القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (12) من أحكام الهجرة: تتمة أحكام زواج المهاجرين - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله

2024-04-21

صورة 1
الجزء (12) من أحكام الهجرة: تتمة أحكام زواج المهاجرين - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن بقية أحكام الهجرة.

 فبيّنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج للضرورة بلا ولي وبغير مهر ولا شهود ولا شيء من ذلك كما بيّنا بالتفصيل، وذكر أنس رَضِي اللهُ عَنْهُ ذلك وبيّنا هذه الروايات، وبيّن كذلك الحافظ بن كثير في تفسيره هذا الأمر.

 وكذلك من الأدلة الآية الأخرى في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50]، إلى أن قال الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، الآن هذه الآية في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه المرأة قصتها معروفة.

 والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى بيّن للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أردت أن تتزوجها تزوجها، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الأحاديث ما رغب فيها.

 فيُبين هذا الأمر حديث سهل بن سعد الساعدي يقول: «أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فذكر الحديث، والرجل الذي خطبها لأن بعدما لم يردها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبها رجل أمام الصحابة وأمام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي موجودة.

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»، وفي رواية: «فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»، هذه كلها ألفاظ، وفي رواية: «فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ»، وفي رواية: «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا»، فهذه الألفاظ كلها ألفاظ صحيحة. وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صَحِيحِهِ»، ومسلم في «صَحِيحِهِ»، وعبد الرزاق في «المُصَنَّفِ»، وابن حزم في «المُحَلَّى بِالآثَارِ»، يعني: حديث صحيح.

 وهذا الحديث طويل ذُكر في تفسير هذه الآيات التي ذكرتها لكم ممكن تريد أنت زيادة ترجع إلى الشروح والتفاسير بهذا الأمر يبينه لك، والمرأة هذه خولة بنت حكيم.

 يقول الإمام ابن حزم في «المُحَلَّى بِالآثَارِ»: (فصح أنها ألفاظًا كلها قالها عَليهِ الصَّلَاةُ والسَّلاَم معلمًا لنا ما ينعقد به النكاح)، اهـ

وهذا الحديث يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الذي وُلي تزويجها من الرجل وأنه يدخل عليها بلا ولي من أهلها ولا شهود وتم الزواج هكذا، مما يدل على الجواز للضرورة الشرعية لرفع الحرج بين الرجل والمرأة عند الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، وانظر في ذلك تفسير القرآن لابن كثير والجامع الصحيح للبخاري.

 إذًا: الآن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أراد هذه المرأة، فقام رجل وقال للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زوجنيها.

 فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال لها: أين وليك؟ أين كذا؟ أين مهرك؟ أين كذا؟ أين الشهود؟ ما قال لها، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما ترون قال ماذا عندك؟ قال: قرآن، قال إذًا: هي زوجتك.

 هذا الشيء بيِّن الآن لأن المقلدة يقلدون، لأن بعض العلماء يقول: إن عدم الولي ولا الشهود ولا كذا ولا كذا من خصوصيات الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 الآن يتبين من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوج رجل من الصحابة بدون شهود وبدون ولي وبدون مهر وبدون شيء، إلا المهر كما ترون، يعني: قصدي النقود، قرآن يعلمها شيء من القرآن هذا مهر.

الآن تعطي المرأة ألفين دينار وثلاثة وأربعة، وتقول ما هذا المهر؟! هذا مهر! هذا ليس مهر، كيف هذا ليس مهر؟! كله نهب الآن، تريد أن تنصب، تقول: لا يوجد مهر، ما معنى لا يوجد مهر! كل هذا ولا يوجد مهر! قل لها: إذا كنت مفلس، قل لها: تعالي وأحفظك: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وفقط، انظر سترضى أم لا أنت وحظك.

هذه ما عنده شيء، لا يشتري لها فستان ولا أثاث ولا شيء ولا شقة ولا شيء، لكن الآن هو وزوجته هذه في الجنة تزوجها بشيء من القرآن، لكن هذه القناعة وهذا الشكر كما بيّنا كثيرًا، هؤلاء شكروا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ثم شكروا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رسالته والله أعطاهم.

الآن نحن نمر في الطرقات ونتحدث مع أبي صالح الأثري، نرى البيوت الكبيرة الواسعة مظلمة على أهلها، مظلمة نقول: انظر إلى هذا البيت وإلى هذا البيت ظلام كبير، هؤلاء لأنهم لم يشكروا ما قاموا بالدين ولا الدعوة ولا شيء، بيوت مظلمة لماذا؟.

