الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (1) أحكام اللعب والرياضة: مقدمة في أهمية اللعب والرياضة
2024-06-03
الجزء (1) أحكام اللعب والرياضة: مقدمة في أهمية اللعب والرياضة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ولعلنا في هذا الدرس نتكلم عن: «أحكام اللعب والرياضة»، وكلمة اللعب فصيحة والبعض يقول ألعاب، واللعب أمر به الشارع أحيانًا، واعلم أن الشارع لا يأمر بشيءٍ إلا وفيه خيرٌ للعبد، وخيرٌ للناس، فلا يتساهل العبد في هذا الأمر، وينظر أن هذا الموضوع ليس فيه أي أهمية، لا، سوف ترى في أثناء الشرح أن له أهمية كبرى على الأفراد والجماعات في البلدان.
وفيه أمور عظيمة للعبادة وسوف يأتي إن شاء الله هذا الأمر، وسوف تنظر أن هذا الأمر له أهمية كبرى للناس.
واللعب: جمع لعبة بالضم، وهي كل ملعوبٌ به، فيقال له: لعبةٌ ومنه الشطرنج والنرد، وأصل اللفظ مأخوذٌ من لعب وهو ضد الجد، ولعب فلان إذا كان فعله غير قاصدًا به مقصدًا صحيحًا، واللعب من الألفاظ المشتركة يطلق تارة على العبد، والفعل غير الجاد، وبيّن هذه اللغة الجوهري في «الصحاح»، والراغب في «مفردات القرآن»، وابن منظور في «لسان العرب»، والفيومي في «المصباح المنير»، فهذا هو اللعب وهو ضد الجد.
والرياضة لغةً: مصدر راض يروض روضًا ورياضًا، أي: ذلل يقال: راض نفسه بالتقوى، وراضى القوافي الصعبة كلها بمعنى: ذلل كما ذكر الفيروز آبادي في «القاموس المحيط»، وكذلك الزبيدي في «تاج العروس».
وفي الاصطلاح: الرياضة القيام بحركات خاصة تكسب البدن قوةً ومرونةً، وهو ما يسمى: بالرياضة البدنية كما في «المعجم الوسيط» فِي(ج١ ص 382).
ولقد جاء الإسلام بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك في الفتاوى، فالإسلام جاء بتحصيل المصالح، بل وتكميل هذه المصالح في العباد، وتعطيل المفاسد بجميع أنواعها في العباد، وتقليل هذه المفاسد في العباد، لماذا؟ لكي يعبد الناس الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ في أمن وأمان، وفي نشاط بلا كسل، وبلا انزواء، وبلا غلظة في القلوب وقسوة فيها، فأتى الإسلام شاملًا جميع ما يحتاجه الناس في أرواحهم وأجسامهم، فأشبع حاجات البدن كما أشبع حاجات الروح، فلم يجعل العبد الحرية المطلقة في ممارسة اللعب، فيفوت عليه بذلك القصد من خلقه، وهو عبادة الله.
ولم يحجر عليه في تحريم شيءٍ يصادم غريزته البشرية في حالتها السوية، بل دعاه إلى أن يعطي بدنه حقه من الراحة واللعب، فلقد بلغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضيَ اللهُ عنهُما يقوم الليل، ويصوم النهار -يعني كل يوم- فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا». أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».
فهذا هو الإسلام، كما أن أمر بالعبادة، والعبادة فيها أمور لا بد على العبد أن يجعلها ساعة فساعة؛ لكي لا يتضجر، ولكي لا يمل، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن للأمة هذا الأمر؛ ليروحوا عن أنفسهم، وعن أجسامهم، ويعطوا ذلك الحق؛ لكي لا يفرط هذا العبد بعدم تنفس نفسه في هذا الأمر، وترويحها، فإن الذي يترك هذا الأمر ولا يعطيه الأهمية فيقسو قلبه، ثم بعد ذلك ينزوي ويوسوس له الشيطان فيبغض الناس، بعد ذلك يقع منه الأضرار الكثير على الناس.
وانظر إلى الخوارج قديمًا وحديثًا، انزوا عن الناس، ولم يختلطوا بالناس، ولم يروحوا عن أنفسهم في الأمور التي كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بها ويفعلها مع الصحابة؛ لأن فيها فائدة، فقست قلوبهم وأبغضوا الناس، فقتلوا الناس، وذبحوا المسلمين؛ بسبب هذا الأمر؛ لأن القلوب هذه يران عليها، فالنفس تغلظ بعد ذلك فلا بد من هذا الأمر.
فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لابن عمرو رضيَ اللهُ عنهُما هذا الأمر، فبيّن له العبادة، وبيّن له ما يرتاح به القلب، وترتاح الروح والنفس معًا، فبيّن له صم وأفطر لكي ترتاح، تروح عن النفس، وأمره بالقيام والنوم؛ لكي ترتاح النفس، ويروح نفسه، ثم بيّن له الأمر الآخر، «وأن لجسدك عليك حق»؛ لأن بالإفطار والأكل والشرب، والنوم راحة الجسم، فتنشط الروح، ويتراوح لها لتقبل على العبادة بقوة ولا تركن هذه النفس إلى الوساوس الشيطان، وإصابة النفس بأمور من القلق؛ لأن الشيطان يوسوس لبني آدم الذي ينزوي، ولا يعتبر هذه الأمر شيئًا، وأن هذه لهو ولعب، لكن لو فعله العبد على أنه يروح نفسه للإقبال على طاعة الله والعبادة، واختلاطه بالناس، ودعوة الناس؛ لرأى أن في ذلك فائدة كبيرة له.
ولذلك ننظر إلى الذين ينزوون ولا يروحون عن أنفسهم، لا بالعبادة ولا باللعب المباح ترى يصيبه الحال النفسية والكآبة والقلق والوساوس؛ حتى يختل عقله ويصيبه ما يصيبه من الاضطراب، ويهلوس وأشياء كثيرة، حتى منهم من يغلظ على الناس ومنهم من يُجِن ويُجَن، وانظر إلى الصوفية هذا أكبر دليل؛ لذلك ترى الجنون في هؤلاء أكثر؛ لانزوائهم وبزعمهم أنهم ينزوون للعبادة، ويختلون بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، ومنهم من يزعم أنه يختلي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا من الافتراء على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، والافتراء على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ لم يأمر بذلك، بل أمر بالاختلاط بالناس والدعوة والعبادة مع الناس، ومع الجماعات وإلى آخره؛ لأن هذا هو من أصول الإسلام، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ أعلم بعباده، ويعلم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ أن هذه الأمور لهم خير، لكنه لا بد أن يكون هذا الأمر في حدود الشارع، فالإسلام دين الحنيفية السمحة، وهو مبنيٌ على التخفيف والتيسير، لا الضيق والحرج، وقد رفع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ فيها الآصال والأغلال التي كانت على من قبلنا؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ يعلم أن بني آدم ضعيف، وابن آدم هذا ضعيف، وهذا العبد ضعيف، فيحتاج لهذا الأمر لكي يتقوى على عبادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، ودعوته إلى الناس والاختلاط بالناس.
والاختلاط بالناس بلا شك يروح عن الأنفس والأجسام؛ لأن هذا الدين دين فيه سماحة وتخفيف وتيسير على الناس؛ لأن الناس إذا أومروا بالعبادة المطلقة بدون هذه الأمور، وبدون التيسير والتخفيف؛ تضيق عليهم الأمور، ويملوا فيعلم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ أنهم يحتاجون إلى ترويح أجسامهم وأنفسهم؛ ولأجل ذا أباح الإسلام استعمال بعض اللعب الذي يعين المسلم على مكابدة العبادة، ويخفف عليه مشاق الحياة، شريطة أن يكون منضبطًا بحدود الشرع، والأصل في ذلك أحاديث كما سوف يأتي ذكرها، منها حديث حنظلة رضيَ اللهُ عنهُ أنه قال: (لقيني أبو بكر رضيَ اللهُ عنهُ فقال: كيف أنت يا حنظلة، قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول، قال: قلت: نكون عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر لنا النار والجنة؛ حتى رأي العين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عافينا الأزواج والأولاد والضيعات)، يعني: ضيعات المال فنسينا كثيرًا.
قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» يردد ذلك ثلاث مرات، وهذا الحديث أخرجه مسلمٍ في «صحيحه»، والترمذي في «سننه»، وابن ماجة في «سننه».
وهذا الحديث يبيّن هذا الأمر، وهذا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يبيّن لهم العبادة ساعة، واللهو واللعب مع الأزواج والأولاد وهنا وهناك ساعة، فللعبادة زمان، وبدنيًا زمان وللأعمال زمان، وللهو زمان، فعلى العبد أن يعطي كل شيءٍ حقه، وإذا كان اللهو بذلك للتقوي على طاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ بترويح النفس؛ لأن النفس إذا فرحت وروح عنها فأقبلت على العبادة وعلى غير ذلك بنشاط وهمة عالية وحب لهذا الأمر، ولذلك رأينا الذين ينزوون من الصوفية وغيرهم من الخوارج يتركون العبادة؛ لأن هؤلاء أفرطوا في هذا الأمر.
ولا نكون مثل الحزبية الذين يلهون مطلقًا فضيعوا كذلك العبادة، فهؤلاء ضيعوا العبادة، وهؤلاء ضيعوا العبادة، فلا إفراط ولا تفريط، لكن هذا الدين دين وسط في كل شيء، ولذلك كما ثبت في صحيح البخاري ومسلم حديث عائشة، تقول رضيَ اللهُ عنهُا: «والله لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسترني برداءه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة في السن»، حريصة على اللعب، فعائشة تبيّن هذا الأمر والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إلى الصحابة من الحبشة وهم يلعبون، وهذا فيه ترويح للنفس، فلا بأس أن تنظر إلى الناس يلعبون اللعب المباح الذي موافق للكتاب والسنة، لا الذي فيه تفريط وإفراط.
فإن النظر إلى المصارعين وما شابه ذلك إثم، وإلى اللاهون الذين لا يهتمون بالعبادات بل باللهو واللعب، كالكفرة من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، فإن النظر إلى لعب هؤلاء فيه إثم بلا شك، وضياع للأوقات؛ لأن ألعاب هؤلاء كثيرة جدًا، تلهو عن العبادة وعن الصلاة وغير ذلك كما وقع في ذلك العوام، فخسروا عبادات وأجور وصلوات للنظر إلى هؤلاء اللاعبين الذين يلعبون مثلًا كرة القدم وغير ذلك، هؤلاء ضيعوا أنفسهم في هذا اللعب، فلماذا أنت أيها المسلم تضيع وقتك في هذا الأمر؟.
فلذلك لا بد على العبد أن ينظر إلى هذا الأمر، فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إلى الصحابة وهم يلعبون، فلا بأس بذلك، ولذلك يقول القاري في «مرقاة المفاتيح» (ج3 ص11)، يعني: لا يكون الرجل منافقًا وهو يعلق على حديث حنظلة، يعني: لا يكون الرجل منافقًا بأن: يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور، ففي ساعة الحضور تؤدون حقوق ربكم، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم.
فلا يجوز للعبد أن يترك العبادة لأجل اللعب، أو النظر إلى أهل اللعب واللهو الذين وقعوا في اللهو المطلق، لكنهم أهملوا العبادات وأهملوا هذا الدين، وليس عندهم إلا الصلاة، يعرفون بها، لكن طلب العلم والدعوة إلى الله وغير ذلك فلا، فلذلك لا بد من تأدية حقوق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، وهي ساعة وكذلك اللعب واللهو تقضي حظوظ الأنفس من الراحة أحيانًا.
ولذلك في ديننا فسحة، وهذا الأمر من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ ومن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالله لم يأمر الناس إلا بخير، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر الناس إلا بخير، فلا بد أن يكون لك فسحة مع أهلك، مع أولادك، مع جيرانك، مع أصدقائك، مع أصحابك، ومع المسلمين لكي تروح عن نفسك، وإلا بالانزواء عنهم وترك هذا الأمر يجر العبد إلى قسوة القلب عليهم، وأمور أخرى تجر خاصة العبد إذا تدين.
وانظر كيف وقع هؤلاء الخوارج في هذه القسوة لانزوائهم، وترك هذا الأمر؛ لأن يعدون هذا الأمر ليس بشيء، ولا يحتاجون إليه، رغم أن الروح تحتاج إلى هذا الأمر، والجسد يحتاج إلى هذا الأمر، ففي هذه الأحاديث دلالة على مراعاة الإسلام لحق الجسم في الراحة، وإعطاءه حقه في استعمال اللعب ما دام أنه ضمن الإطار الشرعي المباح، فعلى العبد أن يتذكر هذا الأمر، ولا بد أن يجعل لنفسه هذا اللهو واللعب أحيانًا؛ لأن الإسلام أتىبه، والإسلام لا يأتي بشيءٍ إلا وفيه خير للناس، لكن عليهم أن يتوسطوا كما أن العبادة إذا لم يتوسط فيها غلا فيها كغلو الخوارج، وغلو الصوفية حتى ابتدعوا أشياء كثيرة، وصلوا إلى قتل المسلمين؛ لأنهم لم يتوسطوا في العبادات.
ولذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لابن عمرو رضيَ اللهُ عنهُما أن يصوم ويفطر، ويقوم وينام؛ لأن هذا هو الوسط، وهذه الأمة أمة وسط وعدل، ففي كل شيء وسط، فحتى في هذا الأمر، نقول لك: أنت مثلًا ما تنام، دائمًا في العبادة، أو كله في العمل، أو ما شابه ذلك، هذا ليس في الإسلام، بل اعبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، واعمل ونم وألهو وألعب، لكن في حدود الشريعة، فإن فعلت فإن هذا فيه خيرٌ لك، وهذا حتى أن الطب الحديث يبيّن هذا الأمر، وهذه من الأمور التي جعلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ يتعلمها الناس فيبينون سماحة الإسلام الذي بيّنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أكثر من ألف وأربعمائة سنة.
الآن الطب الحديث يبيّن أهمية الرياضة والمشي واللعب وغير ذلك من ما يحتاجه الناس؛ لأن فيها ترويح للنفس والقوة وما شابه ذلك، فيتقوى الناس على هذه الحياة، فيتقوى الناس كذلك على العبادة؛ لأنه يختلف الذي يصلي على الكرسي والذي يصلي وهو قائم، ففي فرق بين هذا وذاك، فهذا فيه قوة وهذا لا، لماذا؟ لما أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ به، فأنت تلعب وتتقوى بعضلاتك، فيصير عليك مصيبة.
فالمقصد من هذا؛ لأن في أناس من الخوارج والعصاة يعملون هذه الأمور واللعب والقوة وما شابه ذلك لضرب الناس، وما إلى آخره فيحصلون الآثام، لكن لا، أنت تتقوى للعبادة، إذا كان فيك قوة للركوع، والسجود يختلف، الذي يصلي على الكرسي، فلذلك يتبيّن لكم أن هذا الأمر أمر به الشارع وهو خير للناس، فلذلك فلا بأس أحيانًا وأن تتقوى بعضلاتك وغير ذلك؛ لتأدية هذه العبادة بأكمل وجه، والذي يهمل هذا الأمر في الحقيقة يضعف شيئًا فشيئًا فتضعف العبادة، ووجدنا أناس تركوا العبادة من صلاة في الجماعة في المسجد، ويصلون في بيوتهم، بل أناس تركوا الصلاة بالكلية، وتركوا العبادات الأخرى.
فيتبيّن أن اللعب واللهو يقوي على ماذا؟ على العبادة، فليكن لك وقتًا لهذا الأمر؛ لكي تتقوى على العبادة، من كان خفيفًا إلى من كان ثقيلًا يختلف، يكون العبد في سجوده، في ركوعه غير، فهذه من الأمور تركها الناس، فحصلت لهم هذا الأمر، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل هذا الأمر، والصحابة وتقوا بذلك على العبادة، بيأتي أمر الجهاد والرمي وما فيه من الفوائد، فحصلت انتصارات وأمور أخرى، فلا تظن أن هذا اللعب والرياضة هكذا، بل ألف كتب ككتاب الرياضة لأبي نعيم الأصفهاني، وهو كتاب مفقود لكن الجزء منه موجود ومطبوع، فلذلك صارت انتصارات بهذه القوة وبهذه التمارين وما شابه ذلك.
وسوف تأتيك فوائد.