الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (10) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شروط وجوب صلاة الجمعة
2024-07-11
الجزء (10) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: شروط وجوب صلاة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقبل أن ندخل في شرح الأحاديث لعلنا نتكلم عن أمر مهم، وهو شروط وجوب صلاة الجمعة:
* والشرط لغة: العلامة، وجمعه أشراط ومنه قوله تعالى: ﴿فقد جاء أشراطها﴾ [محمد:18] أي: علاماتها.
* والشرط اصطلاحا: هو ما يلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود الحكم ولا عدمه، فالشرط هو العلامة، وجمع هذا الشرط أشراط، مثل سبب وأسباب، فجمع سبب أسباب، فشرط وأشراط وسبب وأسباب.
ويتبين من الآية أن معنى أشراط الساعة أي: علامات الساعة، ولا يخفى عليكم أن لمجيء الساعة هناك علامات أشراط الساعة الكبرى، وعلامات أشراط الساعة الصغرى، وهذا أمر معروف لديكم.
وبالنسبة للشرط في الاصطلاح يتبين أنه هو الأمر يتوقف عليه وجود الحكم، هو الأمر الذي يتوقف عليه وجود الحكم، هذا هو الشرط، ويلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود الحكم، ولا يكون داخلا في الحكم هذا هو الشرط، فالشرط هذا في اصطلاح الفقهاء يتوقف عليه هذا الحكم من ناحية الصحة أو البطلان، وكذلك إذا انعدم الشرط يعني لم يوجد الشرط أو هذا العبد لم يجد الشرط الذي شرطه الشارع؛ فيلزم من هذا بطلان الحكم، وكذلك ولا يلزم من وجوده وجود الحكم.
وكذلك الشرط ما يكون داخل الحكم يكون خارج الحكم، فالآن عندك إذا قلت شروط الصلاة، فالشروط هذه خارج الصلاة: كالإسلام، كالعقل، كالبلوغ، هذه كلها أشياء وأحكام خارج الحكم خارج الصلاة مثلا، فكذلك شروط النكاح، شروط الحج، فهذه أحكام وأصول خارج الحكم.
لكن إذا قلنا أركان فالأركان تكون داخل الحكم، إذا قلنا الآن أركان الصلاة، فهذه الأركان تكون داخل الصلاة، فالركوع خارج الصلاة أو داخل الصلاة؟ داخل الصلاة، وإذا قلنا العقل العقل داخل الصلاة أو خارج الصلاة؟ خارج الصلاة، إذا قلنا الآن السجود السجود داخل الصلاة؛ لأنه ركن، وإذا قلنا الآن البلوغ يعني لا بد يعني الصلاة واجبة على البالغ، أما دون البالغ فالصلاة ليس عليه واجبة، والبلوغ داخل الصلاة أو خارج الصلاة؟ خارج الصلاة؛ لأن الشروط هكذا والأركان هكذا، الأركان تكون داخل الحكم والشروط تكون خارج الحكم.
فالآن يتضح لكم يعني الأمر هذا جيدا، الآن ممكن أن نمثل بالوضوء أو الطهارة للصلاة، الطهارة للصلاة شرط لصحة الصلاة لأن قلنا هو ما يلزم من عدمه عدم الحكم، فالحكم الآن عندنا الصلاة، فإنه يلزم من عدم الطهارة إذا الطهارة انعدمت، أو صلى العبد أو المصلي بدون طهارة فإنه يلزم من عدم الطهارة عدم الصلاة، فصلاته باطلة، فلا بد من الشرط إتيان الشرط، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، ولا يلزم من وجود هذا الشرط الآن وجود الحكم لأنه قد يكون متطهرا أو متوضئا فلا يصلي، فالآن هو متوضئ لأنه ممكن العبد يتوضأ ولا تكون هناك صلاة بس فقط يريد أن يتوضأ، وهذا أمر واضح.
وانظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص162)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج1 ص452)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص130)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ج6 ص)، و«المدخل إلى مذهب أحمد» لابن بدران (ص68)، وغير ذلك من كتب الأصول التي تكلمت، وممكن في هذا البحث في تعريف الشرط تعريف الركن وتعريف الواجب، الشخص أن ينتقل إلى كتابي في تبيين الشروط: «اللآلي المنتقاة في تبيين الشروط والأركان والواجبات»، تكلمت على هذا.
* والشروط لوجوب الصلاة صلاة الجمعة، هناك شروط في وجوب صلاة الجمعة وهي ثلاثة، وهي المعروفة: الإسلام، والعقل، والبلوغ، هذا على كل الأحكام، وكذلك على فرضية الصلاة الصلوات الخمس لا بد من الإسلام والعقل والبلوغ لا بد، هذا أمر معروف.
* وأما الشروط الأربعة الأخيرة: وهي الذكورة، والحرية، والإقامة، والصحة، هذه الآن شروط في وجوب صلاة الجمعة على العبد، فلا بد أن يعرف العبد ذلك لكي يعرف أن الجمعة واجب عليه ويحضرها جماعة، الذكورة والحرية والإقامة والصحة، فإذا عرف هذا فعرف أن الصلاة واجبة عليه في الجماعة.
ما دون أن هذه الشروط فصلاة الجماعة غير واجبة عليهم، فعندنا الذكورة والحرية والإقامة والصحة، فاشترطها جمهور الفقهاء لفرضية صلاة الجمعة، ومعرفة الشروط أمره مهم في العبادة، تعرف أن العبادة واجبة عليك، فإذا اختل شيء من هذه الشروط فلا تكون العبادة واجبة عليك، فإذا أردت أن تفعل هذه العبادة وهي ليست واجبة عليك فبلا شك سوف تتضرر أنت ولا بد.
فمثلا أنت في أثناء السفر فالشخص بسبب جهله ولا يعرف الشروط لحضور صلاة الجمعة أو لتأدية العبادة، ما يعرف يظن أن صلاة الجمعة واجبة عليه في الإقامة وواجبة عليه في السفر، ففي أثناء السفر يوم الجمعة أدركته صلاة الجمعة ووقت صلاة الجمعة، وهو محتاج لهذا الوقت أن يقطع السفر ويقطع الطريق، فترى من جهله يدخل أي قرية أو أي مدينة وينتظر المصلين ينتظر الخطيب والإمام إلى أن يصلي ويخطب فيتضرر، ممكن هذا يعني ما يستطيع أن يصل في الوقت المناسب الذي هو يريده بسبب جهله، فيتضرر، ممكن ذاهب إلى شخص، ممكن بعض الأشياء شخص يسلمه بضاعة، فهذا الشخص ينتظر هذا الجاهل أقول ينتظر هذا العبد يعني يأتي يستلم هذه البضاعة، فيتأخر فيمشي عنه، الشاحنة راحت بالأرزاق، خلاص ما في فائدة، هذا بسبب جهله، فلينتظر عقب شهر شهرين ويرجع إلى بلده.
فأضرار يعني تضرر الجهلة والعامة في العبادات كثيرا كما تروا حتى الناس هلكوا، أطفالهم هلكت، نساؤهم هلكوا، بلدانهم هلكت تدمرت، ورغم أنه يظنون بزعمهم أن هذا جهاد وأن هذا كذا وفرض عليهم، وما شابه ذلك، والله ما كلفهم بذلك ولا شيء هم كلفوا أنفسهم بهذه الثورات وهذه الأمور الهالكة للبلدان، فلذلك لا بد على الناس أن يفهموا شروط الجهاد وأحكام الجهاد، وكذلك يعرفون أحكام الحج، ويعرفون أحكام الصيام، وغير ذلك من الأحكام لكي لا يتضرر الناس.
وكذلك كما لا يخفى عليكم الآن قلنا عن شرط الصحة لحضور هذه الجمعة، الآن شياب ما يستطيعون يمشون هؤلاء متضررون كثيرا، وأخذوا أوقات أولادهم حتى منهم زوجته تأتي به شيئا فشيئا لأن يصل، فهؤلاء يتضررون لماذا؟ لا يعرفون الشروط، فأهل الأعذار، كبار السن، المرضى، وما شابه ذلك، هؤلاء ليست صلاة الجمعة عليهم واجبة، فلو صلى هؤلاء في بيوتهم لهم أجر الجماعة كاملة لهم أجر صلاة الجماعة كاملة، وأجر تأدية الصلاة كاملة كأنهم حضروا صلاة الجمعة، لكن كما ترون الآن السيارات تأتي إلى أبواب الجوامع يوم الجمعة، وتنزل في هؤلاء الشياب وتنزل وتراه شيئا فشيئا يمشي ما يستطيع.
فلذلك هؤلاء متضررون لماذا؟ لا يعرفون الشروط، ومن علمهم؟ من علم هؤلاء؟ الخطباء هؤلاء ما يعرفون شيئا في ديننا، قصاص وعاظ أتباع حزاب همهم هذه المناصب والشهرة وما شابه ذلك، فلم يعلموا الآن الناس من مائة سنة، من سبعين سنة، من خمسين سنة، ومن ثلاثين سنة، ومن عشرين سنة هؤلاء لهم وجود فوق المنابر، لم يعلموا الناس شيئا، ولم يتعلم الناس أي شيء، حتى للآن إذا كبر الإمام للسجود منهم من يسابقه سجد قبله، ومنهم من يتابعه، وعلى عدد الأصابع هم الذين يتابعون الإمام على السنة لأن هؤلاء تعلموا السنة، فلا يبادروه بركوع ولا سجود حتى يركع أو حتى يسجد، هذا أصل، فلا بد على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.
فهذه يعني الشروط تبين لك ما عليك ولك، والشخص ما تأتيه الوساوس لصلاة الجمعة، إذا كان من أهل الأعذار وأهل العلم كما بينت لكم كثيرا أجمعوا على التخلف ليس فقط لصلاة الجمعة أو لجماعة المسجد، بل في الجهاد، وفي غير ذلك يتخلفون أهل الأعذار، ولهم الأجر كامل كما بينت لكم، كذلك المسافر لكي لا يتضرر ليس عليه شيء في صلاة الجمعة أو الجماعة أثناء السفر حتى يقيم.
فهذه هذه الأمور أهل العلم تكلموا عنها في كتبهم وأكثروا من ذلك، ومع هذا أكثر الناس جهال بهذه الأحكام، هذا يدل أن هؤلاء معرضون عن طلب العلم، ويتبين أن هؤلاء ما يقرأون ولا يبحثون ولا شيء، ولا عندهم وقت حق هذه الأمور، عندهم وقت للعب واللهو، والأكل، والشرب، والجلوس هنا وهناك، والتحدث، والسف، والسياحة، وما شابه ذلك، فهؤلاء هالكون يذهبون إلى المساجد ينقرون هذه الصلاة ويخرجون يظنون أنه خلاص نجوا، لا بد الصلاة تكون صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس صلاة العادات والتقاليد كما يقال، فهذه الصلاة ما تنفعهم.
فلذلك يعني النبي صلى الله عليه وسلم بين نعم إذا كثر الخبث يهلك الناس، والله سبحانه وتعالى يرسل إليهم عقابه، فالأمر خطير جدا، فكن أنت مستعد لهذا الأمر.
فالذكورة والحرية والإقامة والصحة، وهذا يدل فإذا قلنا أن من شرط وجوب صلاة الجمعة الذكورة يعني على شنو؟ يعني النساء ليس عليهم جمعة، فعلى النساء ليس عليهن صلاة جماعة، فليست صلاة الجماعة واجبة على النساء، لكن لو حضرن صلاة الجمعة فلا بأس بذلك، وصلاتهم صحيحة صلاتهم صحيحة، ولا يلزم بعد ذلك يعني أن هذه المرأة مثلا تصلي صلاة الظهر، إذا صلت مع الناس يكفي، لا جمعة على النساء يعني لا تجب صلاة الجمعة على النساء، وبه أجمع العلماء، نذكر لكم يعني باختصار وإلا الكلام طويل في هذا، ويأتي في شرح الأحاديث.
كذلك لا جمعة على العبيد، فالعبد ليست عليه صلاة الجمعة فرض لماذا؟ لأنه بين أهل العلم أن العبد عليه شغل كثير عند السيد وأمور كثيرة فيحتاج له، فبين جمهور أهل العلم أن هذا العبد ليس عليه صلاة الجماعة، لكن إذا لم يكن لأنه يعتبر هذا من أهل الأعذار، وإن كان جمهور العلماء استدلوا بأحاديث ضعيفة على ذلك، لكن هو يعتبر هذا من أهل الأعذار، لكن إذا لم يكن عنده أي شغل لسيده ولا شيء فتجب عليه صلاة الجمعة؛ لأن بعض أهل العلم كرواية عبد الإمام أحمد، وكذلك ابن حزم، وغير ذلك، فأوجبوا حتى على العبد صلاة الجمعة، لكن العبد هذا يعتبر من أصحاب الأعذار؛ لأنه ينشغل كثيرا بأمور سيده وببيته وأشغاله، فلا يستطيع، كما أن الحر ينشغل ببعض الأمور كما بينا كثيرا فيجوز له أن يتخلف عن صلاة الجمعة، ويصلي في بيته أو في محله أو محل شغله وما شابه ذلك، وبينا هذا.
فهذا العبد يعتبر من أهل الأعذار عندنا هذا بالنسبة إذا شرطنا الحرية، إذا قلنا الحرية فالحر يجب عليه أن يحضر صلاة الجمعة، فلا جمعة على العبد.
الشرط الثالث الإقامة، أن يكون هذا العبد مقيم موجود في بلده، هنا لا جمعة على المسافرين كما بينت لكم لا جمعة على المسافرين، فلا تلزم صلاة الجمعة على المسافر لأن من شرط وجوبها الإقامة، ولأن المسافر لو حضرها ممكن أن يتخلف عن القافلة، أو عن أصحابه، أو عن أشغاله، ولأنه بحضورها يحتاج إلى دخول البلد وانتظار الإمام، فيلحقه من الحرج والضرر، فلذلك صلاة الجمعة على المسافر غير واجبة إلى أن يقوم في بلده الذي يريد أن يسافر إليه.
لكن إذا كان يعني تكلمنا عن إذا كان هناك حاجة وضرورة وماشابه ذلك في البلد الذي سافر إليه يجوز له أن يتخلف عن صلاة الجمعة، يتخلف عن صلاة الجماعة، وما شابه ذلك؛ لأنه قائم بأعمال وأشغال، ووقته يعني في الغالب المسافرين وقتهم قليل، وخاصة كذلك الذين في الغرب كفي أوروبا وغير ذلك المساجد لا توجد في المنطقة، وكذلك المسجد ممكن أن يكون مسجد أو مسجدين وبعيدين عن سكنه، فهذا يعني بينا للذين في الأماكن هذه يجوز لهم يعني للمسافرين أن يصلوا في بيوتهم ويقصرون إلى أن يأتوا، وإذا كان هناك حاجة للجمع يجمعوا على يعني حسب الحاجة والضرورة.
والشرط الرابع الصحة، وهذا يعني يكون لا جمعة على المريض وأصحاب الأعذار، فلا تجب على هؤلاء، فلذلك هؤلاء كبار السن مرضى ومع هذا يحضرون صلاة الجمعة، ويحضرون صلاة الجماعة في المساجد، والأمر يشق عليهم، ويتحرجون، ويتضررون، مع هذا يأتون وهذا بسبب جهلهم.
فهذا يعني باختصار في شروط وجوب صلاة الجمعة، ولعل إن شاء الله الدرس القادم إن شاء الله ندخل في الكتاب، ونتكلم إن شاء الله عن الغسل لصلاة الجمعة، ومن أراد الزيادة في هذه الشروط فلينظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص329)، و«المصباح المنير» للفيومي (ج1ص331)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج3 ص396)، و«سبل السلام» للصنعاني (ج2 ص58)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج3 ص172)، و«نيل الأوطار» للشوكاني «ج3 ص258)، و«نصب الراية» للزيلعي (ج2 ص198)، و«المنهل العذب» للسبكي بس هذا من تأخر معاصر ليس السبكي من تقدم (ج6 ص213)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص352)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص22)، و«حاشية» ابن عابدين (ج2 ص153)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص251)، و«البحر الرائق» لابن نجيم (ج2 ص163)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص660)، و«أحكام القرآن» للجصاص (ج5 ص340)، وغير ذلك يعني من المراجع التي تكلمت عن هذا الأمر.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.