* لأنهم لم يشكروا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى على الإسلام ويقنعون، تريد بيتا كبيرا وتريد مهرا كبيرا وثيابا وفساتين...وإلخ ولا ترضى، فالله عاقبهم وأهلكهم، وبيوتهم خاوية على عروشها ولا فيها نور، كلها شياطين وكلها جن ما فيها ملائكة.

فانظر إلى هؤلاء الرجال، نساء صحابيات ورجال صحابة الله أعطاهم مهر، انظر إلى هذا المهر من يقبله الآن؟ ورغم أنها ما قالت للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يا رسول الله ما أقبل بهذا، انظر أي امرأة تفعل الآن؟

ائتوا بأي امرأة وقل لها: والله أنا فقير مسكين تريدين تزوجيني؟ ما عندي إلا [500] فِلس؟ والله ما تراها، ما ترى إلا واحدة طائرة تُحلق، تقول: هليكوبتر تحلق لك في المطار.

 هؤلاء ما يعرفون عظم الله أصلًا وعظم هذا الدين وعظم هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رغم أن في هذا الزمان ما يقول الواحد هكذا، ما يقول أصلًا لكن نحن نضرب أمثلة.

وإلا الآن إذا الواحد تزوج امرأة يعطيها الألوف المؤلفة أصلًا، مثلًا المهور مثلًا التي عندنا الآن التي نسمع عنها [5000] [6000] [7000] دينار، ومع هذا ما ترى قناعة، تقول له: ما تعطيني وما تجيب لي، ماذا يبقى لي؟! وكلها ديون وكلها كذا وشقة فاخرة أو بيت فاخر، لا يوجد قناعة، لماذا؟.

* لأن أصلًا ضعيف الإيمان، هؤلاء ما عرفوا عظم الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وعظم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما في القرآن من الفقه للنكاح ولغيره، وما في السنة من الأحكام في الزواج أو في غيره ما عرفوا هذا فأعرضوا فأعرض الله عنهم، والذي يعرض الله عنه هالك هالك، لأن من له؟ من له غير الله؟ لا يوجد.

 الخلق يتركونك الخلق هؤلاء لا يوجد منهم فائدة إلا من رحم الله منهم، فيهلك الرجل، فتهلك المرأة على هذه الأموال والسيارات والطعام والشراب، لا يوجد شكر ينتهي أمر هذا الرجل يهلكه الله طال الزمان أو قصر.

كذلك المرأة يهلكها الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى والذي بعده، وبلدان، قرى، مدن، عوائل، جماعات، أفراد، رجل، امرأة، موعدهم يأتي، فلذلك انظر إلى هذه ليست بقصص هكذا.

 هؤلاء الوعاظ يذكرون هذه القصص فقط حق التسلية، وللأطفال يقولون: هذه القصص يقرؤونها على الأطفال، قصص عظيمة وفيها فقه، نقرأها على الأطفال؟! ماذا سيفهمون الأطفال الآن.

فلذلك اعرف أنت هذه الأمور أن هذا فقه عظيم لابد نتعلمه، هذا الجمع الذي جمعته أنا في البدور السافرة، لا يوجد أحد جمعه ولا أحد تكلم عنها، الذي يقول لك: دكاترة، فقهاء...وإلخ، يقرأ هذه الأشياء ولا يدري عنها.

فلذلك الآن هذا الأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يطالب الرجل بشهود وولي وكذا، هذا يُبين لنا ماذا؟ أن هذا ليس خاص بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لو كان خاص بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما زوج هذا الرجل بدون شيء، وهذه ضرورة، نقول: ضرورة للمهاجرين في أمريكا، في أوروبا، في أستراليا في كذا، في كذا.

 أو في عموم البلدان، في الخليج أو غيرها، ما في أحد ما في كذا، المرأة ستهلك، تقول لك: أريد أتزوجك مثلًا، أو أنت مثلًا قل عنها كذا وكذا وكذا فقيرة، مسكينة تضيع وكذا، ممكن تتزوجها هكذا، وهي سترضى ما عندها شيء، وأنت لا تصبح بخيلا أعطيها كل شيء.

 ممكن تقول لك: والله أنا ما أريد منك شيئًا، لا، أنت اعطها وسوي لها وكذا وكذا، أنت لك أجر عظيم، فهذا يدل على ماذا؟

 هذا أن ليس بخاص بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ما قال بعض أهل العلم، وإلا فهذا رجل من الصحابة فعلها أمام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجه وأقرَّ على هذا.

يوجد أمر ثاني- يعني: الآن هذه الألفاظ: «زَوَّجْتُكَهَا»، «أَنْكَحْتُكَهَا»...إلخ، فيجوز إذا قال الرجل للمرأة: أريد أن أتزوجك مثلًا مهاجرة ووافقت وأنت موافق إذًا: تم الزواج، هذه ألفاظ الزواج يقول ابن حزم وغيره.

 وافقت إذًا: هي زوجتك، بعد ذلك إجراءات وغيرها تتخذها أنت، لكن الزواج الشرعي هكذا، لا أوراق ولا شيء أصلًا.

 وحديث أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ؛ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

قالت: «فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي رواية: «فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخطبني فتزوجته». وهذا الحديث أخرجه مسلم في «صَحِيحِهِ»، وأحمد في «المُسْنَدِ»، ومالك في «المُوَطَّأِ»، والطحاوي في «مُشْكِلَ الآثَارِ»، والطيالسي في «المُسْنَدِ»، والطبراني في «المُعْجَمِ الكَبِيرِ»، وفي «الدُّعَاءِ»، والحاكم في «المُسْتَدْرَكِ» من طرق عن أم سلمة.

وهذا الحديث يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج أم سلمة رَضِي اللهُ عَنْهُا بدون ولي، لأن لم يكن لها ولي حاضرها، وابنها عمر ابن أبي سلمة رَضِي اللهُ عَنْهُما ليس بولي لها، لأنه كان طفلًا لا يعتبر به وهو غير بالغ في الإسلام.

 وهذا الزواج على هذه الطريقة يدل على الجواز للضرورة الشرعية ولرفع الحرج عن الزوجين في الدين، وانظر: ((مشكل الآثار)) للطحاوي، فهذا الحديث واضح للضرورة، للحاجة، النساء يحتاجون للزواج، الرجال يحتاجون للزواج في الهجرة.

فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء وخطبها فتزوجته تقول، إذًا: انتهى الأمر هذا فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد يأتي مقلد أو متعالم، ويقول: ما يجوز، فلا نأخذ بكلامه.

هذه أحاديث فأنت دع عنك المتعالمين والمذهبيين وغيرهم وعليك بهذه الآثار، وعمر ابن أبي سلمة كان صغير، يعني: ما عندها ولي، ولا ذُكر مهرًا، ولا شهودًا، ولا شيء من ذلك، هذه للضرورة.

 الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يوجد عنده شيء كما لا يخفى عليكم حتى الطعام لا يوجد عنده، يأتي أحيانًا يدخل على عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا لا يوجد شيء حتى ماء لا يوجد، فيقول: اللهم إني صائم، فيصوم تطوعًا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يوجد أكل، لا يوجد شيء.

فهكذا ممكن يحصل أشياء للضرورة وممكن مهاجرين ومهاجرات يحصل لهم من ذلك، ما عندهم نقود وما عندهم شيء، وهي المرأة تريد رجل صالح يأويها ويطعمها....وإلخ، فضروريات تكون.

وما عندها ولي أو الولي كما بينت لكم في بلده وهي هاجرت مثلًا إلى أي بلد فلها أن تتزوج لتصون نفسها، وهذه ضروريات فعلها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعلها الصحابة، وسيأتي ذلك.

وهناك ألفاظ في حديث أم سلمة لا تصح، الألفاظ التي ذكرتها هي الصحيحة فقط، ولا يصح إلا هذا اللفظ في حديث أم سلمة، لأن الألفاظ الأخرى فيها اختلاف في الأسانيد فتنبه فيها شيء من النكارة فلا تصح.

* لأن بعض أهل العلم نقل أن كان عمر ابن أبي سلمة كبير، لا أصلًا كان صغيرًا وهذا يدل عليه ومات أبو سلمة رَضِي اللهُ عَنْهُ وكان عمر صغيرًا، فهناك يوجد ألفاظ منكرة ما تصح.

وعن يزيد بن الأصم قال: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ»، وفي رواية: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسَرِفٍ وَنَحْنُ حَلَالَانِ». وهذا الحديث أخرجه مسلم في ((صحيحه))، وأبو داود في ((سننه))، والترمذي في ((سننه))، والنسائي في ((السنن الكبرى))، وابن ماجة في ((سننه))، وأحمد في ((المسند)).

فهذا يدل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ زواج ميمونة بدون ولي لها ولم يكن أحد من أوليائها حاضرًا، وهذا يدل على الجواز للضرورة.

ولا يصح حديث تزويج العباس رَضِي اللهُ عَنْهُ ميمونة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أنه ليس بولي لها.

 ويوجد رواية: أن العباس رَضِي اللهُ عَنْهُ هو الذي زوج ميمونة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن الرواية ضعيفة، ويذكرها أهل التفسير وأهل الفقه وغير ذلك، وثم هو أصلًا ليس بولي لها.

 فلذلك تنبه في هذه الألفاظ، فأنا هذبت الألفاظ هذه كلها وأتيت بالألفاظ الصحيحة، غير ذلك ما يصح.

 فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُذكر له لو في شيء من الولي أو الشهود أو كذا أو كذا لنقله الصحابة، ما يتركون الصحابة شيء إلا ينقلونه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أم سلمة نقلت أن النبي تزوجها، لو كان هناك شهودا ومهرا وكذا وكذا لنقلت، ولنقل الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، الصحابة نقلوا المهر وهو تعليم القرآن لخولة بنت حكيم.

 نقل أنس بن مالك وغيره من الصحابة أن المهر كان تعليم القرآن، ولو كان لا يوجد تعليم القرآن لم ينقلوه، لو كان يوجد ولي وشهود لنقلوا.

 فلذلك هؤلاء المقلدة الدكاترة وغيرهم يسمون أنفسهم أشياخ ما يبحثون لا في الأحاديث ولا في الفقه ولا في شيء، المعلومات القديمة التي أخذها مثلًا من بلده مذهب بلده أو الجامعة فقط ولا يتحرك، هذا إذا يوجد شيء يسير هكذا ردوا عليه مثلًا وبينوا أمره وغلطه في الفتوى وبعد ذلك يذهب يبحث، لماذا؟.

ليس لأجل أن يغير رأيه ويتعلم، لا من أجل ماذا؟ لكي ينتقم لنفسه، يرد لنفسه ليس لدين ولا إلى غير ذلك، فلذلك هؤلاء لن يتحركوا لماذا؟.

 هؤلاء معرضون أصلا عن العلم، العلم هذا تتخذه وتتعلمه إلى أن تموت، تغير وتبدل وثبت وتحذف وتصحح أحيانًا تضعف شيء ويثبت صحيح تصححه وشيء صححته تبين ضعيف تضعفه وهكذا، أنت في ماذا؟ .

في تثبت وفي بحث وفي رجوع وفي توبة وهكذا إلى أن تموت، أهل الحديث قديمًا وحديثًا هكذا، وبينت لكم تراجع الشيخ ابن الباز، الشيخ ابن عثيمين، الشيخ الألباني عن أشياء كثيرة في كتبهم، هذا يرجع عن هذا وهذا يرجع عنه وهكذا.

أما المتعالمة الدكاترة لا ولا يرجع عن شيء، فاعرف هذه الأمور، فهذا كذلك بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذه كلها رخص للناس ما يريدون الرخص؟ اذن سيهلكون، وأكثر الناس رجالًا ونساءً هلكوا والذين من بعدهم كذلك.

ولذلك يقول جابر بن عبد الله رَضِي اللهُ عَنْهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّذِي رَخَّصَ لَكُمْ». هذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه))، الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لكم.

 أنت تقول لنا: مذهبي كذا ومذهبي كذا وبلدي كذا ومشايخنا كذا، هذه رخص من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقول لنا: ما يرخص شيخنا ولا يرخص بلدنا ولا كذا ولا مذهبنا، كيف هذا؟!

الرسول يرخص إذًا: انتهى الأمر، ولا نقتصر مثلًا على ما عرفناه من الرخص، يعرفون الرخص لكن ما يغيرونها، لا، الرخص هذه لا بحر لا ساحل له أصلًا، واسعة كلٌ بحسبه.

يقول الإمام ابن دقيق العيد في ((إحكام الأحكام)) في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّذِي رَخَّصَ لَكُمْ»: (دليل على أنه يُستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق). اهـ

 هذا فيه دليل على التمسك بالرخص، والرخصة أي رخصة يرخصها الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لنا، والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمسك بها، وليس عليك من فلان ولا علان، لأنه إذا دعت الحاجة إلى هذا ولم تتمسك ولم تترخص سوف يشق الأمر عليك ولابد.

الآن سيأتيك الشتاء وأحيانًا أمطار غزيرة إذا ما تأخذ برخصة الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ورخصة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتصلي في بيتك، إذا خرجت في هذا المطر سوف يشق عليك الأمر ممكن أن تموت.

 فلذلك هذا هو الأمر الأول والأخير الذي يريد أن يهلك نفسه يذهب، فلذلك اعرف هذه الأمور واعلم أن اتخاذك للرخصة بركة الله يثبتك على السنةوالهدي.

ولذلك انظر إلى الذين تشددوا وتعمقوا وابتدعوا من فرقة الجماعة ضلوا ضلالًا بعيدًا مع أهل البدع الآن يغدون ويروحون وينقلون ويرسلون، كلها مع أهل البدع، لماذا؟

لأن هؤلاء ما أخذوا رخصة الله، وأنت ما تعاند أهل السنة على هذه إذا رخصوا في شيء ما تأخذ به، أنت أصلًا تعاند الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى تعاند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يضلك، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32].

ولابد فاعرف هذه الأمر فليس الأمر بالسهل، فخذ بالعزائم في وقتها وخذ بالرخص في وقتها وانتهى الأمر، ولعل نختم بهذا الأثر والدرس القادم نُكمل.

وعن عروة ابن الزبير عن عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا قالت: «هَاجَرَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ، إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ مَرِضَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أُمَّ حَبِيبَةَ، وَبَعَثَ مَعَهَا النَّجَاشِيُّ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ».

 شرحبيل بن حسنة رَضِي اللهُ عَنْهُ من الصحابة وكان شجاعًا في قول الحق، لكن سبحان الله ما اشتهر في السنة مثل ابن عمر، ابن عمرو وغيرهم، رغم أنه لو تقرأ في ترجمته في نشر السنة وقوة الحق ما اشتهر، مثل أناس اشتهروا في الحديث في بعض الصحابة قوالين بالحق وغيرهم ما اشتهروا في الحديث.

وتكلم على هذا الذهبي في ((السير))، هذا شرحبيل بن حسنة قام عمرو بن العاص رَضِي اللهُ عَنْهُ يومًا يخطب عن الطاعون، فأمر أي بلد يكون فيها طاعون أن يدخل الناس.

ورغم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى، إذا عرف الناس أن هذا البلد فيه طاعون ما يجوز يدخلون لأنهم سيمرضون، فنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدخول للبلد التي فيها أمراض، وعمرو بن العاص رَضِي اللهُ عَنْهُ يقول: لا، أدخلوا، لأن هذا مما كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى.

أُخبر شرحبيل بن حسنة عن قول عمرو بن العاص قال: هذا أضل من حماره، رغم أن هذا صحابي وهذا صحابي، فهمت كيف؟.

فلذلك الصحابة يبينون هذه الأشياء، إذا قيل: في صحابي هكذا فما بالك بالمبتدعة والجهلة الذين يقولون مثل هذا؟ والحديث موجود في مسند الإمام أحمد وغيره وشرحه شيخ الإسلام ابن تيمية ونقله وابن القيم كذلك نقله وأهل العلم وبينوا هذا الأمر.

وابن حجر له كتاب في الطاعون ذكر هذا الأمر، وهذا يدل على أن هؤلاء المبتدعة الجهلة الموجودين عندنا يجوز رميهم بأي شيء، لأن هؤلاء أصلًا أهل خلاف وأهل بدع وضلالات، فكيف لا يجوز الكلام عليهم في هذا الأمر؟!

فاعرف هذه الأمور وهذه تكون أدلة لهؤلاء ما تترك هكذا، لكن يحتج بها، لكن بدون طعن في الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، وذكرهم على سبيل الذم هذا الذي لا يجوز، أما هذه أدلة ذكرها أهل العلم.

وربيع في طعنه بالصحابة وغيره وغيره يذكرون لا على سبيل الحجة، أي أنه يحتج، لا بل على سبيل أن الصحابة يفعلون هذا الشيء ويحتج لنفسه ويطعن، كما أن أتباع الربيعية يطعنون في الصحابة بدون حجة، على سبيل أن هذا الصحابي مذموم، كيف يقول كذا وهذا الصحابي مذموم! كيف يقول كذا! هكذا يقولون فاعرف هذا الأمر.

وإلا إذا كان على سبيل الحجة والدليل فلا بأس بذلك، وأئمة الحديث ذكروا هذا الأمر في هذا الأثر وغيره على سبيل ماذا؟ على سبيل الحجة والدليل: أن الشخص لا يجوز له إذا كان في بلد أن يدخل بناءً على فتوى عمرو بن العاص لأن هذا اجتهاد منه، فلا يجوز أخذ هذا القول، والسنة عدم الدخول في أي بلد فيها طاعون أو فيها مرض مُعدي.

 فنُكمل هذا الحديث: «فبَعَثَ مَعَهَا النَّجَاشِيُّ»، النجاشي بعث شرحبيل بن حسنة فأهداها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أثر حسن أخرجه أبو بكر النيسابوري في ((الزيادات على كتاب المزني))، وابن حبان في ((صحيحه))، وطريقه وكذا مذكور في كتاب البدور السافرة وإسناده صحيح.

وتابعه معمر عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا به، وكذلك أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار))، والبيهقي في ((السنن الكبرى))، وإسناده حسن.

والحديث صححه ابن حزم في ((المحلى بالآثار)).

وأخرجه البيهقي في ((الخلافيات))، وفي ((السنن الكبرى))، والحاكم في ((المستدرك))، وأبو بكر النيسابوري في ((الزيادات على كتاب المزني))، وأحمد في ((المسند))، والنسائي في ((السنن الكبرى))، وأبو داود في ((سننه))، وغيرهم عن أم حبيبة (أنها كانت تحت عُبيد الله بن جحش فهلك عنها، يعني: مات، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة فزوجها النجاشي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي عندهم).

وهذا الحديث يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بغير ولي، لأن الولي هو أبو سفيان كان كافرًا في ذلك الوقت، وهذه ضرورة للمرأة للمهاجرة لأن أم حبيبة كانت من المهاجرات.

 فلذلك يجوز لأن أم حبيبة كانت مهاجرة فتزوجها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أبو سفيان في ذلك الوقت كان كافرًا قبل لا يسلم فتزوجها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار الهجرة.

ويقول الإمام الخطابي في معالم السنن: كان أبوها أبو سفيان كافرًا لا ولاية له على مسلمة، فيجوز هذا.

الآن: أسلمت امرأة وأبوها كافر في دار الهجرة في أوروبا أو في غير ذلك فيجوز أن تتزوج وليس لأبوها أي ولاية رضي أم لم يرضي يجوز.

ولذلك بينت لكم ممكن يزوجها هناك في أوروبا أو في غير ذلك إمام، خطيب أو أي شخص من المسلمين يزوجها الشخص على ما يتفقون.

وعن القاسم بن محمد أن عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أنكحت حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكرٍ المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائبٌ، فلما قَدِمَ عبد الرحمن غضب وقال: أي عباد الله أمثلي يُفتات عليه في بناته؟!

فغضبت عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا وقالت: أترغب عن المنذر؟! وفي رواية: فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمرًا قضيتيه فأقررت حفصة عند المنذر، فأمضى عبد الرحمن بن أبي بكر رَضِي اللهُ عَنْهُما النكاح الذي عقدته عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا الذي بدونه ولم يبطله.

 فدلَّ على جواز نكاح المرأة بغير ولي عند غياب الولي وسواء رضي بهذا الزواج أو لم يرضى، وذلك للضرورة الشرعية، فلم ترى عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أن ذلك مبطلًا لذلك النكاح.

وانظر المحلى بالآثار لابن حزم والأوسط لابن المنذر والإشراف له والمقصود للسرخسي وكذلك بعض الأشياء موجودة في المغني لابن قُدامة والأم للشافعي وتبيين الحقائق للزيلعي.

الآن هذا الأثر صريح، عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا عندها أخ وهو عبد الرحمن معروف بن أبي بكر- عنده بنت أسمها حفصة كان غائبًا في الشام، فالمنذر بن الزبير طلبها للضرورة لحفصة لأنه رجل صالح، فلا تفوت لها الأمر، وهو غائب الآن وممكن أنه ماذا؟

يتزوج أخرى وتذهب الفرصة عليها، والمرأة محتاجة الرجل الصالح، فماذا فعلت عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا؟ زوجت حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بدون ولي، بدونه غائب كان، ولم تقل له شيء ولا أي شيء، عائشة زوجت.

 يعني: هذه امرأة، زوجت رجل بنت أخيها بدون ولي، هل سيقال الآن: أن عائشة نكاحها مثلًا الذي فعلته باطلًا؟ لا، عبد الرحمن بن أبي بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ أتى وغضب على هذا أنه كيف أنا موجودا وبنتي تتزوج بدون موافقتي وبدون كذا؟ عائشة غضبت عليه.

وما قالت عائشة: أنا خاطئة، أنا كذا، مثل الآن، تقول له: لا أنت خطأ فقط ارجع، وتجده على حق ويرجع عنه؟! لا، انظر إلى فقه الصحابة، فعائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أثبتت صحة النكاح.

بعد ذلك عبد الرحمن بن أبي بكر تراجع عن هذا الأمر ووافق، وبيّن لها أنه مادام قضيتي وأفتيتِ بهذا النكاح فإذًا: أنا أمضيه، وعائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا عندما غضب ما أبطلت النكاح لا، لماذا؟

لأنه جائز تدري، وعائشة ما تفعل شيء إلا إذا فعله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج بلا ولي للضرورة وفي الهجرة، فكذلك هي، وفرصة للمرأة تتزوج الرجل الصالح، فمضى النكاح وانتهى الأمر، يقولون: هذا ما يجوز، لا هذه عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا بينت هذا الأمر.

وأثر عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أثر صحيح أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن الحسن في الحجة والطحاوي في شرح معاني الآثار والبيهقي في الخلافيات وفي السنن الكبرى وابن حزم في المحلى بالآثار ومالك في الموطأ رواية ابن بُكير وإسناده صحيح.

وبوَّب عليه الحافظ بن أبي شيبة في المصنف من أجازه بغير ولي ولم يُفرق، يعني: الأثر هذا في إجازته بدون ولي وبقى النكاح ولم يُفصل من بين الرجل والمرأة، لأنه نكاح صحيح حتى لو كان بدون ولي، ضرورة.

فصح عن عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أنها أنكحت بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر وهي بِكرٌ وهو مسافر بالشام بغير أمره، فلم يمضه أولًا، بل أنكر ذلك إذ بلغه، فلم ترى عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا أن ذلك مُبطلًا ذلك النكاح.

 بل قالت: الذي تزوج وهو المنذر بن الزبير اجعل أمرها إليك، ففعل فأنفذه عبد الرحمن بن أبي بكر. وانظر إلى المحلى لابن حزم.

 يعني: مضى هذا النكاح ولم يُبطله أحد حتى هو ما أبطله، قال مثلًا: لا يوجد ولي، فلذلك هذه الآثار المتعالمة ولا يدرون عنها.

قال الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار": (فلما كانت عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغيره جائز ورأت ذلك العقد مستقيمًا حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته). انتهى كلامه.

 هذا كلام أهل العلم أن هذا انتهى، المرأة أخبروها عن الرجل وافقت قال: قبلت، انتهى الأمر كل شيء انتهى وتم، لا حاجة لهذه الأوراق وهذه الأشياء وما أدري كيف وموعد، المأذون تتصل به يعطيك موعد عقب شهر، إلى أن تتزوج أنت.

 يوجد ناس تموت ولم يأتي موعد المأذون، الزوجة تموت أحيانًا التي تريد أن تتزوج وأحيانًا الزوج بدون ماذا؟ سبب هذه المواعيد وكذا.

 فلذلك الناس لما صعّبوا على أنفسهم وشددوا على أنفسهم هذه الأمور شدد الله عليهم.

نعم يعني: بعد ذلك يُتخذ إجراءات وما شابه ذلك هذا شيء ثاني لتثبيت الأمر، لكن الأحكام هكذا تكون سهلة كما بين الصحابة الآن، بين الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين الصحابيات، بين الصحابة والصحابيات، سهل الدين في النكاح وفي كل شيء.

قلت: ولا يعترض على هذا إلا جاهل أو مدافع للحق بالباطل.

ولعل نأتي للآثار إن شاء الله في الدرس القادم، تسمعون الآن أثر علي بن أبي طالب وغيره.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan