الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (8) من (أحكام الهجرة): أمثلة تطبيقية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
2024-04-21
الجزء (8) من (أحكام الهجرة): أمثلة تطبيقية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تكلمنا في الدرس الذي سلف عن الآيات التي تُبين أحكام الهجرة، وكذلك الأحاديث النبوية التي تتكلم عن الهجرة.
ولعل في هذا الدرس نتكلم عن أمثلة تطبيقية من حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الهجرة، وكذلك من حياة الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، فنذكر بعض الأحاديث في هذا.
ولا يخفى عليكم أن هذا القرآن أُنزل على الناس لكي يُطبِق الناس ما فيه من أحكام جملةً وتفصيلًا.
وكذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن السنة النبوية جملةً وتفصيلًا؛ لكي ُتطبِق هذه الأمة هذه السنة في حياتها.
ولذلك لا يخفى عليكم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طبّق الأحكام أحكام القرآن كما أُنزل، وكذلك الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم طبقوا هذا الإسلام وطبقوا هذا الدين سواءً في التوحيد والعقيدة والأخلاق والأحكام.
ومثل أحكام الصلاة وأحكام الطهارة وأحكام الصيام وأحكام الحج وغير ذلك، وكانوا يطبقون هذا الدين على الدليل- أما من القرآن أو السنة أو الإجماع، فكانت حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلها تطبيق للدين، وكان الصحابة كذلك.
فعلى جميع المسلمين أن يطبقوا هذا الدين جملةً وتفصيلًا على أحكام القرآن وأحكام السنة.
فهذه الأحاديث التي سوف تُذكر تُبين تطبيق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأحكام الهجرة، لأن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أمر بأوامر كثيرة فطبقها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم.
فكذلك على الناس في هذا الزمان أن يطبقوا ما فعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما فعله الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم في القرآن والسنة، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أمر بالهجرة من مكة إلى مدينة، وطبق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحكم، وكذلك الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، وبيّنا هذا، لكن هناك بعض الأحاديث تُبين هذا الأمر جيدًا.
فثبت في ((صحيح البخاري)) عن أنس بن مالك رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: «أَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ، قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ. فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا. فَالْتَفَتَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ»، وهو حديث طويل ممكن أن تقرؤونه في صحيح البخاري.
* فهذا الحديث يُبين تطبيق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأحكام الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أمر بالهجرة، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امتثل أمر الله وهاجر، فلم يقُل شيئًا كما يقال الآن.
إذا تقول: قال الله ترى عدد من الناس أو كُثُر من الناس يخالفون أمر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ويخالفون قول الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، وما أكثرهم في هذا الزمان من الهمج والغجر والرعاع، في جميع أحكام الدين إلا القليل منها يطبقونها.
وهذا لا يكفي في ديننا تطبيق بعض الأحكام وترك أكثر الأحكام، أو تطبيق بعض الأوامر وترك أكثر الأوامر التي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى بها وأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذلك، فلذلك هؤلاء لم يوفقوا لا في دنياهم ولا في آخرتهم كما لا يخفى، وإن طبقوا بعض الأوامر مثلًا الصلاة.
الناس تصلي كما ترون لكن أكثر هؤلاء لا يعرفون كيف يصلون صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل يصلون على عاداتهم وعلى ما تعلموا في الصلاة وعلى ما تربوا في الصلاة.
لكن عند تطبيقهم لهذه الصلاة يخطئون كثيرًا، فأكثرهم لا يعرف شروط الصلاة ولا يعرف أركان الصلاة ولا يعرف واجبات الصلاة.
فلذلك هذه صلاتهم باطلة بلا شك، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن أمر وأشار إلى أمر كما في حديث مالك بن حويرث في صحيح البخاري: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، يعني: الذي لا يصلي صفة صلاة النبي ماذا به؟
صلاته باطلة، فهذا يُعرف بالمفهوم، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يرد لك شيئًا أو أمرًا أو حكمًا هكذا لكي الناس يحفظوه مثلًا، لا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير لك إلى أمر، أي: إذا امتثلت أمره فصح الحكم وعبادتك صحت.
فإن خالفت فعبادتك باطلة، وفعلك للشيء سواءً صلاة أو صيام أو غير ذلك باطل إذا لم يكن على صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلينتبه الناس لهذا الأمر.
فأي واحد يتعبد الله بغير ما تعبد به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعبادته هذه باطلة بلا شك، وممكن أن تكون باطلة في جزء أو باطلة في الكل، يعني: جزءًا أو كلًا يبطل العمل على حسب تبعية هذا العبد للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لكم هذا كما في حديث عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا في صحيح البخاري ومسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، يعني: باطل، وهذا الحديث أصل في بطلان ما يحدثه الناس في الدين.
ولا تغتر بكثرة عبادات فلان أو علان أو الجماعة الفلانية أو بلد من البلدان، فليس الأصل الكثرة، الأصل في هذا موافقة الكتاب والسنة، وإن قلت عبادتك لكنها موافقة للكتاب والسنة قُبلت ودخلت بها الجنة.
أليس الأعرابي جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن الشرائع كثرت علي، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن له عندما قال، يعني: عن الاكتفاء بالصلاة، أن يدخل الجنة بالصلاة.
لكن الصلاة هذه التي أداها هي صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّم الصحابة كلهم الصلاة وهي موجودة، والصحابة نقلوها للناس ونقلوها لكم، فانظر عمله قليل لكنه دخل الجنة.
وأناس تراهم يصلون ويصومون ويحجون في كل سنة ويعتمرون يمكن [5] مرات في السنة وينفقون ويزكون لكن ليست هذه العبادات على أمر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وليس على أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي عبادات باطلة إما كلًا أو جزءًا على حسب هذا العبد.
ويوجد أناس يزعمون أنهم متدينين في بلدان مشهورة ومعروفة في العبادات بزعمهم، لحية وكذا وأشياء مثل الأعاجم، لكن أكثر عباداتهم باطلة، وبعضهم كل عباداتهم باطلة لما فيها من الشرك والبدع، ويظنون أنهم يذكرون الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وأنهم يصلون على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن يجلسون في المساجد أو في أي مكان ويبتدعون البدع.
فهذه العبادات باطلة وإن كثُرت، ويجلسون من بعد صلاة العشاء إلى الفجر بزعمهم يذكرون الله ويصلون على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن بالبدع، فهؤلاء أتعبوا أنفسهم، فلذلك هذه العبادات باطلة.
لكن لو جلست بعد العشاء نصف ساعة وذكرت الله على طريقة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسبت الأجر والثواب وازداد إيمانك وارتاحت نفسك وانشرح قلبك، ولا حصلت على تعب ولا شيء.
وهؤلاء جلسوا لعشر ساعات وأصواتهم راحت وتعب والنوم أتاهم ومع هذا آثمون، فانظر في هذا الأمر، فالأصل في العمل موافقة الكتاب والسنة.
فالمقصود كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والإمام ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أن الأمر هذا لابد من تطبيقه أمر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وأمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطبق لكم أحكام الهجرة، هذا أمر.
الأمر الثاني وهو مهم جدًا: فهذا الأمر فالرجل يلقى أبا بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ ويلقى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالرجال هؤلاء لا يعرفون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه كان في بداية الإسلام، فأناس رأوا الرسول وأناس لم يروا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيسألون أبو بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ من هذا؟.
فيُبين لهم توريةً: «فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ»، وكان أبو بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجرا الآن في الطريق ذاهبين إلى المدينة فقال: إنه يهديني السبيل، الرجل ماذا عنده؟ إنه يعلمه الطريق.
ومقصد أبي بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه يهديه سبيل الرشاد وسبيل الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وسبيل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو الدين في الأصول والفروع، فهذه توريةً، فيجوز لك أيها الداعي إلى السنة أن توري أحيانًا، وليس هذا من الكذب كما يقال وليس هذا من الكذب، من قال لك أن هذا من الكذب؟.
* هذا توريةً، أفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل أبو بكر رَضِي اللهُ عَنْهُ يوري ويفعل التورية، ومن قال أيها الجاهل والجهلة أن هذا من الكذب! هذه الدعوة يصلح لها هذه الأمور، ولابد التوريات هذه، وهذه من الشريعة.
فأي واحد يُكذِّب بالتورية فهو الكذاب وهو ماذا؟ هو الكاذب، فلذلك فالناس لابد أن يعرفوا كيف يتكلمون، فأنت ما تفهم في الأشياء هذه فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لك أمر، قل خيرًا أو اصمت- اسكت، هذه شيء عام.
في أي شيء ما تعرفه في دعاة السنة والعلماء إذا ما عندك علم بما يفعله العلماء علماء السنة فاسكت، ما تفهم لأنك أنت، لماذا؟ لأنك أنت الآن سوف تُكذب الله وتُكذب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنت الكذاب، فليس أهل السنة يكذبون.
ولذلك المبتدعة يقولون: لماذا العلماء ساكتون؟ ولماذا العلماء ساكتون؟ كيف نفهم؟ مادام أنت تقول: العلماء ساكتون اسكت بما سكت به العلماء، لا تتكلم تقول مثلًا: جهاد أو كذا أو كذا أو تفتي في أحكام الصلاة والحج.
وفي السياسات الشرعية وما شابه ذلك لا تتكلم، فمادام العلماء سكتوا اسكت، ولا تسأل أيضا عن أشياء تسوئك، تحزنك؛ لأن هذا العالم إذا قلت له هكذا سوف يُبين لك أمر يُحزنك أنت ويُبين جهلك، وأنك أيها المتعالم ما تعرف شيء لا في الغروب ولا في شيء.
فلذلك لابد أن يعلم هذا المتعالم ويعلم المتعالمون هذه الأحكام لعلماء السنة ومن وافقهم فقط، وما دون ذلك ليس لهم إلا السكوت.
يعني: المتعالمين وغيرهم يسكتون ولا يتكلمون إلى أن يموتوا والله يحاسبهم يوم القيامة، أمرهم إلى الله.
لكن يخرج حقدة وحسدة وبغضة لأهل السنة، لا لابد أن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى له بالمرصاد، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يسلط عليه أهل السنة يقمعونه ويفضحونه أمام العالمين.
مثل طالح (فالح الحربي) كان مستور، الله ساتر عليه، لا أبى إلا هذا الثور يناطح أهل السنة ويرميهم بالعظائم وبالأباطيل، كل هذه العظائم والأباطيل ظهرت منه والله فضحه، لو ستر على نفسه، وانتظر إن شاء الله بعد كم يوم سينزل أنه (الجهيماني) الجزء الأول، وكذلك الجزء كامل في كتاب، وفضائحه، فمن هو الجهيماني؟ يا جهيماني؟!
فلذلك لا يرمي أحد أهل السنة بشيء، لأن لابد أن تعود عليه هذه الكلمة، وأن كما بيّن الإمام السجزي في ((رسالته إلى أهل زبيد)): أن ليس على أهل الأثر أي فضيحة، هم يفترون على أهل الأثر فقط وليس فيهم، ثم بعد ذلك الفضائح تظهر لأهل البدع وأهل الأهواء.
فانظر في هذا الأمر توريةً فيجوز، وكذلك فعلها أبو الدعوة إبراهيم عليه السلام، كما بيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن إبراهيم عليه السلام كذب ثلاث كذبات، هذه في صحيح البخاري من حديث ابن عمر موجود، وهذه التوريات لابد يحتاج إليها الداعي إلى السنة لابد.
لأن في البلدان والناس ليسوا سواء، يوجد أناس عندهم سلطة، أناس عندهم قوة مثل أهل البدع أحيانًا في بعض البلدان عندهم قوة وكذا يؤذونك، يوقفون دعوتك، فأنت توري هنا وهناك، فتفعل هذه الأمور.
حتى من أهل السنة تراهم ما يفهمون في التوريات يظنها كلها كذب، أهل السنة إذا فعلوا شيء فاعلم أنه صحيح، في الأحكام هذه العامة المعروفة في الأصول والفروع فاعلم أنهم يعرفونها، فلذلك قالوا: إننا أخطأنا ونحن جُهال عندما أثبتنا صفة الهرولة، من قال؟ أنتم الجهل.
فأهل السنة والجماعة يتكلمون في شيء، غريب الإسلام الآن في الصفات في كل شيء، فينكرون الجهلة وينكرون هؤلاء وهؤلاء ويرمون أهل السنة، لو كان هؤلاء يسألون لأهل السنة بيّنوا لهم.
فلذلك صفة الهرولة أجمع عليها السلف وأثبتنا هذا، وهي ثابتة في السنة النبوية، فلذلك ترى الناس الآن يرمون الكلام هكذا.
ومادام الإسلام عاد غريب فلا تسأل جهل الناس في التوحيد- توحيد الربوبية، توحيد الألوهية، توحيد الأسماء والصفات، في الدعوة، في الأخلاق، في التورية، في أحكام الهجرة وأشياء كثيرة.
كلهم يظنون أنه خطأ وأنه حرام وأنه كذا وأنه ما يجوز، وهذا بسبب الجهل فيعتري الناس، إما الجهل الكلي أو الجهل الجزئي على حسب المتعلم هذا أو حسب هذا المسلم المجتهد، فأما أن يقع الناس في الجهل المركب أو الجهل البسيط ولابد.
وانظر حتى بيّن الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين وغيره من العلماء أن حتى الذي ينتسبون إلى العلم يقعون في جهل في بعض المسائل، وتخفى عليهم مسائل كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة، يعترض حتى العلماء وممكن يقول: أن هذا لم يثبت وهو ثابت.
وممكن أن يقول: هذا ثابت وهو غير ثابت، وممكن يصححون أحاديث وهي ضعيفة أو يضعفون أحاديث وهي صحيحة، الكل بحسبه، فلذلك اعرف هذا الأمر، فأنت ما عليك ماذا؟.
ما عليك من الناس ولا يضروك بشيء، أنت طبق هذا الإسلام على مراد الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ومراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عليك بمحاربة الناس لك ومعارضة الناس لك فاصبر.
لكن لابد أنت تحتاج إلى التورية هذه، توري لهم، يوجد أناس عندهم قوة عندهم كذا يضرونك في بلدك، يتربصون بك، وإذا حصلت الفرصة ذهبت عليك.
فأنت كذلك لو وجدت فرصةً اضرب فيهم والله يصرعهم لك، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى معك، {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]، فلابد من هذه الحرب من سجال مرة لك ومرة عليك، لكن العاقبة لك ليس لأهل البدع وليس لأهل الأهواء وليس للأعداء لا في الداخل ولا في الخارج.
والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى كما ترى يعطي أهل الكفر في الخارج الأموال الكثيرة وأشياء كثيرة دنيوية، لماذا؟ لأنها جنتهم، فلا تغتر ولا تحزن، لماذا الله أعطى هؤلاء الكفرة الأموال الكثيرة وأنا ما عندي شيء من الأموال إلا راتبي؟
فاصبر، فالله يعطي هؤلاء لحكمة، هذه جنتهم، أنت جنتك الآخرة، ومع هذا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ما يتركك هكذا، لا، بل سيعطيك ويعطيك ويعطيك لكن ما يوقعك في فتنة مثل فتنة ماذا؟ أهل الكفر في الخارج في فتنة عظيمة، مأواهم في الأخير نار جهنم والعياذ بالله.
وكذلك لا تشك في الله، أفالله شك؟ فلا تشك، هذا كلها حكمة، وتنظر بعد كذلك النصارى وغير ذاك في بلدك عندهم أموال ومسائيل ورواتب وبيوت وكذا، لا يحزنك هذا، هذه جنتهم، أنت قل: أن هؤلاء جنتهم والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يعوضنا خيرًا.
وهذا الذي بيّنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ في صحيح البخاري، عندما هجر أزواجه وجاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أثَّر الحصير في كتفه كان نائم على الحصير.
وبيّن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ في هذا الأمر أن أهل كسرى وقيصر وعندهم الأموال والدباج وكذا، فقال: (هذه جنتهم، ولا عيش إلى عيش الآخرة، ونحن ننتظر جنتنا، بعد ذلك سوف تنام على السندس أو الدباج وغير ذلك فاصبر).
كذلك إذا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى من حكته أعطى الكفرة الأموال الكثيرة لأنها جنتهم ومأواهم جهنم لكي لا يأتي يوم القيامة يحاج الله أحد من الكفرة، كل شيء أعطيتكم ومع هذا أشركتم وكفرتم.
فسنة الله في خلقه ما تتغير، إذا كان الكفرة أعطاهم الله الأموال وغير ذلك لأن هذه جنتهم فهذه جنة من بعد كذلك تكون الدنيا؟ المبتدعة، فأي شيء تراه عند الكفرة يفتنك الشيء هذا فاعلم أنه عند أهل البدع، لأن أهل البدع هذه جنتهم، فقط ترى لا يوجد شيء.
دعنا ما أكلمكم كثيرًا عن أهل البدع الغير الدعاة التي بدعتهم غير مكفرة، هؤلاء قلة وأفراد، فنحن دائمًا نقول: أهل البدع كفرة منافقين المعروفين وأكثر الناس كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
فأنت تغتر بالرافضة بما عندهم الأموال، وترى هؤلاء الخنازير ما لهم يملكون الأموال الكثيرة والعمارات ومصور أمام الأموال التي تُعطى من الخُمس؟ فلا تغتر تقول: هذا مشرك وهذا كذا وهذا كذا وأنا ما عندي شيء.
لا احمِد الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ما جعلك مشركًا مبتدعًا مثل هذا، جعلك الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى سُنيًا مسلمًا، هذا هو المُلك الصحيح في الدنيا وفي الآخرة، هذا مأواه جهنم سينسى، وكذلك لا يخفى عليك، فلا تغتر بدولتهم وقيامها وانتشارها أو كذا، هذا حكمة من الله ليزدادوا إثمًا، هذه جنتهم وبعد ذلك مأواهم جهنم.
الرافضة هنا وهنا وهناك بيوت وأموال ولا يخفى عليكم أرصدتهم كذا وأرصدتهم كذا ووظائفهم، هذه جنة المبتدعة مثل اليهود والنصارى، انظر إلى ملك المجوس في الهند منذ متى الآن؟، رغم أن فيها مسلمين لكن هذه حكمة من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، هذه جنة الكفرة.
انظر إلى الشيوعيين الصينيين واليابانيين كيف عندهم من الأموال؟ كيف الله أعطاهم؟ هذه حكمة من الله، هذه جنتهم فقط، وانظر كُثُر من المسلمين ما عندهم هذه الأموال ولا هذه البيوت ولا شيء من ذلك، هذه حكمة من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، تريد أنت تصير مشرك أو تصير مسلم؟ مسلم حتى لو عندك أموال قليلة.
هؤلاء كما ترون مالكين التجارة في العالم كله- اليابان والصين واليهود والنصارى ...وإلخ، هذه جنتهم، لكي لا يأتي أي أحد عنده حجة يوم القيامة، كل شيء عندهم.
وانظر إلى الصوفية المبتدعة في الشيشان وفي تركيا وغير ذلك ماذا الله أعطاهم من الملك وغير ذلك، هذه جنتهم، ماذا تريد؟ كل شيء يأتيك، فلذلك اعرف هذا الأمر.
فيوجد أحاديث أخرى لعل نتكلم عنها الدرس القادم.