القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (14)كتاب الجمعة من صحيح مسلم:وقت غسل الجمعة وهل يشرع ليوم الجمعة أم لصلاة الجمعة ومن يشرع بحقه

2024-07-23

صورة 1
الجزء (14)كتاب الجمعة من صحيح مسلم:وقت غسل الجمعة وهل يشرع ليوم الجمعة أم لصلاة الجمعة ومن يشرع بحقه

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* وقت الغسل يوم الجمعة: أجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون رحمة الله عليهم ومن تبعهم بإحسان، وكذلك ذهب المتأخرون من الحنابلة والمالكية والحنفية والشافعية، وهؤلاء أكثر العلماء، وكذلك من أهل الحديث أن الغسل لصلاة الجمعة دون يومها، فالغسل سن وشرع لصلاة الجمعة دون يومها، وشذ كما بينت لكم الظاهرية بهذا فلا يلتفت لقولهم، وهو الأصح عند الشافعية؛ لأنه إنما شرع للنظافة وإزالة الروائح الكريهة التي ستكون سببا في إيذاء الحاضرين للصلاة، ولأن صلاة الجمعة اختصت بشرائع ليست لغيرها، ولها فضيلة لا تكون هذه الفضيلة لغيرها من الصلوات.

والدليل على ذلك الأحاديث التي مرت علينا منها «من أتى الجمعة فليغتسل» يعني من أتى صلاة الجمعة فليغتسل، كذلك حديث «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» يعني لصلاة الجمعة وليس اليوم المعروف، ولحديث: «لو اغتسلتم» وهذا فيه رد على الظاهرية، وإن هؤلاء أتوا إلى صلاة الجمعة ليصلوا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لهم في أثناء الصلاة، ولم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أن تغتسلوا واغتسلوا في كل اليوم، مثلا في الصباح أو في الظهر أو العصر وهكذا.

فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لهم إذا أتيتم إلى صلاة الجمعة الأفضل لكم أن تغتسلوا، وهذا واضح، والظاهرية كما بينت لكم أن الغسل ليوم الجمعة وليس للصلاة، هذا قولهم ذكرته لكم للفائدة.

وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص363)، و«زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص207)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج1 ص274)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص685)، و«المجموع» للنووي (ج1 ص89)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص46)، و«المحلى» لابن حزم (ج1 ص27 و28).

بعد ذلك من الذي شرع الغسل في حقه؟ الغسل شرع للناس، لمن؟ من الذي يغتسل؟ فليس كل الخلق، فيه أناس يحضرون صلاة الجمعة، فيه أناس ما يحضرون، فالذين لا يحضرون فهؤلاء ليس بمشروع لهم الغسل، فلا نقول لهم من السنة أن تغتسلوا في البيت أو بيروح السوق أو كذا، أو يروح المستشفى، أو غير ذلك من أهل الأعذار، فهؤلاء لا يشرع لهم الغسل.

فالأحاديث العامة هذه تدل على أن الغسل مشروع لكل من أراد الجمعة من الرجال، والنساء، والصبي المميز، ومثلا المقيم المسافر إذا أقام، والحر والعبد، فأي شخص من هؤلاء يأتي إلى صلاة الجمعة فيشرع له الغسل، والذي لا يريد الصلاة أو مثلا معذور، أو غير ذلك، فهؤلاء المعذورون لا يشرع لهم الغسل، لكن يشرع الغسل للذي يريد صلاة الجمعة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما والأحاديث الأخرى التي عندكم في الكتاب «إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل» إذا أراد، والذي لا يريد صلاة الجمعة ما يشرع له من أهل الأعذار أو غير ذلك، «إذا أراد أحدكم»، فهنا الذي يريد أن يأتي وواجبة الصلاة عليه، فهذا يستحب له أن يغتسل لصلاة الجمعة.

يقول النووي رحمه الله تعالى في «المنهاج» (ج6 ص134): (وللجمع بين الأحاديث يقال أن الغسل يستحب لكل مريد الجمعة، متأكد له هذا الأمر)، يعني في حقه الذكور، وكذلك النسوة إذا أردن صلاة الجمعة، فالمتأكد في حق الذكور أكثر، لكن هناك نسوة يأتين إلى صلاة الجمعة فيستحب لهن الغسل، ثم يقول: (ومتأكد في حق البالغين أكثر) البالغين أكثر من الصبيان لأن أكثر الصبيان ما يأتون، لكن ممكن الصبيان المميزون يأتون فيسن لهم الغسل.

وانظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (ج1 ص274)، و«المحلى» لابن حزم (ج2 ص28)، و«الذخيرة» للقرافي (ج5 ص258)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص46)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص17)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص685)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص357)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص614)، وكذلك «شرح  صحيح مسلم» له (ج6 ص134)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص256)، و«عمدة القاري» للعيني (ج5 ص244).

وهذا ما عندنا في شرح الأحاديث التي سلفت، ولعل إن شاء الله نتكلم عن باب الطيب والسواك يوم الجمعة الجلسة القادمة.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan