الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (9) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: متى فُرضت صلاة الجمعة
2024-07-11
الجزء (9) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: متى فُرضت صلاة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام الجمعة من كتاب الجمعة من صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى، فعندنا هنا في هذا اليوم نتكلم عن متى فرضت صلاة الجمعة:
فصلاة الجمعة فرضت بالمدينة النبوية، فرضت على الناس في المدينة النبوية بعد الهجرة، وهذا يدل على أن صلاة الجمعة قامت في المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقوم بصلاة الجمعة في المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم جمع الناس في يوم الجمعة، وخطب بهم، وصلى بهم صلاة الجمعة، وهناك أحاديث كثيرة في صلاة الجمعة سوف يأتي ذكرها في الشرح.
* وفرضية صلاة الجمعة بالمدينة النبوية هذا عليه الصحابة رضي الله عنهم، والتابعون بإحسان على أن صلاة الجمعة فرضت في المدينة النبوية، أما المتأخرون فقد اختلفوا كعادتهم، ونحن على الأصل على الإجماع على ما ثبت عند السلف، ونأخذ من أقوال المتأخرين ما وافق قول السلف، وما وافق إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وهذا هو الأصل، ونأتي بخلافيات المتأخرين أحيانا للفائدة لكي يعرف طالب العلم ذلك، وإلا أكثر المتأخرين على أن صلاة الجمعة فرضت في المدينة النبوية، ما خالف إلا بعض الشافعية والحنابلة، وجمهور العلماء وافقوا الصحابة رضي الله عنهم، فوافقوا فقه الصحابة في أن صلاة الجمعة فرضت في المدينة النبوية.
وهذا القول اعتمده المسلمون ولله الحمد؛ لأن بعض الشافعية هؤلاء يقولون أن صلاة الجمعة فرضت في مكة، وهذا ليس بصحيح، والدليل على ذلك سورة الجمعة هذه مدنية، يعني نزلت في المدينة، سورة الجمعة نزلت في المدينة فهي مدنية.
وبينا في الدروس التي سلفت على فرضية صلاة الجمعة بماذا؟ بقوله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع﴾ [الجمعة:9]، أن هذه الآية نزلت على فرضية صلاة الجمعة، وهذه الآية مدنية باتفاق العلماء من المتقدمين والمتأخرين، وقد بينا بهذه الآية فرضية صلاة الجمعة في الدروس التي سلفت فهي الأصل، وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم إجماعهم حجة في ذلك بهذا الدليل، والأحاديث في صلاة الجمعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالصحابة في المدينة أحاديث كثر بيأتي شرحها في كتاب الجمعة من صحيح الإمام مسلم، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع الناس في مكة وصلى بهم صلاة الجمعة، وخطب بهم صلاة الجمعة، لم يثبت ذلك.
وهؤلاء المتأخرون الذين قالوا بمكة استدلوا بأثرين ضعيفين، وبينا ذلك في الدروس التي سلفت في أول من صلى صلاة الجمعة أو جمع الناس، وبينا أنها أثار ضعيفة لا تصح، لكن هناك أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الناس في المدينة، وخطب بهم، وصلى بهم، كذلك صلاة عيد الفطر، صلاة الأضحى، فهذه كلها في المدينة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يعني خطب بالناس في المدينة سواء في يوم الجمعة، أو الفطر، أو الأضحى، أو غير ذلك مثل صلاة الاستسقاء، فلذلك هذا يدل على أن صلاة الجمعة فرضت في المدينة، وأن هذه الآية مدنية.
ويقول ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص354) عن المتأخرين، ينقل هو عن المتأخرين فقط وبينا كثيرا لا بد أن ينقل عن الصحابة وأثار الصحابة ويبين فقه الصحابة فقه السلف وينتهي الأمر، ولا يعول ولا تذكر هذه الخلافية إلا أحيانا للفائدة لكي يتبين للناس أن هذا مصيب وهذا مخطئ، يعني تبيين الصواب والخطأ في الخلافيات، أما أن يذكر الخلاف ويترك هكذا كحال المتعالمين وحال الدكاترة هؤلاء في الإذاعات والقنوات وغير ذلك ما يأتي بحكم إلا ويقول اختلف العلماء، ولا يدري ما هو فقه الصحابة رضي الله عنهم، فالصحابة نزل عليهم القرآن، وأخذوا الفقه هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذوا هذا العلم من الأصول والفروع من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ما في واسطة، فالعلم علم الصحابة، العلم قال الله وقال رسوله قال الصحابة هم أولوا العرفان، فهذا هو العلم، وهذا هو الإسلام، وهذا هو الدين، هذا هو المنهج قول الله سبحانه وتعالى وقول النبي صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة منهج الصحابة هذا هو الأصل، فلذلك لا بد على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.
فابن حجر يبين هذا الخلاف ماذا يقول في هذا الحكم يعني متى فرضت الصلاة الجمعة؟ قال: (اختلف في وقتها فالأكثر على أنها فرضت في المدينة، وهو مقتضى ما تقدم أن فرضيتها بالآية المذكورة وهي مدنية) انتهى كلام ابن حجر، فالحافظ ابن حجر يبين أن أكثر العلماء على أنها فرضت في المدينة بهذه الآية، وهذه الآية مدنية بالاتفاق، وهذا يكفي، فإذا عندنا الآن متى فرضت صلاة الجمعة فرضت بالمدينة النبوية بعد الهجرة، والآية في سورة الجمعة مدنية، ونزلت بالمدينة، ومقتضى هذه الآية فرضت صلاة الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم قام بعد ذلك يخطب بالناس كان في المدينة، ويصلي بالناس صلاة الجمعة بالمدينة، هذا هو الأصل.
ومن أراد الزيادة فلينظر: «شرح الموطأ» للزرقاني (ج1 ص219)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص351)، و«حاشية» الطحطاوي (ج1 ص338)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج2 ص384)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص221)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص655)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص276)، وغير ذلك من كتب الفقه من أراد أن يطلع على الخلافيات وكلام أهل العلم وغير ذلك.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.