القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (8) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: صلاة الجمعة فريضة مستقلة

2024-07-10

صورة 1
الجزء (8) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: صلاة الجمعة فريضة مستقلة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

*  وفي هذا الدرس نتكلم عن صلاة الجمعة فريضة مستقلة: يعني ليست صلاة الجمعة بدلا عن صلاة الظهر، وأهل العلم المتأخرون مختلفون في هذا الأمر ونحن كالأصل دائما نرجع إلى الكتاب والسنة وإلى آثار الصحابة لتبيين أحكام الدين، ولكي يتعبد المسلمون التعبد الصحيح في دينهم ليس فيه قال فلان، أو رأي فلان، أو اختلف الفقهاء، أو غير ذلك، بل نبين الحكم بالدليل من الكتاب والسنة والآثار يعني إجماع الصحابة.

* فصلاة الجمعة فريضة مستقلة، والمراد بذلك أن صلاة الجمعة ليست بدلا عن صلاة الظهر، وهذا الحكم عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أنها أي: صلاة الجمعة فريضة مستقلة بنفسها ليست بدلا من صلاة الظهر لأن بعض هل العلم يقولون أنها بدل صلاة الظهر، لكن هذا الكلام ليس بصحيح، ونحن نبين إجماع الصحابة على أنها فريضة مستقلة وصلاة مستقلة لوحدها، فرضت ركعتان يصليها الناس، وهذا الحكم عليه الصحابة أن صلاة الجمعة فريضة مستقلة بنفسها وليست بدلا من الظهر، بل فريضة ابتدأ بها الشارع يعني شرعها الشارع لوحدها كما شرع صلاة الفجر، كما شرع صلاة العشاء، صلاة العصر، صلاة الظهر، صلاة المغرب، فكذلك الله سبحانه وتعالى شرع صلاة الجمعة، ولذلك صلاة العشاء، مستقلة صلاة المغرب مستقلة، صلاة الظهر كذلك.

 وهذه الصلوات المفروضة شرعها الله سبحانه وتعالى وشرعها النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك صلاة الجمعة شرعها الله سبحانه وتعالى مستقلة، ليست بدل أي صلاة، والدليل على ذلك: يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه «صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان -يعني العيد- وصلاة السفر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم، وقد خاب من افترى»، وهذا الأثر أثر صحيح، أخرجه النسائي في «السنن الكبرى»، وفي «السنن الصغرى»، وابن خزيمة في «صحيحه»، وعبد الرزاق في «المصنف»، وأحمد في «المسند»، وابن ماجه في «سننه»، والطيالسي في «المسند»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند»، والبزار في «المسند»، وأبو يعلى في «المسند»، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»، وابن حبان في «صحيحه»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء»، وفي «أخبار أصبهان»، وإسناده صحيح، فعمر رضي الله عنه يبين هذا الأمر.

* والشاهد من ذلك أن صلاة الجمعة ركعتان، وهذه الجمعة يبين عمر رضي الله عنه أنها ليست قصرا، يعني تكون أربعا صلاة الظهر تقصر لصلاة الجمعة، فيتبين هذا أنها صلاة مستقلة لوحدها، صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر، ليست هي مقصورة من صلاة الظهر، يعني لكي تكون بدل صلاة الظهر لا، هي مستقلة، هي ركعتان تمام غير قصر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين للناس أن صلاة الجمعة ركعتين.

والنبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله صلى صلاة الجمعة ركعتين، وبين للناس أن صلاة الجمعة ركعتين، فلذلك يبين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «على لسان نبيكم وقد خاب من افترى»؛ فأي واحد بيفتري يقول عن صلاة الجمعة كذا أو كذا أو أي عبادة فقد خاب لماذا؟ لأنه يفتري على الله الكذب، ويفتري على النبي صلى الله عليه وسلم الكذب.

وهذا الأثر يعني أخذ به الصحابة رضي الله عنهم، ولم يختلفوا على أن صلاة الجمعة ركعتين مستقلة، يعني فريضة كبقية الصلوات، بقية الصلوات الخمس، وقوله «صلاة الجمعة ركعتين تمام غير قصر» ظاهر في أنها صلاة مستقلة غير قصر، وشرعت ليوم الجمعة تؤدى في وقت الظهر، وبينا الحكمة من ذلك لاجتماع الناس، واجتماع المسلمون على العبادة، وهذا في فوائد ذكرناها في الدروس التي سلفت، فإذا صلاة الجمعة ركعتين شرعت في وقت صلاة الظهر.

 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال «أن الجمعة عزمة»؛ يعني فريضة، وفريضة مستقلة، صلاة مستقلة، فصلاة الظهر شيء وصلاة الجمعة شيء آخر، وأثر ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخاري في «صحيحه»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وهذا يدل أنها فريضة مستقلة وليست بدلا عن الظهر، فلا تسقط بأداء الظهر بعد سماع النداء إليها، فلا تسقط صلاة الجمعة بأداء الظهر بعد سماع النداء.

فالآن إذا قامت صلاة الجمعة في هذا الوقت فلا يجوز لأي شخص أن يسقط الجمعة ويصلي الظهر لوحده وصلاة الجمعة قائمة، يعني الخطيب موجود والخطيب يخطب، أو قبل أن يأتي الإمام يعلم هذا المرء أن هناك صلاة جمعة، فلا يجوز له أن يسقط صلاة الجمعة ويصلي صلاة الظهر، ويقول أن صلاة الجمعة هذه بدل الظهر، أو الظهر بدل الجمعة، ما يجوز هذا، فإن فعل في هذا الوقت، وصلاة الجمعة قائمة مثلا الإمام يخطب وهو يصلي صلاة الظهر في بيته، فهذه صلاة باطلة، ويقول أن صلاتي هذه الظهر بدل الجمعة فهذا لا يجوز، وبيأتي الكلام.

الآن عندنا صلاة الجمعة ركعتان صلاة الظهر أربع ركعات، فلا يجوز له هذا يسقط صلاة الجمعة ويصلي في بيته، هذا إذا كان بدون عذر إذا كان فعل ذلك بدون عذر وصلاة الجمعة قائمة وصلى الظهر ،وقال هذه بدل صلاة الجمعة نقول صلاتك باطلة وأنت غير معذور، لكن إذا كان بعذر هذا شيء آخر، نحن نتكلم على الأصل الآن، ولو الآن تعمد بترك صلاة الجمعة، سلم الإمام وانتهوا الناس من صلاة الجمعة قام الشخص هذا صلى بعدما انتهوا، صلى صلاة الظهر أربعا، هذا صلاته صحيحة مع الإثم، وأهل العلم يعني بينوا هذه الأمور وهذه الأحكام، وبيأتي شيئا من ذلك.

فإذا كانت الصلاة قائمة وتعمد بإسقاط صلاة الجمعة وصلى فصلاته باطلة ويأثم، وإذا انتهى الناس من الصلاة الجمعة وتعمد ذلك وصلى بعدما الناس انتهوا، فهذا صلاته صحيحة مع الإثم، وهذا الذي بينه جمهور فقهاء المذاهب المعروفة.

فإذا الآن يتبين لنا أن صلاة الجمعة فريضة مستقلة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء خلافا للشافعي في القديم وبعض العلماء قالوا أن صلاة الجمعة بدلا من صلاة الظهر، لكن الشافعي رحمه الله تعالى يعني تراجع عن ذلك في الفتوى في الجديد، وكان يقول بقول جمهور العلماء أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة، لكن في بعض العلماء يقولون أنها بدل صلاة الظهر.

فإذا عندنا أكثر الفقهاء من المتأخرين على أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة بنفسها، فيجب على الناس سواء في البلدان أو في المدن أو في القرى يجب عليهم أن يقيموا صلاة الجمعة؛ لأنها صلاة قائمة بنفسها مستقلة، مثل ما تقول صلاة العشاء تقول صلاة الجمعة، كما تقول صلاة المغرب تقول صلاة الجمعة فهي مستقلة، وشرعها الله سبحانه وتعالى في وقت صلاة الظهر لحكمة بيناها فهي مستقلة ومشروعة.

وتكون الظهر بدل عنها في الفعل فقط، فمثلا إذا كان الشخص معذور وأتى صلاة الجمعة فإذا الإمام سلم انتهت صلاة الجمعة، الآن لا بد أن يكون لها بديل، الآن صلاة الظهر هنا يكون في الجملة لهذا الشخص لحال هذا الشخص فقط أنها في الفعل، فتكون صلاة الظهر هذه عن صلاة الجمعة، فيصلي صلاة الظهر، فلا يسقط صلاة الظهر بعدما انتهى الإمام من صلاة الجمعة، فلا بد أن يجعل الآن هذه الصلاة صلاة الظهر بعدما سلم الإمام، فيؤدي صلاة الظهر أربعا.

وصلاة الجمعة بدل في المشروعية أنها شرعت فقط في هذا الوقت كمشروعية، لكنها مستقلة، ومعنى كونها بدلا في المشروعية أن الظهر شرع ابتداء ثم شرعت الجمعة بدلا منه، فالأصل الآن ابتداء شرعت ابتداء صلاة الظهر المعروفة في طول الأسبوع، يوم الجمعة شرعت الجمعة في هذا الوقت على المشروعية أنه شرعت في هذا الوقت، لكنها هي شرعت صلاة مستقلة تسمى صلاة الجمعة.

ولذلك ترى فيه الكتب الصحاح والسنن والمسانيد يذكرون هكذا صلاة الجمعة، كذلك الشروح فهناك شروح للكتب ذكروا كذلك صلاة الجمعة، الآن عندنا كتب الفقه كلها موجودة بهذا الاسم صلاة الجمعة يعني مستقلة، لم يقولوا مثلا صلاة الجمعة بدل صلاة الظهر، فهي مستقلة لوحدها، فإذا كان الشخص معذورا وأتى صلاة الجمعة فإذا هي فاتت وصلى الإمام؛ فيؤدي بعد ذلك صلاة الظهر أربعا، ولذلك هي ليست بدل من الظهر يعني لعدم انعقاد النية لصلاة الظهر، فالناس ينوون صلاة الجمعة لا ينوون صلاة الظهر، وهذا يدل على أنها مستقلة في هذا الأمر.

ومن أراد الزيادة يعني فيه كلام كثير في ذلك، لكن هذا باختصار وكلام المذاهب كثير، لكن هذا باختصار ومفيد، وهذا هو الحكم يعني الصحيح الذي عليه الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة، وانظر: «شرح فتح القدير» لابن الهمام (ج2 ص49)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج3 ص185)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص276)، و«بلغة السالك» للنفراوي (ج1 ص165)، و«الهداية» للمرغيناني (ج2 ص63 )، و«الذخيرة» للقرافي (ج3 ص55)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص21)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج2 ص364)، و«حاشية» الخرشي (ج2 ص72)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص350)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص254).

فإذا يتبين الآن من هذا البحث أن صلاة الجمعة فريضة مستقلة لوحدها مثل الصلوات الخمس مستقلة، وهذا واضح وعلى ذلك الصحابة رضي الله عنهم، وجمهور المتأخرون على هذا كذلك أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة فريضة لوحدها ليست عن صلاة الظهر، لكن بلا شك أنها تغني عن صلاة الظهر، فإذا صلى الناس صلاة الجمعة، فلا يلزم من ذلك وليس بواجب عليهم أن يصلوا صلاة الظهر لا، تغني عن صلاة الظهر.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan