الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (7) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة
2024-07-10
الجزء (7) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
* الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة:
الله سبحانه وتعالى ما يأمر بشيء للناس إلا لهم خير، فما يأمر إلا بالخير، والشر ليس منه سبحانه وتعالى، الشر من الناس، فالله سبحانه وتعالى يعني ما يأمر إلا بخير للناس، وسواء عرفوا الحكمة أو لم يعرفوا ذلك، فليعلم أن هذا خير لهم وأحيانا ممكن إن الشخص ما يحب هذا الشيء، لا هذا هو له خير، والشخص ممكن أن يكره شيء وهو خير له، ويعني له فيه من الأجور العظيمة، وتطهير القلوب، وتطهير الأنفس، فالله سبحانه وتعالى يعني ما يشرع شيء للناس إلا لحكمة، ولا بد فيه من الخير.
ولذلك كذلك ما ينهاهم عن شيء إلا فيه الخير لهم لأن لا بد فيه مضرة، فإذا تركوا هذا المحرم وهذا المنهي عنه حصل لهم ماذا؟ حصل لهم الخير، ونجوا من الضرر ومن الهلاك، فلذلك الله سبحانه وتعالى يعني خبير بالعباد ورؤوف بهم ورحيم بهم، ويريدهم أن يعبدوه لكي تطمئن قلوبهم وتطهر، وبعد ذلك ليس لهم إلا الجنة، فراحتهم في هذه الجنة هناك، فعليهم بالصبر.
* فالحكمة من مشروعية صلاة الجمعة اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون الناس لهم أيام يتعبدون فيها، ويخضعون لله سبحانه وتعالى بالعبادة، ويطبقون ذلك ويعملون بذكره؛ لما يحصل لهم من الطمأنينة في قلوبهم، والسكينة والراحة، وذهاب الوساوس، وذهاب الأوهام منهم، ووساوس الشيطان، فالله سبحانه وتعالى يشرع للناس يعني هذه العبادات، وهذه العبادات ممكن أن تكون يومية، وممكن أن تكون أسبوعية، وممكن أن تكون شهرية، وممكن أن تكون سنوية، فالله سبحانه وتعالى يشرع لهم هذه العبادات ليرحمهم، ويطمئن بقلوبهم ويطهر قلوبهم، وتذهب أوهامهم، والأضرار، وغير ذلك.
فهذه العبادات تكون على طوال السنة، فعلى العبد أن يقبل عليها، فإذا أقبل عليها واستمر سوف يجد الحلاوة حلاوة الإيمان، حلاوة اطمئنان النفس، تطهير القلب، كل ذلك يحصل له في هذه السنة، فالله سبحانه وتعالى شرع للناس رحمة بهم وليطهر قلوبهم ويطمئنون به هذا الدين ويرتاحون.
ولذلك انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تراه إلا في عبادة، لا تراه إلا في صلاة، لا تراه إلا في صوم، لا تراه إلا يحث الناس يوم الجمعة يعظهم ويبين لهم عظم الله سبحانه وتعالى، ويبين لهم عظم هذا الإسلام، وأنه إذا تمسكوا به اطمئنوا تطمئن قلوبهم، ولذلك الصحابة حصلوا على حلاوة هذا الإيمان، فاستمروا في دينهم وجاهدوا أنفسهم في العبادات حتى حصلوا على هذه السكينة والطمأنينة، فهذه العبادات من ذكر والصلاة وغير ذلك كله مصلحة للعباد، الله سبحانه وتعالى غني عن العالمين، فكل ذلك مصلحة واطمئنان وسكينة.
وكذلك الله سبحانه وتعالى شرع صلاة الجمعة ليتدارسوا فيها يوم الجمعة من الدروس، من الذكر، وغير ذلك في خلال الاجتماع فيها، ما يهمهم في شئون حياتهم الدينية والدنيوية، فالله سبحانه وتعالى في هذا اليوم جعلهم يعني عبادا يحبون هذا اليوم، ولذلك ترى الناس يحبون يوم الجمعة خاصة إذا اقترب، أولا يجتمعون في يوم الجمعة يصلون جميعا فيجتمعون للصلاة، وكذلك اجتماع الأهالي، الأهالي كل أهل يزورون أهاليهم ويجتمعون، وكذلك هو أصلا إجازة بعد إجازة يرتاحون الناس في هذا اليوم، يعني من ناحية الدين يرتاحون في هذا اليوم، ومن ناحية الدنيا يرتاحون في هذا اليوم، فالله سبحانه وتعالى يعني جعل لهم ذلك ليأكلوا ويشربوا وكذلك يصلوا.
ولم يجعل الله سبحانه وتعالى لهم صوما في هذا اليوم وحرم صوم يوم الجمعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أن الناس يجتمعون أهالي وأقارب وأولاد وأناس وأصدقاء، وغير ذلك فلذلك ترى هذا اليوم جعل الله فيه ماذا؟ الفرح والسرور، واطمئنان القلب، وراحة البدن والنفس، وتذهب عنهم أشياء، فعندهم هذا يوم الجمعة هو أفضل الأيام لما جعل الله سبحانه وتعالى فيه من الفرح والسرور، وهو عيد من أعياد المسلمين الأسبوعي، وهناك الأعياد السنوية كعيد الفطر وعيد الأضحى عيد يوم عرفة.
ففرض الله سبحانه وتعالى عليهم في هذا اليوم العظيم صلاة يوم الجمعة، وهي معروفة أن يصلي الناس ركعتين جماعة في نصف النهار، تسبق بخطبة الجمعة، فيها وما فيها من التذكير للناس، ووعظ الناس، وحثهم على العبادة، وحثهم على دنياهم، والاستمرار، ولما يحصل لهم من واجب الشكر شكر هذه النعم، ويتذكرون، والحث على العبادات ليحصل الاجتماع والمحبة والألفة بين المسلمين.
ولذلك ترى انشراح الناس يوم الجمعة، انظرهم إذا أتوا إلى صلاة الجمعة، وانظرهم إذا اجتمعوا، وانظرهم إذا خرجوا ماذا يحصل من السلامات والتحديث والجلوس وكذا، وأشياء كثيرة، فلذلك إذا كان هذا اليوم هكذا فعلى كل مسلم أن يحرص عليه لأنه يزداد فيه الإيمان، ويجعل لك فيه استمرار لطوال الأسبوع إلى أن تأتي لهذه الجمعة، ويحصل للناس من الوعظ والاجتماع والألفة والمحبة، فتعطي هذا المسلم تشجيع ونشاط ليقوم بالعبادة، وليقوم كذلك بدنياه؛ فيحصل لهم نشاط في دينهم ودنياهم.
ولا يخفى عليكم أن الهدف من خلق هذا الإنسان هو عبادة الله سبحانه وتعالى وتوحيده، واجتماع الناس على توحيده كما بين الله سبحانه وتعالى ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات:56]، يعبدون ليوحدوا لأن بهذا التوحيد اطمئنان القلوب، وانشراح النفس، ولذلك الله سبحانه وتعالى خلق؛ خلق كثير جدا لا يحصيهم إلا الله من الأمم السالفة، قرون تترا من الناس، بعض القرون الله سبحانه وتعالى قص بعض القصص علينا في القرآن، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الله سبحانه وتعالى ذكر بعض الأنبياء في القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك ذكر بعض الأنبياء، وإلا هناك أمم ما يحصيها إلا الله وخلق كثير.
وكذلك الأنبياء المئات من الأنبياء ما تستطيع أن تحصيهم أصلا أرسلهم للخلق، وبينوا هؤلاء الرسل أن ليس لكم اطمئنان إلا بهذا التوحيد، ما تدخلون الجنة إلا بهذا التوحيد، فعليكم بهذا التوحيد وترك الشرك، وترك عبادة الأصنام والنجوم والشمس والقمر وغير ذلك، مما بينوا لأن هذا فيه هلاك الناس، الشرك فيه هلاك الناس، فبينوا لهم الرسل أن في هذا التوحيد الحياة السعيدة الحياة الأبدية، اطمئنان القلوب، ولذلك بين الله سبحانه وتعالى ما أرسل هؤلاء الرسل والأنبياء إلا ليعلموا الناس التوحيد؛ لأن فيه اطمئنان ﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾ [النحل:36]، فليس لهم إلا التوحيد الناس، التوحيد فيه الاطمئنان والسكينة، فيه التقوى، فيه الهداية، كل خير يأتي من التوحيد.
فعلى الناس أن يحرصوا، فيه أناس كثرة يريدون السعادة ما يحصلون السعادة؛ لأنه سلكوا طريقا خلاف طريق التوحيد فلا يحصلون ذلك، يريدون أن يحصلون السعادة باللعب، باللهو، كثرة المال، كثرة الأسفار وما شابه ذلك لا، السعادة في التوحيد، انظر إلى لباس أهل الصفة يسير جدا، وليس عندهم مال ولا بيوت ولا شيء، يسكنون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكان من الجريد، ومع هذا هؤلاء كانوا مطمئنين لما عندهم من التوحيد، وكسرى والروم وغير هؤلاء عندهم الأموال لكن لم تكن عندهم السعادة هذه لماذا؟ لأن هؤلاء مشركون وهؤلاء موحدون، ما في شيء ثان، فلا بد على الناس أن يعرفوا هذا الأمر، فالله سبحانه وتعالى خلق الجن والإنس لعبادته لماذا؟ ليطمئنوا في هذه الحياة، وإلا يتعبون بدون التوحيد، بدون الدين يتعبون جدا، فالله سبحانه وتعالى بين لهم.
ومن أراد يعني الاستزادة في ذلك ينظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص144)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص272)، و«حجة الله البالغة» للدهلوي (ج2 ص474)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج30 ص10).
صيام يوم الجمعة يحرم أي نعم ما يجوز صيام يوم الجمعة، تخصيصه يعني انفراد قصدك يعني إذا صام الواحد قبله أو بعده لا، الكلام عام نحن نتكلم عام، أما إذا الشخص يصوم يوم الجمعة وعليه مثلا فرض أو نذر أو ما شابه ذلك هذا بينا كثيرا لا بد يصوم يوم قبله أو بعده، مثلا يصوم يوم الخميس ويصوم الجمعة، أو يصوم يوم الجمعة ويصوم يوم السبت، أما إفراد يوم الجمعة بالصيام فحرام ما يجوز؛ لأنه منهي عنه، والصيام يكون باطل، ويأثم عليه الشخص لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام يوم الجمعة يعني إفراده وتخصيصه بالصيام، مثل الآن لو صام يوم عيد الأضحى فالصيام هنا محرم ما يجوز، لو صام صيامه باطل ويأثم لأنه منهي عن الصيام فيه، كذلك عيد الفطر عيد الفطر كذلك، فلا يجوز، والأيام هذه الأعيان معروفة في الشريعة كلها منهي عنها، منهي عن صيامها.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.