الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (7) أحكام اللعب والرياضة: اعطاء الأطفال حقهم من اللعب والترويح
2024-06-21
الجزء (7) أحكام اللعب والرياضة: اعطاء الأطفال حقهم من اللعب والترويح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللهو واللعب وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن لعب الأطفال من الأبناء والبنات، وبيَّنا الأدلة على ذلك، وما زلنا في تبيين هذا الأمر.
وهذا الأمر، كما قلت لكم، معروف في الشريعة المطهرة وفي السُنة وعند السلف الصالح وأهل العلم، ويبين كذلك الإمام الرملي، وهو من أئمة الشافعية، في منظومته ((بغية الإخوان برياضة الصبيان))، فيقول، وهو يبين، أن اللعب فيه ترويح على قلوب الأطفال.
فيقول الرملي -رحمه الله تعالى- في منظومته:
وراحة الصبيان بعد المكتب |
أن يأذن الولي لهم باللعب |
فإنه عند الصبا محبوب |
وقلبه أيضًا به يطيب |
فكثرة التعليم موت القلب |
ويُذْهِبُ الذَّكا وبعض اللب |
فيطلبون للخلاص حيلة |
تنجي من التعليم أو وسيلة |
فالرفق في كل الأمور أحسنُ |
قالوا بذا وصرحوا أو بينوا |
فيبين الرملي الشافعي هذا الأمر كذلك، وأن في الدين هذ أمر معروف، واللعب للأطفال يروح عليهم قلوبهم ويفرحهم، فبعدما يتعلمون ويقرأون، ويتعلمون العلم سواءً في مكتب أو في مركز أو في مدرسة أو في أي مكان أو في البيت.
فبعدما تعلمهم ويعلمون، إن كانت العلوم الدينية أو العلوم الدنيوية، فلعِّبهم وأذن لهم أن يلعبوا، وراحة الصبيان بعد المكتبِ أن يأذن الولي لهم باللعب، فعلى الأب أن يأذن لهم بعد ذلك باللعب ولا يضغط عليهم بالتعليم والتعلم ساعات طويلة، وبعض الناس يومًا كاملًا يعلم أولاده هذه العلوم الدنيوية؛ ليتميز ويرقوا وترتفع درجاته، ويظهر بعد ذلك الأول وما شابه ذلك من حرصهم، لكن هؤلاء ينسون أن الطفل لا يتحمل هذا الأمر.
كذلك بالنسبة للعلوم الدنيوية، كذلك لا يضغط عليه، ويكون تعليمه الساعات الطويلة، «فساعة فساعة».
فيقول: فإنه عند الصبا محبوب وقلبه أيضًا به يطيب.
باللعب واللهو، فالصغير يحتاج إلى ذلك، هذا كذلك في مذهب الشافعية، فالرملي من الشافعية يبين هذا الأمر، فينبغي أن يأذن الولي والأب أو الأم للصبي بالفراغ، بعد التعليم أن يلعب لعبًا جميلًا يستريح إليه من تعب تعليمه، وتفرح نفسه وكذلك تسُر، وينشرح صدره، وبعد ذلك يستطيع هذا الولد أن يتعلم مرة ثانية وهكذا...
وكذلك لابد على الأب أن لا يتعب الولد في اللعب كذلك، لابد على الأب أن يبين لهذا الولد كذلك بالنسبة للعب، وأن اللعب إذا كثُر يتعب الولد، فإذا كانت عنده من العلوم بعد اللعب الكثير، وهو المتعب، ففي الحقيقة لا يستطيع بعد ذلك الولد أن يتعلم أو يدرس، لا للعلوم الدنيوية ولا للعلوم الدينية.
فلابد على الأب أن يبين لهذا الولد الصغير أن يلعب على قدر حاجته ولا يتعب نفسه؛ لأن فيه أمور أخرى سوف يقوم بها، ممكن أمور أخرى؛ سفر أو ذهاب إلى الأقارب أو الأهل أو الأجداد أو الجدات أو غير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها.
فلابد كذلك أن نبين للأولاد هذا الأمر ويلعب على قدر حاجته، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه في التعليم دائمًا يميت قلبه ويبطل ذكاءه، وبعد ذلك إذا لم -في الحقيقة- نلعب الصبيان، ودائمًا نجعل الصبيان يتعلمون أو كذلك نحكر هذا الصبي أو الصبيان نحكرهم فلابد من الصبيان أن يطلبوا الحيلة؛ ليتخلصوا من هذا الأمر يصلون إلى الكذب على الأب أو الأم أو غير ذلك أو الولي، فيخلص نفسه من هذا الأمر.
ولذلك يقول الرملي: فيطلبون للخلاص حيلة تنجي من التعليم أو وسيلة
فلذلك جاء في الحديث روح النفوس، فساعة، ساعة، لابد من ترويح هذه النفوس للكبار والصغار والرجال والنساء والأبناء والبنات، ولابد على ما فصلنا فيه لكن بشرط أن يكون على الشريعة المطهرة، على ما بيَّناه، لم يكن الأمر فوضى.
وعلى التفصيل الذي بيَّناه؛ لأن إذا ما ننضبط على الشريعة في هذه اللعِب واللُعَب يكون الناس لعابين، لعب في لعب، لعابين، ماذا بعد؟! فكل شيء وسط، كل شي بالشريعة، وإذا لم ينضبط الناس في اللعِب واللُعب؛ فلذلك لابد من ضبط الأمور بالشريعة المُطهرة.
وإلا وقع الناس في المُحرمات، ويخرجون عن نطاق هذا الإسلام والدين؛ لأن الإسلام هذا قواعد وضوابط لابد للناس أن ينضبطوا مع هذه الشريعة حتى في اللهو واللُعب، فإذا خرجوا وقعوا في محرمات، كما بيَّنا. يلعب كثير من الناس في هذ اللعب العام في العالم، وعلى مستوى العالم والدول والنوادي، وما يُصرف فيها من الأموال واللهو والغفلة عن ذكر الله وترك الصلاة والقرآن وغير ذلك على ما بيَّنا.
فوقعوا في الحرام، ويظنون أن هذا أمرٌ مباحًا، والمباح يكون محرمًا، كما بينا في الدروس التي سلفت؛ ولذلك في حديث أبي جحيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ في صحيح البخاري، وهو كذلك في صحيح ابن حبان، قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعطي كل ذي حقٍ حقه».
فالجسم هذا يعني عليك فيه حق لابُد أن تؤديه، وكذلك أهلك وأولادك، فهؤلاء لهم حق، على التفصيل الذي بيَّناه، فلابد أن يلهو ويلعبوا فتروح عن أنفسهم ويرتاحوا، كما بين الرملي الشافعي هذا الأمر، هذا اللعب فيه ترويح عن قلوب الأطفال والصغار حتى الكبار على التفصيل.
واللعب الجميل يستريح فيه الناس كبارهم وصغارهم وخاصة الصغار بعد التعليم، فبعد التعليم لابد لهم من اللعب، ولا يكثر عليهم هذا التعليم من العلوم الدنيوية هذه أو الدينية، فالصغير ما يتحمل كما يتحمل الكبير؛ فلذلك لابد لهو من اللهو.
وراحة الصبيان بعد المكتب أن يأذن الولي لهم باللعب.
فلابد من هذا الأمر، فإنه عند الصبا محبوب وقلبه أيضًا به يطيب.
ويبين كذلك الأمر الآخر: فالرفق في كل الأمور أحسن.
يعني في كل شيء تكون فيه وسط فبلا شك أنك سوف تستريح في هذه الحياة الدنيا، في بيتك تستريح، في عملك تستريح، في طلب العلم تستريح، في قراءتك للقرآن، للعلم سوف تستريح، في أكلك تستريح يعني اللي يأكل كثير ما يستريح، يتعب كثيرًا، فلابد من الوسط في كل شيء يعني، يستريح منه والله بيتعب؛ لذلك حتى في السفر يكون وسطًا فيه العبد، دائمًا يسافر، دائمًا يسافر، وأي شيء بس واحد يقول له يلا باجر عمرة، يلا، هذا بدون ما نقول أسامي.
كل شيء وسط، اللي تبند عليه سيارته، واللي.... أقعد في بيتك أحسن لك ارتاح، كل شيء وسط، الذهاب إلى العُمرة يعني، أشياء كثيرة، اللعب وسط، كل شيء فيه وسط يرتاح الناس، لكن الناس إذا ضغطوا على أنفسهم يتعبون، بلا شك، يتعبون في هذه الحياة الدنيا، ويتضجرون منها.
فهؤلاء نقول لهم: في كل شيء لابُد أن تكون وسطًا، في كل شيء، وعلى حسب الاستطاعة، نقول لهم: الزواج وإعلانك النكاح وصرفك وسط في الزواج، ما يسمعون الكلام فيخرجون عن الوسطية ويكون عندهم أمور وتحدث مشاكل وأشياء حتى بعد الزواج.
في أشياء كثيرة تعب فيها الناس؛ لأنهم لم يتوسطوا فيها، فكل شيء له وسط...
فالرفق في كل الأمور أحسن، أرفق بنفسك، أرفق بأهلك، أرفق بأولادك، أرفق في وظيفتك، أرفق بجيرانك، أرفق في كل شيء، فالناس يترفقون بعضهم بعضًا في كل شيء، حتى الناس يرتاحون، انظر ماذا توصل العصبية في الناس؟ حتى أصبح عندهم الطلاق خاصة في هذه الأيام كشرب الماء.
الطلاق كثيرًا، يعصبون ويطلقون، تعب هؤلاء في الزواج رغم أن الزواج معناه الاجتماع، والزواج في الحقيقة فيه سعادة، ولابُد أن يكون هناك فيه خلاف لكنه ما يصل هذا الموصل، هؤلاء لماذا لم يتوسطوا في الزواج؟ ولم يعرف الزوج حقه على زوجته ولا الزوجة حقها على زوجها، ما يعرفون الحقوق فتقع منهم هذه الأشياء، فلذلك على الناس أن يترفقوا بأنفسهم في كل شيء.
المقصود أن، الرملي بيَّن هذا الأمر، أن اللعب فيه ترويح على قلوب الأطفال فلابد منه، يعني بعد التعليم، لا تجعلهم ساعات طويلة، ولا تجعل لهم أيام أو يومًا كاملًا، لابُد أن تعطيهم شيئًا من اللعب وشيئًا من التعليم سواء حفظ القرآن أو المدرسة أو كذا أو كذا.
كذلك الخروج معهم، كما بينت لكم، يفرحون بالأب إذا يذهب بهم ويلاعبهم أكثر من يلعبوا عند الجيران أو حتى في المركز، مع الأب يفرحون أكثر فينشطون أكثر فيما يريده الأب أو تريده الأم من غرس الأخلاق والبذل والعطاء والصلاة وكذا... إلى آخره.
لكن إذا الأب يبتعد كثيرًا عن الأولاد، الأولاد يتعبون ويتعِّبونه؛ فلذلك لابُد من هذا الأمر.