمون بيوم الجمعة غافلون عن هذا اليوم، فيه أناس لا، يتهيأون لهذا اليوم، ولا ينسون هذا اليوم ما يحصل فيه، فلذلك عندهم استجابة دعاء ويدعون الله، فالله يستجيب لهم ويغفر لهم، والناس يريدون الغفران فعليهم بالدعاء والاستغفار في يوم الجمعة.
فيه قراءة سورة الكهف ما يحصل من النور، فيه أناس ما يحصلون لأن بينت لكم قراءة سورة الكهف لا بد أن تقرأ كما أنزلت كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا الذي لا يعرف يقرأ القرآن ويقرؤها ما يحصل له هذا النور، ولا الأجر في السنة، فهذا اليوم عظمه الله سبحانه وتعالى، واختاره لهذه الأمة؛ لأن فيه خصائص لم تكن في الأيام الأخرى، فليس المسألة مسألة وقت لا، فيه خصائص وعبادات، فلذلك الله سبحانه وتعالى جعل فيه فضل عظيم، وبينا هذا.
والملائكة يشهدون هذا اليوم، ويكتبون الأجور، فإذا جاء الخطيب دخلوا المسجد واستمعوا إلى الخطبة، ويشوفون كذلك يرون الخطيب يبوق ويسجلون عليه، يفرش بشته ويبوق أموال الناس، يشهدون على كل شيء على السيئات والحسنات، ولكن الخطيب بعد غافل للآن، حزبي غافل ما يدري، فالملائكة في هذا اليوم تشهد لأهل الصلاح، وأهل السنة، ويكتبون الثواب لأهل السنة وللمسلمين، ويكتبون السيئات لأهل البدع ولأهل التحزب والندامة يوم القيامة، فلذلك فلا بد الناس يفهموا، ليس الأمر أنه خطابة أو يجتمعون ويصلون ويمشون لا لا، فيه أشياء كثيرة، لا بد يفهمون أن هناك ملائكة تسجل الحسنات تسجل السيئات، ويشهدون على الناس، يشهدون على أهل البدع يوم القيامة، ويشهدون لأهل السنة يوم القيامة، وهكذا، فليس الأمر أن تذهب هكذا هذا المسجد أو هذا الجامع وتصلي هكذا بدون شيء لا، لا بد تفهم هذه الأشياء.
وتفرح أنت ما دمت أنت من أهل السنة، وأهل السنة يفرحون والمسلمون يفرحون بما يسجلون لهم الملائكة، ويشهدون لهم بالخير يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى، فالناس محتاجين لهذه الشهادة شهادة الملائكة، فلذلك أنت عليك أن تثبت على السنة إلى أن تموت؛ لأن هذه شهادات سوف تبقى لك يوم القيامة من الملائكة، ليس فقط من الناس من الملائكة ومن الناس، فيشهدون لك، ويشفعون لك كذلك.
فهذا اليوم الجمعة لا بد من التطبيق فيه ما أمر الله سبحانه وتعالى، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما يحصل للناس من الأمور العظيمة، وراحة القلوب، والأنوار، والخواطر وغير ذلك مما بيناه إلى الجمعة الأخرى، لكن الناس يضيق صدورهم بترك أوامر الله سبحانه وتعالى فيما خصصهم به من الطاعات في بعض الأيام، فيتركون ويغفلون ويدخل عليهم الوسواس، فلذلك على الناس أن يعرفوا هذا الأمر.
ولعل إن شاء الله الدرس القادم ندخل في شرح هذه الأحاديث، وهذه الأحاديث كما ترون متكررة، هو حديث واحد لكنه متكرر لماذا؟ بينت لكم كثيرا أن العبد إذا أراد أن يفهم لفظ ويعرف الحكم الصحيح، فلا بد أن يجمع جميع الألفاظ وجميع الطرق لأن اللفظ الأول الذي أنت قرأته وتقول ما فهمت فيه؛ لأنك لم تقرأ الأول والثاني والثالث والرابع، فإذا قرأت الأحاديث كلها والألفاظ كلها تبين لك المراد من الأول لأن هذه الأحاديث تفسر الأحاديث الأخرى المجملة، وهذه تفصيلية وهذه مجملة، فتقرأ الجميع يعني الأحاديث المجملة والتفصيلية فيتبين لك الحكم.
ولذلك أكثر العوام يقولون نقرأ الأحاديث ما نفهم، ما نعرف ما الحكم؛ لأنه يقرأ لفظ واحد، على ما عنده من العلم، لكنه لو تعلم وعرف قواعد أهل العلم في الأحاديث لفهم، ولذلك ترى أكثر الأحاديث ما يفهمونها رغم أن أكثر الأحاديث مفسرة، لكن لأنه ما يقرأون إلا واحد، وبعض الأحاديث تريد شرح وتريد تفسير، فطريقة الإمام البخاري هذه، وطريقة كذلك الأئمة، كذلك طريقة الإمام مسلم على هذا، فيكرر لك الأحاديث والطرق لكي تعرف لماذا هذا الأمر هكذا، هذه قواعد، ولعله إن شاء الله نكمل الدرس القادم.