الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (33) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة خصوصيات يوم الجمعة
2024-09-06
الجزء (33) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تتمة خصوصيات يوم الجمعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين خصائص يوم الجمعة، وذكرت لكم نحن نبين الخصائص الصحيحة والخصائص غير الصحيحة، ووصلنا الخصوصية الثانية عشرة أنه يوم تكفير السيئات، وهذه الخصوصية صحيحة كما ثبت في صحيح البخاري عن سلمان الفارس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيبه أو من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصل ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى».
وهذا الحديث يدل على أنه إذا جاء العبد يوم الجمعة وصلى ففي هذا اليوم الله سبحانه وتعالى يكفر عنه سيئاته، وهذا الأمر من خصائص يوم الجمعة، وهذه الخصوصية صحيحة.
بعد ذلك الخصوصية الثالثة عشرة أن جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة، وهذه الخصوصية ليست بصحيحة، وذكر في ذلك حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة»، وقال: «أن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة»، أخرجه أبو داود في «سننه»، وهو حديث ضعيف لا يصح، وهذا الحديث لا يصح، ولذلك أن جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة، فهذا الأمر ليس من خصائص يوم الجمعة.
بعد ذلك الخصوصية الرابعة عشرة أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، وهذه الخصوصية كذلك ليست بصحيحة، لا يوجد دليل أن الصدقة في يوم الجمعة لها مزية، بل الصدقة لها مزية في كل يوم، وذكر في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «اجتمع أبو هريرة وكعب فقال أبو هريرة: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل إلى أن قال: أنه إذا كان يوم الجمعة فزعت له السماوات والأرض والبحر والبر والجبال والشجر، إلى أن قال والصدقة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام»، وهذا حديث ضعيف لا يصح، أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، فإن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام هذه الخاصية ليست بصحيحة لضعف الحديث.
الخصوصية الخامس عشرة: أنه يوم يتجلى الله عز وجل فيه لأوليائه المؤمنين، وهذه الخصوصية ليست بصحيحة كذلك، ولا في دليل صحيح على هذا الأمر، وذكروا حديث ابن مسعود رضي الله عنه «سارعوا إلى الجمعة فإن الله عز وجل يبرز لأهل الجنة في كل جمعة»، فهو حديث ضعيف لا يصح، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»؛ بإسناد ضعيف، فهذه الخصوصية أنه يوم يتجلى الله سبحانه وتعالى فيه لأوليائه المؤمنين ليست بصحيحة.
الخصوصية السادسة عشرة أنه يوم الذي تفزع منه السماوات والأرض والجبال والبحار والخلائق كلها إلا شياطين الإنس والجن، وذكروا حديث ابن عباس، وهو حديث أبي هريرة وكعب الذي مر، ولا يصح، قلنا أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، وهو حديث ضعيف، فلا تفزع السماوات والأرض والجبال والبحار في يوم الجمعة، ولا في أي دليل على ذلك، والحديث ضعيف.
الخصوصية السابعة عشرة: أنه قد فسر الشاهد الذي أقسم الله به في كتابه يوم الجمعة، فسر الشاهد في قوله تعالى: ﴿والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد ومشهود﴾ [البروج:1-3] المشهود بيوم الجمعة، وهذه الخاصية ما تصح كذلك، فلم يثبت أن معنى الشاهد هنا في قوله تعالى ﴿وشاهد ومشهود﴾ بأن المشهود هو يوم الجمعة، الشاهد والمشهود يوم القيامة هذا هو الصحيح، وبينت لكم من قبل هذا الأمر، وذكروا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود هو يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة»، وهو حديث ضعيف لا يصح أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، وقد أعل بالوقف، فإذا الحديث هذا ضعيف ولم يفسر النبي صلى الله عليه وسلم الشاهد بيوم الجمعة، الشاهد والمشهود هذا متى؟ يوم القيامة هذا التفسير الصحيح.
وعندي كتاب كامل في تفسير هذه السورة من خمس عشرة سنة، لعل نخرجه للناس عن قريب، وإلا كامل من قديم بس نسيته لأن فيه أشياء تصلح حق المبتدعة، ففسرتها لأجل ذلك، فإذا تفسير الشاهد في الآية بأنه يوم الجمعة ما يصح، ولذلك في هذه السورة أو في هذه الآية في كلام كثير للمفسرين كله غلط، كله من أحاديث ضعيفة.
الخصوصية الثامنة عشرة: أنه جعله الله سبحانه وتعالى خير الأيام في الأسبوع، كذلك هذا الأمر لا يصح ليس بصحيح، وليس من خصائص هذا اليوم، وذكروا في ذلك ما رواه آدم بن أبي إياس في التفسير عن كعب «إن الله سبحانه وتعالى اختار من الشهور شهر رمضان، واختار من الأيام يوم الجمعة»، وهذا يعني من كعب وهو مرسل ولا يصح، لكنه فيه الخيرة بالأحاديث الأخرى، لكنه يعني شيء مستقل هكذا، وبينا فضائل يوم الجمعة في الدروس التي سلفت.
الخصوصية التاسعة عشرة: أنه سيد الأيام وهذا ليس بصحيح، فذكروا حديث أبي لبابة بن عبد المنذر، وهذا الحديث رواه ابن أبي شيبة «المصنف»، وابن ماجه في «سننه»، «أن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله»، فهذا الحديث ضعيف لا يصح، فلا يقال أن يوم الجمعة سيد الأيام لأن الحديث ضعيف.
الخصوصية العشرون أن فيه ساعة يستجيب الله سبحانه وتعالى للعبد، يعني فيه ساعة الاستجابة أو الإجابة، وهذا صحيح أخذناه في الدروس التي سلفت، ففي يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله سبحانه وتعالى العبد المسلم فيها شيئا إلا أعطاه، كما ثبت صحيح بخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه»، وهذا الحديث شرحناه وبيناه جملة وتفصيلا، فالخصوصية العشرون ثابتة، فهذا الأمر من خصائص يوم الجمعة فيها ساعة يستجيب الله سبحانه وتعالى للعبد.
الخصوصية الواحدة والعشرون الأخيرة: الأمان من فتنة القبر لمن مات يومها أو ليلتها فلا يسأل في قبره، هذه الخصوصية ليست بصحيحة، والوعاظ والخطباء يصيحون بالناس، وإذا مات شخص يوم الجمعة قالوا أمن عليه من فتنة القبر، وهذا ليس بصحيح، والحديث ضعيف، أخرجه الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يموت ليلة الجمعة أو يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر»، هذا حديث ضعيف لا يصح في سنن الترمذي موجود، فهذه الخصوصية ليست بصحيحة كذلك، هذه آخر الخصوصيات.
وبينت لكم الآن خصائص يوم الجمعة الصحيحة، وخصائص يوم الجمعة الضعيفة، فلذلك لا بد من تبيين الناس هذا الأمر لكي لا يأتي لنا عامي مات أبوه يوم الجمعة، ويقول لنا أن والدي سوف يؤمن فتنة القبر، من قال لك إلا الواعظ فلان والخطيب الجاهل، فلذلك لا بد من هذه الغيبيات من أحاديث صحيحة، فلذلك لا بد يعرف الناس كيف يتكلمون، هذه غيبيات وأشياء، فهذا مثل الابن يقول عن أبي كذا كذا هذا يفتري على الله الكذب، فهو من الكذب على الله، فهذا الأمر ليس بصحيح.
وهذا الأمر يتبين أن لا بد من قمع الأحاديث الضعيفة، وفضحها أمام الناس، وفضح أهلها من الوعاظ والخطباء والمفتين وغير هؤلاء الذين ينشرون الأحاديث الضعيفة والمنكرة، ويحكمون حتى في الأشياء الغيبية بها، فيقولون هذا كذا وكذا ويصير لك كذا وكذا ولا يصير له، ولو عليه يمكن ما يصلي إلا في نار جهنم، فلا بد من تبيين هذه الأشياء.
ولذلك يعني من أراد أن الله سبحانه وتعالى يحفظه من جميع الفتن سواء في الدنيا أو في البرزخ أو في الآخرة، يعني في الحياة الدنيا وفي حياة البرزخ وفي الحياة الآخرة عليه بكتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والآثار، وعليه بصحبة أهل الأثر وأهل السنة، وعليه بالتوحيد، ما في نعمة مثل التوحيد، فمن أراد أن يأمن جميع الفتن في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة؛ فعليه بالتفقه في التوحيد توحيد الربوبية، توحيد الإلهية، توحيد الأسماء والصفات، فهذا الذي يأمن، أما قيل وقال فما يصلح هذا الأمر.
فلذلك أفردت الآن في كتاب الخصائص الصحيحة، لعل يمكن أسبوع هكذا ويخرج، وكذلك الخصائص الضعيفة لكي يعرف الناس حقيقة هؤلاء الجهلة من الوعاظ والخطباء، وأنهم لا يستحقون أن يقال عنهم دعاة أو شيء أو علماء أو مشايخ، فهؤلاء مبتدعة جهال أصلا، يفسدون العامة الذين يأتون من جهتهم، فلعل تبين لكم هذا الأمر، وهذا الباب يعني انتهينا منه، ولعل شاء الله في باب آخر.