القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم / الجزء (6) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: صلاة الجمعة فرض عين

2024-07-09

صورة 1
الجزء (6) كتاب الجمعة من صحيح مسلم: صلاة الجمعة فرض عين

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن فرضية يوم الجمعة، وبينا بالكتاب والسنة والإجماع على فرضية صلاة الجمعة، ولعل في هذا الدرس نسوق كلام أهل العلم في ذلك يقول ابن الهمام الحنفي في «شرح فتح القدير» (ج2 ص49): (واعلم أن الجمعة فريضة محكمة بالكتاب والسنة والإجماع، يكفر جاحدها)، فهذا يعني يبين أن صلاة الجمعة فريضة وبينا الآية المعروفة، وكذلك بالسنة والإجماع.

فالإجماع على أنها فرض على كل مسلم.

ويقول كذلك الكاساني الحنفي في «بدائع الصنائع» (ج2 ص654)؛ وعندما ذكر حديث الطبع على القلب كما ذكرنا في الدرس الذي سلف، وأن هذا الحديث فيه الوعيد يقول: (هذا الوعيد لا يلحق إلا بترك الفرض وعليه إجماع الأمة)، يعني إجماع الأمة على فرضية صلاة الجمعة، وأنها فرض على كل مسلم بالغ.

ويقول أبو بكر الكشناوي المالكي في «أسهل المدارك» (ج1 ص322 ): (وقد ثبتت فرضية الجمعة بالكتاب والسنة والإجماع)، ففرضية صلاة يوم الجمعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع إجماع الأمة على أنها فرض.

ويقول الخرشي المالكي في «حاشيته على مختصر خليل» (ج1 ص212): (لا خلاف عندنا)، يعني عند المالكية، وهذا كتاب المختصر للخليل في الفقه المالكي، يقول: (لا خلاف عندنا أنها)؛ أي: الجمعة فرض عين يعني فرض على كل مسلم، ليست فرض كفاية إذا قام أناس بصلاة الجمعة وصلوا فلو ما صلى أناس ليس عليهم شيء لأنه فرض كفاية لا، هذه فرض عين على الجميع، كل بالغ يجب عليه أن يصلي صلاة الجمعة في جماعة، وهي المحددة في الجوامع المعروفة في البلد، ولا يتخلف أي شخص إلا من عذر.

وقال الإمام الشافعي في كتابه «الأم» (ج1 ص188)؛ يقول: (ودلت السنة على ما دل عليه كتاب الله تعالى من فرضية صلاة الجمعة)، وهناك أحاديث كثيرة في أثناء الشرح في صلاة الجمعة مفصلة تبين ذلك، ويعني أخذنا بعض الأحاديث.

وبين النووي في كتابه «المجموع» (ج4 ص350 بين فرضية صلاة الجمعة ونقل عن الشافعية أنها فرض.

وقال ابن قدامة الحنبلي في «المغني» (ج2 ص142): (الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسنة والإجماع)، فدائما أهل العلم الآن يبينون لنا أن فرضية صلاة الجمعة ثابتة في الكتاب والسنة والإجماع، وذكرنا هذه الأدلة في الدرس الذي سلف.

وقال ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج5 ص63): (الجمعة ظهر يوم الجمعة، ولا يجوز أن تصلى إلا بعد الزوال، فافترض الله السعي إليها إذا نودي لها)، فكذلك هذا ابن حزم يبين هذا الحكم، وأن صلاة الجمعة فرض عين على الجميع، وبهذا العرض الموجز لأقوال الفقهاء يتبين أن صلاة الجمعة فريضة محكمة باتفاق العلماء فلا أحد يأتي ويقول أنها سنة، فقد خالف القرآن وخالف الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخالف اتفاق العلماء.

وكذلك ما يأتي شخص ويقول أن صلاة الجمعة فرض كفاية لأن في رواية عن الإمام مالك أنها سنة، صلاة الجمعة سنة! وكذلك لأبي القاسم قول وأنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن الباقي، لكن لو رأيت الآن الكتاب يثبت أنها فرض على الجميع، فرض عين على الجميع، وكذلك إذا رأيت الوعيد في ترك صلاة الجمعة في السنة رأيت أنها فرض كما بينا، وكذلك الإجماع إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع التابعين من بعدهم إلى يومنا هذا، فلا يلتفت إلى أي قول بعد ذلك ما دام ثابت في القرآن والسنة والإجماع، فعلينا بذلك.

فلا يأتي لكم شخص يقول لا والله سنة في قول هناك، أو مثلا يقول فرض كفاية هناك في قول، فهذا قوله ما يلتفت إليه، والأصل اتباع الدليل في كل شيء اتباع الدليل، ويعني المقرر في ديننا الإسلامي اتباع الكتاب والسنة والآثار، ولا يلتفت إلى الخلافيات أو اختلف العلماء أو شيء من ذلك؛ لأن ما ثبت في القرآن هو الثابت سواء تحريما أو تحليلا أو أمرا أو نهيا أو فرضا، فالأصل ما في القرآن ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء:59]، وما ثبت في السنة وإجماع العلماء.

ومن أراد الزيادة في ذلك فلينظر: «كشاف القناع» للبهوتي الحنبلي (ج2 ص22)، و«شرح صحيح مسلم للنووي» (ج 6 ص144)، و«نهاية المحتاج» للرملي الشافعي (ج2 ص283)، و«المبسوط» للسرخسي الحنفي (ج2 ص21)، و«البحر الرائق» لابن نجيم الحنفي (ج2 ص150)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص254)، و«الحاشية على الدر المختار» للطحطاوي الحنفي (ج1 ص338)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص276)، فمن أراد الزيادة في ذلك يرجع إلى هذه المراجع وهي موجودة عندكم.

بعد ذلك يعني هذا الخلاف نذكره فقط للفائدة، وإلا بينا أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم بالغ، وهذه نذكرها كما ذكرنا للفائدة فقط، لو يأتيك شخص يقول لك هناك قول أنها سنة، وهناك قول أنها فرض كفاية؛ فتعرف كيف ترد عليه وتبين له أن هذه الأقوال مرجوحة ليس فيها أي دليل، وأن الله سبحانه وتعالى بين فرضية الجمعة في القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك في السنة وإجماع الصحابة وإجماع الأمة على ذلك.

* فمن المتأخرين جمهور العلماء على أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم بالغ، وخالف في ذلك أبو القاسم الدينوري من الشافعية وقال أنها: فرض كفائي يسقط بإقامة البعض.

فقال ابن حجر الهيتمي: (وهو شاذ)؛ كما في «تحفة المحتاج» (ج2 ص405)، وانظر: «المجموع» للنووي في الرد على هذا القول (ج 4 ص350).

* فالإجماع قائم قبل هذا الخلاف أصلا، فهذا الأصل فلا يلتفت إلى هذا الخلاف ولا ينظر فيه، لكن هذا للفائدة وإلا من المتأخرين جمهور أهل العلم على أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم بالغ، وخالف في ذلك الدينوري وهو مخالف للكتاب السنة والإجماع، وهو من أهل الاجتهاد، واجتهد في هذه المسألة، وإلا ابن حجر الهيتمي يقول: (وقوله شاذ).

فإذا الإجماع قائم على أن صلاة الجمعة فريضة على كل مسلم، وهي فرض عين، ولذلك يقول البهوتي الحنبلي في «كشاف القناع» (ج2 ص22): (وهي فرض عين بالإجماع)، فهي فرض عين على كل مسلم بالغ بالإجماع.

وهذا يعني ما عندنا في هذا الدرس ولعلنا نكمل إن شاء الله في الدرس القادم، في أي سؤال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan