الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (3) أحكام اللُّعب والرياضة: أنواع اللعب والرياضة الواجبة والمستحبة في الشرع
2024-06-03
الجزء (3) أحكام اللُّعب والرياضة: أنواع اللعب والرياضة الواجبة والمستحبة في الشرع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن اللهو واللعب المعتبر في الشريعة المطهرة، وبيّنا أن الشريعة لا تأمر بشيء إلا وفيه خير، حتى لو كان لهوًا أو لعبًا في حدود الشريعة، وفي حدود الكتاب والسنة، وفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفعل الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم، فيكون في حدود التي حدها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفعل ذلك الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم كما سوف يأتي بالأدلة من السنة النبوية والآثار في هذا الأمر في الدروس إن شاء الله التي سوف تأتي.
وهذا اللهو واللعب المنضبط مع الشريعة بلا شك فيه فائدة في هذه الحياة الدنيا لجميع المسلمين، لكن بالضوابط فسوف يستفيد فعلًا، وتكلمنا عن القسم الأول وهو المحرم، وبيّنا هذا الأمر، وعندنا القسم الثاني: ما كان من اللعب معينًا على الحق أو ذريعة إليه، فإنه مندوبٌ فعله، ومثابٌ فعله كما بيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأحاديث، وفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك مع الصحابة، وكذلك الصحابة فعلوا هذا الأمر.
فاللعب المعين على نشاط العبد في العبادة وفي الدين، ويقوم بأشياء هي كذلك فيها ذريعة إلى نشاطه في هذه الحياة الدنيا، فهذا اللعب مندوب إليه، وإذا فعله العبد كان مثابًا عليه، إذا كان في حدود الشريعة، وهذا من سماحة هذه الشريعة الإسلامية، يعني: ... للعبد لعبًا ولهوًا ويثاب عليه، ومأمور به، وحكمه مستحب؛ لأنه يعين العبد على هذه الحياة، ولا تصيبه الأمراض النفسية والوساوس، والأوهام التي أهلكت كثيرٌ من الصوفية وغيرهم من المبتدعة الذين تركوا هذه الأمور، وأهل الوساوس.
فلذلك فالعبد يرفه عن نفسه؛ ليستعيد نشاط نفسه في هذه الحياة من ناحية شغله في الصباح، أو سوقه أو تجارته أو عبادته، أو ذهابه مع أهله، أو أولاده أو أقاربه، أو ما شابه ذلك في حدود الشرع، فهذا يستعيد النفس على نشاطها مرة بعد مرة كما بيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحنظلة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ «ساعة فساعة»، ولذلك الرمي رمي الرجل، وتدريبه لهذا الرمي، وتدريبه لفرسه للجهاد، للسقيه، للركوب إلى الحج، إلى العمرة، إلى المسجد، يعني: هذا في الزمان القديم هكذا كانوا، وممكن في بعض البلدان في هذا العصر يركبون الخيول، ويستخدمونها في السقية لأهلهم، لأولادهم، لأقاربهم.
كذلك للجهاد، فهذه الأمور إذا جعلها لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ من الرمي والتدريب، وغير ذلك، ويحتسب هذا، هذا فيه أجرٌ له، وكان الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم يفعلون هذه الأمور بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيلعبون ويلهون كما سوف يأتي، وبيّنا بعض الأدلة، هذه الأمور تستعيد النفس؛ لتنشط في هذا اليوم والذي بعده، وفي الأسبوع، وفي الشهر، وفي السنة، وهكذا، فتنشط، وأكبر دليل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل هذا الأمر، والصحابة، فعليك بالاقتداء بهؤلاء، لكن بشرط ألا يكون تفريط في هذا الأمر.
فإذا كان يتدرب على الرمي حتى لو كان هناك وقت، يجعل له في هذا الأمر، لكي يقوي جسمه، ويتعلم هذا الأمر، فهذا فيه أجر، وكذلك الذي الآن عندنا الجيوش والشرطة، هؤلاء يستعدون للأعداء في الخارج والداخل، في الصباح يتدربون، في المساء بالليل يحتسبون الأجر، لهم أجر على ذلك، لهم أجر على هذا الأمر، حتى لا تذهب أوقات في هذا الأمر؛ لأن الرمي وتدريب الفرس والفرسان، كان هذا في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في عهد الصحابة، ومن بعدهم، ويجعلون لهم أوقاتًا، فهذا الأمر يعني فيه أجر في ذلك.
وكذلك ملاعبة الرجل مع امرأته مع أولاده، سواءً في البيت أو في أماكن اللهو أو ما شابه ذلك؛ لاستعدادات هذه الأنفس، لتنشط بعد ذلك للطاعة، ولا تتضجر، ولا يصيبها وساوس، ولا مشاجرات، ولا غير ذلك، فتسعد بهذه الأمور، وخاصة الصغار يسعدون باللعب واللهو، فلا بد أن تعطيهم فرصة في هذا الأمر، يلعبون ويلهون وتعينهم على طاعة، وتخبرهم بهذا الأمر، نحن اليوم نلهو ونلعب، بعد ذلك نصلي ونلهو ونلعب ونقرأ القرآن، ونذهب إلى المركز تعليم القرآن، ونتعلم السنة، ونلهو ونلعب، ونحفظ السنة، وهكذا تخبرهم بهذا الأمر، فهذا الأمر لا بأس به.
فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي بالصور من البنات لعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُا، فتلعب مع البنات، ويلعبن بهذه الصور، وهذه الصور بنات، وهذا كله سوف يأتي، فأنت تلهو وتلعب مع أهلك ومع أولادك، لك أجر في ذلك، ترفه عنهم، تذهب عنهم الوساوس، وحالات النفسية هذه كما يقال وغير ذلك، فلا تظن أن هذا الأمر ليس بمشروع، لا هذا الأمر مشروع، وفي الحقيقة يكون هناك اجتماع مع زوجته وأولاده، ويجتمع الرجل مع أهله وأولاده، تكون هناك ألفة، ومحبة، ويشعرون أنه مهتم بهم، ويغدوا معهم، ويروح ففيها من الألفة والمحبة وتأليف القلوب، واقتراب القلوب، وإذا ما يحصل هذا الأمر، تحصل هناك تنافر بين الزوج وزوجته، ومشاكل، وخلافيات.
فلا يظن العبد أن هذه الأمور يسيرة أو تافهة، لا ما دام الشارع أمر بها، فاعلم أنها مفيدة للأفراد والجماعات، وتؤلف بين قلوب مراكز تعليم القرآن بين الطلبة والمدرسين، وبين المدرسين، وبين الطلبة، فهذا اللهو واللعب المحدود في الشرع، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ يجعله بين الأحبة ألفة، يتألفون بذلك، فالناس الآن يريدون الألفة والمحبة، والاجتماع، فيطبقوا هذه السنة، وهذا المندوب فيهم، سواءً مع الجيران بعضهم مع بعض، أو الأهل بعضهم مع بعض، أو الأقارب، أو الطلبة في المراكز، أو في المنطقة وهكذا، هذه تقرب القلوب وتجمع القلوب.
ويتعارف الجيران، ويتعارف الطلبة ويتعارف المدرسين، ويتعارف أهل المنطقة، إذا اجتمعوا في هذا الأمر مع الأمور الأخرى في العبادات، فتحل عليهم الألفة والمحبة والتعاون، فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يأخذ ويقارع بين زوجاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأي واحدة تصيبها القرعة تذهب معه في السفر، لماذا؟ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أنه فيه ألفة ومحبة، فافعل هذا الأمر لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ وانظر بعد ذلك، أما ترك هذا الأمر بالكلية لا يحدث مشاكل وأمور، فبهذا اللهو واللعب فينشرح الصدر للأهل والأولاد والأقارب، والأصدقاء، والزملاء، والطلبة والمدرسين وهكذا، فلا بد من تطبيق هذا الأمر على الشريعة، لكن إفراط أو تفريط في هذا اللهو واللعب يجر إلى المفاسد، إلى النفرة، إلى المشاجرة، إلى الاختلافيات.
انظر يكون أمور مضادة لما نقول عنه، كما حال أهل الكرة وأهل اللعب واللهو المطلق، بينهم مشاجرات اختلافيات، تصل إلى الاختلافات بين هذا البلد وهذا البلد، لماذا؟ لأن هذا اللعب واللهو من الشيطان، أما اللهو واللعب الذي نتكلم عنه القسم الثاني من الله، فهذا يجمع ولا يفرق، تنشرح به الصدور، ولا تنفر، أما لهو ولعب الشيطان الذي يفعله كثيرٌ من الناس الآن في البلدان هذا ينفر، ويحل حتى القتل والقتيل؛ فلذلك لا يفعله العبد إلا في حدود الشريعة.
فلذلك على الناس أن ينتبهوا فهذا اللعب واللهو لا بد أن يكون بين الزوج وأهله وأولاده ويطبق هذا الأمر وينظر، أما ترك هذا الأمر مطلقًا هكذا ففي الحقيقة تقع هناك خلافيات، وكذلك تعلم الآن مثلًا السباحة للكبار أو الصغار، هذا كذلك أمور مطلوبة ترفه عن النفس، وتشرح الصدر في مراكز تعليم القرآن، سواءً في البحر مثلًا أو في البرك المعروفة في الزراعات، فهذه الأمور كذلك تشجع المدرسين على الاستمرار في مراكز التعليم، تشجع الطلبة على حفظ القرآن وحفظ السنة، والتدين والدين، والتطوع وتشجيعهم، كذلك المخيمات في الشتاء، هذه تعين المدرسين، تعين المدرسات، الطلبة والطالبات على التدين، وعلى حب الدين، وأن الدين فيه هذا الأمر، تنشرح صدورهم.
* لأن ظهر لنا الصوفية قديمًا يتدين الشاب وينزوي في بيته، وبعد ذلك يجن ويقولون لك: الدين يجنن، والله أنتم المجانين، والصوفية هم المجانين، ليس هذا الدين، ما رأينا نحن هذا الدين يجنن الشخص، لكن لأن هؤلاء أفرطوا في التدين، والتطوع؛ فأصابهم ما أصابهم، لذلك أكثر الصوفية كلهم مجانين وفيهم وسواس، وفيهم بلاوي، وحتى مشايخهم ينزوون، حتى صلاة ما يصلي، ينزوي في غرفة وخلاص ما في حدا يدخل عليه، كلها في غرفته جنانوه، فهذا ليس من الدين.
فلذلك ما رأيت لا قديمًا ولا حديثًا من المتدينين أن واحد جن أو واحد كذا، أو واحد كذا، إلا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ يبتلي شخص مثلًا أو شخصين، هذا ابتلاء من رب العالمين، لكن ما يفعله هؤلاء الصوفية وغيرهم والخوارج وينزوون عن الناس، فتقع الفتنة في أنفسهم، وهذا من الشيطان، فلذلك هذه الأمور المنضبطة مع الشريعة، ترفه عن النفس، وهي طيبة للرجال والنساء، والأبناء والبنات، وهذا أمرٌ مشروع.
ولذلك يقول القرطبي رحمه الله تعالى في «تفسيره» عندما ذكر السباحة وتأديب الرجل فرسه وما شابه ذلك، هذه الأمور الثلاث وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط، فإنه حقٌ حتى لو كانت السباحة وما شابه ذلك لهو ولعب وينشط بها، فإنها حقٌ، لماذا؟ لأن الله أمر بها، وإن كان لهوًا ولعبًا، وما دام هو حق لك أجر فيه، تلهو وتلعب ولك أجر فيه، هذا يدل على سماحة هذه الشريعة، وهذا الدين، وأن الذي يفعله المبتدعة من الاضطرابات والانزواء والعزلة والوساوس والأوهام، وغير ذلك ليس من الدين، وليس من الشريعة، هذا من شريعتهم البدعية، ومن ديانتهم الباطلة، ليس من الدين الإسلامي، وليس في القرآن ولا في السنة أفعال هؤلاء.
ولذلك وقعوا في الفتن الكثيرة، فترى الخارجي الداعشي إذا انتكس عن أفكاره تراه يذهب إلى المعاصي بقوة، ما يقف، إلى أن يصل إلى المخدرات، إلى شرب الخمور، إلى النساء، إلى كذا، إلى كذا، فأما إفراط أو تفريط، فهذا يدل على ماذا؟ يدل أن هؤلاء على باطل، ولم يتمسكوا بسماحة الشريعة، وما أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ به، وأمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا اللهو واللعب حق، لك أجر فيه، لذلك ترى في نفسك انشراحًا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، ونشاطًا للدين، فيرجع العبد ينشط في قراءة القرآن، في السنة، في قراءة العلم، في الأذكار، في الصلاة، في كذا، في كذا، ويحب الدين ويحب التدين.
وهذا يحصل؛ لأنه من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، فيبيّن هذا الأمر، هذه الأمور الثلاثة، فإنه وإن كان يفعلها على أنه يتلهى بها وينشط فإنه حقٌ؛ لاتصاله بما قد يفيد، فإن الرمي بالقوس وتأديب الفرس جميعًا من معاون القتال، وملاعبة الأهل فتؤدي إلى ما يكون عنه ولدٌ يوحد الله ويعبده، فلهذا كانت هذه الثلاثة من الحق، شوف يصل الأمر إذا الشخص يلعب ويلهو مع أهله فالأهل يحبون هذا الزوج؛ ولأنه متدين فيحبون الدين، فممكن أن، إما أن تتدين إذا كان عندها نقص في دينها بالقوة، أو تزيد في الطاعة وما شابه ذلك؛ لأن أنت فرجت عنها، وشرحت صدرها بهذا الأمر، فتحب الدين وتحبك؛ لأن انشرح صدرها.
فبعد ذلك إذا أتت بولد تعلمه على الدين، وتعلمه على الطاعة، بخلاف لو كان هذا الزوج بعيد عنها إلا في المنام أو في كذا أو في كذا أو الأكل والشرب، لكنه بعيد عنها جدًا، إذا خرج ممكن إن هذه ما تحب الدين، وممكن تنتكس، وممكن لو أتى أولاد ما تعرف كيف تعلمهم، ممكن تعلمهم أشياء، ما تعرف عنها شيء في الدين، ممكن تعلم الأولاد بالمحرمات والمعاصي؛ لأن الأولاد أكثر الأوقات مع الأم؛ لأن هذا بعيد، لكن إذا كان قريب لا.
فانظر ماذا يعني: قال القرطبي: قد تؤدي إلى ما يكون عنه ولدٌ يوحد الله، ويعبده، فاللهو واللعب هذا يعني: والترفيه عن الزوجة والأولاد أو الجيران أو الأقارب، أو الزملاء أو غير ذلك هذا فيه فوائد كثيرة، فلذلك ترى حتى إن جماعة الحق إذا فعلوا هذا الأمر يكثر عندهم الناس؛ لأنه يكونون قريبين من الناس، يتداخلون مع الناس، يدعون الناس إلى هذا الأمر، لكن إذا ما عندهم هذا الأمر فيكونون بعيدين عن الناس، فلا بد أن يأخذ هؤلاء الناس أهل الباطل من الإخوانية وغيرهم في مراكزهم وفي مخيماتهم، وسياحتهم وغير ذلك كما تروا.
فلا يكون لأهل الحق نصيب في هؤلاء، فلا بد وهذه الأمور الترفيهية تريد وقت وصبر منك وأموال تصرف خاصة في هذا الزمان، فلا بد من المعاونة على هذا الأمر؛ لأن أنت ينشرح صدرك وأهلك وعيالك وجيرانك وزملائك ومراكزك وإلى آخره، ففيه فوائد كبيرة ودعوة على السنة تعلم هؤلاء في هذا اللهو واللعب، بدل الإخوانجية يأخذونهم عنك، ويفسدونهم، وبعدذلك أنت تحبب الذين معك الصغار والكبار في الوطن، حب الوطن، وخدمة الوطن، والتعاون في الوطن، مع ولي الأمر، مع المسؤولين، مع المسلمين، فهذه الأمور طيبة للدعوة تدعو هؤلاء العوام وهذا أمرٌ مشاهد ومفيد كما ترون، فلذلك لا بد الدخول مع العامة، ودعوة العامة؛ لأن العامي إذا رأى شيئًا من هذه الأمور يحب التدين، يحب المتدينين، ثم بعد ذلك يُعلم.
ولذلك كل شخص وكل جماعة وكل أفراد لا بد أن تعرف كيف تدعوهم؛ لأن بعض العوام لو أتيت له بكتاب التوحيد شرحت له، ممكن أن ما يستطيع هو أصلًا أن يطلب العلم، يتضجر من جهله، لكن ممكن أن تأتي به في لهو واللعب، في بعض العبادات التي يحبها كالعمرة، ككذا وكذا، ثم إذا رأى أن في هذا الدين هذه الأمور، وينشرح صدره فسوف يطلب العلم بعد ذلك، فلا بد أن نفعل هذه الأمور.
لذلك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ شرع اللهو واللعب لهذا الأمر كذلك، لعموم هؤلاء العوام، للزوجات، للأولاد، للجيران، للأصدقاء، كيف تأتلف قلوبهم بهذا الأمر، فلا بد من النشاط في هذه الأمور، وأهل العلم في الحقيقة تكلموا على هذه الأمور، ذكرنا لكم أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أهل العلم والآن، وسوف يأتيكم بعد ذلك.
ويقول الشاطبي في «الموافقات»: يعني: بكونه باطلًا أنه عبثٌ أو كالعبث، ليس له فيه فائدة، ولا ثمرة تجني، بخلاف اللعب مع الزوجة فإنه مباح يخدم المرء، وهو ضروري وهو النسل، وبخلاف تأديب الفرس، وكذلك اللعب بالسهام، فإنهما يخدمان أصلًا، تكميليًا وهو الجهاد، فلذلك استثنى هذه الثلاثة من اللعب الباطل، اللعب المطلق كما ترون الذي يقع منه الشهوانية هؤلاء ألعاب كثيرة تلهو عن الصلاة وعن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، هذه كلها ألعاب باطلة، لكن هناك لهو ولعب يخدم العبد، يخدم الزوجة، يخدم الأولاد، يخدم الجيران، يخدم المسلمين، فتعاون معهم لكي تعلمهم بعد ذلك الدين.
فبخلاف اللعب مع الزوجة وبالسهام وما شابه ذلك، كل هذه الأمور مفيدة للناس، وممكن أن يكون بعض اللعب والتمرين وما شابه ذلك واجبًا في الشريعة؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ أمر بعبادات، هذه العبادات لا بد لها من هذا الأمر، هو في نفسه لهو والتدريب هذا من اللهو، ومن اللعب، فمثلًا المجاهدون هؤلاء لا بد أن يتعلموا الرمي، وما شابه ذلك من الأمور لمعرفة أمور الجهاد والأسلحة، فهؤلاء سوف يكون عليهم واجب هذه الأمور، وولي الأمر يأمرهم بهذا الأمر، فمثلًا الجيوش والشرطة فلا بد أن يتعلموا السلاح، ويتدربوا وهذا واجب عليهم، لأن فيه منفعة للإسلام والمسلمين، حماية للبلدان، حماية للعبادات، حماية للأماكن العامة، حماية للمساجد، أماكن العبادة، حماية مراكز التعليم وغير ذلك، فهؤلاء يحمون.
فلا بد أن يتدربوا على السلاح، لا بد أن يكون لهم أوقات، وممكن كثيرة يتدربون فيها ويلهون ويلعبون فيها؛ لأن هذا من اللهو، لكنه واجب هذا التدريب، وهو أمر من ولي الأمر، ولذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدرب الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم، وكان بعض الصحابة متخصصين في الرمي كسعد بن وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، في الرمي، وكذلك خالد بن الوليد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ كان عنده سياسة قوية متخصص في هذا الأمر، كقيادة الجيوش ومنهم المنادي في الجيش، وغير ذلك من هذه الأمور التي سوف تأتي، فلا بد من إعداد العدة حتى في هذا الأمر؛ لأن بهذا الأمر إذا تدربوا وعرفوا، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ بسببهم ينزل الأمن والأمان، ويقمع العدو في الخارج والداخل.
لكن إذا أناس غير متدربين ما يعرفون، والعدو متدرب، وممكن يعني بعض البلدان مثلًا غير متدربين مثلًا، فلا بد من التدريب ويهتم بالأهم فالأهم، وأهم شيء طلب العلم، فلذلك لا بد من التدريب، وهذا واجب للعساكر، وفي الأشياء الباقية هي مستحبة لعموم المسلمين، ولذلك بيّن بعض أهل العلم مثل: ركوب الخيل، والإبل، والرمي، إذا تعينت للجهاد الواجب، ويقاس عليها في عصرنا بعض الأمور، كالتدريب لأهل الكفر في الخارج وأهل البدع في الداخل من الرافضة وغيرهم، فلا بد من التدرب لهؤلاء.
ولذلك بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في «السياسة الشرعية» (ص61) يقول: (يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فيتعين على أناس ويجب أن يتعلموا هذه الأسلحة وهذا السلاح الذي يأمر به ولي الأمر). اهـ
ولعل إن شاء الله نكمل عن القسم الثالث من اللهو واللعب إن شاء الله الأسبوع القادم، بالنسبة عن الصحابة كانوا يلعبون ويتصارعون وما شابه ذلك وبيأتي الكلام على هذا، وهناك آثار وبيّنت لكم هذا في الحدود، يكون أمرٌ محدود؛ لأن الأمور في الحقيقة إذا زادت عن أمرها فلا بد أن يكون هناك خلافيات؛ لأنه في أناس لا يتحملون، مثلًا كثرة اللعب في هذه الأمور، فلا بد من الاكتفاء، ويكون وقت محدود، وممكن في أناس لا يستطيعون أن يتصارعون وقت أكثر، وأنت فيك هذا النشاط مثلًا فممكن، لكن في أناس لا، ليس كل واحد يستطيع أن يتحمل هذا الأمر، لكي لا يقع هناك خلافية وأشياء، فكل شيء له حدود، وهكذا.
وفي الحقيقة تأتي الأحاديث والآثار في هذا الأمر للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة.
سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت.