القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (18) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شرح ألفاظ الأحاديث الواردة في غسل الجمعة

2024-07-29

صورة 1
الجزء (18) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شرح ألفاظ الأحاديث الواردة في غسل الجمعة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن السنن التي تكون قبل الذهاب لصلاة الجمعة كالغسل، واتخاذ الطيب، والسواك، والثياب النظيفة أو الجديدة، أو غير ذلك مما بيناه، ولعل في هذا الدرس نتكلم عن معاني هذه الأحاديث كما تكلمنا عن معاني الأحاديث التي سلفت.

في باب الطيب والسواك يوم الجمعة في حديث أبي سعيد الخدري: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» المحتلم هنا: يعني البالغ المحتلم البالغ، وبينا على القول الراجح أن غسل يوم الجمعة مستحب لكل بالغ أو ما دونه إذا حضر صلاة الجمعة، وبينا كذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ويمس طيبا أو دهنا، وكذلك اتخاذ النعال النظيفة أو ما شابه ذلك.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حق لله على كل مسلم»، فهذا الغسل واتخاذ الطيب والدهن والنظافة وما شابه ذلك هذا الأمر من الدين؛ لأنه حق لله سبحانه وتعالى، حق لله على كل مسلم، وهذا الحديث يفسر لك حديث أبي سعيد الخدري في كلمة «محتلم»، ويعنى به المسلم البالغ، وهذا حق لله سبحانه وتعالى، فلا بد على الناس أن يفعلوا هذه السنن، ويتمسكوا بهذه السنن، وهي من العبادة قبل الذهاب إلى صلاة الجمعة.

ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: «حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده»، هذا هو الغسل وبينا كيفية الغسل، ولا بد له من النية كذلك لكي يكون هذا الغسل عبادة، وأمر من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن قلنا أن النيات تميز بين العبادات والعادات، فأناس كثر يغتسلون يوم الجمعة، لكن عادات عادة اتخذوا هذا الأمر، ليست نيتهم عبادة اللي إحنا نسميه يتسبحون، هكذا عادات الناس وعادات البلد، لكن النيات شرعت لهذا الأمر.

ولذلك بينت لكم كثيرا لا بد على كل مسلم أن يحرص الحرص البالغ في مسألة النيات، ما يفعل شيء إلا بنية، وتكون خالصة لله سبحانه وتعالى، ومتبع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لكي تقبل هذه العبادة، ولكي تقبل هذه الطاعة، ويقبل هذا العمل بشرطين: بالإخلاص والتبعية، النية الصافية لا بد، ولذلك لا يخفى عليكم ناس كثر بزعمهم يفعلون للدين لكنه بدون نيات، ولم يفهموا النيات أصلا، يفعلون أشياء عادات، ويفعلون بدع وأشياء يقولون لله، فليس الأمر بالكلمة لا بد في هذه النيات متبع للنبي صلى الله عليه وسلم.

ولا يخفى عليكم الخوارج يقولون نحن نجاهد لله بنية بزعمهم، لكن هذه النية باطلة ليست نية شرعية، هؤلاء يحاربون من أجل أفكارهم وبدعهم، وتحقيق بزعمهم دولتهم، ليست لله سبحانه وتعالى، ولا دولة إسلامية ولا شيء، كذلك غير متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه النية، فهذه الحروب حروب سياسية، وجهاد النبي صلى الله عليه وسلم معروف له واجبات وله شروط وله سنن.

فلذلك على كل مسلم أن ينتبه لمسألة النية، فليس الأمر بسهل هذا، يعبد الله يقول خمسين سنة ستين سنة ثمانين سنة بجهل بالغ في النيات وفي غيرها وفي التبعية، ثم يأتي يوم القيامة وليس له شيء، وأن النية هذه باطلة ليست شرعية، والنيات باطلة اتخذها عادات واتخذها حمية؛ حمية الجاهلية، وغير ذلك، فلا بد من معرفة هذا الأمر.

فالحق لله سبحانه وتعالى يقام به هكذا على الإخلاص التبعية، وأن يغتسل في كل سبعة أيام يعني يوم الجمعة من جمعة إلى جمعة هكذا، ويغسل رأسه وجسده وبينا الكيفية، ثم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة» معناه غسلا كغسل الجنابة في الصفات، هذا هو المشروع عند العلماء في تفسير هذا الحديث، فغسل يوم الجمعة هو غسل الجنابة، فغسل الجنابة في الصفات، وبينت لكم صفة غسل الجنابة وصفة غسل يوم الجمعة، فأنت إذا أردت النية الصحيحة والطاعة الصحيحة والغسل المشروع؛ عليك بما بيناه في الكيفية لكي تؤجر، وبينا هذا، وبينا أن لا بد من النية، أما الشخص يقول أنا أتسبح وأروح، خله يتسبح هذا ما له شيء من الأجور، فأما المسلم الحق لا، لا بد يتتبع النيات، يتتبع الطاعات، المشروعات التي شرعها الله سبحانه وتعالى في القرآن والسنة، وفعلها الصحابة رضي الله عنهم، فدائما هكذا يتتبع الطاعات، فيعيش فعلا مطمئن وبسعادة، ومتتبع السنة، وما يحصل له من الأجور العظيمة، وبينت لكم في بعض الدروس أنه لا يلزم من الشخص أن يكون في أثناء العمل أو الطاعة يؤجر.

فمثلا الشخص مثلا طالب العلم معروف بحضوره الدروس وتعليم العلم علم الكتاب والسنة، فمثلا عنده درس مثلا يوم الأربعاء، فلا يلزم إذا حضر الدرس وكان موجودا في هذه الحلقة أنه أثناء ذلك أنه يؤجر إذا كان موجودا يؤجر لا، يوم الخميس أو الجمعة ما عندك شيء من الدروس، يوم الجمعة يجري لك الله الأجر، السبت قل مثلا ما عندك درس، يوم السبت هذا تجري لك الأجور، فلا يلزم تكون أو تكون مثلا معلما للأبناء عندك يومين مثلا أو يومان تدرس فيهما، كمثلا قل الثلاثاء، فلا يلزم أن يمشي لك الأجر إذا تكون في هذا الدرس وتعلم الناس يوم الثلاثاء، الأربعاء ما عندك شيء نهائيا من العبادات المعروفة هذه يجري لك الأجر، يعني نقول مثلا أثناء الإجازات لا يجري لك الأجر عند الله سبحانه وتعالى، فحياتك كلها أجر فوق أجر.

وانظر الآن إذا كنت تعمل بعمل دنيوي ليس فقط الأجر تحصل به إذا كنت في العمل، إذا كنت في الإجازة يجري لك العمل النقود أو لا؟ تجري لك حتى في الإجازة راتبك يمشي، وأنت نائم تأكل وتشرب يوم الجمعة يوم السبت، الأجر من الدرهم والدينار يمشي لك، ولله المثل الأعلى، والله سبحانه وتعالى رب العالمين، فيجري لك هذه الأعمال والأجور، وأنت لم تعمل شيء، ممكن تكون نائما، ممكن تأكل وتشرب، ما دام أنت مسلما متتبع الكتاب والسنة فتجري لك الأجور فعلت أو لم تفعل، وممكن أحيانا يتعذر وتمتنع من عمل من الأعمال، ونيتك تفعل هذا العمل ولم تستطع؛ فالله سبحانه وتعالى يعطيك أجر هذا العمل حتى لو لم تفعله أنت، ﴿ولله خزائن السموات والأرض﴾ [المنافقون:7]، وبيد الله سبحانه وتعالى كل شيء، بس أنت عليك أن تعمل بإخلاص، ونيات صافية، وتبعية النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر بعد ذلك ما يحصل لك من الأجر العظيم في حياتك كلها، وتأتي يوم القيامة بأجور عظيمة تراها كالجبال تعتجب من ذلك كيف حصلت؟ حصلت هكذا بالإخلاص، والنية، وتبعية النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل الصالح، والعلم النافع.

وسوف يأتي أناس لا يخفى عليكم عندهم أجور مد البصر وسجلات، فهذا بسبب ماذا؟ الإخلاص، والنية الصادقة، والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل العمل الصالح، والحرص على العمل النافع، وسوف يأتي أناس، وهذا يدل أن المسلم يحصل على هذه الأعمال كالجبال، وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وهذا يدل على أنه في حياته يعمل وأحيانا ما يعمل، فعلى هذا يؤجر على هذا يؤجر، يمشي فوق الأرض والأجور تجري له بمن لله سبحانه وتعالى وبفضله، وفيه أناس والعياذ بالله يأتون بأعمال كالجبال، لكن ما في إخلاص ولا نية صادقة، ولا تبعية النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وبجهل يعني ليس بعلم، وبالبدع، هؤلاء سوف يأتون بأعمال لكن أعمال هذه بدعية الله سبحانه وتعالى يجعلها لهم يعني هباء منثورا، وليست في شيء رغم أنها كالجبال.

فيميز هذه الأعمال السنية وهذه الأعمال البدعية النيات الصادقة الصافية، فعلى الناس أن يحرصوا على هذا الأمر، وعليهم أن يؤدوا حق الله سبحانه وتعالى عليهم، ودائما وأبدا من أراد فعلا أن تكون أعماله هكذا مقبولة عند الله سبحانه وتعالى على السنة، فعليه بأهل العلم في الصغيرة والكبيرة، ويسأل ويستشير، والله سبحانه وتعالى بين هذا الأمر ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ [النحل:43].

ما في شيء الله سبحانه وتعالى يذكره في القرآن من الأوامر إلا فيه أمر وفضل الناس، إذا فعلوه حصلوا على البركة والأجر، ومعرفة السنة والنور والإيمان، ومعرفة الحق، ومعرفة حق الله عليهم، ومعرفة السنة، لكن إن أعرضوا عن أهل العلم، وركبوا رؤوسهم، وجعلوا أنفسهم أنهم هم الذين يعرفون، وأعرضوا عن أهل العلم، فليس لهم إلا الذل، فلا تسأل عن البدع التي يفعلها هؤلاء وبطلان النيات، ولا يعرفون الصدق من الكذب، ولا أهل البدع من أهل السنة ولا غير ذلك، ولا بد عليهم بعد ذلك أن يتخذوا رؤوسا جهالا، لا بد ناس يقودونهم، الله جعل الناس هكذا مسخرة لبعضها ببعض، هذا مسخر للثاني، وهؤلاء مسخرون لهؤلاء وهكذا، سواء في الخير أو في الشر.

فعلى الناس أن يسلكوا طريق أهل العلم لكي يسلكوا طريق الخير، وإذا ركبوا رؤوسهم وأرادوا الضلالة، فلا بد أن يسلكوا طريقة المتعالمين، فبعد ذلك سوف يسلكون طريق الشر، فليحذر الناس من هذا الأمر، فلذلك لا بد من معرفة هذا الأمر، لا بد من النيات الصادقة في العبادات، فالذي يميز بين الغسل والسبوح النية اعرف هذا.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan