الرئيسية / باب الحيض من زاد المستقنع / باب الحيض من زاد المستقنع
2024-04-29
باب الحيض من زاد المستقنع
لعل في هذه الدروس نتكلم عن أحكام الحيض من كتاب: «زاد المستقنع» للحجاوي، وشيء من الفوائد من «الشرح الممتع على زاد المستقنع» لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الكتاب: «زاد المستقنع»:
«باب الحيض».
* والحيض في اللغة: السيلان، يُقال حاض الوادي إذا سال، وفي الشرع: دم طبيعي يصيب المرأة في أيام معلومة إذا بلغت.
ثم قال المؤلف بعد ذلك: (لا حيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين).
قال شيخنا رحمه الله تعالى: قوله: لا حيض قبل تسع سنين أي: لا حيض شرعًا قبل تسع سنين، فإن حاضت قبل تمام التسع فليس بحيض، حتى وإن حاضت حيضًا بالعادة المعروفة، وبصفة الدم المعروف فإنه ليس بحيض بل هو دم عرق، ولا تثبت له أحكام الحيض.
* وقوله: (قبل تسع سنين) أي: انتهاؤها، فإذا حاضت من لها تسع فليس بحيض، وبعد التسع حيض، ولا بعد الخمسين أي: ولا حيض بعد تمام الخمسين سنة، فلو أن امرأة استمر بها الحيض على وتيرة وطبيعة واحدة بعد تمام الخمسين فليس بحيض، وهذا قول المؤلف رحمه الله تعالى لا حيض قبل تسع سنين ولا بعدها خمسين، فلو حاضت المرأة قبل التسع فليس بحيض، ولو حاضت بعد الخمسين ليس بحيض، وهذا الكلام فيه نظر.
والقول الصحيح من هذا: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «الفَتَاوَى»، وَ«الاختيارات»، وكذلك هذا قول ابن المنذر، وجماعة من أهل العلم أنه لا صحة لهذا التحديد، يعني التحديد إذا حاضت قبل التسع ليس بحيض، وإذا حاضت من التسع وما فوق فحيض، أو إذا حاضت بعد الخمسين ليس بحيض، وإذا حاضت قبل الخمسين فهو حيض، فهذا التحديد ليس بصحيح، وهو قول ضعيف، والصحيح: أن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض فهو حيض صغيرة كانت أو كبيرة، فهذا هو القول الصحيح أن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض، يعني متى رأت الحيض أو دم الحيض سواء قبل التسع أو بعد التسع، سواء قبل الخمسين أو بعد الخمسين؛ فهذا يعتبر حيض إذا كان دم الحيض المعروف المختلط بالأحمر والأسود، وله رائحة تعرف ذلك المرأة صغيرة كانت أو كبيرة.
والدليل على ذلك ما يلي عموم قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة:222]، فقوله: ﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾ حكم معلق بعلة وهو الأذى، فإذا وُجد هذا الدم الذي هو الأذى وليس دم عرق فإنه يُحكم بأنه حيض، وصحيح أن المرأة قد لا تحيض غالبًا إلا بعد 8-9 سنين، لكن النساء يختلفن في العادة، فالعادة خاضعة لجنس النساء، وأيضًا للوراثة؛ لأنه ممكن أن تحيض قبل التسع، وممكن أن تحيض بعد الخمسين، فإذًا القول الصحيح من هذا أن المرأة لا يحدد لها الحيض، ممكن أن تحيض بعد التسع، وممكن أن تحيض بعد الخمسين، والأصل الأمر معلق بالعلة وهو وجود الدم وهو الأذى، فإن وُجد وليس الدم بعرق فإنه يُحكم بأنه حيض.
ثم قال بعد ذلك المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا مع حمل).
* قوله: ولا مع حمل أي: لا حيض مع الحمل أي حال كونها حاملًا، فالحامل لا تحيض، والسبب في ذلك حملها، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء﴾ [البقرة:228] أي: عدتهن ثلاثة أشهر في التي تحيض، وأما الحامل فعدة الحامل إلى أن تضع الحمل سواء في ثلاثة شهور أو في شهر أو في شهرين، أو بعد ثلاثة شهور، أو بعد ثمان شهور، فتنقطع بعد ذلك عدة الحامل، أما الحائض فالعدة التي لها ثلاثة أشهر للمطلقة، ولذلك كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق:4]، فدل هذا على أن الحامل لا تحيض؛ إذ لو حاضت لكانت عدتها ثلاث حيض، وهذه عدة المطلقة، فلو كانت تحيض لكانت عدتها ثلاث حيض يعني ثلاثة شهور، لكن بيّن الله سبحانه وتعالى أن عدة الحامل إلى أن تضع الحمل، فهذا يتبين أن الحامل لا تحيض ولذا كان طلاق الحامل جائز فطلاق الحامل جائز، فلو امرأة طُلقت وهي حامل فهذا الطلاق يقع.
لكن كما بيّن شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في «الشرح الممتع»: فلو رأت المرأة وهي حامل دم حيض فهذا يعتبر حيض وهذا يكون نادر، لكن الأصل في هذا الحامل أنها لا تحيض، وممكن أحيانًا وهذا نادر أن تحيض، أو مثلًا إذا رأت دم في وقتها مثلًا وقت مجيء الحيض، ورأت المرأة هذا الدم فيكون هذا دم حيض إذا كان له رائحة ولونه لون الحيض.
وفي العادة كذلك جرت أن الحامل لا تحيض كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم كما ذكر ذلك عنه ابن قدامة في «المُغْنِي».
ثم قال بعد ذلك المؤلف: (وأقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يومًا).
وهذا فيه نظر كما بيّن شيخنا رحمه الله تعالى، والصحيح: في ذلك أيضًا قال: أنه لا حد لأكثره، فمن النساء من تكون لها عادة مستقرة سبعة عشر يومًا أو ستة عشر يومًا، فما الذي يجعل الدم الذي قبل الغروب من اليوم الخامس عشر حيضًا؟ فلذلك هذا ليس له كذلك حد.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وغالبه ست أو سبع).
وهذا أمر أغلبي، فالغالب الحيض ستة ليال أو سبع، وهذا معروف، ومتى رأت المرأة انقطاع الدم والطهر فهي تعلم متى تأتي الحيضة ومتى تنتهي وتطهر.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (تقضي الحائض الصوم ولا الصلاة).
يعني إذا حاضت المرأة لا يجوز لها أن تصوم وتصلي وإذا طهرت واغتسلت فعليها أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة كما قالت عائشة رضي الله عنها سُئلت >ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت: «كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة»، وهذا الحديث يبين لنا أن الحائض إذا حاضت لا يجوز لها ويحرم أن تصوم وتصلي، فإذا طهرت فعليها أن تغتسل فتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، والصلاة كما قال المؤلف هنا: (ولا يصحان منها بل يحرمان، ويحرم وطؤها في الفرج).
* فيحرم على الحائض ولا يصحان الصوم والصلاة، ويحرم على الزوج أن يطأ زوجته الحائض في فرجها لأن هذا محرم ولا يجوز، ولا يجوز للمرأة أن تمكّن زوجها أن يطأها في فرجها إذا كانت حائض ولا بد أن تبتعد عنه إذا أراد ذلك، لكن له أن يباشرها بعدما أن تأتزر، وهذا فيه دليل من القرآن كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة:222]، والمحيض ما كان زمن الحيض أي في زمنه ومكانه وهو الفرج، فما دامت حائضًا فوطؤها في الفرج حرام.
وقوله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»؛ أي إلا الوطأ، فلا يجوز للزوج أن يجامع زوجته في الفرج في وقت الحيض لكن له أن يباشرها من فوق الإزار، وإذا أراد كما قال شيخنا رحمه الله وتعالى يجوز له أن يجامعها من بين فخذيها من بين الفخذين.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فإن فعل أي: جامع زوجته وهي في الحيض فعليه دينار أو نصفه كفارة).
لكن هذا فيه نظر، لكن الزوج إذا وطأ زوجته وهي حائض فهذا يلزم عليه أن يتوب، وأما ما قال المؤلف ففيه نظر، والحديث الذي استدل بذلك حديث ابن العباس عند أصحاب «السُّنَن» الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار، هذا حديث ضعيف، وضعفه النووي والبيهقي والحديث مضطرب، والاضطراب من قسم الضعيف.
وإذا طهرت المرأة فيجوز لها أن تصوم، وكذلك الطلاق يقع عند الحيض وقالوا بعد الحيض، على القول الصحيح من قول أهل العلم، والمرأة إذا أتتها الحيضة وهي تعلم المدة واستمر الدم كثيرًا؛ فهذا يكون مستحاضة تكون هنا مستحاضة فيجوز لها أن تصوم وتصلي حتى لو نزل الدم في وقت الصلاة، ودم الحيض معروف، والاستحاضة معروفة، فدم الحيض أحمر وبعضه أسود، والمستحاضة أحمر، وكذلك فإن دم الحيض ثخين غليظ، والاستحاضة رقيق، ودم الحيض له رائحة كريهة، والاستحاضة غير ذلك؛ لأنه دم عرق عادي.
* فالمرأة تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة بهذا؛ دم الحيض أسود مع الحمرة والاستحاضة أحمر، والحيض ثخين غليظ والاستحاضة رقيق الدم، والحيض له رائحة كريهة، والاستحاضة ليس كذلك لأنه عرق.
بالنسبة إذا رأت المرأة الصفرة والكدرة فهي في طهر، فهذا يعتبر طهر، فكيف تعرف المرأة أنها طهرت؟ إذا جاءت هذه الصفرة، والصفرة ماء أصفر كماء الجروح، والكدرة ماء ممزوج بحمرة، وأحيانًا يُمزج بعروق حمراء فهو كالصديد يكون ممتزجًا بمادة بيضاء وبدم، فتعلم أن المرأة قد طهرت، وممكن أن تضع في فرجها شيئًا من القطن فإذا خرج هذا القطن أبيض بالصفرة أو الكدرة فالمرأة قد طهرت.
والدليل على ذلك حديث أم عطية: «كنا النساء إذا رأينا الكدرة والصفرة لا تكون هذه الصفرة والكدرة بشيء»، وكما قالت عائشة لامرأة تراها هل طهرت المرأة أم لا فتقول: «لا تعجلن حتى ترين القصعة البيضاء»، وهو في «صحيح البخاري»، وحديث أم عطية: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا» رواه كذلك البخاري، والمرأة تعرف أنها طهرت ثم تصلي وتصوم فأحيانًا يأتيها شيئًا من الدم ويكون كالخطوط فهذا عرق وليس بحيض، فعليها أن تواصل الصوم والصلاة، وأحيانًا تعلم أنها حاضت ثم انتهت الحيض بعد يوم ويومين بعد الطهر ترى أحيانًا الدم، فإذا كان دم حيض فهذا حيض، وإذا كان غير ذلك فهذا دم عرق فعليها أن تصلي وتصوم حتى لو رأت هذا الدم.
وكذلك بالنسبة للنفاس حكمه حكم دم الحيض، فلو كانت امرأة نفاس عليها وهو دم يخرج من المرأة بعد الولادة أو معها فهذا يمنع المرأة من الصوم والصلاة كذلك، وكذلك ليس له حد ممكن أن تطهر امرأة منه بعد عشرة أيام أو بعد شهر أو أربعين أو خمسين مثلًا، فمتى رأت الطهر فعليها أن تصلي وتصوم، وأما بعض العلماء من قالوا أكثر مدة النفاس أربعون يومًا فلا، فلا دليل على أن تتربص المرأة أربعين يومًا، فلو طهرت تصلي وتصوم ولا يلزم أن تتربص أربعين يومًا، فإن هذا الحديث ضعيف.
سنقوم الآن بأخذ بعض الأسئلة إن شاء الله:
السؤال: هل ممكن أن تبين لنا كيفية الغسل بعد الحيض، وأيضًا هل يجوز للمرأة أن تغسل شعرها قبل الغسل أو بعد الغسل؟
الجواب: هو طريقة الغسل أن على المرأة أن تغسل شعرها أولًا، ثم بعد ذلك تغسل جميع جسمها، ولها كذلك أن تبتدئ باليمين، ثم بعد ذلك تغسل الشق الآخر من اليسار، وبعد ذلك إذا أرادت مثلًا تصلي تتوضأ، ولا يجزئ الغسل عن الوضوء، فإذا أرادت أن تصلي فيجب عليها أن تتوضأ الوضوء للصلاة.
كان لي يعني دم بعد عادتي ستة أيام، وبعد انتهاء ستة أيام يعني وجدت الدم، ذهبت للطبيب وهو يقول أن هذا الدم حيض، ولكن أنا متأكدة أنها ليس حيض لأنه كان أحمر، ولكن رقيق، وأيضًا ما كان هناك أي رائحة مثل دم الحيض، يعني لما طبقت قول الطبيب، المهم الآن ماذا يعني يجب عليها هل تصلي الصلاة التي فاتتها أو ماذا؟
المرأة هي تعرف الحيضة متى يأتي ومتى يذهب، والمرأة التي نست عادتها، فهذه إذا رأت الدم الأسود المختلط مع الحمرة وله رائحة فهذا حيض، فتنقطع عن الصوم والصلاة، لكن التي تعرف أن حيضتها مثلًا ستة أيام أو سبعة أيام، ثم توقف الحيض، ثم بعد ذلك طهرت، وبعد يوم أو يومين رأت دم فهي أعلم من الطبيب في ذلك، فإذا كان الدم رقيق أحمر وليس فيه رائحة وليس فيه لون الحيض فهذا دم عرق، فعليها أن تصلي وتصوم، أما الآن بعد اجتهاد هذا الطبيب وهي اجتهدت وتركت الصلاة؛ فهذه الصلاة لا تقضى ومرة ثانية عليها أن تبني على اجتهادها في هذا الأمر لأنها هي أعلم بعادتها وبالدم، فإذا كان دم حيض فتمتنع، وإذا كان دم أبيض وليس فيه رائحة فهذا دم عرق فعليها أن تصلي وتصوم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وجزاكم الله خير.