الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (31) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تخريج حديث أبي سعيد الخدري في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
2024-09-06
الجزء (31) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: تخريج حديث أبي سعيد الخدري في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن خصائص يوم الجمعة، وتكلمنا في الخصوصية الثامنة وهي قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، وبينا الدليل في ذلك، ولعله في هذا الدرس نخرج حديث أبي سعيد الخدري كاملا للفائدة، وبينا الصحيح أن الحديث موقوف على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وله حكم الرفع، والحديث المرفوع لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل نذكر التفصيل في ذلك، فذكر الدليل على فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه، ومن قرأ سورة الكهف يوم الجمعة كان له نورا من حيث قرأها ما بينه وبين مكة))، وفي لفظ: ((ما بينه وبين البيت العتيق، ومن توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة)) فهذا حديث صحيح موقوف في حكم الرفع، أخرجه النسائي في ((عمل اليوم الليلة))، والدارمي في ((المسند))، وعبد الرزاق في ((المصنف))، والحاكم في ((المستدرك))، وأبو عبيد في ((فضائل القرآن))، والبيهقي في ((السنن الكبرى))، وفي ((شعب الإيمان))، والخطيب في ((تاريخ بغداد))، والطبراني في ((الدعاء))، وابن أبي شيبة في ((المصنف))، وسعيد بن منصور في ((السنن)) من طرق عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه به.
وكذلك هنا في رواية هشيم وهي صحيحة أخرجها أبو عبيد في ((فضائل القرآن)) وابن الضريس في ((فضائل القرآن))، والخطيب في ((تاريخ بغداد))؛ بإسناد صحيح، ورواية هشيم وهي صحيحة أخرجها الدارمي في ((المسند))، والبيهقي في ((شعب الإيمان))، وأبو عبيد في ((فضائل القرآن))، وابن الضريس في ((فضائل القرآن))؛ بإسناد صحيح، وقوله: ((في رق)) هو ما يكتب فيه من جلد وغيره لأن في رواية ((كتب في رق ثم طبع بطابع))، في رق هو ما يكتب فيه من جلد وغيره، وقوله: ((ثم طبع بطابع)) وهو الخاتم، وينظر تحفة الذاكرين للشوكاني.
فإذا كما سمعتم فيه في هذا التخريج من طريق أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري به، قلت: وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات، وهو في حكم المرفوع لأنه لا مجال للرأي فيه، قلت: وهكذا صح موقوفا، وروي ضعيفا مرفوعا وإليك التفصيل:
أخرجه النسائي في ((عمل اليوم الليلة))، والطبراني في ((الدعاء))، وفي ((المعجم الأوسط))، والحاكم في ((المستدرك))، والبيهقي في ((شعب الإيمان))، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) من طريق يحيى بن كثير العنبري عن شعبة عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، وفيه: ((من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة)).
قال الطبراني: (رفعه -يعني يحيى بن كثير- عن شعبة، ووقفه الناس، وكذلك رواه سفيان الثوري موقوفا)، وقال النسائي: (هذا خطأ والصواب موقوف، خالفه محمد بن جعفر فوقفه)، قلت: ورواية محمد بن جعفر في شعبة مقدمة على رواية يحيى بن كثير -كما سيأتي فهي منكرة، وعلى هذا فالقول قول محمد بن جعفر حيث رواه موقوفا.
فهذا يتبين أن الحديث المرفوع ليس بصحيح بل الحديث الموقوف هو الصحيح كما أسلفنا فيه القول، وذلك أن الحفاظ الأثبات الرواة أوقفوه على أبي سعيد الخدري، ويحيى بن كثير رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خطأ كما بين الطبراني والنسائي.
ثم أقول: وأخرجه الحاكم في ((المستدرك))، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) من طريق نعيم بن حماد عن هشيم عن أبي هاشم عن أبي مجلز، أبو مجلز هذا هو لا حق ابن حميد عن قيس عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، وفيه: ((أضاء له من النور ما بين الجمعتين))، وصححه الحاكم ورده الذهبي في ((تلخيصه)) بقوله: (نعيم بن حماد ذو مناكير)، فإذا كذلك هذا الطريق المرفوع لا يصح فيه نعيم بن حماد وهو منكر الحديث.
وأخرجه البيهقي في ((فضائل الأوقات)) من طريق يزيد بن مخلد قال حدثنا هشيم عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، قلت: وهذا سنده فيه يزيد بن مخلد الواسطي، ذكره ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل))، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول، فهذا كذلك الطريق لا يصح؛ لأن فيه يزيد بن مخلد الواسطي وهو مجهول.
وأخرجه البيهقي في ((الدعوات الكبير))، وابن السني في ((عمل اليوم الليلة))، وابن حجر في ((نتائج الأفكار))، والمعمري في ((عمل اليوم الليلة)) من طريق يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا به قلت: ويوسف بن أسباط عدم كتبه فكان يحمل على حفظه فيغلط ويشتبه عليه ولا يتعمد الكذب، وقال أبو حاتم: (لا يحتج به)، انظر: ((لسان الميزان)) لابن حجر، وعليه فمخالفته منكرة، فإذا هذا الطريق كذلك لا يصح، وهو منكر الإسناد.
وأخرجه الطبراني في ((الدعاء)) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني قال حدثنا قيس بن الربيع عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا به، قلت: وقيس بن الربيع تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، فلذلك لا يحتج به، والراوي عنه يحيى الحماني وقد اتهموه بسرقة الحديث، وانظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر، فهذا كذلك الطريق منكر ولا يصح، فالحديث المرفوع لا يصح.
وأخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) من طريق سليمان بن محمد البجلي قال حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد قال حدثنا هشيم عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، قلت: وهذا سنده ضعيف فيه سليمان بن محمد أبو منصور البجلي وهو ضعيف، انظر: ((الميزان)) للذهبي، و((سؤالات الحاكم)) للدارقطني، فهذا كذلك هذا الطريق كذلك ما يصح كما سمعتم.
وأخرجه الطبراني في ((الدعاء)) من طريق عمرو بن عاصم قال حدثنا الوليد بن مروان عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز عن قيس عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، قلت: والوليد بن مروان مجهول، وعمرو هذا في حفظه شيء، انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
وأخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) من طريق قيس بن أبي سعيد الجزري عن الربيع عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز السدوسي عن قيس بن أبي حازم البجلي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به، هكذا وقع قيس بن أبي حازم بدل قيس بن عباد وهو منكر، والحديث مرفوع، والحديث معروف من رواية قيس بن عباد، ولعل الحمل على قيس الجزري هذا فإنه لا يعرف يعني مجهول، قال النسائي عقب الحديث: (هذا خطأ والصواب موقوف، خالفه محمد بن جعفر فوقفه)، يعني يحيى بن كثير الراوي وهو راو الرواية المرفوعة.
ثم أخرجه النسائي في ((عمل اليوم الليلة)) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري موقوفا به، ومحمد بن جعفر غندر ثقة روى عن شعبة فأكثر، وجالسه نحو من عشرين سنة لم يكتب من أحد غيره، وكان إذا كتب عنه عرضه عليه، وقال ابن معين: (كان من أصح الناس كتابا وكان وكيع يسميه الصحيح الكتاب)، وقال ابن المبارك: (إذا اختلف الناس في شعبة فكان غندر حكم بينهم)، وقال ابن مهدي: (غندر أثبت في شعبة مني)، وقال العجلي: (كان من أثبت الناس في شعبة)، وانظر: ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر.
وتابع شعبة عليه سفيان الثوري عن أبي هاشم به عند الطبراني في ((الدعاء))، وعبدالرزاق في ((المصنف))، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة))، وابن أبي شيبة في ((المصنف))، والحاكم في ((المستدرك))، فأوقفه، فهذا شعبة وتابعه كذلك سفيان الثوري على وقفه على أبي سعيد الخدري، وهو الصحيح، وهذا مما يقوي صحة القول بوقفه.
قال الطبراني: (رفعه يحيى بن كثير كما تقدم عن شعبة ووقفه الناس، وكذلك رواه سفيان الثوري موقوفا)، وقال البيهقي في ((شعب الإيمان)): (وهذا هو المحفوظ موقوف).
وعن الثوري رواه عبد الرحمن بن مهدي عند الحاكم في ((المستدرك))، وصحح الحاكم الرواية المرفوعة، وتعقبه الذهبي بقوله، ووقفه ابن مهدي عن الثوري عن أبي هاشم، ورواه سفيان أيضا، ورواه عن سفيان أيضا ابن المبارك عند النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) فأوقفه، ورواه عن سفيان أيضا عبد الرزاق عند الطبراني في ((الدعاء)) وهو في ((المصنف)) كما تقدم موقوفا.
ورواه عنه وكيع عند ابن أبي شيبة في ((المصنف))، ورواه ابن الضريس في ((فضائل القرآن))، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) من طريق أحمد بن خلف البغدادي، وأبو عبيد في ((فضائل القرآن))، والدارمي في ((المسند)) من طريق أبي النعمان كلهم عن هشيم قال حدثنا أبو هاشم به موقوفا.
ورواه سعيد بن منصور في ((السنن)) عن هشيم عن أبي هاشم فأوقفه، كذا في ((نتائج الأفكار)) لابن حجر، ومن طريقه رواه البيهقي في ((شعب الإيمان))، فالذين رووه موقوفا:
سعيد بن منصور ابن شعبة ثقة مصنف معروف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
والثاني: عبد الرحمن بن مهدي العنبري ثقة ثابت حافظ عارف بالرجال والحديث كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
والثالث: عبد الله بن المبارك المروزي ثقة ثبت فقيه عالم كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
والرابع: أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ثقة ثبت تغير في آخر عمره كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
الخامس: أحمد بن خلف البغدادي قال عنه ابن حجر: (حديثه مستقيم)، كما في ((لسان الميزان)).
السادس: عبد الرزاق بن همام الصنعاني ثقة حافظ كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
السابع: عبد الله ابن عبد الرحمن ابن الفضل الدارمي ثقة فاضل متقن كما في ((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
* فهؤلاء رووا هذا الحديث موقوفا، وهم أحفظ من غيرهم، وأما الذين رووه مرفوعا فطرقهم لا تخلوا من ضعف كما تقدم، فمن وقفه أوثق وأجل ممن رفعه، فثبت من هذا أن الحديث موقوف أصح وأرجح، قال الهيثمي في الزوائد: (رجاله رجال الصحيح إلا أن النسائي بعد تخريجه في اليوم الليلة قال: "هذا خطأ والصواب موقوفا)، وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)): (وإنما اختلف في رفع المتن ووقفه)"، فالنسائي جرى على طريقته بالترجيح بالأكثر والأحفظ، فلذلك حكم عليه بالخطأ، وأما طريقة المصنف يعني النووي تبعا لابن الصلاح وغيره فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه، فله حكم الرفع.
وقال في ((تلخيص الحبير)): (اختلف في وقفه ورفعه وصحح النسائي الموقوف، وضعف الحازمي الرواية المرفوعة)، لأن الطبراني قال في ((الأوسط)): (لم يرفعه عن شعبة إلا يحيى بن كثير).
قلت: ورواه أبو إسحاق المزكي في الجزء الثاني من تخريج الدارقطني له من طريق روح بن القاسم عن شعبة وقال تفرد به عيسى بن شعيب عن روح بن القاسم قلت يعني ابن حجر، ورجح الدارقطني في العلل الرواية الموقوفة أيضا)، انتهى كلام ابن حجر في ((نتائج الأفكار)).
وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)): (قال النووي في ((الأذكار)) حديث أبي سعيد هذا ضعيف الأسناد موقوفا ومرفوعا، وقال الحافظ يعني ابن حجر: أما المرفوع فيمكن أن يضعف بالاختلاف والشذوذ، وأما الموقوف فلا شك ولا ريب في صحته، ورجاله من رجال الصحيح، فلا معنى لحكمه عليه بالضعف)، انتهى كلام الشوكاني.
قلت: والراجح كونه موقوفا نظرا لكثرة من وقفه وهم ثقات، وهو الذي رآه كل من الدار قطني والبيهقي والنسائي كما تقدم، وأقره المنذري في الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد، ولكنه في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي.
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في ((الإرواء)): (ثم هو وإن كان موقوفا فله حكم المرفوع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي كما هو ظاهر)، لأن هذا الحديث من الأمور الغيبية، والثابت هكذا أن الحديث موقوف، لكنه في حكم المرفوع، يعني هذا القول من قول النبي صلى الله عليه وسلم، والألفاظ الثابتة هذه ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة كان له نورا من حيث قرأها ما بينه وبين مكة))، وفي لفظ: ((ما بينه وبين البيت العتيق)) هذه الألفاظ الثابتة، وغير ذلك لا تثبت في الأحاديث أو الألفاظ المرفوعة.
وهنا كذلك سنة في هذا الحديث وهو الدعاء: ((سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك))، هذا يقال كذلك بعد الوضوء من السنة، فكما سمعتم أن الحديث الموقوف هو الصحيح، وأن الحديث المرفوع لا يصح، وبين أهل العلم وضعفوا الرواية المرفوعة منهم الدارقطني، والبيهقي، والنسائي، وغيرهم من العلماء.
هناك بعض الأحاديث الضعيفة في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فمن هذه الأحاديث الضعيفة والوعاظ والخطباء يذكرون هذه الأحاديث الضعيفة في فضل سورة الكهف، وهي لا تصح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: ((من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أعطي نورا من حيث يقرأها إلى مكة وغفر له إلى الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) حديث منكر أخرجه الديلمي في ((مسند الفردوس)) من طريق إسماعيل بن أبي زياد عن ابن جريج عن عطاء به قلت: هذا سنده واهن فيه إسماعيل بن أبي زياد الكوفي قال عنه ابن عدي: (منكر الحديث)، وقال ابن حبان: (شيخ دجال)، وقال ابن حجر: (متروك كذبوه)، وانظر: ((ميزان الاعتدال)) للذهبي، و((تقريب التهذيب)) لابن حجر.
فإذا هذا الفضل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة سورة الكهف، لم يثبت إلا قول أبي سعيد الخدري كما أسلفنا.
والحديث الثاني وهو ضعيف عن أبي إسحاق عن البراء وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا ((من قرأ عشر آيات من سورة الكهف ملئ من قرنه إلى قدمه، إنما من قرأها في ليلة الجمعة كان له نورا كما بين صنعاء إلى بصرى))، وبصرى هذه في الشام، ((ومن قرأها في يوم الجمعة أو آخر حفظ إلى الجمعة الأخرى)) وهو حديث منكر أخرجه الديلمي في ((مسند الفردوس)) من طريق سوار بن مصعب به، قلت: وهذا سنده كسابقه واهن فيه سوار بن مصعب الهمداني قال عنه البخاري: (منكر الحديث)، وقال النسائي: (متروك)، وقال أبو داود: (ليس بثقة)، وقال الحاكم: (ليس بالقوي عندهم)، وقال أبو حاتم: (متروك)، فإذا الحديث لا يصح، وانظر: ((لسان الميزان)) لابن حجر، و((الميزان)) للذهبي، و((المغني)) له.
وعن علي أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام، وإن خرج الدجال عصم منه)) حديث منكر أخرجه الضياء المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) من طريق عبد الله بن مصعب قال حدثنا علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب به، قلت: وهذا سند واهن فيه عبدالله بن مصعب، قال الذهبي في ((الميزان)): (فيه جهالة)، وجهله ابن القطان كما في ((لسان الميزان)) لابن حجر.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين))، حديث منكر أخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) من طريق خالد بن سعيد بن أبي مريم عن نافع عن ابن عمر به، قلت: هذا سنده واهن فيه خالد بن سعيد بن مريم المدني وهو مجهول، قال ابن حجر في ((التهذيب)): (قال ابن المديني: لا نعرفه وساق له العقيلي خبرا استنكره، وجهله ابن القطان)، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته في توثيق المجاهيل.
فهذه الأحاديث التي يستدل بها الوعاظ، ويذكرها الوعاظ في فضل سورة الكهف، وهي ضعيفة لا تصح، فعندنا حديث أبي هريرة لا يصح، وحديث ابن عباس لا يصح، وكذلك حديث البراء لا يصح، وحديث علي بن أبي طالب لا يصح، وحديث ابن عمر لا يصح، ولا يثبت إلا حديث ابن سعيد الخدري موقوفا عليه، وأما حديث أبي سعيد الخدري المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك لا يصح.
هذا آخر شيء في تخريج هذا الحديث.